أراضي الكتاب المقدس
خرائط
أثينا:
مدينة يونانية. كانت في الزمن البيبلي مركز الفنون والعلوم في العالم القديم. بعد الاحتلال الروماني (146 ق.م.)، خسرت كل أهميّتها السياسيّة. يمتدح 2 مك 9 : 15 نُظمها الديمقراطيّة. كان أهلها يُعتبرون ممن يحبّون أن يقولوا أو يسمعوا شيئًا جديدًا (أع 17 :21) ولا سيّمـا في أمور الدين (أع 17 :22). ويشهد على اهتمامهم بأمور الدين عدد (3000) المعابد والصور، ومنها مذبح “للإله المجهول” (أع 17 :23). لم نجد بعدُ هذه العبارة، ولكننا نعرف واحدة وُجدت في برغامُس تعود إلى الزمن الامبراطوري وهي تقول : مكرَّس للالهة المجهولين. يشير عدّة كتّاب قدماء (مثلاً بوسانياس) إلى وجود مذابح مكرّسة للالهة المجهولة، يبنيها الناس ليُبعدوا كارثة لا يمكن ان ننسبها إلى إله محدّد. ويذكر سفر الأعمال أيضاً “الاريوباغوس” الذي يعني تلة تقع جنوبي الساحة، أو مجلس المدينة، كما يذكر المجمع وسوق الفخارين الواقع شمالي غربي الاريوباغوس(أع 17 :17). زار بولس أثينا خلال رحلته الرسوليّة الثانية ووعظ في المجمع أمام اليهود والخائفين لله. وقال خطابه الشهير على الاريوباج أمام فلاسفة ابيقوريين ورواقيين. توسّع الرسول في ثلاثة أفكار : ^ أولاً : أمام الآلهة المتعدّدة عند اليونان، ليس إلاّ إله واحد هو خالق السماء والأرض، غير منظور وحاضر في كل مكان، وهو لا يحتاج إلى خدمات البشر. ^ ثانيًا : هذا الإله خلق جميع البشر وحدّد مصيرهم ليطلبوه ويجدوه. والأمر ممكن لأنه ليس ببعيد عنهم. ففيه يحيون ويتحرّكون ويُوجدون. ^ ثالثًا : والآن يدعو الله جميع البشر إلى التوبة، لأنه سيدينهم يومًا بذلك الذي تثبّتت رسالته بالقيامة من بين الأموات. كانت نتيجة هذه الخطبة محدودة، لأن اليونانيين لا يعتبرون القيامة من بين الأموات خلاصاً. آمن فقط ديونيسيوس الاريوباغي وامرأة اسمها داماريس (أع 17 :32-34؛ رج 1تس 3 :1). وهناك قراءة رمزية تبرز وجود “عيلة” جديدة من المؤمنين في عالم الفلسفة الذي اشتهرت به أثينا، بشكل بذار سيعطي ثلاثين وستين ومئة.
أردن:
يُسمّى الاردن في العهد القديم : يَردن، دومًا مع أداة التعريف : ها يردن، ما عدا في أي 40 :23؛ مز 42 :7. يتكوّن الاردن (في لبنان) في جنوبي حرمون من نهر بانياس (نبعه في حرمون) ونهر اللدان (نبعه قرب تل القاضي). وينضم إليهما نهر الحاصباني (نبعه في حرمون). يعبر الاردن سهلاً خصبًا فيكوّن بحيرة الحولة أو بحيرة ميروم. ويترك بحيرة ميروم ويجري انطلاقًا من جسر بنات يعقوب نحو الجنوب عبر مجرى صخرّي، فيصب في بحيرة جنّاسرت. ويخرج من الزاوية الجنوبية الغربية لبحيرة جنّاسرت ويصل عبر تعرّجات طويلة إلى البحر الميت. في طريقه يصب فيه روافد أهمها يرموك، يبوق. هناك 110 كلم بين بحيرة جنسارت والبحر الميت، ينزل فيها النهر من 208 م تحت سطح البحر إلى 390 مترًا. هذا القسم من نهر الاردن، يسمّى الغور (غور العرب)، وفيه سلسلة من الواحات الخصبة التي كان يسكنها في الماضي الأُسود (إر 49 :19؛ 50 :44؛ رج 12 :5). يسمي العهد القديم هذه المنطقة أعالي “كبرياء، زهو” (زك 11 :3). ونحسّ بالبحر الميت من بعيد فيتحوّل المنظر إلى صحراء مقفرة. فبين بحيرة جنّاسرت والبحر الميت نستطيع أن نعبر الاردن عند مجازات خاصة قرب بيت شان وأريحا (يش 2 :27؛ قض 3 :28؛ أم 19 :19، 32)، الدامية (أدمة : قض 12 :5)، بيت بارة (قض 7 :24) بيت عنيا (يو 1 :28). وإن الاردن يشكّل حدودًا بين كنعان وشرقي الاردن. وخلال التاريخ البيبلي نراه يفصل بين سكان الضفتين ولا يوحّد. شكّل الأردن حدود الأرض المقدّسة، فصار بدوره مقدّسًا. فهناك موضوع بيبليّ (موضوع الأردن) يمتزج بنصوص الشريعة والاخبار التاريخيّة، ويتلوّن بلونها بانتظار أن يفرض نفسه عليها. ففي البنتاتوكس وبعض نصوص يشوع، يظهر دور الأردن بشكل واضح كالحدّ الفاصل بين أرض الموعد وغيرها (عد 34 :11-12؛ رج يش 23 :4؛ حز 47 :18). وهو بالتالي يشكّل حدود القبائل التي أقامت في كنعان : ابنا يوسف (يش 16 :7)، بنيامين (يش 18 :12، 19، 20)، يساكر (يش 19 :22). وشمالي بحر طبرية نجد نفتالي (يش 19 :35). في أخبار سفر التكوين، اعتُبر سهل الأردن خصبًا، فشكّل للوط تجربة سقط فيها. أما ابراهيم فلم يسقط (تك 13 :10-13). وكانت لابراهيم مغامرة حربيّة شرقيّ الأردن عاد بعدها إلى غربيّ الأردن (تك 14 :14-15). أمّا موقع المذابح والأشجار المقدّسة فهي كلّها في كنعان، في غربيّ الأردن. ويعقوب الذي كان في الشرق لم يبنِ هناك أي مذبح (تك 32 :3، 31)، وذلك بعد صراعه مع الربّ. فإقامته الطويلة والمفيدة في عبر الأردن، لم تكن بالنسبة إليه سوى منفى سوف يتركه سريعًا (تك 32 :11). والطقوس الجنائزيّة التي تتمّ في شرق الأردنّ تنتهي بالدفن في حبرون (تك 50 :10-13). كلّ هذا يعكس فكرة ثابتة عن أرض الموعد وحدودها. ففي أخبار الاحتلال مع يشوع، يحاول النصّ مرارًا أن يبيّن أنّ إقامة قبيلتين ونصف قبيلة في شرق الأردنّ أمرٌ شرعيّ. فقد تمّ بأمر موسى ومساعدة كل بني اسرائيل (عد 32 :5-32؛ تث 3 :8-9؛ يش 13 :8-32). هكذا تمّ وهكذا تنظّم كما يقول تث 4 :41-49؛ يش 20 :8؛ 21 :27، 36-39. فالمحاربون تبعوا يشوع متضامنين تضامنًا كلّيًّا، وتابوت العهد في المقدّمة نحو الضفّة الغربيّة، فردّوا لإخوتهم الخدمة التي نالوها منهم (يش 1 :12-18). ولكن بما أنه ليس للضفة الشرقيّة ذات الطابع القدسيّ، فقد بنت القبائلُ هناك مذبحًا (يش 22 :4-34). إذن، الحدود القدسيّة لا تفرض نفسها على سكن بني اسرائيل وحياتهم اليوميّة. لهذا، يُسمح لهم أن يعيشوا خارج الأرض المقدّسة. أن نكون هنا أمام نظرة مثاليّة، فواضح من عدد كثير من النصوص في قض وفي 1-2صم. فكل ما نستطيع قوله هو أن التضامن بين بني اسرائيل يتّضح حين يذهب أبناء ضفّة لمساعدة أبناء ضفّة أخرى كما حدث في جلعاد. ولكن بجانب المغامرات القبليّة، هناك مغامرات أخرى يقف فيها الأنبياء بشكل له دلالته، بالنسبة إلى الأردنّ. فموسى ما استطاع أن يعبر النهر رغم توسّلاته الدامعة (تث 3 :25-27؛ 4 :21-22؛ 31 :2). وذلك في نهاية حياته. وهكذا بدا سفر التثنية وكأنه وصيّته الأخيرة، وقد قال ما قال عند الضفّة الشرقيّة (تث 1 :1-5؛ 11 :30-31). حُذِّر بنو اسرائيل من تجارب يتعرّضون لها (تث 9 :1). وحين يبنون المعابد يدلّون على أنهم صاروا شعبًا ناضجًا (تث 12 :10؛ 27 :2، 4، 12). عندئذٍ تكون الخيارات حاسمة (تث 30 :8-19). لهذا، لا بدّ من تعليم الأجيال الآتية، لأن حياتهم ستكون على المحكّ (تث 31 :3؛ 32 :47). يبدو أنّ هذه النصوص دوّنت بعد المنفى، في أرض بابل. ساعة زالت قبائل وراحت أخرى نحو الزوال. ولكن يبقى أن شريعة موسى تأخذ في ذاتها الماضي البعيد والمستقبل القريب، فتقدّم الأرض المقدّسة كوعد ومحنة، وتنظّم حياة الشعب في كل زمان ومكان. أتمّ يشوع المواعيد أولاً حين عبّر بني اسرائيل الأردن (يش 1 :2؛ 2 :7-10؛ 3 :1-17؛ 24 :11). وقد روت كرونيكة من القرون الوسطى كيف أن الجبل انهارَ، وقُطع النهر ساعات عديدة سنة 1267. ولكن مهما يكن من أمر (وقد يكون الكاتب الملهم أبرز الأمور وعظّمها فجعل الشعب يمرّ في الربيع وفيضان النهر، لا في الخريف وجفافه)، فالخبر البيبليّ لعبور الأردن قد جاء في أسلوب خاص واستلهم تطوافات تابوت العهد في حياة الشعب. وهو قريب جدًّا من خبر عبور البحر الأحمر الذي يتقابل معه : فالدخول إلى أرض الموعد يقابل الخروج من أرض العبوديّة. وإيليا وُلد في عبر الأردن، في شرقيّ الأردن، في جلعاد، واستعدّ هناك لرسالته النبويّة (1مل 17 :1-7). وبعد أن طهّر الأرض المقدسة من عبادة بعل بأقواله وأعماله، عبر النهر من جديد ليأخذه الله إليه بعد أن أخذته عاصفة رمليّة (2مل 2 :6-13). ومعجزة المياه التي انفتحت لتترك إيليا يمرّ، سوف تنفتح أيضاً من أجل تلميذه أليشع. هذا ما يدلّ على أنّ للخبر معنًى روحيًّا : فإيليا يشبه موسى في أمور عديدة (1مل 19). فالنبوءة، شأنها شأن الشريعة، تأتي من الخارج ولا تزال تحمل الخلاص للشعب العائش في المنفى. غير أنّ خبر نعمان الأرامي يدلّ على أن لمياه الأردن طابعًا مقدّسًا يتيح لها أن تطهّر الغريب من برصه. وهكذا عاد ذاك الذي هو “عدوّ” إلى بيته بعد أن حمّل على بغليه ترابًا من الأرض المقدّسة (2مل 5 :1-17). وفي الأسفار الحكميّة، نجد تلميحات نادرة إلى الأردن، وهذا ما يدلّ على أنّ هذا النهر لا يحتلّ في ذاكرة اسرائيل الناشطة، المكانة التي يحتلّها البحر (مز 141 :3-5؛ سي 24 :26). ونقول الشيء عينه عن الكتابات المنحولة، حيث لا يُذكر النهر إلاّ بصورة عابرة وبمناسبة توسّع في التوراة. وحدها “سيرة آدم وحواء” تقدّم إشارة أصيلة : تاب آدم وحواء عن خطيئتهما فغطسا في المياه أيامًا طويلة، هي في دجلة وهو في الأردن. هنا نتذكّر عماد المهتدين إلى اليهوديّة، واغتسالات الأسيانيّين اليوميّة، والتوضؤ الطقسيّ الذي ما زال يُعمل به في العالم اليهوديّ. غير أنّ ذكر الأردن هنا قد يكون مدسوسًا بيد مسيحيّة. في العهد الجديد، يمكن أن نعتبر كرازة المعمدان على شاطئ الأردن كتنشئة توضح دوره كإيليّا الجديد (مت 3 :5؛ لو 3 :3؛ رج يو 1 :28؛ 3 :26). وحين يقول مت ومر إنّ يوحنا يعمّد التائبين في النهر (مت 3 :6؛ مر 1 :5)، نفهم أنّ الخاطئ يبدو كمنفيّ، ولو أقام في أرض إسرائيل. فعليه أن يتطهّر من خطيئته عابرًا النهر من جهة إلى أخرى : فالحدود الماديّة ترمز إلى الحدود الروحيّة. وحين يتبع يسوع بدوره الطريق عينها، يصبح المشهد معبّرًا سواء ارتبط بالحدث أو بمبادرة الإنجيليّين (مت 3 :13؛ مر 1 :9؛ لو 4 :1). لهذا قام أوريجانس وتبعه آباء كثيرون وأسرة من المخطوطات اليونانيّة، فجعلوا محل “بيت عنيا” (يو 1 :28)، “بيت عبارة” الذي قد يكون مجازًا ارتبط بمرور يشوع. وفي شكل مماثل، جعل متى ومرقس يسوع يصل إلى عبر الأردن قبل أن يبدأ مسيرته الملوكيّة نحو أورشليم لينال فيها معموديّة أخرى مؤلمة (مز 10 :38-39؛ رج مت 19 :1؛ لو 12 :50). وفي التقليد المسيحيّ، احتلّ الأردنّ مكانة هامة في العبادات التي تمارس في الأرض المقدّسة. يكفي أن نذكر الأديرة والمناسك بجانب النهر، حيث الرهبان يتذكّرون موسى وإيليا. كما نشير إلى اغتسال المسيحيّين الشرقيّين الذي كانت روسيا ترسلهم جماعات. وفي أيامنا، يتابع العرب والقبارصة واليونان التقليد عينه بقدر ما تسمح لهم السلطات العسكريّة. وفي الفنّ المسيحيّ ولا سيّما في الإيقونوغرافيا، يصوّر النهر بشكل بشريّ على مثال الأنهر التي ألّهها الوثنيّون.
