ArabicArmenianChinese (Simplified)DutchEnglishFrenchGermanGreekItalianKurdish (Kurmanji)PortugueseRussianSpanishTurkish
موقع سلطانة الحبل بلا دنس
  • الصفحة الرئيسية
  • القداس والقراءات
    • زمن الميلاد – القداس الماروني
    • زمن الدنح – القداس الماروني
    • زمن الصوم – القداس الماروني
    • زمن القيامة – القداس الماروني
    • زمن العنصرة – القداس الماروني
    • زمن الصليب – القداس الماروني
    • أعياد ومناسبات – القداس الماروني
    • أعياد + نافور شرر – القداس الماروني
    • نوافير القداس – طقس ماروني
    • الرتب الطقسية – طقس ماروني
    • الروزنامة الروحية 2024-2025
    • المفكرة الليتورجية المارونية 2024-2025
    • تراتيل زمن الميلاد – طقس ماروني
  • الصلوات الطقسية
    • صلوات زمن الميلاد – طقس ماروني
    • صلوات زمن الدنح – طقس ماروني
    • صلوات زمن الصوم – طقس ماروني
    • صلوات زمن الالام – طقس ماروني
    • صلوات زمن القيامة – طقس ماروني
    • صلوات زمن العنصرة – طقس ماروني
    • صلوات زمن الصليب – طقس ماروني
    • صلوات أعياد ومناسبات – طقس ماروني
    • الرتب الطقسية – طقس ماروني
    • رتب وصلوات وتبريكات خاصة بالكهنة
    • تساعية الميلاد – 15 كانون الأول
    • تراتيل زمن الميلاد – طقس ماروني
    • درب وزياح الصليب
  • الإنجيل الأسبوعي
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الميلاد – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الدنح – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصوم – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن القيامة – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن العنصرة – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصليب – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – الأعياد الثابتة – طقس ماروني
  • قديس اليوم
    • كانون الثاني – سير قديسين
    • شباط – سير قديسين
    • آذار – سير قديسين
    • نيسان – سير قديسين
    • أيار – سير قديسين
    • حزيران – سير قديسين
    • تموز – سير قديسين
    • آب – سير قديسين
    • أيلول – سير قديسين
    • تشرين الأول – سير قديسين
    • تشرين الثاني – سير قدسين
    • كانون الأول – سير قديسين
  • معرض الفيديو
    • افلام يسوع المسيح – فيديو
    • افلام قديسين – فيديو
    • القديسون المسابكييون الموارنة والرهبان الفرنسيسكان – فيديو
    • الكتاب المقدس – فيديو
    • تراتيل – فيديو
    • صلوات – فيديو
    • قداس ماروني – فيديو
    • تساعيات – فيديو
    • كنائس – فيديو
    • تعليم لغات – فيديو
  • وثائق
    • المجامع الكنسية: نيقيا – الفاتيكاني الاول
    • المجمع الفاتيكاني الثاني
    • كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكة
    • مجموعة قوانين الكنائس الشرقية
    • الفن الكنسي
    • تاريخ الايقونة
    • الأيقونة وشرحها
  • Donation
  • PayPal
  • اتصل بنا
No Result
View All Result
موقع سلطانة الحبل بلا دنس
  • الصفحة الرئيسية
  • القداس والقراءات
    • زمن الميلاد – القداس الماروني
    • زمن الدنح – القداس الماروني
    • زمن الصوم – القداس الماروني
    • زمن القيامة – القداس الماروني
    • زمن العنصرة – القداس الماروني
    • زمن الصليب – القداس الماروني
    • أعياد ومناسبات – القداس الماروني
    • أعياد + نافور شرر – القداس الماروني
    • نوافير القداس – طقس ماروني
    • الرتب الطقسية – طقس ماروني
    • الروزنامة الروحية 2024-2025
    • المفكرة الليتورجية المارونية 2024-2025
    • تراتيل زمن الميلاد – طقس ماروني
  • الصلوات الطقسية
    • صلوات زمن الميلاد – طقس ماروني
    • صلوات زمن الدنح – طقس ماروني
    • صلوات زمن الصوم – طقس ماروني
    • صلوات زمن الالام – طقس ماروني
    • صلوات زمن القيامة – طقس ماروني
    • صلوات زمن العنصرة – طقس ماروني
    • صلوات زمن الصليب – طقس ماروني
    • صلوات أعياد ومناسبات – طقس ماروني
    • الرتب الطقسية – طقس ماروني
    • رتب وصلوات وتبريكات خاصة بالكهنة
    • تساعية الميلاد – 15 كانون الأول
    • تراتيل زمن الميلاد – طقس ماروني
    • درب وزياح الصليب
  • الإنجيل الأسبوعي
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الميلاد – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الدنح – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصوم – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن القيامة – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن العنصرة – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصليب – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – الأعياد الثابتة – طقس ماروني
  • قديس اليوم
    • كانون الثاني – سير قديسين
    • شباط – سير قديسين
    • آذار – سير قديسين
    • نيسان – سير قديسين
    • أيار – سير قديسين
    • حزيران – سير قديسين
    • تموز – سير قديسين
    • آب – سير قديسين
    • أيلول – سير قديسين
    • تشرين الأول – سير قديسين
    • تشرين الثاني – سير قدسين
    • كانون الأول – سير قديسين
  • معرض الفيديو
    • افلام يسوع المسيح – فيديو
    • افلام قديسين – فيديو
    • القديسون المسابكييون الموارنة والرهبان الفرنسيسكان – فيديو
    • الكتاب المقدس – فيديو
    • تراتيل – فيديو
    • صلوات – فيديو
    • قداس ماروني – فيديو
    • تساعيات – فيديو
    • كنائس – فيديو
    • تعليم لغات – فيديو
  • وثائق
    • المجامع الكنسية: نيقيا – الفاتيكاني الاول
    • المجمع الفاتيكاني الثاني
    • كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكة
    • مجموعة قوانين الكنائس الشرقية
    • الفن الكنسي
    • تاريخ الايقونة
    • الأيقونة وشرحها
  • Donation
  • PayPal
  • اتصل بنا
No Result
View All Result
موقع سلطانة الحبل بلا دنس
No Result
View All Result
ArabicArmenianChinese (Simplified)DutchEnglishFrenchGermanGreekItalianKurdish (Kurmanji)PortugueseRussianSpanishTurkish

الجزء الأول: الاعتراف بالإيمان – القسم الثاني: قوانين الإيمان – الفصل الثاني: بيسوع ابن الله الوحيد (422-682)

in كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية, يسوع المسيح : ابن الله
A A
207
VIEWS
Share on FacebookShare on Twitter
Print + PDF 🖨

 

الجزء الأول: الاعتراف بالإيمان – القسم الثاني: قوانين الإيمان – الفصل الثاني: بيسوع ابن الله الوحيد (422-682)

كتاب التعليم المسيحي الكاثوليكي

 

 

 

 

الفصل الثاني : أؤمن بيسوع المسيح ابن الله الوحيد :

المقال الأول : البشرى : الله أرسل ابنه

422- ” ولكن لما بلغ ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة , مولودا تحت الناموس , ليفتدى الذين تحت الناموس, وننال التبني “(غل 4:3-5) . هوذا ” بدء إنجيل يسوع المسيح , ابن الله ” : الله افتقد شعبه . لقد أتم الوعود التي قطعها لإبراهيم ونسله. لقد صنع ذلك فوق كل انتظار : إنه أرسل ” ابنه الحبيب”.

423- نؤمن ونعترف بأن يسوع الناصري , المولود من فتاة من إسرائيل , في بيت لحم, في عهد الملك هيرودس الكبير والإمبراطور أوغسطس قيصر الأول , نجار الصنعة , الذي مات مصلوبا في أورشليم إبان حكم والي بنطس بيلاطس , وملك الإمبراطور تيباريوس , هو ابن الله الأزلي المتأنس , وبأنه “خرج من الله” (يو3:13)و”نزل من السماء”(يو13:3 , 33:6), وأتى في الجسد , لأن “الكلمة صار جسدا وسكن في ما بيننا , وقد شاهدنا مجده , مجدا من الآب لابنه الوحيد , الممتلئ نعمة وحقا (…) . أجل , من امتلائه نحن كلنا قد أخذنا ونعمة فوق نعمة ” (يو14:1 , 16).

424- بدافع من نعمة الروح القدس , وبجاذب من الآب نؤمن ونعترف في أن يسوع : “أنت المسيح ابن الله الحي” (متى16:16) . فعلى صخرة هذا الإيمان الذي أعلنه القديس بطرس , بنى المسيح كنيسته . “أن أبشر بغنى المسيح الذي لا يستقصي” (أف 8:3).

425- إن العقيدة المسيحية هي أولا التبشير بيسوع المسيح في سبيل الإيمان به . منذ البدء اضطرم التلاميذ الأولون رغبة في التبشير بالمسيح : “أما نحن , فإنا لا نقدر أن لا نتكلم بما عاينا وسمعنا ” (أع 20:4) وهم يدعون البشر من كل زمان إلى الدخول في فرح شركتهم مع المسيح” . ماسمعناه , وما رأيناه بأعيننا , وما تأملناه وما لمسته أيدينا في شأن ” كلمة الحياة” – لأن الحياة قد ظهرت لنا . إن ما رأيناه وسمعناه به نبشركم أنتم أيضا لتكون لكم أنتم أيضا شركة معنا وشركتنا نحن إنما هي مع الآب ومع يسوع المسيح ابنه , ونكتب إليكم بهذه الأمر ليكون فرحنا مكملا “(1يو 1: 1-4)

في قلب الكرازة : المسيح

426- ” في صميم الكرازة نجد شخصا , شخص يسوع الناصري , ” ابن الآب الوحيد” (…), الذي تألم ومات من أجلنا والذي, وقد قام الآن, يعيش معنا إلى الأبد(…), نقل الكرازة(…) هو كشف الله الأزلي كله في شخص المسيح. هومحاولة اكتناه مدلول حركات المسيح وأقواله , والعلامات التي حققها”. هدف الكرازة :” الإدخال في الشركة مع يسوع المسيح : هو وحده يستطيع أن يقود على محبة الرب في الروح , إلى جعلنا نشترك في حياة الثالوث الأقدس”

427- في الكرازة , المسيح , الكلمة المتجسد وابن الله , هو المعلم – كل سواه يعلم بالرجوع إليه, والمسيح وحده يعلم , وكل من يفعل سواه إنما يعلم بمقدار ماهو ينقل كلامه, تاركا للمسيح أن يعلم , وكل من يفعل لك سواه إنما يعلم المسيحي أن يطبق على نفسه كلمة يسوع العجيبة:” إن تعليمي ليس مني بل ممن أرسلني ” (يو16:7).

428- يجب على كل من دعي إلى “تعليم المسيح” , أن يبحث أولا عن ” هذا الربح الذي يفوق كل ربح, أعني معرفة المسيح” يجب ” القبول بخسران كل شيء(…) في سبيل ربح المسيح وفي سبيل أن يوجد الإنسان فيه” , وأن أعرفه هو مع قدرة قيامته والشركة مع آلامه , فأصبر على صورته في الموت , على أمل البلوغ إلى القيامة من بين الأموات” (فيل3: 8-11).

429- من هذه المعرفة الحبية للمسيح تتفجر الرغبة في التحدث عنه, في” التبشير” , وحمل الآخرين على ال”نعم للإيمان بيسوع المسيح . ولكن في الوقت نفسه تستيقظ الحاجة إلى معرفة هذه العقيدة معرفة أفضل على الدوام . وفي هذا الهدف, إذا اتبعنا نظام قانون الإيمان , نستعرض أولا ألقاب يسوع الرئيسية: المسيح, ابن الله, الرب(المقال2) . وقانون الإيمان يعترف بعد ذلك بأسرار حياة المسيح الرئيسية: أسرار تجسده(المقال3) , وأسرار فصحه( المقالان4و5), وأخيرا أسرار تمجيده(المقالان 6و7).  

 

المقال الثاني

“وبيسوع المسيح، ابنه الوحيد، ربنا “

 

1- يسوع

430- “يسوع” في العبرانية يعني “الله يخلص”. وإبان البشارة أطلق عليه الملاك جبرائيل اسم يسوع، اسما علماً، يعبر عن هويته ورسالته معاً. وبما أن الله وحده يستطيع أن يغفر الخطايا” (مر 2، 7) فهو من، بيسوع، ابنه الأزلي المتجسد، “يخلص شعبه من خطاياهم” (متى 1، 21). وهكذا فبيسوع يلخص الله كل تاريخه الخلاصي في سبيل البشر.

431- لم يكتف الله، في تاريخ الخلاص، بأن ينقذ إسرائيل” من دار العبودية” (تث 5، 6) بإخراجه من مصر. إنه يخلصه أيضا من خطيئته. وإذا كانت الخطيئة دائما إهانة لله فهو وحده يستطيع أن يغفرها. ولهذا فإسرائيل، وهو يعي أكثر فأكثر شمولية الخطيئة، لن يستطيع من بعد طلب الخلاص إلا باستدعاء اسم الله الفادي.

432- إن اسم يسوع يعني أن اسم الله نفسه حاضراً في شخص ابنه الذي صار إنساناً لافتداءً شاملاً ونهائياً من الخطايا. إنه الاسم الإلهي الذي وحده يجلب الخلاص، وبوسع كل إنسان من الآن فصاعداً أن يدعوه لأنه اتحد بجميع البشر بالتجسد  بحيث إنه “ليس تحت السماء اسم آخر أعطى في الناس به ينبغي أن نخلص “(رسل 4، 12).

433- كان اسم الله المخلص يدعوه الكاهن الأكبر مرة واحدة في السنة لتكفير معاصي إسرائيل ،عندما كان ينضح على غشاء قدس الأقداس من دم الذبيحة. وكان الغشاء مكان حضور الله .عندما قال القديس بولس عن يسوع أن الله “أقامه أداة تكفير بدمه” (رو 3، 25) أراد أن، في بشرية هذا، “صالح الله في المسيح، العالم مع نفسه “(2 كو 5، 19).

434- قيامة يسوع تمجد اسم الله المخلص، إذ إنه، من الآن فصاعداً، سيظهر اسم يسوع، إظها اًر كاملاً، القدرة السامية التي “للاسم الذي يفوق كل اسم” (فيل 2، 9- 10). إن الأرواح الشريرة تخشى اسمه، وباسمه يصنع تلاميذ معجزات، إذ إن كل ما يسألون الآب باسمه يعطيهموه.

435- اسم يسوع هو في قلب الصلاة المسيحية. جميع ابتهالات الليتورجيا تختم بهذه العبارة

“بربنا يسوع المسيح”. وصلاة “السلام عليك، يا مريم” تبلغ الذروة في القول “ويسوع، ثمرة أحشائك ،مبارك”. والابتهال القلبي الشرقي المدعو “صلاة يسوع” يقول: “يا يسوع المسيح، ابن الله ،ربىّ، ارحمني أنا الخاطئ”، عدد كبير من المسيحيين يموتون كالقديسة جان دارك، وعلى لسانهم الكلمة الوحيدة “يسوع”.

 

2- المسيح

436- “المسيح” لفظة مشتقة من اللفظة العبرانية “ماسيا” التي تعني “ممسوح” وهي لا تصبح اسماً علماً ليسوع إلا لأن يسوع يتم الرسالة الإلهية التي تعنيها إتماماً كاملاً ففي إسرائيل كان يمسح باسم الله أولئك الذي كرسوا له في سبيل رسالة آتيه من لدنه. تلك كانت حال الملوك (1 مل 1، 39) والكهنة، وفي بعض الحالات النادرة، الأنبياء. فكان لابد من أن تكون هذه، على وجه سام، حال المسيح الذي سيرسله الله ليقيم ملكوته على وجه نهائي. كان لابد للمسيح من أن يمسحه روح الرب ملكاً وكاهناً معا، ولكن بالإضافة إلى ذلك نبياً. لقد أتم يسوع رجاء إس ارئيل المسيحاني، في مهمته الثلاثية كاهناً، ونبياً،  وملكاً.

437- لقد بشر الملاك الرعاة بميلاد يسوع على انه ماسياّ الذي وعد به إسرائيل “اليوم في مدينة داود ولد لكم مخلص هو المسيح الرب” (لو 2، 11). إنه منذ البدء ذاك الذي“قدسه الآب وأرسله إلى العالم” (يو 10، 36) وحبل به ”قدوساً“  في حشا مريم البتولي. وقد دعا الله يوسف “ليأخذ إلى بيته مريم زوجته” الحامل “للذي حبل به فيها من الروح القدس”(متى 1، 20)، حتى يولد يسوع “الذي يدعى المسيح” من امرأة يوسف في سلالة داود المسيحانية (متى 1، 16).

438- إن تكريس يسوع المسيحاني يظهر رسالته الإلهية “وهذا يدل عليه اسمه نفسه، إذ إن في لسم المسيح يضمر من مسح، ومن مسح، والدهن الذي به مسح: الماسح هو الآب، والمسموح هو الابن، وقد مسح بالروح الذي هو الدهن”. وقد تكشف تكريسه المسيحاني الأزلي في حياته الأرضية في أثناء تعميد يوحنا له عندما “مسحه الله بالروح القدس والقدرة “(رسل 10، 38) “لكي يظهر لإسرائيل” (يو 1، 31) على أنه مسيحه وأعماله وأقواله ستعلنه “قدوس الله”.

439- عدد كبير من اليهود وحتى بعض الوثنيين الذين كانوا يشاركونهم في الرجاء، هؤلاء جميعاً رأوا في يسوع العلامات الأساسية “لابن داود” المسيحاني الذي وعد الله به إسرائيل. لقد قبل يسوع لقب المسيح الذي كان من حقه، ولكن لا على سبيل الإطلاق، لأن فئة من معاصريه كانوا ينظرون إليه نظرة جد بشرية، نظرة سياسية في جوهره.

440- تقبل يسوع اعتراف إيمان بطرس الذي أعلن عنه أنه المسيح، مخبراً بآلام ابن البشر القريبة. لقد كشف المضمون الأصيل لملكه المسيحاني في الهوية السامية لابن الإنسان “الذي نزل من السماء” (يو 3، 13)، وفى رسالته الفدائية كخادم متألم: “لم يأت ابن الإنسان ليخدم بل ليخدم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين” (متى 20، 28). ولهذا فإن المعنى الحقيقي لملكه لم يظهر إلا من على الصليب. وهكذا فبعد قيامته فقط يمكن لملكه المسيحاني أن يعلنه بطرس أمام شعب الله:

“فليعلم يقينا جميع بيت إس ارئيل أن الله قد جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم، رباً ومسيحاً”(رسل36 ،2)

 

3- ابن الله الوحيد

441- ابن الله، لقب كان يعطى في العهد القديم للملائكة، للشعب المختار، لأبناء إسرائيل ،ولملوكهم. وفي هذه الحالات يعني بنوة بالتبني تجعل بين الله وخليقته علاقات ألفة خاصة. عندما كان يقال للملك المسيح المنتظر “ابن الله” لم يكن ذلك يتضمن بالضرورة ـ على حسب المعنى الحرفي لتلك النصوص. انه أكثر من بشر وأولئك الذي دعوا يسوع هكذا على أنه مسيح إسرائيل ربما لم يقصدوا أكثر من ذلك.

442- ليس الأمر كذلك بالنسبة إلى بطرس عندما يعترف بان يسوع هو “المسيح، ابن الله الحي”(متى 16، 16)، إذ إن يسوع يجيبه جواباً احتفالياً: “ليس اللحم والدم كشفا لك هذا، بل أبى الذي في السماوات” (متى 16، 17). وكذلك سيقول بولس في شأن اهتدائه على طريق دمشق:

“لما أرتضى الله، الذي فرزني من جوف أمي ودعاني بنعمته، أن يعلن ابنه في لأبشر به بين الأمم…” (غل 1، 15- 16). “أخذ للحال يكرز في المجامع بأن يسوع هو ابن الله” (رسل 9، 20). وهذا سيكون منذ البدء ركيزة الإيمان الرسولي الذي أعلنه أولا بطرس أساسا للكنيسة.

443- قد يكون بطرس عرف الميزة السامية للبنوة الإلهية في يسوع المسيح، لكون هذا قد ألح إليها بصراحة. أمام المجلس، ويطلب من المدعين عليه بقولهم “أفأنت إذًا ابن الله؟، أجاب يسوع: “أنتم تقولون، أنا هو” (لو 22، 70). وقبل ذلك أشار إلى نفسه بأنه “الابن” الذي يعرف الآب ،والذي هو غير “الخدام” الذي سبق الله وأرسلهم إلى شعبه، وفوق الملائكة أنفسهم. لقد ميز بنوته من بنوة تلميذه فلم يقل قط “أبونا” إلاّ عندما أمرهم قائلاً: “فأنتم إذًا صلوا هكذا: أبانا” (متى 6، 9)؛ وقد شدد على هذا التمييز بقوله “أبي وأبيكم” (يو 20، 17).

444-الأناجيل تروى، في فترتين احتفاليتين، عماد المسيح وتجليه، عن صوت الآب يعلنه “ابنا محبوباً”. والمسيح يعلن عن نفسه أنه “ابن الله الوحيد” (يو 3، 16)، ويؤكد بهذه الصفة كينونته الأبدية. وهو يطلب الإيمان “باسم الله الوحيد”(يو 3، 18) هذا الاعتراف المسيحي يظهر في تعجب قائد المائة أمام يسوع المصلوب: “في الحقيقة كان هذا الرجل ابن الله” (مر 15، 39). في السر الفصحى فقط يستطيع المؤمن أن يعطى بعده الأسمى للاسم “ابن الله.”

445- بعد قيامته تظهر بنوته الإلهية في قوة بشريته المجمدة: “… المقام بحسب روح القداسة ،في قدرة ابن الله، بقيامته من بين الأموات” (رو 1، 4) .وسيستطيع الرسل أن يعترفوا: “وقد شاهدنا مجده، مجداً من الآب لابنه الوحيد الممتلئ نعمة وحقاً” (يو 1، 14).

 

4-  ربّ

446- في الترجمة اليونانية لأسفار العهد القديم، ترجم الاسم الفائق الوصف الذي كشف فيه الله نفسه لموسى أي يهوه، باسم “كيريوس”، أي (“رب”). وقد أصبح منذ ذاك الاسم رب أكثر ما يستعمل للدلالة على الألوهية نفسها لإله إسرائيل. والعهد الجديد يعمد إلى هذا المعنى القوى للاسم “رب” ويطلقه لا على الآب وحسب، ولكن وهنا الأمر الجديد على يسوع أيضا معترفاً به إلهاً.

447-يسوع نفسه يتسمى بهذا الاسم بطريقة خفية عندما يناقش الفريسين في معنى المزمور110، ولكنه يصرح أيضا بذلك في كلامه لرسله. وعلى مدى حياته العلنية كلها كانت مواقف هيمنته على الطبيعة، والأمراض، والشياطين، والموت، والخطيئة، تظهر سيادته الإلهية.

448- كثيراً ما كان الذين، في الإنجيل، يخاطبون يسوع يدعونه “رباً” وهذا الاسم يتضمن احتراما وثقة من قبل الذين يقتربون من يسوع ويترقبون منه عوناً أو شفاءً وبدافع من الروح القدس كان هذا الاسم يعبر عن الاعتراف بسر يسوع الإلهي وهو يصبح في اللقاء مع يسوع الممجد عبادة: “ربي وإلهي” (يو 20، 28) ويصطبغ مذ ذاك بصبغة المحبة والعطف التي ستبقى ميزة التقليد المسيحي: “هو الرب” (يو 21، 7).

