أوربانوس السادس
برتلمي برينياني 1378 – 1389
إن المجمع الانتخابي الذي التأم بعد وفاة غريغوريوس الحادي عشر قد تمّ تحت ضغط التظاهرات الشعبية العاصفة. فأهل روما كانوا يصرخون بأنهم يريدون بابا من روما، وعلى الأقل إيطالياً، فانتخب الكرادلة برتلمي برينياني رئيس أساقفة باريس، وبما أنه لم يكن هذا كردينالاً لم يكن حاضراً في المجمع، ما إن تمّ الانتخاب حتى اقتحم الجمع المجمع الذي انتهى بتظاهرة مهرجانية.
هل كان الانتخاب حراً؟ إنّ هذا الانتخاب لمشكوك بحريته. لكن ما هو مؤكد هو، أنه في الأسابيع التي تلت الانتخاب، وكان الضغط لا يزال رازحاً على الكرادلة ولكنه لم يؤثر عليهم كي يشككوا بانتخاب أوربانوس السادس.
كان البابا إنساناً مستقيماً، مؤيداً للإصلاح، وعدوا للسيمونيا وللتقاليد البالية، التي غالباً ما تسود الأوساط الاكليريكية العالمية. ولكنه كان أيضاً إنساناً قاسياً عنيداً، كتبت له القديسة كاترين السيانية: “إن العدالة بدون محبة أكثر ظلماً من الظلم”.
إن ترقيات الكرادلة التي حدثت بعد مطلع عهد الباباوية قد قللت من حصة الكرادلة الفرنسيين في مصف الكرادلة الذي كان محقاً. أما ما كان أقل من ذلك هو أن البابا، رغم نصائح كاترين السيانية، الذي كان قد جاء بها إلى روما، لم تكن تعييناته حسب الاختيارات التي لا تقبل الجدل.
سلسلة من الإجراءات الصارمة اتُّخذت بالنظر لمصف الكرادلة مما استدعى رحيل ثلاثة عشر كردينالاً من التابعية الفرنسية إلى فوندي وأعلنوا عدم قانونية انتخاب أوربانوس السادس وانتخبوا كبابا الكردينال روبير دي جنيف الذي اتخذ اسم “اكليمنضوس السابع”. فوقع انشقاق، الذي سيتكشّف بالإخص عن أخطر مشكلة لا تحل وأصعب من الانشقاقات السابقة، لأنها لم تتولد بالفعل عن ضغوط ولا عن أسباب سياسية، وأن تعمقنا في ذلك، نجد أنه من شكك بهيكلية السلطة الكنسية وذلك تبعاً لنفوذ الكرادلة، المتزايد في جسم الكنيسة، وعرف التاريخ انقسام المسيحية إلى سلطتين وحتى ثلاث سلطات متنافسة، بانشقاق الغرب الكبير، والذي سيدوم اثنين وخمسين سنة.
بعد انتخاب فوندي راح الكرادلة الاكليمنضوسيون يطوفون أنحاء الممالك المسيحية ساعيين لإقناع الرأي العام بشرعية البابا الذي انتخبوه، فنجحوا في فرنسا، حيث اعترف الملك شارل الخامس “باكليمنضوس السابع” بابا ومعه سائر الدول المحالفة لفرنسا، واستقر “اكليمنضوس السابع” في أفينيون. انتقلت إلى راحة الأبرار، في حبريته، القديسة كاترين السيانية سنة 1380 بعمر ثلاث وثلاثين سنة، والتي فاحت عطر قداستها أبعد بكثير من جميع المعجبين الذي كانوا حولها، ولم تكن كاترين شفيعة روما فحسب بل قديسة وطنية لإيطاليا.
Discussion about this post