الصوم و روحانيته
الصوم ليس مجرد فريضة جسدية..
بل إنه ليس مجرد الامتناع عن الطعام فترة زمنية ثم الانقطاع عن الأطعمة ذات الدسم الحيوانى، إنما هناك عنصر روحى فيه..
أول عنصر روحى هو السيطرة على الإرادة..
بنفس الإرادة التى تحكمت فى الطعام يمكن أيضا السيطرة على الكلام، بالامتناع عن كل لفظ غير لائق، وكذلك السيطرة على الفكر وعلى المشاعر.
قال مار إسحق: “صوم اللسان خير من صوم الفم، وصوم القلب عن الشهوات خير من صوم الاثنين”.
العنصر الثانى فى الصوم الروحى، هو التوبة:
ونلاحظ فى صوم أهل نينوى أنهم لم يصوموا فقط وإنما أيضا ” رجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذى فى أيديهم “ وأن الرب نظر إلى هذه التوبة أكثر مما نظر إلى الصوم :
” فلما رأى الله أعمالهم، أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة، ندم الله على الشر الذى تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه ” (يونان 3:8 – 10).
وهكذا يصحب الصوم أيضا بالتذلل والانسحاق أمام الله:
وهذا واضح فى صوم نينوى، إذ لبسوا المسوح وجلسوا على الرماد. كما هو واضح فى سفر يوئيل: “قدسوا صوما، نادوا باعتكاف”
ليخرج العريس من مخدعه والعروس من حجلتها. ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح ويقولوا: إشفق يا رب على شعبك” (يوئيل 2: 15 – 17).
والصوم لا يقتصر على منع الجسد من غذائه وإنما يجب فيه من الناحية الإيجابية تقديم غذاء للروح.
وهكذا يرتبط الصوم بالصلاة كما تذكر صلوات الكنيسة، وكما حدث فى كل الأصوام المشهورة فى الكتاب، كصوم نحميا وعزرا ودانيال وأهل نينوى..
وكما تدل عليه عبارة ” نادوا باعتكاف”..
إنه فرصة روحية نذل فيه الجسد لتسمو الروح: إذلال الجسد هو مجرد وسيلة. أما الغرض فهو سمو الروح فتأخذ فرصتها فى الصلاة والتأمل والقراءة وكل وسائط النعمة بعيدا عن معطلات الجسد..
ونلاحظ أن الصوم غير الروحى مرفوض من الله: كما رفض صوم المرائين (مت 5)، وصوم الفريسى (لو 18: 9)،
والصوم الخاطىء فى سفر اشعياء (اش 58: 3 – 7).
Discussion about this post