اليوم الخامس عشر
تذكار القديس بنديكتوس مؤسّس الرهبانية في الغرب (480 -547)
(السنكسار الماروني)
ولد هذا القديس العظيم في إيطاليا سنة 480 وهو سليل أسرة شريفة غنية وتقية. فأرسله والده إلى روما لاقتباس العلوم فبرع فيها. لكن ما كان يراه من سوء السلوك في رفقائه ومن المفاسد والشرور في تلك العاصمة، دفعه إلى تركها والرجوع إلى بيت أبيه. وما لبث أن عقد النيَّة على الزهد في الدنيا، وهو في الرابعة عشرة من العمر. فانسل ذات يوم من بيت أبيه، سراً. تاركاً ما فيه من ثروة ونعيم ليكون بكليته لله في العزلة والانفراد. فسار في الجبل حيث التقى براهب قديس اسمه رومانوس، سأله قصده، فابدى له عن رغبته في التنسك فألبسه الإسكيم الرهباني.
فقام بنديكتوس يناجي الله في خلوته السعيدة، ممارساً الصلوات والأصوام مدة ثلاث سنوات، حتى تسامى بالكمال. فاشتهرت قداسته عند المجاورين لمنسكه. وإذ كان ابليس يجربه كان يطرح ذاته على الأشواك، إلى أن تفارقه التجربة. وقد خاض هذه المعركة مراراً، حتى انتصر أخيراً انتصاراً باهراً فمنحه الله عفَّة ملائكية مدى الحياة. فقصده الكثيرون يرغبون في الاقتداء بسيرته، منهم الشابّان تلميذاه موريس وبلاسيد. ولمّا كثر عدد تلاميذه، أنشأ لهم اثني عشر ديراً. وكان هو يرشدهم ويهتمّ بأمورهم.
وفي سنة 530 أوحى الله إليه أن يذهب إلى جبل عال منفرد يدعى جبل كاسينّو، حيث بنى الدير الرئيسي للرهبانية البندكتية.
وقد وضع قانوناً مشهوراً لرهبانه، يشفّ عمّا في تلك النفس الأبيّة المتحدة بالله. ثم انتقل إلى رحمته تعالى في 12 آذار سنة 547 بعد أن قضى في ديره في جبل كاسينّو نحو ثلاث عشرة سنة. وبعد موته، انتشرت رهبانيته وأديرتها في جميع الأقطار. وقدَّمت للكنيسة وللإنسانية وما زالت، خدماً جليلة كبيرة. وكان من رهبانه باباوات عظام، وقديسون، وأساقفة كثيرون، وعلماء قد أفادوا الكنيسة وشرّفوها بسامي فضائهم، وغزير علومهم. صلاته معنا. آمين.
Discussion about this post