449- بإطلاق اللقب الإلهي “ربّ” على يسوع تثبت اعترافات الإيمان الأولى في الكنيسة منذ البدء أن السلطة والكرامة، والمجد الواجبة لله الآب واجبة أيضا ليسوع القائم في “صورة الله” (فيل2، 6)، وأن الآب أظهر سيادة يسوع هذه ببعثة من بين الأموات وبرفعه إليه في مجده.

450- منذ بدء التاريخ المسيحي والاعت ارف بسيادة يسوع على العالم وعلى التاريخ يعنى أيضا الاعتارف بأنه لا يجوز للإنسان ان يخضع حريته الشخصية، إخضاعاً مطلقاً لأي سلطان أرضى، بل الله الآب وحده، وللرب يسوع المسيح: قيصر “الرب” والكنيسة “تؤمن بأن مفتاح تاريخ البشر، ومركزه، وغايته هي في ربها ومعلمها.”

451-الصلاة المسيحية موسومة باسم “الرب”، سواء كان ذلك في الدعوة إلى الصلاة “ليكن الرب معكم”، أو في ختام الصلاة “بيسوع ربنا”، أو أيضا في الهتاف المملوء ثقة ورجاء “ما ران أتى “(“الرب يأتي!”) أو “ما راناتا” (“تعال يارب!)“(1 كو 16، 22)؛ “آمين، تعال أيها الرب يسوع” (رؤ20 ،22)

 

بإيجاز:

452- اسم يسوع يعني “الله يخلص”. الطفل الذي ولدته مريم البتول دعي “يسوع”: “لأنه هو الذي سيخلص شعبه من خطاياه” (متى 1، 2): “ليس تحت السماء اسم آخر أعطى في الناس، به ينبغي أن نخلص”(رسل 4، 12).

453- الاسم “المسيح” يعنى “الممسوح”. يسوع هو المسيح لأن “الله مسحه بالروح القدس والقدرة “(رسل 10، 38). وكان “ذاك الذي يأتي” (لو 7، 19)، موضوع “رجاء إسرائيل “(رسل 28، 20).

454- الاسم “ابن الله” يعنى العلاقة الوحيدة والأزلية بين يسوع المسيح والله أبه: إنه ابن الآب الوحيد، والله ذاته. الاعتارف بأن يسوع المسيح هو ابن الله أمر ضروري لكي يكون الإنسان مسيحياً.

455-الاسم “رب” يعنى السيادة الإلهية. الاعتراف بيسوع رباً، أو الابتهال إليه بهذه الصفة، هما إيمان بألوهيته. “لا أحد يستطيع أن يقول “يسوع رب” إلا بالروح القدس” (1 كو 12، 3). 

 

 

المقال الثالث

“كان الحبل بيسوع المسيح من الروح القدس، ولد من البتول مريم”

 

الفقرة 1 ابن الله صار إنسانا  

1- لماذا صار الكلمة جسدا ؟

456- مع قانون إيمان نيقية-القسطنطينية، نجيب معترفين: “من أجلنا، نحن البشر وفى سبيل خلاصنا، نزل من السماء ،بالروح القدس تجسد من مريم البتول وصار إنساناً”.

457- صار الكلمة جسداً ليخلصنا بمصالحتنا مع الله:  “هو نفسه أحبنا وأرسل ابنه كفارة عن خطايانا( “1 يو 4، 10). “الآبَ أرسلَ ابنَه مُخَ لِصًا للعالم” (1 يو 4، 14). “إن ذاك قد ظهر ليرفع الخطايا( “1 يو 3، 5):

“مريضة، كانت بيعتنا تطلب الشفاء، وساقطة، أن تقال عثرتها، وميتة، أن تبعث حية كنا فقدنا امتلاك الخير، فكان لابد من إعادته إلينا. وكنا غارقين في الظلمات فكان لابد من رفعنا إلى النور؛ وكنا أسرى ننتظر مخلصا؛ وسجناء عونا؛ وعبيداً محراًر. هل كانت هذه الد واعي بدون أهمية؟ ألم تكن تستحق أن تحرك عطف الله إلى حد أن تنزله حتى طبيعتنا البشرية كانت في حالة جد بائسة وجد تعسة؟.”

458- الكلمة صار جسداً لكي نعرف هكذا محبة الله: “بهذا ظهرت محبة الله في ما بيننا بأن الله أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لنحيا به” (1 يو 4، 9)؛ إذ إن الله “أحب العالم هكذا حتى إنه بذل ابنه الوحيد لكيلا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يو 3، 16).

459- لقد صار الكلمة جسداً لكي يكون مثالاً لنا في القداسة: “احملوا نيري عليكم وتعلموا مني “…(متى 11، 29)”أنا الطريق والحق والحياة؛ لا يأتي أحد إلى الآب إلا بي” (يو 14، 6). والآب ،على جبل التجلي يأمر: “اسمعوا له” (مر 9، 7). فهو في الحقيقة مثال التطويبات وقاعدة الناموس الجديد: “أحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا”(يو 15، 12). هذه المحبة تتضمن تقدمة الذات الفعلية في أثره.

460- صار الكلمة جسداً لكي يجعلنا “شركاء في الطبيعة الإلهية” (2 بط 1، 4): “فهذا هو السبب الذي من أجله صار الكلمة بشراً، وابن الله ابن الإنسان: لكي يصير الإنسان ابن الله بدخوله في الشرك مع الكلمة وبنيله هكذا البنوة الإلهية” إذ إن ابن الله صار إنساناً لكي يصيرنا إلها. “ابن الله الوحيد، إذ أراد أن نشاركه في ألوهته، تلبس طبيعتنا حتى إذا صار هو بشراً يصير البشر آلهة.”

 

2- التجسد

461- تعيد الكنيسة تعبير القديس يوحنا“الكلمة صار جسداً”: (يو 1، 14)وتدعو “تجسداً” كون ابن الله اتخذ طبيعة بشرية لكي يحقق فيها خلاصنا. في نشيد يثبته القديس بولس، تتغنى الكنيسة بسر التجسد: 

“ليكن فيكم من الاستعدادات ما هو في المسيح يسوع: فإنه، هو القائم في صورة الله، لم يعتد مساواته لله ]حالة[ مختلسة؛ بل لاشى ذاته، آخذا صورة عبيد، صائ ار شبيها بالبشر، فوجد كإنسان في الهيئة. ووضع نفسه، وصار طائعاً حتى الموت، ]بل[ موت الصليب!” (في 2، 5- 8).

462- والرسالة إلى العبرانيين تتحدث عن السر نفسه: “فلذلك يقول المسيح عند دخوله العالم: ذبيحة وقرباناً لم تشأ، غير أنك هيأت لي جسداً. لم ترتض محرقات ولا ذبائح خطيئة؛ حينئذ قلت: هاءنذا آتى …لأعمل بمشيئتك” (عب 10، 5- 7 )مورداً (مز 40، 7- 9)، حسب السبعينية.

463- الإيمان بالتجسد الحقيقي لابن الله هو العلامة المميزة للإيمان المسيحي: “بهذا تعرون روح الله: إن كل روح يعترف بأن يسوع المسيح فد أتى في الجسد هو من الله( “1 يو 4، 2). ذلك هو يقين الكنيسة البهيج منذ البدء، عندما تتغنى “بسر التقوى العظيم”: “لقد أظهر في الجسد” (1 تي16 ،3)

 

3- إله حق وإنسان حق 

464- إن الحادث الوحيد والفريد جداً لتجسد ابن الله يعنى أن يسوع المسيح إله في قسم منه وإنسان في قسم آخر، ولا أنه نتيجة المزيج المبهم للعنصرين الإلهي والإنساني. لقد صار إنسانا حقاً وبقي إلهاً حقاً. يسوع المسيح هو إله حق وإنسان حق هذه الحقيقة الإيمانية اضطرت الكنيسة إلى أن تدافع عنها وتوضحها خلال القرون الأولى في وجه هرطقات كانت تزروها.

465- الهرطقات الأولى أنكرت ناسوت المسيح الحقيقي أكثر مما أنكرت لاهوته (الظاهرية الغنوصية) ومنذ العهد الرسولي شددت العقيدة المسيحية على التجسد الحقيقي لابن الله “الآتي بالجسد” ولكن منذ القرن الثالث اضطرت الكنيسة إلى أن تناهض بولس السميصاطي، وتثبت في مجمع عقد في إنطاكية، ان يسوع المسيح هو ابن الله بالطبيعة لا بالتبني. ومجمع نيقية المسكونيالأول، سنة 325، اعترف في قانون إيمانه أن ابن الله “مولوداً لا مخلوق، وهو والأب جوهر واحدا” وأدان آريوس الذي ادعّى أن “ابن الله خرج من العدم”، وأنه من “جوهر غير جوهر الآب.”

466- كانت البدعة النسطورية ترى في المسيح شخصاً إنسانياً مقترناً بشخص ابن الله الإلهي.

في وجهها اعترف القديس كيرلس الإسكندري، والمجمع المسكوني الثالث المعقود في أفسس، سنة 431، أن “الكلمة، باتخاذه في شخصه جسداً تحييه نفس عاقلة، صار إنسانا”. ليس لناسوت المسيح شأن إلا في شخص ابن الله الإلهي، الذي اتخذه وخص به ذاته منذ الحبل به. ولهذا أعلن مجمع أفسس، سنة 431، أن مريم أصبحت في الحقيقة والدة الإله بالحبل البشر ي بابن الله في أحشائها: “والدة الإله، لا لكون كلمة الله اتخذ منها طبيعته الإلهية، ولكن لكونه اتخذ منها الجسد المقدس مقروناً بنفس عاقلة، والذي اتحد به الكلمة شخصياً، فكان أنه ولد بحسب الجسد”.

467- أصحاب الطبيعة الواحدة يذهبون إلى أن الطبيعة البشرية توقف وجودها في المسيح كطبيعة بشرية عندما تلبس بها شخصه الإلهي كابن لله. وتجاه هذه البدعة اعترف مجمع خلقيدونية المسكوني ال اربع، في سنة 451: 

“على أثر الآباء القديسين نعلم بالإجماع الاعت ارف بابن واحد هو هو، سيدنا المسيح. هو هو الكامل في اللاهوت، والكامل في الناسوت، هو هو إله حق وإنسان حق، المركب من نفس عاقلة ومن جسد، الذي جوهره جوهر الآب من حيث اللاهوت، وجوهره جوهرنا من حيث الناسوت، الذي “يشبهنا في كل شيء ما عدا الخطيئة”؛ الذي ولده الآب قبل جميع الدهور من حيث الألوهة، وفى هذه الأيام الأخيرة ولد من مريم البتول، والدة الإله، من حيث الناسوت ،لأجلنا ولأجل خلاصنا. واحد هو، وهو نفسه المسيح والرب والابن الوحيد، الذي يجب أن نعترف به في طبيعتين، غير مختلطتين، وغير متغيرتين، ولا منفصلتين. إن اختلاف الطبيعتين لم يلغه اتحادهما، بل بالح ر ي احتفظت كل واحدة بمميزاتها، واجتمعت كلها في شخص واحد وأقنوم واحد.”

468-من بعد المجمع الخلقيدوني، جعل البعض من الطبيعة البشرية في المسيح نوعاً من كيان شخصي وقد ندد بهم المجمع المسكوني الخامس، المنعقد في القسطنطينية، سنة 553، واعترف:

“ليس هنالك إلا شخص واحد، هو سيدنا يسوع المسيح، أحد الثالوث”. فكل ما في ناسوت المسيح يجب أن ينسب إلى الشخص الإلهي على أنه من عمله الخاص، ليس المعج ازت وحسب، ولكن الآلام أيضا، وحتى الموت: “إن الذي صلب بالجسد، سيدنا يسوع المسيح، هو إله حق، رب المجد وواحد من الثالوث الأقدس.”

469-الكنيسة تعترف هكذا أن المسيح إله حقاً وإنسان حقاً بغير انفصال إنه حقاً ابن الله الذيصار إنساناً، أخا لنا، وذلك من غير أن يتوقف عن أن يكو ن إلها، ربنا: 

“لقد ظل ما كان، واتحد ما لم يكنه، على حد نشيد الليتورجيا الرومانية.  وليتورجيا القديس يوحنا الذهبي الفم تعلن وتنشد: “يا كلمة الله الابن الوحيد، الذي لا يموت، لقد رضيت من أجل خلاصنا، أن تتجسد من والدة الإله القديسة مريم الدائمة البتولية، فتآنست بغير استحالة ،وصلبت أيها المسيح الإله، وبالموت وطئت الموت، أنت أحد الثالوث القدوس، الممجد مع الآب والروح القدس. خلصنا.”

 

4- كيف يكون ابن الله إنسانا ؟

470-بما أنه في اتحاد التجسد السري “الطبيعة البشرية متخذة لا ممتصة”، فقد ألجئت الكنيسة عبر القرون إلى الاعتراف بملء حقيقة نفس المسيح البشرية، مع أعمال عقلها وإرادتها، وبجسده البشري. ولكن بإزاء ذلك كان عليها كل مرة أن تذكر بان طبيعة المسيح البشرية هي خاصة شخص ابن الله الإلهي الذي اتخذها. فكل ما هو عليه، وكل ما يعمل فيها مرجعه “إلى أحد الثالوث”. ومن ثم فابن الله يبث ناسوته الطريقة الخاصة لوجوده الشخصي في الثالوث. وهكذا فالمسيح يعبر بشرياً، في نفسه وفي جسده، عن السلوك الإلهي للثالوث.

“اشتغل ابن الله بيدين بشريتين، وفكر بعقل بشري، وعمل بإرادة بشرية، وأحب بقلب بشري؛ وإنه ولد من العذراء مريم، وصار في الحقيقة واحداً مناّ، شبيها بنا في كل شيء ماعدا الخطيئة.”

 

نفس المسيح ومعرفته البشرية

471- ذهب ابوليتاريوس اللاذقاني إلى أن الكلمة في المسيح قام مقام النفس أو الروح. وضد هذا الضلال اعترفت الكنيسة بأن الابن الأزلي اتخذ أيضا نفساً بشرية عاقلة.

472- هذه النفس البشرية التي اتخذها ابن الله هي ذات معرفة بشرية حقيقية. ومعرفة بهذه الصفة لم تكن في ذاتها غير محدودة: كانت تستعمل في الأحوال التاريخية لوجودها في المكان والزمان .ولهذا ارتضى ابن الله، إذ صار إنساناً، أن “ينمو في الحكمة والقامة والنعمة” (لو 2، 52)، وحتى أن يكون في حاجة إلى تتبع ما يقتضيه الواقع البشر ي من تعلم عن طريق الاختبار. وهذا كان يتمشى وحقيقة تنازله الاختياري في” صورة عبد” (في 2، 7).

473- ولكن في الوقت نفسه كانت معرفة ابن الله البشرية الحقيقة هذه تعبر عن حياة شخصه الإلهية. “كانت طبيعة ابن الله البشرية، لا بذاتها بل باتحادها بالكلمة، تعلم وتظهر في ذاتها كل ما يليق بالله. من ذلك أولاً المعرفة الحميمة والمباشرة التي كانت لابن الله المتجسد عن أبيه. وكان الابن يظهر أيضا في عمله البشر ي ما كان له من نفاذ ألهى إلى الأفكار السرية في قلب البشر.

474- وكانت معرفة المسيح البشرية، بفضل اتحادها بالحكمة الإلهية في شخص الكلمة المتجسد ،تتمتع تمتعاً كاملاً بعلم المقاصد الأزلية التي جاء ليكشف عنها. وما يعترف بجهله في هذا المجال، يعلن في موضع آخر أن ليس له أن يكشف عنه.

 

إرادة المسيح البشرية

475-بموازاة ذلك اعترفت الكنيسة في المجمع المسكوني السادس بأن للمسيح إرادتين وفعلين طبيعيين، إلهي  وبشري، لا متعارضين، بل متعاونين، بحيث إن الكلمة المتجسد أراد بشريا، في طاعة أبيه، كل ما أقره إلهيا مع الآب والروح القدس من أجل خلاصنا. إن أراده المسيح البشرية “تتبع إرادته الإلهية، بدون أن تكون معيقة ولا معارضة لها، بل بالحري بخضوعها لهذه الإرادة الكلية القدرة.”

 

جسد المسيح الحقيقي

476-بما أن الكلمة صار جسداً متخذا ناسوتاً حقيقياً فإن جسد المسيح كان محدداً. ولهذا كان بالإمكان “رسم” وجه يسوع البشري. وفى المجمع المسكوني السابع، اعترفت الكنيسة بأنه من الشرعي رسمه في صور مقدسة.

477- وفى الوقت نفسه اعترفت الكنيسة دائماً بان في جسد يسوع “أصبح الله غير المنظور بطبيعته منظوار لعيوننا”. وهكذا فإن ميزات جسد المسيح الفردية تعبر عن شخص ابن الله الإلهي .

وهذا اتخذ لذاته ملامح جسده البشري إلى حد إنها إذا رسمت في صورة مقدسة يمكن إكرامها، إذ إن المؤمن الذي يكرم صورته “يكرم فيها الشخص الذي رسم فيها .”

 

قلب الكلمة المتجسد 

478-يسوع عرفنا وأحبنا جميعاً كما عرف وأحب كل واحد بمفرده، في حياته، وفي نزاعه وآلامه، وأسلم ذاته من أجل كل واحد منا: “أحبني ابن الله وبذل نفسه عني” (غل 2، 20). لقد أحبنا جميعاً بقلب بشر ي. لهذا السبب فقلب يسوع الأقدس، الذي طعن بآثامنا ولأجل خلاصنا، “أيعد العلامة والرمز الجليلين.. لهذه المحبة التي يحب بها الفادي الإلهي، محبة لا تنقطع، الآب الأزلي وجميع البشر في غير استثناء.

 

بإيجاز: 

479-في الزمن الذي حدده الله تجسد ابن الآب الوحيد، الكلام الأزلي، أي كلمة الآب وصورته الجوهرية: بدون أن يفقد الطبيعة الإلهية اتخذ الطبيعة البشرية.

480- يسوع المسيح إله حقيقي وإنسان حقيقي، في وحده شخصه الإلهي؛ ولهذا فهو الوسيط الوحيد بين الله والبشر.

481- في يسوع المسيح طبيعتان، الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية، غير ملتبستين بل متحدتين في شخص ابن الله الوحيد.

482- إذ كان المسيح إلها حقا وإنسانا حقا فهو يملك عقلا وإاردة بشريين متفقين كل الاتفاق، وخاضعين لعقله وإرادته الإلهيين اللذين يشترك فيهما مع الآب والروح القدس.

483-التجسد إذا سر الاتحاد العجيب للطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية في شخص الكلمة الوحيد.

 

 

 الفقرة 2

“.. كان الحبل به من الروح القدس، ولد من البتول مريم”

 

1- كان الحبل به من الروح القدس…

484- بشارة مريم تفتتح “ملء الزمان” (غل 4، 4)، أي إنجاز الوعود  والتهييئات لقد دعيت مريم إلى الحبل بمن “سيحل فيه ملء اللاهوت جسدياً” (كول 2، 9) الجواب الإلهي عن سؤالها: “كيف يكون ذلك وأنا لا أعرف رجلا؟” (لو 1، 34) أعطته قدرة الروح: “الروح القدس يأتي عليك” (لو 1، 35).

485- رسالة الروح القدس ترافق دائما رسالة الابن وتواكبها. فقد أرسل الروح القدس لكي يقدس حشا العذراء مريم ويخصبه إلهياً، هو “الرب الذي يحيي”، فتحبل بابن الآب الأزلي في ناسوت متخذ من ناسوتها.

486- وبما أن ابن الآب الوحيد قد حبل به إنساناً في حشا العذراء مريم فهو “مسيح “أي ممسوح من قبل الروح القدس، منذ بدء وجوده البشر ي، وإن لم يظهر إلا تدريجيا: للرعاة، للمجوس، ليوحنا المعمدان، للتلاميذ. كل حياة يسوع المسيح ستظهر إذًا “كيف مسحه الله بالروح القدس والقدرة “(رسل 10، 38).

 

2- … ولد من البتول مريم

487-ما تؤمن به العقيدة الكاثوليكية بالنسبة إلى مريم يتركز على ما تؤمن به بالنسبة إلى المسيح، ولكن ما تعمله في ما يتعلق بمريم ينير بدوره إيمانها بالمسيح.

 

اختيار مريم

488-“الله أرسل ابنه” (غل 4، 4)، ولكنه هيّا له جسداً. فقد أ ارد الإسهام لحر من إحدى خلائقه.

ولهذا، فمنذ الأزل، اختار الله أما لابنه، إحدى بنات إسرائيل، فتاة من ناصرة الجليل، “عذراء مخطوبة لرجل اسمه يوسف، من بيت داود، واسم العذراء مريم” (لو 1، 26- 27).

“لقد أراد أبو المراحم أن يسبق التجسد قبول من قبل مريم المختارة، بحيث إنه كما أسهمت امرأة في عمل الموت تسهم كذلك امرأة في عمل الحياة.”

489- على مدى العهد القديم هيأت رسالة مريم رسالة نساء قديسات. فأولا كانت حواء. فإنها ،وإن خالفت الوصية، نالت الوعد بنسل يتغلب على الماكر، وبأنها ستكون أما لجميع الأحياء. وبناء على هذا الوعد حبلت سارة بابن على تقدمها في السن. وخلافاً لكل انتظار بشر ي اختار الله ما كان يعد عاجزاً وضعيفاً لكي يظهر أمانته لوعده: حنة، أم صموئيل، دبورة،  ارعوث، يهوديت، أستير، ونساء آخر كثي ارت. مريم “تحتل المكان الأول بين أولئك المتواضعين وفق ارء الرب الذين يرتجون منه الخلاص بثقة وينالونه. ومعها، هي ابنة صهيون المثلى، تتم الأزمنة، بعد انتظار الموعد طويلاً، ويبدأ التدبير الجديد”.

 

الحبل بلا دنس

490- لكي تكون مريم أم المخلص “نفحها الله من المواهب بما يتناسب ومثل هذه المهمة العظيمة” فالملاك جبرائيل يحييها إبان البشارة على أنها “ممتلئة نعمة”. ولكي تستطيع أن توافق موافقة إيمانها الحرة على البشارة بالدعوة التي دعيت إليها، كان لابد لها من أن تكون محمولة على نعمة الله.

491- على مر العصور وعت الكنيسة أن مريم: التي عمرتها نعمة الله” ، قد افتديت منذ حبل بها. هذا ما تعترف به عقيدة الحبل بلا دنس، التي أعلنها البابا بيوس التاسع، سنة 1854: 

“إن الطوباوية العذ ارء مريم قد صينت، منذ اللحظة الأولى للحبل بها، سليمة من كل لطخة من لطخات الخطيئة الأصلية، وذلك بنعمة من الله الكلى القدرة وبإنعام منه، نظراً إلى استحقاقات يسوع المسيح مخلص الجنس البشري”.

492- هذه “القداسة الرائعة والفريدة” التي “أغنين بها منذ اللحظة الأولى من الحبل بها” تأتيها كلهامن المسيح: لقد “افتديت بوجه سام، باعتبار استحقاقات ابنها”. فوق كل شخص آخر مخلوق، “باركها الآب بكل أنواع البركات الروحية في السماوات، في المسيح” (أف 1، 3). إنه “أختارها فيه عن محبة، من قبل إنشاء العالم، لتكون قديسة وبغير عيب أمامه” (أف 1، 4).

493- آباء التقليد الشرقي يدعون والدة الإله “بالكلية القداسة” ويحتفلن بها على أنها “معصومة من كل وصمة خطيئة، لأن الروح القدس عجنها وكونها خليقة جديدة” لقد لبثت مريم طول حياتها بريئة، بنعمة الله، من كل خطيئة شخصية.

