البيان ليوسف
الله في كشف دائم لمقاصده الخلاصية
من انجيل القديس متى 1/ 18-25
قال متى الرسول: أما ميلاد يسوع المسيح فكان هكذا: لما كانت أمه مريم مخطوبة ليوسف، وقبل أن يسكنا معاً، وجدت حاملاً من الروح القدس. ولما كان يوسف رجلها باراً، ولا يريد أن يشهّر بها، قرر أن يطلقها سراً. وما إن فكر في هذا حتى تراءى له ملاك الرب في الحلم قائلاً: ” يا يوسف بن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك، فالمولود فيها إنما هو من الروح القدس. وسوف تلد ابناً، فسمه يسوع، لأنه هو الذي يخلص شعبه من خطاياهم”. وحدث هذا كله ليتم ما قاله الرب بالنبي: ” ها إن العذراء تحمل وتلد ابناً، ويدعى اسمه عمانوئيل، أي الله معنا”. ولمّا قام يوسف من النوم، فعل كما أمره ملاك الرب وأخذ امرأته. ولم يعرفها، فولدت ابنهاً. وسماه يسوع.
**
الملاك الذي بشّر زكريا ومريم في اليقظة، هو إياه بشّر يوسف في الحلم. هكذا تكتمل البشارات الثلاث التي أوحى الله فيها ذاته المتجلية في الكلمة المتجسد يسوع المسيح، وكشف سرّ الإنسان كمعاون لعمل الله الخلاصي في شخص يوحنا المعمدان ومريم ويوسف، وإبان أن العائلة هي المكان الذي يتواصل فيه الوحي وإعلان مقاصد الله.
أولاً، مضامين النص الإنجيلي
1. تكامل البشارات الثلاث:
أوحى الله ذاته بشكل متكامل وكشف سر الإنسان:
في البشارة لزكريا بمولد يوحنا(لو1/5-25)، أوحى الله ذاته انه صادق في الوعد، ومستجيب لصلاة الأبرار، ومفتقد شعبه السائر في ظلمات هذه الدنيا، وإله غني بالرحمة. وكشف سرّ الإنسانىبشخص يوحنا المعمدان، هو الصوت الذي يسبق الكلمة ويعبّر عنها، والبشير الناطق بكلام الله، والفجر الذي يعكس اقتراب طلوع الشمس، والسابق الذي يمهّد طريق المسيح إلى القلوب والعقول.
في البشارة لمريم بتجسد ابن الله وأمومتها له (لو1/26-37)، أوحى الله ذاته بشخص المسيح أنه إله واحد مثلث الأقانيم: آب خالق بحبه، وابن مخلص بتجسده، وروح قدس محيي ومقدِس بحلوله، وأن المسيح كلمة الله المتجسد يوطّد في الأرض ملكه الدائم إلى الأبد، هو ملكوت الله الظاهر في الكنيسة السر والشركة والرسالة، مبتدئاً في التاريخ على الأرض ومكتملاً بالأبدية في السماء. وكشف الله سرّ الإنسان بشخص المرأة مريم التي هي زوجة تحب وأم تعطي الحياة، وعذراء طاهرة تقدم ذاتها بسخاء وتجرّد من دون حساب وام نقية روحية تشفع وتحمي وتواكب الحياة البشرية من البداية حتى النهاية، وانثى تؤنسْ المجتمع وتنعش البيت كما الروح ينعش الجسد.
في البشارة ليوسف بأبوته ليسوع المخلص وببتولية مريم خطيّبته ( متى1/18-25)، أوحى الله ذاته انه بشخص الابن الذي يصبح انساناً اسمه في التاريخ يسوع أي ” الله الذي يخلص شعبه من خطاياه”، ويتضامن مع كل إنسان في شتى مراحل حياته، ويحضر بقربه في كل ظروفه وحالاته بكلمته ونعمته ومحبته إلى منتهى الدهر، لكونه ” عمانوئيل- إلهنا معنا “. وكشف سرّ الإنسان بشخص يوسف الذي هو زوج أمين للوعد يتعهد شريكة الحياة بإخلاص ويحمي كرامتها، وأب محب يتفانى بالعمل في إعالة الاسرة ورعاية الحياة البشرية، ورجل مسؤول يحافظ على الكنزين: الأم وابنها، ومعطيهما هوية عائلية واسماً في سجل العائلة البشرية، ومربٍ لابنه بالمثل والعمل.
2- الحبل بلا دنس الأساس البعيد للبيان ليوسف
احتفلت الكنيسة في الأسبوع الماضي بعيد الحبل بلا دنس الذي يأتى بمثابة أساس للبيان ليوسف تكامل مع البشارة لمريم.
