مولد يوحنا المعمدان
غلاطية 4/21-5/1
لوقا 1/57-66
تحقيق الوعد بتجلي رحمة الله
مولد يوحنا المعمدان يحقق الوعد. فمولده، تجلٍ لرحمة الله التي تغمر البشرية جمعاء، وقد ظهرت في هبة الولد لزوجين عاقرين افتقدهما الله برحمته، وفي عودة النطق إلى زكريا كعلامة بأن وعود رحمة الله تتحقق في أوانها. ومولد يوحنا السابق هو إعلان للرحمة الإلهية التي ستحمل اسماً في التاريخ هو ” يسوع المسيح”. إن الشعب المسيحي مدعو ليحمل لعالمه حضارة الرحمة.
***
أولاً يوبيل بولس الرسول وشرح نصيّ الرسالة والإنجيل
1- بولس الرسول وتقليد الكنيسة الحي: سرّ القيامة[1]
عرف بولس الرسول من تقليد الكنيسة الحي سرّ القيامة، قبل أن تُدوّن الأناجيل. فكما تسلّمه من الرسل، سلّمه كتابةً للكنيسة الناشئة. فكتب في الرسالة إلى أهل كورنتس: “إني قد سلّمت إليكم اولاً ما انا تسلّمته، وهو أن المسيح مات من أجل خطايانا، وأنه قُبر، وأنه أقيم في اليوم الثالث، كما جاء في الكتب، وأنه ظهر لكيفا-بطرس ثم للإثني عشر” (1كور15/3-5).
ويشرح في موضوع آخر أن “المسيح مات من أجل خطايانا”، فيقول: “إن الذي ما عرف الخطيئة، جعله الله خطيئة من أجلنا، لنصير نحن بّر الله” ( 2كور5/21). علّق مرتان لوثير، عندما كان بعد راهباً اغسطينيا،ً على هذا النص: ” هذه هي عظمة سرّ النعمة الإلهية تجاه الخطأة: فبتبادل عجيب، خطايانا ليست بعد خطايانا بل خطايا المسيح، وبرّ المسيح ليس بعد برّه بل برّنا” (تعليق على المزامير من 1513 الى 1515).
إن قيامة المسيح فاعلة حتى الساعة في وجود المؤمنين، بمعنى أن يسوع قام وما زال يحيا في سرّ القربان وفي الكنيسة. وقال: ” هكذا نحن أنا والرسل وتلاميذ الرب الذين ظهر لهم- نبشّر، وهكذا انتم آمنتم” (1كور15/11). إنه المسيح الذي “ولد بحسب الجسد من نسل داود وجُعل بحسب روح القداسة ابن الله بقوة أي بالقيامة من بين الأموات. به نلنا النعمة والرسالة لكي نهدي إلى طاعة الإيمان جميع الامم لمجد اسمه وأنتم ايضاً من بينهم” ( روم1/5-6).
2- شرح الرسالة إلى أهل غلاطية (4/21-5/1): أحرار بالمسيح
قُولُوا لي، أَنْتُمُ الَّذِينَ تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا في حُكْمِ الشَّرِيعَة، أَمَا تَسْمَعُونَ الشَّرِيعَة؟ فإِنَّهُ مَكْتُوب: كَانَ لإِبْراهيمَ ابْنَان، واحِدٌ مِنَ الـجَارِيَة، ووَاحِدٌ مِنَ الـحُرَّة. أَمَّا الَّذي مِنَ الـجَارِيَةِ فقَدْ وُلِدَ بِحَسَبِ الـجَسَد، وَأَمَّا الَّذي مِنَ الـحُرّةِ فَبِقُوَّةِ الوَعْد. وفي ذـلِكَ رَمْزٌ: فَسَارَةُ وهَاجَرُ تُمَثِّلانِ عَهْدَين، عَهْدًا مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ يَلِدُ لِلعُبُوديَّة، وهُوَ هَاجَر؛ لأَنَّ هَاجَرَ هيَ جَبَلُ سِينَاءَ الَّذي في بِلادِ العَرَب، وتُوافِقُ أُورَشَليمَ الـحَالِيَّة، لأَنَّهَا في العُبُودِيَّةِ هيَ وأَوْلادُهَا. أَمَّا أُورَشَليمُ العُلْيَا فَهِيَ حُرَّة، وهِيَ أُمُّنَا؛ لأَنَّهُ مَكْتُوب: “إِفْرَحِي، أَيَّتُهَا العَاقِرُ الَّتي لَمْ تَلِدْ؛ إِنْدَفِعِي بِالتَّرْنِيمِ وَ اصْرُخِي، أَيَّتُهَا الَّتي لَمْ تَتَمَخَّضْ؛ لأَنَّ أَولادَ الـمَهْجُورَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَولادِ الـمُتَزَوِّجَة”. أَمَّا أَنْتُم، أَيُّهَا الإِخْوَة، فإِنَّكُم أَوْلادُ الوَعْدِ مِثْلُ إِسْحـق. ولـكِن، كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ الـمَولُودُ بِحَسَبِ الـجَسَدِ يَضْطَهِدُ الـمَوْلُودَ بِحَسَبِ الرُّوح، فَكَذ,لِكَ الآنَ أَيْضًا. ولـكِن مَاذَا يَقُولُ الكِتَاب؟ ” أُطْرُدِ الـجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّ ابْنَ الـجَارِيَةِ لا يَرِثُ معَ ابْنِ الـحُرَّة”. إِذًا، أَيُّهَا الإِخْوَة، لَسْنَا أَوْلادَ جَارِيَة، بَلْ أَوْلادُ الـحُرَّة. إِنَّ الـمَسِيحَ قَدْ حَرَّرَنَا لِنَبْقَى أَحرارًا. فَاثْبُتُوا إِذًا ولا تَعُودُوا تَخضَعُونَ لِنِيرِ العُبُودِيَّة.
يؤكد بولس الرسول أن المسيحيين كجماعة ليسوا أبناء الأمة بل أبناء الحرّة، أي أبناء ابراهيم بالإيمان وبالتالي أبناء التدبير الإلهي، وقد اكتملت حريتهم بالمسيح: “إن المسيح قد حرّرنا لنبقى أحراراً. فاثبتوا إذاً ولا تعودوا تخضعون لنير العبودية” ( غلاطية 5/1).
بهذا التأكيد يعود بولس إلى الجذور، إلى ابراهيم الذي كان له ابنان: اسماعيل من هاجر الأمة-الجارية ” بحسب الجسد” أي من دون أي تدبير إلهي، واسحق من زوجته ساره “بحسب الوعد”، وفقاً لتصميم إلهي. من نسل اسحق كان الشعب الذي باركه الله من بين كل شعوب الارض.
هاجر الأمة رمز لعهد الشريعة من جبل سينا في بلاد العرب، أورشليم الأرض، وساره الحرة رمز للعهد الجديد، عهد الإيمان النابع من أورشليم العليا الحرّة وهي أمنا (غلاطية4/24-26).
شريعة موسى محصورة في الزمن، مؤقتة ولا تعطي الخلاص. أما الإيمان الذي من ابراهيم فيجمع شعباً كونياً، من كل شعوب الأرض وأممها. الوعد يقود هذا الشعب ويوحّده، ثم يتحقق في الحرية التي من المسيح. شعب الله الحق هو المتواجد من الوعد، والانتماء إليه يتمّ بالإيمان. أما حالته فهي حالة حرية أبناء الله الذين حررّهم المسيح بكلمة الإنجيل وذبيحة الفداء من الخطايا والقيامة لحياة جديدة بالروح القدس.
3- مولد يوحنا المعمدان تحقيق لوعد الله الخلاصي (لوقا1/57-66).
” أما اليصابات ، فلما حان وقت ولادتها وضعت ابناً ” ( لو 1/57).
كان وعد الله لزكريا يوم بشره الملاك: “ستلد لك امرأتك اليصابات ابناً، فسمّه يوحنا إنه يعدّ للرب شعباً كاملاً (لو1/13-17). عن يوحنا تنبأ ملاخي ( حوالي سنة 470 قبل المسيح ): ” هاءنذا مرسل رسولي فيعدّ الطريق أمامي” (ملا3/1). هذه النبوءة طبقها السيد المسيح على يوحنا (متى11/10). لكن هذا الوعد يندرج بعيداً في وعد الله لابراهيم الذي بدأ يبدأ معه تصميم الخلاص ويتواصل.
