شفاء الأعمى
يسوع نور العقول والضمائر
إنجيل القديس مرقس 10/46-52
آية شفاء الأعمى تختتم سلسلة الآيات التي نقلتها آحاد الصوم السابقة، لتؤكد أن يسوع نور العقول والضمائر، وقد قال عن نفسه ” أنا نور العالم”. (يو8/12). بإعادة البصر لطيما ابن طيما، أعمى أريحا، كشف لنا أنه هو النور وحده، وأن لا أحد يستطيع أن يعطي ما لا يملك. هذه الحقيقة الإلهية، أدركها طيما الاعمى، فالتمس البصر من يسوع، بينما كان يلتمس صدقة من الناس، وهو “جالس يتسول على قارعة الطريق”. هذا يعني انه كان وحده بصيراً، فعرف يسوع في جوهر طبيعته، خلافاً للجمع الكثير الذي كان يرافقه. ولهذا أرغموه ليسكت، لكنه كان يزداد صراخاً: ” يا ابن داود ارحمني!” كان مبصراً بالعقل والقلب، بالرغم من انطفاء النور في عينيه، بفضل إيمانه الحي، كما يشهد يسوع: “اذهب، إيمانك أحياك”. (مر10/52). ليس يسوع نوراً للعيون وحسب، بل ما يعنيه هو أن يكون نوراً للضمائر البشرية. فالضمير هو العين الباطنية، والأداة البصيرة للنفس، التي تقود خطانا على طريق الخير. وهو المكان المقدس الذي يكشف فيه الله للإنسان عن خيره الصحيح. إن الضمير الذي لا يثقف مسيحياً بكلام الله وتعليم الكنيسة، يصبح طاقة هدّامة لإنسانية الإنسان (المصالحة والتوبة،26). الضمير المظلم، مثل العمى، سير في ظلام الخطيئة والشر والفساد.
أولاً، شرح الآية الإنجيلية
1- العمى الروحي
” انتهره الناس ليسكت ” (مر10/48).
صرخة الإيمان والفهم التي أطلقها الأعمى بأعلى صوته جابهها الناس، بعماهم الروحي ،وانتهروه ليسكت. أما يسوع فسقطت الصرخة في قلبه، ” فتوقف وأمر الناس أن يدعوه “، ليشفي عماهم الروحي بعلامة شفاء عمى الأعمى الحسي ، فغيّروا موقفهم ولهجتهم وقالوا للأعمى: ” تشجع، قمْ. إنه يدعوك”.
كلنا مصاب بالعمى سواء على مستوى الإيمان إو الرجاء إو المحبة. ونحتاج إلى شفاء ورؤية جديدة. وحده يسوع يستطيع أعطاءنا إياها. لأنه ” نور العالم” (يو8/12).
كلنا مصاب بالعمى الروحي كل مرة نخالف وصية الله الأولى في الناموس: ” أحبب الرب إلهك من كل قلبك وكل نفسك وكل فكرك وكل قوتك “(متى22/37؛لو10/27)، وفي الوصايا العشر: ” إنا هو الرب إلهك لا يكن لك إله غيري. فالرب إلهك تعبد وإياه وحده تخدم ” (متى4/10). بمخالفة هذه الوصية نقع في العمى الروحي، لأن بصيرتنا الداخلية قائمة على الفضائل الإلهية الثلاث: الإيمان والرجاء والمحبة.
يكون العمى الروحي، على صعيد الإيمان، عندما لا نحافظ على الإيمان ولا نغذيه بالتأمل في كلام الله والصلاة وبتعليم الكنيسة، ولا نرفض ما يتعارض معه. العمى الروحي هو الخطيئة ضد الإيمان مثل: الشك الإرادي برفض الاعتقاد بحقيقة موحاة من الله ومعروفة من الكنيسة لنؤمن بها، والشك غير الإرادي بالتردد في الاعتقاد والخوف من غموضه؛ وعدم الإيمان أي إهمال الحقيقة الموحى بها، أو رفض قبولها عمداً؛ البدعة أو الهرطقة وهي إنكار حقيقة إيمانية بإصرار؛ الجحود(إنكار الايمان) وهو الرفض الكامل للغيمان المسيحي؛ الانشقاق أي رفض الشركة مع الكنيسة.
ويظهر العمى الروحي، على صعيد الرجاء، في اليأس الذي هو انقطاع الإنسان عن أن يترجى من الله خلاصه الشخصي، وعونه، أو مغفرة خطاياه. فاليأس خطيئة ضد رحمة الله وأمانته لوعوده؛ وفي الاعتداد المفرط بالنفس أي الاعتداد بالامكانات الذاتية وبنيل الخلاص بدون العون الإلهي، أو الاعتداد بقدرة الله ورحمته التي لا تحتاج إلى توبة الإنسان لمغفرة خطاياه، وبنيل المجد الأبدي بدون استحقاق شخصي.