 

“فليكن لي بحسب قولك” …

494- عندما بشرت مريم بأنها ستلد “ابن الله العلي” من غير أنها تعرف رجلاً، بقوة الروح القدس، أجابت “بطاعة الإيمان” (رو 1، 5) موقنة بأن “لا شيء مستحيل عند الله: “أنا أمة الرب، فليكن ليس بحسب قولك” (لو 1، 37- 38). وهكذا بإذعان مريم لكلام الله أصبحت أما ليسوع، وإذ اعتنقت بكل رضى، وبمعزل عن كل عائق إثم، الإرادة الإلهية الخلاصية، بذلك ذاتها كلياً لشخص ابنها وعمله، لتخدم سر الفداء، بنعمة الله، في رعاية هذا الابن ومعه.

“لقد صارت بطاعتها، على حد قول القديس إيربناوس، علة خلاص، لها هي نفسها وللجنس البشري كله” ومعه يقول كثيرون من الآباء الأقدمين: “إن العقدة التي نجمت عن معصية حواء قد انحلت بطاعة مريم؛ وما عقدته حواء العذ ارء بعدم إيمانها، حلته العذراء مريم بإيمانها “وبمقارنتهم مريم بحواء، يدعون مريم “أم الأحياء”، وكثيراً ما يعلنون: “بحواء كان الموت وبمريم كانت الحياة.”

 

أمومة مريم الإلهية

495-مريم التي دعيت في الإنجيل “أم يسوع”(يو 2، 1؛ 19، 25) نودي بها، بدافع من الروح القدس، ومن قبل أن تلد أبنها “أم ربي” (لو 1، 43). فهذا الذي حبلت به إنسانا بالروح القدس والذي صار حقاً ابنها في الجسد ليس سوى ابن الآب الأزلي، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس.

والكنيسة تعترف بأن مريم هي حقاً والدة الإله”.

 

بتولية مريم

496- منذ إعلان الصيغ الأولى للإيمان، اعترفت الكنيسة أن يسوع جرى الحبل به بقوة الروحالقدس وحدها، في حشا العذ ارء مريم، مثبته أيضا الناحية الجسدية في هذا الحدث: يسوع حبل به”من الروح القدس بدون زرع رجل” والآباء يرون في الحبل البتولي علامة لأن هذا هو حقاً ابن الله الذي آتى في ناسوت كناسوتنا: 

قال في هذا المعنى القديس إغناطيوس الإنطاكي (أوائل القرن الثاني): “اتضح لي أنكم على أشد اليقين في ما يتعلق بربنا الذي هو في الحقيقة من ذرية داود بحسب الجسد، وابن الله بحسب إرادة الله وقدرته، ومولود حقاً من عذراء … وقد سمر حقاً من أجلنا في جسده في عهد بنطيوس بيلاطس.. فتألم حقا، وحقا قام أيضاً”.

497- الروايات الإنجيلية تري في حبل العذراء عملا إلهيا يفوق كل إدراك إنساني وكل قدرة بشرية: “لذي حبل به فيها إنما هو من الروح القدس”، هكذا قال الملاك ليوسف في شأن مريم خطيبته (متى 1، 20). والكنيسة ترى في ذلك إنجاز الوعد الإلهي الذي نطق به النبي أشعيا قائلاً: “ها إن العذراء تحبل وتلد ابنا” (أش 7، 14)، على ما جاء في الترجمة اليونانية لمتى 1،23

498- أثار صمت إنجيل مرقس ووسائل العهد الجديد أحيانا القلق في شأن حبل مريم البتولي وكان من الممكن أن يتساءل المرء هل في الأمر خرافات أو تركيبات لاهوتية من النوايا التاريخية. فعن ذلك يجب أن يكون الجواب: لقد لقي الإيمان بالحبل البتولي بيسوع معارضة حادة، وهزءا أو سوء فهم من قبل غير المؤمنين، اليهود والوثنين: لم تكن هذه العقيدة معللة بالميثولوجيا الوثنية أو بأي مطابقة لآراء العصر. لم يكن إدراك معنى هذا الحادث ممكنا إلا للإيمان الذي يراه في هذه العلاقة التي تربط ما بين الأسرار، في مجموعة أسرار المسيح، من تجسده إلى فصحه والقديس إغناطيوس الإنطاكي يعرب عن هذه العلاقة ويقول: “لقد جهل سلطان هذا العالم بتولية مريم وولادتها، كما جهل موت الرب: ثلاثة أسرار باهرة تمت في صمت الله.”

 

مريم ـ دائمة البتولية

499- تعمق الكنيسة في إيمانها بالأمومة البتولية قادها إلى الاعتراف ببتولية مريم الحقيقة والدائمة، حتى في ولادتها ابن الله المتأنس. فميلاد المسيح “لم ينقص ببتولية أمه ولكنه كرس كمال تلك البشرية ،ليتورجيا الكنيسة تشيد بمريم على إنها دائمة البتولية.”

500-يعترض على هذا أحيانا بأن الكتاب المقدس يذكر أخوة وأخوات ليسوع والكنيسة أرت دائما أن هذه المقاطع لا تشير إلى أن للعذ ارء مريم أولادا آخرين: وهكذا فيعقوب ويوسى “أخوة يسوع “(متى 13، 55) هم أبناء امرأة اسمها مريم كانت تلميذة للمسيح، أشير إليها بطريقة معبرة على أنها “مريم الأخرى” (متى 28، 1) فالكلام كان على أقرباء ليسوع أدنين، على طريقة تعبيريةمعهودة في العهد القديم.

501-يسوع هو ابن مريم الوحيد. ولكن أمومة مريم الروحية تشمل جميع البشر اللذين أتى ليخلصهم: “ولدت ابنها الذي جعله الله “بكرا ما بين أخوة كثيرين”(رو 8، 29)، أي مؤمنين تسهم محبتها الأمومية في ولادتهم وفي تنشئتهم.”

 

 

أمومة مريم البتولية في تصميم الله

502- يستطيع نظر الإيمان، مرتبطا بمجمل الوحي، أن يكشف الأسباب الخفية التي لأجلها أراد الله، في قصده الخلاصي، أن يولد ابنه من بتول. هذه الأسباب تتعلق بشخص المسيح ورسالته الفدائية كما تعلق بتقبل مريم لهذه الرسالة من أجل جميع البشر.

503-“إن بتولية مريم تظهر مبادرة الله المطلقة في التجسد فأبو يسوع الوحيد هو الله والطبيعة البشرية التي اتخذها لم تبعده قط عن الأب …؛ فهو طبيعيا ابن الآب بلا هوته، وطبيعيا ابن والدته بنا سوته، وهو خصوصا ابن الله في طبيعته.”

504- يسوع حبل به من الروح القدس في حشا العذراء مريم لأنه آدم الجديد الذي يفتتح الخليقة الجديدة: “الإنسان الأول من الأرض من التراب، والإنسان الثاني من السماء( “1 كو 15، 47).

فناسوت المسيح، منذ الحبل به، “مملوء بالروح القدس، لأن الله يعطيه الروح بغير حساب” (يو 3، 34). فمن “ملئه” هو أرس البشرية المفتداة ،“أخذنا نعمة فوق نعمة” (يو 1، 16).

505-يسوع، آدم الجديد، يفتتح، بالحبل البتولي به، الولادة الجديدة لأبناء الله بالتبني في الروح القدس بالإيمان “كيف يكون ذلك؟” (لو 1، 34). الاشتراك في الحياة الإلهية لا يأتي “من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل بل منن الله”(يو 1، 13). فتقبل هذه الحياة بتولي لأن الحياة بكاملها عطية للإنسان من الروح القدس. والمعنى الزواجي في الدعوة البشرية بالنسبة إلى الله يكتمل اكتمالا وافيا في أمومة مريم البتولية.

506-مريم بتول لأن بتوليتها علامة إيمانها الذي “لا يشوبه شك” واستسلامها الكامل لمشيئة الله .فإيمانها هو الذي يخولها أن تصير أما للمخلص: “مغبوطة مريم لكونها نالت إيمان المسيح، أكثر مما لأنها حبلت بجسد المسيح.”

507-مريم بتول وأم معاً، إذ أنها معاً، إذ أنها صورة الكنيسة وأكمل تحقيق لها: “الكنيسة.. تصيرهي أيضا أما بكلام الله الذي تتقبله بإيمان: فبالك ارزة والمعمودية تلد، لحياة جديدة خالدة، أولادا يحبل بهم من الروح القدس، ويولدون من الله. وهي أيضا عذراء، إذ قطعت لعريسها عهداً تحفظه كاملا لا تشوبه شائبة.”

 

بإيجاز:

508- في نسل حواء اختار الله العذارء مريم لتكون أما لابنه. وإذ كانت “ممتلئة نعمة” فهي “خير ثمار الفداء”: فهي منذ لحظة الحبل بها الأولى، صينت على وجه كامل من وصمة الخطيئة الأصلية، ولبثت طول حياتها بريئة من كل خطيئة شخصية.

509- مريم هي حقا “والدة الإله” لأنها والدة ابن الله الأزلي المتجسد، الذي هو نفسه إله.

510- مريم “لبثت بتولا في الحبل بابنها، وبتولا في ولادتها له، وبتولا في حملها له، وبتولا في إرضاعه، بتولا أبدا”: كانت بملء كيانها “أمة الرب” (لو 1، 38).

511- “أسهمت العذارء مريم في خلاص البشر، بإيمانها وخضوعها الاختيارين. لقد فاهت بـ“نعمها”، “باسم الطبيعة البشرية كلها جمعاء”. بطاعتها صارت حواء الجديدة، أم الأحياء.

 

 

 

الفقرة 3- أسرار حياة المسيح

512- قانون الإيمان لا يتحدث، في موضوع حياة المسيح، إلا عن سري التجسد (حبل وميلاد)، والفصح (آلام، وصلب، وموت، ودفن، وانحدار إلى الجحيم، وقيامة، وصعود). ولا يذكر شيئا بصراحة عن أسرار حياة يسوع الخفية والعلنية، إلا أن بنود الإيمان المتعلقة بتجسد يسوع وفصحه تلقي نورا على حياة المسيح الأرضية كلها. كل “ما عمل يسوع وعلم به من البدء حتى اليوم الذي صعد فيه إلى السماء” (أع 1:1-2) يجب أن يؤخذ على نور سري الميلاد والفصح.

513- للكرازة أن تنشر، وفاقا للأحوال، كل غنى أسرار يسوع. تكفي هنا الإشارة إلى بعض العناصر المشتركة في أسرار حياة المسيح(1)، للوصول بعد ذلك إلى رسم الخطوط الكبرى من الأسرار المهمة في حياة يسوع الخفية(2)، والعلنية(3).

 

1. كل حياة المسيح سر

514-أمور كثيرة تستهوي معرفتها الفضول البشري في ما يتعلق بيسوع، ولا ترد في الأناجيل. فلم يقل شيء تقريبا عن حياته في الناصرة، وقسم كبير من حياته العلنية لم يرو خبره . فما كتب في الأناجيل “إنما كتب لكي تؤمنوا أن يسوع هو المسيح، ابن الله، وتكون لكم، إذا آمنتم، الحياة باسمة” (يو 31:20).

515-الأناجيل كتبها أناس كانوا من الأولين في الإيمان وكانوا يريدون أن يشركوا الآخرين في ذلك الإيمان. فإذ عرفوا بالإيمان من هو يسوع، استطاعوا أن يروا ويروا آثار سره في حياته الأرضية كلها. فمن قمط ولادته إلى خل آلامه وإلى كفن قيامته ، كل شيء في حياة يسوع علامة سره. فمن خلال حركاته، ومعجزاته، وأقواله، كشف أن المسيح “يحل فيه كل ملء اللاهوت جسديا” (كو 2: 9). وهكذا ظهر ناسوته أشبه “بالسر” أي العلامة والوسيلة للاهوته وللخلاص الذي يأتي به : ما كان منظورا في حياته الأرضية قاد إلى السر غير المنظور في بنوته الإلهية وفي رسالته الفدائية .

 

عناصر أسرار يسوع المشتركة

516- كل حياة المسيح كشف عن الآب : أقواله وأعماله، صمته وآلامه، طريقة كينونته وكلامه. يستطيع يسوع أن يقول:” من يرني ير الآب” (يو 14: 9)، والآب :” هذا هو ابني الحبيب، فاسمعوا له” (يو 9: 35). وإذ كان ربنا قد تجسد لإتمام مشيئة الآب ، فأصغر ملامح أسراره تظهر لنا “محبة الله لنا” (1 يو 4: 9).

517-كل حياة المسيح سر فداء. الفداء يأتينا قبل كل شيء بدم الصليب ، ولكن هذا السر يعمل على مدى حياة المسيح كلها: في تجسده الذي، إذ صار به فقيرا، يغنينا بفقره ؛ في حياته الخفية التي عوض فيها خضوعه عن عصياننا؛ في كلامه الذي يظهر سامعيه ؛ في أشفيته وإخراجه الشياطين التي بها “أخذ عاهاتنا وحمل أوجاعنا” (متى 8: 17) ؛ في قيامته التي بها يبررنا .

518– كل حياة المسيح سر تلخيص. فكل ما عمله يسوع، وما قاله، وما تألمه، كان هدفه إعادة الإنسان الساقط إلى دعوته الأولى :

” عندما تجسد وصار إنسانا، لخص في ذاته تاريخ البشر الطويل، وحصل لنا الخلاص مختصرا، بحيث أن ما فقدناه بآدم، أي كوننا على صورة الله ومثاله، نستعيده في المسيح يسوع . وهذا الذي حمل المسيح على أن يمر بجميع أعمال الحياة، معيدا إلى جميع البشر الشركة مع الله” .

 

شركتنا في أسرار يسوع

519- كل غنى “معد لكل إنسان، وهو يؤلف خير كل واحد” . المسيح لم يحي حياته لنفسه، بل لنا منذ تجسده ” من أجلنا نحن البشر وفي سبيل خلاصنا” إلى موته ” من أجل خطايانا” (1 كو 15: 3)، وإلى قيامته “لأجل تبريرنا” (رو 4: 25).والآن أيضا هو“لنا شفيع لدى الآب” (1 يو 2: 1)، إذ أنه على الدوام حي ليشفع فينا” (عب 7: 25).فهو مع كل ما عانى في حياته وآلامه لأجلنا مرة واحدة يظل حاضرا أبدا” أمام وجه الله لأجلنا” (عب 9: 24).

520- يظهر يسوع في حياته كلها مثالا لنا : إنه “الإنسان الكامل” الذي يدعونا إلى أن نصير تلاميذه وإلى أن نتبعه: بتنازله قدم لنا مثالا لنتبعه ؛ وبصلاته يجذب إلى الصلاة ؛ وبفقره يدعو إلى قبول اختياري للفقر والاضطهادات .

521- كل ما عانى المسيح في حياته يعمل على أن نعانيه فيه على أن يعانيه فينا. “بالتجسد اتحد ابن الله نوعا ما بكل إنسان” . ونحن مدعوون إلى أن لا نكون إلا واحد معه؛ وما عاناه في جسده من أجلنا وكمثال لنا، يجعلنا نشترك فيه كأعضاء من جسده:

” يجب علنا أن نواصل ونكمل فينا حالات يسوع وأسراره، وأن نسأله غالبا أن يتمها ويكملها فينا وفي كل كنيسته (…)؛ إذ إن في قصد ابن الله أن يجعل لأسراره إشراكا ونوعا من امتداد ومواصله فينا وفي كل كنيسته، بالنعم التي يريد أن يمنحناها، وبالأثر الذي يريد أن يجريه فينا بهذه الأسرار. وبهذه الطريقة يريد أن يتمها فينا ” .

 

2. أسرار حداثه يسوع وحياته الخفية :

التهيئة

522-مجيء ابن الله على الأرض حدث بهذا العظم حتى أن الله أراد أن يهيئه سحابه قرون. طقوس وذبائح، صور “العهد الأول” ورموزه، كل ذلك وجهة الله إلى المسيح؛ إنه ينبىء به بلسان المتعاقبين في اسرائيل؛ ويوقظ في قلوب الوثنيين ترقب هذا المجيء الغامض .

523-القديس يوحنا المعمدان هو سابق الرب المباشر؛ أرسل ليهيىء له الطريق . “نبي العلي”(لو 1: 76)، يفوق جميع الأنبياء ، وهو آخرهم ، يفتتح الإنجيل ؛ يحيي مجيء المسيح ولما يزل في حشا أمه ، ويجد حبوره في أن يكون “صديق العريس” (يو 3: 29)، دالا أنه “حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم” (يو 1: 29). سبق يسوع “في روح إيليا وقدرته” (لو 1: 17)، وشهد له بكرازته، ومعمودية التوبة، وأخيرا باستشهادة .

524-عندما تحتفل الكنيسة بليترجيا تهيئة الميلاد (المجيء) تجعل ترقب الماسيا هذا حاليا. بإشتراك المؤمنين في التهيئة الطويلة لمجيء المخلص الأول، يجددون تشوقهم الحار إلى مجيئه الثاني . والكنيسة عندما تحتفل بميلاد السابق واستشهاده تتحد برغبته:” له ينبغي ان ينمو ولي أن أنقص” (يو 3: 30).

 

سر الميلاد

525-ولد يسوع في ضعه مذود، في أسرة فقيرة ؛ رعاة بسيطون كانوا أول من شهد للحادث. ففي هذه المسكنة يتجلى مجد السماء . والكنيسة لا تألو جهدا في الإشادة بمجد هذه الليلة :

“اليوم البتول تلد الفائق الجوهر، والأرض تقدم المغارة لمن لا يدنى منه. الملائكة مع الرعاة يمجدون، والمجوس مع الكوكب يسيرون، لأنه من أجلنا ولد طفلا جديدا الإله الذي قبل الدهور”.

526- أن “يصير الإنسان طفلا”، بالنسبة إلى الله، هو الشرط لدخول الملكوت؛ ولهذا يجب الاتضاع، والتصاغر؛ وأكثر من ذلك: يجب أن “يولدوا من فوق” (يو 3: 7)، أن “يولدوا من الله” لكي “يصيروا أبناء الله”. سر الميلاد يتم فينا. الميلاد سر هذا “التبادل العجيب”:

“يا للتبادل العجيب! خالق الجنس البشري؟ باتخاذه جسدا ونفسا، يتنازل ويولد من عذراء، وبصيرورته إنسانا بدون وساطة إنسان، ينعم علينا بموهبة ألوهته”.

 

أسرار حداثه يسوع

527-ختان يسوع في اليوم الثامن لميلاده هو علامة دخوله في نسل ابراهيم، في شعب العهد، وخضوعه للناموس ، وانتدابه لشعائر اسرائيل الدينية التي سيشترك فيها سحابة حياته كلها. هذه العلامة هي صورة مسبقة “لختانه المسيح” أي المعمودية .

528- الظهور هو ظهور يسوع على أنه ماسيا اسرائيل، ابن الله ومخلص العالم. وهو، مع اعتماد يسوع في الأردن وعرس قانا يحتفل بالعبادة التي أداها ليسوع “المجوس” الاتون من المشرق . في هؤلاء “المجوس” الممثلين للديانات الوثنية المجاورة، يرى الإنجيل بواكير الأمم التي تتلقى بشرى الخلاص بالتجسد. فمجيء المجوس إلى أورشليم يظهر أنهم عرفوا في طفل بيت لحم، على ضوء النجمة الماسيوي ، ملك الأمم . مجيئهم يعني أن الوثنيين، باكتشافهم يسوع، وبالسجود له على أنه ابن الله ومخلص العالم، يتقبلون المواعيد الماسيوية ، كما احتواها العهد القديم . الظهور يعلن أن “جمهور الوثنيين يدخل في أسرة الأجداد” ، وبالمسيح يكتسب كرامة شعب الله .

529- تقدمة يسوع إلى الهيكل تظهره البكر الذي للرب . مع سمعان وحنة يأتي كل رجاء اسرائيل للقاء مخلصه (هكذا يدعو التقليد البيزنطي هذا الحديث). فيسوع هو الماسيا الذي طالما انتظر، “نور الأمم” و”مجد اسرائيل”، و”هدف المخالفة” أيضا. وسيف الألم الذي أنبئت به مريم ينبىء بتلك التقدمة الأخرى، الكاملة والفريدة، تقدمة الصليب، التي ستعطي الخلاص الذي “أعده الله أمام وجوه الشعوب كلها” .

530-الهرب إلى مصر وقتل الأبرياء يظهران معارضة الظلمات للنور: “أتى إلى خاصته ولم تقلبه” (يو 1: 11). كل حياة يسوع ستكون هدفا للاضطهاد . وسيكون أتباعه شركاء فيه . صعوده إلى مصر يذكر بالخروج ، ويظهر يسوع محررا نهائيا.

 

أسرار حياة يسوع الخفية

531- قاسم يسوع، في القسم الأكبر من حياته، أكثر الناس حالتهم ووضعهم: حياة يومية خالية من الأبهة الظاهرة، حياة عمل يدوي، حياة تدين يهودي خاضعة لناموس الله ، حياة مشتركة من هذه المرحلة كلها كشف لنا عن أن يسوع كان خاضعا لأبويه ، وأنه كان “ينمو في الحكمة والقامة والنعمة أمام الله والناس” (لو 2: 52).

532-خضوع يسوع لأمه وأبيه الشرعي يتم الوصية الرابعة إتماما كاملا. إنه الصورة الزمنية لطاعته البنوية لأبيه السماوي. خضوع يسوع اليومي ليوسف ومريم كان ينبىء ويعلن مسبقا خضوع المسيح في صلاته ببستان الزيتون:”لا مشيئتي …” (لو 22: 42). إن خضوع يسوع في يوميات حياته الخفية كان يفتتح عمل إصلاح ما دمره عصيان آدم .

533- حياة الناصرة الخفية تتيح لكل إنسان أن يشترك مع يسوع في طرائق الحياة اليومية :

“الناصرة هي المدرسة التي يبدأ فيها فهم حياة يسوع: مدرسة الإنجيل (…). درس صمت أولا. فليولد فينا تقدير الصمت، هذا الوضع العجيب والضروري للنفس (…). درس حياة عيلية. فلتعلمنا الناصرة ما العيلة، وما شركة محبتها، وما جمالها القشف والبسيط، وما طابعها المقدس وغير قابل الانتهاك (…) درس عمل. الناصرة، ويا لها من منزل “لابن النجار”! ههنا نود لو نفهم ونعلي القانون القاسي والفدائي للجهد البشري (…)؛ وكم نود أخيرا أن نحيي هنا جميع عمال العالم كله، وأن نريهم مثالهم العظم، وأخاهم الإلهي” .

534-وجود يسوع في الهيكل هو الحدث الوحيد الذي يقطع صمت الأناجيل في شأن سنوات يسوع الخفية. يسوع يجعلنا نستشف في هذا الحدث سر تكرسه الكامل لرسالة تنبع من بنوته الإلهية: “ألم تعلما أني ملتزم بشؤون أبي؟” و”لم يفهم” يوسف ومريم الكلام، ولكنهما تقبلاه بالإيمان، وكانت مريم “تحفظ جميع هذه الأشياء في قلبها” سحابة السنين التي لبث يسوع فيها متواريا وراء صمت حياة عادية.

 

3. أسرار حياة يسوع العلنية

تعميد يسوع

535- افتتحت حياة يسوع العلنية بالمعمودية التي تلقاها من يوحنا في الأردن . كان يوحنا يكرز “بمعمودية توبة لمغفرة الخطايا” (لو 3:3). وكان جمهور من الخطأة والعشارين والجنود ، والفريسيين والصدوقيين والبغايا أتوا ليعتمدوا منه. “حينئذ ظهر يسوع”. فيتردد المعمدان. ويلح يسوع: فينال المعمودية؛ وإذا الروح القدس ينزل بشكل حمامة ويحل عليه؛ وإذا صوت من السماوات يقول:” هذا ابني الحبيب” (متى 3: 13-17). إنه “ظهور” يسوع ماسيا اسرائيل وابن الله .

