اليوم السابع والعشرون
تذكار الأنبا بيمين الناسك
(السنكسار الماروني)
ولد هذا القديس في مصر وهجر العالم نحو السنة 385 ولحق به إخوته الستة وذهبوا إلى برية الاسقيط حيث قاموا يكافحون أهواء الجسد وشهواته بأشد الإماتات وممارسة الفضائل مكرسين حياتهم لتمجيد الله.
أما بيمين فقد تفرد بإتقان فضيلة التواضع والتقشف. وكان قاسياً على ذاته شفوقاً على غيره، يقسم ليله ثلاثة أقسام، الثلث الأول للصلاة والثاني للشغل اليدوي والثالث للرقاد. أما النهار فيشتغل في القسم الأول منه وفي الثاني يقرأ الكتب المقدسة، وفي الثالث يلتقط البقول ويصنع السلال لمعاشه وإغاثة الفقراء.
وقد امتاز في درس الحياة الباطنية فتجنب كل ما يعكّر صفاءها. جاءته والدته يوماً لتراه، فلم يخاطبها إلا من داخل قليته، إماتة لأهوائه الطبيعية.
ومن كلامه وحكمه: إن النفس تحتاج إلى التواضع احتياج الجسد إلى النفس. وأن الناس يضعون نقائصهم وراء ظهورهم لئلا يروها، أما نقائص الغير فيضعونها أمامهم. ينموالإنسان بالفضيلة بمقدار حذره من محبته الذاتية وكفرانه بنفسه. من يضع لجاماً للسانه فاز بالطمأنينة والسلام. يجب أن نحب الخطأة ونشفق عليهم كي يتوبوا.
ومنحه الله صنع المعجزات فكان يشفي الناس من أمراض النفس والجسد وأراد أحد الولاة أن يراه فلم يمكّنه من رؤيته، فحبس ابن أخته قصد أن يأتي خالهُ فيخلصه. فأتت أم الشاب تترجى أخاها ليشفق عليها ويخلص ابنها من الحبس، فأجابها أحد الأخوة بلسانه:” إن بيمين ما خلف بنين”. فأصبح كلامه هذا مضرب المثل. فألح الوالي عليه بأن يكتفي برسالة منه ليطلق ابن أخته من الحبس. فكتب بيمين إليه يقول: إن كان مذنباً فعامله بحسب العدل وإلاّ فأطلقه، فدهش الوالي من هذا التجرد العجيب وأطلق الشاب.
وكان الآباء والمتوحدون يتخذون هذا القديس مرشداً ومعلماً لهم، يقتدون بفضائله ويستنيرون بإرشاداته ونصائحه الحكيمة. وكانت التقشفات والأسهار قد أنحلت جسمه فشعر بدنوّ أجله واستعدّ لملاقاة ربه بالصلوات الحارة والأشواق القلبية إلى الاتحاد الدائم بالله ورقد بالرب سنة 451 م. وله من العمر ثمانون سنة قضى خمساً وستين منها ناسكاً في القفر. صلاته معنا. آمين.
Discussion about this post