مجمع فيينّا (1311 – 1312 م)
دعا إلى عقده البابا اكليمنضس الخامس تحت ضغطِ ملك فرنسا فيليب الرابع (الملقب بالجميل) الذي نجح في إقناع البابا بإلغاء رهبنة فرسان الهيكل، فقد حرم المجمع أتباع هذه الرهبنة واصفاً إياهم بالهراطقة وناسباً إليهم تصرفاتٍ شائنة لم يتم التحقق من صحتها فعلياً.
أدان المجمع أيضاً أضاليل البيغاردئيين والبيغين (بعض الحركات المنشقة)، والنظرية الفرنسيسكانية المتطرفة في نذر الفقر.
اكليمنضوس الخامس: 5 حزيران 1305- 20 نيسان 1314
مجمع فيينّا بفرنسا (المسكوني الخامس عشر): 16 تشرين الأول 1311 – 6 أيار 1312
891- 908– الجلسة الثالثة 6 أيار 1312
1) دستور “Ad nostrum qui”
أضاليل البيغاردئيين والبيغين في شأن حالة الكمال
891– (1) قد يستطيع الإنسان في الحياة الحاضرة أن يبلغ من الكمال درجةً عالية إلى حدّ أنه يصبح عاجزاً عن اقتراف الخطيئة، وعن مزيدٍ من التقدّم في النعمة؛ لأنّه، على حدّ قولهم، إذا كان بإمكان إنسان مواصلة التقدّم في غير انقطاع، كان بإمكانه التفوّق على المسيح في الكمال.
892– (2) متى بلغ الإنسان هذا الحدّ من الكمال لم يجب عليه الصوم ولا الصلاة، إذ تصبح الشهوة عند ذلك خاضعة للروح والعقل خضوعاً كاملاً إلى حدّ أن الإنسان يستطيع أن يمنح الجسد ما يرضيه.
893– (3) والذين بلغوا الدرجة المذكورة من الكمال وحريّة الروح أصبحوا براءً من الطاعة للبشر، وبراءً من الخضوع لأوامر الكنيسة، إذ أنه، على حدّ قولهم، “حيث يكون روح الربّ فهناك الحريّة” (2 كو 3 : 17).
894– (4) يستطيع الإنسان أن يبلغ في الحياة الحاضرة النعيم الأخير في كلّ كماله، كما سيحصل عليه في الحياة الطّوباوية.
895– (5) كل نفس عاقلة هي في ذاتها سعيدةٌ طبيعياً، والنفس ليست بحاجة إلى نور المجد الذي يسمو بها إلى رؤية الله والتمتّع به طوباوياً.
896– (6) ممارسة أعمال الفضيلة هي من شأن الإنسان الغير الكامل، والنفس الكاملة في إجازةٍ عن الفضيلة.
897– (7) تقبيل امرأةٍ، عندما تستميل الطّبيعة إلى ذلك، خطيئة مميتة، ولكن العمل الجنسيّ عندما تستميل إليه الطبيعة، ليس خطيئة، ولا سيّما إذا كان من يقوم به في حال تجربة.
898– (8) لا داعي إلى الوقوف عند رفع جسد يسوع المسيح، ولا إلى تأدية التكريم والإجلال له، إذ إنهم يرون من الإنقاص لهم أن ينحدروا من طهارة الرؤية وسموّها ليوجّهوا أفكارهم إلى الخدمة أو إلى سرّ الإفخارستيا أو إلى آلام ناسوت المسيح.
899– (9) (الحكم:) إننا نشجب هذه الطائفة وأضاليلها، وننكرها كليّاً، ونمنع منعاً باتاً أن يؤيّدها أحدٌ ويساندها أو يدافع عنها.
2) دستور “Fidei catholicae”
أضاليل منسوبة إلى بطرس أوليفي
900– (طبيعتا المسيح) في تبنينا الراسخ لأساس الإيمان الكاثوليكي، الذي لا يستطيع أحدٌ أن يستبدل به آخرن على حدّ قول الرسول (رَ كو 3 : 11)، نعترف علناً مع الأمّ الكنيسة المقدسة بأن ابن الله الوحيد القائم أزلياً مع الآب في كلّ ما يوجد به الآب كإله، قد اتّخذ في الزمن، وفي الحشا البتوليّ، وفي وحدة الشخص، أجزاء طبيعتنا متّحدةً فيه، وكان بها، وهو في ذاته الله الحقيقي، إنساناً حقيقياً، أي جسداً بشرياً قابلاً الألم، ونفساً عقلانية أو عاقلة، تعطي بذاتها الجسد ذاته صورةً حقيقيةً جوهرية.
901– (جنب المسيح المطعون) ونعترف أيضاً بأن كلمة الله نفسه لم يكتف بأنه أرتضى بأن يُسمَّر على صليب في الطبيعة التي اتّخذها هكذا، وبأن يموت لإنجاز الخلاص للجميع، ولكنه، بعد تسليم روحه، تحمّل أن يُطعن جنبه بحربة، لكي تقوم، بما سال من ماءٍ ودم (رَ يو 19 : 34)، الأمّ الكنيسة المقدّسة، وحيدةً، طاهرة وعذراء، عروساً للمسيح، على صورة حواء التي اتّخذت من جنب الإنسان الأول، وهو نائم، لكي تكون زوجة له (رَ تك 2 : 21…). بحيث إنها قابلت الحقيقة صورة آدم الأول والقديم الذي هو، على حدّ قول الرسول، “رمز المزمع أن يأتي” (رو 5 : 14)، بآدمنا الجديد (رَ 1 كو 15 : 45) أي بالمسيح.