536-اعتماد يسوع هو، من جهته، قبول وافتتاح رسالته كخادم متألم. إنه يسمح بأن يعد في الخطأة . وهو منذ الآن “حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم” (يو 1: 29)؛ وهو منذ الآن يستبق “معمودية” موته الدامي . إنه يأتي منذ الآن “ليكمل كل بر” (متى 3: 15)، أي ليخضع بكليته لمشيئة أبيه: إنه يرتضي بمحبة معمودية الموت هذه لمغفرة خطايانا . ويقابل هذا الرضى جواب صوت الآب الذي يجعل في ابنه كل مسرته . والروح، الذي يملكه يسوع بمثله منذ الحبل به، يأتي “ويستقر” عليه وهو سيكون ينبوعه لجميع البشر. فعند اعتماده“تنفتح السماوات” (متى 3: 16) التي أغلقتها خطيئة آدم؛ والمياة تتقدس بحلول يسوع والروح القدس، افتتاحا للخلق الجديد .

537-بالمعمودية يشبه المسيحي سريا بالمسيح الذي يستبق بمعموديته موته وقيامته؛ يجب عليه أن يدخل في سر التنازل الوضيع والتوبة، وأن ينزل في الماء مع يسوع، لكي يعود إلى الصعود معه، وأن يولد من الماء والروح لكي يصبح، في الابن، الابن الحبيب للآب، و”يحيا حياة جديدة” (رو 6: 4).

” لندفن ذواتنا بالمعمودية مع المسيح، لكي نقوم معه؛ لننحدر معه، لكي نرفع معه؛ لنصعد معه لكي نمجد فيه” .

“لكل ما جرى في المسيح يعلمنا انه، بعد حمام الماء، ينزل علينا الروح القدس من السماء، وإننا، بتبني صوت الآب لنا، نصبح أبناء الله” .

 

تجارب يسوع

538-الأناجيل تتحدث عن زمن عزلة ليسوع في البرية حالا بعد المعمودية التي نالها من يوحنا: “دفعه الروح إلى البرية” (مر 1: 22)، فأقام يسوع فيها أربعين يوما بغير طعام؛ عاش مع الوحوش وكانت الملائكة تخدمه . في آخر هذا الزمن جربه الشيطان على دفعات ثلاث محاولا أن يختبر موقفه البنوي تجاة الله. فيرد يسوع هذه الحملات التي تلخص تجارب آدم في الفردوس واسرائيل في الصحراء، وينصرف عنه ابليس “إلى الوقت المعين” (لو 4: 13).

539- الإنجيلييون يشيرون إلى المعنى الخلاصي لهذا الحادث العجيب. فيسوع هو آدم الجديد الذي ظل وفيا حيث سقط الأول في التجربة. ويسوع يتم دعوة اسرائيل على وجه كامل: فبخلاف أولئك الذين استفزوا الله قديما سحابة أربعين سنة في الصحراء ظهر المسيح خادما لله، خاضعا تمام الخضوع لمشيئته الإلهية. بهذا التغلب يسوع على ابليس: إنه “ربط القوي” لكي يسترجع أمتعته . إن انتصار يسوع على المجرب في الصحراء استباق لانتصار الآلام، أي خضوع محبته البنوية المطلق للآب.

540- تجربة يسوع تظهر الطريقة التي يعتمدها ابن الله ليكون ماسيا، خلافا للطريقة التي يعرضها عليه ابليس والتي يريد البشر أن ينسبوها إليه. ولهذا تغلب المسيح على المجرب من أجلنا :” فإن الحبر الذي لنا ليس عاجزا عن الرثاء لأسقامنا، بل هو مجرب في كل شيء، على مثالنا، ما خلا الخطيئة” (عب 4: 15). والكنيسة تتحد كل سنة بالصيام الكبير أربعين يوما، بسر يسوع في الصحراء .

 

“ملكوت الله قريب”

541- “بعدما أسلم يوحنا، أتى يسوع إلى الجليل. وقد أعلن فيه البشرى الآتية من الله بهذه الألفاظ: “لقد تم الزمان واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل” (مر 1: 14-15). و”لكي يتم المسيح مشيئة الآب، افتتح ملكوت السماوات على الأرض” ومشيئة الآب هي في “رفع البشر إلى الشركة في الحياة الإلهية” . وهو يفعل ذلك في جمع البشر حول ابنه يسوع المسيح. هذا التجمع هو الكنيسة التي هي على الأرض “بذار ملكوت الله وبدؤه” .

542- المسيح هو في قلب تجمع البشر هذا في “أسرة الله”. إنه يدعوهم إلى التحلق حوله بكلامه، وبإشاراته التي تظهر ملك الله، وبإرساله تلاميذه. إنه سيحقق مجيء ملكوته خصوصا بسر فصحه العظيم: موته على الصليب وقيامته. “وأنا متى رفعت عن الأرض اجتذبت إلي الجميع” (يو 12: 32). جميع البشر مدعوون إلى هذه الوحدة مع المسيح .

 

إعلان ملكوت الله

543- جميع البشر مدعوون إلى الدخول في الملكوت. هذا الملكوت المسياني الذي أعلن أولا لأبناء اسرائيل ، مؤهل لتقبل البشر من جميع الأمم . وللدخول فيه يجب تقبل كلمة يسوع:

” يشبه كلام الرب بالبذر يطرح في الحقل: من استمعوا إليه بإيمان وانضموا إلى قطيع المسيح الصغير تقبلوا الملكوت نفسه؛ ثم إن الزرعة تنمو بقوتها الذاتية إلى زمن الحصاد” .

544-الملكوت هو للمساكين والصغار، أي لأولئك الذين تقبلوه بقلب متواضع. لقد أرسل يسوع “ليحمل البشرى إلى المساكين” (لو 4: 18) . إنه يعلن الطوبى لهم “لأن لهم ملكوت السماوات” (متى 5: 3)؛ “فللأطفال ” ارتضى الآب أن يكشف ما ظل خفيا عن الحكماء وذوي الدهاء . ويسوع شارك الفقراء في حياتهم، من المغارة إلى الصليب؛ فقد خبر الجوع ، والعطش ، والعوز . وفضلا عن ذلك: صار مماثلا للمساكين في شتى فئاتهم، وجعل من العطف الفعال عليهم شرطا للدخول في ملكوته .

545- يسوع يدعو الخطأة إلى مائدة الملكوت: “إني لم آت لأدعو الصديقين بل الخطأة” (مر 12: 7) . إنه يدعوهم إلى التوبة التي بدونها لا يمكن الدخول إلى الملكوت، وهو يريهم بالقول والفعل رحمة أبيه غير المحدودة لهم ، و”فرح السماء العظيم بخاطىء واحد يتوب” (لو 15: 7). والبرهان الأعظم على هذه المحبة سيكون في بذل حياته الخاصة “لمغفرة الخطايا” (متى 26: 28).

546- يسوع يدعو إلى الدخول في الملكوت من خلال أمثاله التي هي ميزة تعليمه الخاصة . بها يدعو وليمة الملكوت ، ولكنه يطلب أيضا اختيارا جذريا: للحصول على الملكوت يجب التضحية بكل شيء ؛ والكلام لا يكفي، بل يجب العمل . الأمثال هي بمنزلة مرايا للإنسان: هل يتقبل الكلمة كالأرض الحجرة ام يتقبلها كالأرض الجيدة ؟ ماذا يفعل بالوزنات التي أخذها ؟ يسوع ووجود الملكوت في هذا العالم هما في قلب الأمثال سريا. يجب الدخول في الملكوت، أي أن يصير الإنسان تلميذا للمسيح لكي “يعرف أسرار ملكوت السماوات” (متى 13: 11). أما بالنسبة إلى الذين يبقون “خارجا” “(مر 4: 11) فكل شيء يظل معمى .

 

علامات ملكوت الله

547- يسوع يصحب أقواله كثيرا من “العجائب والمعجزات والآيات” (أع 2: 22) تظهر أن الملكوت حاضر فيه. إنها تثبت أن يسوع هو الماسيا الموعود به .

548-الآيات التي أتى بها يسوع تشهد أن الآب ارسله . إنها تدعو إلى الإيمان به . والذين يتوسلون إليه بإيمان يمنحهم ما يسألون . وهكذا فالمعجزات تقوي الغيمان بالذي يعمل أعمال أبيه: إنها تشهد بأنه ابن الله . ولكنها قد تكون أيضا “سبب عثرة” . فهي لا تريد أن ترضي الفضول والرغبات السحرية. ومع ما أتى به يسوع من معجزات باهرة فقد رفضه البعض ؛ وتوصلوا إلى اتهامه بأنه يعمل بالشياطين .

549-عندما حرر يسوع بعض البشر من الشرور الأرضية، من الجوع ، والظلم ، والمرض والموت ، قدم آيات مسيانية؛ وهو مع ذلك لم يأت ليزيل جميع شرور هذا العالم ، بل ليحرر البشر من العبودية الأشد خطورة، عبودية الخطيئة التي تعوقهم في دعوتهم كأبناء الله، وتسبب جميع مذلاتهم البشرية .

550- مجيء ملكوت الله هو انكسار لمملكة ابليس : “ان كنت بروح الله أخرج الشياطين فذلك أن ملكوت الله قد انتهى إليكم” (متى 12: 28). معالجات يسوع تحرر الناس من سيطرة الشياطين . إنها تستبق انتصار يسوع الأعظم على “رئيس هذا العالم” فبصليب المسيح يستقر ملكوت الله نهائيا: “الله ملك من أعالي الخشبة” .

 

“مفاتيح الملكوت”

551- يسوع اختار، منذ فجر حياته العلنية، اثني عشر رجلا لكي يكونوا معه ولكي يشتركوا في رسالته . إنه يشركهم في سلطانه، “ثم أرسلهم ليبشروا بملكوت الله ويجروا الأشفية” (لو 9: 2). إنهم سيظلون إلى الأبد شركاء في ملكوت المسيح، لأن المسيح يسوس بهم الكنيسة:

“أنا أعد لكم الملكوت كما أعده لي أبي، لكي تأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي، وتجلسوا عل عروش لتدينوا أسباط اسرائيل الاثني عشر” (لو 22: 29-30).

552-في مجمع الاثني عشر يحتل سمعان بطرس المحل الأول . لقد عهد اليه المسيح في رسالة خاصة. بفضل كشف آت من الآب كان بطرس قد اعترف: “أنت المسيح، ابن الله الحي” (متى 16:16). وقد آعلن له ربنا إذ ذاك: “أنت الصخرة، وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها” ( متى 16: 18).

والمسيح “الصخرة الحية” يؤكد لكنيسته، المبنية على الصخرة، انتصارها على قوات الموت. وبطرس، بالنظر إلى إيمانه الذي اعترف به، سيبقى صخرة الكنيسة التي لا تتزعزع. وسيكون في عهدته أن يحفظ هذا الإيمان سليما من أي عثرة، وأن يثبت فيه إخوته .

553- يسوع عهد إلى بطرس في سلطة نوعية: “سأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السماوات، وما تحله على الأرض يكون محلولا في السماوات” (متى 16: 19). “فسلطة المفاتيح” تعني سلطة سياسة بيت الله الذي هو الكنيسة. ويسوع، “الراعي الصالح” (يو 10: 11)، قد ثبت هذه المهمة بعد قيامته: “ارع خرافي” (يو 21: 15-17). وسلطان “الحل والربط ” يعني سلطة حل الخطايا، وإعلان أحكام عقائدية، واتخاذ قرارات تأديبية في الكنيسة. ويسوع عهد في هذه السلطة إلى الكنيسة عن طريق خدمة الرسل ، ولا سيما بطرس الذي سلم صراحة مفاتيح الملكوت اليه دون سواه.

 

استهلاك الملكوت: التجلي

554-من يوم اعترف بطرس بأن يسوع هو المسيح، ابن الله الحي، “شرع المعلم يبين لتلاميذه أنه ينبغي له أن يمضي إلى أورشليم، ويتألم (…) ويقتل، وأن يقوم في اليوم الثالث (متى 16: 21). فتأبى بطرس هذا الإعلان ، ولم يكن الآخرون أكثر فهما له . في هذا السياق يرد ذكر الحادث العجيب لتجلي يسوع على جبل عال، أمام ثلاثة شهود اختارهم هو: بطرس ويعقوب ويوحنا. فيصير وجه يسوع وثيابه متلالئة بالنور، ويظهر موسى وإيليا، “فيحدثانه عن السفر الذي سيقوم به إلى أورشليم” (لو 9: 31)، وتظلهم غمامة، وينطلق صوت من السماء قائلا:” هذا هو ابني ، مختاري؛ فاسمعوا له”(لو 9: 35).

555- لحين ما يظهر يسوع مجده الإلهي، مثبتا هكذا اعتراف بطرس. وهو يظهر إلى ذلك أن “الدخول في مجده” (لو 24: 26)يقتضي منه اجتياز الصليب في أورشليم. وكان موسى وإيليا قد شاهدا مجد الله على الجبل؛ وكان الناموس والأنبياء قد أنبأوا باآام الماسيا . وآلام يسوع كانت بمشيئة الآب: فالابن يعمل خادما لله . والغمامة تدل على حضور الروح القدس؛ “الثالوث كله يظهر”: الآب في الصوت، والابن في الإنسان، والروح في الغمامة المضيئة” :

” تجليت أيها المسيح الإله على الجبل، وبقدر ما استطاع تلاميذك شاهدوا مجدك، لكي يفهموا، إذا ما رأوك مصلوبا، أنك تتألم باختيارك، ويكرزوا للعالم أنك أنت حقا ضياء الآب” .

556- على عتبة الحياة العلنية: الاعتماد؛ وعلى عتبة الفصح: التجلي. باعتماد يسوع ” ظهر سر تجددنا الأول”: معموديتنا؛ والتجلي هو “سر التجدد الثاني”: قيامتنا الخاصة . فمنذ الآن نشترك في قيامة الرب بالروح القدس الذي يفعل في أسرار جسد المسيح. التجلي يجعلنا نستمتع مسبقا بمجيء المسيح المجيد الذي “سيحول جسد هواننا إلى جسد على صورة جسد مجده” (في 3: 21)؛ ولكنه يذكرنا أيضا أنه “بمضايق كثيرة ينبغي لنا أن ندخل ملكوت الله” (أع 14: 22).

” هذا الأمر لم يكن بطرس قد فهمة بعد عندما كان يتمنى أن يعيش مع المسيح على الجبل . لقد حفظ لك هذا، يا بطرس، إلى ما بعد الموت. وأما الآن فهو نفسه يقول:” انزل إلى الأرض لتكد وتتعب، لتخدم على الأرض، لتزدرى ، لتصلب على الأرض؛ “الحياة” ينزل لكي يقتل؛ “الخبز” ينزل لكي يجوع؛ “الطريق” ينزل لكي يتعب في الطريق؛ “الينبوع ” ينزل لكي يعطش؛ وأنت ترفض أن تشقى؟” .

 

صعود يسوع إلى أورشليم

557- “وإذ كان زمن ارتفاعه من هذا العالم قد اقترب، صمم أن ينطلق إلى أورشليم” (لو 9: 51) . بهذا التصميم كان يعني أنه كان يصعد إلى اورشليم مستعدا لأن يموت فيها. كان قد أنبا ثلاثا بآلامه وقيامته . وفما هو متوجه إلى أورشليم قال: “لا يليق أن يهلك نبي خارج أورشليم” (لو 13: 33).

558- يسوع يذكر باستشهاد الأنبياء الذين قتلوا في أورشليم . ومع ذلك فلا يزال يدعو أورشليم إلى التجمع حوله: ” كم من مرة أردت أن اجمع بينك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها (…) ولم تريدوا” (متى 23: 37). وعندما تظهر أمامه أورشليم يبكي عليها ويعبر مرة أخرى عن رغبة قلبه:” أوه! لو علمت أنت أيضا، في هذا اليوم، رسالة السلام، ولكن، وأسفاه  قد خفي ذلك عن ناظريك ” (لو 19: 42).

 

دخول يسوع المسياني إلى أورشليم

559- كيف ستتقبل أورشليم ماسيها؟ في حين كان يسوع يتهرب دائما من المحاولات الشعبية لإعلانه ملكا ، فهو يختار الزمان ويهيىء تفاصيل دخول المسياني إلى مدينة “داود أبيه” (لو 1: 32). فيهتف به ابن داود، الذي يحمل الخلاص (“هوشعنا” تعني “إذن خلص”!، “امنح الخلاص!”). “فملك المجد” (مز 24: 7-10) يدخل مدينته “راكبا على جحش” (زك 9:9): انه لا يستولي على ابنة صهيون ، رمز كنيسته، بالحيلة أو بالعنف، بل بالتواضع الذي يشهد للحق . ولهذا فأبناء مملكته، في ذلك اليوم، هم الأحداث و”مساكين الله”، الذين يهتفون له كما كان الملائكة يبشرون به الرعاة . وهتافهم “مبارك الآتي باسم الرب” (مز 118: 26) تردده الكنيسة في “قدوس” الليترجيا الافخارستية لافتتاح ذكرى فصح الرب .

560- دخول يسوع إلى أورشليم يظهر مجيء الملكوت الذي سيتمه الملك الماسيا بفصح موته وقيامته. وبالاحتفال به في أحد الشعانين تفتتح ليترجيا الكنيسة الأسبوع العظيم المقدس.

 

بإيجاز:

561- “كانت حياة المسيح كلها تعليما متواصلا: صمته، معجزاته، حركاته، صلاته، محبته للإنسان، إيثاره للصغار والمساكين، قبول ذبيحة الصليب الكاملة لأجل فداء العالم، قيامته، كل ذلك تفعيل لكلمته، وتحقيق للوحي” .

562- يجب على تلاميذ المسيح أن يتمثلوا به إلى أن يتصور فيهم . “ولهذا فنحن مشتركون في أسرار حياته، وصورنا على مثاله، ونموت ونبعث معه، إلى أن نملك معه” .

563- لا يمكن للإنسان، سواء كان راعيا أو مجوسيا، أن يصل إلى الله على هذه الأرض إلا بالركوع أمام مغارة بيت لحم وبالسجود له متواريا في ضعف طفل.

564- بخضوع يسوع لمريم ويوسف، وبعمله الوضيع سنين طويلة في الناصرة، يعطينا مثالا للقداسة في حياة العيلة والعمل اليومية .

565- إن يسوع، منذ بدء حياته العلنية، في اعتماده ، هو”الخادم” المكرس بكليته لعمل الفداء الذي سيتم ب” معمودية” آلامه .

566- التجربة في الصحراء تظهر يسوع ماسيا متواضعا يتغلب على ابليس بانصياعه الكلي لتصميم الخلاص الذي أراده الآب 

567- ملكوت السماوات افتتحه المسيح على الأرض، وهو “يتجلى على عيون الناس في كلام المسيح وأعماله وحضوره” . والكنيسة هي بذر هذا الملكوت وبدؤه. ومفاتيحه سلمت إلى بطرس.
568- تجلي المسيح هدفه تثبيت إيمان الرسل لأجل الآلام:” الصعود إلى “الجبل العالي” يهيىء الصعود إلى الجلجلة. والمسيح، رأس الكنيسة، يظهر ما يتضمنه وينفحه جسده في الأسرار:”رجاء المجد” (كو 1: 27) .

569-يسوع صعد باختياره إلى أورشليم وهو عالم أنه سيموت فيها قتلا بسبب مخالفات الخطأة .

570- دخول يسوع إلى أورشليم يظهر دخول الملكوت الذي سيتمه الملك- الماسيا، وقد استقبله في مدينته الأحداث ومتواضعو القلب، بفصح موته وقيامته.

المقال الرابع

يسوع المسيح” تألم في عهد بيلاطس، وصلب، ومات، ودفن”

571- السر الفصحي لصليب المسيح وقيامته هو في قلب الإنجيل الذي ينبغي للرسل، وللكنيسة من بعدهم، أن يبشروا به العالم. فقصد الله الخلاصي قد تم “مرة واحدة” (عب 9: 26) بموت ابنه يسوع المسيح الفدائي.

572- الكنيسة تظل أمينة “لتفسير الأسفار المقدسة جميعا” الذي أعطاه يسوع نفسه قبل فصحه وبعده: “أما كان ينبغي للماسيا أن يكابد هذه الآلام، ويدخل إلى مجده؟”. (لو 24: 26). وقد اتخذت آلام يسوع صورتها التاريخية الواقعية بمجرد ما “انتبذه الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة” (مر 8: 31) الذين “دفعوه إلى الأمم ليسخروا به ويجلدوه ويصلبوه” (متى 20: 19).

573- فبإمكان الإيمان أن يحاول تقصي أحوال موت يسوع التي نقلتها الأناجيل بأمانه وأوضحتها مصادر تاريخية أخرى، لتفهم معنى الفداء تفهما أوفى.

الفقرة 1- يسوع واسرائيل

574- منذ بدء رسالة يسوع العلنية اتفق على قتله فريسيون وهيرودسيون مع كهنة وكتبة. فقد بدا يسوع للبعض، من جراء بعض أعماله (طرد الشياطين، غفران الخطايا، إبراءات يوم السبت، تفسير غريب لأحكام التطهير في الناموس، مآلفة العشارين والخطأة)، بدا لهم في سوء قصدهم إن به شيطانا. وهم يتهمونه بالتجديف، وبكذب النبوة، وهما جريمتان دينيتان يعاقب عليهما الناموس بعقوبه الموت رجما.

575- كثير من أعمال يسوع وأقواله كان “هدفا للمخالفة” عند السلطات الدينية في أورشليم، تلك التي كثيرا ما يطلق عليها إنجيل يوحنا اسم “اليهود”، أكثر مما كانت كذلك عند عامة شعب الله. والحق يقال إن علاقاته مع الفريسيين لم تكن جدلية فقط. فالفريسييون هم الذين ينبهونه إلى الخطر الذي يتعرض له. ويسوع يمتدح بعضهم من أمثال الكاتب في مر 12: 34، ويأكل عند الفريسيين عدة مرات. ويسوع يثبت عقائد تشترك في الأخذ بها هذه النخبة الدينية من شعب الله: بعث الأموات، صور أعمال التقوى (صدقة، صوم، صلاة)، وعادة مخاطبة الله كأب، وهي الميزة الرئيسية لوصية محبة الله والقريب.

576- في نظر الكثيرين في اسرائيل يبدو يسوع مخالفا لنظم الشعب المختار الجوهرية:
– الخضوع للناموس في الكامل أحكامه المكتوبه، وفي نظر الفريسيين في تفسير التقليد الشفهي؛
– الطابع المركزي لهيكل أورشليم على أنه المكان المقدس الذي يسكن فيه الله على وجه التفضيل؛
– الإيمان بالله الواحد الذي لا يمكن أي إنسان أن يشاركه في مجده.

1. يسوع والناموس

577- لقد حذر يسوع تحذيرا علينا في بدء خطبته على الجبل، حيث عرض للناموس، الذي أعطاه الله على جبل سيناء في العهد الأول، على ضوء نعمة العهد الجديد:

“لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء؛ إني ما جئت لأنقض بل لأكمل. الحق أقول لكم إنه إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول من الناموس ياء أو نقطة واحدة حتى يتم الكل. وإذن فكل من يتعدى واحدة من هذه الوصايا – حتى من أصغرها- ويعلم الناس أن يفعلوا هكذا، فإنه يدعى الأصغر في ملكوت السماوات؛ وأما من يعمل بها ويعلم، فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات” (متى 5: 17-19).

