المجمع الفاتيكاني الثاني
دستور في الليترجيّا المقدّسة
Sacrosanctum Concilium
الجلسة الثالثة العلنيّة، 4 كانون الأول 1963:
توطئة
4001 -1- إذ كان المجمع المقدّس يعمل على تنمية الروح المسيحيّة يوماً فيوماً عند المؤمنين، وعلى جعل المؤسّسات القابلة التغيير أكثر انسجاماً وروح العصر، وعلى تنشيط كلّ ما من شأنه أن يسهم في توحيد جميع المؤمنين بالمسيح، وتقوية كلّ ما يساعد على دعوة جميع البشر إلى حضن الكنيسة، فهو يرى أنه يرجع إليه بوجه خاص أمر إحياء الليترجيّا وتطويرها.
الليترجيّا في سرّ الكنيسة
4002 -2- فالليترجيّا التي “يجري بها عمل فدائنا”(1)، ولا سيّما في ذبيحة الإفخارستيّا الإلهيّة، تساعد أعظم المساعدة على أن يعبّر المؤمنين بسيرة حياتهم ويفصحوا للآخرين عن سرّ المسيح وعن أصالة طبيعة الكنيسة الحقيقية التي تمتاز بكونها إنسانيّةً وإلهيّةً معاً، منظورةً وحافلةً بحقائق غير منظورة، حارّةً في العمل ومسترسلةً إلى التأمل، حاضرة في العالم مع أنّها عنه نازحة. وهكذا فالإنسانيّ فيها منتظم في الإلهيّ وخاضع له، وما هو منظور خاضع لغير المنظور، وما هو من العمل خاضع للتأمل، وما هو حاضر موجّة إلى المدينة الآتية التي نسعى إليها (2) وبما أنّ اللّيترجيّا تقوم كلّ يوم ببناء من هم في الدّاخل هيكلاً مقدّساً في الربّ، مسكناً لله في الروح (3)، إلى مقدار قامة ملء المسيح(4)، فهي تعاضد قواهم بطريقة عجيبة لكي يبشروا بالمسيح، وهكذا تجلّي الكنيسة للذين في الخارج رايةً منصوبةً في الأمم (5)، يجتمع تحتها أبناء الله المفرّقون في الوحدة (6) إلى أن تكون رعيّة واحدة وراع واحد (7).
الدّستور وشتّى الطّقوس
4003 -3- لأجل ذلك يرى المجمع المقدّس أنّه لا بدّ، في سبيل تطوير الليترجيّا وإحيائها، من التّذكر بالمبادئ التالية، ومن إقامة القوانين العمليّة.
في هذه المبادئ وهذه القوانين طائفة يمكن ويجب تطبيقها على الطّقس الرّومانيّ وعلى سائر الطّقوس، وإن كانت القوانين العمليّة التالية تعتبر عانيةً الطقس الرومانّي دون سواه، هذا لم يكن هنالك من طبيعة الأشياء نفسها ما يجعلها تتناول الطّقوس الأخرى أيضاً.
4004 -4- ثمّ إنّ المجمع المقدّس، مراعياً التقليد في أمانة، يعلن أنّ الكنيسة الأمّ المقدّسة تعتبر جميع الطّقوس المعترف بها شرعاً متساويةً في الحقوق والكرامة، وتريد للمقبل من الأيّام أن تحافظ عليها وتعزّز شأنها بجميع الطرائق، وهو يرغب في ما تدعو الحاجة إليه من إعادة النظر الشاملة فيها، على أن يكون ذلك في فطنة وفي تقيّد بروح التقليد الصحيح، وفي أن تبثّ حيويّة جديدة وفاقاً لمقتضيات الأيام الحاضرة وأحوالها.
الفصل الأول: مبادئ عامّة لأجل إحياء الليترجيّا وتطويرها
1) طبيعة الليترجيّا وأهميتها في حياة الكنيسة
العمل الخلاصيّ الذي قام به المسيح
4005 -5- إنّ الله “الذي يريد أنّ جميع الناس يخلصون ويبلغون إلى معرفة الحقّ” (1 تيم 2: 4) “كلّم الآباء قديماً في الأنبياء كلاماً متفرّق الأجزاء مختلف الأنواع” (عب 1:1)، عندما بلغ ملء الزّمان، أرسل ابنه، الكلمة الصائر جسداً، ممسوح الروح القدس، ليبشّر المساكين، ويشفي منكسري القلوب(8)، على أنّه “طبيب جسدّي ونفسيّ” (9)، وسيط الله والناس (10). إذ إنّ بشريتّه ، في وحدة شخص الكلمة، كانت أداة خلاصنا، ولهذا فقد “ظهرت في المسيح الفدية الكاملة لمصالحتنا وجاز إلينا ملء العبادة الإلهية” (11).
وهذا العمل الذي كان به الفداء للبشر والتّمجيد الأكمل لله ، والذي مهّدت له العظائم الإلهية في شعب العهد القديم، أتمّه السيد المسيح خصوصاُ بالسرّ الفصحيّ لآلامه الحميدة، وقيامته من الجحيم، وصعوده المجيد، بالسرّ الفصحيّ الذي “قضى فيه على موتنا بموته، وبعث الحياة في حياتنا بقيامته” (12). إذ إنّه من جنب المسيح الرّاقد على الصّليب تفجّر ما للكنيسة كلّها (13) من سرّ عجيب.
العمل الخلاصي الذي تواصله الكنيسة بتحقّق في الليترجيّا
4006 -6- وهكذا فكما أنّ المسيح أرسله الآب، أرسل هو تلاميذه، وقد ملأهم الروح القدس، كارزين بالإنجيل للخليقة كلّها (14)، لا ليبشّروا فقط بأنّ ابن الله حرّرنا بموته وبقيامته من سلطان إبليس (15) ومن الموت، ونقلنا إلى ملكوت أبيه، بل ليقوموا أيضاً بهذا العمل الخلاصيّ الذي بشّروا به وذلك بالذبيحة والأسرار التي تدور حولها الحياة الليترجيّة بكاملها. فبالمعمودية يدخل الناس في سرّ المسيح الفصحيّ: يموتون معه، يدفنون معه، يقومون معه (16)” يأخذون روح التبنّي “الذي ندعو به أبّا أيّها الآب” (روم 8: 15)، وهكذا يصبحون الساجدين الذين يطلبهم الآب (17). كذلك كلّما أكلوا فصح الربّ أخبروا بموته إلى أن يأتي (18). من أجل ذلك، في ذات نهار العنصرة الذي ظهرت فيه الكنيسة للعالم، “اعتمد” أولئك الذين “قبلوا كلام” بطرس. وكانوا “مواظبين على تعاليم الرّسل والشّركة في كسر الخبز والصّلوات… مسبحين الله ونائلين حظوةً لدى جميع الشّعب” (أع 2: 41-47). ومذ ذاك لم تغفل الكنيسة قطّ الاجتماع للاحتفال بالسرّ الفصحيّ بتلاوة “ما يختصّ به في الأسفار كلّها” (لو 24: 27)، والاحتفال بالإفخارستيّا التي تستحضر فيها غلبة موته وانتصاره، “والشكر لله على موهبته التي لا توصف” (2 كو 9: 15) في المسيح يسوع “لمدح مجده” (أف 1: 12) بقوّة الروح القدس (19).
حضور المسيح في الليترجيّا
4007 -7- وللقيام بعمل عظيم كهذا لا ينفكّ المسيح حاضراً إلى جانب كنيسته ولا سيّما في الأعمال الليترجيّة. إنّه حاضر في ذبيحة القداس وفي شخص خادم السرّ، “فالذي يقدّم الآن بوساطة الكهنة هو نفسه الذي قدّم ذاته على الصّليب (20) حينذاك”، وبأعلى درجة تحت أشكال الإفخارستيّا. إنّه حاضر بقوّته في الأسرار بحيث إنّه إذا عمّد أحد كان المسيح نفسه هو المعمّد (21). إنّه حاضر في كلمته، فإنّه هو المتكلم اذا قرئت الكتب المقدّسة في الكنيسة، إنّه حاضر أخيراً عندما تصلّي الكنيسة، وترتّل المزامير، هو الذي وعد وقال: “حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فأنا أكون هناك في وسطهم” (متّى 18: 20).
وللقيام فعلاً بهذا العمل العظيم، الذي يتمجّد به الله أكمل تمجيد ويتقدّس البشر، يتعاون المسيح دائماً وكنيسته، عروسه الحبيبة، التي تبتهل إليه على أنّه سيّدها، وبه تتقدّم بالعبادة إلى الآب الأزليّ.
فالليترجيّا تعتبر بحق ممارسة لوظيفة يسوع المسيح الكهنوتيّة يعبّر فيها، بإشارات حسيّة، عن تقديس الإنسان الذي يتّم وفاقاً لكلّ شخص، ويجري فيها جسد يسوع المسيح السرّي، رأساً وأعضاءً، عمل العبادة العامة الكاملة.
وهكذا فكلّ احتفال ليترجيّ، من حيث كونه عمل يسوع الكاهن وجسده الذي هو الكنيسة، فهو عمل غاية في القداسة لا يوازي فاعليتّه قيمة ودرجةً أيّ عمل آخر من أعمال الكنيسة.
الليترجيّا الأرضية والليترجيّا السماويّة
4008 -8- في الليترجيّا الأرضية يكون اشتراكنا استعجالاً لتذوق السماويّة التي نسعى إليها في ترحالنا، والتي يحتفل بها في أورشليم المدينة المقدّسة حيث يجلس المسيح إلى يمين الله خادماً للأقداس والمسكن الحقيقيّ (22)، وحيث، مع جميع أجناد الجيش العلويّ، ننشد للربّ نشيد المجد، وإننا بتكريمنا ذكر القدّيسين نأمل أن يكون لنا نصيب في مجتمعهم، كما أننّا ننتظر سيّدنا يسوع المسيح مخلّصاً لنا إلى أن يتجلّى هو حياةً لنا ونتجلّى نحن معه في المجد (23).
الليترجيّا ليست نشاط الكنيسة الوحيد
4009 –9– لا تشغل الليترجيّا المقدسة كلّ نشاط الكنيسة، فقبل أن يتمكّن الناس من الوصول إلى الليترجيّا لا بدّ لهم من أن يدعو إلى الإيمان وإلى التوبة: وكيف يدعون إلى من لم يؤمنوا به، وكيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به، وكيف يسمعون بلا مبشرّ، وكيف يبشرون إن لم يرسلوا” (روم 10: 14-15).
لهذا تزفّ الكنيسة إلى غير المؤمنين بشرى الخلاص حتّى يعرف جميع الناس الإله الواحد الحقيقيّ والذي أرسله يسوع المسيح، ويبدلوا سيرة حياتهم ملازمين التوبة (24). أمّا المؤمنين فعليها أن ترشدهم أبداً إلى الإيمان والتوبة، عليها، فضلاً عن ذلك، أن تهيئّهم للأسرار، وتعلّمهم أن يحفظوا جميع ما أوصى به المسيح (25)، وتحضّهم على كل عمل من أعمال المحبّة والتقوى والرسالة، لكي يتضّح بهذه الأعمال أنّ المسيحييّن، وإن لم يكونوا من هذا العالم، هم مع ذلك نور العالم وهم يعملون على تمجيد الآب أمام الناس.
الليترجيّا أوج حياة الكنيسة ومنبعها
4010 -10- والليترجيّا هي القمّة التي يرتقي إليها عمل الكنيسة وهي إلى ذلك المنبع الذي تنبع منه كلّ قوّتها، فجميع الجهود الرسولية تهدف إلى أن يتوحّد الجميع، وقد أصبحوا أبناء الله بالإيمان والمعمودية، ويسبّحوا الله في وسط الكنيسة، ويشتركوا في الذبيحة، ويأكلوا فصح الربّ (26).
وبالمقابل فالليترجيّا نفسها تحثّ المؤمنين، وقد أشبعوا من “الأسرار الفصحيّة”، على أن يكونوا “قلباً واحداً في التقوى” (27) إنًها تصلّي لكي “يتقيّدوا في حياتهم بما اقتبسوه بالإيمان”، وتجديد عهد الربّ مع البشر في الإفخارستيّا يجتذب المؤمنين ويجعلهم يتحرّقون إلى محبّة المسيح الملحّة. فمن الليترجيّا، ولا سيّما ليترجيّا الإفخارستيّا، تجري فينا النعمة، كما من ينبوع، ويحصل تقديس البشر في المسيح حصولاً غايةً في الفاعلية كما يحصل تمجيد الله الذي تنتهي إليه، كما إلى الهدف الأخير، سائر أعمال الكنيسة.
ضرورة الاستعدادات الذاتيّة
4011 -11- وللحصول على هذه الفاعلية الكاملة لا بدّ للمؤمنين من أن يقبلوا على الليترجيّا المقدّسة باستعدادات نفس مستقيمة، وأن يضمّوا نفسهم إلى صوتهم، ويؤازروا النعمة العلويّة لئلاّ يكون قبولهم لها في الباطل (28). ولهذا يقع على رعاة الخدمة المقدّسة أن يسهروا على عمل الليترجيّا لا من حيث التقيّد بقوانين الاحتفال الصحيح والجائز فحسب، بل من حيث أن يشترك فيه أيضاً المؤمنين بطريقة واعية وفاعلة ومثمرة.
الليترجيّا وأعمال التقوى
4012 -12- إلاّ أنّ الحياة الروحية ليست مقصورة على الاشتراك في الليترجيّا المقدّسة دون سواها. فالمسيحيّ مدعوّ إلى الصلاة المشتركة، وهو إلى ذلك مضطرّ إلى دخول مخدعه ليصلّي إلى الآب في الخفية (29) بل عليه – على حدّ تعليم الرسول – ألاّ يزال مصلّياً (30). والرسول يعلّمنا أيضاً أننّا نحمل في جسدنا كلّ حين إماتة يسوع لتظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت (31). لهذا نطلب إلى الربّ في ذبيحة القداس، وقد “تقبّل تقدمة الذبيحة الروحية” أن يصطنعنا ” تقدمةً أبديّة” (32).
4013 -13- إنّ “أعمال التقوى” التي يقوم بها الشعب المسيحي هي جديرة بكلّ تشجيع ما دامت متمشّيةً وقوانين الكنيسة وأنظمتها، ولا سيّما إذا جرت بأمر من الكرسيّ الرسوليّ.
“والأعمال المقدّسة” التي تقوم بها الكنائس الخاصة تحظى أيضاً بكرامة استثنائية عندما يحتفل بها بأمر من الأساقفة وفاقاً للتقاليد أو الكتب المقرّرة شرعاً.
ولا بدّ لهذه الأعمال نفسها من تنظيم يماشي الزمن الطقسيّ حتّى لا تكون مخالفةً لليترجيّا المقدسة بل تكون صادرةً عنها بوجه من الوجوه، وقائدة الشعب إليها، لأن الليترجيّا بطبيعتها أسمى وأرفع منها.
2) السعّي إلى التنشئة الليترجيّة والاشتراك الفعليّ
4014 -14- إنّ الكنيسة الأم ترغب أشدّ الرغبة في أن يحمل المؤمنين جميعهم على المشاركة الكاملة والواعية والفاعلة في احتفالات الليترجيّا هذه التي تقتضيها طبيعة الليترجيّا نفسها، والتي أصبحت من حقّ الشعب المسيحيّ وواجبه، بفعل المعموديّة، ولأنّه “جيل مختار وكهنوت ملوكيّ وأمّة مقدّسة وشعب مقتنىً (1 بط 2: 9،2: 4-5).
وهذا الاشتراك الكامل والفاعل من جميع الشعب هو ما يجب السّعي إليه بكلّ شدّة لإحياء الليترجيّا المقدّسة وتعزيز شأنها: إنّها والحقّ يقال الينبوع الأول والضّروري الذي يستقي منه المؤمنون الروح المسيحيّ الحقيقيّ، ولهذا يلزم رعاة النفوس أن يسعوا إليها بقوّة في عملهم الراعويّ كلّه مع مراعاة ما تقتضيه تنشئة المؤمنين.
ولا أمل في تحقيق ذلك إذا لم يسبقه عند رعاة النّفوس تشبّع كامل من روح الليترجيّا وقوّتها، وتملك لمقدرة تعليمها، وهذا يقتضي السّعي أوّلاً إلى تنشئة الإكليروس تنشئة ليترجيّةً. ولهذا عمد المجمع المقدّس إلى إقرار ما يلي:
4015 -15- الأساتذة المعدّون لتعليم مادّة الليترجيّا المقدّسة في الإكليريكيات، ودور التعليم الرهبانيّة، والمعاهد اللاهوتيّة، ينبغي لهم أوّلاً أن يتهيّأوا لعملهم هذا في المؤسّسات المخصّصة بذلك.
تنشئة الإكليريكيين الليترجيّة
4016 -16- يطلب من الإكليريكيات ودور التعليم الرهبانيّة أن تجعل مادّة الليترجيّا المقدّسة بين الموادّ الرئيسية، ويجب أن يشمل تدريسها ناحيتي اللاهوت والتاريخ كما يشمل النّواحي الروحيّة والرعوايّة والقانونيّة. وليعن مدرّسو المواد الأخرى، ولا سيّما اللاهوت العقائديّ، والكتاب المقدّس، واللاهوت الروحيّ والراعويّ، وَفاقاً للمُقتضيات الذاتية لكلِّ موضوعٍ، وليُعنوا بإبراز سرِّ المسيح وتاريخ الخلاص بحيث تتّضحُ العلاقة بين هذه الموادِّ والليترجيا ووحدة التنشئة الكهنوتية.
4017 -17- الإكليريكيون، في الإكليريكيات والدّور الرهبانية، يُحصِّلون التنشئة الليترجية لحياتهم الروحية باستطلاعٍ كافٍ يُخولهم فَهم الطقوس المقدسة والاشتراك فيها بكلِّ قلوبهم، ثم بإقامةِ الأسرار المقدسة، وبسائر أعمالِ القوى الحافلة بروحة الليترجيا المقدسة، ويتلقّنون كذلك تطبيق القوانين الليترجية، وهكذا تُبنى حياة الإكليركيات والدور الرهبانية على روح الليترجيا بناءً عميقَ الأثر.
4018 -18- الكهنةُ العاملون في كرْمِ الربّ، سواء كانوا علمانيين أو رهباناً، يجدون في شتى الوسائل المؤاتية ما يُساعدهم دوماً على فهمٍ أعمق لما يقومون بهِ في الوظائف المقدسة، وعلى أن يعيشوا حياةً ليترجيةً، ويُشركوا فيها المؤمنين الذين وُكِلَ إليهم أَمرهم.
تنشئة المؤمنين الليترجية
4019 -19- يُواصلُ رعاةُ النفوس بغيرةٍ وصبرٍ تنشئةَ المؤمنين الليترجية وإشراكهم فيها إشراكاً فعلياً، داخلياً وخارجياً، بحسبِ مُستوى أعمارهم، وحسب وضعهم ونوع حياتهم، ودرجة ثقافتهم الدينية، وهكذا يضطلعونَ بإحدى أهمِّ الوظائف الواقعة على الموُزّع الأمين لأسرارِ الله، ويقودون رعيتهم في هذا الأمر لا بالقول فقط بل بالمثل أيضاً.
الوسائل السمع-بصرية والاحتفال بالليترجيا
4020 -20- نَقلُ الأعمالِ المقدسة بواسطةِ الإذاعة والتَلفزة، وخصوصاً الذبيحة المقدسة، يجب أن يجري في تحفُّظٍ ووقارٍ وأن يُديرَ ذلك ويرعاهُ شخصٌ قديرٌ يعيّنه الأساقفة لهذه المهمة.
3) إحياء الليترجيا
4021 -21- إن الأمَّ القديسة الكنيسة، في حرصها الشديد على أن ينالَ الشعبُ المسيحي في الليترجيا المقدسة وفرةً من النِعم، تريد أن تعمل بجدٍّ على إحيائها إحياءً عاماً. ففي الليترجيا قسمٌ لا يقبلُ التغيير، أي قسمٌ مِن وضعٍ إلهيٍّ، وأقسامٌ تقبلُ التغيير ويمكنُ بل يجب إجراءُ التغيير فيها مع تقلُّب الزمان، وذلك إذا داخَلَها ما لا يتّفقُ إتفاقاً كاملاً والطبيعة الخاصة لليترجيا نفسها، أو إذا أصبحت تلك الأقسامُ غيرَ ملائمة.
هذا الإحياءُ يجبُ أن يُنظَّم النصوصَ والطقوسَ بحيثُ تُعبِّرُ أكثر عن الحقائق المقدسة ويتمكن الشعب المسيحي، ضمنَ حدود ما هو ممكن، أن يُدركها بسهولةٍ، وأن يشتركَ فيها اشتراكاً كاملاً وفعالاً وجماعياً.
لهذا أقرّ المجمع المقدس النُّظُم العامة التالية:
أ) نظم عامة:
4022 -22-
1- تتعلَّق إدارة الليترجيا المقدسة بسلطة الكنيسة وحدها: أي إنّها مَنوطةٌ بالكرسي الرسولي وبالأسقف ضمن نطاق الأصول القانونية.
2- بالسلطان الذي يُخوّله القانون، وضمن حدودٍ مرسومةٍ، تعودُ أيضاً الإدارة في أمر الليترجيا إلى المؤتمرات الأسقفية المختلفة، القائمة بطريقةٍ شرعيةٍ، وذات الصلاحية المحلية.
3- لأجل ذلك يمتنعُ على أي شخصٍ آخر، ولو كاهناً، أن يُضيف، بسلطانهِ الخاص، أو يَحذفَ أو يغيّر أي شيء في الليترجيا.
التقليد والتطور
4023 -23- لأجلِ الحفاظِ على التقليد الصالح، وأن يُفتتحَ مع ذلك الباب لتطوّرٍ شرعيّ، في كل قسمٍ من أقسامِ الليترجيا التي تحتاجُ إلى إعادة نظرٍ، يحبُ افتتاحُ العمل دائماً بتحرياتٍ لاهوتيةٍ وتاريخية، وراعويةٍ دقيقة. وفوق ذلك لا بدّ من مراعاةِ القوانين العامة لمُقوِّمات الليترجيا وروحها، كما يجبُ إعتبارُ الخبرة المُستفادةِ من أقربِ تجديدٍ لليترجيا، والإنعامات الممنوحةِ في أماكن مختلفة. أخيراً لا يُستَحدَثُ شيءٌ إلا إذا اقتضتهُ فائدةُ الكنيسة الحقيقة والثابتة، وبعد التّوثُّق من أن الصّيغَ الجديدة تُستَخرَجُ من الصّيغِ القائمةِ وكأنها نموٌّ لها عضويٌّ. ويُحرَصُ أيضاً، قدر المستطاع، على ألا يكونَ في المناطق المتاخمة فروقٌ طقسيّة كبيرة.
الكتاب المقدس والليترجيا
4024 -24- للكتاب المقدس في احتفالات الليترجيا أهمية كبيرةٌ جداً. فمنهُ النصوص التي تُقرأ وتُفسَّر في الموعظة، ومنهُ المزامير التي تُرتَّل، ومن وحيه ودَفقِهِ تَنهَلُّ الصلواتُ والأدعيةُ والأناشيدُ الطقسيّة، ومنه تستقي الأعمالُ والرموزُ معانيها. ولهذا يجبُ، في العملِ على إحياء الليترجيا المقدسة وتطويرها وجعلها ملائمةً، أن يُستَحثَّ الوَلعُ العذبُ والحيُّ بالكتاب المقدس كما تشهدُ بذلك التقاليد الجليلة في الطقوس الشرقية والغربية.
إعادة النظر في الكتب الطقسية
4025 -25- يُعادُ النظرُ في الكتبِ الطقسية في أقرب وقتٍ، ويُستعانُ على ذلك بخبراءَ ذوي اختصاصٍ كما يُرجَعُ إلى مشورةِ أساقفةٍ من شتى أقطار الأرض.
ب) نُظم مُستخرجة من طبيعة الليترجيا على أنها عمل رئاسي وجماعي
4026 -26- أعمالُ الليترجيا ليست أعمالاً فرديةً، ولكنها احتفالات الكنيسة، وهي “سر الوحدة” أي الشعب المقدس مجتمعاً ومنتظِماً تحت سلطة الأساقفة (33).
فهي من ثمَّ أعمالُ جسدِ الكنيسة كلِّه تُظهره وتُؤثّر فيه، إلا أنها تُصيبُ كلَّ واحدٍ من أعضائهِ بطريقةٍ تختلف باختلاف الدرجات والوظائف والاشتراك الفعليّ.
الاحتفال المشترك
4027 -27- في كلِّ مرة تحتملُ الطقوسُ، كلُّ طقسٍ وفاقاً لطبيعتهِ الخاصة، احتفالاً مشتركاً، مع إقبالٍ للمؤمنين واشتراكٍ فعليٍّ منهم، يُخلَصُ إلى أن هذا الاحتفال هو، على قدْر المستطاع، مفضَّلٌ على احتفالهم الفردي وشبه الخاص. يَجري هذا الأمرُ بنوعٍ خاص على الاحتفال بالقداس، مع الحفاظِ في كلِّ قداس على طبيعته الجمهورية والاجتماعية، كما يجري على احتفالات منح الأسرار.