البراءة التي أعلن بها الطوباوي البابا بيوس التاسع عقيدة الحبل بلا دنس في 8 كانون الاول 1854، وعنوانها: “الله غير المدرك” ( Ineffabilis Deus)، قالت: ” إن الله غير المدرك اختار مرة منذ البدء وقبل الدهور أماً لابنه الوحيد الذي سيولد منها بالجسد وهو المولود من قلب الآب مساوياً له في جوهر الألوهة، وجعلها فوق جميع الخلائق، متقدمة على الملائكة وجميع القديسين، وأغناها بغزارة المواهب الفائضة من كنز الألوهة، وحررها من كل دنس خطيئة وجمّلها بكمال البراءة والقداسة، وعصمها من وصمة الخطيئة الأصلية ونصرها على الحية القديمة، وزيّنها ببهاء القداسة الكاملة”. ويضيف البابا في براءته: ” لمجد الثالوث الاقدس، ولإكرام لائق بالعذراء والدة الإله، ولتعزيز الإيمان الكاثوليكي والدين المسيحي، اناّ بسلطان سيدنا يسوع المسيح والرسولين بطرس وبولس وبسلطاننا نحدد ونعلن العقيدة بأن العذراء مريم الكلية الطوبى، بنعمة خاصة وامتياز من الله القادر على كل شيء، حفظت من كل دنس الخطيئة الأصلية منذ اللحظة الأولى للحبل بها، استباقاً لاستحقاقات المسيح يسوع مخلص الجنس البشري. إنها عقيدة موحاة من الله، ينبغي على جميع المؤمنين الإيمان بها بثبات وشكل دائم”.
في البيان ليوسف انكشف الوحي الإلهي بشأن عقيدة الحبل بلا دنس بطريقة غير مباشرة.
مريم زوجة يوسف، التي لم تنتقل بعد الى بيته ولم تساكنه، هي العذراء الحبلى من الروح القدس بيسوع ” الإله الذي يخلص شعبه من خطاياه”. المرأة العذراء نبؤة نجدها في الصفحة الأولى من سفر التكوين، حيث تظهر مع ابنها بدون رجل: ” أجعل عداوة بينكِ ( الحية القديمة- الشيطان) وبين المرأة، بين نسلكِ ونسلها، هو يسحق رأسكِ، وأنت تترصدين عقبه” ( تك3/15). يكشف اشعيا مضمون النبؤة: “يؤتيكم الرب آية، ها ان العذراء تحبل فتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل” (اشعيا 7/14). ونجد رموزها العديدة في كتب العهد القديم: العليقة المتقدة التي رآها موسى تلتهب ولا تحترق، وكان منها نداء الله لخلاص شعبه ( خروج3/1-11)؛ عصا هارون التي ابتلعت عصي سَحَرَة مصر التي انقلبت تنانين (خروج7/12)؛ جزّة جدعون التي ملأها الندى ( قضاة 6/38)؛ العروس البستان المقفل والينبوع المختوم ( اناشيد4/12).
كانت أن مريم الأم العذراء تحفظ في صميم قلبها الرغبة في تكريس ذاتها لله وحده تكريساً كاملاً، بحيث تقف ذاتها كلياً له وحده، كما نفهم من سؤالها للملاك: ” كيف يكون هذا وأنا لا أعرف رجلاً”( لو1/34). لكن الله سبق وكرّسها له في اللحظة الأولى للحبل بها، تكريساً عصمها من خطيئة آدم الأصلية. واليوم يحقق رغبتها في تكريس بتوليتها له بصيرورتها حصراً اماً لابن الله بفعل الروح القدس ( البابا يوحنا بولس الثاني: حاري الفادي،18). أمومتها لابن الله بالجسد هي ثمرة تكريسها المزدوج المصدر: تكريس من الله وتكريس منها.
مريم زوجة يوسف هي المرأة الحامل بفعل الروح القدس: ” لا تخف يا يوسف أن تأخذ مريم امرأتك، لان الذي ولد فيها هو من الروح القدس” ( متى1/20). لقد رأها يوحنا الرسول في بهاء سرّها ورسالتها كأم المسيح الاله وام جسده السري، الكنيسة: ” ظهرت آية عظيمة في السماء: امرأة ملتحفة بالشمس، والقمر تحت قدميها، وعلى رأسها اكليل من أثني عشر كوكباً، حاملٌ تصرخ من ألم المخاض. وظهرت آية أخرى: تنين كبير أشقر له سبعة رؤوس وعشرة قرون… وقف أمام المرأة التي توشك أن تلد، حتى إذا وضعت ولدها ابتلعه” ( رؤيا 12/1-4).