أرمنية (الكنيسة الـ):
والكتاب المقدّس. يعود اسم أرمينيا إلى الملك أرامي الذي أسّس سلالة أورارطو وعاصر أشوربا نيبال الثاني، ملك أشورية (884-859). فإلى أرض أورارطو جاءت شعوب من تراقية وفريجية (تركيا الحاليّة)، بين سنة 612 و585 فكانت ولادة الشعب الأرمنيّ. وبعد بضعة أجيال جاءت شعوب هندو أوروبيّة فامتزجوا بالسكّان وفرضوا عليهم حضارتهم. وهذا ما يقسّر ميزات اللغة الأرمنيّة بالنسبة إلى اللغات السامية. كان الأرمن وثنيّين، فمزجت ديانتهم أمورًا جاءت من أورارطو ومن فريجيّة، وانطبع كلّ هذا بالطابع الفارسيّ. أمّا دخول المسيحيّة إلى أرمينيا فبدأ ببطء رغم عمل تبشيري ناشط منذ منتصف القرن الثاني أو نهايته، عبر الكنيسة السريانيّة التي انطلقت رسالتها من الرها. غير أنّ اهتداء أرمينيا ككلّ يعود إلى غريغوريوس المنّور الذي تربّى في قيصريّة كبادوكيّة وجاء يحمل البشاره إلى وطنه. اضطهده أولًا الملك تيريدات الثالث (297-330). ولكن لما اهتدى الملك اهتدت معه أرمينيا بشكل رسميّ، حوالي سنة 314، وهكذا صارت المسيحيّة الديانة الرسميّة. 1) ترجمة الكتاب المقدّس إلى الأرمنيّة حين كان غريغوريوس يعظ، كان يستعمل اللغة الأرمنيّة. ولكن بما أن لا كتابة أرمنيّة، فكان يقرأ الكتاب المقدّس في السريانيّة أو اليونانيّة. وفي بداية القرن الخامس استنبط الأبجدية الأرمنيّة، في الرها، مشتوتز، والكاثوليكوس ساهاك وتلاميذه. اتصلوا بالمراكز الدينيّة والحضاريّة في عصرهم، في أنطاكية والرها وأورشليم والقلسطنطينيّة والإسكنديّة. وبدأت حركة الترجمة. أوّل سفر من الأسفار المقدّسة نُقل إلى الأرمنيّة كان سفر الأمثال. ثم نُقل العهد الجديد كله. وفي النهاية، العهد القديم. ويبدو أن العمل تمّ حوالي سنة 414. تأثّرت هذه الترجمة تأثيرًا كبيرًا بالنصّ السريانيّ الذي انطلقت منه. ولكن منذ سنة 436، بدأت ترجمة ثانية استندت إلى اليونانيّة ولا سيّما إلى الكودكس الإسكندرانيّ والكودكس السينائيّ. بقي لنا من الترجمة الأولى سفرا الأخبار، سفرا المكابيّين، نشيد الأناشيد، يشوع بن سيراخ. واحتفظ كتاب صلاة الفرض بمقاطع من سفر المزامير. وهكذا كانت ترجمة البيبليا الأرمنيّة نقطة انطلاق لنشاط أردبيّ كبير تميّز بأعمال أصيلة أو بترجمات عن الآباء السريان واليونان. وطُرح سؤال حول أساس ترجمة الكتاب المقدس. يبدو أن الانطلاق كان السريانيّة العتيقة، في ما يخصّ الأناجيل مثلًا، ثمّ أعيد النظر في الترجمة رجوعًا إلى اليونانيّة. 2) أعمال حول الكتاب المقدّس منذ بداية الأبجديّة الأرمنيّة في أوائل القرن الخامس، قامت نخبة من الآباء بترجمة الكتاب المقدّس وتقسيره وترتيبه ونسخه ونشره. ذكرنا أوّل من ذكرنا الكاثوليكوس غريغوريوس المنوّر الذي انطلق من الترجمة السريانيّة والترجمة اليونانيّة. في القرن الخامس قام القدّيس ساهاك والقدّيس سورب بترجمة الكتاب المقدّس بعهديه. قام الأسقف بيدروس (500-557) بتفسير المواضيع المعقّدة في الكتاب المقدّس. وعمل انانيا شيراكاتسي (615-690) على تنظيم أسفار الكتاب المقدّس وتقسيمها إلى فصول وآيات. في القرن الثامن، نشر الأسقف كريكور ارشاروني (650-729) قراءات العهد القديم والعهد الجديد. وقدّم الأسقف استيبانوص تفسيرًا لأيام التكوين الستّة، وتفاسير للأناجيل الأربعة. في القرن التاسع، فسّر الأرشمندريت هامام سفر الأمثال وسفر أيوب. في القرن العاشر قام الأسقف خوسروف بتفسير المزامير والراهب القدّيس كريكور بتفسير نشيد الأناشيد. وننهي هذه اللائحة مع الأرشمندريت كريكور داتيفاسي (1344-1409) الذي ميّز الأسفار القانونيّة من الأسفار غير القانونيّة، وقام بتفسير الأمثال والمزامير ونشيد الأناشيد وإشعيا ومتى، ومع الأرشمندريت فوسكان يرفانيشي (1614-1674) الذي كان أوّل من اهتمّ بطبع الكتاب المقدّس في اللغة الأرمنيّة. طُبع كله بعهديه القديم والجديد وللمرّة الأولى، في امستردام (هولندا) سنة 1666. وترجمت الكنيسة الأرمنيّة تفسير افرام للإنجيل الرباعيّ أو الدياتسارون، كما ترجمت تفسيرًا آخر لانجيل نُسبت إلى أفرام.ونقلت أيضًا لأفرام تفسير أعمال الرسل ورسائل القدّيس بولس التي ضاعت في السريانيّة. كما نقلت عن يوحنّا الذهبيّ الفمّ عظاته عن إشعيا؛ وعن هاسيخيوس، أسقف أورشليم، تفسير أيوب؛ وفي الخط عينه، نذكر على سبيل المثال، لا الحصر، السلسلة الأرمنيّة حول الرسائل العامّة. مع العنوان التالي، “مجموعة شرح الرسائل الكاثوليكيّة السبع”. بعد المطلع يستقي الجامع مواده من نرساي، ديديمس، كيرلّس الإسكندراني، أوريجانس، ساويروس الأنطاكيّ، ابوليناريوس، يوحنا الذهبي الفمّ… ونذكر أيضًا فيما نذكر سلسلة أرمنيّة تفسيريّة حول البنتاتوكس لوردان أروالشي (1200-1271). وحول اللاويّين وأيوب ليوانيس واناكان (1181-1250)، وحول إشعيا وأعمال الرّسل لجورج سكاوراشي (1245-1301). نُقلت هذه السلسلات أكثر ما نقلت عن اليونانيّة، شأنها شأن عدد من السلسلات السريانيّة التي عادت بشكل خاص إلى تيودورس المصيصي وغيره. وهكذا يبدو أن التراث الأرمنيّ استقى الكثير من الحضارات المحيطة به. وإن هو قدّم عملًا أصيلًا، فقد ارتبط فيه بمدرسة أنطاكية التي تشدّد على التفسير الحرفيّ لكي تجعل من التفسير الكتابيّ عظة تكتشف فيها شخص المسيح وعمله في الكنيسة.
أفسس:
مدينة إيونية. تأسّست في الزمن السابق للعهد الهليني. أعيد بناؤها سنة 336 ق.م. بعد سنة 33 ق.م. صارت عاصمة (مدينة حرة) لمقاطعة آسية الرومانيّة، ونعمت بوضع خاص على مصب نهر كايستريس وعلى ملتقى الطرق التجاريّة من اليونان وآسية الصغرى (كل هذا كان مصدر غنى كبير). وكانت مركز القنصل الرومانيّ. إلى ذلك عُرفت المدينة بسَحرتها العديدين. فبرديات أفسس السحريّة أشتهرت في العالم كله. كانت تعدّ ربع مليون نسمة، وكان بين السكان عدد كبير من اليهود ينعمون بوضع مميّز. زار بولس أفسس خلال رحلته الثانية (أع 18 : 19-21) ورحلته الثالثة (أع 19 :1-20 :21). وفي هذه المناسبة الأخيرة أقام ثلاث سنين حتى أجبرته قلاقل أثارها الصائغ ديمتريوس على ترك المدينة. نعرف أشخاصًا عديدين من العهد الجديد سكنوا أفسس أو أقاموا في أفسس : اسكندر، ابلوس، أكيلا، أسس، هرموجينيس، هيمينايس، أونيسفوروس، فيجلس، برسكلة، سكاوا، تيموتاوس، تروفيمس، تيخيكس.
أناتولية:
المشرق. اسم أعطاه البيزنطيّون لآسية الصغرى. يقابل اليوم الأناضول في تركيا.