شرف الاحتفال
4028 -28- في الاحتفالات الليترجيّة يطلب من كلّ شخص، سواء كان خادماً للسرّ أو مؤمناً، أن يعمل لدى قيامه بوظيفته، العمل كلّه الذي يقع عليه من جرّاء طبيعة الأمور ومن جرّاء الأنظمة الليترجيّة وأن لا يتعدّاه إلى سواه من الأعمال.
4029 -29- حتّى الخدّام، والقرّاء، والشرّاح، والمنضوون إلى جماعة المرتلّين جميعهم يقومون بخدمة ليترجيّة حقيقية. وعليهم من ثمّ أن يقوموا بوظيفتهم بكثير من التقوى والنظام اللّذين يليقان بمثل هذه الخدمة، واللّذين يتطلّبهما شعب الله بحقّ.
وهذا يقتضي أن ترسّخ فيهم روح الليترجيّا بعناية، على حسب طاقة كلّ واحد منهم، وأن ينشأوا على تأدية أدوارهم في صحّة ونظام.
اشتراك المؤمنين الفعليّ
4030 -30- ولاستحثات الاشتراك الفعّا ل تشجّع هتافات الشعب، والأجوبة، والترتيل، والأنتيفونات، والأناشيد، فضلاً عن الأعمال أو الحركات وأوضاع الجسد. ويلزم الصمت المقدّس في وقته.
4031 -31- عند إعادة النظر في الكتب الطّقسيّة يعني عنايةً شديدةً بأن تشير الإعلام (الإرشادات التنظيمية الروبرِكات) إلى دور المؤمنين أيضاً.
الليترجيّا والطبقات الاجتماعية
4032 -32- ليس في الليترجيّا أيّة مراعاة للأشخاص الأفراد أو للمراكز سواء كان ذلك في الاحتفالات أو في المواكب الخارجية، ما عدا التمييز الذي تقتضيه الوظيفة الليترجيّة والدرجات الكهنوتيّة، وما عدا التكريم الواجب للسلطات المدنيّة وفاقاً للقوانين الليترجيّة.
ج) أنظمة مستخرجة من طبيعة الليترجيّا التعليميّة والراعويّة
4033 -33- وإن كانت الليترجيّا المقدّسة بنوع خاص عبادة العزّة الإلهيّة فإنها تنطوي أيضاً للشعب المؤمن (34) على طاقة تعليميّة كبيرة. ففي الليترجيّا يخاطب الله شعبه، ويعيد المسيح التبشير بالإنجيل. والشعب يجيب الله بالأناشيد والصلاة. أضف إلى ذلك أنّ الصلوات التي يوجّهها الكاهن إلى الله، وهو يرئس الاجتماعات بشخص المسيح، هي موجّهة باسم الشعب المقدّس كلّه وباسم جميع الحاضرين. أخيراً الاشارات المرئية التي تلجأ إليها الليترجيّا المقدّسة للتعبير عن الأمور الإلهية غير المرئية هي من اختيار المسيح أو الكنيسة. وهكذا فليس فقط عندما يقرأ “ما كتب لتعليمنا” (روم 15: 4)، ولكن، بالإضافة إلى ذلك، عندما تصلّي الكنيسة أو ترتل أو تعمل يتغذّى إيمان المشتركين، وتندفع النفوس إلى الله لكي تؤدي له تكريماً عقليّاً، وتتقبّل نعمته بغزارة أوفر.
وبناءً على ذلك لا بدّ في معالجة الإحياء من التقيّد بالنظم العامة التالية:
تناسق الطّقوس
4034 -34- لتزدن الطقوس ببساطة نبيلة، ولتكن شفّافةً بإيجازها، ولتتجنّب التكرارات غير المفيدة، ولتكن بمستوى طاقة المؤمنين الفكريّة، وغير محتاجة عموماً إلى كثير من التفسير.
الكتاب المقدّس والوعظ والتعليم الديني الليترجيّ
4035 -35- لكي يظهر بوضوح أنّ الطّقس والكلمة في الليترجيّا متحدان اتّحاداً حميماً:
1- يتعيّن أن يكون الإحياء في الاحتفالات المقدّسة بأن تجعل قراءة الكتاب المقدّس أوسع انتشاراً، وأشدّ تنوعاً، وأكثر ملاءمةً.
2- تعيّن الأعلام والإرشادات التّنظيمية (الروبريكات) أيضاً المكان الأصلح للعظة على أنّها جزء من العمل الليترجيّ، وذلك بقدر ما يسمح به الطّقس، وتؤدّى خدمة الوعظ بدقة وبأشدّ ما يكون من الأمانة. وليكن الكتاب المقدّس والليترجيّا ينبوعها الأوّل، لأنها شبه تبشير بعجائب الله في تاريخ الخلاص إيّ في سرّ المسيح الموجود أبداً فيما بيننا حضوراً وعملاً ولا سيّما في الاحتفالات الليترجيّة.
3- ويعمد إلى شتّى الأساليب لترسيخ التعليم الدينيّ ذيّ الاتّصال المباشر بالليترجيّا، وفي الطقوس نفسها يستعان، إذا دعت الحاجة، بتنبيهات وإرشادات موجزة يقوم بها الكاهن أو الخادم ذو الصلاحية، وذلك في الأوقات الأكثر مناسبة وبالألفاظ المقرّرة أو المرادفة لها.
4- يشجّع الاحتفال المقدّس بكلمة الله في عشايا الأعياد العظمى وفي بعض الأوقات البارزة من الزمن الذي يسبق الميلاد ومن الصّوم الأربعيني، ثمّ في الآحاد وأيّام الأعياد، ولا سيّما في الأماكن التي تفتقر إلى كاهن. وفي هذه الحال يدير الاحتفال شمّاس انجيليّ أو شخص آخر ينتدبه الأسقف لذلك.
اللغة الليترجيّة
4036 -36- يحتفظ باستعمال اللّغة اللاتينية في الطقوس اللاتينية من غير ما تعرّض للحقّ الخاصّ.
1- ومع ذلك فكثيراً ما يكون استعمال لغة البلد شديد الفائدة للشعب سواء كان في القدّاس أو في خدمة الأسرار، أو في أقسام الليترجيّا الأخرى، فيجب أن يفسح لها مجال أوسع خصوصاً في القراءات والإرشادات، وفي بعض الصلوات والأناشيد، وذلك وفاقاً للأنظمة المقررّة في الموضوع والمبثوثة في الفصول التالية لكل حال من الأحوال.
2- وإذا ما روعيت هذه الأنظمة يرجع إلى السلطة الكنسيّة ذات الصلاحيّة المحلّية، المشار إليها في المادّة 22 (2)، وإذا اقتضت الحال، بعد مشاورة الأساقفة في المناطق المجاورة ذات اللغّة الواحدة، أن تقرّر استعمال اللّغة المحلية وطريقة ذلك الاستعمال، بعد موافقة الكرسيّ الرسوليّ على عملها وتثبيته له.
3- إنّ نقل النصوص من اللّغة اللاتينية إلى اللّغة المحليّة في سياق الاستعمال الليترجي يجب أن توافق عليه السلطة الكنسية المحليّة ذات الصلاحية والمذكورة آنفاً.
أنظمة في شأن مطابقة الليترجيا لمزاج الشعوب وأوضاعها
4037 -37- الكنيسة لا ترغب في أن تفرض صيغةً تعبيريّةً جامدةً موحّدةً في ما سوى الأمور التي تمسّ الإيمان أو خير الجماعة كلّها، إنها بخلاف ذلك تتعهد وتنمّي المزايا النفسيّة والمواهب عند شتّى الأمم والشعوب، وهي تقيم وزناً رضيّاً لكلّ ما في أخلاق الشعوب لا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالخرافات والأضاليل، وتعمل على الحفاظ عليه حفاظاً كاملاً ما أمكنها ذلك، بل على إدخاله في الليترجيّا نفسها أحياناً، على أن يتمشى ذلك ومبادئ الروح الليترجية الحقيقية والصّحيحة.
4038 -38- يفسح المجال لتبديلات شرعيّة وتغييرات ملائمة لشتّى المجتمعات، والمناطق، والشعوب، ولا سيّما في الإرساليّات، حتّى عند معالجة الكتب الليترجيّة، على أن لا تمسّ الوحدة الجوهريّة للطقس الرومانيّ. ويستحسن أن يكون هذا المبدأ أمام العينين عند معالجة هيكليّة الطّقوس وإثبات الأعلام أو الإرشادات التّنظيمية.
4039 -39- في نطاق الحدود المرسومة في الطبعات الأصلية للكتب الليترجيّة يرجع إلى السلطة الكنسيّة ذات الصلاحيّة المحليّة، والمشار إليها في البند 22 (2)، أن تحدّد التبديلات الملائمة، ولا سيّما في ما يتعلّق بخدمة الأسرار، وبأشباه الأسرار، والطّوافات، واللّغة الليترجيّة، والموسيقى الكنسيّة والفنون، ولكن وفاقاً للأنظمة الأساسيّة التي ينطوي عليها الدستور القائم.
4040 -40- وإذ كانت الضرورة تقضي، في أمكنة وأحوال شتّى، أن يجرى في الليترجيّا تغيير أعمق، وكانت الصعوبة أشدّ وأظهر:
1- فالسلطة الكنسية المحليّة ذات الصلاحية المشار إليها في البند 22 ( § 2)، ترى في اهتمام وفطنة ما يمكن، في هذا المجال قبوله في العبادة الإلهية، بناء على تقاليد كلّ شعب وذهنيّته. والتغييرات المعتبرة مفيدةً أو ضرورةً تعرض على الكرسيّ الرسوليّ وتدخل برضاه.
2- لكي تجرى هذه التغييرات مع التحفظ الضروري يمنح الكرسيّ الرسوليّ السلطة الكنسية المحلية ما يخوّلها، عند اقتضاء الأمر، المقدرة على السماح بتجارب أوّلية ضرورية، وإدارتها في بعض المجتمعات المؤهّلة لهذه التجارب ولوقت محدود.
3- بما أنّ القوانين الليترجية تتضمن عادةً صعوبات خاصةً في وجه التغيير، ولا سيّما في الإرساليات كان من الضروري والحالة هذه الاستعانة بخبراء في الموضوع.
4) تعزيز الحياة الليترجيّة في الأبرشية والرعيّة
4041 -41- يجب اعتبار الأسقف كاهن رعيتّه الأكبر الذي تصدر عنه وتتعلّق به نوعاً ما حياة مؤمنيه في المسيح. لهذا يجب على الجميع أن يقدّروا كلّ التقدير الحياة الليترجيّة في الأبرشية حول الأسقف، ولا سّيما في الكنيسة الكاتدرائية: ليقتنعوا أنّ أهمّ مظهر للكنيسة هو في الاشتراك الكامل والفعّال لشعب الله المقدّس كلّه في هذه الاحتفالات الليترجيّة، نفسها، ولا سيّما في الإفخارستيّا الواحدة، والصلاة الواحدة، حول المذبح الواحد حيث يترأس الأسقف وحوله كهنته ومعاونوه (35).
حياة الرعيّة الليترجيّة
4042 -42- بما أنّ الأسقف لا يستطيع في كنيسته أن يترأس بنفسه قطيعه، لا دائماً ولا في كلّ مكان، كان لا بدّ له من إنشاء جماعات من المؤمنين تبرز بينها الرّعايا المنتظمة محليّاً برعاية راع يحلّ محلّ الأسقف: إنّها تمثل نوعاً ما الكنيسة المنظورة القائمة على الكرة الأرضية.
لهذا يجب تشجيع حياة الرعيّة الليترجيّة وارتباطها بالأسقف، وذلك في نفس المؤمنين ورجال الإكليروس وفي سيرة حياتهم العمليّة، ويجب العمل على أنّ يزدهر روح الجماعة الراعويّة، ولا سيّما في الاحتفال الجماعي بقدّاس الأحد.
5) تنشيط العمل الراعويّ الليترجيّ
التجدد الراعويّ نعمة من الروح القدس
4043 -43- إنّ الغيرة على تشجيع الليترجيّا المقدّسة وإحيائها هي والحقّ يقال علامة التفات من عناية الله إلى عصرنا الحاضر، وكأنّها مرور للروح القدس بكنيسته، وهو يطبع حياتها بطابع خاصّ، بل يطبع به في زمننا كلّ موقف دينيّ سواء كان في نطاق الشعور أو في نطاق العمل.
