الابن الضال
لوقا (15 /11-32)
ماذا يحدث لو سقط الإنسان في التجربة وانخدع من شهوته وانجرف وراء محبة العالم وضل بعيدا عن بيت أبيه السماوي
سوف يحرم نفسه من حب الأب وحنانه ورعايته ويجوع ويعطش ويهان وهذا ما حدث تماما للابن الأصغر في مثل الابن الضال الذي تقرأه لنا الكنيسة في الأحد الثالث من الصوم الكبير
هذا الابن ظن أن العالم سوف يحقق له سعادة تفوق سعادته في بيت أبيه لذلك طلب ميراثه من أموال أبيه وسافر إلى بلد بعيدة لينعم بحرية زائفة مع أصدقاء السوء وتورط في معاشرات رديئة وكانت النتيجة لهذا فقدانه لكل ماله واضطراره للعمل في رعى الخنازير واشتهى أن يأكل من طعامها ولكن لم يعطه أحد
وهذا ما تفعله الخطية بالإنسان
لذلك قال عنها الكتاب : أنها طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء“ أم7: 26“
ولكن هذا الابن وإن كان قد ضل وأعتبر في نظر أبيه ميتا إلا أنه لم يستسلم لحالته وما وصلت إليه من ذل وهوان بل رجع إلى نفسه وتأمل حياته بعيدا عن حضن أبيه فوجد أن الأجير في بيت أبيه أفضل حالا منه جدا لذلك قرر أن يقوم ويذهب إلى أبيه
ولذلك تسميه الكنيسة الابن الشاطر لأنه رجع إلى نفسه وعاد إلى أبيه دون أن يخجل من خطاياه ودون تأجيل بل شعر في نفسه بعدم الاستحقاق لأن يرجع إلى بيت أبيه كابن ولكن يكفيه أن يكون كأحد الأجراء
بدأ هذا الابن الشاطر خطوات التوبة بالرجوع إلى نفسه وعزمه على ترك كل ما يربطه بالخطية نادما على ما سببته له من حزن وألم وانفصال عن أبيه
ثم بالرجوع إلى بيت أبيه مقرا ومعترفا بخطيته.. في نفس الوقت كان أبوه يترقب رجوعه باشتياق شديد نابع من حبه الأبوي وثقته أن ابنه لابد أن يرجع , تطلع فرآه وهو لم يزل بعيدا فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله
هذا الأب المحب يرمز إلى الآب السماوي “الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون“ 1تى2: 4
هذا الأب يقف على باب قلب كل إنسان يقرع في حب واشتياق ليفتح له فيدخل ويقيم في قلبه واهبا إياه السعادة الحقيقية
“أنا واقف على الباب وأقرع أن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي”رؤ3: 20
أول شيء قاله الابن لأبيه : يا أبى أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقا أن أدعى لك ابنا
معترفا بخطيته لكي ينال من أبيه الصفح والمغفرة بعد أن قدم توبة حقيقة بتركه لمكان الخطية ولأصدقاء السوء وعزمه الأكيد أن يحيا في بيت أبيه حتى ولو كان كأحد الأجراء وهنا نجد أن محبة أبيه وحنانه لم تجعلانه يكمل بعبارة “اجعلني كأحد أجراءك” بل قبله إليه ناسيا خطيته
بل في حبه الأبوي المملوء بالبذل والعطاء أمر عبيده قائلا اخرجوا الحلة الأولى التي تشير إلى التوبة التي هي بمثابة معمودية ثانية فيها يلبس التائب المعترف ثوبا جديدا يليق بحياة نقيه طاهرة واجعلوا خاتما في يده وحذاء في رجليه , الخاتم يشير إلى رضى الآب بإيمان ابنه والحذاء يشير إلى حياة الاستعداد
وذبح العجل المسمن يشير إلى سر التناول الذي بدونه لا يكمل غفران الخطايا كما يقول الكاهن عنه في القداس الإلهي “يعطى عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه“
التوبة هي بمثابة حياة بعد موت لذلك قال الاب عن ابنه الأصغر لابنه الكبير الذي تزمر على محبة الآب لأخيه
“كان ينبغي أن نفرح ونسر لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد“
إلهنا الذي لا يسر بموت الخاطئ مثل أن يرجع وتحيا نفسه يعيننا لنحيا في حياة التوبة ولإلهنا المجد و الكرامة إلى دهر الداهرين . آمين
No Result
View All Result
Discussion about this post