شوّه الإنسان صورة الله فيه بالخطيئة والموت، لكنه ظلً “على صورة الله”، على صورة الابن، غير أنه حُرم من مجد الله ومثاله (روم3/23) . فكان الوعد لابراهيم أن من نسله يولد المسيح، ابن الله، الذي سيحمل ” الصورة “ويرمم” شبهها ” يالآب، ويعيد للإنسان مجده أي الروح الذي يعطي الحياة،” قال الرب لابراهيم: أنا أجعلك أمّة كبيرة، وأباركك وأعظّم اسمك، وتكون بركة. ويتبارك بك جميع عشائر الأرض” (تكوين 12/1-3). ثم كرّر له الوعد عندما أطاع أمره بتقديم ابنه الوحيد اسحق محرقة للرب: “بنفسي حلفت، بما أنك فعلت هذا الأمر ولم تمسك عني ابنك وحيدك، لأباركَنّك وأكثّرن نسلك كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطىء البحر، ويتبارك بنسلك جميع أمم الأرض، لأنك سمعت قولي” ( تكوين22/16-18).
شرح بولس الرسول أن نسل ابراهيم هو المسيح (غلا3/16). البركة هي فيض الروح القدسالمتفجر من موت المسيح وقيامته الذي ” يجمع كل أبناء الله المشتتين إلى واحد ” (يو13/51-52)، هذا الواحد هو الكنيسة، جسد المسيح السرّي (انظر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية 705-706).
نشيد زكريا، الممتلىء من الروح القدس، الذي تلاه عند مولد يوحنا لما انحلت عقدة لسانه وعاد إليه النطق، هو إدراك لسّر الوعد لابراهيم الذي يتحقق (لو1/67-79). هذا النشيد هو خلاصة كل العهد القديم . فيه ثلاثة أقسام:
أ- بركة الشكر للرب الذي يفتقد شعبه ويرسل له مخلصاً وفادياً من بيت داود كما نطق الأنبياء ،وهو المسيح (68-71).
ب- إتمام الوعد لابراهيم بالنجاة من الأعداء، والعبادة لله بدون خوف، بالتقوى والبّر والعيش في ظل عنايته طول الأيام (72-75).
ج- رسالة يوحنا ابنه التي تتجلى من خلالها رحمة الله ومضمونها (76-79).
لكن قمة الوعد تتحقق في يسوع المسيح الذي فاضت منه ” النعمة والحقيقة” (يو1/71). أما نحن فنتجاوب بالحب والأمانة مع النعمة والحقيقة. هذا ما يشكّل العهد الجديد الأبدي بالمسيح: إن الله ابٌ لنا ونحن شعبه، ولذا علمنا الرب يسوع أن نصلي: أبانا الذي في السموات .
يرتكز الوعد على حقيقتين قاعدتين : الأمانة لله وإيمان الإنسان. بولس الرسول يشرح ذلك بلفظة آمين أي “نعم” او “حقاً “: “جميع مواعد الله لنا في المسيح نعم، أي حقيقة تحقيقها ، إذن الله امين في وعده. لذلك به أيضاً نقول نحن لله: آمين إكراماً لمجده، أي حقاً نؤمن بما تقول ( 2كور 1/20). وهكذا أصبحت لفظة آمين الآرامية، المستعملة في الليتورجيا، تعني في آن امانة الله المتجلية في يسوع المسيح الذي يسميه يوحنا الرسول في الرؤيا “الآمين أي الشاهد الامين الصادق، بدء خليقة الله” (رؤيا 3/14)، وإيمان الإنسان بوعد الله وكلامه ، وثبات الإنسان في الرجاء والحب.
أفعال الإيمان والرجاء والمحبة تؤكد كل هذه الحقائق وعليها ترتكّز حياتنا اليوميه ونشاطنا وحالتنا .
4- العائلة تنقل الفضائل والقيم الإنسانية
استعداداً للقاء العلمي السادس للعائلات مع قداسة البابا في مكسيكو (16-18 كانون الثاني 2009)، نقدّم للعائلات الموضوع الرابع من المواضيع العشرة التي هيأها المجلس الحبري للعائلة لهذه الغاية، وهو ” العائلة تنقل الفضائل والقيم الإنسانية”.
يندرج هذا الموضوع في إطار ما حدث في بيت زكريا عند مولد يوحنا، وهو نشوء شبكة من العلاقات العمودية مع الله في نشيد زكريا، والأفقية مع الجيران والأقارب الذين فرحوا مع اليصابات، وحديث الناس في كل جبل اليهودية (لوقا1/57-68).