أور في كلداي:
(في العبريّة أور كسديم). مدينة في جنوب بابلونية. هي اليوم : مقيَّر. تبعد 9 كلم عن الفرات. وتمتد على تلال عديدة. إذا عدنا إلى التقليد البيبلي، نقول إن عائلة ابراهيم كانت من أور. ان تاريخ هذه المدينة صار معروفًا بعد الحفريات التي تمت منذ سنة 1853 وما بعد. تعود الحقبة السابقة للتاريخ أو البادئة للتاريخ إلى الألف الرابع والخامس ق.م. وتقسم إلى زمن تل العُبيد (اسم تل يبعد 4 كلم إلى الشمال من أور. فهذا التل وأوروك وجمدت نصر تعطينا معايير كرونولوجية من أجل الاركيولوجيا في بلاد الرافدين) الذي تحوّل تدريجيًا (السومري الثاني) إلى زمن أوروك (مع أوّل آثار الكتابة) وزمن جمدت نصر (مع لوحات عديدة في كتابة مسمارية صورتية). في الزمن السومري (3100-2200) سيطرت أور ثلاث مرات على جنوب بلاد الرافدين. بعد هذا سيطر عليها الخارج حتى سنة 529. ولم تكن أور المدينة الثانية في المملكة البابلية الا في أيام سلالة لارسا وعهد نبونيد. خلال هذه الفترة عُرفت خاصة كمركز دينيّ. كانوا يعبدون فيها الإله القمري سين باسم نانة في هيكل أي – كسنو – غال الشهير. إن زقورة أور هي أفضل ما بقي لنا من زقورات في بلاد الرافدين. وحين وصل الفرس، صارت أور مدينة ثانوية فخسرت كل أهمّيتها. سنة 2500 بدأت أول سلالة في أور، وهناك اكتُشفت المدافن الملكيّة. إلى ذلك الوقت تعود الزقورة المشهورة التي نجدها اليوم على تل المقيّر، التي تعود إلى زمن أورنامو مؤسّس سلالة أور الثالثة، والذي معه بدأت نهضة سومريّة بعد أن هيمن ملوك أكاد الساميّون وسيطر الغوطيون. وأورنامو هو الذي ترك لنا أقدم مجموعة من الشرائع الشرقيّة وصلت إلينا حتى الآن، ونحن نجد بنيتها وسماتها في كودكس حمورابي. وامتدّ سلطان خلفاء أورنامو مع شولجي (2018-1971 ق.م.) وأبنائه الثلاثة أمارسين (1970-1962)، شوسين (1961-1953)، إيبي سين (1952-1929)، على بلاد الرافدين، بل إلى غرب الفرات. وهكذا أقرّ عبد هدّي سلطة أور أقلّه في زمن أمارسين. ونحن نعرف كيف تنظّمت مملكة أور الثالثة بواسطة عشرات آلاف الوثائق الإداريّة والاقتصاديّة التي وصلت إلينا من هذه الدولة البيروقراطيّة. كانت هزيمة عسكريّة،وانفصال إشبي إرّا الذي هو ضابط من أصل أموري جعل من إيسين مركز إمارته، وأزمة اقتصاديّة، وضربات متلاحقة من الأموريين والعيلاميّين والشوشيّين، كل هذا وضع حدًّا لمملكة أور حوالى سنة 1929 ق.م. أما أور المدينة المقدّسة للإله القمر نانه – سين، فصارت جزءً ا من مملكة إيسين، ثمّ مملكة لارسا سنة 1850، وأخيرًا تحت حكم حمورابي في بابل (1718-1676). وما عادت أور عاصمة دولة. بل ظلّت تنعم بهالة كبيرة بسبب معبد الإله سين. وفي نهاية القرن السابع وفترات قصيرة من الاستقلال النسبيّ، انتقلت أور إلى سلطة السلالة الكلدائيّة في بابل وصارت “أور الكلدائيين”، كما في التوراة (تك 11 :28؛ 31؛ 15 :7؛ نح 9 :7). أما التقاليد المتعلّقة بإقامة ابراهيم في أور فهي تعود إلى القرن السادس ق.م.، وقد وُلدت لدى منفيّين يهوداويّين أقاموا في بابلونية الجنوبيّة. فالمدينة الكلدائيّة التي كانت لهجتها لهجة أراميّة والتي كانت تعبد الإله الذي يُعبد في حاران، بدت للمنفيّين على أنها موطن إبراهيم الأوّل. فمسيرة إبراهيم من أور إلى حاران أتاحت لهم فيما بعد ربط التقليد الجديد بتقليد الأزمنة الغابرة (تك 11 :31) التي كانت تعتبر أن موطن ابراهيم هو حاران لا أور (تك 12 :1، 5؛ 24 :4؛ يش 24 :2). فالإشارة إلى موت هاران، أخي ابراهيم في أور الكلدائيّين، يجعلنا نفترض أنه كان هناك في القرن 6-5 مقام يكرّمون فيه ذكر أخي ابراهيم (تك 11 :28). وحسب فلافيوس يوسيفوس، كان هذا المقام موجودًا بعدُ في أيامه (العاديات 1 :150). لا يبدو أن اليهوديّة عرفت بأور قبل المنفى، لأن المدينة لا تظهر في لائحة الشعوب (تك 10 :1ي) رغم ماضيها المجيد وطابعها الدينيّ، ساعة ذُكرت أكاد وأوروك. في النهاية، لا يمزج النص البيبليّ بين أور وأورا، المدينة الأناتوليّة التي تحدّثت عنها النصوص الحثيّة.
أورشليم:
أوّلاً : الاسم. تسمّى اليوم : القدس (أو المقدسة : إش 52 :1). أقدم ذكر لها نجده في النصوص المصرية. في لعنات السلالة 12 : “ا و ش ا م م” وهي نقل للكنعاني “أوروشليم” كما نجده في القرن 14 في رسائل تل العمارنة. كتب النص الماسوري يروشلم وطلب أن تلفظ : يروشلاييم. هذا اللفظ هو أمر جديد وغير معروف في العهد الجديد. على مَوشور سنحاريب (القرن 7) الاسم هو أروساليمو (كلام عن حصار المدينة 701). وفي الأسفار القانونية الأولى (السبعينية) والرؤيا نجد يروسليم، وفي الأسفار القانونية الثانية وسائر أسفار العهد نجد ياروسوليما. المعنى : مدينة (أورو أو يرو : أساس) ساليم (اسم إله نقرأه في أوغاريت). إذن، أورشليم هي مدينة السلام أو تأسيس شليم. وسُميت أيضًا يبوس، مدينة داود، صهيون، المدينة (إر 32 :24؛ حز 7 :23)، يهوه هنا (حز 48 :35). ونشير إلى أنه بعد هجمة الرومان على ابن الكوكب سمّى هدريانس الروماني (135 ب.م. ) المدينة : أياليا كابيتولينا. نسبة إلى الكابيتول، أحد رؤوس رومة. ثانيًا : الموقع والامتداد. تقع أورشليم على تلة كلسيّة ترتفع 760 م عن سطح البحر المتوسط و 1145 م عن سطح البحر الميت. لا ترتبط هذه التلة بالجبل إلاّ من الشمال، وتحيط بها من ثلاث جهات وديان عميقة. في الشرق : وادي قدرون (وادي النار). وفي الغرب والجنوب : وادي هنوم (وادي الربابة) الذي ينضمّ إلى وادي النار قرب بئر أيوب (في العهد القديم : روجل). ويصبّ وادي النار بدوره في البحر الميت. تنقسم التلة قمتين يختلف ارتفاعهما وبنيتهما. يفصل بينهما الوادي الذي سمّاه الشعب في أيام يسوع : وادي الجبّانة (عند فلافيوس يوسيفوس : تيروفيون) والذي امتلأ اليوم بالخرائب. يمرّ هذا الوادي في المدينة منطلقًا من باب دمشق نحو الجنوب الشرقي إلى بئر أيوب. وتنقسم القمتان إلى مرتفعات عديدة بحيث تبدو المدينة في شكل وعر. فالقسم الشمالي من التلة الشرقية يتوِّجُهُ الحرمُ الشريف. والقسم الجنوبي المسمى الضهورة كان حقولاً. وتَسمّى امتدادُ هذا القسم في التوراة : عوفل. وفي القسم الشمالي للقمة الغربية نجد كنيسة القيامة، وفي القسم الجنوبي صهيون المسيحية والعليّة. ثالثًا : التنقيبات (أ) سنة 1867-1868 وما بعد : سور عوفل، الضهوره وحائط تيروفيون، نبع جيحون والقنداق والقنوات. كل هذا يدلّ على أنّ أورشليم السابقة لداود وأورشليم الداودية (صهيون) امتدت على 4 هكم وكانت واقعة على الضهورة. فعند سفح هذه التلة في وادي قدرون، يوجد النبع الوحيد والضروري للمدينة (أم الدرج. جيحون في العهد القديم). من هذا النبع ينطلق نفق حُفر في الصخر. هو يصعد إلى المدينة بحيث يصل إليه الناس داخل الأسوار. (ب) في ايام سليمان. امتدت المدينة انطلاقًا من التلة الجنوبية الشرقية نحو الشمال، إذ شيّد الملك الهيكل والقصور الملكية. وكان الهيكل على القمة الشرقية الموجهة نحو الشمال حيث كان بيدر ارونا وحيث يوجد اليوم الحرم الشريف. والصخر في قبّة الصخرة يدل على مذبح المحرقات أو قدس الأقداس في هيكل سليمان. وإن سليمان بنى سورا حول المدينة كلها. (ج) إذا عدنا إلى فلافيوس يوسيفوس (الحرب 5 :142-145) نعرف أنّ هذا السور حمى عمل داود وسليمان وخلفائهما، أي التلة الجنوبية الشرقية والتلة الجنوبية الغربية. واختلفت الآراء حول موضع قلعة اليبوسيين. (د) الذين يظنون أن التلّة الجنوبية الغربية لم تُضمّ إلى المدينة قبل المنفى يقولون بوجود حيّ جديد (في القرن 9) اسمه “مشنه” (أي القسم الثاني. في العربية : المثنى) (2 مل 14 :22). هذا الحي هو امتداد جديد (بعد ضم البيدر والتلة الجنوبية الغربية) لأورشليم. كان له سوره في ايام الملك حزقيا (2 أخ 32 :2-5). ولكن هذا السور لم يَضمّ الجلجثة (حيث كنيسة القيامة) كما يقول يو 19 :20؛ عب 13 :12. (هـ) بعد سنة 41-44 ب.