لأجل ذلك ولأجل الزيادة في تنشيط العمل الراعويّ الليترجيّ في الكنيسة أقرّ المجمع المقدّس:
لجنة ليترجيّة وطنية
4044 -44- يحسن بالسلطة الكنسيّة المحلية ذات الصلاحيّة، المشار إليها في البند 22 (§ 2)، أن تنشئ لجنة ليترجيّة يساعدها رجال ذوو خبرة في العلم الليترجيّ، والموسيقى، والفنّ الكنسيّ، والشأن الراعويّ. يساند هذه اللجنة،بقدر الإمكان، معهد للراعويّات الليترجيّة مؤلّف من أعضاء يقبل فيما بينهم علمانيّون ضليعون في المّادة، إذا كان ذلك مفيداً. يرجع إلى هذه اللجنة، بإدارة السلطة الكنسية المحلية التي ذكرت آنفاً، أن توجّه العمل الراعويّ الليترجيّ ضمن حدود صلاحيّاتها، وأن تشجّع البحوث والتجارب الضرورية كلما كان هنالك ما يدعو إلى عرض تجديدات على الكرسيّ الرسوليّ.
لجنة ليترجيّة للأبرشية
4045 -45- للسبب عينه تنشأ في كلّ أبرشية لجنة لليترجيّا المقدّسة لكي تنشّط العمل الليترجيّ يإدارة الأسقف.
وقد يكون من المناسب أحياناً أن تجتمع عدّة أبرشيّات على لجنة واحدة تعمل عملاً مشتركاً على تقدّم أمور الليترجيّا.
لجان أخرى
4046 -46- يضاف إلى لجنة الليترجيّا في كلّ أبرشية، حيث يمكن ذلك، لجنة للموسيقى الكنسيّة، ولجنة للفنّ الكنسيّ.
ولابدّ لهذه اللجان الثلاث من أن تتضافر قواها على العمل، وكثيراً ما يحس جمعها في واحدة.
الفصل الثاني: سرّ الإفخارستيّا
القدّاس والسرّ الفصحيّ
4047 -47- إنّ مخلّصنا وضع، في العشاء الأخير، ليلة أسلم ذبيحة جسده ودمه الإفخارستيّة لكي تستمر بها ذبيحة الصليب على مرّ الأجيال، إلى أن يجيء ، ولكي يودع الكنيسة، عروسه الحبيبة، ذكرى موته وقيامته: سرّ تقوى، وعلامة وحدة، ورباط محبّة (36)، ووليمةً فصحيةً يؤكل فيها المسيح، وتمتلئ فيها النفس بالنعمة، ونعطى عربون المجد الآتي (37).
اشتراك المؤمنين الفاعل
4048 -48- والكنيسة تحرص على أن لا يحضر المؤمنون سرّ الإيمان هذا حضوراً خارجياً أو حضور مشاهدين بكم، بل يحضرونه وقد أجادوا فهمه من خلال الطقوس والصلوات، ويشتركون في العمل المقدّس بوعي وتقوى وفاعليّة، ويتفقهون بكلام الله، ويتقوّون بالغذاء إلى مائدة جسد الربّ، ويؤدّون الشكر لله، ويتعلّمون أن يقدّموا ذواتهم، وهم يقدّمون الذبيحة الطاهرة التي لا تقدّم بيد الكاهن منفرداً بل باشتراكهم فيها معه، فيذوبوا يوماً فيوماُ بالمسيح والوسيط (38)، في الوحدة مع الله وفيما بينهم، إلى أن يصير الله أخيراً كلاًّ في الكلّ.
49 – لذلك، ورغبة في أن تحقّق ذبيحة القدّاس كمال فاعلّيتها الرعائيّة، حتّى في شكلها الطقسي، يقرّر المجمع ما يأتي فيما يتعلق بالقدّاسات التي تقام بحضور جمهور كبير من الشعب لا سيّما أيام الآحاد والأعياد المفروضة.
إعادة النظر في رتبة القدّاس
50– يُعاد النظر في رتبة القدّاس، بجيث تظهر، ظهوراُ أوضح، الطبيعة الخاصّة بكلّ جزء من اجزائه، والعلاقة التي تربط هذه الأجزاء فيما بينها، بحيث تسهّل مشاركة المؤمنين فيه مشاركة تقويّة فعّالة. لذلك يجب تبسيط الشعائر، مع الاحتفاظ الأمين بجوهر الطقوس. كما يجب حذف ما تكرّر ، أو ما أضيف دون فائدة كبيرة، على مرّ الأجيال. وأن تعاد، وفقاً للقواعد القديمة التي وضعها الآباء القدّيسون، بعض العناصر التي اختفت بمرور الزمن، وذلك بالقدر الذي يبدو مناسباً أو ضروريّاً.
ترتيب قراءات الكتاب المقدّس
51– يجب، لأجل توفير الغذاء المقدّم للمؤمنين على مائدة كلمة الله، أن تفتح كنوز الكتاب المقدّس على مدى أوسع، بحيث يتسنّى قراءة أهمّ أجزائه على الشعب في عدد محدّد من السنين.
العظة
52– يوصي المجمع كثيراً بالعظة كجزء من الطقس نفسه، تفسّر بها، طيلة السنة الطقسيّة، أسرار الإيمان وقواعد الحياة المسيحيّة استناداً إلى النصوص المقدّسة ولا يجوز التجاوز عن العظة في القدّاسات التي تقام بحضور جمهور من الشعب أيام الآحاد والأعياد المفروضة، إلا لسبب خطير.
صلاة المؤمنين
53– يجب إعادة “الدعاء العام” أو “صلاة المؤمنين”، بعد الإنجيل والعظة، ولا سيّما أيام الآحاد والأعياد المفروضة، حتّى ترفع، باشتراك الشعب، ابتهالات من أجل الكنيسة المقدّسة، ومن أجل الذين يتولون سلطة الحكم، ومن تثقل كاهلهم شتّى الحاجات، ومن أجل جميع البشر،وكذلك طلباً لخلاص العالم بأسره (39).
لغة القدّاس
54– يجوز إعطاء اللغة المحلّية مكانة مناسبة في القدّاسات المقامة بحضور جمهور من الشعب، لا سيمّا في القراءات و”الدعاء العام”، وبمقتضى الظروف المحليّة، في الأجزاء التي تخصّ الشعب، طبقاً للمادة 36 من هذا الدستور.
غير أنه يلزم الحرص على أن يتمكن المؤمنون من أن يقرأوا أو يرتلّوا معاً باللغة اللاتينية الأجزاء التي تخصهّم في الرتبة العاديّة للقدّاس.
ولكن إذا رؤي أن من المناسب استخدام اللغة المحليّة على نطاق أوسع في إقامة القدّاس، فليعمل بما تقتضي به المادة 40 من هذا الدستور.
المناولة ذروة الاشتراك في القدّاس: المناولة تحت الشكلين
55– وتحبذ في القدّاس تلك المشاركة الأتمّ، التي تقوم في أن يتناول المؤمنين جسد الربّ، بعد أن يتناوله الكاهن، من الذبيحة الواحدة.
ومع ثبات المبادئ العقائديّة التي قررّها المجمع التريدنتيني (40)، يمكن منح المناولة تحت الشكلين، وفقاً لتقرير الأساقفة وفي الأحوال التي يحدّدها الكرسي الرسولي، سواء للاكليريكيّين أو للرهبان أو للعلمانييّن. ويكون ذلك، على سبيل المثال للمرتسمين في قدّاس رسامتهم، وللذين يبرزون نذورهم الرهبانيّة في القدّاس المخصّص لذلك، وللمعتمدين في القدّاس الذي يلي قبولهم للعماد.
وحدة القدّاس
56– إن الجزئين اللذين يتكوّن منهما القدّاس، نوعاً ما، أعني ليترجيا الكلمة وليترجيا الإفخارستيا، يرتبطان فيما بينهما ارتباطاً هكذا وثيقاً، بحيث يؤلّفان عمل عبادة واحد. لذلك يحثّ المجمع رعاة النفوس جديّاً أن يعلّموا المؤمنين بهمّة، في التعليم المسيحي، ضرورة حضور القدّاس بأكمله، لا سيّما أيام الآحاد والأعياد المفروضة.
إقامة القدّاس المشترك
57– أولاً: إن إقامة القدّاس المشترك، حيث تظهر على أحسن وحدة الكهنوت، قد بقي معمولاً بها في الكنيسة إلى الآن، في الشرق والغرب على السواء، لذلك رأى المجمع أن يمدّ التصريح بإقامة القدّاسات المشتركة في الحالات الآتية:
أ) يوم خميس العهد، سواء في قدّاس الميرون أو في قدّاس المساء.
ب) القدّاسات التي تقام في المجامع والاجتماعات الأسقفيّة وفي السينودسات.
ج) في قدّاس تكريس الآباتي.
كذلك يمكن إقامة القدّاسات المشتركة، بإذن من الأسقف، الذي يرجع إليه الحكم في ملاءمة ذلك، في الأحوال الآتية:
أ) في القدّاس الذي تلتزم به بعض الجمعيّات الكنسيّة، وفي القدّاس الرئيسي في الكنائس، إذا كانت فائدة المؤمنين لا تستلزم أن يقيم كلّ من الكهنة الحاضرين قدّاساً على انفراد.
ب) في القدّاسات التي تقام بمناسبة اجتماعات الكهنة على جميع أنواعها، سواء أكان هؤلاء الكهنة علمانييّن أم رهباناً.
ثانياً:
أ) للأسقف أن يوجه وينظّم إقامة القدّاسات المشتركة في أبرشيّته.
ب) تبقى لكلّ كاهن مع ذلك حرّية إقامة القدّاس على انفراد، على ألاّ يكون ذلك في نفس الكنيسة وفي الوقت نفسه الذي تتمّ فيه إقامة القدّاسات المشتركة ولا في يوم خميس العهد.
58– يجب تأليف مراسم جديدة لإقامة القدّاسات المشتركة، ويجب إضافتها إلى كتاب المراسم الأسقفيّة وكتاب القدّاس (الخولاجي) الروماني.
الفصل الثالث
سائر الأسرار وأشباه الأسرار
طبيعة الأسرار
59– إن غاية الأسرار هي تقديس الناس، وبناء جسد المسيح، وتأدية واجب العبادة لله، كما أنها، بصفتها علامات، تقوم أيضاً بوظيفة تعليميّة. وهي لا تفترض فقط وجود الإيمان، بل تغذّيه وتعبّر عنه، بما تتضمن من كلام ومواد. لذلك سميّت ” أسرار الإيمان”. وهذه الأسرار تهب النعمة، إلاّ أن إقامتها تهييء أيضاً المؤمنين على أحسن وجه لكي يتلقّوا هذه النعمة عينها بطريقة مثمرة، ولكي يؤدّوا لله العبادة المنشودة، ويمارسوا المحبّة.
ومن ثمّ فمن المهمّ جدّاً أن يفهم المؤمنون بسهولة علامات الأسرار، وأن يعكفوا بعناية كبرى على قبولها، إذ إنها قد أنشئت لتغذية الحياة المسيحية.
أشباه الأسرار
60– ولقد أنشأت الكنيسة المقدّسة بالإضافة إلى ذلك أشباه الأسرار. وهي علامات مقدّسة، تدلّ بنوع خاصّ – على غرار الأسرار – على ثمار روحيّة، يتّم الحصول عليها بفضل ابتهالات الكنيسة. وهي تعدّ البشر لقبول المفعول الرئيسي للأسرار، وبها تتقدّس ظروف الحياة المختلفة.
الطقوس وقيمتها الراعويّة
61– ومن ثمّ فإن الأسرار وأشباه الأسرار تجعل كلّ حدث تقريباً من أحداث الحياة يتقدّس لدى المؤمنين ذوي الاستعداد الحسن، بفضل النعمة الإلهية النابعة من السرّ الفصحي، سرّ آلام المسيح وموته وقيامته، الذي تستمد منه كافة الأسرار وأشباه الأسرار قوّتها. وما من استعمال مستقيم للأشياء الماديّة إلاّ ويمكن توجيهه إلى غاية تقديس البشر وتمجيد الله.
ضرورة التعديل
62– بما أن بعض العناصر قد دخلت على مر الأزمنة في طقوس الأسرار وأشباه الأسرار، وجعلت طبيعتها وغايتها أقلّ وضوحاً، ذلك وجب أن تدخل عليها بعض التعديلات لكي تطابق حاجات العصر فيقرّر المجمع المقّدس ما يلي في شأن إعادة النظر فيها.
اللغة
63– نظراً لأن استعمال اللغة المحلّية في منح الأسرار وأشباه الأسرار، كثيراً ما يكون ذا فائدة كبيرة لدى الشعب، فإنه يجب أن يفسح له مجال أوسع، طبقاً للقواعد التالية:
أ) يجوز استعمال اللغة المحليّة في إقامة الأسرار وأشباه الأسرار طبقاً للمادة 36.