العائلة القائمة على الزوج وهو شركة الحياة والحب، تقول الوثيقة، هي المكان الأول للعلاقات بين الأشخاص، وأساس حياة هؤلاء، والنموذج لكل منظمة اجتماعية. إن مهد الحياة والحب هذا هو المكان المناسب حيث يولد الإنسان ويكبر، يقبل اولى مفاهيم الحقيقة والخير، ويتعلم ما يعني أن الإنسان يحب ويُحب، وبالتالي ماذا يعني أن يكون الشخص إنساناً. في العائلة يتعلم الشخص بُعده الاجتماعي، فما هو “أنا” و”أنت” يصبح بالاختبار اليومي “نحن”.
العائلة هي الأرض الأصلح لتعليم القيم الثقافية والأخلاقية والاجتماعية والروحية والدينية، ونقلها. هذه القيم هي جوهرية من أجل تفتّح اعضاء المجتمع، ومن اجل عيشهم الكريم.
العائلة هي المدرسة الأولى للفضائل الاجتماعية التي تحتاج إليها الأمم. فهي تساعد الأشخاص على تنمية القيم الأساسية التي لا غنى عنها من أجل تكوين مواطنين أحرار، مخلصين، ومسؤولين. هذه القيم هي: الحقيقة، العدالة، التضامن، مساعدة الضعفاء، محبة الآخرين، التسامح، الحوار المخلص.
***
ثانيا، البطاركة الموارنة ولبنان
في أواخر القرن الثامن عشر، نذكر بطريركين دامت ولايتهما معاً ثلاث سنوات، هما مخايل فاضل وفيليبس الجميل ( من 1793 الى 1796).
البطريرك مخايل فاضل (1793-1795)
انتُخب في 10 ايلول 1793، وكان مطراناً نائباً بطريركياً ثم مطراناً على بيروت منذ سنة 1763، كتب إلى البابا بيوس السادس في أول تشرين الاول 1793 طالباً التثبيت ودرع الشركة. لكن المعتمد البطريركي وصل إلى رومية بعد وفاة البطريرك التي حصلت فجأة في 17 أيار 1795 في دير مار يوحنا المعمدان حراش حيث دُفن جثمانه. لكن البابا أحصاه في مصاف البطاركة في الخطاب الذي ألقاه في 27 حزيران 1796 في مجمع الكرادلة. ” بما أن الزمان لم يسمح لنا بأن نمنحه درع التثبيت وهو حي، فإننا نمنحه إياه وهو ميت. ونريد أن يُحصى في سلسلة بطاركة الموارنة، ولو حرمته المنية قبول زينة درع الرئاسة”[2].
سُمّي البطريرك مخايل فاضل ” كوكب الشرق” لوفرة علومه ومعارفه وعمق غيرته. دامت حبريته سنة وثلاثة أشهر خدم خلالها طائفته بغيرة واخلاص.
عندما كان مطراناً على بيروت ناله اعتداء من والي صيدا احمد باشا الجزّار الذي تولاها سنة 1776. هذا استولى فيما بعد على مدينة بيروت التي كانت تحت حكم الأمير يوسف شهاب. كان يومها المطران مخايل فاضل يقيم في دير مار يوحنا حراش. فأمر الجزار والي بيروت بأن يُخضع الكنيسة لولايته، خلافاً للقوانين والأعراف الكنسية التي تؤكد استقلالية الكنيسة وحريتها في تدبير شؤونها، وفقاً لأحكام المجمع اللبناني ومجمع البطريرك يوسف اسطفان في دير مار يوسف الحصن سنة 1768. طلب الوالي من المطران مخايل فاضل ان يقيم داخل نطاق ابرشيته وتحت ولايته، فرفض الطلب. أما الجزار فأصدر مرسوماً يمنعه من العودة إلى ابرشيته، ويأمر البطريرك يوسف اسطفان باقامة مطران جديد مكانه، طالباً منه بحزم ” الخضوع لأوامره الشريفة”، ومهدداً بتحويل كنيسة مار جرجس بيروت إلى مسجد، إن لم ينفذ البطريرك اوامره، عرض البطريرك القضية على المطارنة والكهنة ومشايخ آل الخازن، فقرّ الرأي على تلبية امر الوالي. وفي 11 تشرين الاول 1779 رسم القس يوسف نجيم أسقفاً على أبرشية بيروت. بعد الرسامة، أصدر احمد الجزار مرسوماً يأمر به كهنة أبرشية بيروت وأبناءها بالخضوع للأسقف الجديد. غير أن المطران مخايل فاضل اعترض ورفع تظلّماً إلى الكرسي الرسولي الذي أبطل التدبير وأعاد المطران الاصيل إلى أبرشيته[3].
