تذكار الموتى المؤمنين
خيرات الأرض لجميع الناس
الأحد 27 كانون الثاني 2008
من إنجيل القديس لوقا 16/19-31
قال الرب يسوع: ” كان رجل غنيٌّ يلبس الارجوان والكتان الناعم، ويتنعم كل يوم بأفخر الولائم. وكان رجل مسكين اسمه لعازر مطروحاً عند بابه، تكسوه القروح. وكان يشتهي أن يشبع من الفتات المتساقط من مائدة الغني، غير أن الكلاب كانت تأتي فتلحس قروحه. ومات المسكين فحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم. ثم مات الغنيّ ودفن. ورفع الغني عينيه، وهو في الجحيم يقاسي العذاب، فرأى إبراهيم من بعيد، ولعازر في حضنه. فنادى وقال: يا ابتِ إبراهيم، إرحمني، وأرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء ويبرد لساني، لأني متوجع في هذا اللهيب. فقال إبراهيم، يا ابني تذكر أنك نلت خيراتك في حياتك، ولعازر نال البلايا. والآن هو يتعزى هنا، وأنت تتوجع. ومع هذا كله، فإن بيننا وبينكم هوّة عظيمة ثابتة، حتى إن الذين يريدون أن يجتازوا من هنا إليكم لا يستطيعون، ولا من هناك أن يعبروا إلينا. فقال الغني: أسألك إذاّ، يا أبتِ، أن تُرسل لعازر الى بيت أبي، فإن لي خمسة إخوة، ليشهد لهم، كي لا يأتوا هم أيضاً الى مكان العذاب هذا. فقال إبراهيم: عندهم موسى والأنبياء، فليسمعوا لهم. فقال: لا، يا أبت إبراهيم، ولكن إذا مضى اليهم واحد من الأموات يتوبون. فقال له إبراهيم: إن كانوا لا يسمعون لموسى والأنبياء، فإنهم، ولو قام واحد من الأموات، لن يقتنعوا!”.
نختم اليوم أسابيع التذكارات الثلاثة ، فنذكر موتانا الذي سبقونا إلى بيت الآب : نصلي من أجل راحة نفوسهم بمشاهدة وجه الله رافعين الصلوات ومقدمين القداسات ومتممين أعمال رحمة ومحبة؛ ونسأل الله أن يخفف من آلامهم المطهرية وينقلهم إلى سعادة السماء؛ ونستشفعهم لكي يضرعوا الى الله من أجلنا لكي نبلغ بدورنا إلى ميناء الخلاص.
مثل الغني ولعازر يكشف العلاقة بين الحياة والموت ، ومعنى الغنى والفقر، والدينونة الشخصية ومضمونها .
****
أولاً، شرح نص الإنجيل
1. العلاقة بين الحياة والموت
ولدنا لنموت . كلمة صعبة تحطم المعنويات لأول وهلة . ولكن ، في ضوء شخص ابن الله الذي ” تجسد من أجلنا ومن اجل خلاصنا ” وكلامه، ينجلي لغز الانسان في حياته وموته (فرح ورجاء ،10و22) وتأخذ الحياة والموت معنى ، فيسهلان . الولادة من حشا الأم هي بداية وجود تاريخي وأبدي، أما الموت فهو نهاية الوجود التاريخي وبداية الوجود الأبدي : الوجود الأول يهيء الثاني ، والوجود الثاني نتيجة حتمية للأول . الوجود الأول طريق نسلكه ، والثاني هدف نسعى اليه . يعلّم السيد المسيح هذه الحقيقة في مثل الغني ولعازر : الوجود الأول (لو16/19-21) يصف حياة ومسلك كل من الغني ولعازر . الوجود الثاني (لو16/26) يصف النتيجة ونقطة الوصول : خلاص لعازر وسعادته الابدية، وهلاك الغني وعذابه الأبدي . ولاننا ولدنا لنموت ، فالرب ينير حياتنا وموتنا بكلامه الحي ، لنحسن كلاً من الحياة والموت (لو16/27-31). إضاءة الشموع في التذكار السنوي للمولد والمعمودية وعند الموت رمز لكلام الله الذي هو نور الحياة والموت .