م. وسّع هيرودس أغريباس الأول المدينة فابتدأ ببناء حائط جبار لم يُنهِه. هذا ما يسميه يوسيفوس السور الثالث. كان يضمّ أراضي واقعة شمالي أورشليم. (و) في سنة 132، بنى ابن الكوكب بسرعة وبمواد مختلفة حائطاً يقيه هجمات الرومانيين. رابعًا : تاريخ المدينة (أ) اكتُشفت فخاريات في مقابر الضهورة وآثار حائط بجانب قمّة الضهورة. وقناة تعبر التلة إلى الشمال من جيحون، وهي محفورة في الصخر. كل هذا كان في بداية البرونز الأول. وهذا يعني ان المكان كان مأهولاً حوالي سنة 3000. كان الوادي يحمي المدينة من ثلاث جهات، والقناة من جهة الشمال من حيث يأتي الخطر. (ب) حوالي سنة 2000، دخل الأموريون إلى كنعان وخسرت مصر سيادتها على هذه البلاد. انتمت أورشليم إلى هذه المدن التي خاف الفرعون (السلالة 20) من أن تتخلى عنه (نصوص اللعنات). وجاءت بعد الأموريين عناصر هندو أوروبية وحورية استعملت الخيل من أجل الركوب وجرّ الأثقال. ومن أجل مركباتهم الحربية أقاموا مخيمات مستطيلة تحيط بها مرتفعات من الأرض القاسية وفوقها تلة حجارة غير منحوتة. بين سنة 1800 و 1600 بنوا قلعة من هذا النوع في أورشليم. ووُجد حائط طوله 30 م. كان يحيط بعوفل ويربطه بالمدينة القديمة. وإلى الزمن عينه تعود البئر التي حُفرت في الصخر فأتاحات للناس أن يستقوا من مياه نبع جيحون خلال الحصار. (ج) تعلمنا رسائل تل العمارنة في القرن 14 أنه كان لأورشليم ملك يحمل اسمًا حوريًا : عبدي حافه. في ذلك الوقت كانت أورشليم مدينة. وهناك ملوك كنعانيون آخرون نعرف منهم : ملكيصادق (تك 14 :18) أدونيصادق (يش 10 :3؛ قض 1 :5-7). (د) ظلّت أورشليم في يد الكنعانيين حتى داود الذي احتلّ المدينة وجعلها عاصمته. نقل إليها تابوت العهد، فصارت المركز الدينيّ في مملكته (2صم 5-6). ووسّع سليمان المدينة (ملو، الهيكل، القصر ). تُنسب إليه قبور الضهورة (قبر داود الذي جعله التقليد خطأ في التلّة الجنوبية الغربية) وبركة مياه وقنوات يغذّيها نبع جيحون (جا 2 :5 ي). (هـ) رغم الانشقاق، توسّعت أورشليم كثيرًا بعد موت سليمان. بعد سنة 800، دمّر يوآش، ملك اسرائيل، السور على طول 200 م. (2مل 14 :23؛ 2أخ 25 :23). فرمّمه عزيا، وحصّنه، وزاد عليه أبراجًا مع أمكنة للمنجنيق (2أخ 28 :9، 15). وتابع يوثام (2أخ 27 :3) عمل سلفه. واستعد حزقيا لهجوم الأشوريين، فأقام سورًا جديدًا، وبدّل نظام أقنية جيحون (كانت خارج السور ولم تكن مغطاة، إذًا كانت خطرة) بنفق يعبر الضهورة ويقود الماء من النبع إلى داخل المدينة في بركة واقعة في التيروفيون (2مل 20 :20؛ 2 أخ 32 :3-4، 30؛ سي 48 :7؛ إش 18 :7). بهذه الطريقة لم تعد مؤونة المياه خاضعة للمحاصرين. وحسّن منسّى، خلف حزقيا، السور الشرقي (2أخ 33 :14). سنة 598، وصل نبوخذنصر أمام المدينة ليعاقب يواكيم الملك الذي تمرّد عليه. ولكن يواكيم مات في ذلك الوقت. وتمرّد خلفه صدقيا. فجاء نبوخذنصر ودمّر الهيكل والمدينة (875 ق.م.؛ 2مل 25 :1-21؛ 2أخ 36 :17-21). (و) رغم هذا ظلّت أورشليم خلال أيام المنفى المركزَ الدينيّ لأهل السبي (مز 137؛ إش 40-55) وللذين ظلّوا في فلسطين. وكانوا يحجون إلى خرائب الهيكل (إر 14 :4 ي). بعد المنفى، أعاد عزرا ونحميا تدريجيًا بناء المدينة والهيكل رغم معارضة السامريين. في سنة 445، جاء نحميا بالسلطات الضرورية ورفع السور في 52 يومًا (نح 6 :15). ويتضمّن تقرير هذا البناء (نح 2 :12-3 :32) عددًا من المعلومات الطوبوغرافية التي لا نستطيع دومًا أن نتتبّعها على الخارطة، ولكنها تعطي فكرة عن اتساع المدينة. هو يسمي عشرة أبواب نعرف موقعها مع بعض الدقة : باب الوادي، باب الزّبل، باب العين، باب الماء، باب الخيل، باب السمك، الباب العتيق (باب إفرايم أو باب مشنه)، باب الغنم، باب الشرق. ويذكر التقرير تفاصيل طوبوغرافية أخرى : برج حننئيل (حيث تقوم انطونيا)، برج الافران (القلعة الحديثة)، الزاوية (على عوفل، جنوبي الحرم الشريف)، عين بركة الملك (تيروفيون)، درج مدينة داود (الضهورة)، مقابر داود. (ز) إن حملة الاسكندر الكبير ضمّت أورشليم إلى المملكة الهلينية. بعد موته، احتلها اللاجيون حتى سنة 198 ق.م. حين فتحت المدينة أبوابها للسلوقي أنطيوخس الثالث، اتّبع هذا الملك سياسة الفرس واللاجيين، فاعترف اعترافًا رسميًا بالتيوقراطية اليهوديّة، وصادق على امتيازاتها. ولكن في بداية عهده، حاولت جماعة من محبّي العالم الهليني مع الملك الجديد أن تطبع مدينة أورشليم بالطابع الهليني (لأن الملك اعتبر أن توحيد المملكة توحيدًا جذريًا هو مهمته الأولى). نجح هؤلاء، وشيّدوا ملعبًا هو من ضروريات كل مدينة هلينية. في سنة 169، سلب أنطيوخس الهيكل، وفي سنة 167 كرّسه لزوش الأولمبي. وإذ أراد السلوقيّون أن يراقبوا السكان، بنوا قلعة (أكرا أورشليم). وتوصل يهوذا المكابي سنة 164 إلى إعادة الهيكل إلى عبادة يهوه (1 مك 4 :26-59). ولكن اكرا ظلّت في يد السلوقيّون حتى سنة 141 حين استسلمت الحامية لسمعان المكابي (1مك 12 :36؛ 13 :21-22، 49-52؛ 14 :37). في أيام اسكندر جنايوس (103-760)، أو اسكندارة (86-87)، صارت اكرا مركز الحشمونيين بعد أن أقام اسلافهم منذ سمعان المكابي في برج حننئيل (سمّاه اليونانيون : باريس). (ح) خلال الحرب الأهلية بين هرقانوس الثاني وأرسطوبولس الثاني، وصل القائد الرومانيّ بومبيوس إلى أورشليم سنة 63 ق.م. أخذ الهيكل من اتباع ارسطوبولس، وسلّم رئاسة الكهنوت إلى هرقانوس (63-40). في سنة 47، عيّنه يوليوس قيصر اتنارخًا على فلسطين وجعل له مساعدًا في شخص انتيباتر الأدومي. في سنة 40، عُيّن ابن انتيباتر، هيرودس الكبير، ملكًا من قبل رومة. وبمساعدة الرومان، توصّل سنة 37 إلى أخذ أورشليم من أنطيغونيس ابن ارسطوبولس الثاني. في سنة 20 أو 19 ق.م. بدأ هيرودس بإعادة بناء الهيكل. ولم ينتهِ هذا العمل الضخم الا سنة 63 ب.م. ففي الزاوية الشمالية الغربية لأبنية الهيكل حول برج باريس (حننئيل)، بنى قلعة قوية سمّاها أنطونيا اكرامًا لأنطونيوس أحد الحكّام الثلاثة (تريومفير). وعلى التلة الجنوبية الغربية، شيّد قصرًا مع ثلاثة أبراج (قلعة باب يافا العتيدة). إلى شرقي قصر الحشمونيين القديم (اكرا)، بنى ساحة كبيرة (أغورا) تحيط بها العواميد وسمّاها كسيستوس. من هذه الساحة امتد جسر فوق تيروفيون إلى ساحة الهيكل. في سنة 70 ب.م. أخذ تيطس المدينة التي كانت ثائرة وأحرق الهيكل. وصارت فلسطين مقاطعة تتعلق بالامبراطور ويحكمها والٍ يقيم في قيصريّة ويأتمر بأمره فيلق من الجيش. سنة 132 اندلعت ثورة جديدة على أثر أمر الأمبراطور هدريانس بتحويل أورشليم إلى مستوطنة رومانيّة. وبعد معركة قاسية، أُخذت المدينة ونفَّذ الأمبراطور تصميمه : صارت أورشليم أيليا كابيتولونيا. وعلى موقع الهيكل المدمّر ارتفع هيكل لجوبيتير الكابيتوليني. ومُنع اليهود من المجيء إلى اورشليم تحت طائلة الموت. رابعًا الطوبوغرافيا. رج * أنطونيا، * بيت زاتا، * العلية، * جباتا، * جتسيماني، * جلجثة، * عوفل، * باب الغنم، * قصر الحاكم (بريتوريون)، * القبر المقدّس، * سنهدرين، * سلوام (شيلوحا) * صهيون، * الهيكل. خامسًا : أورشليم في تاريخ الخلاص. (أ) الاختيار (1) : حين احتلّ داود مدينة أورشليم، جعلها عاصمة سلالته التي وعدها الرب بملك أبدي (2صم 7 :8-16). هكذا كانوا يتصوّرون المدينةَ في زمن الخلاص الآتي (مز 2 :6-9؛ 101 :1 ي). أورشليم هي عاصمة الملك الذي يحميه الرب ليُخضع كل الشعوب المجتمعة في مملكة شاملة (مز 132 :17 ي). (2) بحضور تابوت العهد صارت أورشليم مركز اسرائيل الديني (2 صم 6؛ 1 أخ 15-16؛ مز 24 :7-10؛ 132) مسكن يهوه (خر 15 :13، 17). يشير تث 33 :12 الى هذا الأمر. وصارت نخبة الشعب أكثر وعيا لأهمية هذا الامتياز الذي حصلت عليه أورشليم بعد أن رذل الله شيلو بسبب خيانة افرايم (مز 78 :60-69). وفي اللاهوت الاشتراعي، لا بدّ أن يكون يهوه جعل اسمه (تث 12 :5، 21؛ 14 :24؛ 1مل 9 :3؛ 11 :36…) في أورشليم. فهذا يعني الطابع اللاشرعيّ لسائر المعابد (تث 21 : 2-14؛ 2مل 23 :7 ي؛ رج مز 87 :2). فعلى كل القبائل أن تحجّ الى أورشليم (مز 122 :4)، مدينة الله (مز 87 :3)، حيث نصبَ الله خيمتَه (مز 76 :3؛84). (ب) خيانة وقصاص. ولكن أورشليم لم تكن أهلا لهذا الاختيار. ومع أنّ عاموس كان معتقدًا كل الاعتقاد أنّ أورشليم هي مسكن يهوه (عا 1 :2)، إلاّ أنه لم يتردّد في تهديد المدينة بالدمار بسبب خيانتها (عا 2 :5). وإن إشعيا الذي كان شاهدًا لظلم أورشليم، أعلن أنّ الله يطهّر المدينة (إش 1 :21-25)، يدينها (إش 3 :1-15؛ 28 :14-22؛ مي 1 :9-12؛ 3 :10-12)، يبعثرها، ويدمّرها بالحرب (إش 3 :25-4 :1). سيُلحق الخزي بالنساء المتكبرات، ويطردهنّ وهنّ لابسات المسوح (إش 3 :16-24). ولكن بما أنّ أورشليم هي مدينة الله، فلا يقدر عدوّ أن يُعدمها الحياة (إش 10 :11-12، 32-34؛ 29 :8؛ 31 :4-5). فبعد هذا الالم المطهّر، سيغطّي الله، كما بسحاب، بقيّة أورشليم التي ستُبنى على حجر زاوية جديدة (إش 28 :16، رج 4 :5). حينئذ كل سكانها الذين سُجّلوا من أجل الحياة (مز 313 :3) يكونون قديسين (إش 4 :3). فتُدعى مدينة البر