القديس غريغوريوس الأول الكبير
590 – 604
ولد هذا البابا، على الأرجح، في روما حوالي السنة 540، كان من أسرة شريفة؛ وقد لمع في الوظيفة التي كان يشغلها؛ إذ كان قد أصبح حاكماً لروما وهو في الثلاثين من عمره، فأظهر، أثناء توليه هذا المنصب، بأنه إداري ممتاز. استقال من الوظيفة بعد فترة قصيرة، وأنشأ ديراً للرهبان البندكتيين في قصره الذي كرّسه للقديس أندراوس وعاش فيه كراهب بسيط، ثم وهب كل ما ورثه عن أهله في صقلية لإنشاء ستة أديار، وما تبقى من تلك الورثة وزعه للأعمال الخيرية. قد أرسله بيلاجيوس الثاني إلى القسطنطينية سنة 569 بصفة موفد من قبله لدى القيصر، وكان لوجوده هناك منفعة وخير، إذ جعل المدينة كلها تتأثر بحياته الرهبانية البسيطة التي كان يعيشها. عاد إلى روما سنة 585؛ قَبِلَ السلطة الباباوية مرغماً، وقد توسّل إلى الإمبراطور كثيراً ليعفيه من ذلك، ولكن توسلاته ذهبت أدراج الرياح، فحاول الفرار من ذلك ولكنه فشل أيضاً…
ما إن أصبح حاكم روما السابق حبراً أعظم حتى أثبت للملأ بأنه لم يفقد أيّاً من صفاته الإدارية. نفّذ في روما بعض الأشغال العمرانية، وخاصة ترميمه جميع أملاك الكنيسة الرومانية (بدءاً بالبلاتيوم ووصولاً إلى كورسيكا)، وجعل لها مكانة إدارية صلبة سيتكوّن منها، في المستقبل، الأساس المكين الأفضل للدولة الباباوية المقبلة. كان لمراسلاته – الوافرة – مع وكلاء الممتلكات الموروثة أهمية بالغة. أما علاقاته مع الدول المسيحية فتختلف بحسب موقعها في الشرق أم في الغرب.
حافظ غريغوريوس على لهجة الاعتدال، حتى مع أسوأ الأباطرة البيزنطيين، وهذه اللهجة لهي ذات أسلوب سياسي لطيف..
ترك القديس غريغوريوس تعالمياً عقائدية وراعوية وافرة، استمدت منها العصور الوسطى غذاء التقوى باستمرار، كتب سيرة حياة القديس بندكتوس؛ كان له تأثير عظيم في تطور وانتشار الرتب الكنسية. لكننا لا نقدر أن ننسب إليه ما يسمى باللحن الغريغوري. إنه لخليق بأن يكون “ممثل الإله” كما وصفته الكتابة الموجودة على قبره. وقد وضع فعلاً الفكر الروماني والفكر المسيحي.
ترك لنا كتابات هامة منها:
– أربعة عشر رسالة.
– عظات مختلفة.
– شروحات كتابية.
– قانون الرعاة (الذي أصبح فيما بعد المصدر الأهم في تنشئة الاكليروس، في جميع العصور الوسطى).
– حياة بعض القديسين ومنها حياة القديس بنديكتس.
يذكر التقليد بأن غريغوريوس قد أُعلِن عند موتهِ قديساً من قِبَل الشعب بطريقة الهتاف، أي قبل أن تعلنهُ السلطة الكنسيّة. وهو أحد معلّمي الكنيسة.
يحتفل بذكراه في الكنيسة الغربية يوم 3 أيلول (سبتمبر).
Discussion about this post