عظة أحد شفاء الأبرص
إن شئتَ فأنتَ قادرٌ أن تُطَهِّرَنِي
٢١/ شباط/ ٢۰١۰
المطران بشارة الراعي
مرقس ١ : ٣٥ – ٤٥
إنجيل الأحد
قال مرقس البشير: قامَ يسوع قَبْلَ طُلوع ِالفَجْر، فَخَرجَ وذَهَبَ إلى مَكان قَفْر، وأخَذَ يُصَلِي هُناك. ولَحِقَ بِهِ سِمعانُ والَّذين مَعَهُ، ووَجَدُوهُ فَقالوا لَهُ:”ألجَميعُ يَطْلُبونَك”. فَقالَ لَهُم: “لِنَذْهَبْ إلى مَكان ٍآخَر، إلى القُرى المُجاوِرة، لأكْرِزَ هُناكَ أيْضاً، فإنِّي لِهذا خَرَجْتُ”.
وسارَ في كُلِّ الجَليل، وهُوَ يَكْرِزُ في مَجامِعِهِم ويَطْرُدُ الشَّياطين. وأتاهُ أبْرَصُ يتَوَسَلُ إلَيْه، فَجَثا وقالَ لَهُ: “إنْ شِئْتَ فأنْتَ قادِرٌ أنْ تُطَهِّرَني!” فتَحَنَّنَ يَسوعُ ومَدَّ يَدَهُ ولَمَسَهُ وقالَ لَهُ: “قَدْ شِئْتُ، فَاطْهُرْ!” وفي الحال ِزالَ عَنْهُ البَرَص، فَطَهُرَ. فانْتَهَزَهُ يَسوعُ وصَرَفَهُ حالاً، وقالَ لَهُ: “أُنْظُرْ، لا تُخْبِرْ أحَداً بِشَيء، بَل ِاذْهَبْ وأرِ نَفْسَكَ لِلْكاهِن، وَقَدِّمْ عَنْ طُهْرِكَ ما أمَرَ بِهِ موسى، شَهادَةً لَهُم”. أمَّا هُوَ فَخَرَجَ وبَدَأَ يُنادي بِأعْلى صَوتِهِ ويُذيعُ الخَبَر، حَتَّى إنَّ يَسوعَ لَمْ يَعُدْ قادِراً أنْ يَدْخُلَ إلى مَدينَةٍ عَلانِيَة، بَلْ كانَ يُقيمُ في الخارِج، في أماكِنَ مُقْفِرَة، وكانَ النَّاسُ يَأتونَ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَكان.
تفسير الإنجيل
إنه الأحد الثاني من زمن الصوم المقدس، وفيه يتم لقاء بين يسوع ورجل أبرص، سمح يسوع بأن يأتي إليه ويتوسل له.هو أبرص “مبعد”، دينياً واجتماعياً، يعني أنه “الحي الميت”، “المنجَّس” ، الغير القادر على البقاء ضمن المدن، بل عليه أن يخرج من حصن المدينة: “ما دامت فيه الإصابة يكون نجساً، إنه نجس. فليُقم منفرداً، وفي خارج المخيم يكون مقامه” (أخبار ١٣/ ٤٦).
أما الشفاء من البرص فيُنسب إلى الله (٢ملاخي ٥/٧) ، فالله في الوقت عينه يقاصص بمرض البرص ويشفي منه.
مع المسيح: “البُرصُ يطهرون” (متى ١١/٥)، عملٌ يقوم به المسيح ويضاف على لائحة الأعمال الأخرى في الأيام الأخيرة (أشعيا ٣٥ / ٥-٦).
من هو الأبرص؟ لا نعرف اسمه. في أيّ مكان التقى بيسوع؟
أيضاً لا نعرف. الأهم هو: أتى إلى يسوع، ويسوع استقبله وحوّل حياته: الشفاء من المرض الجسدي، والشفاء من عدم الطهارة الدينية، والشفاء من العزلة الاجتماعية.
كيف شفى يسوع الأبرص؟
مدّ يده: فعل مدّ اليد يتردد في سفر الخروج ( ٣/٥) وبه يخلّص الله شعبه. في (مزمور ١٣٨/٧): “تَمُدُّ يدك فتخلّصني يمينك”. ويأمر الرب مراراً موسى بمد يده، علامة للمصريين على الخلاص الذي يحققه الرب (خروج ٩ /٢٢).
يسوع بدوره يتابع عمل الله في تاريخ الإنسان، ولكنه لا يأبه لما تتطلبه الشريعة بعدم مسّ الأبرص. من هنا، في مفهوم يسوع، لا مرض ينجّس الإنسان.
ولمسه: يربط الإنجيلي فعل اللمس بالشفاء: “… وجميع الذين لمسوه كانوا يشفون” (مرقس ٦/٥٦)، كأن يسوع بعمله هذا، يعطي قوة الخير التي فيه، ليزيل الشر الممثّل بالبرص.
وقال له: يلفظ يسوع: “قد شئت فاطهر”. بيّن يسوع أن إيمان الأبرص في مكانه، لأن الأبرص قد آمن بأن يسوع قادر : “إن شئت فأنت قادر أن تطهرني”. تم الشفاء فوراً وعاد الأبرص إلى ذويه وشعبه. هنا تظهر قوة المفاعيل الخلاصية لعمل يسوع.
عاد يكرز كثيرا وبأعلى صوته ويذيع خبر شفائه. ونحن أول من يصغي إلى واقع ظاهرة الشفاء، لأن هذا الواقع يحرِّك فينا الشعور الإيماني، بمعنى أنه بمقدورنا أن نصرخ: “إن شئت فأنت قادر أن تطهرني”.
Discussion about this post