والقلعة الأمينة (اش 1 :26). ويُعاد بناء الملكية في بهائها الأول (مي 4 :8)، وتصير أورشليم عاصمة روحية لكل البشرية (إش 2 :1-5 مي 4 :1-3؛ مز 87). وفي أيام ارميا، لم تكن الحالة في أورشليم أفضل ممّا كانت عليه في أيام أشعيا (رج ار 2 :28 حسب السبعينية؛ 5 :1-31؛ 7 :17-19؛ 22 :13-19؛ حز 8 :11؛ 22). ولهذا توالت تهديدات (إر 1 :15ي؛ 2 :1ي؛ 4 :3-31، 6 :1ي؛ 13 : 20-27؛ حز 23 :1ي؛ صف 1 :4، 12؛ 3 :1-5). وجاء معها وعدٌ بإعادة البناء في أورشليم منقّاة وحاملة الاسم الجديد (الرب صدقنا). ويملك عليها ملكٌ يكون جديرًا بداود (إر 33 :15 ي). حينئذ لن يعود تابوت العهد ذات جدوى، لأنّ أورشليم نفسها ستُسمّى “عرش يهوه” (صف 3 :14-17)، ويجتمع كل الشعوب حول اسمها (ار 3 :17؛14 :21). والصورة التي يعطيها حز 40-48 عن أورشليم التي سيسكنها الرب بعد تنقية المنفى، ستكون بلا ارتباط بالواقع التاريخي. ستكون المدينة تحت حكم الهيكل الذي منه يجري نبع يعطي البلاد خصبًا عجيبًا (حز 47 :1-2). لا يريد حزقيال أن يكون هناك قصرٌ أو مدافن قرب الهيكل (حز 47 :7-12)، فأورشليم لن تعود مدينة ملكية. فبعد اختبارات الماضي المؤلمة، أعلن النبيُّ الحكمَ على الملكية. في حز 44 :3؛ 45 :7-12؛ 46 :2 يتكلم حزقيال عن أمير (ناسي). فأورشليم الجديدة تسمى : يهوه، الرب هناك أو إلهنا معنا (حز 48 :35). (ج) زمن الرجاء. 1) الفرحة الأولى. بعد المنفى، كان إشعيا الثاني هو المنادي بأزمنة جديدة (إش 40 :2،9؛ 51 :17)، ورسول الأخبار الحلوة (البشرى) (إش 41 :27؛ 52 :7). أمر الربُّ بإعادة بناء أورشليم (إش 44 :26، 28؛ 52 :9؛ رج زك 1 :16-17)، لأنه لا يقدر أن ينساها (إش 49 :14-16). سيجعل منها عدنًا جديدة (إش 51 :3). بعد أن كانت مهملة (إش 51 :18-20). وهي الآن ستعجّ بالسكان (إش 48 :18-23؛ 54 :1-17؛ رج زك 2 :8-9). وعليها أن تتزيّن كعروس بلباس العيد (إش 49 :18؛ 52 :1). هي مبنيّة بحجارة ثمينة (إش 54 :11-12؛ رج طو 13 :16-17)، ومؤسَّسة على البرّ (إش 54 :11). ويحرّض حجّاي شعبه اليائس على الثبات، لأنّ صعوبات البناء تتكاثر (حج 2 :6-9) : قريبًا ستأتي الشعوب الى أورشليم. ويرى زك 2 :4-7؛ 8 :22 الوقت الذي ستكون فيه أورشليم عاصمة البشر جميعًا. 2) ايمان بمصير أسمى. (أ) كانت أورشليم مثالية، حين ظهرت لحزقيال (كما لموسى جديد) على جبل عال (حز 40 :2؛ رج خر 25 :40؛ 26 :30؛ 27 :8). ولكن النخبة الدينية في ذلك الوقت خاب أملها لتأخّر البهاء الموعود به للمدينة، فتأمّلت في أورشليم غير مبنيّة بيد انسان، بل تلك التي تكون خليقة الله (إش 65 :10؛ رج 62 :5. أقرأ : بانيك لا بنوك؛ 62 :7؛ مز 147 :2). هذه الفكرة موسعة في الابوكريفات الجليانية حيث أورشليم العتيدة والحاضرة في السماء في بداية العالم الجديد، ستنزل على الأرض لتكون مسكن المختارين (اخنوخ). والموضوع يرد بتواتر بعد دمار المدينة سنة 70 ب.م. (باروك سرياني، عزرا الرابع، رج غل 4 :26؛ عب 12 :22؛ رؤ 21 :2-22). ونقابل مع هذه الصورة المتحرّرة من عالم الأرض، صورةً نجدها في رؤ إش حين يهيّئ الرب (بعد أن يعاقب العالم بكارثة كونية، إش 24 :21-23) في أورشليم المحمية، وليمةً تدعى اليها كل الأمم. حينئذ يزول كل ضيق ويُطرد الموت الى الأبد (إش 25 :6-10؛ رج مت 8 :11؛ لو 14 :5). (ب) وُلد من أزمة خيبة الأمل هذه، رجاء جديد يعلن أن الله سيتدخّل بطريقة غير منتظرة (إش 62 :1؛ 66 :6 ي) ليعيد بناء أورشليم ويجعلها مأهولة فتصير مركز الكون الديني (إش 60؛ 62). وتصبح الشمس والقمر بلا فائدة، لأن يهوه يكون ضياء أورشليم الأبدي (إش 60 :19-20؛ رؤ 22 :5). (ج) واذ اقتنع حز 38-39، ويوء 2 :20؛ 4؛ زك 12 :14 أن دمار أورشليم على يد بابل لم يكن علامة الأزمنة الجديدة، جعلوا في نهاية الأزمنة الهجوم المعلن على أمم الشمال (إر 1 :15؛ 4 :5-31؛ 6 : 1ي؛ رج حز 38 :17؛ يوء 2 :20). وفي وقت يصل الضيق الى القمة، يتدخّل يهوه. وكل الذين دُعوا باسم الرب في أورشليم ينجون (يوء 3 :5). وتجري ماء حية من أورشليم (يوء 4 :18؛ زك 14 :8)، ويسكن الرب فوق صهيون (يؤ 4 :20)، ويكون يهوه الاله الواحد (زك 14 :9). (د) ويبيّن زك 9 :9 ي أن المثال القديم لأورشليم المدينة الملكية لم يمت بعد. ولكن الملك المُنتظر ليس المحتل المتكبّر (على حصان) والذي لا يقاوم. إنه أمير السلام الذي ينزع من مملكته الشاملة كل سلاح وكل عنف حرب. وان مت 21 :4 ي ويو 12 :15 رأيا أن مثال هذا الملك المخلّص قد تحقّق في شخص يسوع المسيح. (هـ) وتوسّعُ النظريات الخاص حول أورشليم كما في أوج، دفع الكتّاب الجليانيّين الى التمييز بوضوح بين أورشليم السماوية وأورشليم التي على الأرض. وفي النهاية، اندمج الرجاء ان في نظام واحد سيستعيده سفر الرؤيا : بعد حكم يدوم الف سنة (ب، د؛ رؤ 20 :1-6) الذي هو زمن إقامة الكنيسة، يهجم جوج وماجوج ضد أورشليم (رج رؤ 20 :7-10). حينئذ يتجدّد الكون، وتنزل أورشليم السماوية على الأرض (أ، رؤ 21 :1-2). (و) زمان التمام (يتم كل شيء). تيقّن كتّاب العهد الجديد أن “خلاص أورشليم” (لو 2 :38؛ رج إش 52 :9 : فداء) والزمن الذي فيه تفتقد النعمةُ أورشليم (لو 19 :44؛ رج 1 :68)، قد ظهر مع يسوع الناصري. ومنعطفُ التاريخ هذا، قد أنبأ به كوكب وجَّه بعض المجوس الى يسوع (مت 2 :1-12). في أورشليم، سيتمّ عمل فداء البشرية (مت 16 :21؛ 20 :17؛ لو 9 :31؛ 13 :33؛ 18 :31). ومع أنه في وقت محدّد عرفت المدينة في يسوع ملكها الذي انتظرته طويلا (مت 21 :1-11 وز )، إلاّ أنها تمرّدت عليه (مت 22 :1-14؛ 23 :37؛ لو 13 :34؛ 19 :41-42) وفي النهاية رذلته. أنبأ يسوع بالعقاب (مت 22 :7؛ 23 :38؛ مر 13 :2؛ لو 13 :35؛ 19 :43-44؛ 21 :16) ولن يتأخّر هذا العقاب. واذ كان يسوع على طريق الآمه، حثّ بنات أورشليم على أن يبكين على نفوسهنّ وعلى أولادهن (لو 23 :29-31). وهنا تأتي مشكلة توافق المواعيد الجميلة التي وعد بها الرب أورشليم والواقع المرعب. وسيقدم العهد الجديد بعض الأجوبة. 1) كانت أورشليم نقطة انطلاق من أجل تبشير العالم بالمسيحية (لو 24 :47؛ أع 1 :8). ففيها تأسّست الكنيسة يوم العنصرة حسب مواعيد العهد القديم (أع 1 :4؛ 2 :1ي). رذلت أورشليمُ المسيح، ولكن الله ظلّ أمينا لمواعيده وسيبقى (رو 11 :29). وينتظر مت 23 :39 زمنا تعترف فيه أورشليم بيسوع أنه مرسل الله (في لو 13 :35 يعني النص دخول الشعانين المفرح، وذلك بسبب تبديل السياق). ويلمّح لو 21 :20-24 إلى أنه بعد زمن الوثنيين سيُعاد بناء أورشليم. وهذا هو اعتقاد بولس في رو 11 :25-32. ويجعلنا رؤ 11 :8 نفكّر أنه خلال حكم الالف سنة الذي يسبق ملء الخلاص، ستكون أورشليم الأرضية قلب مملكة يسوع المسيح الشاملة. لا شكّ في أن هناك كلمات قاسية في رؤ 11 :8، ولكنها تشير الى رومة، على ما يبدو (يقال أن الحاشية عن الصلب زيدت فيما بعد). 2) وإذ رأت غل 4 :26 (رج فل 3 :20) في أورشليم رمز تدبير مضى، فهي تستعيد فكرة أورشليم السماوية التي رآها بولس تتحقّق في الجماعة المؤسَّسة في المسيح. واذ حُكم على أورشليم الأرضية بالزوال، صارت أورشليم السماوية حاملة الوعد ومسكن الابرار الأبدي. هذا هو بصورة خاصة الموضوع الأكبر في الرسالة الى العبرانيين حيث تنطبق بنية أورشليم السماوية على بنية أورشليم الأرضية (11 :10، 16؛ 12 :22؛ 13 :14). ويقدم فيلون الاسكندراني (الاحلام 2 :250) أفكارًا مماثلة في العالم اليهودي. وإذ يستعمل بولس هذه الصورة ليدل على أن الخلاص الاسكاتولوجي حاضر منذ الآن في المسيح، يحتفظ بها رؤ 21 :2-22 لمجد ملكوت الله العتيد والنهائي. 3) يكرّس يوحنا القسم الأكبر من انجيله لرسالة يسوع في أورشليم. في نظره، الهيكل (يو 2 :19)، وبركة سلوام (يو 9 :7)، واضاء ة الهيكل (يو 8 :12)، هي رموز عن المسيح. ومع هذا فهو يرى في يسوع المسيح أورشليم الجديدة التي تبدأ مع قيامته (يو 2 :19-22). وفي 7 :37 ي يماثل يوحنا بين يسوع وأورشليم الاسكاتولوجيّة التي يخرج من جوفها ينابيع مياه حية (حز 47 :1-11؛ يوء 4 :18) والتي فيها سيجتمع أبناء الله المشتَّتون (يو 11 :25؛ رج إش 60 :4، 9).
إيطالية:
منذ القرن الأول ق.م. تدل هذه الكلمة على مجمل شبه الجزيرة (أع 18 : 2، 27 :1، 6). وصلت اليها المسيحية باكرا وانتشرت بسرعة (أع 10 :1). نعرف أنّ برسكلة وأكيلا طُردا من ايطاليا فتركا رومة، وأن بولس جاء أسيرا الى ايطاليا وكان قائد يوليوس. وكورنيليوس الضابط كان يقود الفرقة الايطالية. وان عب 13 :24 تذكر مسيحيّي ايطالية.
