( عن المخطوطة رقم 59 بالمتحف القبطي )
لأنه هكذا من شفقته الآن علينا ,ها هوذا المرسل تلاميذه إلى القرية المحاذية قال لهم انطلقوا إلى القرية التي تقابلنا فستجدون جحشاً مربوطاً حلّوه وائتوا به إلىّ فمضى الرسل تلاميذه القديسون وحلّوا الجحش حسب ما أمر به الرب .
يا أحبائي : حل الجحش موهبة إنها موهبة الكبراء ، كبراء لا بالقدر الجسماني بل كبراء في المحبة والأمانة والعقل والفضيلة ، مثل ما شهد به لموسى أنه صار عظيماً في شعبه لأنه ممكن لمن كانوا كباراً أن يحلوا الجحش ، واأسفاه ليتني أكون مثلهم لكي أستطيع أن أفك قيود الحاضرين لأن كل أحد منا مقيد بقيود الخطية كما شهد الكتاب قائلاً :
أن كل أحد مربوط بجدائل خطاياه ، فلنبتهل إذن لكي يرسل الرب يسوع تلاميذه الرسل فيحلونا من القيود المكبلين بها جميعاًفبعضنا مكبل بحب الفضة وآخر بقيود الزنا ، آخر بالسكر ، آخر بالظلم الحاجة ماسة أن يرسل إلينا تلاميذه فيحلونا من قيود الشرير ، لأنه هكذا قال لتلاميذه إنطلقوا إلى القرية المقابلة فستجدون جحشاً مربوطاً حلوه وائتوا به إلى .
سمعت القرية المحاذية حلوه من صقع الأرض إلى المدينة , أنها المدينة السمائية كما يكتب الرسول المغبوط بولس قائلاً :
ليست لنا ها هنا مدينة ثابتة بل نحن طالبون العتيدة التي صانعها وبانيها الله ، وقال أيضاً انكم لم تدخلوا ناراً ملموسة مضطرمة بل قد دخلتم مدينة الإله الحي أورشليم السمائية
فارسلوا اذن ليحلوا الجحش لأن حضور مخلصنا ووده للبشر إنما هو استدعاؤنا ثانية من القرية المحاذية إلى اورشليم المدينة السمائية ، لأنه حسب ظني أنه من أجل المعصية الصائرة من أدم أخرج من الفردوس ونقلنا إلى القرية المحاذية لأن الله أخرج ادم واسكنه بإزاء جنة النعيم ، القرية المحاذية
ها هم تلاميذ يسوع يحلون الجحش أرسل الرب التلاميذ إلى القرية ليحلوا هذا الجحش لأن من أجله أقبل المخلص وخلص ال 99 خروفاً غير الضالة كي يمضي يطلب الضال وإذا وجده سر به من أجله أرسل التلاميذ إلى القرية المحاذية لأني أعرف أن قوات غير منظورة كانت تخدم يسوع ، ولعل تلك القوات أرسلها الرب إلى القرية المحاذية ليحلوا الجحش فقد قيل عن الرب
” وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه ” (متى 4 : 11) ، وعن الناس يهتف داود قائلاً أعطاهم خبزاً سمائياً لأنه من يهوى أمور الجسد أن يصل إلى هذه المدينة الكبرى ، بل الذي هو هكذا هو مقيم بعد في القرية ، لأن هوى الجسد هو عداوة لله
فينبغي إذن لساكن القرية ألا يكون متصرفاً في مدينة النفس لأنه إذا تصرف أحد الناس في مدينة الفضيلة والعفاف وأشار بالحكمة وعكف على النسك حينئذ يصير نظير القديسين لأن القديسين ليس لهم ها هنا كما سبقت فقلت مدينة راحة بل هم طالبون العتيدة التي صانعها وبانيها الله
فلما مضى التلاميذ حلوا الجحش لأن لهم خاصة أن يحلوا هذا الجحش ، لأن كثيرون يظنون أنهم تلاميذ يسوع المسيح ليسوا عاملين بل غاشين مثل يهوذا قد كان للجحش أصحاب كثيرون لأن أصحاب الجحش قالوا للتلاميذ لمَ تحلوا الجحش؟
ولعلهم قالوا لهم أما تبصرون يا قوم كيف هو مربوط وهو مسلم إلينا فلم تأخذوه منا إنه يساعدنا في عملنا ولم تحلوا أملنا
انكم تريدون أن تعدمونا هذا وهذا إن إنحل من القيود فنحن لا محالة نقيد عوضاً عنه ،
وإن عتق هذا فنحن نشجب بدله لأن الشياطين كانوا خائفين لما رأوا الجحش إنحل واضطربت القوى المضادة لما أتى ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وعلموا بقدومه ، تفرقوا وفزعوا لما سمعوا الرب يقول لتلاميذه : ها انا اعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات و العقارب و كل قوة العدو و لا يضركم شيء
(لوقا 10 : 19) رهبوا لما سمعوه يقول : فاذهبوا و تلمذوا جميع الأمم و عمدوهم باسم الآب و الابن و الروح القدس
(متى 28 : 19) وخشوا لئلا يكون هذا هو الذي ينير الظلمة لأنهم سمعوا النبي قائلاً :”الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور”(إشعياء 9 : 2).
