اكليمنضوس التاسع
جول روسبيغليوزي 1667 – 1669
إن ما يؤسف له في حبرية اكليمنضوس التاسع هو قصر مدتها. ولد روسبيغليوزي في 28 كانون الثاني سنة 1600 في بيستوا. درس الفلسفة واللاهوت في بيز، وعلّم هناك مدة سنتين. تعين، بعد عمل مشرّف في روما، قاصداً رسولياً سنة 1644 في اسبانيا عاد بعد تسع سنوات فجعله البابا اسكندر السابع امين سر الدولة، وفي سنة 1657 جعله كردينالاً لكنيسة القديس سيكستوس.
إن شخصية روسبيغليوزي ونشاطه فرضا احترامه على جميع الأحزاب. فقد عرفت روما وصفاً مفصلاً ممتعاً ومعنى للحبرية في هذه الحقبة، فقد اهتم روسبيغليوزي بكل نشاط في إنهاض التمثيلية المغناة (الأوبرا)، وبفضله فاقت المغنّاة الرومانية، لمدة نصف جيل، على المغناة الهزلية النابوليتانية، فقد كتب الكردينال، بكل طيبة خاطر، نشرات لهذا الغرض. وقد لحّن وعزف، ستيفانو لاندي، له نشيده: القديس الكسيس، والذي عزف لأول مرة في شباط 1634 في العرض الذي أقامه برنان لتدشين المسرح الخاص لآل بربيريني، فالنص كان أكثر عمقاً من النشرات المتداولة، ثم في سنة 1635 أتبعه بنشيد للقديسة تيودورا، وأتبعه، بعد ذلك، بنشيد القديس بونيفاسيوس والقديس اوستاش، وفي سنة 1639 عزفت بحضور ميلتون على موسيقى وألحان فرجيليو مازوتشي وماركو مارازولي،هذه كانت بدء المغناة الهزلية. كما أن روسبيغليوزي قد حث اسكندر السابع ليبني مسرحاً مكان سجن تور دي نونا القديم. ومن بين مؤلفاته قصيدة تشيد بالسيدة الأولى ليونورا باروني، أنشدها أيضاً ميلتون بحماس.
إن عمل اكليمنضوس هذا كبابا كان موجهاً فقط نحو السلام.
أما على الصعيد الديني فقد حدّد بالاتفاق المؤلف المثير للأساقفة الأربعة المعارضين لتوقيع صيغة (الصلح الاكليمنضوسي، المنشورة في باريس 11 تشرين الأول 1668)، ولهذا أجاب لويس الرابع عشر على ملاحظات ب. أنات، بقوله “كل ما هو لجهة الديانة فهو عمل البابا”.
أما على الصعيد السياسي أيضاً فكان: إنه قبل ارتقاء اكليمنضوس التاسع بمدة قليلة، كان لويس الرابع عشر قد اجتاح كل البلاد الواطية الاسبانية. فقد لاقى انتخاب اكليمنضوس ترحيباً من اسبانيا وفرنسا، واختير ليكون مفاوضاً للصلح، ولهذه المناسبة أشار، ملحاً شديداًَ، إلى تهديد الخطر التركي الجديد، فتم توقيع الصلح في 2 أيار 1668 في اكس لا شابيل، واستطاعت فرنسا أن تحتفظ بقسم مما احتلته. كانت فرنسا، بالحقيقة، أقل اهتماماً لإنذارات البابا بأن المحالفة الثلاثية بين هولندة وانكلترة واسوج هي موجّهة ضد سيادتها. مع أن، الملك ترك للبابا شرف الأولية، فقد أقيم احتفال بالصلح في روما، فأطلقت الأسهم النارية التي ابتكرها لوبرنان
إن سقوط حصن كاندي، في كريت، هو مأساة بالنسبة لاكليمنضوس، لأنه كان هذا آخر الحصون الهامة التي منها كانت البندقية تقاوم الأتراك الكثيري العدد، فطلب البابا النجدة من كل جانب، حتى أنه، هو نفسه حمل القسم الأكبر من الإعانات المالية. أما ابن أخيه، فانسنزو روسبيغليوزي، فقد قاد الأسطول الباباوي، حتى إن لويس الرابع عشر أرسل المساعدة، إنما تحت علَم غير علَمه، لأنه لم يكن ليريد أن يقطع علاقاته مع الأتراك. رأى حصن كاندي نفسه منهاراً فاستسلم في 6 أيلول سنة 1669، وقد لاقى ثلاثون ألفاً من المسيحيين ومئة ألف من الأتراك حتفهم. وقد دعا بيرون المأساة التي انهارت فيها آخر قوات اكليمنضوس “الياذة البندقية”.
ومما يروى أن لويس الرابع عشر، قد باغت الجميع إذ استقبل سفير السلطان باحتفال، ومواجهته، ولم يرع حرمة البابا الذي يحتضر. لقد أحب شعب روما البابا الميت واحترمه وأكرمه كقديس. دفن في كنيسة مريم الكبرى. قليلون هم الباباوات الجديرون بالسيامة مثله، ومثله بالطهارة على وجه الحق وبصلاح مقرون إلى ثقافة نادرة وبقوة الشخصية والطباع، ونبالة وشرف وعدالة مثل اكليمنضوس. مع أن كان له بعض محاسيب، فقد جعل الأقارب الذين وظّفهم هو يعيشون من مدخول وظائفهم فقط، وليس لهم أي حق بالأموال العامة، وهو لم يعطهم شيئاً منها، وليس لهم، حتى بالحق بأن يدعوا بكلمة سيد “دون” أصبحت عائلة روسبيغليوزي من الأمراء بزواج أحد أبناء شقيق البابا بإحدى بنات عائلة بالافشيني وليس من عائلة من عائلات الباباوات قد انفرجت بالحشمة والتواضع والرصانة مثل عائلة روسبيغليوزي.
لقد وضع كارلو ماراتا الخطوط الأساسية للبابا في صورته الرائعة الموضوعة في معرض الرسوم الفاتيكاني، أما باسيشيو فقد نقّح له الصورة التي في قصر بربيريني، وهناك، في قصر كورسيني، لوحة تمثل اكليمنضوس كردينالاً مع هذا الشعار: “متسامحاً مع الآخرين وليس مع ذاته” وهذا الشعار كاف ليصف بكل حق البابا. كان يحب، بنوع خاص، أن يزور المرضى والفقراء، وكان يخدمهم على المائدة ويستقبلهم في اليوم الثالث عشر من كل شهر في الفاتيكان.
Discussion about this post