شفاء الأعمى
بصيرة الروح وخلقية المسلك
الأحد السادس من الصوم
من إانجيل القديس مرقس 10/46-52
قال مرقس البشير: بينما يسوع خارج من أريحا، هو وتلاميذه وجمع غفير، كان برطيما، أي أبن طيما، وهو شحاذ أعمى، جالساً على جانب الطريق. فلما سمع أنه يسوع الناصري، بدأ يصرخ ويقول: ” “يا يسوع ابن داود ارحمني!”. فانتهره أناس كثيرون ليسكت، إلاّ أنه كان يزداد صراخاً: ” يا أبن داود ارحمني!”. فوقف يسوع وقال: ” أدعوه!”. فدعوا الأعمى قائلين له: ” ثق وانهض إنه يدعوك”. فطرح الأعمى رداءه ووثب وجاء الى يسوع. فقال له يسوع: ” إذهب! إيمانك خلّصك”. ولساعته أبصر وانطلق في الطريق.
***
إيمان الأعمى نور كشف له أن يسوع الناصري هو ” ابن داود حامل الرحمة الإلهية”، فطلب أن يبصر، وكان له مبتغاه. كان الأعمى مبصراً حقاً ببصيرة العقل والقلب واكتمل بصره بنور العينين، فتبع يسوع. أما المبصرون الذين انتهروه ليسكت عندما نادى “يا ابن داود ارحمني”، فكانوا “العميان” حقاً، لأنهم لم يعرفوا عن ” ابن داود” سوى أنه “يسوع الناصري”. كل فرد أو شعب أو مسؤول لا يرى الحقيقة، وتعميه مصالحه أو يضلله مشيروه هو الأعمى بكل معنى الكلمة.
أولاً، معاني اللوحة الإنجيلية
1- بصيرة الروح والعمى الحقيقي
البصر الحقيقي هو البصر الداخلي، بصر العقل والقلب المستنيرين بالإيمان، أما عمى العقل والقلب فهو عمى الروح. هذا يسببه الشك الذي يهمل أو يرفض قبول الوحي الإلهي وتعليم الكنيسة، أو الذي يتردد في الإيمان أو لا يتجاوز الصعوبات الإيمانية أو يستمر في حالة التشكيك. هذا هو العمى الحقيقي الذي يتسبب بالشرور والانحرافات الخلقية. فالإيمان بالله هو النور الحق الذي يحرر من الشر والانحراف. إن الوصية الأولى من وصايا الله العشر تأمر بالسهر على الإيمان بالله وحمايته من الشك والإهمال واللامبالاة والجحود والإلحاد والرفض العنيد والتعلق بأصنام الحياة: ” أنا هو الرب إلهك، لا يكن لك إله غيري” (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 2087-2089).
طيما الأعمى كان مبصراً حقاً، لأنه عرف يسوع على حقيقته ببصيرته الداخلية. فعندما سأل المارّة عما يجري، قالوا: ” يسوع الناصري يمرّ من هنا”. أما هو فرأى أبعد، وراح يصرخ “يا ابن داود ارحمني! “، هم انتهروه ليسكت. فازداد صراخاً: ” يا ابن داود ارحمني!”، فتوقف يسوع، لأن اللقب والطلب أصاباه في الصميم. واستدعاه اليه، وكشف للجميع حقيقة إيمانه وبصيرته”: ماذا تريد ان اصنع لك؟ – يا معلم ان ابصر!- اذهب ايمانك احياك. فابصر لساعته ومشى معه في الطريق.
الإيمان هو البصر الحقيقي الذي ينير الإنسان في بحثه عن معنى الحياة (التعليم المسيحي، 26). حقائق الإيمان تنير العقل والقلب (المرجع نفسه، 89). فالإيمان ثقة بالنور الذي هو كلمة الله المتجلية في شخص يسوع المسيح (يوحنا 1/1 و9). آية شفاء الأعمى علامة ودليل أن يسوع هو النور حقاً. إنها استعادة لعمل الخلق الأول: ” في البدء كانت الأرض خاوية خالية وعلى وجه الغمر ظلام، فقال الله: ليكن نور، فكان النور” (تكوين1/1-3). لا يعطي النور سوى من هو النور، يسوع المسيح الذي هو ضياء مجد الرب (عبرانيين 1/3).