ويبان العمى الروحي، على صعيد المحبة، في اللامبالاة بالله ومحبته ورسومه، وتجاهل مبادرة المحبة الإلهية وقوة الفداء؛ في نكران الجميل بعدم مبادرة محبة الله بالمحبة والطاعة لإرادته؛ في الفتورأي التردد وإهمال الاستجابة للمحبة الإلهية؛ في السأم أو الكسل الروحي برفض الفرح الآتي من الله، وعدم الاندهاش لجمال الله وعظائم أعماله؛ في الحقد على الله بسبب الشر الموجود في العالم، وبسبب أن الله يحرّم الخطايا وينزل العقوبات (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية 2087-2094).
هذا العمى الروحي يعطل الرؤية الإنسانية والخلقية والاجتماعية، ويظهر في انحراف العلاقات مع الناس، وتدنّي الأخلاق، وفقدان الالتزام الاجتماعي الصحيح الرامي إلى الخير العام، فتطغى الروح الاستهلاكية والإباحية على المستوى الخلقي والسياسي والاقتصادي والإعلامي. والعمى يؤدي بنا الى عدم القدرة على قراءة علامات الأزمنة، وقراءة الأحداث الخاصة والعامة، الاجتماعية والوطنية. الدستور المجمعي “الكنيسة في عالم اليوم ” يكشف لنا كيف نقوم بهذه القراءة (الاعداد 4-10).
أجل، وحده المسيح يحررنا من هذا العمى ونتائجه وابعاده. وأول العمى الذي يريد المسيح أن يحررنا منه هو محبة ذاتنا العشوائية، مصدر ازدرائنا للقريب، وهو علاقات الهيمنة والتسلط والنفوذ على الغير. كلمة بولس الرسول عن هذا التحرر: ” إن المسيح قد حرّرنا لنكون احراراً” ( غلا 5/1)، دعوة لنا لنصمد ونناضل لئلا نسقط من جديد تحت نير العبودية، ولنعمل من أجل تحرير المستعبدين والمستضعفين، ونقاوم تجربة استعباد الناس لنا. حياتنا نضال روحي “بأسلحة الله ضد عالم الظلمات والأرواح الخبيثة، بسلاح الحق ودرع البّر وإنجيل السلام وترس الإيمان، وسيف الروح الذي هو كلمة الله، وبالصلاة والدعاء في الروح، وتبليغ سرّ الإنجيل بجرأة” ( افسس6/10-20).
2- يسوع نورنا بشخصه وأفعاله وتعليمه
بعد أن شفى الأعمى، أعلن يسوع عن نفسه: ” أنا نور العالم. من يتبعني لا يمشي في الظلام” ( يو8/12). فأمن به الناس، وأدركوا أنهم هم أيضاً به ” نور العالم” ( متى5/14).
الإرشاد الرسولي ” رجاء جديد للبنان”، يبين لنا أن يسوع هو نورنا الحقيقي بشخصه وأفعاله وتعليمه ( 30-34).
أ- يسوع نور لنا بشخصه
إنه إله حق وإنسان حق، مساو للآب في طبيعته الإلهية، ومساوٍ لنا في بشريته ( مجمع خلقيدونيا سنة 451). فيه نكتشف معنى كياننا البشري ورسالتنا المسيحية؛ في شخصه تلتقي البشرية ربها وتتحد به. ها هو معنا منذ ألفي سنة، وفي تاريخنا عبر أحداثه الكبيرة والصغيرة. وها نحن منذ ألفي سنة نلتقي الله، ونحيا التزامات ترتدي قيمة أبدية، بمعنى أن رجاء الحياة الأخرى يوفرّ أسباباً جديدة للقيام بالمهام الأرضية ( رجاء جديد للبنان، 30).
ب- يسوع نور لنا بأفعاله
إنه حاضر في ما بيننا وينضم إلينا في الطريق، كما فعل مع تلميذي عماوس، ينقل كلام الله فتنشرح له القلوب، يكسر الخبز ويوزعه للمشاركة ويفتح عيوننا لنميّز حضوره، وفي بهاء نوره نندفع برجاء يصبح عندنا التزاماً (لوقا 24/13-35). إننا نتحمل مسؤولية فعلية في تحقيق مقاصد الله وتسريعها، متكلين على حضور القائم من الموت القائل لنا: “أنا معكم طول الأيام إلى نهاية العالم” ( متى28/20)، وعلى ما لروحه القدوس من عمل صامت في العالم (المرجع نفسه، 29-32).
