قراءات الأحد الثالث من الصوم
أحد شفاء المنزوفة
تذكّرنا الكنيسة، في هذا الأحد، بشفاء المرأة المنزوفة المزمنة، وتعلّمنا أن الإيمان هـو المدخل إلى الحياة المسيحية الحقّة: لقد آمنت تلك المصابة بنزف دم، طوال اثنتي عشرة سنة، فشُفيت من لمسها لرداء يسوع، لأنّ قوّة عجيبة منه أعادت إليها العزم والحياة، فصارت مثال المؤمن الواثق من الخلاص.
1- الرسالة (2 قور 7/4-11): تعبّر عن فرح القدّيس بولس، وتعزيته الكبرى برجوع طيطس إليه، حاملاً معه أخبارًا ساّرة من مؤمني قورنتس، وقد تابوا على أثر قراءتهم للرسالة القاسية التي سبق بولس فوجّهها إليهم، وفتحوا قلوبهم للنعمة، وعادوا إلى سابق عهدهم في علاقتهم الطبيعية ببولس، بعد أن كانوا منغلقين في عتمة كبريائهم وأنانيّتهم ورافضين لبولس وللإنجيل معًا. والتطبيق واضح على واقع تلك المنزوفة المنغلقة على ذاتها في بيتها، المنبوذة والمعتبرة نجسة وخاطئة، لا يحقّ لها مخالطة جماعة شعب الله! فكم كان فرحها عظيمًا عندما شفاها الرب وأعلى إيمانها ومدحها أمام الجموع كلّها!
رسالة الاثنين (1 طيم 4/9-16) توصية للتلميذ طيموتاوس الخادم المسؤول في بيعة الله، لكي يجاهد ويتعب، ليكون مثالاً وخلاصًا لجميع المؤمنين، على مثال بولس معلّمه، ومثال الربّ يسوع. ورسالة الثلاثاء (2 قور 8/1-8) تركّز على موضوع التبرّعات من كنائس العالم اليوناني للكنيسة الأمّ في أورشليم، وهو موضوع عمليّ وحاليّ وخصوصًا في زمن الصوم، غايته ماديّة، ولكنّه ذو طابع روحيّ وكنسيّ كبير: فهو نعمة وخدمة ومحبّة ومساواة. وفي رسالة الأربعاء (غل 2/1-7) يرى بولس أن الشركة بين الكنائس الهلّينية التي أسّسها والكنيسة الأمّ في أورشليم كانت أمرًا ضروريًّا، مع التشديد على مبدأ الحرّيّة المسيحيّة في موضوع الختانة. ورسالة الخميس (غل 1/1-10) تشدّد على تعجّب بولس من أهل غلاطية، وتحذيره وتهديده لهم، لأنهم يحرّفون إنجيل المسيح الحقّ الواحد، الذي صار بولس خادمًا له وعبدًا ليسوع المسيح. ورسالة الجمعة (روم 3/1-7) تركّز على المشكلة الشائكة لبولس وللكنيسة الأولى، ولا تزال حتى يومنا، وهي إظهار صدق الله وأمانته في مواعيده لشعبه القديم، برغم خيانة هذا الشعب لوعود الله، ورفضه للمسيح، وانحرافه عن خطّ الخلاص. ورسالة السبت تحذّر المؤمنين والمسؤولين من المعلّمين الكذّابين ونشاطهم الإلحادي، أمثال ينّيس ويمبريس، رمز الكفر والإلحاد. ولكن للتقوى قوّة محوّلة لا يختبرها إلاّ المؤمن الحقّ في مشاركته للمسيح.