نولد ونموت من دون قرار منا. حتى الانتحار ليس قراراً حراً بل هو قرار مكره تحت وطأة الضغط، فيفقد قيمة القرار الحر . لكن كل واحد منا يقرر نوعية وجوده التاريخي ، أكان في ضوء كلام الله الذي هو ” روح وحياة ” (يو6/63)، أم في ظلمة الخطيئة والشر، وبالتالي يقرر نوعية مصيره الأبدي أخلاصاً كان أم هلاكاً . ولهذه الغاية وهبنا الله ثلاث ملكات: العقل الذي يقودنا إلى نور الحقيقة، والإرادة التي بها نفعل الخير، والحرية التي بها نصنع خيارنا اليومي في إطار الحقيقة والخير. وبما أننا سريعو العطب، بسبب جرح الخطيئة الأصلية ونقصنا كخلائق، ينحرف العقل ،مخدوعاً، إلى ظلمة الضلال، وتنجرف الارادة نحو الأنانية والشر، وتسكر الحرية بهوى خيراتها المدمِّرة.
أعطانا الله كلامه ونعمته ،غفرانه وحياته، لنشفى وننهض ونتقوى: ” عندهم موسى والانبياء،فليسمعوا لهم” (لو16/29). لعازر نفسه كان لاخوة ذاك العني نداء للتوبة ، من عند الرب ، فلم يتوبوا. ” موسى والانبياء “ هم اليوم الكنيسة التي تعلن كلمة الحق بالكرازة والتعليم ، وتوزع نعمة الخلاص بالاسرار ، وتدعو الى خدمة المحبة والعدالة.
نموت كما نعيش : ” في جميع أعمالك اذكرأواخرك فلن تخطأ ابداً ” ( ابن سيراخ 7/36). إذا أحسنت الحياة تحسن الموت. نعني بالحياة كل مداها التاريخي من مهدها الى لحدها ، قصيرة كانت ام طويلة ، فلا تؤخذ مجتزأة لما تحتوي من مفاجآت في دروب التاريخ . ولهذا قال الرب: ” لا تغبّط أحداً قبل موته ، فإن الرجل يُعرف عند مماته “(سيراخ11/28).
2. معنى الغني ولعازر
لم يهلك الغني لأنه غني وذو ثروة ، فالغنى نعمة من الله وبركة. بحبوحة الخير هي أفضل ما يتمنى الناس بعضهم لبعض لكن مشكلة الغني أنه جعل سعادته في غناه : فعاش في الطمع الذي هو رغبة التملك اللامحدود لخيرات الأرض ؛ وعاش في الجشع أي الهوى المفرط والمنفلت للثروة وقدرتها (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية 2536)؛ وعاش في الأنانية حاجباً قلبه ويده عن مساعدة لعازر الفقير ، فرذله الله، لأن الامتناع عن إشراك الفقراء في خيراتنا الخاصة استلاب لحقوقهم . والخيرات التي نحوزها ليست لنا بل لهم ( القديس يوحنا فم الذهب) ؛ ولأن مساعدة الفقراء واجب من باب العدالة : ” لا بدّ أولاً من تلبية مقتضيات العدل، خوفاً من أن نهب كعطية محبة ما هو واجب من باب العدل ” (المجمع الفاتيكاني الثاني : رسالة العلمانيين8). الفقير الذي تجب مساعدته ، والمحتاج الذي يجب إشراكه في ثروتنا وفي ما نملك ، ليس الفقير والمحتاج مادياً فقط ، بل وروحياً وثقافياً ومعنوياً. محبة الكنيسة للفقراء جزء من تقليدها، فما برحت منذ بدايتها تعمل على مساعدتهم والدفاع عنهم وتحريرهم، إلى جانب مؤسساتها الخيرية والثقافية والاستشفائية.
ليست مشكلة الغني في ملكيته ، فهي حق طبيعي للإنسان أقرّته الشرائع الإلهية والوضعية (البابا لاون الثالث عشر: الشؤون الحديثة ، 6-8)، بل في عبادة ثروته . فكانت “الإله” الأكبر عنده. بحث عن سعادته في غناه لا في الله. نقرأ في التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية : ” الغنى في يومنا هو “الإله” الاكبر الذي يؤدي له الناس إكراماً عفوياً. يقيسون السعادة والكرامة بمقياس الغنى، لاعتقادهم أن الإنسان الحاصل على الثروة يقدر على كل شيء. هكذا اصبح الغني صناً من أصنام اليوم (فقرة 1723). الملكية الخاصة ضرورية للحياة البشرية، لكنها تفترض معها حسن التصرف بها، إذ لا يحق للإنسان أن يعتبر الأشياء التي يملكها خاصة به بشكل مطلق، بل هي مشتركة، عملاً بوصية بولس الرسول : ” أوصِِ أغنياء هذا العالم ألاّ يتكلوا على الغنى، بل على الله الحي الذي وهبنا بكثرة كل شيء لراحتنا، وأن يصنعوا الخير ويغتنوا بالأعمال الحسنة ، فيعطوا ويتقاسموا بسهولة الخيرات” (1طيم6/17-18).