اسكندريّة، (الـ):
أولاً : نظرة عامة. مدينة هلينيّة واقعة في آخر نقطة في غربيّ الدلتا المصريّ تجاه جزيرة فاروس على قطعة أرض ضيّقة تفصل البحر المتوسّط عن بحيرة مريوط. أسّسها اسكندر الكبير سنة 332-331، فصارت مركز اتّصال بين الشرق والغرب وعاصمة البطالسة وملتقى العلوم الهلينيّة واليهوديّة (مكتبات، ترجمة العهد القديم المسمّاة سبعينيّة، ترجمة ابن سيراخ. تدوين سفر الحكمة وأسفار أخرى منحولة). نشير هنا إلى أن مكسر أمواج طوله 1300 متر (هبتاستاديون، أي 7600 قدم) فصل حوضي المرفأ اللذين هما من البحر جزيرة أوستوس في الغرب وفي الشرق المرفأ الكبير حيث حلّت سفن البطالسة الحربيّة. والمنارة المشهورة، التي بُنيت سنة 297 ق.م. على طرف الجزيرة، كانت صنع سوستراتيس إبن كنيدوس (في آسية الصغيرى). ارتفعت 12 مترًا، فاعتبرها الأقدمون إحدى عجائب العالم السبع. كان الاسكندر قد سلّم تصميم المدينة إلى المهندس المكدوني داينوكراتيس الذي أخذ برسمة ملعب سباق الخيل مع شوارع مستقيمة، فامتدت ثلاثة أحياء من الغرب إلى الشرق : راكوتيس الذي أقام فيه المصريون، حول سيرابيوم حيث سيرتفع في نهاية القرن الثالث عمود بومبيوس. ثم بروخايون الذي هو حيّ غنيّ خاص باليونانيين. وأخيرًا، الحيّ اليهوديّ، حيث عاش بنو اسرائيل بعد أن تنظموا في مجموعة إثنيّة. كان لهم مجمع مشهور بجماله وكبره. غير أن المباني الرئيسية وُجدت في بروخايون : هيكل بوسيدون، القريب من المرفأ الكبير. المتحف والمكتبة اللذين خلقهما بطليموس الأول سوتر من أجل العالم الشامل. ومدفن الاسكندر كما قال الأقدمون. لا نستطيع اليوم أن نرى المنارة ولا المتحف ولا موقع المكتبة، ولكننا نستطيع أن نزور سيرابيوم أي هيكل الاله سيرابيس، الذي بُني ليوحِّد بين اليونانيين والمصريين في عبادة واحدة. كان سكّان الاسكندريّة مزيجًا من أمم مختلفة. وكان اليهود عديدين (يجعلهم فيلون مليونًا مع بعض المبالغة). عاشوا في حيّ محفوظ لهم كما عاشوا خارج ذلك الحيّ. لا يذكر العهد القديم اسكندريّة (نو أمون؟) ويشير إليها العهد الجديد على أنّها المكان الذي وُلد فيه أبلوس (أع 18 :24) ومرفأ اتّصال السفينة التي ستقود بولس إلى ميرة في إيطالية (أع 27 :6) بتلك التي ستنقله من مالطة في إيطالية (أع 28 :11-13). كان للاسكندرانيّين مع المحرّرين والقيرينيّين مجمع في أورشليم، وسيجادلون استفانوس (أع 6 :9) قبل موته رجمًا. ثانيًا : الحياة الاقتصاديّة. ما زالت الاسكندريّة تنمو خلال الحقبة اليونانيّة والرومانيّة. في عهد بطليموس الثاني والثالث، أصبحت حاضرة غنيّة جدًّا بما فيها من أعمال تجاريّة. وحسب ديودورس الصقلي (1752 :15) كانت المدينة تعدّ في أيامه (أي 58 ق.م.) 300000 رجلاً من الأحرار و 600000 من العبيد والمرتزقة. وهكذا كانت تصل إلى المليون فتضاهي رومة بعدد سكانها. اعتمد اقتصادها على الحياكة وصناعة الورق، والمصاغ والفخاريات. ولكن غناها الأساسيّ كان التجارة. وشارك اليهود في حياة المدينة ولا سيّمَا في جباية الضرائب على المرفأ (فلافيوس يوسيفوس، العاديات 20 :147)، كما في تنظيم رحلات البواخر. هنا نشير إلى أنّ المشناة اعتبرت أنّ بعض البضائع التي تنقلها بعض السفن الاسكندرانيّة ليست بنجسة (كلائيم 15 :1؛ أهلوت 8 :1). فأصحابها هم من اليهود. وكانت الاسكندريّة أيضاً مرفأ هامًا. أما روح التجارة التي نجدها عند أهل الاسكندريّة فنكتشفها في سؤال طرحه الاسكندرانيّون على رابي يشوع حول تقدمة يقوم بها أبرصان، واحد غني وآخر فقير (مش نجعيم 14 :13). كما نكتشفها في هذه العبارة التي تلفّظ بها طبيب يهوديّ اسمه “توداس” أو “تيودورس” : “لا تترك البقرة ولا الخنزيرة الاسكندريّة دون أن يُقطع ثديها لئلا تضع” (مش، بكوروت 4 :4). وقد قال كيرلس الاسكندراني في “تفسير إشعيا” (18 :1-2) عن أبناء بلدته : “العمل العاديّ لأهل هذه المدينة هو أن يصعدوا النهر وينزلوه، أن يستسلموا إلى التصدير والاستيراد، وأن ينعموا بما ربحوا في تجارتهم”. ثالثًا : الحياة الثقافيّة. منذ القرن الثالث ق.م. كانت الاسكندريّة موضع الثقافة الهلنستيّة مع مكتبتها ومتحفها حيث كان يعلّم أشهر علماء اليونان. وفي الوقت عينه تفتّح الفكرُ اليهوديّ في محيط تشرّب الحضارة اليونانيّة وتكلّم اليونانيّة. ففي الاسكندريّة نُقلت السبعينيّة بين القرن الثالث والقرن الأول ق.م. ودوّنت الكتب العديدة مثل سفر الحكمة، المكابيّين الثالث، المكابيّين الرابع، رسالة أرستيس، ومؤلّفات فيلون. ولا ننسَ أن أبلوس اليهوديّ الاسكندراني، قد وصفه سفر الأعمال بأنه رجل فصيح اللسان قدير في شرح الكتب المقدّسة (18 :24). أما الفن الاسكندراني فأثّر على التصوير الروماني كما على الفسيفساء. وأثّر على مجمع دورا اوروبوس، وعلى الفنّ المسيحيّ القديم. والمكتبة التي كانت تضمّ سنة 50 ق.م. سبعمئة ألف مجلّد، قد أحرقت سنة 47 ق.م. خلال الحرب بين بومبيوس ويوليوس قيصر. أعاد تكوينها انطونيوس، فجاء بمئتي ألف مجلّد وضعها في “سيرابيوم”. ولكن اختفت هذه المكتبة الجديدة سنة 389، حين أمر تيودوسيوس الأول، امبراطور بيزنطية، بإغلاق هيكل سيرابيس. رابعًا : يهود اسكندرانيّون في أورشليم. عاشت في أورشليم جماعة هامة من يهود الاسكندرية. تذكر توسفتا (مجلوت 3 :6) مجمعهم فتقول : “اشترى اليعازر بن صادوق مجمع الاسكندرانيّين في أورشليم”. وتحدّث أع 6 :9 عن جدالهم مع استفانوس. لا شكّ في أن أعضاء هذا المجمع كانوا يتكلّمون اليونانيّة. فاحتلّ عدد منهم مراكز مرموقة في أيام هيرودس. هناك بوئاثيوس، وابنه سمعان الذي عيّن رئيس كهنة (يوسيفوس، العاديات 15 :319-322؛ 17 :316). وهناك أخواه يوآعازر واليعازر (العاديات 17 :164، 339؛ 18 :3). ونكانور الذي قدّم الأبواب المسّماة “أبواب نكانور” في هيكل أورشليم (مش شقليم 6 :3؛ سوطه 1 :5؛ مدّوت 1 :4؛ 2 :3، 6؛ نجعيم 14 :8)، بعد أن جلبها في السفينة من الاسكندريّة إلى يافا (توسفتا، يوما 2 :4؛ تل بابل، يوما 38 أ ). وقد وُجد مدفنه على جبل سكوبوس (في أورشليم) مع عظامه، ومدوّنة يونانيّة تقول : “عظام أبناء نكانور الاسكندراني الذي صنع الأبواب”. وعظيم الكهنة حناميل الذي عيّنه هيرودس كان مصريًّا (مش، فره 3 :5). ونقول الشيء عينه عن “بيت فيابي” (أصله من مصر) الذي خرج منه ثلاثة رؤساء كهنة : يشوع في زمن هيرودس (العاديات 15 :122). اسماعيل الأول الذي عُيّن سنة 15 ب.م. (العاديات 18 :34) واسماعيل الثاني الذي صار رئيس كهنة سنة 59 ب.م. (العاديات 20 :179؛ مش سوطه 9 :15؛ فره 3 :5). وكان الاسكندرانيّون يأتون للحجّ إلى أورشليم كما يقول حكماء ورد اسمهم في المشناة (حله 4 :10) : “حمل أهل الاسكندريّة تقادمهم من كعك الاسكندريّة ولكنّهم لم يقبلوها”، لأن الدقيق الذي صُنع منه لم يكن من الأرض المقدّسة. وماهى كيرلكس الاسكندراني (376-414) الذي كان اسقف المدينة منذ سنة 412. بين نو والاسكندرية (الآباء اليونان 70 :441 أب). إن قراءة النصوص البيليّة قراءة مُحدثة تعكس أيضًا هجمة زنوبيا، ملكة تدمر، كالصاعقة، حين احتلت جيوشها الاسكندرية سنة 269 ق.م.، ودمّرت ما دمّرت. وفي سنة 618، احتلّ الفرس الساسانيون المدينة، قبل أن يستعيدها الامبراطور هرقليوس سنة 629. وفي سنة 642، احتلها العرب، فانحطت تجاه روزبت أو إشيد. خامسًا : العالم اليهوديّ الاسكندراني. في الحقبة الرومانيّة، أقام اليهود في حيَّين من أحياء المدينة الخمسة، وكان لهم عدد من المجامع. حاولوا بسبب عددهم وتأثيرهم أن ينالوا كلّ الحقوق الوطنيّة، شأنهم شأن اليونان، فغضب عليهم السكان اليونان، ونتج عن ذلك قلاقل في المدينة سنة 38 ب.م. وسنة موت كاليغولا (41 ب.م.) ثار اليهود في الاسكندريّة على الرومان حين علموا بالتمرّد الذي حصل في أورشليم. فسحق طيباريوس الاسكندر الذي كان والي الاسكندريّة، هذا التمرّد، وقتل خمسين ألفًا من يهود الاسكندريّة (يوسيفوس، الحرب اليهودية 2 :497). وكان تمرّد آخر سنة 115-117، انتهى بحرق الحيّ اليهوديّ. عند ذاك ترك المدينة عدد كبير من اليهود. لهذا سُمّيت الاسكندريّة في الأدب اليهوديّ “ثيبة” (هو في الأصل الاسم العبريّ لمدينة طيبة، إر 46 :25؛ نا 3 :8 : نوأمون أو الاسكندريّة). قال الربّ. “سوف أنتقم من النزاعات في الاسكندريّة… سوف أفني زمرة الاسكندريّة… فيكون سور الاسكندريّة مشقّقًا ويدمّر” (ترجوم يوناتان حول حز 30 :14-16).
