1
اليوم الخامس والعشرون
من شهر كانون الثاني
إيمان شاول الطرسوسي
ولعل أعظم البركات التي نتجت عن اضطهاد الكنيسة الأولى، هي إيمان شاول الطرسوسي حوالي سنة 37 م… ذلك الرجل الذي كانت الغيرة تعمل في داخله بدوافع ومفاهيم فريسية خاطئة. ومن ثم جند ذاته لاستئصال المسيحية من بدايتها وقوتها، فكان يضطهد كنيسة الله بإفراط ويتلفها (غل1: 13).
كان يحبس كثيرين من القديسين في السجون بأمر رؤساء الكهنة، وكان يعاقبهم ويضطرهم إلى التجديف… ولفرط حنقه، كان يطاردهم إلى المدن خارج أورشليم (أع26: 10، 11)… وفي إحدى حملاته الانتقامية التي جردها ضد المؤمنين في دمشق، التقى بقائد هؤلاء المسيحيين ورئيس خلاصهم عند مشارف دمشق…
وكانت معركة، لكنها غير دموية وغير متكافئة سقط فيها شاول مستسلمًا، وغدًا أسيرًا…. أسره الرب يسوع بلطفه وحنوه وحبه حين أبرق حوله نور سماوي، وسمع صوتا يقول له ” شاول شاول لماذا تضطهدني “… وحين أعلن له الرب ذاته، قال في استسلام عجيب “يا رب ماذا تريد أن افعل”... وهنا قال له الرب يسوع عما يريده أن يفعل (اع9: 1 – 6) لم ينس بولس هذه المعركة… لم ينس أن الرب يسوع أسره يومًا… ذلك الضعف الذي طالما تغنى به على أنه القوة عينها… ذلك الأسر العجيب الذي عتقه وحرره، الذي كان يحلو له فيما بعد أن يعلنه “بولس… أسير يسوع المسيح” بعد هذا اللقاء الخلاصي، ظل شاول فاقد البصر ثلاثة، طواها صائما في دمشق. بواسطة رؤيا أعلنت لتلميذ يقال له حنانيا، وأخرى أعلنت لشاول نفسه، قصد بعدها حنانيا إلى حيث كان شاول نازلًا، ووضع يديه عليه، فللوقت سقط من عينيه شيء كأنه قشور، فأبصر في الحال، وقام واعتمد وامتلأ من الروح القدس (اع9: 10 – 18)…
وأمضى في دمشق أيامه مع المؤمنين أما “حنانيا” الذي عمد بولس، فنحن لا نعرف الكثير عنه… يذكره القديس لوقا على أنه “تلميذ أي مؤمن مسيحي” (اع 9: 10)، ويصفه القديس بولس بأنه رحل تقي حسب الناموس ومشهود له من جميع اليهود (اع22: 12).. ويذكره التقليد الكنسي على أنه أحد السبعين رسولًا وأسقف دمشق.
2
تذكار ايمان بولس الرسول واعتماده
السنكسار الماروني
قال لوقا البشير في كتاب اعمال الرسل:” كان شاول لا يزال يَقذِف تهديداً وقتلاً على تلاميذ الرب – فأقبل الى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل الى دمشق، الى المجامع، حتى اذا وجد اناساً من هذه الطريقة، رجالاً او نساءً، يسوُقهم مُوثَقين الى اورشليم…
وفيما هو منطلق، وقد قرُب من دمشق، أبرق حوله بغتةً نورٌ من السماء. فسقط على الارض وسمع صوتاً يقول له: شاول شاول، لِمَ تضطهدُني؟ – فقال مَن انت يا رب، فقال: انا يسوع الذي انت تضطهده. انه لصعب عليك ان ترفس المهماز. فقال وهو مرتعدٌ منذهل: يا رب، ماذا تريد ان اصنع؟ فقال له الرب: قمّ وادخل المدينة وهناك يقال لك ماذا ينبغي ان تصنع.
أمَّا الرجال المسافرون معه فوقفوا مبهوتين، يسمعون الصوت ولا يرون احداً. فنهض شاول عن الارض ولم يكن يُبصر شيئاً، وعيناه مفتوحتان. فاقتادوه بيده وادخلوه الى دمشق. فلبث ثلاثة ايام لا يُبصر ولا يأكل ولا يشرب. وكان في دمشق تلميذٌ اسمه حنَنّيا. فقال له الرب: قم فانطلق الى الزقاق الذي يسمى القويم والتمس في بيت يهوذا، رجلاً من طرطوس اسمه شاول فهوذا يصلِّي”.
… فنهض حننيا ودخل البيت ووضع يديه عليه قائلاً:” يا شاول اخي، ان الرب يسوع الذي ترأىء لك في الطريق وانت آت فيها، ارسلني لكي نبصر وتمتلىء من الروح القدس”. فللوقت وقع من عينيه شيء كأنه قشرٌ، فعاد بصره فقام واعتمد. واخذ طعاماً فتغذَّى ومكث اياماً مع التلاميذ الذين بدمشق. وللوقت اخذ يكرُز في المجامع بيسوع انه هو ابنُ الله. فدَهِش كل الذين سمعوه وقالوا أليس هذا هو الذي كان يُبيد في اورشليم الداعين بهذا الاسم، وانما جاء الى هنا ليسوقهم موثَقين الى رؤساء الكهنة؟ وكان شاول يزداد قوة ويُخجِل اليهودَ القاطنين بدمشق، مبرهناً أنَّ هذا هو المسيح” (اعمال 9: 1- 22). وكان يبشر به في دمشق.
ان ايمان بولس لأهم حادث تاريخي في صدر النصرانية. وهو الدليل الساطع على مفعول النعمة التي جعلت من شاول المضطهِد اعظم رسول جن في محبة المسيح، حتى سفك دمه من أجله، كما جاهر بذلك، اذ قال:” لأني انا احقر الرسل ولست اهلا لان أسمى رسولاً لاني اضطهدتُ كنيسة الله، لكني بنعمته صرت على ما انا عليه ونعمته التي فيَّ لم تكن باطلة، بل تعبت اكثر من جميعهم ولكن لا انا، بل نعمة الله معي”. (1كور15: 9 و10). صلاته معنا. آمين
Discussion about this post