لعازر الفقير لم ينل الخلاص لأنه فقير، فالله كلي الجودة ولا يريدنا في حالة الفقر والحرمان، بل يريدنا فقراء بالروح، غير متعلقين بالمال حتى عبادته، ومتجردين، وكأننا لا نملك شيئاً فيما نحن نملك كل شيء. نال لعازر الخلاص لأنه ارتضى حالة الفقر، وصبر على محنته، وحمل صليبه دونما اعتراض، واتكل على عناية الله.
تعلّم الكنيسة أن الفقر ليس عاراً . فالسيد المسيح ” الغني أصلاً، جعل نفسه فقيراً “(2كور8/9) من أجل خلاص البشر؛ مع أنه ابن الله، شاء ان يظهر للناس كابن لنجار، وعامل مأجور: ” أليس هذا النجار ،ابن مريم؟ “(مر4/3).الغنى الحقيقي الذي يحفظ كرامة الإنسان الحقيقية وسموه هو في فضائله الروحية والإنسانية (الشؤون الحديثة20).يميل قلب الله أكثر إلى الطبقات البائسة: فيسوع المسيح شاطر حياة الفقراء من المهد إلى الصليب، عرف التهجير والجوع والعطش والعري؛ بل تماهى مع الفقراء في كل انواعهم وجعل من حبهم الفاعل شرطاً لدخول الملكوت(متى25/31-46)؛ وطوّبهم لأن ملكوت الله لهم (متى5/3)؛ واعلن انه جاء يحمل إليهم بشرى الخلاص (لو4/18)؛ ودعاهم ليأتوا اليه حتى يوآسيهم ويخفف من أحمالهم(متى11/28).
نال لعازر الخلاص ،لأنه لم يشتهِ مال الغني، رافضاً اللجوء إلى العنف أو السرقة أو الاحتيال او التعدي الظالم، عملاً بوصايا الله وبخاصة الوصيتين الخامسة والسابعة. كان حراً من “شهوة العين”(1يو2/16) نقي القلب وصافي النية.
3. الدينونة الشخصية
نُدان على مدى ردم الهوة القائمة بين الغنى الشخصي وحاجة الآخر، على مختلف المستويات: مادياً وروحياً وثقافياً واجتماعياً قوام ردم الهوة ان تنزل نفس الغني المتشامخة من عليائها وتتضع ، وان يعتصم الفقير بكرامته ودعته وخلقيته ويتشجع ، فتمتد الايدي من الجانبين وتتحد الارادات فيالصداقة الانسانية (البابا لاوون الثالث عشر)، والمحبة الاجتماعية (البابا بيوس الحادي عشر)،وحضارة المحبة (البابا بولس السادس)، والتضامن والانماء (البابا يوحنا بولس الثاني).
نردم الهوة عندما نعمل بمبدأ أن كل خيرات الطبيعة وكل كنوز النعمة هي ملك مشترك لكل الجنس البشري دون تمييز(الشؤون الحديثة21). وهذا واجب على الأفراد والمؤسسات ، على الحكام والدول. المطلوب بناء عالم يستطيع فيه كل إنسان أن يعيش حياة بشرية كريمة بكل معناها الروحي والمادي ، الثقافي والاجتماعي ، دونما تمييز في العرق والدين والجنسية ، عالم يستطيع فيه لعازر أن يجلس على مائدة الغني(البابا بولس السادس: ترقي الشعوب47).