رؤيا يوحنا ترجمت نبؤة سفر التكوين (3/15)، وافتتحت نبؤة العهد الجديد: ” يا امرأة هذا ابنك” ( يو19/26)، وهي أمومة مريم بالنعمة للكنيسة، جسد المسيح السري، وللجنس البشري؛ وكشفت أن الكنيسة هي على صورة مريم، عذراء وأم، أم ومعلمة؛ وأظهرت بُعدها النهيوي- الاسكاتولوجي، أعني انتصار الكنيسة الدائم على التنين وسائر قوى الشر: ” أبواب الجحيم لن تقوى عليها” ( متى16/18)، وهي قوى الشر” القائمة على رمال بحر هذا العالم، تحارب سائر نسل المرأة الذين يحفظون وصايا الله، والذين لهم شهادة يسوع” ( رؤيا12/17-18).
في لوحة البيان ليوسف، انكشف سرّ الرجل في عمل الله الخلاصي، إلى جانب المرأة. حاول يوسف أن يخلي سبيل مريم سراً ( متى1/19)، بعد أن قرر انسحابه لئلا يعرقل الخطة الإلهية التي باتت تتحقق في مريم”. لكنه أدرك أن الخطة الإلهية تشمله هو أيضاً كزوج لمريم وابٍ شرعي ليسوع ومربٍّ له.
فالله يريده، بقوة العهد الزوجي، شريكاً لمريم في كرامتها السامية، ورفيقاً لحياتها، وشاهداً لبتوليتها، وحارساً لشرفها. ويريده أباً لابنه الإلهي، لا بالانجاب، بل بإعطاء الإطار البشري لأسرة ابن الله. فهو الأب بالأصالة البشرية وحامل كل دورالأب في العائلة. ويدعوه إلى كمال حبه الزوجي لمريم، مجدداً إياه بالروح القدس، فوهب يوسف كل ذاته وحياته وعمله لمريم، وحوّل دعوته البشرية لتأسيس عيلة إلى تقدمةً ذاته وقلبه وجميع طاقاته وبذلها في خدمة المخلص المولود في بيته (حارس الفادي،8 و10 و21). هكذا، بطاعة الإيمان أخذ يوسف مريم إلى بيته واحترم تكرسّها المطلق لله” فلم يعرفها، وولدت ابنها البكر” (متى1/25).
2. القديس يوسف معلم ثقافة السلام
عاش يوسف البار في مخافة الله، ساعياً إلى مرضاته، ما جعله في حالة إصغاء دائم لما يقول الرب ويوحي، في اليقظة وفي الحلم. فاتّصف بالحكمة التي مكّنته النظر إلى أحداث حياته من منظار الله: ” لما قام من نومه، صنع كما أمره ملاك الرب، فأخذ مريم امرأته إلى بيته، ولم يعرفها، فولدت ابنها البكر، يسوع”. إنها ثقافة السلام.
لقد حمى يوسف كرامة مريم خطيبته البريئة، وهي البتول الحبلى بيسوع بقوة الروح القدس، دون أن يشك بشأن حبلها. جابه النزاع بتجنّب اللجوء إلى القضاء، وفكّر بتخلية مريم سراً. هذا الموقف يشكلّ الأساس في بناء السلام. جميع القوانين تدعو إلى الحلول السلمية مثل المصالحة والتحكيم والتسوية، قبل الذهاب إلى المحاكمة القضائية البغيضة. لم يشك يوسف ببراءة مريم، فسعى الى حمايتها.
السلام يوجب حماية الأبرياء، على مستوى الأفراد والشعوب. في كثير من الظروف السكان المؤنيون يُضربون ويُستهدفون في النزاعات المسلحة. يُقتلون ويُهجرون من بيوتهم وأراضيهم بطريقة وحشية. وتُعطّل مصالحهم وتُخرّب مؤسساتهم، وتقطع طرقاتهم، وتُدمّر جسور معابرهم. هذا ما عشناه مؤخراً في لبنان في الحرب المدمّرة التي فرضت عليه طيلة 33 يوماً في تموز آب 2006. إن الشرع الدولي الإنساني يقضي بحماية الأبرياء، فيجب احترامه. كم العالم بحاجة إلى أنسنة!
ونحن ايضاً المؤتمنين على السلام، عطية الله للبشرية بشخص يسوع المسيح، الذي نستعد لاستقباله في قلوبنا، مدعوون إلى التشبّه بفضيلتي القديس يوسف البتول، الحكمة ومخافة الله. بالحكمة نستلهم أنوار الروح القدس لننظر إلى احداث حياتنا وإلى الأشخاص من منظار الله، بروح الحنان والأنصاف. وبمخافة الله نسعى في كل موقف وقرار وعمل إلى مرضاة الله، مدركين أننا اليه تعالى نسيء عندما نرتكب الإساءة إلى الإنسان. الحكمة ومخافة الله تحميان الأبرياء، وتبنيان ثقافة السلام.