578- يسوع، ماسيا اسرائيل، الأعظم في ملكوت السماوات، كان يرى من واجبه أن يتم الناموس- على حد قوله- عاملا به كاملا حتى في أدق أحكامه. وهو وحده استطاع أن يقوم بذلك قياما كاملا. وأما اليهود فقد أقروا هم أنفسهم أنهم لم يستطيعوا قط إتمام الناموس بكامله من دون أن يخالفوا شيئا من أحكامه. ولهذا كان أبناء اسرائيل، في عيد التكفير من كل سنة، يطلبون إلى الله غفران مخالفتهم للناموس. وهكذا فالناموس كل، وكما قال القديس يعقوب مذكرا “إن من حفظ الناموس كله وزل في وصية واحدة فقط صار مجرما في الكل” (يع 2: 10) .

579- كان عزيزا لدى الفريسيين مبدأ حفظ الناموس كاملا، لا في حرفيته وحسب، بل في روحه. ويشرحهم هذا الأمر لإسرائيل قادوا الكثيرين من اليهود، لعهد يسوع، إلى غيرة دينية عارمة. وإذ لم يشأ يسوع أن يكتفي بفتوى قائمة على “الرثاء”، فقد عمد إلى إعداد الشعب لهذا التدخل الرائع من الله، القائم بحفظ الناموس حفظا كاملا، يقوم به الصالح الواحد عن جميع الخطأة.

580- إن الإتمام الكامل للناموس لم يكن باستطاعة احد غير المشترع الإلهي الذي ولد خاضعا للناموس في شخص الابن. مع يسوع لا يظهر الناموس محفورا على لوحين من حجر، ولكن “في أعماق قلب” (ار 31: 33) “الخادم” الذي، إذ “يصدر الحكم بحسب الحق” (أش 42: 3)، أصبح “عهدا للشعب” (أش 42: 6). لقد أتم يسوع الناموس إلى حد أنه حمل ”لعنة الناموس”، التي لحقت بالذين “لم يعملوا بجميع أحكام الناموس”، إذ “ان موت المسيح جرى لفداء المعاصي المقترفة في العهد الأول” (عب 9: 15).

581- يسوع يظهر لنظر اليهود ورؤسائهم الروحين “معلما” (رابي). وكثيرا ما جادل في إطار التفسير الرابيني للناموس. ولكن في الوقت نفسه لم يكن ليسوع إلا أن يصدم علماء الناموس، إذ أنه لم يكتف بعرض تفسيره في ما بين تفسيراتهم، “كان يعلم كمن له سلطان لا ككتبتهم” (متى 7: 29). فيه كانت تدوي كلمه الله نفسها التي دوت على جبل سيناء لتعطي موسى الشريعة المكتوبة، والتي تسمع أيضا على جبل التطويبات. إنها لا تنقض الناموس ولكنها تكلمه مقدمة بطريقة إلهية تفسيرها النهائي: “سمعتم أنه قيل للأقدمين(…) أما أنا فأقول لكم” (متى 5: 33-34). وبهذه السلطة الإلهية يشجب بعض “التقاليد البشرية” عند الفريسيين التي “تبطل كلام الله”.

582- وذهب يسوع إلى أبعد من ذلك وكمل الناموس في شأن طهارة الأطعمة، المهمة جدا في الحياة اليهودية اليومية، كاشفا عن معناه “التأديبي” بتفسير إلهي: “كل ما يدخل الإنسان من الخارج لا يقدر أن ينجسه (…)- هكذا أعلن أن جميع الأطعمة طاهرة. ما يخرج من الإنسان هو الذي ينجس الإنسان، لأنها من الداخل، من قلوب الناس، تنبعث الأفكار الرديئة” (مر 7: 18-21). وقد لقي يسوع، لتفسيره الناموس تفسيرا نهائيا بسلطان إلهي، مقاومة من بعض علماء الناموس الذين لم يتقبلوا تفسيره للناموس مع ما كان يصحبه من الآيات الإلهية المؤيدة. وهذا في ما يتعلق بموضوع السبت على وجه خاص: كثيرا ما ذكر يسوع بحجج “رابينية” إن استراحة السبت لا تفسدها خدمة الله، أو القريب بشفاء المرضى.

2. يسوع والهيكل

583- يسوع، كغيره من الأنبياء الذين سبقوه، أظهر لهيكل أورشليم أعمق الاحترام. فقد قدمه إليه يوسف ومريم أربعين يوما بعد ولادته. في سن الثانية عشرة يقرر البقاء في الهيكل ليذكر أبويه ان عليه أن يكون لأمور أبيه. وقد صعد إلى الهيكل كل سنة لعيد الفصح على الأقل، إبان حياته الخفية؛ رسالته العلنية نفسها كانت متناغمة مع مواسم حجة إلى أورشليم بداعي الأعياد اليهودية الكبرى.

584- صعد يسوع إلى الهيكل على أنه المكان المفضل للقاء الله. الهيكل بالنسبة إليه هو مسكن أبيه، هو بيت صلاة، ويسوع يسخط لأن ساحته الخارجية أصبحت مكان تجارة. ولئن طرد الباعة من الهيكل فذلك حبا غيورا لأبيه: “لا تجعلوا بيت أبي بيت تجارة. فذكر تلاميذه أنه مكتوب “غيرة بيتك تأكلني” (مز 69: 10)” (يو 2: 16-17). وبعد قيامته حفظ الرسل للهيكل احتراما ورعا.

585- ومع ذلك فيسوع قبيل آلامه أنبا بدمار هذا البناء الرائع الذي لن يبقى منه حجر على حجر . وهنا أنباء بإحدى علامات الأزمنة الأخيرة التي ستفتتح مع فصحه الشخصي. ولكن هذه النبوة قد تكون نقلت بطريقة مشوهة على السنة شهود كذبة لدى استضافة بحضرة رئيس الكهنة، وردت إليه شتيمة عندما كان مسمرا على الصليب.

586- ولبعد ما كان يسوع معاديا للهيكل الذي ألقى فيه الجوهري من تعليمه، وقد أراد ان يؤدي ضريبة الهيكل مشركا معه بطرس الذي كان منذ قليل قد جعله أساسا لكنيسته الآتية. وإلى ذلك فقد وحد ما بين نفسه والهيكل عندما عرف بنفسه مسكنا نهائيا لله بين البشر. ولهذا فقتله جسديا ينبىء بدمار الهيكل الذي سيظهر الدخول في عهد جديد من عهود تاريخ الخلاص: “إنها تأتي الساعة التي تعبدون فيها الآب لا في هذا الجبل ولا في أورشليم” (يو 4: 21).

3. يسوع وإيمان اسرائيل بالله الواحد والمخلص:

587- إذا كان الناموس وهيكل أورشليم من قبل يسوع سبب “مخالفة” لسلطات إسرائيل الدينية، فإن دورة في فداء الخطايا، ذلك العمل الإلهي بنوع خاص، هو الذي كان في نظر تلك السلطات حجر العثرة.

588- يسوع شكك الفريسيين بمؤاكلة العشارين والخطأة بنفس الألفة التي كانت له معهم هم أنفسهم. وقد ندد بالذين كانوا منهم “يثقون من أنفسهم بأنهم صديقون ويحتقرون الآخرين” (لو 18: 9). وأكد قائلا: “إني لم آت لأدعو الصديقين إلى التوبة بل الخطأة” (لو 5: 32). وهو يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يعلن في وجه الفريسيين أن الخطيئة شاملة، والذين يدعون أنهم ليسوا بحاجة إلى خلاص هم عميان بالنسبة إلى ذواتهم.

589- يسوع شكك الفريسيين بنوع خاص لأنه وحد ما بين معاملته الرحيمة للخطأة وموقف الله نفسه منهم. وقد ذهب إلى حد التلميح بأنه، بمشاركة للخطأة في المائدة، يقبلهم في الوليمة المسيانية. ولكن يسوع، بغفرانه الخطايا، على وجه أخص، جعل السلطات إسرائيل الدينية أمام قياس محرج. ألا يكون قولها محقا عندما تقول في هلع: “الله وحده يقدر أن يغفر الخطايا” (مر 2: 7)؟ فيسوع، بغفرانه الخطايا، أما أنه يجدف لأنه إنسان يساوي نفسه بالله، وأما أنه ينطق بالحق وفي شخصه إعلان لاسم الله وتعريف به.

590- إن هوية شخص يسوع الإلهية تستطيع وحدها إن تبرر تشددا مطلقا كهذا “من ليس معي فهو علي” (متى 12: 30)؛ وكذلك عندما يقول أن فيه “أعظم من يونان (…)، أعظم من سلمان” (متى 12: 41-42)، “أعظم من الهيكل” (متى 12: 6)؛ وعندما يذكر بالنسبة إليه أن داود الماسيا ربه، وعندما يعلن: “قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن” (يو 8: 58)؛ وحتى:” أنا والآب واحد” (يو 10: 30).

591- يسوع طلب من سلطات أورشليم الدينية أن تؤمن به سبب أعمال أبيه التي يعملها. ولكن كان لا بد لفعل إيمان كهذا من أن يمر بموت للذات عجيب، من أجل ولادة من فوق جديدة بجاذب من النعمة الإلهية. وأن تشددا كهذا في التحول المسلكي، في وجه إتمام مذهل للمواعيد، يتيح فهم الخطأ المأسوي لمحفل اليهود الذي رأى أن يسوع يستحق الموت كمجذف. وقد ذهب أعضاؤه المذهب عن جهل وعن تصلب قلب عدم الإيمان.

بإيجاز:

592- يسوع لم ينقص ناموس سيناء، ولكنه أتمه على وجه كامل إلى حد أنه يكشف عن معناه الأسمى ويفدي التجاوزات التي تخالفه.

593- يسوع وقر الهيكل عندما صعد إليه حاجا في أعياد اليهود، وأحب حبا غيورا مسكن الله هذا بين البشر. الهيكل صورة سره المسبقة. ولئن أنبأ بدماره فما ذلك إلا إظهار لمقتله الخاص وللدخول في عهد جديد من تاريخ الخلاص يكون فيه جسده الهيكل النهائي.

594- يسوع قام بأعمال، من مثل غفران الخطايا، أظهرت أنه الإله المخلص ذاته وبعض اليهود، ممن لم يعترفوا بالإله المتجسد ، كانوا يرون فيه إنسانا يجعل نفسه إلها، وقد حكموا عليه بأنه مجدف.

الفقرة 2- يسوع مات مصلوبا

1. محاكمة يسوع

انقسام السلطات اليهودية في شأن يسوع

595- بين سلطات أورشليم الدينية لم يوجد فقط الفريسي نيقوديمس أو الوجيه يوسف الرامي على أنها تلميذان ليسوع في الخلفاء، بل وقع، لمدة طويلة، شقاقات في شأن يسوع بحيث أن القديس يوحنا يستطيع القول عنهم، عشية آلام يسوع نفسها، إن “كثيرين آمنوا به” وإن بطريقة بعيدة جدا عن الكمال (يو 42:12). وليس في الأمر عجب إذا تبين لنا أنه، في غد العنصرة، “جمهور من الكهنه يطيعون الايمان” (أع 7:6)، و “قوم من مذهب الفريسيين آمنوا” (أع 5:15)، إلى حد أن القديس يعقوب يستطيع القول مع القديس بولس ان “ربوات من اليهود قد امنوا، وكلهم دوو غيرة على الناموس” (أع 20:21).

596- لم تكن سلطات أورشليم الدينيه على كلمه واحده في الموقف الذي عليها أن تقفه من يسوع. والفريسيون هددوا من يتبعه بإخراجه من المجمع. وللذين كانوا يخشون أن “يؤمن به الجميع فيوافي الرومانيون ويدمرون مقدسنا وأمتنا” (يو 48:11)، عرض قيافا رئيس الكهنة متنبأ: “إن مصلحتكم تقضي بأن يموت رجل واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة بأجمعها” (يو 50:11). وبعدما أعلن المحفل أن يسوع “يستوجب الموت” على أنه مجدف، ورأى أن ليس له حق القتل، أسلم يسوع إلى الرومانيين متهما له بإثارة الفتنة السياسية، بحيث أصبح مساويا لبرأباس المتهم “بالفتنة” (لو 19:23). وقد عمد رؤساء الكهنة إلى تهديدات سياسية وجهوها إلى بيلاطس لكي يحكم على يسوع بالموت.

ليس اليهود مسؤولين جماعيا عن موت يسوع

597- بالنظر إلى التعقد التاريخي في محاكمه يسوع كما ظهر في النصوص الإنجيلية، وأيا كانت الخطيئة الشخصية لإبطال الدعوى (يهوذا، المحفل، بيلاطس) التي لا يعرفها الا الله، لا تجوز نسبتها إلى مسؤولية جماعية عند يهود أورشليم، مع ما رافقها من صياح شعب مهيج، ومع الملامات الجماعية التي تضمنتها الدعوات إلى الهدى بعد العنصرة. فيسوع نفسه عندما غفر على الصليب، وبطرس بعده فسحا في المحل لـ “جهل” يهود أورشليم ولرؤسائهم أيضا. وبأولى حجة لا يمكن الانطلاق من صياح الشعب: “ليكن دمه علينا وعلى أبنائنا” (متى 45:27)، الذي هو صيغه تأييد وموافقه، لمد المسؤولية إلى سائر اليهود في المكان والزمان.

والكنيسه قد أعلنت في المجمع الفاتيكاني الثاني: “إن ما اقترفه الأيدي إبان الآلام لا يمكن إسناده، في غير تمييز، إلى جميع اليهود الذين عاشوا أنذاك، ولا إلى اليهود العائشين في عصرنا. (…) لا يجوز أن يشهر باليهود على أنهم منبوذون من الله وأنهم ملعونون كما لو كان ذلك يستنتج من الكتاب المقدس”.

جميع الخطأة سببوا آلام المسيح

598- الكنيسة، في تعليم عقيدتها وفي شهادة قديسيها، لم تنس قط أن “الخطأة أنفسهم كانوا الأسباب والوسائل في كل ما عاناه الفادي الإلهي من مشاق”. فانطلاقا من أن خطايانا تنال المسيح نفسه، لا تتردد الكنيسة في أن تعزو إلى المسيحيين المسؤولية الأشد خطورة في عذاب يسوع، المسؤولية التي طالما أثقلوا بها كاهل اليهود وحدهم:

“ينبغي أن نعد مسؤولين عن هذه الجريمة الفظيعة أولئك الذين لا يزالون يسقطون في خطاياهم. وبما أن آثامنا هي التي أدت بسيدنا يسوع المسيح إلى عذاب الصليب، فمن الثابت أن أولئك الذين ينغمسون في الفساد وفي الشر “يعيدون بأنفسهم صلب ابن الله ويشهرونه” (عب 6:6). ويجب الإقرار بأن جريمتنا في هذه الحال أعظم من جريمه اليهود. فهم، على حد شهادة الرسول، “لو عرفوا ملك المجد لما صلبوه قط” (1 كو 8:2). أما نحن فإننا نعلن أننا نعرفه. وعندما ننكره بأعمالنا نلقي عليه، على وجه ما، أيدينا القاتله”.
“وإلا … ليسوا هم الذين صلبوه؛ بل أنت بالاشتراك معهم صلبته وتصلبه أيضا بتمتعك بالرذائل والآثام”.

2. موت المسيح الفدائي في تصميم الخلاص الإلهي

“يسوع الذي أسلم بحسب تصميم الله المحدد”

599- موت يسوع العنيف لم يكن نتيجه الصدفه في اتفاق سيىء للأحوال. إنه في سر تصميم الله، كما يفسره القديس بطرس لليهود في خطابه الأول يوم العنصرة: “لقد أسلم بحسب تصميم الله المحدد وسابق علمه” (أع 23:2). فهذا الكلام الكتابي لا يعني أن الذين “أسلموا يسوع” لم يكونوا إلا منفذين صاغرين لمخطط سابق خطة الله.

600- عند الله جميع أحيان الزمن حاضرة في حاليتها. فهو يضع تصميم “قضائه الأبدي” ويضمنه لكل إنسان جوابه الحرعن نعمته: “إنه قد اجتمع بالحقيقة، في هذه المدينة، على فتاك القدوس يسوع الذي مسحته، هيرودس وبنطيوس بيلاطس مع الأمم وشعوب إسرائيل ليضعوا ما حددت من قبل يدك ومشورتك أن يكون” أع (27:4-28). لقد سمح الله بأعمال عماهم ليتمم تصميمه الخلاصي.

“مات من أجل خطايانا على ما في الكتب”

601- هذا التصميم الإلهي للخلاص بقتل “العبد”، الصديق” أنبأ به في السابق الكتاب المقدس على أنه سر فداء شامل، أي سر افتداء يحرر البشر من عبودية الخطيئة. فالقديس بولس يعلن، في اعتراف إيماني يقول أنه “تسلمه” أن “المسيح مات من أجل خطايانا على ما في الكتب” (1 كو 3:15). فموت يسوع الفدائي يتمم بنوع خاص نبوءة العبد المتألم. ويسوع نفسه عرض معنى حياته وموته على ضوء العبد المتألم. وبعد قيامته أعطى تلميذي عماوس هذا التفسير للكتب، ثم أعطاه للرسل أنفسهم.

“الله جعله خطيئه من أجلنا”

602- فالقديس بطرس يستطيع من ثم أن يصوغ هكذا الإيمان الرسولي في التصميم الإلهي للخلاص: “حررتم من تصرفكم الباطل الموروث من آبائكم، بدم كريم، دم المسيح، ذلك الحمل الذي لا عيب فيه ولا دنس، المعين من قبل إنشاء العالم، والمعلن في آخر الآزمان من أجلكم” (1 بط 1: 18-20). فخطايا البشر التي تلت الخطيئة الأصلية قد عوقبت بالموت. وعندما أرسل الله ابنه الخاص في صورة عبد، صورة بشرية ساقطة ومحكوم عليها بالموت بسبب الخطيئة، “جعله خطيئة من أجلنا، هو الذي لم يعرف الخطيئة، لكي نصير نحن به بر الله” (2 كو 21:5).

603- يسوع لم يشجب كما لو أنه ارتكب هو نفسه خطيئة؛ ولكن، في المحبة الفدائية التي كانت أبدا توحده مع الآب، اتخذنا، في ضياع خطيئتنا بالنسبة إلى الله، إلى حد أنه استطاع أن يقول باسمنا على الصليب: “إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟!” (مر 34:15). وإذ قد جعله الله هكذا مسؤولا عنا نحن الخطأة، “لم يشفق على ابنه الخاص، بل أسلمه عنا جميعا” (رو 32:8) لكي نكون “مصالحين معه بموت ابنه” (رو 10:5).

لله مبادرة المحبه الفادية الشاملة

604- عندما يسلم الله ابنه من أجل خطايانا يظهر أن تصميمه في شأننا تصميم محبه عطوف يسبق كل استحقاق نستحقه: “على هذا تقوم المحبة، لا إنا نحن أحببنا الله، بل هو نفسه أحبنا وأرسل ابنه كفارة عن خطايانا” (1 يو 10:4). “والله قد برهن على محبه لنا بأن المسيح قد مات عنا ونحن بعد خطأة” (رو 8:5).

605- وهذه المحبة بغير استثناء، وقد ذكر يسوع بذلك في ختام مثل النعجة الضائعة: “هكذا لا يريد أبوكم الذي في السماوات أن يهلك أحد من هؤلاء الصغار” (متى 14:18). فهو يثبت أنه “يبذل نفسه فدية عن الكثيرين” (متى 28:20)؛ وليس في هذه اللفظه الأخيرة استثناء: إنها تقارن مجموعه البشر بشخص الفادي الوحيد الذي يبذل نفسه لتخليصها . والكنيسه، بعد الرسل، تعلم أن المسيح مات من أجل جميع البشر في غير استثناء. “لا يوجد، ولم يوجد، ولن يوجد إنسان لم يتألم المسيح من أجله”.

3. المسيح قدم ذاته لأبيه من أجل خطايانا

كل حياه المسيح تقدمه للآب

606- ابن الله، الذي نزل من السماء لا ليعمل مشيئته بل مشيئة الآب الذي أرسله ، “يقول عند دخوله العالم: (…) ها أنذا آتي (…) لآعمل يا الله بمشيئتك، (…) وبقوة هذه المشيئة قدسنا نحن بتقدمه جسد المسيح مرة لا غير” (عب 10: 5-10). منذ لحظة التجسد الآولى اعتنق الابن تصميم الخلاص الإلهي في رسالته الفدائية: “إنما طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله” (يو 34:4). إن ذبيحة يسوع “عن خطايا العالم كله” (1 يو 2:2) هي عبارة عن شركة محبته مع الآب: “أبي يحبني لآني أبذل حياتي” (يو 17:10). “ينبغي أن يعرف العالم أني أحب الآب وأني أعمل بما أوصاني الآب” (يو 31:14).

607- رغبة يسوع هذه في اعتناق تصميم أبيه في المحبة الفدائية تنعش حياته كلها، إذ أن آلامه الفدائية هي سبب تجسده: “يا أبتاه، أنقذني من هذه الساعة! ولكن لأجل هذه الساع’ قد جئت” (يو 27:12). “الكأس التي أعطاني الآب أفلا أشربها؟” (يو 11:18). ثم على الصليب قبل أن “يتم كل شيء” (يو 30:19) قال: “أنا عطشان” (يو 28:19).

“حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم”

608- بعدما قبل يوحنا المعمدان أن يعمد يسوع فيمن تعمد من الخطأة ، رأى فيه وكشف حمل الله الذي يرفع خطايا العالم . فهو يظهر هكذا أن يسوع هو في الوقت نفسه العبد المتألم الذي يساق صامتا إلى الذبح ، ويحمل خطيئة الكثيرين ، والحمل الفصحي رمز افتداء إسرائيل في الفصح الأول . فكل حياة المسيح تعبر عن 517 رسالته: أن يخدم ويبذل نفسه فداء عن الكثيرين .

يسوع يعتنق باختيارة محبة الآب الفدائية

609- عندما اعتنق يسوع في قلبه البشري محبه الآب للبشر “أحبهم إلى الغاية” (يو 478 1:13)، إذ ليس لأحد حب أعظم من أن يبذل الحياة عن أصدقائه” (يو 13:15).
وهكذا أصبح ناسوته، في الألم والموت، الأداة الحرة والكاملة لحبه الإلهي الذي يريد خلاص البشر . فقد قبل باختيارة آلامه وموته حبا لأبيه وللبشر الذي يريد أبوة أن يخلصهم: “لا أحد ينتزع الحياة مني، وإنما أنا أبذلها باختياري” (يو 18:10). من هنا حرية ابن الله الكاملة عندما يمضي هو بنفسه إلى الموت.

في العشاء السري استبق تقدمه حياته الحرة

610- لقد عبر يسوع بطريقة سامية عن تقدمه ذاته الاختيارية في العشاء الذي تناوله مع رسله الاثني عشر ، في “الليلة التي أسلم فيها” (1 كو 23:11). ففي عشيه آلامه، وكان بعد حرا، جعل هذا العشاء الأخير مع رسله ذكرى تقدمته الاختيارية للآب من أجل خلاص البشر: “هذا هو جسدي الذي يبذل لأجلكم” (لو 19:22). “هذا هو دمي، دم العهد الجديد، الذي يهراق عن الكثيرين لمغفرة الخطايا” (متى 28:26).

611- الافخارستيا التي ينشئها إذ ذاك ستكون “ذكرى” ذبيحته. ويسوع يدخل رسله في تقدمته الخاصه ويسألهم أن يواصلوها بغير انقطاع . وبهذا يجعل يسوع رسله كهنه العهد الجديد: “أنا أقدس ذاتي لأجلهم، لكي يكونوا، هم أيضا، مقدسين بالحق” (يو 19:17) .