الرب يأتي وسط الظلمة الروحية والمعنوية، الاقتصادية والسياسية، لكي يبددها بنوره. ولهذا يدعو في الإنجيل الى السهر واليقظة. فهو أتٍ اليوم وكل يوم وفي اليوم الأخير. هذه الدعوة إلى السهر تعني المحافظة على نور الإيمان لئلا ينطفىء، فتبقى رغبة القلب مشتعلة: “وجهك يا رب التمس” ( مز27/8).
مصدر استنارة بصيرة الروح المعمودية، لما فيها من تعليم يتصل بسرّ الولادة الجديدة من الماء والروح، والبنوة الالهية بالابن الوحيد، الذي يمحو الخطيئة الأصلية والخطايا الفعلية. كما يتصل بالعضوية الحية في الكنيسة، جسد المسيح السرّي، والانخراط في مسيرة شعب الله. فالمعمد الذي قبل الكلمة، وهي ” النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان” (يو 1/9)، قد استنار، وأصبح ابن النور، بل نوراً: ” قد كنتم من قبل ظلمة، أما الآن، فأنتم نور بربنا، فسيروا الآن، هكذا كابناء النور. إن ثمار النور في كل صلاح وبرّ وحق” (افسس 5/8-9).
المعمودية عطية تُمنح للذين لا يأتون بشيء؛ ونعمة تعطى حتى للمذنبين؛ وتغطيس لأن الخطيئة تدفن في الماء؛ ومسحة لأنها مقدسة وملوكية؛ واستنارة لأنها ضياء سنيّ؛ وثوب لانها تستر خزينا؛وغسل لأنها تطهّر؛ وختم دائم لأنها علامة لسيادة الله ووضع يده علينا (القديس غريغوريوس النزينزي، في التعليم المسيحي، 1216).
2. السير على خطى المسيح في حفظ الوصايا
عندما انفتحت عينا الأعمى بقوة المسيح- النور، ” مشى معه في الطريق” ( مر 10/52). كل رؤية جديدة تؤدي الى سبيل جديد، على مستوى المسلك والعمل. عندما رأى موسى حضور الله على الجبل واستنار، سلّمه الله الوصايا العشر التي تسميها الكنيسة ” نوراً مقدَّماً لضمير كل إنسان ليكشف له نداء الله وسبله، ويحميه من الشر (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 1962). قال القديس اغسطينوس: ” كتب الله على لوح الوصايا ما لم يكن الناس يقرأون في قلوبهم”. لما سأل ذلك الشاب يسوع عما يجب أن يصنع من الصلاح لينال الحياة الأبدية، أجابه يسوع: ” احفظ الوصايا” (متى 19/16). فالوصايا نور يهديه إلى كل صلاح. ولما استجاب طلب الأعمى ووضع نوراً في عينيه قاده إلى طريق الصلاح.
من هاتين اللوحتين يتبين أن “المسيح هو الجواب الوحيد الذي يملاء رغبة قلب الإنسان” (البابا يوحنا بولس الثاني، تألق الحقيقة،7). و” كونه الإنسان الجديد، ففيه يجد سرّ الإنسان النور الحقيقي. إنه يكشف الإنسان للإنسان، ويعيد إليه الشبه الإلهي الذي تشوه بالخطيئة” (الكنيسة في عالم اليوم، 22). اقترب الشاب من يسوع ليأخذ جواباً حول ما هو خير وما هو شر. وصرخ إليه الإعمى طالباً البصر ليستطيع ان يرى ويمشي بدون عثار. ونحن في زمن الصوم نقترب منه بسماع كلامه وبالصوم والغماتة والتأمل والإصغاء إلى الهامات الروح والوقوف مع الذات بعيداً عن الضجيج؛ ونصرخ إليه بالتوبة والصلاة والتماس القوة من صليبه لحمل مصاعب الحياة ومواجهتها، ومن قيامته للنهوض من سقطات الحياة إلى حياة جديدة. يبقى سؤال الشاب سؤال كل واحد منا، وطلبُ الأعمى طلبنا.
نظر يسوع إلى الشاب واحبه ( مر 10/21)، وسمع صراخ الأعمى وتوقف واستدعاه، فأحبّه. الوصايا العشر هي خلاصة محبة الله والقريب وطريقها، وهي تعبير عن الكرامة الخاصة بالشخص البشري” الذي هو الخليقة الوحيدة التي أرادها الله لذاتها” ( الكنيسة في عالم اليوم، 24).