ج- يسوع نور بتعليمه
نحن مثل بطرس نقول: “يا رب، إلى من نذهب وكلام الحياة الأبدية عندك؛ نحن آمنا وعرفنا أنك قدوس الله” (يو6/68-69). إننا نغتذي بكلامه حيثما وضعنا ونعمل على إعلان محبته. لقد أصبحنا في المسيح خلقاً جديداً (2كور5/17). ولهذا نخضع لشريعة المسيح (غلا6/2). إنها نقيض شريعة العالم التي يختصرها يوحنا الرسول ” بشهوة العين وشهوة الجسد والكبرياء الغنى” ( 1يو2/16). أما شريعة المسيح فهي قضيلة التجرد في استعمال خيرات الأرض، وفضيلة الطهارة، في الفكر والنية، وفضيلة الطاعة لله وللرؤساء. وهكذا نشارك المسيح في خلاص العالم وتحريره بفرح القيامة. هو الله يتابع تدبير الخلاص بمساهمة المؤمنين: فبفضل ” نعم “مريم حصلنا على تجسد ابن الله. الكلمة الأزلي؛ وبفضل استجابة الرسل لنداء الرب بلغتنا كلمة الإنجيل؛ وبواسطة رعاة الكنيسة وموآزرة صلاة الأخوة نحقق الاتحاد بأعضاء جسد المسيح، والمصالحة مع الله؛ وبواسطة شهادتنا نحمل غيرنا إلى معرفة المسيح ومحبته (المرجع نفسه، 32-34).
3- الروح القدس نورنا الداخلي بمواهبه.
” أيها النور الطوباوي إملأ باطن قلوب مؤمنيك”. هكذا تبتهل الكنيسة الى الروح القدس، عطية الآب، ليكون لنا الذاكرة والمفقّه والمحامي. إنه يلامس العقول والقلوب ويرشدها الى دروب خدمة الحياة والعدالة والسلام. وينير الإيمان الذي فينا بمواهب الحكمة والفهم والعلم.
بموهبة الحكمة يسدد الروح عقلنا لننظر إلى شؤون الدنيا من منظار الله، ونفهمها بنور وحي الله، ونقاربها كما يرغب الله.
بموهبة الفهم يجعلنا نلج إلى عمق الأسرار الإلهية، مطابقين عقلنا المحدود على اللامحدود، وفكرنا المحتاج الى وضوح على تعليم أسرار الله.
بموهبة العلم يمكننا من تمييز القيم، بين تلك الاتية من الله وتلك الآتية من الشرير، وبين ما هو خير وما هو شر، لكون الشر خيراً منتقصاً، مبتوراً، منحرفاً ومرغوباً فيه. بهذه الموهبة نحسن الخيارات وسط صعوبات العالم ومحنه.
” حيث روح الرب هناك الحرية” (2كور3/17)، ذلك أن هذا الروح هو ” روح الحق الذي يقود إلى الحقيقة كلها” (يو16/13)، والحقيقية هي التي تحررنا (يو8/32). الحقيقة هي أصل الحرية وأساس كل عمل تحرري ومقياسه. إن الحقيقة الإنجيلية يجب أن يدعى إليها جميع الناس وفقاً لأمر الرب يسوع (متى28/18-20؛ مر16/15). ومن حق جميع الناس أن تُعرض الحقيقة عليهم. والدعوة إليها تنطوي على احترام حرية كل شخص، وعلى التخلي عن كل شكل من أشكال الاخضاع والإكراه. إن الروح القدس الذي يرشد الكنيسة وأبناءها وبناتها ” الى الحق كله”، إنما يوجّه مجرى الأزمنة و ” يجدد وجه الأرض” ( مز104/30). إنه حاضر في الضمير وينضجه لمزيد من احترام كرامة الشخص البشري. وهو ينبوع الشجاعة والبطولة والإقدام (الحرية المسيحية والتحرر، 3 و4).
إننا نواصل الصلاة مع الكنيسة: ” هلم يا روح المحبة والسلام، يا روح الحق والقداسة والاتحاد، ويا روح الحكمة والحياة، اهدِ البشرية إلى رؤية يسوع رب المجد ومخلص العالم”.
**
ثانياً، الخطة الراعوية
بالرغم من أن عدداً غير يسير من شبيبتنا ملتزم في حياته الروحية، وفي ممارسة الواجبات الدينية، وفي المسلك الخلقي، فإن عدداً أكبر ما زال في حالة خصام مع الله والقيم، وابتعاد عن الكنيسة، فلا بدّ من إخراجهم من الجهل وعقدة الخوف من الالتزام، وتكثيف رعايتهم الروحية.