النزاع في جتسماني

612- كأس العهد الجديد التي استبقها يسوع في العشاء السري إذ قدم ذاته ، يقبلها بعد ذلك من يد أبيه في نزاعه بجتسماني حيث جعل نفسه “مطيعا حتى الموت” (في 8:2) . ويسوع يصلي: “يا أبتاه، ان أمكن فلتجز عني هذه الكأس” (متى 39:26). فهو يعبر عن الهول الذي يمثله الموت بالنسبة إلى طبيعته البشرية. وهذه الطبيعة معده كطبيعتنا للحياة الأبدية؛ وهي إلى ذلك، بخلاف طبيعتنا، بريئة تماما من الخطيئة التي تسبب الموت ؛ وهي خصوصا قد اتخذها شخص “أمير الحياة” الإلهي، “الحي”. وهو بقبوله، في إرادته البشرية، أن يتم مشيئة الآب، يقبل موته على أنه فدائي لكي “يحمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة” (1 بط 24:2).

موت المسيح هو الذبيحة الوحيدة والنهائية

613- موت المسيح هو في الوقت نفسه الذبيحه الفصحية التي تتم فداء البشر النهائي بالحمل الذي يرفع خطيئة العالم ، وذبيحة العهد الجديد التي تعيد الإنسان إلى الشركه مع الله مجريه المصالحة بينهما بالدم الذي يهراق عن الكثيرين لمغفرة الخطايا .

614- ذبيحه المسيح هذه وحيدة، وهي تتم جميع الذبائح وتفوقها . إنها أولا هبة من الله الآب نفسه: الآب هو الذي يسلم ابنه لكي يصالنا معه . وهي في الوقت نفسه تقدمه ابن الله المتأنس الذي يقدم حياته ، بحريه ومحبه ، لأبيه بالروح القدس ، للتفكير عن عصياننا.

يسوع أحل طاعته محل عصياننا

615- “كما جعل الكثيرون خطأة بمعصية إنسان واحد، كذلك بطاعة واحد يجعل الكثيرون أبرارا” (رو 19:5). فيسوع بطاعته حتى الموت أقام الخادم المتألم بديلا، ذاك الذي يقدم حياته ذبيحة تكفير، إذ كان يحمل خطايا كثيرين ويبررهم بحمله آثامهم . فيسوع كفرعن آثامنا ونال صفح الآب عن خطايانا .

يسوع يتم ذبيحة على الصليب

616- المحبة الى الغاية هي التي تجعل لذبيحة المسيح قيمتها الفدائية والتعويضية، والتفكيرية والتوفيقية. إنه قد عرفنا وأحبنا في تقدمه حياته . “محبة المسيح تحثنا، إذ نعتبر أنه، إذا كان واحد قد مات عن الجميع فالجميع أيضا قد ماتوا معه” (2 كو 14:5). ما من إنسان، وإن كان أقدس القديسين، كان بإمكانه أن يحمل خطايا جميع البشر، وأن يقدم نفسه ذبيحة عن الجميع. فوجود شخص الابن الإلهي في المسيح، ذلك الشخص الذي يفوق البشر وفي الوقت نفسه يشمل جميع أشخاص البشر، والذي يقيمه رأسا للبشرية كلها جمعاء، هو الذي يجعل ذبيحته الفدائية عن الجميع ممكنة.

617- والمجمع التريدنتيني يعلم: “أنه بآلامه المقدسة، على خشبه الصليب، استحق لنا التبرير . وقد أبرز الطابع الفريد لذبيحة المسيح على أنها “علة خلاص أبدي” . والكنيسة توقر الصليب مرنمة: “السلام عليك! أيها الصليب، يا رجاءنا الوحيد!” .

اشتراكنا في ذبيحة المسيح

618- الصليب هو الذبيحة الوحيدة للمسيح الوسيط الوحيد بين الله والبشر . ولكنه إذ كان في شخصه الإلهي المتأنس، “قد اتحد هو نفسه، على وجه ما، بكل إنسان” ، فهو “يقدم لجميع البشر، على وجه يعرفه الله، […] إمكان اشتراكهم في السر الفصحي” . إنه يدعو تلاميذه إلى أن يحملوا صليبهم ويتبعوه ، إذ أنه تألم لأجلنا، وأبقى لنا قدوة لنقتفي اثارة . فهو يريد أن يشرك في ذبيحته الفدائية أولئك الذين كانوا فيها أول المستفيدين . وهذا يتم على وجه كامل في شخص أمه التي أشركت في سر عذابه الفدائي إشراكا حميما دونه إشراك أي إنسان من البشر :

“هذه سلم الفردوس الوحيدة والحقيقية وما من سلم للصعود إلى السماء غير الصليب” .

بإيجاز:

619- “المسيح مات من أجل خطايانا على ما في الكتب” (1 كو 3:15).

620- خلاصنا ثمرة مبادرة محبة الله لنا، إذ “أنه هو أحبنا وأرسل ابنة كفارة عن خطايانا” (1 يو 10:4). “الله هو الذي، في المسيح، صالح العالم مع نفسه” (2 كو 19:5).

621- يسوع قدم باختياره نفسه لأجل خلاصنا، هذه التقدمة عبر عنها وحققها مسبقا في العشاء الأخير: “هذا هو جسدي الذي يبذل لأجلكم” (لو 19:22).

622- بهذا يقوم فداء المسيح: “أتى ليبذل نفسه فديه عن كثيرين” (متى 28:20)، أي “ليحب خاصته إلى الغاية” (يو 1:13)، لكي يحرروا من تصرفهم الباطل الموروث من آبائهم.

623- إن يسوع، بطاعته المحبة لأبيه “حتى موت […] الصليب” (في 8:2) أتم الرسالة التفكيرية رسالة العبد المتألم الذي يبرر كثيرين وهو يحمل آثامهم .

الفقرة 3 – يسوع المسيح دفن

624- قاسى “الموت” حتى يكون الموت الذي قاساه مفيدا “لكل أحد بنعمة الله ” (عب 2:9). إن الله في تصميمه الخلاصي أقر لا أن يموت ابنه ” من أجل خطايانا ” (1 كو 15:3) وحسب، بل أن “يقاسي الموت” أيضا، أي أن يعاني حال الموت حال الانفصال بين نفسه وجسده في المدة الممتدة ما بين موته على الصليب وقيامته .
هذه الحالة للمسيح المائت هي سر القبر والانحدار إلى الجحيم . إنها سر السبت المقدس الذي جعل فيه المسيح في القبر وأظهر راحة الله السبتية العظمى بعد إتمام خلاص البشر الذي يجعل الكون كله في سلام.

المسيح في القبر بجسده

625- إقامة يسوع في القبر هي الرابط الحقيقي بين حالة آلام المسيح قبل الفصح وحالته الحالية في قيامته المجيدة . إنه شخص “الحي” نفسه الذي يستطيع أن يقول ” لقد كنت ميتا وهاءنذا حي إلى دهر الدهور ( رؤ 1:18):
“هذا هو سر تدبير الله بشأن موت “ابنه” وقيامته من بين الأموات فإنه لم يمنع الموت من أن يفصل النفس عن الجسد على حسب نظام الطبيعة القائم ولكنه عاد فجمعها الواحد مع الآخر بالقيامة حتى يكون هو نفسه في شخصية مركز تلاقي الموت والحياة موقفا فيه انحلال الطبيعة الذي سببه الموت وصائرا هو نفسه مبدأ اتحاد الأجزاء المنفصلة “

626- بما أن ” مبدأ الحياة” الذي قتلوه هو ” الحي الذي قام” نفسه وجب أن يكون شخص ابن الله الإلهي قد بقي على اتخاذ نفسه وجسده اللذين فصلهما الموت أحدهما عن الاخر:
“إذا فالمسيح وإن كان لكونه إنسانا قد خضع للموت وانفصلت نفسه المقدسة عن جسده الأطهر غير أن لاهوته لم ينفصل البتة عن أي منهما أعني لا عن نفسه ولا عن جسده . وأقنومة الواحد لم ينقسم بذلك إلى أقنومين. لأن جسد المسيح ونفسه منذ ابتدائهما قد نالا الوجود في أقنوم الكلمة بالطريقة عينها. وإن انفصل أحدهما عن الآخر بالموت إلا أن كلا منها لبث مع أقنوم الكلمة الواحد الذي به نال الوجود ” .

“لن تدع قدوسك يرى فسادا “

627 – كان موت المسيح حقيقيا إذ وضع حدا لوجوده البشري الأرضي. ولكن بسبب الاتحاد الذي حافظ عليه شخص الابن مع جسده لم يصبح جثة ميتة كما يصبح الآخرون إذ “لم يكن في وسع الموت أن يضبطه” (أع 2:24). ومن ثم “فالقوة الإلهية حفظت جسد المسيح من الفساد “. فمن الممكن أن نقول عن المسيح أنه في الوقت نفسه “انقطع من أرض الأحياء” (اش 53:8) وأن “جسدي سيسكن على الرجاء لأنك لن تترك نفسي في الجحيم ولن تدع قدوسك يرى فسادا” (أع 2:26-27) .
وقد كانت قيامة يسوع “في اليوم الثالث (1 كو 15:4 ؛ لو 24:46) الدليل على ذلك ولأن الفساد أيضا كان من شأنه أن يظهر ابتداء من اليوم الرابع.

” مدفونون مع المسيح …..”

628- العماد الذي كان التغطيس علامته الأصلية والكاملة يعني النزول الفعلي إلى القبر للمسيحي الذي يموت للخطيئة مع المسيح في سبيل حياة جديدة: “لقد دفنا معه بالمعمودية للموت حتى أنا كما أقيم المسيح من بين الأموات بمجد الآب كذلك نسلك نحن أيضا في جدة الحياة ” (رو 6:4).

بإيجاز:

629- قاسي يسوع الموت حتى يكون في ذلك فائدة لكل إنسان . فإن ابن الله المتأنس هو الذي في الحقيقة مات ودفن.

630- في مدة إقامة المسيح في القبر بقي شخصه الإلهي ملازما وجسده اللذين فصلهما الموت. ولهذا فجسد المسيح المائت ” لم ير فسادا ” (أع 13:37).

المقال الخامس

“يسوع المسيح انحدر إلى الجحيم، في اليوم الثالث قام من الموتى”

631- “يسوع نزل إلى أسافل الأرض؛ فالذي نزل هو نفسه الذي صعد أيضا” (أف 4، 9- 10). وقانون إيمان الرسل يعترف في مادته إيمانية واحدة بانحدار المسيح إلى الجحيم وقيامته من الموتى في اليوم الثالث، لأنه في فصحه فجر الحياة من أعماق الموت.

“المسيح ابنك، الذي عاد فصعد من الجحيم، نشر على الجنس البشري ضياءه الصافي. وهو يحيا ويملك إلى دهر. آمين.”

الفقرة 1

المسيح انحدر إلى الجحيم

632- إثباتات العهد الجديد الكثيرة التي أوردت أن يسوع “قام من الموتى(“1 كو 15، 20)، تعنى أن يسوع، قبل القيامة، أقام في مقر الأموات هذا هو المعنى الأول الذي أعطته الك ارزة الرسولية لانحدار يسوع إلى الجحيم: يسوع عرف الموت كسائر البشر والتحق بهم بنفسه في مقر الأموات. إلا أنه انحدر مخلصا، معلنا البشرى للنفوس التي كانت محتجزة فيه.

633- مقر الأموات الذي انحدر إليه المسيح يدعوه الكتاب المقدس بالجحيم “الشيول أو الهداس “لأن الموجودين فيه محرومون من رؤية الله تلك حال جميع الأموات في انتظار الفادي، سواء كانوا أشرار أو أبرار، وهذا لا يعنى أن مصيرهم واحدا، كما يبين ذلك يسوع في مثل لعا ازر المسكين الذي استقبل في “أحضان إب ارهيم” “هذه النفوس القديسة التي كانت تنتظر المحرر في أحضان إب ارهيم، هي التي اعتقها يسوع المسيح عندما انحدر إلى الجحيم” لم ينحدر يسوع إلى الجحيم لإنقاذ الهالكين، ولا للقضاء على جهنم الهلاك، بل لإعتاق الأب ارر الذين سبقوا مجيئه.

634- “لقد بشر الأموات أيضا بالإنجيل( “..1 بط 4، 6) الانحدار إلى الجحيم هو ملء إتمام بشرى الخلاص الإنجيلية إنه مرحلة رسالة يسوع المسيحانية الأخيرة، المرحلة المحصورة في الزمن ،ولكن ذات الاتساع غير المحدود في مدلولها الحقيقي لامتداد العمل الفدائي إلى جميع البشر فيكل زمان وفي كل مكان، لأن جميع الذين خلصوا جعلوا مشتركين في الفداء.

635- لقد انحدر إذًا إلى أعماق الموت لكي “يسمع الأموات صوت ابن الله، والذين يسمعون يحيون” (يو 5، 25) فيسوع “مبدىء الحياة” أباد “بالموت من كان له سلطان الموت، أعنى إبليس ،وأعتق “أولئك الذين كانوا، الحياة كلها، خاضعين للعبودية خوفاً من الموت” (عب 2، 14- 15) فالمسيح، وقد قام، أصبح “بيده مفاتيح الموت والجحيم” (رؤ 1، 18) و”لاسم يسوع تجثو كل ركبة مما في السماوات وعلى الأرض وتحت الأرض( “في 2، 10).

“صمت عظيم يخيم اليوم على الأرض، صمت عظيم وعزلة شديدة، صمت عظيم لن الملك ينام لقد تزلزلت الأرض وهدأت لن الله نام في الجسد ومضى يوقظ من كانوا نائمين منذ قرون )…( إنه يمضي في طلب آدم، أبينا الأول ،مثل الخروف الضال. إنه يريد أن يمضي لزيارة جميع الجالسين في الظلمات وظل الموت .يمضي ليحرّر آدم وحواء من أوجاعهما ،آدم في قيوده، وحواء الأسيرة معه )…( “أنا إلهك، وبسببك صرت ابنك ]…[ استيقظ أيها النائم، لأني لم أخلقك لكي تقيم ههنا مكبلا في الجحيم. انهض من بين الأموات، فإني حياة الأموات.”

بإيجاز:

636- بالعبارة “يسوع انحدر إلى الجحيم” قانون الإيمان يعترف أن يسوع مات حقا وانه بموته تغلب على الموت وعلى إبليس “الذي له سلطان الموت” (عب 2، 14).

637- عندما مات المسيح، انحدر، بنفسه المتحدة بالشخص الإلهي، إلى مقر الأموات. وفتح للأبارر الذين سبقوا مجيئه أبواب السماء.

الفقرة 2

في اليوم الثالث قام من الموتى

638- “نحن نبشركم بان الوعد الذي صار لآبائنا قد حققه الله لنا نحن أولادهم إذ أقام يسوع” (رسل 13، 32– 33) قيامه المسيح هي الحقيقة القمة لإيماننا بالمسيح وهي التي اعتقدَ  تْها وعاشتها الجماعة المسيحية الأولى حقيقة رئيسية وتناقلها التقليد على أنها أساسية وأثبتتها وثائق العهد الجديد وكرز بها على أنها مع الصليب جزء جوهري من السر الفصحي: المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور. 

1- الحدث التاريخي والسامي 

639- سر قيامه المسيح حدث حقيقي جرت له ظهورات تاريخية ثابتة يشهد بها العهد الجديد وفي نحو سنه 56 استطاع القديس بولس أن يكتب للكورنثيين “أني سلمت إليكم أولا ما قد تسلمت أنا نفسي أن المسيح قد مات من أجل خطايانا على ما في الكتب وأنه قبر وأنه قام في اليوم الثالث على ما في الكتب وأنه تراءى لكيفا ثم للاثني عشر( “1 كو 15، 3– 4) فالرسول يتكلم هنا على تقليد القيام الحي الذي تعلمه بعد اهتدائه عند أبواب دمشق .

القبر الخالي 

640- لم تطلبن بين الأموات من هو حي؟ إنه ليس ههنا لكنه قد قام (لو 24، 5– 6) في إطار أحداث الفصح الأمر الأول الذي يطالعنا هو القبر الخالي ليس هو في ذاته برهانا مباشرا فمن الممكن تفسير اختفاء جسد المسيح من القبر على نحو آخر ومع ذلك فان القبر كان للجميع علامة جوهرية واكتشاف التلاميذ له كان الخطوة الأولى للوقوف على واقع القيامة تلك حال النساء القديسات أولا ثم حال بطرس التلميذ الذي كان المسيح يحبه (يو 20، 2) يؤكد أنه عندما دخل إلى القبر الخالي وأرى اللفائف مطروحة هناك (يو 20، 6) أرى وآمن وهذا يعنى أنه أرى في خلو القبر أن غياب جسد يسوع لم يكن من الممكن عزوة إلى عمل بشري وان يسوع لم يرجع ببساطة إلى حياة أرضية كما كانت الحال بالنسبة إلى لعازار.

تارئيات القائم من الموت 

641- مريم المجدلية والنساء القديسات اللواتي كن قد انتهين من تحنيط جسد يسوع وكان قد أسرع في دفنه مساء الجمعة المقدسة لحلول السبت كن أول من لقي يسوع القائم من الموت وهكذا كانت النساء أول رسل قيامه المسيح إلى الرسل أنفسهم ثم ت ارءى لهم يسوع لبطرس أولا ثم للاثني عشروآذ كان بطرس مدعوا إلى تثبيت إيمان أخوته فهو يري إذًا القائم من الموت قبلهم وبناء على شهادته تهتف الجماعة: لقد قام الرب حقا وتراءى لسمعان (لو 24، 34).

642- كل ما جري في الأيام الفصحية هذه يلزم كل واحد من الرسل ولا سيما بطرس بإنشاء العهد الجديد الذي بدا صباح الفصح وإذ كانوا شهود قيامته فإنهم يظلون حجارة بناء كنيسته وإيمان جماعة المؤمنين الأولى قائم على شهادة أناس محسوسين يعرفهم المسيحيون وأكثرهم لا ي ازلون يعيشون في ما بينهم شهود قيامه المسيح هؤلاء هم أولا بطرس والاثنا عشر ولكن ليسوا هم وحدهم فبولس يتكلم بوضوح عن أكثر من خمس مئة شخص تراءى لهم يسوع معا فضلا عن يعقوب وسائر الرسل.

643- أمام هذه الشهادات يستحيل تفسير قيامه المسيح خارج النظام الطبيعي وعدم الاعتراف بها على أنها حدث تاريخي وكان من الأحداث أن إيمان التلاميذ أخضع للامتحان الجذري في شأن آلام معلمهم وموته على الصليب الذي كان ذلك المعلم قد سبق وأنبأ به وكانت الهزة التي أحثتها الآلام شديدة إلى حد أن التلاميذ أو بعضا منهم لم يصدقوا حالا خبز القيامة وبعيد عن أن ترينا الأناجيل جماعة تستخفها الحماسة الصوفية ترينا التلاميذ منهاري القوى واجمين (لو 24، 17) وخائفين ولهذا لم يصدقوا كلام النساء القديسات لدي رجوعهن من القبر وبدا لهم كلامهن هذيانا (لو 24، 11) وعندما تراءى يسوع للأحد عشر في مساء الفصح لامهم على عدم إيمانهم وعلي عنادهم في تصديقهم لمن أروه قد قام من الأموات (مر 16، 14). 

644- التلاميذ لا يزالون في ريب حتى أمام حقيقة يسوع القائم من الأموات إذ يبدو لهم الأمر هكذا مستحيلا: يظنون أنهم يرون روحا فكانوا بعد غير مصدقين من الفرح ذاهلين (لو 24، 41) وسيعاني توما تج ربة الشك نفسها ولدى الظهور الأخير في الجليل الذي أورده متى ارتاب بعضهم (متى 28، 17) ولهذا فالفرضية التي تقول بأن القيامة قد تكون ثمرة الإيمان أو التصديق عند الرسل هي فرضية واهية فبعكس ذلك قد نجم إيمانهم بالقيامة من اختبارهم المباشر لحقيقة القائم من الموت بدعم من النعمة الإلهية.

حال الناسوت القائم من الموت عند المسيح 

645- يسوع القائم من الموت يقيم مع تلاميذه علاقات مباشرة عن طريق اللمس وتقاسم الطعام بذلك إلى الاعتراف بأنه ليس روحا وينوع أخص إلى التحقق من أن الجسد القائم من الموت والذي يظهر لهم فيه هو هو نفسه الذي استشهد وصلب إذ انه لا يزال يحمل ندوب آلامه إلا أن لهذا الجسد الأصيل والحقيقي أيضا ميزات الجسد الممجد الجديدة لم يعد محصورا في المكان والزمان ولكن بإمكانه أن يكون في أي مكان وأي زمان يشاء إذ أن ناسوته لم يعد مقيدا بالأرض بل أصبح في عهدة الآب الإلهية ولهذا السبب أيضا أصبح يسوع القائم من الموت مطلق الحرية في أن يظهر كما يشاء: في هيئة بستاني أو في هيئات أخرى (مر 16، 12) غير التي كان يألفها وذلك ليستثير إيمانهم .

646- لم تكن قيامه المسيح عودة إلى الحياة الأرضية كما كانت بالنسبة إلى القيامات التي أجراها قبل الفصح، ابنة يائيروس وفتى نائين، ولعازار، كانت هذه الإحداث أموار عجائبية ولكن هؤلاء الأشخاص الذين جرت فيهم المعجزات كانوا يستعيدون بقدرة يسوع حياة أرضية عادية وأنهم سيموتون مجددا في وقت ما أما قيامه المسيح فمختلفة جوهريا فهو في جسده القائم من الموت ينتقل من حال الموت إلى حياة أخرى فوق الزمان والمكان وجسد يسوع في القيامة مملوء من قدرة الروح القدس انه يشترك في الحياة الإلهية في حال مجدة بحيث يستطيع القديس بولس أن يقول عن المسيح إنه الإنسان السماوي. 

القيامة في كونها حدثا ساميا 

647- يا ليلة سعيدة حقا- على حد ما ورد في نشيد الفصح “لتبتهج- Exultet” أنت وحدك استطعت أن تعرفي متى خرج المسيح حيا من مقر الأموات أجل لم يكن أحد شاهد عيان لحادث القيامة نفسه ولا وصفة أحد الإنجيلين لم يتمكن أحد من القول كيف جرى حدثها الطبيعي وفضلا عن ذلك فجوهرة الأخص أي انتقاله إلى حياة أخرى لم يكن في متناول الحواس فالقيامة في كونها حدثا ملموسا بعلامة القبر الخالي وبحقيقة لقاءات الرسل بالمسيح القائم من الموت، هي في قلب سر الإيمان في كونها تسمو على التاريخ وتفوقه ولهذا لم يظهر المسيح القائم من الموت للعالم بل لتلاميذه الذين صعدوا معه من الجليل إلى أورشليم الذين هم الآن شهوده عند الشعب(رسل 13،31)

2- القيامة- عمل الثالوث الأقدس 

648- قيامه المسيح هي حقيقة إيمانية في مونها تدخلا ساميا من الله نفسه في الخلق وفي التاريخ فيها يعمل الأقانيم الثلاثة الإلهية معا كما يظهرون ميزاتهم الخاصة لقد جرت بقدرة الآب الذي أقام (رسل 2، 24) المسيح ابنه وادخل هكذا على وجه كامل ناسوته مع جسده في الثالوث فقد كشف نهائيا عن يسوع على انه المقام بحسب روح القداسة في قدرة ابن الله بقيامته من بين الأموات (رو 1، 4) والقديس بولس يشدد على ظهور قدرة الله في عمل الروح القدس الذي أحيا ناسوت يسوع المائت ودعاة إلى حالة الربوية المجيدة.

649- أما الابن فهو يجرى قيامته الخاصة بقدرته الإلهية فيسوع يعلن أنه ينبغي لابن الإنسان أن يتألم كثيرا ويموت وأن يقوم بعد ذلك بصيغة المعلوم لفعل قام وهو يثبت في موضع أخرمصرحا أبذل حياتي لكي أسترجعها أيضا فلي سلطان أن أسترجعها أيضا (يو 10، 17– 18) نؤمن بأن يسوع قد مات ثم قام (1 تس 4، 14). 

