اكليمنضوس الرابع عشر
لورانت غنغانلي 1769 – 1774
إن مشكلة إلغاء الجمعية اليسوعية كانت مسيطرة على المجمع الانتخابي. البلاط البوربوني يرغب في بابا يتطوع لإبطال الجمعية، جاء الإمبراطور جوزف الثاني بغتة إلى روما مستتراً، في آذار، (منذ شارلكان لم يأت أي إمبراطور إلى روما) وفي اليوم الثاني لوصوله، ذهب لمقابلة الكرادلة في المجمع، وأفهمهم بأنه لا هو ولا أمه يعترضان على حل الجمعية، وكان كلامه معهم باستخفاف. جرى انتخاب اكليمنضوس الرابع عشر بالتراضي، وكان الباعث لهذا هو الكردينال برني.
ولد اكليمنضوس في 31 تشرين الأول سنة 1705 في سانت اركانجلو قرب ريمينى، وهو ابن طبيب. دخل في سلك الرهبانية الفرنسيسكانية وهو بعمر ثمانية عشر عاماً. بعد ذلك دعاه بندكتوس الرابع عشر إلى روما وعينّه مستشاراً لاهوتياً، وفي سنة 1759 عيّنه اكليمنضوس الثالث عشر كردينالاً، قد يكون أحد أسباب تسميته كردينالاً عطفه على جمعية اليسوعيين. لم يخف الكردينال الجديد رغبته في الوصول إلى العرش الباباوي.
أضحى الكردينال غانغانلي من جماعة المعادين للجمعية اليسوعية. مهما كانت الدواعي، وقع اكليمنضوس، تحت ضغط السلطات البوربونية، والتي انضمت إليها، مرغمة، ماري تيريز، في 21 تموز 1773 المنشور الشهير “الإله الفادي” الذي قضى بحل الجمعية اليسوعية قانونياً، وكان آخر رئيس عام للجمعية الأب لورنزو ريتشي، وهو شخصية محترمة. أضحى هذا مع معاونيه الأكثر قرباً إليه سجناء في قصر الملاك القديس.
عينّ اكليمنضوس، كقاض للتحقيق، رجلاً نكرة، هو المونسنيور الفاتي، فهذا كان قاسياً أكثر منه مطماعاً، فما إن تعيّن حتى انقضّ على أرزاق وخيرات اليسوعيين وأمعن فيها أخذاً ليغتني. مع كل ذلك لم يستطع أحد أن يثبت على ريتشي أية خطيئة أو ذنب، ولكنه أودع السجن الانفرادي، دون ذنب أو حكم ولو صورياً، وبقى هناك حتى سنة 1775 إذ حرره الموت من استشهاده المتواصل. سعى بيوس السادس، عبثاً ليحرره ويرسله إلى بلاده: أسبانيا لم تحافظ على علاقاتها مع روما إلا عندما تصدر هذه أوامر فتعارضها. أما الأحداث السياسية الخارجية الهامة لدى الباباوية فهي تقسيم بولندا سنة 1773، والتي عارضها اكليمنضوس.
زاد اكليمنضوس الرابع عشر المجموعات الأثرية في الفاتيكان بمشترى الكثير منها، وأنشأ لذلك المتحف الحالي العروف بالاكليمنضوسي، وجعل تحت حمايته رافايل منج وبيرانيزي الذي قدّم للبابا تصميم المدينة الذي عمله، ومؤلفه حول عمود تراجان. وفي سنة 1770 وفد إلى روما موزار مع أبيه، حيث وضع لحنه الشهير: “طوبى لمن يراعي المسكين”، فمنحه البابا وسام المهماز الذهبي، بعد أن سمع اللحن مرة واحدة.
لم يمت البابا بالسم، كما كان يفترض، بل موتاً طبيعياً، يستريح الآن في كنيسة الرسل القديسين، ونصبه هو أحد روائع كانوفا، كنصب سلفه الذي صنع بعده. أما وصفه الأدبي فقد عرض بألوان متعارضة، حسب ما تراءى لأعداء وأصدقاء جمعية اليسوعيين. فأعداء اليسوعيين كرّموه إلى حدّ أنهم نعتوه بصانع العجائب. وأصدقاء اليسوعيين أهانوه بطريقة بشعة. كان اكليمنضوس، على وجه الحقيقة، رجلاً ضعيفاً، لا عمق له، كان هدفاً لكل نقد وتعريض؛ مليء بالأسرار، وببعض خفايا ليس ذات بال. كان داهية في إخفاء نواياه الحقيقية.
أما في السياسة فكان واقعاً تحت النفوذ البوربوني. كان من ثقاته الوحيدين؛ فرنسيسكاني اسمه بونتمبي، وهو ابن طبّاخ، وقد أصبح ذا نفوذ وسلطان، جر ضده البغض العام، وأيضاً تاجر الحبوب المضارب نيكولو بيتشي وهذا لا يقل عن ذاك كراهية وبغضاً. بعد وفاة البابا ظهر هجاء لاذع ليس فقط ضد البابا بل أيضاً ضد صنيعتيه.
Discussion about this post