بابل:
عاصمة بابلونية. في الأكاديّة : باب ايلي. في السومريّة. كا دنجر را بيت الله. إن الاسم بابيلا سابق للعالم السامي والعالم السومريّ. أما الاشتقاق الشعبيّ فيقابل الكلمة مع العبريّة بلل (بلبل). كانت مدينة بابل تمتدّ على ضفتيّ نهر الفرات، وامتدت خرائبها على 10 كلم مربع. وتل بابل قد احتفظ بالاسم القديم وسط هذه الانقاض. وُجدت معظم الأبنية على الضفّة الشرقيّة للفرات التي ارتبطت بالأحياء الغربية بواسطة جسر بُنيَ في أيام نبوخذ نصر الثاني. تُشرف على المدينة زقورة إيساجيل وهيكل مردوك. ارتفعت هذه الزقورة 90 مترًا فوق السهل، وكانت تهاجم السماء بطبقاتها السبع (صشو 763). كانت “باب الاله ” والنموذج الأول لبرج بابل في تك 11 :1-9. كانوا يصلون إلى الهيكل عبر طريق التطوافات، التي تنطلق من باب عشتار (صشو 760-762). زيّن البابَ 575 تنينًا وثورًا توزعت في 13 صفًا، كما زُينت طريق التطوافات بـ 120 أسدًا. يسمّي إرميا (25 :26؛ 51 :41) بابل شيشاك (يعود إلى الأكادي شيشكو : تلاعب على الكلمات باسم خفيّ، وكأنه لا يريد أن يذكر الاسم الحقيقيّ). في العهد الجديد، بابل هي الاسم الرمزيّ لرومة (1بط 5 :13؛ رؤ 14 :8؛ 16 :9؛ 17 :5؛ 18 :2؛ 10، 21). موقع بابل القديمة يقع على تلال عديدة ومنها تل إلى الشمال يدعى اليوم تل بابل وقد تمّت فيه حفريات عديدة. تأسّست بابل على يد السومريّين وسمّيت كذلك للمرّة الأولى سنة 2700 تقريبًا في أيام الملك شركليشاري، ولكنّها لم تلعب دورًا كبيرًا، بل ظلّت تابعة لأور. لم تتّخذ المدينة أهميّة كبيرة إلاّ في أيّام سلالة بابل الأولى. أسّس بابل شومو أبو (حوالي 1830) ورفع أسوارها الأولى. أمّا تاريخ بابل حتى سنة 539 فيرافق تاريخ بابلونية، وقد ظلّت معروفة حتى في الزمن الفارسيّ. ورغم الأبنية الجديدة التي شُيّدت فيها، انحطّت في العهد الهلينيّ لأنّ سلوقس الأول نقل عاصمته إلى سلوقية. احتلّها الفراتيّون سنة 127 ق.م. وهكذا زالت من التاريخ.
بحر (الـ – الميت):
مخطوطات رج مخطوطات البحر الميت.
بحر (الـ):
افترق بنو اسرائيل عن الفينيقيين واليونان، فما غامروا في البحر. وهذا ما يفهمنا أن لفظة “ي م” تعني البحر (تالاسا في اليونانية) والبحيرة (لمني). تحدّثت البيبليا عن البحر * المتوسط الذي سُمِّي في اللغة الاصلية “البحر الكبير” (عد 34 :6؛ يش 1 :4)، “بحر الفلسطيين” (خر 23 :31)، “بحر يافا” (عز 3 :7)، “البحر الغربي” (تث 11 :24). وتحدّثت عن البحر * الميت، و* البحر الأحمر (بحر * القصب)، و”بحر” الجليل (مت 4 :18؛ مر 7 :31) أو بحيرة * جنسارت (لو 5 :1). يذكر أع 27 :27 البحر * الادرياتيكي : نحن في الواقع أمام البحر الايوني، حسب عادة الاسكندرية. وسمّي النيل “ي م” (نا 3 :8) وكذلك الفرات (إر 51 :36). البحر هو معجزة الخلق (مز 93 :3-4). خلقه الله (مز 95 :5؛ 461 :6)، ونظّمه، ورسم له حدودًا (تك 1 :9). وهكذا يتسلّط الله على البحر (إش 51 :9؛ أي 38 :8-11). وعبور البحر الأحمر هو أوضح مثال على ذلك (خر 14 :16؛ مز 106 :9). دلّ يسوع أن سلطان الله هو بين يديه، لأن البحر يخضع لكلمته (مر 4 :39)، كما أنه يسير على المياه (يو 6 :19). منذ قديم الزمان أثّر البحر على مخيّلة الشعوب بسبب قوّة الدمار التي فيه (حز 26 :3-4)، وبسبب هيجانه (أي 38 :8) واتساعه (أي 11 :9) وعمقه (يون 2 :6-7) والوحوش التي فيه (دا 7 :2؛ رؤ 13 :1). في نهاية الأزمنة، لن يعود هناك من بحر (رؤ 21 :1، إذن، يزول الشرّ)، بل يبقى بحر البلّور (رؤ 4 :6؛ 15 :2) رمز النقاء والسلام.
بحر الأحمر:
هذا الاسم (تالاسا اروترا من الارتريّين الذين يسكنون قرب البحر الأحمر) لا يرد إلاّ في أسفار التوراة اليونانيّة وفي أسفار العهد الجديد (أع 7 :36؛ عب 11 :29). إنه يترجم الكلمة العبريّة : يم سوف التي ترجمها اليونانيّون مرّة واحدة تالاسا سيف أي بحر القلزم (البحر الاحمر) (قض 11 :16). حسب الرأي التقليدي المعبّر عنه في عد 14 :23؛ 21 :4؛ تث 1 :40؛ 2 :1؛ قض 11 :16؛ 1مل 9 :26؛ ار 49 :21 حيث يم سوف (بحر القصب) تدلّ على خليج العقبة، علينا أن نماثل بين يم سوف والبحر الأحمر الحالي. إن ترجمة البحر الأحمر لعبارة بحر اروترا ترجمة غير كافية. فبحر اروترا تضمّن البحر الأحمر مع خليجي السويس والعقبة (أو إيلات) والمحيط الهنديّ والخليج الفارسيّ. في السبعينيّة وفي العهد الجديد “بحر اروترا” هو ترجمة “يم سوف”. أما البحر الأحمر في المعنى الحديث للكلمة فيمتدّ من مضيق باب المندب (عرضه 33 كلم) حتى السويس، بطول 200-250 كلم، وهو يحتلّ منخفضاً يقع بين عرابية وافريقية. لهذا السبب سمّاه الرومان “الخليج العربيّ”.
بحر سوف:
أو بحر القصب. رج بحر الأحمر.
بلاد الرافدين:
ترجمة الكلمة اليونانيّة : ميسوبوتاميا. أي : ما بين النهرين، بين دجلة والفرات. ظهر هذا الاسم مع السلوقيّين ودلّ على المنطقة الواقعة عند الفرات الأوسط. اسمها أيضاً آرام نهرائيم. رج فدان ارام. في أع 2 :9 و7 :2 تتّخذ الكلمة مدلولاً أوسع فتشمل حتى أور. هذا في الكتاب المقدس. أما لدى اليونان والرومان، فبلاد الرافدين، دلّت على المناطق الواقعة شمالي بابلونية. ونجد الشيء عينه عند فلافيوس يوسيفوس وفي السبعينيّة حيث تترجم بلاد الرافدين : أرام، (عد 23 :7). أو أرام نهرائيم (تك 24 :10؛ تث 23 :5؛ 1أخ 19 :6). أو : فدّان، فدان أرام سهل أرام (تك 28 :2؛ 48 :7). ماذا نفهم اليوم ببلاد الرافدين؟ العراق بأشورية وبابلونية مع بعض المناطق المحيطة بهما. إذن، تضم بلاد الرافدين منطقة واسعة يحدّها في الشمال جبال كردستان، وفي الجنوب مستنقعات شطّ العرب، وفي الغرب فيافي صحراء سورية وعرابية، وفي الشرق جبال إيران. شكَّلت هذه الأرض كيانًا تاريخيًا، مع أن بلاد الرافدين العليا اختلفت عن بلاد الرافدين السفلى على مستوى الجغرافيا وعلى مستوى السكان. في الشمال مناخ حار، ولكن مع جبال تخفّف من حرّه فتحمل نباتًا قريبًا ممّا في البلاد الباردة. أقام فيه الاشوريون، الأموريون، الحوريون، الاراميون، اللوفيون. ولكن ما إن ندخل إلى بابلونية، حتّى يصبح الصيف حارًا جدًا، ويغيب المطر وتيبِّس الشمس كلَّ نبات بعد ربيع قصير جدًا. ولكن الخصب يتأمّن بما تحمله المياه من طمى، وبسبب قنوات الريّ. فالجنوب هو منطقة الحبوب والنخيل وصيد السمك. وُجدت في الشمال مناجم، كما وُجدت غابات، لا في الجنوب. كان الجنوب موطن السومريين و الاكاديين، و البابلونيين، و الكلدانيين. أما الجنوب الأقصى فأرض المستنقعات. في القديم، لم يكن من وجود لشطّ العرب : كان لدجلة والفرات مصّبان مختلفان، غير ما هو الامر اليوم حيث يصبَّان في ما يسمّى الخليج الفارسي أو الخليج العربي.
تيبة:
فيفي العبريّة : هور (رج هور الجبل). 1) يدلّ الجبل على سلسلة المرتفعات التي تعبر من الشمال إلى جنوب الجليل والسامرة واليهوديّة. وتُستعمل كلمة جبل تجاه النقب والسهل (شفاله). 2) جبل افرائيم. أقام فيه افرائيم ومنسى. رج * افرايم : 1.
دجلة:
في العبريّة : حداقل. في الآراميّة : دقلة. في الفارسيّ : تغرا. ومن هنا في اليونانيّة تغريس. يجري شرقيّ الفرات. يتكوّن من مجريين ينبعان من جبل ارمينيا. روافده (من جهة الشرق فقط) : الزاب الكبير، الزاب الصغير، ديالة، خواسفيس (كرخا). في الزمن القديم كان مصب دجلة بعيدًا عن مصب الفرات. أما اليوم فيجتمعان قبل أن يصلا إلى الخليج الفارسيّ أو العربيّ. في التوراة : دجلة هو نهر في الفردوس (تك 2 :14، رج سي 24 :25) ويُذكر أيضاً في دا 10 :4 (ظهور ملاك) وفي طو 6 :1 (صيد سمكة كبيرة) وفي يه 1 :6. نشير إلى أن اليونان سمّوه “النمر” بسبب اندفاع مياهه وما تحدثه من فيضانات.
دمشق وثيقة:
رج وثيقة صادوق (الأدب القمراني).