الوصية الأولى هي أن ” تقرّ بأن الله هو الغله الوحيد، وأن تحبه من كل قلبك وكل نفسك، وكل قدرتك” ( تثنية 6/5؛ متى 22/37) بالعبادة له دون سواه، وبتقديس اسمه، وبحفظ يوم الرب. ومنها تتحدر الوصية الثانية: ” أن تحب قريبك كنفسك” (متى 22/39)، ومقتضياتها: إكرام الوالدين، وعدم التعدي على الإنسان في حياته ” لا تقتل”، وفي كرامته وقدسيته ” لا تزن”، وفي صيته وحقوقه ” لا تشهد شهادة زور”، وفي وحدة حياته الزوجية وشركتها ” لا تشتهِ امرأة قريبك”، وفي ملكيته الخاصة ” لا تسرق ولا تشتهِ مقتنى غيرك” (خروج 20/12-17 ؛ متى 19/18- 19).
حُفظت الوصية الأولى في سؤال الشاب وصرخة الأعمى، والثانية في ” حفظ الوصايا منذ الصغر” من قبل الشاب، وفي ” السير مع يسوع في طريقه” من قبل الأعمى المبصر. هاتان الوصيتان تشكلان وحدة لا تنفصم، شهد لها المسيح بطاعته للآب ومحبته للبشر حتى الموت على صليب الفداء (يو13/1 ؛ تألق الحقيقة،14). وهما الخطوة الأولى والضرورية على طريق الحرية التي لا تكتمل في هذه الدنيا بسبب عبودياتنا” (القديس اغسطينوس، في تألق الحقيقة، 13و16).
بالمسيح ومعه على طريق الوصايا نسير نحو الحرية من عبوديات العالم وشهواته التي اختصرها يوحنا الرسول بثلاث: شهوة الجسد وشهوة العين وكبرياء الحياة (1 يو 2/16).
3. الكنيسة رائدة السلام وكرامة الشخص البشري
” أمرهم يسوع أن يدعوا الأعمى، فدعوه قائلين: ” تشجع، قم! هو يدعوك” (مر10/49).
لكي يتمكن الناس من تحقيق اللقاء بالمسيح، أراد الله الكنيسة. ” إنها ترغب في خدمة هذا الهدف الوحيد، وهو أن يهتدي كل إنسان إلى المسيح، ليقطع المسيح معه أشواط الحياة، بقوة الحق التي تحرك الإنسان والعالم، و بقوة المحبة التي تشع من سرّ التجسد والفداء. فالمسيح، كما يظهر من لوحة شفاء الأعمى، حاضر بقوة الحق والمحبة، بالرغم مما يواجه الكنيسة من مضايقات مختلفة تمنعها من أن تنعم بالحضور والعمل الخاصين بها. وبما أن المسيح هو الطريق إلى أي إنسان، وفي هذا الطريق ينضم إلى كل من الناس، فما من أحد يمكنه أن يوقف الكنيسة عن كل ما يعود على الإنسان بالخير، ولا هي يمكنها أن تتغاضى عمّا يصيبه من ضرر. وعندما نتكلم عن الإنسان، لا نعني الإنسان ” المجرد”، بل الإنسان “الحقيقي”، ” الواقعي”، ” التاريخي”، بكامل واقعه المحسوس الذي لا يتكرر والذي تبقى فيه كاملة صورة الله ومثاله ( تك 1/271)، ويبقى تصميم الله عليه في إعداده للنعمة والمجد (فادي الانسان، 13).
بهذا المعنى نفهم كلمة آباء الكنيسة: ” لا خلاص خارج الكنيسة” أي أن كل خلاص يأتي من المسيح الرأس بواسطة الكنيسة التي هي جسده، والتي تعلن إنجيل الخلاص لجميع الناس ( التعليم المسيحي، 846 ?848). بل كم نسمع الناس يقولون عندنا بعفوية: خلاصنا إنما يأتي بواسطة الكنيسة. إنها ضمانة الخلاص من خلال مبادئها ومبادراتها، من دون أن تتلّون بأي نظام سياسي أو اقتصادي. إنها تردد لكل فرد وجماعة وشعب يرغب في الخلاص: ” تشجع، قم! إنه يدعوك”.