ب) على السلطة الكنسية الاقليمية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من البند 22 من هذا الدستور، أن تعدّ في أقرب وقت كتاباً عن “خدمة الأسرار” خاصّاً بها وفق الطبيعة الجديدة من كتاب “خدمة الأسرار” الروماني، يكون مطابقاً لاحتياجات كلّ منطقة، بما في ذلك اللغة. ويجب استخدام هذا الكتاب في المناطق الخاصّة بكلّ منها بعد اعتماده من الكرسي الرسولي. وعند تأليف كتب “خدمة الأسرار” أو “مجموعات الطقوس” الخاصّة هذه، يجب عدم اغفال التعليمات المدرجة في مطلع كلّ طقس في كتاب خدمة الأسرار الروماني سواء أكانت هذه التعليمات رعائيّة أم طقسية أم كانت ذات أهميّة خاصّة من الناحية الإجتماعية.
إعداد الموعوظين
64– يجب العودة إلى نظام مرحلة الموعوظين البالغين المشتمل على عدّة مراحل متميزّة. ويرجع إلى الأسقف المحلّي الحكم بممارسته في مكان ولايته. وبهذا النظام يمكن تقديس فترة إعداد الموعوظيّن، التي تهدف إلى تثقيفهم بطريقة مناسبة بواسطة شعائر مقدّسة تقام على مراحل متتالية.
65– بالإضافة إلى العناصر المستمدّة من التقاليد المسيحيّة، يجوز في بلاد الارساليّات قبول بعض عناصر التنشئة المستعملة لدى الشعوب المختلفة، وذلك بالقدر الذي يمكن التوفيق بينه وبين الشعائر المسيحية وطبقاً للمواد 37-40 من هذا الدستور.
تجديد طقس العماد
66– يجب إعادة النظر في طقس عماد البالغين بشكليه: الطقس الأبسط والطقس المتّسم بطابع احتفالي أكبر، مع مراعاة العودة إلى مرحلة الموعوظين.ويجب إضافة قدّاس خاص “بمنح المعموديّة” إلى كتاب القدّاس “الخولاجي” الروماني.
67– يجب إعادة النظر في طقس عماد الأطفال الصغار، كما يجب أن يكون ملائماً لحالة الأطفال الواقعيّة. ويجب أيضاً أن يظهر بوضوح دور الأبوين والاشبينين وواجباتهم في الطقس نفسه.
68– يجب ادخال تعديلات في طقس العماد تستعمل، حسبما يراه الأسقف المحلّي، في حالة تعميد عدد كبير من المعمّدين. كما يجب وضع رتبة مختصرة يمكن أن يستعملها مدرّسو التعليم المسيحي والمؤمنون بصفة عامة، بخاصة في مناطق الارساليات، في حالة خطر الموت، عندما يتعذّر وجود كاهن أو شماس إنجيلي.
69– بدلاّ من الطقس الذي يرعى “رتبة تكميل” ما نقص في عماد طفل، يجب وضع نظام جديد يوضّح، بطريقة أكثر جلاء وملاءمة، أن الطفل الذي عمد من قبل بطقس مختصر قد سبق وانضم إلى الكنيسة.
كذلك يجب وضع نظام جديد للذين سبق أن قبلوا عماداً صحيحاً، ويرغبون في الانضمام إلى الكنيسة الكاثوليكيّة، بحيث يعبّر عن قبولهم في شركة الكنيسة.
70– يمكن تكريس ماء العماد، خارج الزمن الفصحي، في نفس طقس العماد.بصيغة مختصرة معتمدة.
تجديد طقس التثبيت
71– كذلك يجب إعادة النظر في طقس التثبيت حتّى تظهر بوضوح العلاقة الوثيقة التي تربط هذا السرّ بكلّ متطلبّات القبول في المسيحية. لذلك من الملائم أن يبق تجديد وعود العماد، مباشرة، شعائر قبول سرّ التثبيت.
ويمكن إذا كان مناسباً منح سرّ التثبيت أثناء القدّاس. أما طقس التثبيت الذي يقام خارج القدّاس، فيجب أن تعدّ له صيغة تتلى على سبيل التمهيد.
تجديد طقس التوبة
72– يجب إعادة النظر في مراسم سرّ التوبة وصيغته، حتّى تعبّر بطريقة أوضح عن طبيعة هذا السرّ ومفعوله.
تجديد طقس مسحة المرضى
73– إن “المسحة الأخيرة” التي يمكن بل يستحسن أن تدعى “مسحة المرضى”، ليست فقط السرّ الخاص بالمشرفين على الموت. وبناء على ذلك فإن الزمن الملائم لقبولها هو بنوع أكيد عندما يتعرّض المؤمنون لخطر الموت بسبب المرض أو الشيخوخة.
74– إلى جانب الطقوس المنفصلة الخاصّة بمسحة المرضى وبالمناولة الأخيرة، يجب وضع رتبة متتابعة يمنح المريض بموجبها المسحة بعد الاعتراف وقبل المناولة الأخيرة.
75– يجب ملاءمة عدد المسحات مع الظروف، كما يجب إعادة النظر في الصلوات الخاصّة بطقس مسحة المرضى، حتى تتجاوب مع مختلف حالات المرضى الذين يقبلون هذا السرّ.
تجديد طقس رتبة الكهنوت
76– يجب إعادة النظر في طقوس الرسامات، سواء فيما يتعلّق بالشعائر أو بالنصوص. أمّا الخطب التي يلقيها الأسقف في مستهل كلّ رسامة أو تكريس، فيمكن أن تكون باللغة المحليّة.
وفي الرسامة الأسقفيّة، يجوز لجميع الأساقفة الحاضرين أن يشتركوا في وضع اليد.
تجديد طقس الزواج
77– يجب إعادة النظر في طقس الزواج المدرج في كتاب “خدمة الأسرار” الروماني، بحيث يكون أوفر غنى، حتّى يعبر بطريقة أوضح عن نعمة هذا السرّ ويرسّخ في أذهان الزوجين واجباتهما المتبادلة.
“وإذا كانت قد جرت بعض المناطق على استعمال عادات وشعائر أخرى جديرة بالثناء في الاحتفال بسرّ الزواج، فإن المجمع المقدّس يرغب كلّ الرغبة في الابقاء عليها تماماً (41).
وللسلطة الكنسيّة الاقليميّة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 22 من هذا الدستور، أن تضع، وفقاً للمادة 63، طقساً خاصاً يتلاءم مع العادات الجارية في الأماكن وبين الشعوب المختلفة، مع ثبات القانون الذي يفرض على الكاهن الذي يحضر الزواج أن يطلب ويتلقّى رضى الطرفين المتعاقدين.
78– يجب إعادة احتفال سرّ الزواج أثناء القدّاس، بعد تلاوة الإنجيل والعظة، وقبل “دعاء المؤمنين” ويجوز أن تتلى الصلاة على الزوجة باللغة المحليّة، بعد تعديلها بحيث تبرز بجلاء واجبات الزوجين المتساوية من حيث الأمانة المتبادلة.
أمّا إذا احتفل بسرّ الزواج دون إقامة القدّاس الإلهي، فإنه يجب تلاوة الرسالة والإنجيل المنصوص عليهما في قدّاس الزواج في بدء المراسيم ويمنح الزوجان البركة في كلّ الأحوال.
تجديد أشباه الأسرار
79– يجب إعادة النظر في أشباه الأسرار، مع مراعاة القاعدة الأساسية المتعلّقة بمشاركة المؤمنين مشاركة واعية عاملة وسهلة، ومع اعتبار مقتضيات عصرنا الحاضر. أمّا فيما يختص بإعادة النظر في كتب خدمة الأسرار طبقاً للمادة 63، فإنه يجوز أيضاً إضافة أشباه أسرار جديدة، حسبما تقتضيه الضرورة.
أمّا “البركات المحفوظة” فيجب أن يكون عددها قليلاً جدّاً وأن تكون مقتصرة على الأساقفة وحدهم وعلى الرؤساء الكنسييّن. وينظر في أن تتوفر عند العلمانييّن الصفات اللازمة ليتمكّنوا من منح بعض أشباه الأسرار، على الأقل في ظروف خاصّة وبتصريح من الأسقف المحلّي.
النذر الرهبانيّ
80– ويجب أيضاً مراجعة طقس تكريس العذارى المنصوص عليه في كتاب “المراسيم الأسقفية” الروماني.
وينبغي أيضاً وضع طقس خاص بابراز النذور الرهبانيّة وبتجديدها، يكون متحلّياً بقدر أكبر من الوحدة والبساطة والهيبة، ويلزم أن يستعمله الذين يبرزون نذورهم الرهبانيّة أو يجدّدونها أثناء إقامة القدّاس وذلك دون مساس بالحقوق الخاصة. ومن المحبّذ أن يتمّ ابراز النذور الرهبانية أثناء القدّاس.
تجديد طقس الجنازات
81– يجب أن يعبّر طقس الجنازات، بمزيد من الجلاء، عن الطابع الفصحي للميتة المسيحية، كما يجب أن يكون أكثر تجاوباً مع الأوضاع والتقاليد الخاصة بكلّ منطقة، حتّى فيما يتعلّق باللون الطقسي.
82– يجب إعادة النظر في طقس دفن الأطفال الصغار، فيوضع له قدّاس خاصّ.
الفصل الرابع
صلوات الساعات (الأجبية)
الأجبية عمل المسيح والكنيسة
83– إن المسيح يسوع، كاهن العهد الجديد الأعظم والأبدي، باتخاذه الطبيعة البشرية، قد أدخل في هذا المنفى الأرضي ذلك التسبيح الذي ينشد في الأوطان السماوية على الدوام. وهو، إذ يضّم إلى ذاته جماعة البشريّة بأسرها، يشركها معه في ترنيم هذا النشيد أي التسبيح الإلهي.
ويواصل المسيح تأدية هذه المهمة الكهنوتية بواسطة كنيسته عينها. فهي لا تنقطع عن تسبيح الرب والتوسل إليه من أجل خلاص العالم كافة، وذلك لا بواسطة إقامة الذبيحة الإلهية فحسب، بل بوسائل أخرى أيضاً، أهمها صلوات الساعات.
84– وُضعت صلوات الساعات طبقاً للتقليد المسيحي العريق بحيث يتقدّس مجرى الليل والنهار جميعاً بتسبيح الله.
إن نشيد التسبيح الرائع هذا، عندما ينشده الكهنة، وغيرهم ممن تنتدبهم الكنيسة وفق أنظمتها لهذا الغرض، أو المؤمنون في صلاتهم المشتركة مع الكاهن بالصيغة المعتمدة، يكون إذ ذاك حقاً صوت العروس نفسها وهي تناجي عريسها، بل بالأحرى صلاة المسيح، متحداً مع جسده السرّي إلى الآب.
85– ومن ثمّ فإنّ جميع الذين يمارسون هذه الصلاة، يتمّمون واجب الكنيسة، كما يشتركون في شرف عروس المسيح الأسمى، إذ إنهم، فيما يؤدون التسابيح لله، يمثلون أمام عرشه تعالى باسم الكنيسة أمنا.
صلوات الساعات مصدر روحيّ خصب
86– على الكهنة القائمين بالخدمة الرعائيّة المقدسة، أن يزيدوا من حرارتهم في تلاوة تسابيح الساعات، بقدر ازدياد وعيهم لواجبهم في حفظ ما أوصى به القدّيس بولس “لا تزالوا مصلّين” (تسالونيكي الأولى 5 : 17). ذلك أن الربّ وحده هو القادر على أن يكفل فاعليّة عملهم ونموّه، طبقاً لقوله تعالى “بدوني لا تستطيعون أن تعملوا شيئاً ” (يوحنا 15 : 5). لذلك فالرسل عندما أقاموا الشمامسة قالوا “ونحن نواظب على الصلاة وخدمة الكلمة” (أعمال 1 : 64).
87– إن المجمع المقدّس – إذ يمضي في الاصلاح الموفّق الذي بدأه الكرسي الرسولي، لكي يؤدي الكهنة وسائر أعضاء الكنيسة صلوات الساعات تأدية أفضل وأكمل وفقاً لمقتضيات الظروف الراهنة – يقرّر مايلي فيما يتعلّق بالصلوات بحسب الطقس الروماني.
ترتيب الساعات
88– بما أن غاية الصلوات هي تقديس اليوم، يجب تعديل المجرى التقليدي لساعات الصلاة، بحيث تكون مطابقة لحقيقة الزمن بقدر الامكان، مع مراعاة الحياة الحالية لاسيما حيث يوجد من يمارسون أعمال الرسالة.