**
ثانياً، وجوه عاشت في الحكمة ومخافة الله
من بين القديسين المعاصرين الجدد، نذكر وجهين من العلمانيين المؤمنين بالمسيح، بلغا إلى القداسة من خلال نشاطهما الزمني في الطب والإدارة المدنية، وعززا ثقافة السلام.
القديس جوزبّي موسكاتي (Giuseppe Moscati) (1880-1927)
أعلنه قديساً البابا يوحنا بولس الثاني. هو طبيب ورئيس قسم في مستشفى مدينة نابولي. تربّى في عائلة مسيحية حقة، اختبر الألم الخلاصي بوفاة الوالد عندما كان طالباً جامعياً، وبوفاة شقيق له بعمر 32 سنة بداعي المرض. عاش الدعوة إلى القداسة في حياته العلمانية، وقال عنه البابا يوحنا بولس الثاني أن هذا القديس يدعو العلمانيين إلى اعتبار دعوتهم إلى القداسة كأبناء للكنيسة.
الطوباوي البرتو مارفيلّي (Alberto Marvelli) (1918-1946)
أعلنه البابا يوحنا بولس الثاني طوباوياً في 5 ايلول 2004. تربى في عائلة من ستة أولاد، وانتمى إلى منظمة العمل الكاثوليكي فإلى الحزب الديموقراطي المسيحي في ايطاليا وانتخب عضواً في مجلس بلدية مدينة ريميني(Rimini). خدم المحبة أثناء الحرب الكونية الثانية واتخذ مواقف إيمانية وجعل من القداس اليومي ينبوع نشاطه الكنسي والاجتماعي والسياسي مقتنعاً بضرورة العيش بشكل كامل كإبن لله في التاريخ. توفي بحادث سير وهو بعمر 28 سنة.
**
ثالثاً، الخطة الراعوية
وفي زمن المجيء والميلاد، وهو زمن الرجاء، تواصل الخطة الراعوية التفكير معاً، على مستوى الجماعات في الكنيسة والمجتمع، حول ” كنيسة الرجاء” وهو عنوان النص الأول من نصوص المجمع البطريركي الماروني، فنفكّر سوية في علامات الرجاء.
1- الرسالية في المحيط المشرقي ( فقرة 25)
يذكّرنا النص المجمعي أن للمسيحيين في هذا الشرق، الذي تدين أكثرية سكانه بالدين الاسلامي، رسالة لها جذورها التاريخية ومبرراتها، ولو كانت محفونة بالأخطار. ان حضورهم هو للشهادة والرسالة والخدمة. هذا ما ردده بطاركة الشرق الكاثوليك في رسالاتهم الراعوية المشتركة. لهذه الثلاثة كان خيارهم في هذا الشرق، والتزامهم بالعيش المشترك القائم على الاحترام والحوار والتعاون لبناء وطن يسوده الحق والعدل.
تقتضي الخطة الراعوية من الجماعات اتخاذ مبادرات عملية لأداء الشهادة والقيام بالرسالة وتأدية الخدمة، في ضوء إنجيل اليوم.
2- وعي المسيحيين العوام دورهم في حياة الكنيسة ورسالتها ( فقرة 26).
إن هذا الوعي آخذ في التنامي، ولاسيما على مستوى الشبيبة والمرأة. يشير النص المجمعي إلى مساهمة الأخويات والمنظمات الرسولية، ومعاهد التثقيف الديني، ووسائل الإعلام الدينية، في تنامي هذا الوعي,
تقتضي الخطة الراعوية إيجاد السبل لتعزيز الانتماء الكنسي، على مستوى المشاركة في حياة الكنيسة ورسالتها، والتشجيع على القيام بالمهمات الكنسية على صعيد الرعية والأبرشية واللجان الأسقفية الراعوية. يبقى القديس يوسف البتول النموذج والمثال.
**
صلاة
أيها القديس يوسف، شفيع الكنيسة، أنت العامل الصامت في كرم الرب، من أجل حراسة الكنزين الأغليين مريم ويسوع. مساهماً في حياة ورسالة الكنيسة الناشئة في الناصرة، بارك كنيستنا المحلية، في الرعية والأبرشية والوطن، اعضدها دائماً وسرّ بها إلى الامام في طريق الأمانة للإنجيل. اعطِ أبناءها وبناتها نعمة الالتزام في حياتها ورسالتها، على مثالك. ساعدنا لكي نصغي إلى الهامات الروح. احمِ السلام في العالم، هذا السلام الذي يستطيع وحده ضمانة ترقي الشعوب، وتحقيق الآمال البشرية. نسألك ذلك من أجل خير البشرية ورسالة الكنيسة أومجد الآب الذي اختارك والابن الذي شرّفك بأبوته والروح القدس الذي قاد خطاك وقراراتك، للإله الواحد الحق كل مجد وإكرام. آمين ( مقتبسة من صلاة البابا بولس السادس).
****
Discussion about this post