عيد تقدمة يسوع للهيكل
الشماس نوري إيشوع مندو
الفكرة الطقسية:
تحتفل الكنيسة في هذا الأحد بعيد ختان المسيح وتقديمه للتطهير إلى الهيكل. هذا الختان يظهر إنتماءه إلى الشعب المختار، وأنه وريث العهد مع إبراهيم والآباء. ترك المسيحيون الختان كعلامة ظاهرة للإنتماء ليبينوا أن الإنتماء الحقيقي، هو إنتماء القلب، وأن الخلاص هو للجميع يهوداً كانوا أم وثنيين، وهذا يتم بالعماد.
وفي هذا العيد نستمع إلى كلمة الله تعلن لنا من خلال ثلاث قراءات هي:
الأولى من سفر أشعيا ( 49 / 1 _ 6 ) تروي دعوة خادم الرب ومجال نشاطه.
الثانية من رسالة بولس إلى تلميذه طيموتاوس ( 2 / 16 _ 26 ) تشير إلى أهمية السلوك اللائق بالدعوة الجديدة.
الثالثة من إنجيل لوقا ( 2 / 21 _ 52 ) تحكي خبر تقديم يسوع إلى الهيكل على يد شمعون الشيخ وحنة النبية.[1]
تقدمة يسوع إلى الهيكل:
كان الله قد فرض على بني إسرائيل بواسطة موسى شريعتين، تقضي الأولى أن كل امرأة تلد ولداً ذكراً أو أنثى، لا تكون شرعاً طاهرة حتى تكمل الأربعين يوماً للولد الذكر، والثمانين يوماً للأنثى.
ومن بعد ذلك تأتي تلك الوالدة إلى الكاهن وتقدم عن طفلها حملاً أو زوجي يمام أو فرخي حمام، فيرضى الله عنها وعن مولودها.
وتقضي الثانية أن يقدم لله كل بكر من الذكور ليكون مقدساً له. ولما كان الله لا يرضى بالذبائح البشرية حتى يأتي ابنه الحبيب، ويقدم ذاته ذبيحة عن آثام البشر، أبدل ذبيحة الأبناء الأبكار بمالٍ يدفعه الأهل للهيكل، به يشترون حياة أبكارهم، فلا يموتون كما أمات الرب أبكار المصريين قبل خروج بني إسرائيل من ديارهم.
أما البتول مريم وأبنها الحبيب يسوع فكان يحق لهما أن لا يخضعا لتلك الشريعة، لأن مريم كانت شرعاً طاهرة في ولادتها،
ولأن حبلها كان بفعل الروح القدس الذي حل عليها، ولأنها بقيت بتولاً عذراء في الولادة وبعد الولادة، كما كانت قبل الولادة، لما كانت في الهيكل تخدم مع سائر العذارى. ولأن يسوع هو الكلمة ابن الله الأزلي، وهو الذي سوف يسفك دماءه الزكية حتى آخر نقطة ليهدئ غضب الله عن البشرية الأثيمة الساقطة، ويفتدي الأجيال بذبيحة الصليب الخلاصية.
لكن يسوع ومريم أذعنا لتلك الوصية
أولاً: من أجل محبتهما لله الآب الذي وضعها، إكراماً لعزته الإلهية وسلطانه السامي.
ثانياً: لكي يتشبها بسائر البشر الخطأة، ويكونا لنا مثال التواضع العميق في أطوار الحياة.
ولقد أوضح ذلك لوقا الإنجيلي بقوله: ” ولما تمت أيام تطهيرها بحسب ناموس موسى، صعدا به إلى أورشليم ليقدماه للرب، على حسب ما كتب في ناموس الرب، من أن كل ذكر فاتح رحمٍ يدعى مقدساً للرب، وليقربا ذبيحة على حسب ما قيل في ناموس الرب زوجي يمام أو فرخي حمام “.
ورغم ما أراد يسوع ومريم من التواضع العميق في الامتثال لمراسيم الشريعة الموسوية، دبر الله لهما الرفعة والتمجيد: ” وكان رجل في أورشليم اسمه سمعان، وهو رجل صديق تقي كان ينتظر تعزية إسرائيل، والروح القدس كان عليه.
وكان قد أوحي إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت حتى يعاين مسيح الرب. فاقبل بالروح إلى الهيكل. وعندما دخل بالطفل يسوع أبواه ليصنعا له بحسب عادة الناموس، حمله هو على ذراعيه، وبارك الله وقال:
الآن تطلق عبدك أيها الرب على حسب قولك بسلام. فإن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك، الذي أعددته أمام وجوه الشعوب كلها، نوراً ينجلي للأمم ومجداً لشعبك إسرائيل “.
ومع سمعان الشيخ الصديق جاءت تسرع تلك العجوز التقية حنة النبية. ” هذه كانت قد تقدمت في الأيام كثيراً، وقد عاشت مع رجلها سبع سنين بعد بكوريتها، ولها أرملة نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل، متعبدة بالأصوام والصلوات ليلاً ونهاراً، ففي تلك الساعة حضرت تعترف للرب، وتحدث عنه كل من ينتظر فداء إسرائيل “.
إن الضعة والرفعة تتزاحمان في حوادث هذا النهار. فالابن الكلمة النور المنبثق من النور الأزلي، يأتي إلى الهيكل مع أمه البتول النقية الطاهرة نظير سائر الناس الخطأة، هو للتفكير وهي للتطهير.
لكن الله مجدهما بفم أثنين من كبار صديقيه وأصفيائه. جاءت مريم فقيرة تحمل فرخي حمام لتفتدي بهما ابنها خالق الدنيا ومخلص العالم، فأقبل سمعان يباركها ويهنئها، ويعظم ذلك الطفل المولود منها.
أما يوسف فكان واقفاً صامتاً متعجباً، يبارك الرب في قلبه ويسبح عظائمه. فلما أتم هو ومريم كل شيء على حسب الناموس، عادت العائلة المقدسة إلى بيت لحم.2
وتصلي كنيسة المشرق في ليل هذا العيد هذه الترتيلة: ” يعطيك الرب حسب رغبتك: شمعون البار والصديق بقوة الروح جاء للهيكل. وحمل على ذراعيه ربنا. واحتضنه مبتهجاً، وبارك الرب وقال: أطلق عبدك بسلام، كما وعدت يا رب.”.[3]
وأيضاً: ” لسانه ينطق بالحق: شمعون الشيخ تنبأ. على يسوع الملك الكبير. هذا جعل لسقوط. وقيام الكثيرين. في إسرائيل والعالم. وسيجوز في نفس أمه. سيف الضيق والآلام. “.[4]
وتحتفل كنيسة المشرق بعيد تقدمة يسوع إلى الهيكل في الأحد الثاني بعد عيد الميلاد.
Discussion about this post