89– لذلك يجب التزام القواعد الآتية في اصلاح صلوات الساعات:
أ) يجب اعتبار صلاة باكر، بصفتها صلوات الصباح، وصلاة الغروب بصفتها صلوات المساء، كساعات أساسية تمثّل قطبي صلوات الساعات اليومية جرياً على تقاليد الكنيسة الجامعة الجليلة. وبالتالي يجب تلاوتها على هذا الاعتبار.
ب) يجب اصلاح صلاة النوم بحيث تتفق حقاً ونهاية النهار.
ج) الساعات المسمّاة “صباحيّة” “صلاة نصف الليل”، فهي وإن وجب أن تحتفظ في الخورس بطابع التسبيح الليلي، فلا بدّ من تعديلها بحيث يمكن تلاوتها في أيّة ساعة من النهار على أن تؤلّف من مزامير أقلّ ومن قراءات أطول.
د) تلغى صلاة الساعة الأولى.
ه) يجب الابقاء على الساعات الصغيرة: “الثالثة، والسادسة، والتاسعة” للخورس. أمّا خارجاً عن الخورس، فيجوز اختيار إحدى هذه الساعات الثلاث، على أن تكون أكثر ملاءمة لوقت النهار.
الصلوات اليوميّة
90– لما كانت صلوات الساعات باعتبارها صلاة الشعب الكنسيّة – مصدراً للتقوى وغذاء للصلاة الشخصية، فإن المجمع يناشد في الربّ الكهنة وجميع الذين يشتركون في صلوات الساعات أن يكون فكرهم مطابقاً لأقوالهم أثناء تلاوتها. وحتّى تتحق لهم هذه الغاية بنوع أفضل، ينبغي لهم أن يحصلوا على ثقافة أكثر غزارة في الطقوس والكتاب المقدّس وخاصة في المزامير.
وعند إنجاز الإصلاح، يجب تعديل كنز صلوات الساعات الجليل والعريق الخاص بالطقس الروماني، بحيث يستطيع جميع الذين يتسلّمونه أن ينتفعوا به بصورة أكثر شمولاً وأيسر تحقيقاً.
توزيع المزامير
91– لكي يتيسر العمل فعلاً بمجرى الساعات المقترح في البند 89، يجب ألاّ توزّع المزامير على أسبوع واحد، بل على مدى أطول من الزمن. ويجب الانتهاء في أقرب وقت ممكن من مراجعة كتاب المزامير، التي بدء العمل بها بطريقة موفقة، مع مراعاة الصيغة المسيحية للغة اللاتينية والاستعمال الطقسي حتّى في التراتيل، وتقليد الكنيسة اللاتينية بأكمله.
القراءات
92– فيما يتعلّق بالقراءات، يجب الالتزام بما يلي:
أ) يجب تنظيم قراءات الكتاب المقدّس، بحيث تكون كنوز كلمة الله قريبة المنال بنوع أسهل وعلى مدى أوسع.
ب) ينبغي اختيار أفضل للقراءات المقتطفة من أعمال الآباء والمعلّمين والكتّاب الكنسييّن.
ج) يجب مراجعة مراجعة سير القدّيسين وفق الحقيقة التاريخية.
الترانيم
93– يجب إعادة الأناشيد إلى صيغتها بقدر ما يبدو ذلك مفيداً، وذلك بحذف أو بتغيير كلّ ما يوحي بانتسابه إلى الأساطير، أو ما لا يتلاءم تماماً مع التقوى المسيحية. ولتتخذ أناشيد أخرى من كنز الأناشيد، إذا كان ذلك مناسباً.
وقت تلاوة الساعات
94– من الأهمية بمكان أن يراعى في أداء صلوات الساعات الوقت الأقرب من الزمن الواقعي لكلّ ساعة قانونية، وذلك بغية تقديس اليوم حقاُ، ولكي تأتي تلاوة الساعات نفسها بثمار روحيّة.
إلزام تلاوة الساعات
95– على الجماعات الملتزمة بالخورس أن تتلو صلوات الساعات يومياً في الخورس، علاوة على القدّاس المقام في الدير طبقاً لما يلي:
أ) الهيئات الكاتدرائية أو الجماعيّة تلتزم بتلاوة أجزاء صلوات الساعات التي يفرضها عليهم القانون العام أو الخاص.
ب) على أن جميع أعضاء هذه الجماعات، الذين قبلوا الدرجات الكبرى أو تقيّدوا بالنذور الدائمة، باستثناء الإخوة الرهبان المساعدين، يجب أن يتلوا على انفراد تلك الساعات القانونية التي لا يؤدونها في الخورس.
96– على الاكليريكيّين غير الملزمين بالخورس – إذا كانوا في الدرجات الكبرى – أن يتلوا يومياً صلوات الساعات كاملة، إمّا مجتمعين وإما منفردين، حسبما تقضي به المادة 89.
97– يجب أن تحدّد القوانين الطقسيّة ما يلاءم من استبدال صلوات الساعات يعمل طقسي. وللرؤساء الكنسييّن – في حالات خاصّة ولأسباب مشروعة – إعفاء مرؤوسيهم كليّاً أو جزئياً من واجب تلاوة صلوات الساعات أو الإذن لهم بالاستعاضة عنها.
المؤسسات الرهبانية
98– إن أعضاء أيّة مؤسّسة من مؤسّسات حالات الكمال الذين يتلون بحكم قوانينهم، بعضاً من صلوات الساعات، يؤدّون بذلك صلاة الكنيسة الجمهورية.
ويؤدّي أيضاً هؤلاء صلاة الكنيسة الجمهوريّة إذا تلوا، بحكم قوانينهم، “فرضاً صغيراً”، على أن يكون قد وضع على غرار صلوات الساعات وأن يكون حائزاً على الاعتماد اللازم.
تلاوة صلوات الساعات جماعيّاً
99– لما كانت صلوات الساعات هي صوت الكنيسة، أي صوت جسد المسيح السرّي بأكمله، الذي يسبّح الله علناً، كان من المحبّذ أن يقوم الإكليريكيّون غير الملزمين بالخورس، وبخاصة الكهنة الذين يعيشون أو الذين يجتمعون معاً، بالاشتراك في تلاوة جزء، لا أقلّ من صلوات الساعات تلاوة جماعيّة.
إلاّ أنه يجب على جميع الذين يتلون صلوات الساعات إمّا في الخورس وإمّا بشكل جماعي، أن ينجزوا المهمّة الموكولة إليهم على أكمل وجه سواء من حيث التقوى الداخلّية أم من حيث التصرف الخارجي.
وعلاوة على ذلك، فإن من الأهمية يمكن أن تكون صلوات الساعات في الخورس وجماعيّة، بقدر ما تسمح به الحال.
اشتراك المؤمنين في صلوات الساعات
100– على الرعاة أن يعملوا على أن تتمّ تلاوة الساعات الرئيسية، وبخاصة صلاة الغروب، في أيام الآحاد والأعياد الرسميّة، بطريقة جماعية في الكنيسة. ويجب حثّ العلمانييّن أنفسهم على تلاوة صلوات الساعات إمّا مع الكهنة، وإمّا مجتمعين فيما بينهم، أو حتّى كلّ بمفرده.
لغة صلوات الساعات
101–
أ) على الإكليريكيّين الاحتفاظ باللغة اللاتينية في تلاوة صلوات الساعات طبقاً لتقليد الطقس اللاتيني العريق. ولكن للرئيس الكنسي أن يأذن باستخدام ترجمة باللغة المحليّة، تكون موضوعة وفقاً للمادة 36، وذلك في حالات فرديّة لهؤلاء الاكليريكييّن الذين يجدون في استعمال اللغة اللاتينية عائقاً في سبيل تأدية صلوات الساعات كما يجب.
ب) أمّا الراهبات وأعضاء مؤسّسات حالات الكمال، رجالاً غير اكليريكيين أم نساء فللرئيس المختصّ أن يأذن لهم باستخدام اللغة المحليّة في أداء صلوات الساعات حتّى عند تلاوتها في الخورس، بشرط أن تكون الترجمة معتمدة.
ج) كلّ من كان ملزماً من الاكليريكييّن بأداء صلوات الساعات، إذا تلاها باللغة المحلّية مع جماعة المؤمنين، أو مع من جاء ذكرهم في الفقرة الثانية، يكون قد أوفى التزامه، على أن يكون نصّ الترجمة معتمداً.
الفصل الخامس
السنة الطقسية
معنى الدورة الطقسيّة
102– ترى أمنّا الكنيسة أنه من واجبها الاحتفال بعمل الخلاص الذي تممّه عريسها الإلهي، بإحياء ذكراه المقدّسة في أيام محدّدة على مدار السنة. وفي كلّ أسبوع في اليوم الذي دعته “يوم الربّ” تحيي الكنيسة ذكرى قيامة السيّد المسيح وهي تعيد أيضاً هذه الذكرى مع ذكرى الآلام المقدّسة، مرة في السنة باحتفال عظيم في عيد الفصح المجيد.
وهي تعرض على مدار السنة سرّ المسيح بأكمله منذ التجسّد والميلاد إلى الصعود وإلى يوم العنصرة وإلى انتظار الرجاء السعيد ومجيء الربّ.
والكنيسة، إذ تحتفل على هذا النحو بأسرار الفداء ، تفتح للمؤمنين الكنوز التي تحتوي عليها كمالات واستحقاقات سيّدها يسوع المسيح، بحيث تصبح حاضرة بنوع ما في كلّ زمن، فيبلغ المؤمنين إلى الاتصال بها ويمتلئون بنعمة الخلاص.
103– إن الكنيسة المقدّسة، إذ تحتفل بأسرار المسيح في دورتها السنويّة، تكرّم بمحبّة خاصّة الطوباويّة مريم والدة الله المتّحدة مع ابنها في العمل الخلاصي اتّحاداً لا ينفصم.
ففي العذراء مريم تتأمّل الكنيسة بإعجاب ثمرة الفداء المباركة وتمجدّها. كما تتأمّل فيها بابتهاج – في صورة بالغة الصفاء – ما تشتهي وترجو أن تكون عليه هي ذاتها وبأكملها.
104– هذا وقد أدخلت الكنيسة في الدورة السنويّة ذكرى الشهداء وغيرهم من القدّيسين، الذين ينشدون لله في السماء التسبيح الكامل ويتشفّعون لنا، بعد أن بلغوا الكمال بفضل نِعَمِ الله المتنوعة الأشكال وفازوا بالخلاص الأبدي. والكنيسة إذ تحيي أعياد ميلادهم تعلن السرّ الفصحي في هؤلاء القدّيسين الذين تألّموا مع المسيح وتمجدّوا معه، وتقدّم للمؤمنين قدوتهم التي تجذب الجميع إلى الآب بواسطة المسيح، وتطلب انعامات الله بفضل استحقاقاتهم.
105– أخيراً تكمل الكنيسة تعليم المؤمنين في شتّى أزمنة السنة، وفقاً للأنظمة التقليديّة، بواسطة أعمال تقويّة روحيّة وجسديّة، وبواسطة التعليم، والصلاة، وأعمال التوبة والرحمة.
لذلك رأى المجمع المقدّس أن يقرّر ما يلي:
106– تحتفل الكنيسة بالسرّ الفصحي، طبقاً لتقليد رسولي يرجع أصله إلى يوم قيامة المسيح نفسه من بين الأموات، كل يوم ثامن. وقد دعى هذا اليوم عن حقّ “يوم الربّ” أو يوم الأحد. ففي هذا اليوم يجب على المؤمنين أن يجتمعوا لسماع كلمة الله والاشتراك في سرّ القربان المقدس فيحيوا بذلك ذكرى آلام الربّ يسوع وقيامته ومجده، ويشكروا الله الذي “ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من بين الأموات” (بطرس الأولى 1: 3). ومن ثمّ كان “يوم الربّ” في المرتبة الأولى من أيام الأعياد، واليوم الذي يجب أن يدعى المؤمنون إلى إحيائه وإرساخه في تقواهم، بحيث يصبح أيضاً يوم بهجة وانقطاع عن العمل. أمّا الاحتفالات الأخرى فلا يجوز أن تتقدم عليه، إلاّ إذا كانت فائقة الأهمية، وذلك لأن يوم الأحد هو أساس السنة الطقسيّة كلّها ونواتها.
107– يجب إعادة النظر في السنة الطقسيّة، مع الإبقاء على العادات والقواعد التقليديّة المتعلّقة بالأزمنة المقدّسة أو العودة إليها، وفقاً لظروف عصرنا الحاضر، بحيث تحتفظ بطابعها الأصلي، وذلك حتّى تتغذّى بها تقوى المؤمنين كما يجب بواسطة الاحتفال بأسرار الفداء المسيحي لا سيّما بالسرّ الفصحي.
