الفصل السابع عشر: الأسرار الإلهية
وستعرفون الحق والحق يحرركم
الفصل السابع عشر: الأسرار الإلهية
الأسرار الإلهية أوّلها المعمودية، المعمودية هي ولادة ثانية، ولدنا من آدم وحواء الترابيين. نولد في المعمودية من المسيح روحانيين وينغرس فينا المسيح فننمو في المسيح بفضل الروح القدس الذي نأخذه بالميرون ونتغذى بالقربان. وهكذا ننمو روحياً إلى ملء قامة المسيح. موضوع الأسرار يستغرق كتاب كبير لا يمكن أن يكون جزءً من هذا الكتاب، ولكن كتبت كتاب “في الظهور الإلهي” جاء فيه عن المعمودية نصوص ممتازة، ولدي كتابٌ مفقود فيه نصوص عديدة من آباء الكنيسة عن المعمودية، لا أدري أين صار، ظروفي قاسية. أمّا عن القربان في نَبْذات هنا وهناك وسيظهر لي في الجزء الثاني من كتاب “سألتني فأجبتك” مقال في البنية اللاهوتية للأسرار. طبعاً أتكلم فيها عن أسرار وعن الميرون وخاصة وعن المولد والميرون، وهناك كتاب في التوبة، وهناك كراساً لي التوبة والمناولة المتواترة لا أستطيع أن أدرجهم. من هنا فالعودة إليهما ولكن من الممكن أن أذكر هنا شيئاً عن التوبة.
التوبة هي الموتور المحرّك الذي يحرك حياة المسيحي، يؤمن المسيحي الحقيقي المتضلِّع من الدين بأنّ آدم سقط من الفردوس فإنتقلت طبيعته الساقطة إلينا وصرنا ساقطين نميل إلى الخطيئة ونموت وتنفصل الروح عن الجسد ونتألم في هذه الحياة ونشقى وكلّ شقائنا ناتج من حالة السقوط، ولذلك كما قال باسيليوس الكبير: لا إنسان بريء من الخطيئة ولو كان عمره يوماً واحداً. فكليتنا تحت نير الخطيئة، فما المطلوب؟ المطلوب هو تحويل كلّ قوانا الى فضائل. كيف نحول كل قوانا الى فضائل؟ هذا عمل الدهر كلّه، يقضي المرء حياته كلّها في الجهاد الروحي. فالتوبة إذاً هي عملية تطوّر مستمر تحوّل مستمر تغير مستمر إنتقال متواصل من حالات الخطيئة إلى حالات الفضيلة.
لكنّ الإنسان لا ينجح دائماً، فالإنسان لا يحبّ الجهاد الروحي يحبّ العيش الرغيد، يحبّ الحياة العالمية الفانية، ميّال إليها منذ اليوم الأوّل من حياته منذ يوم الرضاعة الأوّل، تكوينه في اليوم الأول مادي، همومه لا همّ لديه ولكن الرضاعة هي كل شيء في حياته وينشأ مادياً محباً لبطنه، فينتقل هذا الحب إلى شؤون الدنيا كلّها. فالإنسان مطالب إذاً بتبدّل متواصل وبإنتقال متواصل حتى يبلغ الكمال، هذا يحتاج الى التوبة لأن التوبة تقتل ميول الإنسان إلى الأرض وترفعه إلى السماء ولكن التوبة عملية شاقة.
Discussion about this post