****
ثالثا، الخطة الراعوية لتطبق المجمع االبطريركي الماروني
تنقل الخطة الراعوية من النص المجمعي 12: الليتورجيا” ما يختص بالتنشئة الليتورجية للطلاب الإكليريكيين والرهبان والكهنة والمؤمنين.
1- يدعو المجمع المدارس الاكليريكية والمؤسسات الرهبانية ليوفّروا فيها لهؤلاء التنشئة الليتورجية مع العلوم اللاهوتية والراعوية، لأن الثقافة الليتورجية تحفظ وحدتهم وأمانتهم لهويتهم المارونية. ومع هذه التنشئة يطلب المجمع أن يتم الإشتراك الفعلي في الاحتفالات بالأسرار المقدسة، وبسائر الرتب الطقسية المشبعة بالروحانية المسيحية الشرقية الأصيلة .
2- ويطلب المجمع من الأساقفة أن يؤمّنوا تنشئة ليتورجية وراعوية ولاهوتية وروحية مستمرة للكهنة، لكي يتمكنوا من إشراك المؤمنين في رعاياهم، مشاركة فعالة وواعية في الاحتفالات الطقسية، لأنها ينبوع الروح المسيحية الحقّة والعقيدة اللاهوتية الأكيدة.
3- ويقضي الواجب تأمين تنشئة ليتورجية للمؤمنين وتوعيتهم على مفاهيمها الضرورية، لكي يوفقوا بين الاحتفال بالتدبير الإلهي وعيش واقعات حياتهم الحلوة والمرة، ولكي يتمكّنوا من رفع قلوبهم الى الله، وهم يحتفلون حسّياً بسرّه الخلاصي (الفقرات 33-37),
4- فلا بدّ من توزيع الأدوار اللازمة بين المحتفل والشماس والمنشّط، لجعل الاحتفال الليتورجي احتفالاً جماعياً للجماعة الرعائية بكل فئاتها (الفقرة 38).
ويؤكد المجمع على أهمية دور الجوقة من حيث إتقان الألحان الكنسية التي هي انعكاس لتسبيح الملائكة في ليتورجيا الحمل في السماء، ومن حيث مساعدة الشعب على تأدية هذه الألحان والمشاركة فيها. فلا يحق للجوقة أن تخرج عن الأصول الموسيقية الليتورجية التراتبية، ولا أن تتعدى على حق المؤمنين بالمشاركة. الليتورجيا هي للشعب، ولا يحق للجوقة أن تأخذ مكانه. يطلب من الجوقة والمرتلين الإفراديين أن يمارسوا دورهم بتقوى خالصة وترتيب وخشوع يليق ببيت الله وسرّه الخلاصي، وهكذا يساعدون الشعب على المشاركة الواعية والتقوية والفعّالة في التراتيل والصلوات والزياحات (الفقرتان 39-40).
***
صلاة
أيها الرب يسوع، إن مولد يوحنا استباق لميلاد الرحمة الإلهية بميلادك. جدّد فينا الإيمان برحمة الله اللامتناهية، واجعلنا شهوداً لها في عالم جائع الى قلوب ترحم. حرّرنا ايها المسيح من الحقد والبغض والثأر، وعلّمنا الرحمة لكي ننشر ثقافتها. فرحمتك تحرر من كل خطيئة وشرّ وأنانية. بارك عائلاتنا لتحمل مسؤوليتها الأساسية في نقل القيم الإنسانية والاجتماعية إلى الأجيال الجديدة، وتربيتهم عليها. وليبقَ رعاة الكنيسة المثال والقدوة في تحمّل المحن والاضطهادات، مشعّين برحمة الله الكفيلة وحدها باجتذاب القلوب وتحريك الضمائر وإعادتها إلى الله. ولتكن لنا ولشعبنا الاحتفالات الليتورجية الينبوع الذي نغرف منه ثمار الرحمة الإلهية، ونوزّعها في حياة العائلة والكنيسة والمجتمع. للثالوث القدوس الغني بالرحمة، الآب والابن والروح القدس كل إكرام ومجد وشكر، الآن وإلى الأبد، آمين.
[1] . خطاب البابا بندكتوس السادس عشر في مقابلة الاربعاء العامة، في 24 أيلول 2008.
[2] . انظر الاباتي بطرس فهد: بطاركة الموارنة واساقفتهم القرن 18، صفحة 415.
[3] . راجع الاب فرنسوا عقل: اضواء على العلاقات السياسية والقانونية بين البطريركية المارونية والدولة اللبنانية، صفحة 56.
Discussion about this post