650- الآباء يتأملون في القيامة انطلاقا من شخص المسيح الإلهي الذي ظل متحدا بنفسه وجسده اللذين انفصلا أحدهما عن الأخر بالموت بوحدة الطبيعة الإلهية التي تظل ثابتة في كل من قسمَي الإنسان يعود هذان الجزءان إلى الاتّحاد وهكذا فالموت يجري بانفصال المركّب الإنساني والقيامة تجري باتّحاد الجزءين المنفصلين .

 

3- معنى القيامة ومدلولها الخلاصي 

651- إن كان المسيح لم يقم فكرازتنا إذًا باطلة وإيمانكم أيضا باطلا( 1 كو 15: 14) فالقيامة هي من قبل كل شيء إثبات لكل ما عمل المسيح نفسه وعلم وجميع الحقائق حتى الأشد امتناعا منها على إدراك العقل البشري تجد تبريرها إذا كان المسيح قدم بقيامته البرهان النهائي الذي وعد به على سلطته الإلهية.

652- قيامه المسيح هي إتمام لمواعيد العهد القديم ولمواعيد يسوع نفسه إبان حياته الأرضية والتعبير على ما في الكتب يدل على أن قيامه المسيح تحقيق لهذه النبوءات .

653- حقيقة ألوهة يسوع تثبتها القيامة لقد قال إذا ما رفعتم ابن البشر فعندئذ تعرفون أني أنا هو(يو 8، 28) فقيامه المصلوب برهنت على انه هو في الحقيقة الكائن ابن الله والله نفسه وقد استطاع القديس بولس أن يعلن لليهود ونحن نبشركم بأن الوعد الذي صار لآبائنا قد حققه الله لنا إذ أقام يسوع على ما هو مكتوب في المزمور الثاني: أنت ابني وأنا اليوم ولدتك (رسل 13، 32– 33) وقيامة المسيح شديدة الارتباط بسر تجسد ابن الله أنها تحقيق بحسب قصد الله الأزلي .

654- هنالك وجهان للسر الفصحي: إنه بموته يحررنا من الخطيئة وبقيامه يفتح لنا المدخل إلى حياة جديدة وهذه الحياة الجديدة هي أولا التبرير الذي يعيدنا إلى النعمة الله حتى أنا كما أقيم المسيح من بين الأموات كذلك نسلك نحن أيضا في جدة الحياة (رو 6، 4) وهي تقوم بالتغلب على موت الخطيئة وبالاشت ارك الجديد في النعمة وهي تتم التبني لان البشر يصبحون إخوة المسيح كما يدعو يسوع نفسه تلاميذه بعد قيامته اذهبا قولا لإخوتي (متى 28، 10) إخوة لا بالطبيعة بل بموهبة النعمة لأن هذا التبني يكسب اشتراكا حقيقيا في حياة الابن الوحيد الذي كشف عن ذاته بالقيامة كشفا كاملا .

655- أخيرا قيامة المسيح- والمسيح القائم نفسه- هي مبدأ وينبوع قيامتنا الآتية: “إن المسيح قد قام من بين الأموات باكورة للراقدين فكما أنه في آدم يموت الجميع كذلك أيضا في المسيح سيحيا الجميع( “1 كو 15، 20- 22). وفي انتظار هذا التحقيق، يحيا المسيح القائم من الموت في قلب مؤمنيه. فيه يتذوق المسيحيون “قوات الدهر الآتي” (عب 6، 5)، وحياتهم يشدها المسيح على قلب الحياة الإلهية “لكي لا يحيا الأحياء لنفسهم في ما بعد بل للذي مات وقام لأجلهم( “2 كو 5، 15).

بإيجاز:

656- الإيمان بالقيامة يتناول حدثا يثبته تاريخيا التلاميذ الذين لقوا في الحقيقة القائم من الموت، ويسمو سريا أيضا في كونه دخول ناسوت المسيح في مجد الله.

657- القبر الخالي واللفائف المطروحة تعنى في ذاتها أن جسد المسيح أفلت من قيود الموت والفساد بقدرة الله. إنها تعد التلاميذ للقاء القائم من الموت.

658- المسيح، “البكر من بين الأموات” (كو 1، 18)، هو مبدأ قيامتنا الخاصة منذ الآن بتبرير نفسنا، وفي الزمن الآتي بإحياء جسدنا.

المقال السادس

“يسوع صعد إلى السماوات، وهو جالس إلى يمين الله الآب الكلى القدرة”

659- “ومن بعد ما كلمهم الرب يسوع ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله” (مر 16، 19). فجسد المسيح مجد منذ اللحظة الأولى لقيامته كما تشهد بذلك المميزات الجديدة والفائقة الطبيعة التي يتمتع بها جسده منذ الآن فصاعدا وبغير انقطاع. ولكن في مدة الأربعين يوما التي سيأكل ويشرب فيها مع تلاميذه ببساطة الأنفة، ويعلمهم فيها شؤون الملكوت، سيبقى مجده مستوار بستار الإنسانية العادية. ظهور يسوع الأخير ينتهي بدخول ناسوته دخولاً نهائيا في المجد الإلهي الذي ترمز إليه السحابة والسماء حيث سيجلس من الآن فصاعدا عن يمين الله. وأنه سيتراءى بطريقة جد استثنائية ووحيدة لبولس “كأنما للسقط ( “1 كو 15، 8) ترائيا أخيراً يجعل منه رسولاً.

660- إن ميزة المجد المحجوب لدى القائم من الموت في هذه المدة تظهر في كلامه العجيب لمريم المجدلية: “لم أصعد بعد إلى أبى، بل أمضى إلى إخوتي وقولي لهم إني صاعد إلى أبي وأبيكم، إلى إلهي وإلهكم” (يو 20، 17). فهذا يدل على اختلاف في الظهور ما بين مجد المسيح القائم من الموت ومجد المسيح الجالس عن يمين الآب. وحادث الصعود التاريخي والسامي معاً يدل على الانتقال من الواحد إلى الآخر.

661- هذه المرحلة الأخيرة تبقى شديدة الارتباط بالأولى، أي الانحدار من السماء الذي تحقق في التجسد. والذي “خرج من الآب” يستطيع وحده “العودة إلى الآب”: أي المسيح.“لم يصعد أحد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن البشر” (يو 3، 13). فإذا تركت الإنسانية لقواها الطبيعة لم تستطع الدخول إلى “بيت الآب” إلى حياة الله وسعادته. المسيح وحده استطاع أن يفتح للإنسان هذا الباب “بحيث يكون لنا، نحن الأعضاء، آمل اللحاق به إلى حيث سبقنا هو أرسنا ومبدأنا”.

662- “وأنا متى رفعت عن الأرض اجتذبت إلى الجميع” (يو 12، 32) فالارتفاع على الصليب يعنى ارتفاع الصعود إلى السماء والإنباء به. غنه بدء الصعود ويسوع المسيح الكاهن الوحيد للعهد الجديد والأزلي، لم “يدخل مقدساً صنعته الأيدي …بل دخل السماء بعينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا”(عب 9، 24). وفي السماء يمارس المسيح كهنوته بغير انقطاع “إذ إنه على الدوام حي ليشفع في” من “يتقربن به أي الله” (عب 7، 25). وبما أنه “حبر للخيرات الآتية”(عب 9، 11) فهو قلب الليتورجيا والفاعل الرئيسي فيها، هي التي تكرم الآب في السماوات.

663- المسيح يجلس منذ الآن فصاعداً إلى يمين الآب: “ونحن نعنى بيمين الآب مجد الألوهة وشرفها حيث جلس من كان ابناً لله قبل جميع الدهور، إلها واحد الجوهر مع الآب، من بعد تجسد ومن بعدما تمجد جسده.” 

664- الجلوس إلى يمين الأب يعنى افتتاح ملك الماسيا، أي تحقيق رؤيا دانيال النبي في شأن بن الإنسان: “أوتي سلطانا ومجداً وملكاً، فجميع الشعوب والأمم والألسنة يعبدونه، وسلطانه سلطان أبدي لا يزول ولكته لا ينقرض”(دا 7، 14). فمنذ هذه اللحظة، أصبح الرسل شهود “الملك الذي ليس له انقضاء.”

بإيجاز:

665- صعود المسيح يشير إلى الدخول النهائي لناسوت يسوع إلى مقر الله السماوي من حيث سيعود، المقر الذي يخفيه في هذا الوقت عن عيون البشر.

666- يسوع المسيح، ارش الكنيسة، يسبقنا إلى ملكوت الآب المجيد حتى نحيا نحن، أعضاء جسده، في رجاءه أن نكون يوما معه إلى الأبد.

667- يسوع المسيح، الذي دخل مرة واحدة ،مقدس السماء، يشفع فينا أبدا، على أنه الوسيط الذي يضمن لنا أبدا فيض الروح القدس.

المقال السابع

“من حيث سيأتي ليقاضي الأحياء والأموات”

1ـ “سيعود في المجد” المسيح يملك منذ الآن بالكنيسة…

668- “مات المسيح وعاد حيا ليسود الأموات والأحياء” (رو 14، 9). فصعود المسيح إلى السماء يعنى إشراكه بناسوته في قدرة الله نفسه وفي سلطانه يسوع المسيح رب: بيده كل سلطة في السماوات وعلى الأرض. وهو “فوق كل رئاسة وسلطان وقوة وسيادة”، لأن “الآب أخضع كل شيء تحت قدميه” (أف 1، 20- 22). المسيح هو سيد الكون والتاريخ. فيه يجد تاريخ الإنسان وكل الخليقة “خلاصهما”، ونهايتهما السامية.

669- والمسيح، بصفته رباً، هو أيضا أرس الكنيسة التي هي جسده. وبعد أن رفع إلى السماء ومجد، متمما هكذا رسالته إتماماً كاملاً، فهو يبقى على الأرض في كنيسته فالفداء هو مصدر السلطة التي يمارسها المسيح على الكنيسة، بقوة الروح القدس “فملك المسيح هو الآن حاضر سريا في الكنيسة”، “نواة وبدء هذا الملكوت على الأرض.”

670- منذ الصعود أخذ تصميم الله يتحقق. فنحن الآن في “الساعة الأخيرة( “1 يو 2، 18).

“فالأزمنة الأخيرة إذًا قد أتت بالنسبة إلينا، وتجديد العالم قد حصل على غير تراجع ووقع بكل حقيقة، في الأيام الحاضرة، ذلك بأن الكنيسة مزدانة الآن على الأرض بقداسة حقيقة وإن غير كاملة. وملك المسيح يظهر الآن حضوره بالآيات العجائبية التي تترافق إعلانه عن طريق الكنيسة.”

…بانتظار أن يخضع له كل شيء 

671- ملك المسيح، الحاضر الآن في كنيسته، لم يتم بعد “في قدرة ومجد عظيم” (لو 21، 27)، بمجيء الملك إلى الأرض. وهذا الملك تقاومه قوى الشر، وإن كانت قد غلبت في الأساس بفصح المسيح. فإلى أن يخضع له كل شيء، “إلى أن تتحقق السماوات الجديدة والأرض الجديدة حيث يسكن البر، تحمل الكنيسة إبان رحلتها، في أسرارها ومؤسساتها المرتبطة بهذا الزمن، صورة الدهر الزائل، وتعيش هي نفسها وسط الخلائق التي لا تني تئن الآن في أوجاع المخاض، وتنتظر تجلى أبناء الله”. ولهذا يصلى المسيحيون، ولا سيما في الافخارستيا، لتسريع عودة المسيح، قائلين له:“تعال يا رب” (رؤ 22، 20).

672- المسيح أكد قبل صعوده أنه لم تأت بعد ساعة إقامة الملكوت المسيحاني المجيد الذي ينتظره إس ارئيل، والذي كان من شانه أن يجلب للبشر، على حد قول الأنبياء، نظام البر النهائي والمحبة والسلام، فالزمن الحاضر هو، بحسب الرب، زمن الروح والشهادة، ولكنه زمن أيضا موسومبسمة الضيق (1 كو 7، 26) وامتحان الشر الذي لا يحيد عن الكنيسة، والذي يفتح صراعات الأيام الأخيرة. إنه زمن ترقب وسهر.

مجيء المسيح المجيد، رجاء إسرائيل 

673- منذ الصعود أصبح مجيء المسيح في المجد قريبا، وأن لم يكن لنا “أن نعرف الأوقات التي أقرها الآب في سلطانه الخاص “(رسل 1، 7). هذا المجيء المعادي يمكنه أن يتم في أي وقت، وإن كان “مقيدا”، هو والامتحان الأخير الذي سيسبقه.

674- مجيء الماسيا المجيد معلق بكل وقت من أوقات التاريخ، إلى أن يعترف به “كل إسرائيل الذي تصلب قسم منه في “عدم الإيمان” (رو 11، 20) بيسوع ـ والقديس بطرس يقول ذلك ليهود أورشليم بعد العنصرة: “اندموا وتوبوا لكي تمحى خطاياكم، فتأتى أوقات ال ارحة من قبل الرب ،ويرسل الذي أعد لكم من قبل، المسيح يسوع الذي ينبغي أن تقبله السماء، إلى عهد تجديد كل شيء، الذي تكلم عنه الله منذ القديم على أفواه أنبيائه القديسين( “رسل 3، 19- 21). والقديس بولس يردد صداه قائلاً: “إن كان انتباذهم مصالحة للعالم، فماذا يكون قبولهم إلا حياة للأموات؟” (رو 11، 15). فدخول جمهرة اليهود في الخلاص المسيحاني، في عقب جمهرة الأمم يتيح لشعب الله أن ” يحقق ملء اكتمال المسيح ” (أف 4، 13)، الذي يكون فيه “الله كلا في الكل”(1 كو28 ،15)

امتحان الكنيسة الأخير

675- لابد للكنيسة، قبل مجيء المسيح، من أن تجتاز امتحانا أخيراً يزعزع إيمان كثير من المؤمنين. والاضطهاد الذي يرافق زيارته للأرض يكشف “سر الجور” في شكل تدجيل ديني يقدم للبشر حلاً ظاهراً لقضاياهم ثمنه جحود الحقيقة والتجديل الديني الأعظم هو تدجيل المسيح الدجال، أي تدجيل المسيحانية الكاذبة، حيث يمجد الإنسان نفسه في مكان الله ومسيحه المتجسد.

676- هذا التدجيل المناهض للمسيح ويرتسم في العالم كلماً ادعى الناس أن يحققوا في التاريخ الرجاء المسيحاني الذي لا يمكن أن يتم إلا بعده في الدينونة المعادية، والكنيسة نبذت هذا التزوير للملكوت التي حتى في صيغته المخففة المعروفة بالألفية، ولا سيما صيغتها السياسية كمسيحانية علمانية “فاسدة في جوهرها.”

677- الكنيسة لن تدخل في مجد الملكوت إلا من خلال هذا الفصح الأخير حيث تتبع ربها فيموته وفي قيامته. فالملكوت لن يتحقق إذًا بانتصار تاريخي للكنيسة يكون في تطور صاعد بل بانتصار لله على جماح الشر الأخير الذي سينزل عروسها من السماء. وانتصار الله على ثورة الشر سيتخذ شكل الدينونة الأخير لهذا العالم المتلاشي.

2- “ليقاضي الأحياء والأموات “

678- بعد الأنبياء ويوحنا المعمدان، أعلن يسوع في كرازته دينونة اليوم الآخر، حينذاك يكشف سلوك كل واحد، وسر القلوب. عند ذلك يقضى على عدم الإيمان الأثيم، الذي استخف بالنعمة التي وهبها الله، وموقف الإنسان بالنسبة إلى القريب سيكشف عن حسن استقبال النعمة والمحبة الإلهية أو رفضها. سيقول يسوع في اليوم الأخير: “إن كل ما صنعتموه إلى واحد من إخوتي هؤلاء ،إلى واحد من الصغار، فإلى قد صنعتموه” (متى 25، 40).

679- المسيح سيد الحياة الأبدية، وله الحق الكامل في أن يحكم نهائيا على أعمال البشر وقلوبهم بكونه فادي العالم. لقد “أكتسب” هذا الحق بصليبه. ولهذا فالآب “فوض إلى الابن كل دينونة” (يو 5، 22) . والابن لم يأت ليدين، بل ليخلص، ولكي يعطى الحياة التي فيه. ويرفض النعمة في هذه الحياة يدين كل واحد ذاته، فينال ما تستحقه أعماله، ويستطيع حتى أن يهلك نفسه إلى الأبد برفضه روح المحبة.

بإيجاز:

680- المسيح الرب يملك منذ الآن بالكنيسة، ولكن لم يخضع له بعد كل شيء في هذا العالم ،ولن يتحقق انتصار ملكوت المسيح بدون أن يلاقى هجوما أخيار من قوات الشر.

681- في يوم الدينونة، عند انتهاء العالم، سيأتي المسيح في المجد ليحقق الانتصار النهائي للخير على الشر، اللذين، مثل حبة القمح والزوان، ينموان معا على مر التاريخ.

682- عندما يأتي المسيح الممجد في آخر الأزمان ليقاضي الأحياء والأموات سيكشف عن استعدادات القلوب السرية، وينيل كل إنسان ما استحقته أعماله، وقبوله أو رفضه للنعمة.

 

المزيد من المنشورات

القديس يوحنا الدمشقي – إيضاح منطقي في الكلمة ابن الله
يسوع المسيح : ابن الله

القديس يوحنا الدمشقي – إيضاح منطقي في الكلمة ابن الله

قوة ومعنى صلاة “أيُّها الرَّبُّ يسوعُ المسيحُ، يا ابنَ اللهِ، ارحَمْنِي”
يسوع المسيح : ابن الله

قوة ومعنى صلاة “أيُّها الرَّبُّ يسوعُ المسيحُ، يا ابنَ اللهِ، ارحَمْنِي”

عيد “اسم يسوع الفائق القداسة” في ٣ كانون الثاني وهذا الشهر كلّه مخصّص لتكريم اسم “يسوع”
يسوع المسيح : ابن الله

عيد “اسم يسوع الفائق القداسة” في ٣ كانون الثاني وهذا الشهر كلّه مخصّص لتكريم اسم “يسوع”

لماذا سمّي المسيح “يسوع” لا “عمّانوئيل” كما تنبّأ عنه إشعياء النبيّ
يسوع المسيح : ابن الله

لماذا سمّي المسيح “يسوع” لا “عمّانوئيل” كما تنبّأ عنه إشعياء النبيّ

يسوع المسيح : ابن الله

كتاب : خضوع الابن للآب للقديس غريغوريوس النيسي – عصر نيقية وما بعد نيقية – المركز الارثوذكسي للدراسات الآبائية

كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية

الدستور الرسولي: وديعة الإيمان، لأجل نشر تعليم الكنيسة الكاثوليكية – البابا يوحنا بولس الثاني

كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية

الرسالة الرسولية لكتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية – البابا يوحنا بولس الثاني

كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية

تمهيــد وشرح لبنية كتاب التعليم المسيحي الكاثوليكي (1-25) التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية

كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية

الجزء الاول: الاعتراف بالإيمان – القسم الأول: “أؤمن” – “نؤمن” الفصل الاول: الإنسان “قادر” على [الإتصال] بالله (26-49) التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية

Next Post
لاوون الرابع عشر هو البابا الجديد: السلام للعالم، سلام أعزل ومتواضع

لاوون الرابع عشر هو البابا الجديد: السلام للعالم، سلام أعزل ومتواضع

Discussion about this post

البحث

No Result
View All Result

الأقسام والتصنيفات

  • تعليم مسيحي
    • الله الاب
    • يسوع المسيح
      • يسوع المسيح : ابن الله
      • يسوع المسيح : طبيعته والوهيته
      • يسوع المسيح : النبوءات وما تكلم عنه الانبياء
      • يسوع المسيح : تجسده (ميلاده)
      • يسوع المسيح : عماده
      • يسوع المسيح : رسالته
      • يسوع المسيح : الامه وصلبه وموته على الصليب
      • يسوع المسيح : صعوده الى السماء
      • يسوع المسيح : قيامته
      • يسوع المسيح : ظهوره
      • يسوع المسيح : المجيء الثاني
    • الروح القدس
    • الثالوث الاقدس
    • وصايا الله العشر
      • 1- انا هو الرب الهك، لا يكن لك اله غيري
      • 2- لا تحلف باسم الله بالباطل
      • 3- احفظ يوم الرب
      • 4- اكرم اباك وامك
      • 5- لا تقتل
      • 6- لا تزنِ
      • 7- لا تسرق
      • 8- لا تشهد بالزور
      • 9- لا تشته امرأة قريبك
      • 10- لا تشته مقتنى غيرك
      • الوصايا الله العشر بوجه العموم
    • اسرار الكنيسة السبعة
      • 1- سر المعمودية
      • 2- سر التثبيت
      • 3- سر الافخارستيا
      • 4- سر التوبة والمصالحة
      • 5- سر الزواج
      • 6- سر الكهنوت
      • 7- سر مسحة المرضى
      • اسرار الكنيسة السبعة بوجه العموم
    • وصايا الكنيسة السبعة
      • 1- قدس أيام الاحاد والأعياد المأمورة
      • 2- صم الصوم الكبير وسائر الأصوام المفروضة
      • 3- انقطع عن الزفر يوم الجمعة
      • 4- اعترف بخطاياك للكاهن قلّما مرة في السنة
      • 5- تناول القربان المقدّس قلّما مرّة في عيد الفصح
      • 6- أوفِ البركة أي العشر
      • 7- امتنع عن اكليل العرس في الازمنة المحرّمة
    • مواهب الروح القدس السبع
      • 1- الحكمة
      • 2- الفهم
      • 3- المشورة
      • 4- القوة
      • 5- العلم
      • 6- التقوى
      • 7- مخافة الله
      • مواهب الروح القدس السبع بوجه العموم
    • ثمار الروح القدس
      • 1- محبة
      • 2- فرح
      • 3- سلام
      • 4- طول أناة
      • 5- لطف
      • 6- صلاح
      • 7- إيمان
      • 8- وداعة
      • 9- تعفف
      • ثمار الروح بوجه العموم
    • الفضائل الالهية
      • فضيلة الايمان
      • فضيلة الرجاء
      • فضيلة المحبة
    • السماء
    • المطهر
    • الجهنم
    • الملائكة
    • الشياطين
    • الخير
    • الشر
    • الفضائل
      • التواضع
      • الحقيقة
      • التأمل الروحي
      • الصبر
      • الفرح
      • الصلاة
      • السلام
      • الوداعة
      • الطهارة
      • الحشمة
      • اطعام الجائعين
      • الفضائل بوجه العموم
    • الرذائل
      • حب المال
      • الرياء
      • عيوب اللسان
      • الظلم
      • الكبرياء
      • الحسد
      • الغضب
      • الكسل
      • التنمر
      • الشراهة
      • الرذائل بوجه العموم
    • السحر والشعوذة
    • وثائق ومجامع كنسية
      • مجمع العقيدة والايمان
      • المجامع الكنسية: نيقيا الاول – الفاتيكاني الاول
      • المجمع الفاتيكاني الثاني
    • تعاليم وقوانين الكنيسة الكاثوليكية
      • كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية
      • أسئلة واجوبة حول التعليم المسيحي
      • مجموعة قوانين الكنائس الشرقية
    • الرسائل البابوية
      • رسائل البابا لاوون الرابع عشر
      • رسائل البابا فرنسيس الأول
      • رسائل البابا بندكتس السادس عشر
      • رسائل البابا يوحنا بولس الثاني
      • رسائل البابا بولس السادس
      • رسائل البابا يوحنا الثالث والعشرون
      • نبذة عن سيرة الباباوات عبر التاريخ
    • الرسائل الراعوية لبطاركة الشرق الكاثوليك
    • البطريركية المارونية
      • المجمع البطريركي الماروني – بكركي 2006
      • رسائل البطريرك بشارة الراعي
      • البيان الشهري لمجلس المطارنة الموارنة
    • موقف الكنيسة من:
      • المثلية
      • الانتحار
      • الاجهاض
      • الموت الرحيم
      • الزواج المدني
      • اخلاقيات الحياة
      • هالوين
      • التكنولوجيا واخطارها
    • مقالات تعليمية متنوعة
  • الكتاب المقدس
    • العهد القديم
    • العهد الجديد
    • العهد القديم مسموع – mp3
    • العهد الجديد مسموع – mp3
    • خرائط الكتاب المقدس
    • تاريخ الكتاب المقدس
    • مدخل الى الكتاب المقدس
    • قاموس الكتاب المقدس
    • شخصيات من الكتاب المقدس
    • الكتاب المقدس بوجه العموم
    • مواقع الكتاب المقدس وتفسيره
  • السنة الطقسية
    • افتتاح السنة الطقسية
      • تقديس البيعة
      • تجديد البيعة
    • زمن الميلاد المجيد
      • بشارة زكريا
      • بشارة العذراء
      • زيارة العذراء لاليصابات
      • مولد يوحنا المعمدان
      • البيان ليوسف
      • النسبة
      • الميلاد المجيد
      • ختانة يسوع (راس السنة)
      • احد وجود الرب في الهيكل
    • زمن الدنح المجيد (العماد)
      • الدنح (عماد يسوع)
      • اعتلان سر المسيح ليوحنا المعمدان
      • اعتلان سر المسيح للرسل
      • دخول المسيح الى الهيكل (2 شباط)
      • الكهنة
      • الابرار والصديقين
      • الموتى المؤمنين
    • زمن الصوم
      • أحد المرفع
      • صوم أهل نينوى
      • الصوم – مقالات
      • عرس قانا الجليل (مدخل الصوم)
      • اثنين الرماد
      • شفاء الابرص
      • شفاء المنزوفة
      • الابن الشاطر
      • شفاء المخلع
      • شفاء الاعمى
      • احياء لعازر (سبت لعازر)
      • الشعانين
    • زمن الآلام
      • مقالات وتأمل اسبوع الالام – الاسبوع العظيم
      • اربعاء ايوب
      • خميس الاسرار
      • الجمعة العظيمة – موت يسوع المسيح
    • زمن القيامة المجيدة
      • سبت النور
      • القيامة
      • تهنئة مريم بقيامة المسيح
      • ظهور يسوع بعد القيامة
      • ظهور يسوع لتلميذي عماوس
      • ظهور يسوع للتلاميذ وتوما معهم
      • الرحمة الالهية – الاحد الاول بعد عيد الفصح
      • صعود المسيح الى السماء
    • زمن العنصرة
      • العنصرة – حلول الروح القدس
      • أحد الثالوث الأقدس – الاجد الثاني بعد العنصرة
      • خميس الجسد – الخميس الثاني بعد العنصرة
      • القربان المقدس ومعجزاته
    • زمن الصليب
      • الصليب
  • ليتورجية : قداسات وصلوات ورتب طقسية
    • طقس ماروني – كاثوليك
      • القداس الماروني
        • القداس الماروني – زمن الميلاد
        • القداس الماروني – زمن الدنح
        • القداس الماروني – زمن الصوم
        • القداس الماروني – زمن القيامة
        • القداس الماروني – زمن العنصرة
        • القداس الماروني – زمن الصليب
        • القداس الماروني – أعياد ومناسبات
        • القداس الماروني – أعياد + نافور شرر
        • نوافير القداس الماروني – طقس ماروني
      • الصلوات الطقسية – طقس ماروني
        • صلوات زمن الميلاد – طقس ماروني
        • صلوات زمن الدنح – طقس ماروني
        • صلوات زمن الصوم – طقس ماروني
        • صلوات اسبوع الالام – طقس ماروني
        • صلوات زمن القيامة – طقس ماروني
        • صلوات زمن العنصرة – طقس ماروني
        • صلوات زمن الصليب – طقس ماروني
        • صلوات أعياد ومناسبات – طقس ماروني
      • الرتب الطقسية – طقس ماروني
      • الانجيل الاسبوعي – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – زمن الميلاد – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – زمن الدنح – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصوم – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – زمن القيامة – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – زمن العنصرة – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصليب – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
        • الإنجيل الأسبوعي – الاعياد الثابتة – القراءات الليتورجية – طقس ماروني
    • طقس لاتيني – كاثوليك
    • طقس روم – ارثوذكس (بيزنطي)
    • الروزنامة – تاريخ الأعياد
    • رتب وصلوات وتبريكات خاصة بالكهنة
  • الصلوات والتساعيات والمسابح
    • صلوات ومناجاة
      • صلوات روحية
      • مناجاة روحية
      • صلوات ومناجاة روحية
      • صلوات مريمية
    • تأملات
      • تأملات روحية
      • تأملات مريمية
      • تأملات شهر أيار – رعية مار شربل الأردن
      • تأملات شهرية لقلب يسوع الاقدس (حزيران)
    • تساعيات
      • تساعيات الاب الازلي
      • تساعيات يسوع المسيح
      • تساعيات الروح القدس
      • تساعيات الثالوث الاقدس
      • تساعيات مريم العذراء
      • تساعيات الملائكة
      • تساعيات قديسين
      • تساعيات قديسات
      • تساعيات متفرقة
    • مسابح
      • مسابح يسوع المسيح
      • مسابح الاب الازلي
      • مسابح الروح القدس
      • مسابح الثالوث الاقدس
      • مسابح مريم العذراء
      • مسابح الملائكة
      • مسابح قديسات
      • مسابح قديسين
    • طلبات وزياحات
    • ساعة سجود
    • درب وزياح الصليب
  • مريم العذراء
    • أعياد مريمية
      • 15 كانون الثاني : سيدة الزروع
      • 11 شباط : سيدة لورد
      • 25 اذار : عيد البشارة
      • 3 أيار : سيدة البحر
      • 15 ايار: سيدة الزروع – الحصاد
      • 15 آب : انتقال سيدتنا مريم العذراء
      • 8 أيلول : ميلاد مريم العذراء (غ)
      • 15 أيلول : سيدة الأوجاع
      • 7 تشرين الأول : سلطانة الوردية المقدسة
      • 21 تشرين الثاني : عيد دخول العذراء إلى الهيكل
      • 27 تشرين الثاني : عيد سيّدة الايقونة العجائبيّة
      • 8 كانون الأول : الحبل بلا دنس
      • أعياد مريمية بوجه العموم
    • كتب مريمية
      • الاقتداء بمريم
      • امجاد مريم البتول – القديس ألفونس دي ليكوري
      • الاكرام الحقيقي لمريم العذراء – القديس لويس ماري غرينيون دي مونفورت
    • عقائد مريمية
      • عقيدة مريم ام الله – مجمع افسس 431
      • عقيدة مريم العذراء الدائمة البتولية – المجمع اللاتراني 649
      • عقيدة الحبل بلا دنس – 8 كانون الاول 1854 – البابا بيوس التاسع
      • عقيدة انتقال مريم العذراء إلى السماء بالنفس والجسد 1950 – البابا بيوس الثاني عشر
      • العقائد المريمية بوجه العموم
    • ظهورات مريم العذراء
      • ظهورات مريم العذراء – فاطيما 1917
      • ظهورات لاساليت
    • مقالات مريمية
    • فضائل مريمية
    • قصائد مريمية
    • تراتيل مريمية – تاريخها
    • اقوال قديسين عن مريم العذراء
    • ايقونات مريمية – شرح وتفسير
  • الحياة المكرسة والنذور الرهبانية
    • الدعوة والتنشئة الكهنوتية
    • الحياة الكهنوتية
    • الدعوة الرهبانية ومرحلة الابتداء
    • الحياة الرهبانية
    • نذر الطاعة
    • نذر العفة
    • نذر الفقر
    • نذر التواضع
    • مقالات حول الحياة المكرسة
  • مكتبة روحية
    • مقالات اباء الكنيسة
      • مقالات : اكليمنضوس الاسكندري
      • مقالات : اثناسيوس
      • مقالات : امبروسيوس
      • مقالات : اغوسطينوس
      • مقالات : افرام السرياني
      • مقالات : باسيليوس الكبير
      • مقالات : نيوفان الحبيس
      • مقالات : غريغوريوس النيصي
      • مقالات : غريغوريوس بالاماس
      • مقالات : غريغوريوس النزينزي اللاهوتي – الناطق بالالهيات
      • مقالات : كيرلس السكندري
      • مقالات : كيرلس الاورشليمي
      • مقالات : يوحنا كاسيان
      • مقالات : يوحنا الدمشقي
      • مقالات : يوحنا فم الذهب
      • مقالات : القديس فيلوكسينوس
    • مقالات واقوال اباء الكنيسة متفرقة
    • كتب اباء الكنيسة
      • كتب : افرام السرياني
      • كتب : اتناسوس
      • كتب : امبروسوس
      • كتب اغوسطينوس
      • كتب : اكليمنضوس الروماني
      • كتب : اكليمنضوس الاسكندري
      • كتب : باسيليوس الكبير
      • كتب : غريغوريس النيصي
      • كتب : غريغوريوس النزينزي اللاهوتي – الناطق بالالهيات
      • كتب : كيرلس الاورشليمي
      • كتب : مقاريوس الكبير
      • كتب : كبريانوس
      • كتب : يوحنا كاسيان
      • كتب : يوحنا فم الذهب
      • كتب : يوستينوس الشهيد
    • كتب روحية متفرقة
    • كتب روحية منسقة
      • الاقتداء بالمسيح
      • بستان الرهبان
      • المصباح الرهباني
      • الطريق الى الفردوس
      • وستعرفون الحق والحق يحرركم
    • سير قديسين – السنكسار
      • كانون الثاني – سير قديسين
      • شباط – سير قديسين
      • اذار – سير قديسين
      • نيسان – سير قديسين
      • ايار – سير قديسين
      • حزيران – سير قديسين
      • تموز – سير قديسين
      • اب – سير قديسين
      • ايلول – سير قديسين
      • تشرين الاول – سير قديسين
      • تشرين الثاني – سير قديسين
      • كانون الاول – سير قديسين
      • فهرست ومقالات – سير قديسين
    • أعياد ومناسبات
      • كانون الثاني – أعياد ومناسبات
        • 6 كانون الثاني : عيد الظهور الإلهي
        • 17 كانون الثاني : مار انطونيوس الكبير
        • 28 كانون الثاني : مار افرام السرياني
        • 31 كانون الثاني : دون بوسكو
      • شباط – أعياد ومناسبات
        • 9 شباط : مار مارون
        • 14 شباط : القديس فلانتين
        • 22 شباط : إقامة كرسي بطرس في أنطاكية – المكرم بشارة ابو مراد
        • 27 شباط : القديس غابرييل لسيدة الأوجاع
      • آذار – أعياد ومناسبات
        • 1 اذار : الملاك الحارس
        • 2 اذار : مار يوحنا مارون (اول بطريرك ماروني)
        • 4 آذار : عيد الوجه الأقدس
        • 19 اذار : مار يوسف البتول
        • 21 اذار : عيد الام
        • 23 اذار : القديسة رفقا
        • 26 اذار : الملاك جبرائيل
      • نيسان – أعياد ومناسبات
        • 23 نيسان : مار جرجس
        • 29 نيسان : القديسة كاترين السيانية
      • أيار – أعياد ومناسبات
        • الشهر المريمي – أيار
        • سيدة لبنان – الأحد الاول من ايار
        • 3 أيار : اكتشاف صليب سيدنا يسوع المسيح في أورشليم
        • 6 ايار : القديس دومنيك سافيو
        • 8 أيار : يوحنا الحبيب \ مولد القديس شربل
        • 22 ايار : القديسة ريتا
      • حزيران – أعياد ومناسبات
        • قلب يسوع – شهر حزيران
        • 6 حزيران : الملاك ميخائيل
        • 13 حزيران : مار انطونيوس البدواني
        • 21 حزيران : عيد الأب
        • 24 حزيران : مولد يوحنا المعمدان
        • 26 حزيران : الطوباوي يعقوب الكبوشي
        • 29 حزيران : مار بطرس وبولس
      • تموز – أعياد ومناسبات
        • 6 تموز : القديسة ماريا غورتي
        • 9 تموز : القديسة فيرونيكا جولياني
        • 10 تموز :القديسون الاخوة المسابكييون والرهبان الفرنسيسكان وشهداء دمشق ١٨٦٠
        • الاحد الثالث من تموز : عيد القديس شربل
        • 17 تموز : القديسة مارينا وادي قنوبين
        • 20 تموز : مار الياس الحي
        • 22 تموز : مريم المجدلية
        • 22 تموز : مار نوهرا
        • 25 تموز : عيد القدبسة حنة
        • 31 تموز : تلاميذ مار مارون 350 شهيد
      • آب – أعياد ومناسبات
        • 2 آب : البطريرك اسطفان الدويهي
        • 6 آب : تجلي الرب
        • 29 آب : قطع رأس يوحنا المعمدان
        • 30 آب : الطوباوي اسطفان نعمة
        • 31 آب: مار زخيا العجائبي
      • أيلول – أعياد ومناسبات
        • 5 أيلول : القديسة الأم تريز كالكوتا
        • 14 أيلول : عيد الصليب
        • 24 أيلول : القديسة تقلا
      • تشرين الأول – أعياد ومناسبات
        • 1 تشرين الأول : القديسة تريز الطفل يسوع
        • 4 تشرين الأول : القديس فرنيسيس الأسيزي
        • 20 تشرين الأول : إعلان قداسة الشهداء المسابكيين
      • تشرين الثاني – أعياد ومناسبات
        • 13 تشرين الثاني : يوحنا فم الذهب
        • 22 تشرين الثاني : تذكار القديسين يواكيم وحنة والدي سيّدتنا مريم العذراء
      • كانون الأول – أعياد ومناسبات
        • 4 كانون الأول : القديسة بربارة
        • 4 كانون الأول : القديس يوحنا الدمشقي
        • 14 كانون الاول: القديس نعمة الله الحرديني
    • تاريخ الكنيسة
      • تاريخ الكنيسة الشرقية
      • تاريخ الكنيسة الغربية – الدكتور يواقيم رزق مرقص
    • الكنائس وتاريخها
      • كنائس لبنان
      • كنائس سوريا
      • كنائس القدس
      • كنائس العراق
      • كنائس تركيا
      • كنائس ايطاليا
      • كنائس متفرقة
    • الفن الكنسي
    • تاريخ الايقونة
    • الايقونة وشرحها
    • جنود مريم – منشورات
      • يسوع المسيح – جنود مريم
        • عبادة دم يسوع المسيح – جنود مريم
        • عائلة قلب يسوع الاقدس – جنود مريم
        • عبادة طفل براغ – جنود مريم
        • عبادة قلب يسوع الاقدس – جنود مريم
      • مريم العذراء – جنود مريم
        • سيدة رامات – جنود مريم
        • الوردية – نشأتها وتاريخها و دورُها و أهميّتها في الحياةِ الرّوحيّة – جنود مريم
      • قديسين – جنود مريم
        • القديس يوسف البتول – جنود مربم (19 آذار)
        • القديس جرجس – جنود مريم (23 نيسان)
        • القدّيس نوهرا الشهيد شفيع البصر – جنود مريم (22 تموز)
        • القديس بيو – جنود مريم
        • القدّيس جوده دي تاري – جنود مريم
        • مار سركيس و مار باخوس – جنود مريم
        • القدّيس بيريغران شفيع مرض السرطان – جنود مريم
      • قديسات – جنود مريم
        • القديسة ريتا – جنود مريم (22 ايار)
        • القديسة الشهيدة أكويلينا – جنود مريم (13 حزيران)
        • القدّيسة فيرونيكا جولياني – جنود مريم (10 تموز)
        • القديسة فوستين – جنود مريم
        • القدّيسة فيلومينا – جنود مريم
      • ملائكة – جنود مريم
        • مار جبرائيل أحد رؤساء الملائكة – جنود مريم
        • مار ميخائيل وملائكته – جنود مريم
      • كتب وصلوات روحية وتعليم – جنود مريم
        • شهر مع أصدقائنا الأنفس المطهريّة – جنود مريم
        • سر الرحمة الالهية – صلوات للرحمة الالهية – جنود مريم
        • الصلاة الارادة الالهية – جنود مريم
        • سر السعادة – الصلوات الخمس عشرة المُلهمة من سيّدنا يسوع المسيح للقدّيسة بريجيتا – جنود مريم
        • القداس الالهي – اسرار تكشفها العذراء – جنود مريم
        • العيش في ملكوت المشيئة الإلهية – جنود مريم
        • اسرار الكنيسة السبعة – جنود مريم
      • منشورات وصلوات روحية وتعليم – جنود مريم
      • كتب متفرقة وارشارد – جنود مريم
        • حقيقة الشيطان وظاهرة عبادته في المجتمع المعاصر – جنود مريم
      • منشورات متفرقة وارشاد – جنود مريم
    • عائلة قلب يسوع الاقدس – سوريا
    • مقالات متفرقة
    • اعلانات ومناسبات
  • مواضيع وقصص
    • مذاهب وبدع
    • البروتستانت – الانجيليين
    • السبتييون
    • شهود يهوا
    • هل تعلم؟
    • صوت صارخ في البرية
    • الاجهاض – نظرة الكنيسة
    • قصة وعبرة
    • ترفيه
    • متفرقات
  • تربوي وثقافي وصحة
    • الاستعداد للزواج
    • سر الزواج المقدس
    • العائلة
    • التربية
    • اسباب مشاكل الزوجية
    • ادب الحياة وفنونها
    • الصحة والامراض
      • الصحة النفسية
      • الصحة الجسدية
      • الأدوية والأعشاب
    • الادمان علاجه ومشاكله
      • الادمان بوجه العموم
      • مشاكل الادمان
      • الادمان على الانترنت
      • الادمان على التدخين
      • الادمان على الكحول
      • الادمان على المخدرات
      • الادمان على القمار
      • نصائح توجيهية حول الادمان
      • الادمان والوقاية
    • مطبخ: مأكولات – حلويات – عصير
      • شوربة
      • السلطات
      • المقبلات
      • المعجنات
      • الاكلات الرئيسية
      • العصائر والمشروبات
      • الحلويات
  • مواقع WEBLINKS
    • مواقع الكنيسة الكاثوليكية
    • موقع الكنيسة الاورثوذكسية
    • مواقع روحية Spiritual Sites
    • مواقع لتعليم اللغات
  • تراتيل MP3
    • زمن الميلاد المجيد – mp3
    • Christmas Noel – mp3
    • زمن الدنح – عماد يسوع – mp3
    • زمن الصوم – mp3
    • درب الصليب
    • اسبوع الالام – mp3
    • زمن القيامة – mp3
    • زمن العنصرة – mp3
    • عبادة قلب يسوع الأقدس – mp3
    • مريم العذراء – mp3
    • المسبحة الوردية – لغات متعددة – mp3
    • مزامير – mp3
    • تراتيل مارونية – mp3
    • تراتيل كلدانية – mp3
    • تراتيل بيزنطية – روم كاثوليك – mp3
    • تراتيل بيزنطية – روم أورثوذكس – mp3
    • تراتيل أرمن ارثوذكس – mp3
    • تراتيل قديسون – mp3
    • تراتيل قديسات – mp3
    • مكرسون – mp3
    • فنانين: جومانا، ماجدة … mp3
    • جوقات mp3 – Coral
    • القربانة الاولى – mp3
    • صلوات – mp3
    • قصائد – mp3
    • mp3 – Gregorian
    • Music: Bach, Mozart … mp3
    • موسيقى – mp3
    • اغاني اطفال – عربي، فرنسي، انكليزي – mp3
  • slider

صفحتنا على فيسبوك

اخر المنشورات

تعليم اللغة السريانية – مبادئ القراءة – منشورات الرسل

مريم، هيكل الكلمة ونشيد الخلاص

مريم، هيكل الكلمة ونشيد الخلاص

مجنون مريم البريئة من الدنس – القديس مكسيمليانوا كولبي

مجنون مريم البريئة من الدنس – القديس مكسيمليانوا كولبي

صلاة في عيد سيدة الحصاد – 15 أيار

صلاة في عيد سيدة الحصاد – 15 أيار

نصف الخمسين بين نزول الرب يسوع للجحيم والعنصرة مسيرة خلاصية

نصف الخمسين بين نزول الرب يسوع للجحيم والعنصرة مسيرة خلاصية

صلاةٌ من أجل شفاء الذاكرة

صلاةٌ من أجل شفاء الذاكرة

BY : refaat

موقع سلطانة الحبل بلا دنس

No Result
View All Result
  • الصفحة الرئيسية
  • القداس والقراءات
    • زمن الميلاد – القداس الماروني
    • زمن الدنح – القداس الماروني
    • زمن الصوم – القداس الماروني
    • زمن القيامة – القداس الماروني
    • زمن العنصرة – القداس الماروني
    • زمن الصليب – القداس الماروني
    • أعياد ومناسبات – القداس الماروني
    • أعياد + نافور شرر – القداس الماروني
    • نوافير القداس – طقس ماروني
    • الرتب الطقسية – طقس ماروني
    • الروزنامة الروحية 2024-2025
    • المفكرة الليتورجية المارونية 2024-2025
    • تراتيل زمن الميلاد – طقس ماروني
  • الصلوات الطقسية
    • صلوات زمن الميلاد – طقس ماروني
    • صلوات زمن الدنح – طقس ماروني
    • صلوات زمن الصوم – طقس ماروني
    • صلوات زمن الالام – طقس ماروني
    • صلوات زمن القيامة – طقس ماروني
    • صلوات زمن العنصرة – طقس ماروني
    • صلوات زمن الصليب – طقس ماروني
    • صلوات أعياد ومناسبات – طقس ماروني
    • الرتب الطقسية – طقس ماروني
    • رتب وصلوات وتبريكات خاصة بالكهنة
    • تساعية الميلاد – 15 كانون الأول
    • تراتيل زمن الميلاد – طقس ماروني
    • درب وزياح الصليب
  • الإنجيل الأسبوعي
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الميلاد – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الدنح – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصوم – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن القيامة – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن العنصرة – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – زمن الصليب – طقس ماروني
    • الإنجيل الأسبوعي – الأعياد الثابتة – طقس ماروني
  • قديس اليوم
    • كانون الثاني – سير قديسين
    • شباط – سير قديسين
    • آذار – سير قديسين
    • نيسان – سير قديسين
    • أيار – سير قديسين
    • حزيران – سير قديسين
    • تموز – سير قديسين
    • آب – سير قديسين
    • أيلول – سير قديسين
    • تشرين الأول – سير قديسين
    • تشرين الثاني – سير قدسين
    • كانون الأول – سير قديسين
  • معرض الفيديو
    • افلام يسوع المسيح – فيديو
    • افلام قديسين – فيديو
    • القديسون المسابكييون الموارنة والرهبان الفرنسيسكان – فيديو
    • الكتاب المقدس – فيديو
    • تراتيل – فيديو
    • صلوات – فيديو
    • قداس ماروني – فيديو
    • تساعيات – فيديو
    • كنائس – فيديو
    • تعليم لغات – فيديو
  • وثائق
    • المجامع الكنسية: نيقيا – الفاتيكاني الاول
    • المجمع الفاتيكاني الثاني
    • كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكة
    • مجموعة قوانين الكنائس الشرقية
    • الفن الكنسي
    • تاريخ الايقونة
    • الأيقونة وشرحها
  • Donation
  • PayPal
  • اتصل بنا

Title ×