أمّا التعديلات التي قد تكون ضرورية، حسب الظروف المحليّة، فيجب أن تتمّ طبقاّ للمادتين 39 و40.
108– يجب توجيه قلوب المؤمنين قبل كلّ شيء إلى أعياد الربّ التي بها يتّم الاحتفال بأسرار الخلاص على مدار السنة. وعليه، يجب أن يأخذ الزمن الطقسي مكانه المناسب وأن يتقدّم على أعياد القدّيسين حتّى يتمّ الاحتفال بالدورة الكاملة لأسرار الخلاص كما يجب.
109– يجب ابراز الطابع المزدوج لزمن الصوم الأربعيني، الذي يهيء المؤمنين للاحتفال بالسرّ الفصحي، بخاصة بواسطة ذكرى العماد أو الاستعداد له، بالتوبة، إذ يسمعون كلمة الله بتواتر أكبر ويتفرّغون للصلاة بقدر أوسع. لذلك يجب توضيح هذا الطابع المزدوج بمزيد من الجلاء في الطقوس وفي التعليم الطقسي على السواء وبالتالي:
أ) يجب أن تستعمل على مدى أوسع العناصر المتعلّقة بالعماد الخاصّة بطقوس زمن الصوم الأربعيني. كما ينبغي إعادة بعض تلك العناصر مما سبق استخدامه في التقليد السالف.
ب) وينطبق الأمر على العناصر الخاصّة بالتوبة. وفيما يتعلّق بالتعليم المسيحي، يجب العمل على أن يرسّخ في أذهان المؤمنين، في نفس الوقت، ما للخطيئة من عواقب اجتماعيّة وما للتوبة من طبيعة خاصّة تحمل على بغض الخطيئة بوصفها إهانة لله، ويجب عدم اغفال دور الكنيسة في العمل الخاص بالتوبة، كما يجب الحثّ بشدّة على الصلاة من أجل الخطأة.
110– يجب ألاّ تكون التوبة في زمن الصوم الأربعيني باطنيّة وفرديّة فحسب، بل يلزم أن تكون أيضاً خارجيّة واجتماعية. أمّا ممارسات التوبة فيجب تشجيعها، حسب امكانيّات عصرنا الحاضر وإمكانيات المناطق المختلفة، وفقاً لظروف المؤمنين. ويجب أن توصي بها السلطات السالفة الذكر في المادة 22.
على أن الصوم الفصحي يجب أن يبقى مقدّساً. ويلزم الاحتفال به في كلّ مكان يوم الجمعة من أسبوع آلام المسيح وموته، بل ينبغي مدّه أيضاً إلى يوم السبت المقدّس، حسب الظروف، ليبلغ المؤمنون هكذا إلى أفراح قيامة الربّ بقلب متفتّح ومرتفع.
111– تكرّم الكنيسة القدّيسين وفقاً للتقليد، وتبجّل ذخائرهم وتقدّم للمؤمنين أمثلة مناسبة ينبغي الاقتداء بها.
ويوكل أمر الاحتفال بكثير منها إلى كلّ كنيسة أو شعب أو أسرة رهبانيّة خاصّة، حتّى لا تتقدّم (أعياد القدّيسين) على تلك التي تحتفل بأسرار الخلاص نفسها. ولا يعمّ الكنيسة جمعاء سوى الأعياد التي تحيي ذكرى قدّيسين لهم حقاً أهميّة شاملة.
الفصل السادس
الموسيقى الكنسية
112– وإنّ تقليد الكنيسة الجامعة الموسيقيّ يُعتبر كنزاً لا تقدّر قيمته بثمن وهو يسمو على سائر تعبيرات الفنون، بخاصة أن الترتيل المقدّس، الذي تلازمه الألفاظ، يشكّل جزءاً ضرورياً أو جزءاً لا يتجزّأ من الطقوس الاحتفاليّة.
ومما لا شكّ فيه أن الترانيم المقدّسة قد أشاد بها كلّ من الكتاب المقدّس (42)، والآباء القدّيسين والأحبار الرومانييّن الذين جاءوا في العصر الحديث مقتفين أثر بيوس العاشر، فأوضحوا بمزيد من التدقيق، ما للموسيقى المقدّسة الرعويّة من مهمّة في الخدمة الإلهيّة.
ومن ثمّ فإن الموسيقى المقدّسة تتسم بمزيد من القداسة بقدر ما تزداد علاقتها توطّداً بالعمل الطقسي، سواء أكانت تعرب عن الصلاة بنوع أرق أم تنمّي الاشتراك الجماعي، أو تضفي جلالاً أعظم على الرتب المقدّسة.
على أن الكنيسة تقرّ جميع صيغ الفن الأصيل، إذا استوفت الصفات المطلوبة، وتفسح لها مجالاً في العبادة الإلهية.
فالمجمع المقدّس، مع احتفاظه بما جاء في التقليد والنظام الكنسي من قواعد وأحكام، ومراعاته غاية الموسيقى المقدّسة أي مجد الله وتقديس المؤمنين، يقرّر ما يلي:
113– إن العمل الطقسي يكتسب صيغة أنبل حينما يتمّ أداء الخدمات الإلهية بطريقة احتفالية مرتّلة، مع حضور الاكليريكييّن ومع اشتراك الشعب اشتراكاً فعلياً. وفيما يتعلّق باللغة التي يجب استعمالها ينبغي التمسّك بأحكام المادة 36، وفيما يتعلّق بالقدّاس بأحكام المادة 54، وفيما يتعلّق بالأسرار بأحكام المادة 63، وفيما يتعلّق بصلوات الساعات بأحكام المادة 101.
114– يجب حفظ كنز الموسيقى المقدّسة ورعايته كلّ الرعاية، ويجب أن يدأب المسؤولون على تنمية مدارس الترتيل لا سيّما في الكنائس الكاتدرائيّة. وعلى الأساقفة وسائر الرعاة أن يحرصوا كلّ الحرص على تمكين جماعة المؤمنين في كلّ عمل كنسي يجب أن يؤدّى مرتلاً ومن تحقيق المشاركة الفعليّة الخاصة بهم، وفقاً للمادتين 28 و30.
115– يجب أن يولى اهتمام كبير بتعليم الموسيقى وبممارستها في المعاهد الإكليريكيّة، وفي أديرة الابتداء ودور التعليم الخاصّة بالرهبان والراهبات، وفي سائر المعاهد والمدارس الكاثوليكيّة أيضاً. وضماناً لهذا التثقيف يجب الاهتمام كثيراً بإعداد أساتذة أكفّاء لتعليم الموسيقى المقدّسة. ويوصى بإنشاء معاهد عليا للموسيقى الكنسيّة، بقدر ما يكون ذلك ملائماً. ويلزم تثقيف الموسيقى للمرتّلين لا سيّما الأولاد، تثقيفاً طقسيّاً صحيحاً.
116– تعتبر الكنيسة الترتيل الغريغوري الترتيل الخاص بالطقس الروماني. فهو الذي يجب أن يحتلّ المكانة الأولى في الأعمال الطقسيّة، مع تساوي الظروف الأخرى.
على أن الأنواع الأخرى من الموسيقى المقدّسة، لا سيّما الموسيقى المتعدّدة الأصوات، فلا يمنع اطلاقاً استعمالها في الاحتفال بالخدمات الإلهيّة، بشرط أن توافق روح العمل الطقسي طبقاً للمادة 30.
117– يجب استكمال الطبعة النموذجيّة لكتب الترتيل الغريغوري. لا بل يلزم إعداد طبعة منقّحة تنقيحاً أوفى للكتب التي يتمّ طبعها بعد الاصلاح الذي تولاه القدّيس بيوس العاشر.
وكذلك من المناسب إعداد طبعة تتضمّن أنغاماً أكثر بساطة لاستعمالها في الكنائس الصغرى.
118– يجب العمل بفطنة على تشجيع الترتيل الديني الشعبي، حتّى يمكن أن تعلوا أصوات المؤمنين في الأعمال التقويّة المقدّسة، وفي الأعمال الطقسيّة ذاتها، وفقاً لقواعد وأحكام القوانين الطقسيّة.
119– لما كان للشعوب في المناطق، لا سيما في بلاد الارساليّات، تقليد موسيقى خاص يحتلّ مكانة كبيرة في حياتها الدينية والاجتماعية، وجب أن تولى هذه الموسيقى ما تستحقّه من تقدير ومن مكانة لائقة، سواء في تشكيل الوعي الديني لهذه الشعوب، أم في جعل العبادة مطابقة لطابعها الخاص، وفقاً لروح المادتين 39 و40.
لذلك يجب أن نعنى العناية كلّها بتثقيف المرسلين بالموسيقى حتّى يكونوا – بقدر ما يمكن – أهلاً للارتقاء بالموسيقى التقليديّة عند تلك الشعوب في المدارس وفي الأعمال الطقسية على سواء.
120– يجب أن يكون للأرغن ذي الأنابيب تقدير عظيم في الكنيسة اللاتينية، بوصفه الآلة الموسيقيّة التقليدية، التي يمكن بصوتها، أن يضفي على الحفلات الكنسيّة بهاء وروعة وأن يرفع قلوب المؤمنين بحرارة إلى الله وإلى الأعالي.
أمّا الآلات الموسيقية الأخرى فيجوز قبولها، بناء على حكم وموافقة السلطة المحلّية وفقاً للمواد 22 فقرة ثانية و36 و40، في ممارسة العبادة الإلهية، على أن تكون ملائمة للاستعمال المقدّس، أو يمكن أن يصبح كذلك، وأن تكون لائقة بكرامة المعبد، وأن تساعد حقاً على بناء المؤمنين.
121– على الموسيقين، وهم مفعمون بالروح المسيحيّة، أن يدركوا أنهم مدعون إلى العناية بالموسيقى المقدّسة وإلى إنماء كنوزها.
وعليهم أن يؤلفوا ألحاناً تتسم حقاً بطابع الموسيقى المقدّسة، ولا تقتصر إمكانية ترتيلها على مجموعات المرتلّين الكبرى، بل تكون مناسبة للمجموعات الصغيرة، وتشجّع كلّ جماعة المؤمنين على المشاركة الفعليّة.
النصوص المعدّة للترتيل الكنسي، يجب أن تكون مطابقة للعقيدة الكاثوليكية بل يجب استقاؤها على الأفضل من الكتب المقدّسة والمصادر الطقسيّة.
الفصل السابع
الفنّ الكنسيّ وأثاث الكنيسة
122– تعدّ الفنون الجميلة بحقّ، لا سيّما الفن الديني وذروته الفنّ المقدّس، من أشرف ما يمارسه عقل الإنسان. وهذه الفنون تعبّر بطبيعتها عن الجمال الإلهي غير المتناهي، الذي ينبغي التعبير عنه، نوعاً ما، بواسطة الأعمال البشريّة. وهي تتجّه بقدر أعظم إلى الله وإلى إنماء تسبيحه ومجده، نظراً لأنّه لا غاية لها سوى الاسهام، بأقصى قدر ممكن، في توجيه البشر بتقوى نحو الله.
لذلك كانت أمنا الكنيسة المقدّسة دائماً راعية للفنون الجميلة، وما برحت تطلب ما تؤدّيه تلك الفنون الجميلة من خدمة نبيلة، بخاصة لكي تكون الأشياء التي تستخدم في العبادة لائقة حقاً، وذات بهاء وجمال إذ إنها تدلّ على الأشياء العلويّة وترمز إليها. والكنيسة قد عملت دائماً على تثقيف الفنانين بل إنها تصرّفت على الدوام، وبكلّ حقّ، كحَكَم بالنسبة إلى الفنون الجميلة. فهي تتبيّن من أعمال الفنانين ما يتفق مع الإيمان والتقوى وشرائع الدين التقليديّة وما يصلح منها للاستعمال الكنسي.
ولقد عنيت الكنيسة بحرص خاص على أن يسهم الأثاث المقدّس اسهاماً لائقاً وجميلاً في إبراز رونق العبادة. وهي تقبل، سواء في المواد أم في الأشكال أم في الزينات، تلك التغييرات التي أدخلها التقدّم الفنّي اسهاماً لائقاً وجميلاً في إبراز رونق العبادة على مرّ الزمن.
وعليه قرّر الآباء في هذا الشأن مايلي:
123– لم تخصّ الكنيسة نفسها أبداً بأي أسلوب فنّي. فقد قبلت الأنواع الشائعة في كلّ عصر، حسب اطباع الشعوب وظروفها، وطبقاً لمقتضيات الطقوس المختلفة. وبذلك خلقت الكنيسة، على مرّ الأجيال كنزاً فنياً يجب حفظه بكلّ عناية وحرص.