الأحد: مِنْ إِنجيلِ رَبِّنا يَسوعَ المَسِيح للقدِّيسِ لوقا الَّذي بَشَّرَ العالَمَ بالْحَياة، فَلْنُصْغِ إلى بِشَارَةِ الحياةِ والْخَلاصِ لنفوسِنَا (لو 8/40-48)
قالَ لُوقَا البَشير: “لَمَّا عَادَ يَسُوع، اسْتَقْبَلَهُ الـجَمْع، لأَنَّهُم جَميعَهُم كَانُوا يَنْتَظِرُونَهُ. وَإِذَا بِرَجُلٍ اسْمُهُ يَائِيرُس، وكَانَ رَئِيسَ الـمَجْمَع، جَاءَ فارْتَمَى عَلَى قَدَمَي يَسُوع، وَأَخَذَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ، لأَنَّ لَهُ ابْنَةً وَحِيدَة، عُمْرُها نُحْوُ اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة، قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى الـمَوْت. وفِيمَا هُوَ ذَاهِب، كانَ الـجُمُوعُ يَزْحَمُونَهُ. وَكانَتِ امْرَأَةٌ مُصَابَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة، وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَشْفِيَهَا. دَنَتْ مِنْ وَرَاءِ يَسُوع، وَلَمَسَتْ طَرَفَ رِدَائِهِ، وَفَجأَةً وَقَفَ نَزْفُ دَمِهَا. فَقَالَ يَسُوع: “مَنْ لَمَسَنِي؟”. وَأَنْكَرَ الـجَمِيع. فَقَالَ بُطْرُسُ وَمَنْ مَعَهُ: “يا مُعَلِّم، إِنَّ الـجُمُوعَ يَزْحَمُونَكَ وَيُضَايِقُونَكَ!”. فَقَالَ يَسُوع: “إِنَّ واحِدًا قَدْ لَمَسَنِي! فَإنِّي عَرَفْتُ أَنَّ قُوَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنِّي!”. وَرَأَتِ الـمَرْأَةُ أَنَّ أَمْرَها لَمْ يَخْفَ عَلَيه، فَدَنَتْ مُرْتَعِدَةً وارْتَمَتْ عَلَى قَدَمَيه، وَأَعْلَنَتْ أَمَامَ الشَّعْبِ كُلِّهِ لِماذَا لَمَسَتْهُ، وَكَيْفَ شُفِيَتْ لِلْحَال. فَقَالَ لَهَا يَسُوع: “يا ابْنَتِي، إِيْمَانُكِ خَلَّصَكِ! إِذْهَبِي بِسَلام!”.
حَقًّا والأَمانُ لجميعِكم
2- الإنجيل (لو 8/40-48): ربّما كان اختيار شفاء المنزوفة، هذا الأحد، بعد شفاء الأبرص، الأحد الماضي، مسنودًا إلى أن البرص في اللحم، والنزف في الدم، يُعتبران كلاهما فـي نظر الشريعة، مرضًا جسديًّا وروحيًّا معًا، ومُعديًا يحرّم صاحبهما من مخالطة الناس. وبهذا يكون كلاهما رمزًا للبشرية الخاطئة والصائرة إلى الموت والهلاك. والجمع بين الشفاءين يُظهر أن ليسوع وحده السلطان المطلق على شفاء الإنسان، من لحم ودم، أيًّا كان مرضه! الشفاء يتمّ بلمسة من يسوع للأبرص، وبلمسة من المنـزوفة لطرف رداء يسوع: وهذا إشارة إلى الأسرار المقدسة التي لها طابع ملموس، ولها أيضًا قوّة روحيّة خفيّة مطهِّرة ومقدِّسة.
إنجيل الاثنين (يو 8/21-27) يشدّد على أن الخلاص من الخطيئة والهلاك لا يتمّ إلاّ بالإيمان بيسوع المسيح، الذي له وحده السلطان على الخطيئة والموت. وما الخلاص سوى العبور مع يسوع إلى جوار الآب. وفي إنجيل الثلاثاء (متّى 23/1-12) يُقرّ يسوع بما للفرّيسيين والكتبة من سلطة دينية، ولكنه يرى تفاسيرهم للتوراة، ضيّقة، لا تُطاق ولا يُعمل بها، ويحذّر تلاميذه من طلب السلطة مثلهم، عجبًا بالنفس وكبرياء، لأنّ السلطة في نظر يسوع هي خدمة وبذل للذات. وفي إنجيل الأربعاء (متّى 17/10-13) يربط يسوع مصيره بسابقه يوحنا، ويربط دور يوحنا بإيليا النبيّ، الذي كان علماء التوراة يعلّمون الشعب أنه عائد ليسبق المسيح ويُعدّ الشعب للإيمان به. وإنجيل الخميس (لو 17/20-37) يركّز على السؤال الذي كان يشغل عقول اليهود، ولا يزال، عن مجيء المسيح، وعلى جواب يسوع الصريح أن ملكوت الله بين الناس قد بدأ ببشارة يسوع وآياته، وحضوره حقيقة راهنة وقوّة فاعلة بين البشر. وإنجيل الجمعة (لو 12/16-21) يذكّر بمثل الغنيّ الأحمق، الذي كان همّه أن يخزن غلاّته في الأهراء، بدل أن يوزّعها على الفقراء، فيدّخر له كنزًا في السماء. وإنجيل السبت (متّى 12/1-14) يركّز على جدالات في شريعة السبت، بين يسوع والفرّيسيين، فيها يظهر يسوع سلطانه على الشريعة عامّة، وعلى شريعة السبت، كما يفهمها الفريسيّون خاصّة.
Discussion about this post