الكنيسة في العالم هي العلامة والحماية لسمّو الشخص البشري ( الكنيسة في عالم اليوم، 76)، ولذا تدعو كل مسيحي ليكون فاعل سلام لا يتعب. يلتمسه من الله كخير أساسي، ويخدم قضيته بفخر واندفاع ( رسالة البابا بندكتوس السادس عشر بمناسبة يوم السلام العالمي، اول كانون الثاني 2007، عدد16).
عندما توقّف يسوع استدعى الأعمى وحاوره وشفاه، أراد أن يبين أساس السلام في داخل الإنسان وفي المجتمع، اعني المعاملة بالمثل في الحقوق والواجبات بين الاشخاص: “إن واجب الإقرار بالحق الطبيعي لدى الإنسان واحترامه كحق أساسي من حقوقه، يستمد قوته الملزمة من الشرع الطبيعي الذي يمنحه ويقضي بالواجب الملازم له” (السلام على الارض،30).
وبيّن الرب يسوع من ناحية أخرى أن التعاون المتبادل يقتضيه السلام الاجتماعي والتعايش السلمي بين الناس. ” فالبشر اجتماعيون بطبعهم، وبالتالي يجب عليهم أن يعيشوا معاً، وأن يسعى بعضهم إلى خير بعضهم الآخر. إن الاصول السليمة، التي يُبنى عليهم عيشهم المشترك، تقتضي اعتراف الناس المتبادل بالحقوق والواجبات وتحقيقها (المرجع نفسه،36).
وعزّز الرب أيضاً لدى مرافقيه ” الحسّ بالمسؤولية”. تقتضي كرامة الشخص البشري أن يكون مدفوعاً من تلقاء ذاته، وبوحي من قراره، إلى ممارسة حقوقه واداء واجبه والعمل على خدمة الآخرين في المجتمع من خلال المشاركة في النشاطات المتنوّعة. ” إن مجتمعاً بشرياً قائماً على منطق القوة ليس إنسانياً بشيء. فالناس فيه مقلّصو الحرية، في حين ينبغي تعزيزها فيهم” ( السلام على الارض، 34).
***
ثانياً، زمن الصوم ومراحل درب الصليب
درب الصليب طريق مظلم نحو وطن مضيء وحرّ، حيث ينتظرنا “ما لم تره عين، ولا سمعت به أذن، ما هيّاه الله للذين يحبونه” ( 1كور2/9). انه طريق الرجاء ضد كل رجاء، فعند هبوط الليل يطلع اليقين بأن الفجر آتٍ. آلام المسيح التي تقوده إلى الموت تحيي فيه رجاء القيامة. والرجاء يصبح حقيقة ويأتي العالم الجديد.
في المرحلة الحادية عشر، يسوع يسمّر على الصليب
” وكانت الساعة الثالثة حين صلبوه. وكتبت لوحة في علّة موته: ” هذا هو ملك اليهود”. وصلبوا معه لصيّن: أحدهما عن اليمين، والآخر عن الشمال”. ( مر15/25-27).
يسوع يُصلب بمسامير حادة في يديه ورجليه، والدماء تسيل من رأسه المكلّل بالشوك، وفمه ملآن خلاً ومرارة، وصدره مطعون بحربة، وكل حواسه مصلوبة. انه ذبيحة التكفير عن كل أنواع خطايا البشر. في مساء حياته المظلم والظالم، يسوع على يقين من محبة أبيه السماوي، وفيه رجاء، بالرغم من الانكسار، إنه سيقوم من ظلمة الأرض مثل ” كوكب الصباح المنير” ( رؤيا 22/16). كلما اقترب يسوع من الموت، عرف أنه يقترب من القيامة. يسوع رجاء المتألمين: ” مصلوبون إذن قياميون”.
***
ثالثاً، الخطة الراعوية
تواصل الخطة الراعوية تقبّل النص الثالث من المجمع البطريركي الماروني، بعنوان: حضور الكنيسة المارونية في النظاق البطريركي. نتوقف هذا الأسبوع عند المعوقات االراهنة في العلاقات المسيحية الاسلامية (الفقرات 47-59).
يشير النص المجمعي إلى الاختلافات العقائدية بين الدينين في أمور الثالوث الأقدس، وألوهية المسيح، وموته وقيامته لافتداء الإنسان وعلاقة الله بالبشر. هذه لا تُعدّ معوقات للحوار، بل مادة للتبادل اللاهوتي الصادق ( فقرة 48). لكن النص يعدد المعوقات الأخرى التي تعرقل نمو العلاقات المسيحية-الاسلامية، وهي التالية.