ويجب أن ينال فن عصرنا وفن جميع الشعوب والمناطق حرّية الممارسة في الكنيسة، بشرط أن يخدم الأبنية والطقوس المقدّسة، بما يجب لها من الكرامة والاحترام، وذلك حتّى يستطيع هو أيضاً أن يضمّ صوته إلى نشيد المجد الرائع الذي أنشده عظماء الرجال عبر القرون الماضية تكريماً للإيمان الكاثوليكي.
124– على الرؤساء الكنسييّن – في عملهم على تنمية وتشجيع الفن المقدّس الأصيل – أن يؤثروا بالأحرى الرونق الجمال النبيل على الفخامة الصرف وهذا ما ينطبق أيضاً على الملابس والزينات المقدّسة.
على الأساقفة أيضاً أن يستبعدوا بعناية، عن بيوت الله وعن سواها من الأمكنة المقدّسة، أعمال الفن التي تنافي الإيمان والآداب والتقوى المسيحيّة والتي تسيء إلى المشاعر الدينيّة الحقّة، إمّا بسبب الفساد في الأشكال، أو بسبب ما يوصم به فنّها من نقص أو رداءة أو غش.
في تشييد الأبنية المقدّسة، يجب الحرص جيّداً على أن تكون صالحة لأداء الشعائر الطقسيّة، وأن تيسرّ للمؤمنين المشاركة الفعليّة في الطقوس.
125– يجب المحافظة بثبات على ما جرت عليه العادة من عرض الصور المقدّسة في الكنائس ليكّرمها المؤمنون، على أن يكون عرضها معتدلاً في العدد، ومنسجماً في الترتيب، حتّى لا تثير دهشة الشعب المسيحي ، وحتى لا تستدرجه إلى تعبُّد لا يكون قويماً من جميع الوجوه.
126– على الأساقفة المحليّين، عند الحكم على الأعمال الفنية، أن يستشيروا اللجنة الابرشيّة المختصّة بالفنّ المقدّس، وكذلك – عند اللزوم – غيرها من أهل الخبرة العالية واللجان المنصوص عليها في المواد 44 ، 45 ، 46.
وليسهر الرؤساء الكنسيّون بعناية، على منع التصرّف في الأثاث الكنسي وفي التحف الثمينة، بوصفها زينات لبيت الله وحده، حتّى لا يتمّ نقلها أو تبديدها.
127– على الأساقفة – إمّا بأنفسهم، أو بواسطة كهنة أكفاء تتوفّر فيهم الدراية بالفن وحبّه – أن يعتنوا بالفنانين، ليبثوّا فيهم روح الفنّ المقدّس والطقوس المقدّسة.
وعلاوة على ذلك، يوصي المجمع بإنشاء مدارس أو كليّات للفنّ المقدّس لتكوين الفنانين، في المناطق التي يتيسّر فيها ذلك.
وعلى جميع الفنانين الذين، بوحي مواهبهم، يبتغون خدمة مجد الله في الكنيسة المقدّسة، أن يتذكّروا دائماً أن عملهم بمثابة اقتداء مقدّس بعمل الله الخالق، وأن أعمالهم معدّة للعبادة الكاثوليكيّة، ولبنيان المؤمنين وحملهم على التقوى وتثقيفهم الديني.
128– يجب إعادة النظر، في أقرب وقت ممكن، في القوانين واللوائح الكنسيّة التي تتناول مجموعة الأشياء الخارجيّة المتعلّقة بالعبادة المقدّسة، لا سيّما ما يخصّ التشييد الملائم واللائق للأبنية المقدّسة وأشكال الهياكل وبناءها، وكرامة بيت القربان ومكانه وأمانه، وكرامة جرن المعموديّة، والوضع الملائم له، والتنسيق المناسب للصور الدينيّة والزينة والزخرفة، وذلك في نفس الوقت الذي يتمّ فيه إعادة النظر في الكتب المقدّسة طبقاً للمادة 25، وما يبدو أقلّ ملاءمة للطقوس المجدّدة ينبغي حذفه أو تعديله، أمّا ما يناسبها فيجب حفظه واستحداثه.
وفي هذا الشأن – لا سيّما فيما يتعلّق بمادة وشكل الأثاث والملابس المقدّسة – يصرح لهيئة الأساقفة الإقليميّة بأن تعمل التعديلات الملائمة للمقتضيات والعادات المحليّة، طبقاً للمادة 22 من هذا الدستور.
129– يجب تثقيف الاكليريكييّن – أثناء دراستهم الفلسفيّة واللاهوتيّة – في تاريخ الفنّ المقدّس وتطورّه، وفي الأصول الصحيحة التي يجب أن تستند إليها أعمال هذا الفنّ، حتّى يقدّروا الآثار الكنسيّة الجليلة ويصونوها ويكونوا أهلاً لإسداء النصح الموفّق إلى الفنانين في تصنيف أعمالهم.
130– من اللائق أن يقتصر استعمال الشارات الأسقفيّة على الشخصيّات الكنسيّة التي تتمتّع بالصفة الأساقفيّة أو بولاية خاصّة.
ملحق :
في شأن إعادة النظر في التقويم
إن المجمع المسكوني المقدّس الفاتيكاني الثاني- تقديراُ منه للأهميّة الكبرى للرغبات التي أبداها الكثيرون في تحديد يوم أحد معيّن لعيد الفصح، وفي تثبيت التقويم، وبعد إمعان النظر في جميع النتائج التي يمكن أن تترتّب على استحداث تقويم جديد، يصرّح بما يلي:
1- لا يعارض المجمع المقدّس تحديد يوم أحد معيّن لعيد الفصح في التقويم الغريغوري، وذلك بموافقة من يهمّهم الأمر، لا سيّما من الإخوة المنفصلين عن شركة الكرسي الرسولي.
2- يصرّح المجمع المقدّس أيضاً بأنه لا يعارض المشروعات التي تستهدف وضع تقويم دائم في المجتمع المدني.
والأنظمة التي لا تعارضها الكنيسة – من بين تلك الأنظمة المقترحة لوضع تقويم دائم وادخاله في المجتمع المدني – هي فقط الأنظمة التي تحافظ على الأسبوع ذي الأيام السبعة مع الأحد، دون أن تدرج أياماً أخرى خارج الأسبوع، بحيث يبقى تتابع الأسابيع سليماً، إلاّ إذا طرأت أسباب شديدة الخطورة، يترك أمر البت فيها لحكم الكرسي الرسولي.
إن كلّ ما ورد في هذا الدستور، جملة وتفصيلاً، قد حاز رضى آباء المجمع المقدّس. ونحن بمقتضى السلطة الرسوليّة التي عهد بها إلينا السيد المسيح، وبالاتحاد مع الآباء الأجلاء، نقبله ونثبّته ونقرّه بالروح القدس. وما تحدّد هكذا بصورة جماعية، نأمر بإعلانه لمجد الله.
روما، في كنيسة القدّيس بطرس، في 4من ديسمبر 1963
أنا بولس أسقف الكنيسة الكاثوليكية
(تتبع توقيعات آباء المجمع)
مراجع الدستور في “الطقوس المقدسة”
1-الصلاة السريّة للأحد التاسع بعد العنصرة.
2-راجع عبرانييّن 13 : 14 .
3-راجع أفسس 2 : 21 – 22 .
4-راجع أفسس 4 : 13 .
5-راجع أشعيا 11 : 12 .
6-راجع يوحنّا 11 : 52 .
7-راجع يوحنّا 10 : 16 .
8-راجع أشعيا 61 : 1 ، لوقا 4 : 18 .
9-القدّيس أغناطيوس الانطاكي، “إلى أهل أفسس” 7 ، 2 : طبعة فونك، الآباء الرسوليّون، الجزء الأوّل، توبانج (1901) ص 218 .
10-راجع تيموتاوس الأولى 2 : 5 .
11-خدمة الأسرار الفيروني “اللاوني” : طبعة مولبرج،روما (1956) رقم 1265 ، ص 162 .
12-صلاة الصلح في الزمن الفصحي في كتاب القدّاس (الخولاجي) الروماني.
13-راجع الصلاة التي تقال بعد القراءة الثانية في سبت النور، في كتاب القدّاس (الخولاجي) الروماني، قبل تجديد نظام أسبوع الآلام.
14-راجع مرقس 16 : 15.
15-راجع أعمال 26 : 18 .
16-راجع رومية 6 : 4 ، أفسس 2 : 6 ، كولوسي 3 : 1 ، تيموتاوس الثانية 2 : 11 .
17-راجع يوحنّا 4 : 23 .
18-كورنتوس الأولى 11 : 26 .
19-المجمع التريدنتيني، الجلسة 13 ، 11 أكتوبر 1551 ، مرسوم في سرّ القربان الأقدس، الفصل الخامس: المجمع التريدنتيني، المجموعة الجديدة لليوميات والأعمال والرسائل والمقالات، طبعة جمعيّة جورس، المجلّد السابع، الجزء الرابع من الأعمال، فريبورج بألمانيا (1961) ص 202 .
20-المجمع التريدنتيني، الجلسة 22 ، 17 سبتمبر 1562 ، تعليم “في ذبيحة القدّاس المقدّس” ، الفصل الثاني: المجمع التريدنتيني، الطبعة المذكورة سابقاً، المجلّد الثامن، الجزء الخامس من “الأعمال”، فريبورج بألمانيا (1919) ص 960 .
21-راجع القدّيس أوغسطينوس، في إنجيل يوحنّا ، المقالة السادسة، الفصل الأوّل، رقم 7 : آباء الكنيسة اللاتينيّة 35 ، 1428
22-راجع سفر الرؤيا 21 : 2 ، كولوسيي 3 : 1 ، عبرانييّن 8 : 2 .
23-راجع فيلبي 3 : 20 كولوسي 3 : 4 .
24-راجع يوحنّا 17 : 3 ، لوقا 24 : 27 ، أعمال 2 : 38 .
25-راجع متّى 28 : 20 .
26-صلاة بعد التناول في عشيّة عيد الفصح وأحد القيامة.
27-صلاة القدّاس في اليوم الثالث بعد الفصح.
28-راجع كورنتوس الثانية 6 : 1 .
29-راجع متّى 6 : 6 .
30-راجع تسالونيكي الأولى 5 : 17 ز
31-راجع كورنتوس الثانية 4 : 10 – 11 .
32-الصلاة السرّية في اليوم الثاني بعد العنصرة.
33-القدّيس قبريانوس، “في وحدة الكنيسة الكاثوليكية” 7 : طبعة هارتل، مجموعة كتاب الكنيسة اللاتينية، المجلّد الثالث، 1 فيينا (1868) ص 215 – 216 . وراجع الرسالة 66 ، رقم 8 – 3 : الطبعة المذكورة سابقاً، المجلّد الثالث، 2 فيينا (1871) ص 732 – 733 .
34-راجع المجمع التريدنتيني، الجلسة 22 – 17 سبتمبر 1562 ، تعليم ” في ذبيحة القدّاس المقدّس” الفصل الثامن: المجمع التريدنتيني، الطبعة المذكورة سابقاً، المجلّد الثاني ص 961 .
35-راجع القدّيس أغناطيوس الأنطاكي “إلى أهل مغتيسيا ” 7 . “إلى أهل فيلبي” 4 ، “إلى أهل أزمير” 8 : طبعة فونك المذكورة سابقاً، الجزء الأول ص 236 ، 266 ، 281 .
36-راجع القدّيس أوغسطينوس ، المقالة 26 في انجيل يوحنّا ، الفصل السادس، رقم 13 : آباء الكنيسة اللاتينية 35 ، 1613
37-كتاب صلوات الساعات (الأجنبية) الروماني، في عيد جسد المسيح المقدّس، صلاة الغروب الثانية، مرد تسبحة “تعظم نفسي الربّ”.
38-راجع القدّيس كيرلس الاسكندري، “تفسير في إنجيل يوحنّا” ، الكتاب الحادي عشر، الفصل 11 – 12 : آباء الكنيسة اليونانيّة 74 ، 557 –564 .
39-راجع تيموتاوس الأولى 2 : 1 – 2 .
40-الجلسة 21 ، 16 يوليو 1562 ، تعليم ” في المناولة تحت الشكلين ومناولة ص 698- 699 .
41-المجمع التريدنتيني، الجلسة 24 ، 11 نوفمبر 1563 ، ” في الإصلاح” ، الفصل الأوّل: المجمع التريدنتيني، الطبعة المذكورة سابقاً، المجلّد التاسع، الجزء السادس من “الأعمال” ، فريبورج بألمانيا (1924) ص 969 . راجع كتاب “خدمة الأسرار” الروماني ، الباب الثامن، الفصل الثاني، رقم 6 .
42-راجع أفسس 5 : 19 ، كولوسي 3 : 16 .
الموسوعة العربية المسيحية
Discussion about this post