كان الكل يحيط بالجحش ، كل أصحابه جالسون يحرسونه . أترى لو كان هذا شيئاً محسوساً كان كل أصحابه يجلسون يرصدونه يكون ملكاً لأصحاب كثيرين وكل مالكيه يجلسون جواره ، ولا يتجرأ أحدهم أن يمشي في سوق ولا يكون لهم عمل أخر ، كلهم يجلسون بإزاء حمار ويربطون حمار محسوس على قارعة الطريق ولا يكون له مذود ولا يمضي إلى حقل هل يربط جحش على قارعة الطريق وكل أصحابه يجلسون يحرسونه؟ إني أقول هذه الأقوال ولست مبطلاً الرواية لأننا لسنا نبطل بالروح ما هو مكتوب بل نحفظ القوة التي للروح بالمكتوب لأنه بالحقيقة قد جلس الرب على حمار حسي في دخوله من بيت عنيا إلى اورشليم لأنه هكذا قال النبي :
ابتهجي جدا يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت أورشليم هوذا ملكك يأتي إليك هو عادل و منصور وديع و راكب على حمار و على جحش ابن أتان (زكريا 9 : 9) فإن الرواية صادقة لكني أطلب الأمورالتي ترمز إليها وألتمس قوة الروح قد جلس على جحش ونحن لا نشك ولا نجحد مجيئه بالجسد لأنه من أجل هذا أقبللكي يسترجع الضالإن الإله محب البشر الذي من أجله أقبل يوعز إلى تلاميذه قائلاً لهم : اذهبا الى القرية التي امامكما فللوقت تجدان اتانا مربوطة و جحشا معها فحلاهما و اتياني بهما (متى 21 : 2)
خيرات عظيمة منحنا الرب إياها لأنه لم يحل قيودنا من الخطية فقط بل منحنا سلطاناً أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو لأن الشرير وضابطي ظلمة هذا العالم أسرونا فقيدونا وربطونا بقيود لا تنحل ولم يكونوا يسمحون لنا أن نسلك الطرق الصالحة ، كنا معهم مقيدين وهم أيضاً بحذائنا جلوس .
قوم أشرار وسادة قساة لكن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح أقبل ليعطي إطلاقاً للمأسورين والبصر للعميان وبالجملة أرسل تلاميذه فحلوا الجحش ، وأعد له مرعى لأن داود النبي يوضح هذا
” الرب راعي فلا يعوزني شيء في مراع خضر يربضن إلى مياه الراحة يوردني مزمور23: 2،1 وقال أيضاً : يرسل للبهائم عشباً وخضرة لخدمة الناسفلنرجع منذ الآن يا أحبائي لنتقبل الخيرات الواردة إلينا فنستطيع أن نقول مع داود النبي :
ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي
(مزمور 23 : 5) وقيل الثور يعرف قانيه و الحمار معلف صاحبه
(إشعياء 1 : 3) ولعل من أجل هذا الجحش اضجع يسوع في مذود . ألم يكن ليوسف موضع ؟ قد كان رجلاً شريفاً وإنساناً منسوباً إلى جنس ملكي ، كان إبناً لداود . أفلم يكن له موضع إلا هذا
ألم يوجد موضع أخر لكن من البين أن الامور المدبرة كانت اموراً إلهية ، وحقاً أن خصمنا الشيطان حين شاهد هذه الامور حسد جنس البشر
فلنفحص ذواتنا إن كانت القيود قد حلت ، ولنقبل إلى ما هو أفضل ، وإن كانت قيودك لم تحل بعد فإدفع ذاتك إلى تلاميذ يسوع فقد أخذوا من المخلص سلطاناً مثل هذا : ”
كل ما تربطونه على الارض يكون مربوطا في السماء و كل ما تحلونه على الارض يكون محلولا في السماء “
(متى 18 : 18) وقال أيضاً : من غفرتم خطاياه تغفر له و من امسكتم خطاياه امسكت
(يوحنا 20 : 23) سعداء هم الذين غفرت خطاياهم وسترت أثامهم .
قال أصحاب الجحش للتلاميذ لم تحلون الجحش فأجاب التلاميذ أن الرب محتاج إليه أنظر إلى اجابة التلاميذ الحكيمة فإن أصحاب الجحش الكذبة لما سمعوا أن الرب محتاج إليه ولوا ظهورهم ولم يجيبوا بل أسرعوا إلى رئيسهم الشرير ليخبروه بالامور التي عرضت هناك المؤامرة على الرب لأن هناك إلتأمت القوى الرديئة ، هناك محفل الأشرار كي يتم قول النبي :
قامت ملوك الارض و اجتمع الرؤساء معا على الرب و على مسيحه لأن الأبالسة قالوا لرئيسهم الشرير ماذا نصنع ؟ الجحش قد حل ومضى إلى صاحبه ومن الأن ليس تحت طاعتك ولا تملكه .
فكر أبليس ماذا يصنع بيسوع واجتمع الفريسيون والكهنة إلى دار قيافا واشتركوا في الرأي على المسيح ليهلكوه
لأن إذ قد تحررنا من إستعباد الشيطان فلنعرف المحسن إلينا ربنا يسوع المسيح الذي له المجد إلى الأبد أمين.
Discussion about this post