نُدان على المحبة الاجتماعية أي الحب المفضَّل للفقراء الذي يفتح قلبنا وفكرنا ويدنا إلى الجماهير الكثيرة من الجائعين والمتسولين والذين لا ملجأ لهم ، والذين تنقصهم العناية الطبية ، والذين ينقصهم الرجاء ، والمحرومين من حريتهم الدينية ومن حقهم في الحياة السياسية أو من حقهم في المبادرة الاقتصادية . المحبة الاجتماعية هي التزام بالمبدأ المميز للتعليم الاجتماعي المسيحي : خيرات هذه الارض معدّة في الأصل لجميع الناس ، وبالتالي يقع على الملكية الخاصة رهن اجتماعي، يعطيها وظيفة اجتماعية هي مهمة الالتزام بالفقراء ، ويبرر وجودها انطلاقاً من مبدأ شمولية خيرات الأرض . نكران هذه الحقيقة يُعتبر تشبهاً بالغني المترف الذي تجاهل لعازر المسكين المنطرح عند باب بيته (الاهتام بالشأن الاجتماعي 42).
***
ثانياً، الكنيسة والفكر السياسي
للكنيسة، الأم والمعلمة، تعليم واسع حول مفهوم السياسة ومقوماتها وطريقة ممارستها. من شأن هذا التعليم أن يكوّن لدى المواطنين فكراً سياسياً وثقافة هي في أساس السلام الاجتماعي والدولي. موضوع اليوم: مساهمة المواطنين في حياة الجماعة السياسية.
1. عندما نقول ” جماعة سياسية” نعني جماعة منظمة تسوس الأفراد والعائلات والمجموعات، الذين يشكلون الجماعة المدنية، والذين لا يستطعون أن يعيشوا حياة بشرية حقّة بجهودهم الذاتية وحدها. ولذا يحتاجون إلى سلطة تعمل للخير العام، الذي منه خير الجميع. وتعني بالتالي هيكلية سياسية- قانونية تتلاءم والطبيعة البشرية، وتتصف بالشرعية. إنها في الأساس من تدبير الله في خلقه (الدستور المجمعي: فرح ورجاء،74).
من واجب السلطة السياسية أن تعزز مساهمة المواطنين الخيّرة والفعالة، دونما تمييز، في حياة هذه الجماعة السياسية القانونية، المعروفة بالحياة العامة. تقتضي مساهمتهم المشاركة في إدارة الشؤون العامة، ووعي حقهم وواجبهم في تعزيز الخير العام من خلال انتخاب من يرونهم أهلاً لتأمين الخير المشترك. الكنيسة من جهتها تحوط بالتقدير كل الذين يكرسون حياتهم لخدمة هذا الخير، ويحملون على عاتقهم أعباء الشأن العام في سبيل الخدمة العامة (فرح ورجاء، 75 ). مثل هؤلاء الأشخاص ينتخبهم المواطنون بحرية ووعي وفقا لهذه الصفات، ويحاسبونهم ويسائلونهم.
2. مساهمة المواطنين في الشؤون العامة وفي الخير المدني العام هي حق مرتبط بكرامة الشخص البشري. فالإنسان كإنسان أبعد من أن يكون مجرد أداة في الحياة الاجتماعية أو عنصراً هامداً فيها وغير مسؤول، بل هو ويجب أن يكون مفعلّها وأساسها وغايتها ( رسالة الطوباوي البابا يوحنا الثالث والعشرين: السلام على الارض،26).
لا يحق لأصحاب السلطة السياسية اختزال المواطنين في آرائهم وتطلعاتهم ومشاركتهم المسؤولة. فإن كرامة الشخص البشري تقتضي أن تتيح له السلطة السياسية العمل بحافز من قراره الذاتي الحرّ، وامكانية ممارسة حقوقه وأداء واجباته وخدمة الآخرين في المجتمع من خلال المشاركة في مختلف النشاطات، بروح الإقدام وحسّ بالمسؤولية، لا تحت وطأة الإكراه أو الإغراء الخارجيين. أن مجتمعاً بشرياً قائماً على منطق القوة والفرض والتسلّط ليس إنسانياً بشيء، لأن الناس فيه مقلّصو الحرية (السلام على الارض، 34).
3. توجب المساهمة في الحياة العامة على المواطنين، أفراداً واحزاباً وهيئات وسيطة، أن يعملوا، كلٌ ضمن نطاقه، في سبيل الخير العام. فيضعوا ذواتهم ومصالحهم الخاصة في خدمة الحاجات العامة، ويجودوا بخدماتهم طبقاً للتشريعات التي يضعها أهل السلطة وفقاً لمعايير العدالة والخير العام (السلام على الارض،53).
