زيارة سبع كنائس – خميس الأسرار
شهدت المدينة الخالدة (روما)، المعروفة بتلالها السبع ودياميسها السبعة، عهد الامبراطورية الرومانية الوثنية سبعة مدافن للمسيحيين خارج سورها.
شيّدت القديسة هيلانة بعد اهتداء ابنها الملك قسطنيطين عام 313 م سبعة كنائس، واحدة فوق كل مدفن.
عانت هذه الكنيسة المعذّبة من جرّاء الشهادة للقائم من الموت عبر إقامة الذبيحة الإلهية والصلوات في دياميس روما، وعلى أرضها الإضطهاد المتكررة. وبعد هدوء ذلك الماضي، بدأ المؤمنون بزيارة القربان المقدّس مساء يوم خميس الأسرار حيث يُصمد القربان المقدّس في كلٍّ من هذه الكنائس السبع (كنيسة مار بطرس الفاتيكان، كنيسة مار بولس، كنيسة مريم العظمى، كنيسة مار يوحنا لاتران، كنيسة الشماس الشهيد لورانس، كنيسة القديس سباستيان، كنيسة الصليب المقدس حيث توجد بقايا من صليب السيد المسيح ولص اليمين).
صادقت الكنيسة الأولى برأس أحبارها المعصومين على إيمان المؤمنين، وراحت تمنح كل مؤمن يقوم بزيارة أعتاب الكنائس السبع، النعمة الإلهية الفيّاضة المنحصرة في الغفران الكامل عن الخطايا بعد القيام بالوجبات الروحية، ومنها عيش سرّ التوبة.
وبعد، ماذا عن هذا؟
تتالت المراسيم الكنسية غير القابلة للجدل أو المناقشة لكونها صادرة عن السلطة التي أُعطيت لها مفاتيح ملكوت السماوات. ومنها:
– منح قداسة البابا غريغوريوس الكبير غفران كاملاً لكل من يزور هذه الكنائس السبع يوم خميس الأسرار.
– عمّم ذلك قداسة البابا غريغوريوس الثالث عشر.
– أصدر قداسة البابا كسيستيوس براءةً ذكر فيها المعنى الرمزي للزيارة، مستوحياً الكنائس السبع من سفر الرؤيا.
– منح قداسة البابا بيوس الحادي عشر عام 1935 الحجاج غفراناً كاملاً (داخل وخارج روما).
– ذكر البابا يوحنا الثالث والعشرون أهمية ممارسة هذه العبادة في افتتاحه للسينودس عام 1960.
جاء هذا كله دون وجود وثائق تاريخية تشير إلى رمز أو معنى هذه الزيارة إلاّ ما نأخذه من الإنجيل المقدّس في مراحل تنقّل يسوع المسيح السبعة ليلة آلامه:
1- من العلية إلى البستان (متى 26)
2- من البستان إلى حنّان (يوحنا 18).
3- من حنّان الى قيافا (يوحنا 18).
4- من قيافا الى بيلاطس (متى 27؛ يوحنا 18).
5- من بيلاطس الى هيرودس (لوقا 23)
6- من هيرودس الى بيلاطس ثانيةً (لوقا 23)
7- عند بيلاطس كان الجلد والمحاكمة، واطلاق برأبّا، فإلى الصلب (متى 27؛ مرقس 15: لوقا 23؛ يوحنا 19).
ويبقى السؤال من كان الأول في زيارة سبع كنائس؟
إن القديس فيليب دي نيري (1515- 1595)، هو أول من قام بزيارة سبعة كنائس عم 1552 (راجع مجلة “هللويا”، نيسان 1998 السنة السابعة، ص 23).
بعد هذه اللمحة الموجزة، نقرُّ بإجابية التحرّك الكنسيّ، التدريجيّ والإيجابيّ، المستند في بدايته على التنقّل الجغرافي ليسوع المسيح المأخوذ من الإنجيل المقدّس في ليلة آلامه، ليصل إلى روما ذات التلال السبع، وأورشليم ذات الأبواب السبع، وسفر الرؤيا والكنائس السبع، ليبلغ في النهاية ذروة قمّته إلى المعنى التقديسيّ بالمعنى الرعوي – للأسرار الكنسية السبعة، ينابيع الحياة الروحية
إن امتداد هذه الروحانية لدى المؤمنين – في كل معانيها – تُثبت مدى إيمانهم بالقربان المقدّس، وعمله، وتأثيره، وفعاليّته في منح الغفران الكامل، وبأهميّة يوم خميس الأسرار الذي أسس فيه المسيح سرّ الإفخارستيّا واهباً جسده مأكلاً ودمه مشرباً للحياة الأبدية.
من هذا الباب الواسع، نقوم بزيارة سبع كنائس علامةً منا على وحدة الإيمان، والتمسك بأهدابه المؤدية عبر أعمالنا وأفعالنا إلى الملكوت. يدفعنا هذا السلوك الروحي إلى عيش أهمية اللقاء بالقربان المقدّس تمهيداً للتأمل بآلام الرّب وقدسيّة عطائه الكامل لنا تحت شكليّ الخبز والخمر.
يا ربّ، زدنا إيماناً بك، وبعمل أمك العذراء مريم في التدّبير الخلاصيّ، لنكون لك دائماً زواراً، وشهوداً لحضورك في القربان المقدّس في كنائسك وأديرتك الشاهدة لحضورك المقدّس في قلب العالم.
No Result
View All Result