أقول: تلك هي الحقيقة التي تدعيها شهادة هذا النسر العظيم جداً الذي شاهده النبيّ حزقيال (رَ حز 1 : 4 – 28) يُحلّق فوق سائر الحيوانات الإنجيلية، أي الطوباويّ يوحنا، الرسول والإنجيليّ، الذي وصف حقيقة هذا السرّ ورتبته، وقال في إنجيله: “أمّا يسوع فلمّا انتبهوا إليه ورأوه قد مات لم يكسروا ساقيه، بيد أن واحداً من الجند فتح جنبه بحربةٍ، فخرج للوقت دم وماء، والذي عاين شهد وشهادته حقّ، وذاك يعلم أنه يقول الحقّ لكي تؤمنوا أنتم أيضاً”. (يو 19 : 33 – 35).
فتمشياً مع هذه الشهادة الثّقة، ومع الشرح الذي قدّمه الآباء والمعلّمون للرّأي الرسوليّ، وبموافقة المجمع المقدس، نعلن أن الرسول والإنجيليّ يوحنا، المذكور سابقاً تقيّد صحيحاً بنظام الأحداث في ما سبق، مورداً أن أحد الجنود فتح بحربته جنب المسيح بعد موته.
902– (النفس صورة الجسد) وإلى ذلك، فبموافقة المجمع المقدّس نعد ضالاً ومجافياً للإيمان كلّ تعليم أو كل موقفٍ يتهور ويثبت أو يظنّ أن جوهر النفس العاقلة أو المتعقّلة ليست في ذاتها صورة الجسد البشريّ، ولكي تتجلّى للجميع حقيقة أصالة الإيمان الكاثوليكي، ولكي تقطع الطريق التي تقود إلى جميع الأضاليل، ويمتنع كل إنسان عن سلوكها، نحدّد أن يعدّ هرطوقياً كلّ من يتجرأ ويثبت، ويؤيّد أو يؤكدّ بعنادٍ أن النفس العاقلة أو المتعقلة ليست صورة الجسد البشري بذاتها وجوهرياً.
903– (مفعول المعمودية) لهذا السبب يجب على الجميع أن يعترفوا بأمانة بأنّ معموديةً وحيدة تجدّد جميع الذين يعتمدون في المسيح، كما أنه ليس إلاّ إلهٌ واحد وإيمان واحد (رَ أف 4 : 5)، وإنها، إذ يُحتفل بها في الماء باسم الآب والابن والروح القدس، نؤمن بأنّها دواءٌ كامل لخلاص الناس سواءٌ كانوا بالغين أو أطفالاً.
904– في الحقيقة أنه في شأن مفعول عمادة الأطفال قد ذهب بعض اللاهوتيين غير هذا المذهب، فمنهم من قال بأنّ المعمودية تغفر خطاياهم ولكنها لا تمنحهم النعمة، ومنهم من قال بأنّ المعمودية تغفر خطاياهم وتمنحهم الفضائل والنعمة المصوّرة في حالة استعداداتٍ وإمكاناتٍ (رَ 780)، لا في حالة القدرة على استعمالها في ذلك الوقت.
فنظراً إلى فاعلية موت المسيح العامة التي تمتد إلى جميع المعمدّين بالمعمودية، قرّرنا أنّ الرأي الثاني الذي يذهب إلى أنّ النعمة المصوّرة والفضائل تمنّح للأطفال والبالغين بالمعمودية، يجب به على أنه الأقرب إلى الصواب، وعلى أنه يتّفق وأقوال القديسين ومعلّمي اللاهوت الحديثين.
3) دستور “Ex gravi ad Nos”
الرِّبا
906– … إذا ضل أحدهم إلى حدّ الغرور وادّعى بعنادٍ أنّ ممارسة الرّبا ليست خطيئة فإنّنا نقرّر وجوب معاقبته كهرطوقيّ.
4) دستور “Exivi de paradise”
الخطأ في شأن واجب نذر الفقر (الفرنسيسكاني)
908– برزت بين الإخوة قضيةٌ شائكة تساءلوا فيها هل يقضي النظام الذي اعتنقوه بأن يسلكوا سلوك فقرٍ واقتصادٍ وتقتيرٍ في استعمال الخيرات: فرأى بعضهم أنه كما تخلّوا بالنّذر تخلياً كاملاً عن حقّ تملك الأشياء، وجب عليهم كذلك التحفظ والاقتصاد في استعمالها؛ وبخلاف ذلك رأى البعض الآخر أن نذرهم لا يوجب عليهم نوعاً من الاستعمال لا يعبّر عنه القانون، وإن وجب عليهم في ذلك الاعتدال على سنّة القناعة التي هي من شأنهم أكثر ممّا هي من شأن سائر المسيحيين.
فرغبةً منا في إراحة ضمائر هؤلاء الإخوة، ووضع حدّ لمنازعاتهم نقول معلنين أنّ من واجب الإخوة الأصاغر، وفاقاً لنذرهم، أن يتقيّدوا بما في قانونهم من استعمال محدود وفقير، وبحسب الطريقة الموجبة التي يتضمنها أو يوضحها القانون في شأن هذا الاستعمال. وإننا نرى من التهوّر والشطط أن يقال، كما يظهر من قول البعض، بأنه من الهرطقة أن يعدّ الاستعمال الفقير من ضمن نذر الفقر الإنجيليّ أو من غير ضمنه.
Discussion about this post