لا يسع المواطنين أن يختاروا من يمثلهم في السلطة السياسية ويعمل حقاً من أجل الصالح العام ومساهمة الجميع فيه، إلاّ وفقاً للمعايير التي هي في أساس قيام المجتمع، أعني الحقيقة والعدالة والمحبة والحرية.
فالنسيج المدني لا يكون منسقاً ومثمراً ومتوافقاً مع الكرامة البشرية ما لم يتأسس علىالحقيقة، بعيداً عن الكذب والاحتيال والمراوغة. والحياة الجماعية في الوطن لا تستقيم إلا بروح العدالة، بحيث يقوم اعتراف صادق بالحقوق والواجبات المتبادلة بين الدولة والمواطنين، وبين هؤلاء أنفسهم. لكن العلاقة القائمة على العدالة تحتاج إلى حرارة المحبة التي تجعل أصحابها يتحسسون حاجات الناس كأنها حاجاتهم، فيشركونهم في خيراتهم. والمجتمع البشري يحتاج إلى أتلاف بواسطة الحرية التي تحمي كرامة المواطنين في ما يمارسون من أعمال (السلام على الارض،35).
***
ثالثاً، الخطة الراعوية لتطبيق المجمع البطريركي الماروني
تواصل الجماعات الراعوية والتربوية تقبّل النص المجمعي السادس: ” البطريرك والأساقفة”، في فصله الثالث: “تجدد خدمتهم”، وتحديداً معالم الرجاء في زمن التشرذم والأخطار والمصاعب والفساد المستشري على المستوى السياسي والاجتماعي والخلقي. نستعرض اليوم أربعة من هذا المعالم.
1. الثوابت التاريخية التي جابه بها رعاة الكنيسة وأبناؤها التحديات المتنوعة. فاستلهموا الروح وصمدوا متكلين على كلمة الرب يسوع: ” تقووا أنا غلبت العالم” ( يو16/33)، ” فلا تخف، أيها القطيع الصغير” ( لو12/32). الكنيسة سفينة في بحر هذا العالم تحمل الخلاص وخبز الحياة ( فقرة 53).
2. استلهام المؤسس القديس مارون وتلاميذه، فيعيش رعاة الكنيسة وشعبها مدركين أن حياتهم حج باتجاه أورشليم الجديدة، تابعين المسيح بالزهد والتجرد، ومنتصرين على الإغراءات (فقرة 54 ).
3. تمتين أواصر الوحدة والشركة، لأن قوة الكنيسة في وحدة شعبها والتفاف أبنائها حول بطريركهم كأب ورئيس وقائد ومرجع، وفي البنية المجمعية التي تجمع البطريرك والأساقفة في وحدة مترابطة، فيقومون بالخدمة الرسولية بروح المسؤولية والشركة ( فقرة 55 و56).
4. إعلان كلمة الخلاص للشعب بكل فئاته، يؤديه كواجب أولي البطريرك والأساقفة، ويفعّلون هذه الخدمة لدى الكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين الملتزمين. فيعمل الجميع بتناسق على صنع الحقيقة بالمحبة، وتشديد الشعب بالتعزية والفرح والرجاء. وبهذا يؤدون الشهادة للمسيح وإنجيل الخلاص، مدركين أن دورهم كالخميرة في العجين والضوء في الظلمة ( متى5/14 -16) ( فقرة 57).
***
صلاة
يا رب، منك كل عطية صالحة في السماء وعلى الأرض. اجعلنا ندرك أن كل خيرات الأرض تأتي منك، وقد رتبتها لينعم بها جميع الناس. حرّك فينا المحبة الاجتماعية والعدالة لكي نعطي الفقير والمحتاج ما هو في الأساس حقٌ له. حرّرنا من مغريات التملك وأنانية الاستعمال وروح الاستهلاك، فنتقاسم مع إخوتنا ما وضعت بين أيدينا من فيض كنوزك. وأنر المسؤولين الكنسيين والمدنيين بتعليم الإنجيل والكنيسة لكي يخدموا الخير العام، ويشركوا الجميع في توفيره، فيصمد شعبنا على صخرة الرجاء والوحدة والشركة. لك، أيها الآب والابن والروح القدس، كل مجد وشكر وإكرام، الآن وإلى الأبد، آمين.
No Result
View All Result
Discussion about this post