1- الأوهام والاحكام المسبقة في حق الدين الآخر، والتصانيف الاختزالية للمسيحية والاسلام. إنها إشكال من التمييز الاتني والديني. ينبغي تناولها بالدرس العلمي الصادق. هذه انظرة بدأت بالانحسار بفضل الحوار المثمر، والدراسات المعمقة عن الاسلام التي قام بها مفكرون موارنة قديماً وحديثاً ( الفقرات 49-51).
2. التعميمات المتسرعة على الاسلام المعاصر، على أثر عملية 11 ايلول 2001 الارهابية، ومفادها ان الاسلام يساوي الأصولية، والتطرف والعنف ( فقرة 52).
3. حرمان المسيحيين من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية في أماكن عبادة خاصة بهم، أو من توفير التربية الدينية المناسبة لناشئتهم في مراكز تربوية تابعة لهم، أو من فقدانهم المساواة في المواطنية داخل أوطانهم بسبب أوضاعهم كأقلية. بالرغم من كل ذلك تبقى الكنيسة مستعدة للحوار والتعاون (فقرة 53).
4- اختلاف النظرة إلى الحق في الحرية الدينية بين المسيحية والاسلام. في المسيحية، الحرية الدينية حق طبيعي وأساسي لجميع الناس. في أمور الدين، لا يجوز إكراه أحد على العمل بما يخالف معتقداته. يحق للأفراد تغيير دينهم إذا دعاهم ضميرهم إلى ذلك. أما على صعيد الاسلام، فيُحلّ زواج المرتد من امرأته المسلمة بطريقة قسرية، ويُحرم من حقوق الوراثة بسبب اختلاف الدين، وتُعرّض حياته لخطر الموت. فلا بدّ من التقيد بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الفقرات 54-56).
5- الزيجات المختلطة والنظرة المختلفة الى حقوق طرفي الزواج عند قيامه وأثناءه وعند انحلاله: الاسلام لا يسمح لمسلمة الزواج من مسيحي، والمسيحية التي تتزوج من مسلم لا ترثه، وعند انحلال الزواج تحرم من حضانة أولادها ( فقرة 57).
6- تنامي الأصولية في الخطاب الديني الاسلامي من حين إلى آخر، يقابله ردود فعل مسيحية مماثلة. الكنيسة تدعو الى تطوير هذا الخطاب عند الجانبين، وإلى المعرفة الحقيقية والموضوعية المتبادلة، بحيث يتاح للمسيحيين أن يسمعوا ما يقول المسلمون عن انفسهم، وللمسلمين أن يسمعوا ما يقول المسيحيون عن انفسهم. من شان هذه المعرفة أن تهدم الجدران وتخلق الأجواء الملائمة للتواصل والتعاون ( فقرة 85).
7- العنف باسم الدين. إنها ظاهرة قد تقوّض أركان السلام العالمي. تلافياً لهذه الظاهرة وتداعياتها، كان ” يوم الصلاة من أجل السلام” في اسيزي ( 24 كانون الثاني 2002) الذي دعا إليه البابا يوحنا بولس الثاني، وشارك فيه ممثلون عن مختلف أديان الأرض. وصدر عنه “مبادىء اسيزي العشرة حول السلام”. وهي شرعة عظمى للأديان للسير نحو بناء السلام الحقيقي. وقد أرسلها البابا مع رسالة إلى رؤساء الدول والحكومات في العالم، في 24 شباط 2002 ( فقرة 59).
بعد تقبل هذا النص تتخذ الهيكليات الرعوية مبادرات عملية تطبيقية.
***
صلاة
أيها الرب يسوع، أصلُب معك كل أميالنا إلى الخطيئة والشر، روحاً وجسداً، ولتكن حواسّنا ذبيحة لك. ولتنشد لك جميع أعضائنا نشيد المجد. نسألك أن يغمرنا بالنعمة المبرّرة دمك القدوس الجاري من جراحاتك الخمس، لنتمكن من أن نموت عن العالم ونحيا من اجلك. لك المجد وللآب الذي أرسلك وللروح الذي قوّاك حتى الصليب، إلى الآبد. آمين ( صلاة المكرّم الكردينال Newman).
****
البطريرك بشارة الراعي
Discussion about this post