تستعين الخطة الراعوية بالنص 11، الخاص بالشبيبة، الذي خصصه لهم المجمع البطريركي الماروني، في إطار التجرد الراعوي والروحي على مستوى الأشخاص. مسألة الشبيبة تقتضي من الجماعات المنظمة في كل رعية: لجان الشبيبة، لجنة العائلة، المنظمات الرسولية، السهرات الإنجيلية، الجماعات الديرية، أن تقرأ واقع الشبيبة في محيط العائلة والرعية، وتتخذ مبادرات لمساعدة هذه الشبيبة للخروج من ضياعها، فالشباب مستقبل المجتمع والكنيسة والوطن. من صفوفهم ينبغي أن تخرج ذهنيات جديدة، ويبرز قادة جدد. إنهم ضمانة المستقبل الأفضل، فلا يجوز التفريط بهم.
1- يتهدد الشباب مناخات تحرر وهمية غالباً ما تفضي إلى عبوديات قائلة: انحراف على المستوى العاطفي وراء الأحاسيس الرخيصة، والتفلت الجنسي بالبحث عن إشباع الرغبات، وفقدان الشفافية والصدقية في العلاقات العاطفية بين الجنسين، وانعدام التوازن الداخلي، والارتهان لتعاطي المخدرات. ما جعل الشبان والفتيات يعيشون أزمات الهوية ومأساة الضياع وحالات عزلة عن واقعهم وغربة عن قيمهم تؤدي إلى حالة من اليأس والسطحية واللامبالاة (النص 11،الشبيبة، 16 و17).
تقتضي الخطة الراعوية القيام بعملية تحرير للشباب قائمة على الحقيقة والمحبة وعلى قاعدة القيم والشريعة الإلهية والخلقية. ينبغي مساعدتهم على وعي حالة الخطيئة التي تفتح أمامهم حرية وهمية تقضي الى ضياعهم وموتهم. إنهم بخطيئتهم يحاولون التحرر من الله، فيستعبدون ذواتهم وتعلق بالمخلوق على نحوٍ مضلّ وهدام، فيعم قلوبهم القلق، ويحاولون تبديده بالضجيج وصخب الحياة.
2- وتقع الشبيبة فريسة تيارات الإلحاد المقنّع، فتتعزز بين صفوفهم مذاهب المادية المفرطة والانحلالية والروح الاستهلاكية، وتتكون عندهم صورة خاطئة عن الله والكنيسة، وتنحجب عنهم معرفة الحقيقة. ولذلك يبتعدون عن الصلاة والممارسة الدينية يوم الأحد وينسلخون عن حياة الكنيسة. فيأتي البديل حب الظهور الفارغ والسطحية والتصنع والإغراء في اللباس والمسلك والتكاذب وتغليب الابتزال على الرقي والقبيح على الجميل والفساد على الطهر (النص 11، الشبيبة، 18).
إن الخطة الراعوية أمام تحدٍ كبير هو إعادة الشبيبة إلى سلّم القيم، وإلى تقييم عمرهم الذي هو عمر القرارات البطولية، لا عمر التراخي والإهمال.
3- ومن الظاهرات المقلقة الانتماء الأعمى لهذا أو ذاك من التيارات السياسية، الذي يفرّق بين الشباب بالعنف والغوغائية. وكأن هذا التيار أو ذاك اله يٌعبد، بينما هو مجرد وسيلة لخدمة الخير العام، من دون أن ينقض الآخر المختلف في أسلوبه ورأيه.
مطلوب من الخطة الراعوية تحرير الشباب من هذا الانتماء الأعمى والغوغائي، وتربيتهم على المفهوم السياسي الصحيح، وعلى ان الوطن هو الأساس والغاية، وإن التيارات والأحزاب وسيلة تتغير، ولا مبرر لها سوى خدمة الخير العام، وإن تعددية الآراء مشروعة شرط أن تصب في وحدة المصلحة العامة التي تزول أمامها كل مصلحة فردية. ومن الضرورة بمكان العمل على إدخال هذه المفاهيم في أذهان الوالدين الذين يجرمون بحق أولادهم إذا أورثوهم انتماء أعمى، كان في أساس أزمات الأمس.
صلاة
أيها الرب يسوع، يا نور الحق الذي ينير كل إنسان آتٍ إلى العالم، يا من كنت النور لبصيرة أعمى أريحا ولعينيه، كن النور المشع لشبيبتنا وفي طرقاتنا، لكي يراك الجميع كما انت. ففيك وحدك تنجلي حقيقة الله وحقيقة الإنسان ومعنى التاريخ. وفي ضوء هذه المعرفة نسلك سلوكاً إنسانياً ومسيحياً بالقول والعمل. أعطنا أن نتبعك في الطريق مثل الأعمى الذي شفيته، بل أعطنا أن نسألك مثله، وقد استنارت بك بصيرته، النور لعين العقل والقلب والضمير فينا. وعندها نستطيع أن ننشد: ” الرب نوري وخلاصي فممن أخاف؟ بك نطق قلبي، إياك التمس قلبي، وجهك يا رب التمس”. لك المجد إلى الأبد، آمين.
البطريرك بشارة الراعي
Discussion about this post