رومة:
مقدمة : متى تكوّنت الامبراطورية الرومانية؟ أقام الناس في موقع رومة منذ القرن 8. ودليلنا إلى ذلك البيوت التي وُجدت على جبل بلاتينوس. أقامت فيها مجموعات لاتينيّة وسابينيّة على مختلف التلال، فخضعت للاتروسكيين الذين قاموا بأعمال كبيرة في ما سيصبح مدينة في القرن 6. بعد إلغاء المملكة الإتروسكية، عرف الرومان حقبة من المراوحة. غير أن الحروب المتواصلة ضد جيرانهم، أتاحت لهم أن يضمّوا إيطالية كلها إلى حكمهم سنة 272 ق.م. وكانت الحرب الفونيقيّة أولى الحروب عبر البحر : كورسيكة، سردينية، صقلية، اسبانية، افريقية، وذلك من سنة 241 حتى سنة 146 ق.م. وفي الوقت عينه، تدخّل الرومان مع رودس وبرغامس، فوصلوا إلى الشرق (1مك 8 :1-11). وسنة 189، مُني انطيوخس بهزيمة حاسمة أجبرته على دفع جزية باهظة. ثم احتلت رومة مكدونية، وأخائية وآسية. وبثينية والبنطس وكيليكية وسورية وكريت وقيريني، ومصر. وفي نهاية القرن الأول ق.م.، كانت رومة على رأس امبراطورية امتدت من انكلترا إلى الفرات، ومن نهر الرين إلى افريقية. (أ) تذكر التوراة العبريّة الرومانيّين، باسم كتيم (دا 11 :30). ولكن السبعينيّة واللاتينيّة ترجمت كتيم : الرومانيّين. حين سمع اليهود للمرّة الأولى حديثًا عن فتوحات الرومانيّين (1مك 1 :10؛ 7 :1 : رهائن في رومة)، أثّرت فيهم القوّة الجديدة (1مك 8 :1-6)، فحاول المكابيّون أن يجدوا فيهم حلفاء يدافعون عنهم ضدّ تسلّط السلوقيّين. ولكنّنا نشكّ في القول إنّ الرومانيّين اتّخذوا مبادرة هذه المعاهدة (2مك 11 :34-38). يجب أن نقول إنّ يهوذا (1مك 8 :17-32) ويوناثان (1مك 12 :1-4، 16) وسمعان (1مك 14 :16-24) سعوا إلى هذه المعاهدة التي لم تُعقد إلاّ في أيام يوحنا هرقانوس الأوّل، والتي كان من بنودها أن يوضع يهود الشتات تحت حماية الرومانيّين (1مك 15 :15-24). ولكن ما عتّمت صداقة رومة أن صارت تبعيّة. فحين تخاصم الأخوان هرقانوس الثاني وأرسطوبولس الثاني حول العرش ورئاسة الكهنوت، حمل الموفد الرومانيّ سكاوروس قضيّتهما إلى رومة (65 ق.م.)، ثمّ إلى بومبيوس (63 ق.م.). فاستفاد بومبيوس من الظرف، واحتلّ أورشليم، ونظّم سلطة رومة على اليهوديّة. وفي سنة 40 اعترف الرومانيّون بالملك هيرودس الأول ابن انتيباتر ملكًا على اليهوديّة. وبعد موته (4 ق.م.) قُسّمت مملكته بين أبنائه الثلاثة. ولم تمضِ عشر سنوات حتى عُزل ارخيلاوس (6 ب.م.)، وحكم اليهوديّة والٍ رومانيّ. وكان أيضاً ملك آخر هو هيرودس أغريباس الأوّل (41-44). ولكن بعد موته دخلت البلاد في الإدارة الرومانيّة، وحكمها والٍ روماني. (ب) اليهود في رومة. بعد احتلال رومة (63 ق.م.) أرسل بومبيوس عددًا من اليهود كأسرى حرب إلى رومة. بعضهم أخليَ سبيله، والبعض الآخر لبث في رومة حيث التقوا أبناء جنسهم. وإذ كان شيشرون يدافع عن فاليريوس (59 ق.م.)، قال إنّ عليه أن يكون حذرًا في أقواله لئلاّ يشعل الثورة لدى اليهود. ويُذكر أنّه خلال قنصليّة فلاكوس (62 ق.م. )، كان اليهود يرسلون الذهب كلّ سنة من إيطالية إلى أورشليم. أقام اليهود في الحيّ الذي وراء نهر التيبريس. وكان يوليوس قيصر راضيًا عنهم، لأنهم كانوا قد ساعدوه. وحين أزيلت التجمّعات التي لم تستطع أن تبرّر وجودها، سُمح لليهود أن ينتظموا في جماعة منفصلة. وهكذا نعم اليهود والديانة اليهوديّة بوضع شرعيّ في رومة، وكان الإمبراطور أوغسطس راضيًا عنهم. كانت الجالية كبيرة : انضمّ 8000 يهوديّ من رومة إلى موفدي اليهوديّة المطالبين بإلغاء وصيّة هيرودس الأوّل. في أيام طيباريوس (14-37 ب.م.)، طُرد اليهود من رومة على أثر فضيحة ماليّة، ولكن طيباريوس نفسه طلب في سنة 31 أن لا يتعرّض أحد من بعد لليهود. لم يترك اليهود كلّهم رومة، والذين تركوها، ذهبوا إلى الجوار بحيث إنّهم عادوا بأعداد كثيرة عند أوّل إشارة. ونلاحظ الأمر عينه في أيام كلوديوس (41-54). بدأ فألغى امتيازاتهم، ثمّ طردهم (أع 18 :2). وحين جاء بولس إلى رومة حوالي سنة 61، حاول أن يردّهم إلى الإنجيل (أع 28 :17). يبيّن أع 28 :21 أنّ العلاقات كانت متواصلة بين يهود رومة وأورشليم. (ج) احتفظ لنا التقليد ببعض المعطيات عن جذور الجماعة المسيحيّة في رومة. قال إن بطرس وبولس أسّسا جماعة رومة. ولكن من الممكن أن يكون المستوطنون الرومانيّون (يهود، متقو الله) قد بشّروا أوّلاً في رومة (سمعوا خطبة بطرس يوم العنصرة في أورشليم، أع 2 :10،14). نمت الجماعة المسيحيّة بسرعة (رو 1 :8، 15 :14) بفضل شخصيّة بطرس وبولس. بعد قرار كلوديوس (49-50) لم يبق في رومة إلاّ الوثنيّون المهتدون. وهذا الواقع كرّس القطيعة مع العالم اليهوديّ بحيث إنّ المهتدين من الوثنيّة شكّلوا أكثريّة الجماعة. لهذا، حين وصل بولس إلى رومة (حوالي 60)، لم يجد رؤساء اليهود في المسيحيّة إلاّ شيعة تقاوَم في كلّ مكان (أع 28 :22). لم ينجح بولس كثيرًا مع اليهود الذين أقاموا في رومة. منذ ذلك الوقت بدأ العداء بين المجمع والجماعة المسيحيّة. لم تُعتبر المسيحيّةُ شيعة يهوديّة، فصارت خارج الشرعيّة. سنة 58 نوى بولس أن يزور جماعة رومة (أع 19 :21)، ولكنّه جاء بعد ذلك كسجين (أع 28 :14؛ رج 23 :11). وكان قد كتب إلى الجماعة رسالة هي الرسالة إلى أهل رومة.
سورية:
(أ) الاسم : لا نجد اسم سورية في التوراة. لكن النسخة اللاتينية تستعمل سورية لتترجم العبرية ارام (نجد ارام فقط في لائحة الشعوب لأنه اسم شخص). نجد مرة واحدة في العهد الجديد : نعمان السوري : لو 4 :27. وفي المواضع الأخرى من العهد الجديد تدل سورية على مقاطعة سورية الرومانية (لو 2 :2؛ أع 15 :23، 41؛ 18 :18؛ 20 :3؛ 21 :3؛ غل 1 :21). في مت 4 :24 سورية هي بلاد قريبة من الجليل. والمرأة السوريّة الفينيقيّة (مر 7 :26) هي فينيقية من مقاطعة سورية الرومانية. يشتقّ اسم سورية من أشوريا (اختصار). ونحن نجده أول ما نجده عند هيرودوتس، وهو يدل على المنطقة الممتدة بين البحر المتوسط والصحراء السورية العربية. أما سورية فلم تشكل وحدة سياسية وإدراية الا بعد التسلّط الفارسي. (ب) التاريخ. قبل الزمن الفارسي تتحدّث النصوص فقط عن مدن. في أيام الفرس، صارت المنطقة جزءا من السترابية (أو : المرزبة) الخامسة (ابيرناري أو أبار نهرا). بما أن سورية هذه كانت تضم أيضًا المنطقة الواقعة بين دجلة والفرات، تكلّمت النصوص عن جنوبي بلاد الرافدين (بين النهرين) وعن سورية المنخفضة. بعد انفصال المنطقتين انفصالاً اداريًّا، صار اسم سورية يعني سورية المنخفضة. وبعد دمار مملكة فارس (331)، تقاتل السلوقيون والبطالسة لامتلاك شاطئ البحر المتوسط الى أن سيطر انطيوخس الثالث نهائيًّا عليه سنة 198. وصارت سورية في أيام السلوقيين قوَّة سياسية هامّة، وحاول السلوقيون أن يطبعوا اليهودية بالطابع الهليني ويضمّوها إلى أرضهم. ولكن سياستهم فشلت ولاسيّمَا بعد ثورة المكابيين. ولما جاء تغران ملك ارمينيا الفراتي (83-69)، وضع حدا لمملكة السلوقيين. ولكن لوكولوس الروماني هزم تغران وأعاد السلطة إلى السلوقيين مؤقتًا (انطيوخس الثالث عشر الاسيوي). ولكن احتلّ بومبيوس سورية احتلالها نهائيا وجعلها مقاطعة رومانية سنة 65 ق.م. (لو 2 :2).
سيناء:
1) جبل سيناء. واحد من الاسمين (الثاني هو حوريب) اللذين أعطاهما بنو اسرائيل لجبل الله، حيث ظهر يهوه على موسى وقطع عهدًا مع بني إسرائيل. يشتقّ الاسم من العبريّة “سنه” أي العليقة (رج خر 3 :1-12). ولكنه قد يكون أيضاً صفة تتعلّق بعبادة سين في هذا المكان. يجعل التقليد كلّه موقعَ سيناء في جزيرة سيناء (اليوم : بادية التيه) ولكنه منقسم بين جبل سرحال وجبل موسى، وهما قمّتان لسلسلة من الجبال تقع في جنوبيّ غربيّ جزيرة سيناء. لا نستطيع أن نتحقّق من صحة هذا التقليد بواسطة النصوص، لا سيّما وأن الجميع يحسبون حساب الافتراض الذي يقول إنّ الخروج لم يتمّ عبر الجنوب (عبر سيناء) بل عبر الشرق (قادش). ثمّ إن براهين الذين يحدّدون موقع سيناء جنوبيّ خليج العقبة ليست مقنعة. اجتذبت جزيرة سيناء انتباه المصريّين منذ القديم، لأنّهم وجدوا فيها النحاس وغيره (مناجم مغارة سرابيط الخادم). ولهذا ترك فيها المصريّون آثارًا عديدة تدلّ على حضورهم، وبينها كتابات عديدة : بعضها في الحرف الهيروغليفي والبعض الآخر في ما سمّي بداية الأبجديّة. إنها قد تعود إلى القرن 19 أو 18 وهي عمل عمّال مناجم ساميّين (كنعانيين). أما مجموع الكتابات التي اكتشفت فهو 25 كتابة يعود معظمها إلى القرن 15. الأبجديّة كنعانيّة (فينيقيّة)، واللغة كنعانيّة شعبيّة، والنصوص نذور عمّال المناجم. واكتُشفت أيضاً كتابات من بداية الأبجديّة في تل الدوير (لاكيش)، في شكيم، في جازر، في جبيل. حين التقى الربّ بموسى للمرّة الأولى في العليقة الملتهبة (خر 3 :2-4)، كشف عن ذاته وحمَّل موسى مهمّة تخليص شعبه. وهناك على جبل الله زار هرون أخاه موسى. إنّ سيناء هي إحدى المحطات الكبرى لبني إسرائيل بين الخروج من مصر وأرض الميعاد (خر 16 :1، 19، 1-2؛ 33 :1-6…). هناك التأمت جماعة الصحراء (خر 19 :7-15؛ تث 4 :10). هناك كلّم الله شعبه (تث 1 :6؛ 4 :15؛ 5 :2). هناك نزل بمجده وسط البروق والرعود والجبل المدخّن. كلّم الله موسى وأراه شيئًا من مجده (خر 33 :18-23)، وأعطاه وصايا لشعبه (خر 20 :1-21)، وعقد عهدًا مع ذبيحة (خر 24 :1 ي). قضى موسى على الجبل 40 يومًا و 40 ليلة (خر 24 :18) بينما ظلّ الشعب في أسفل يعبد العجل الذهبي (خر 32 :1-10). أعطى الله موسى لوحي الوصايا فوضعهما في تابوت العهد (خر 25 :16، 21؛ 40 :20؛ تث 10 :2-5). إنّ الأحداث والشرائع المكتوبة في خر 19-40 ولا 1-27 وعد 1-10 تبدو مرتبطة بسيناء. مثلاً : لقاء موسى ويثرون (خر 18 :5)، إحصاء الشعب (عد 1 :19)، موت ناداب وأليهو (عد 3 :4)، الاحتفال بالفصح (عد 9 :5)، تقريب التقدمات (لا 7 :38) والمحرقات (عد 28 :6). حين أقام الشعب في أرضه صار جبل صهيون (من حيث تأتي الشريعة. إش 2 :3) جبل سيناء الجديد (مز 68 :17-18). وفي نظر بولس يمثّل سيناء العهدَ القديم الذي أُبطل الآن (غل 4 :24-26). ورغم الأحداث والتشريعات، نسي بنو إسرائيل أين يقع حقًّا جبل سيناء. أما جبل موسى حيث يذهب الحجّاج فارتفاعه : 2245 مترًا. 2) شبه جزيرة سنياء هذا على مستوى الكتاب المقدس. ولكننا نودّ أن نتوسّع في كلامنا عن شبه جزيرة سيناء، لا على الجبل فقط، وذلك على مستوى الجغرافيا وعلى مستوى الطرق. أولاً : الجغرافيا. حسب الاستعمال الحاليّ، جزيرة سيناء هي أوسع ممّا كانت عليه في القديم. وهي تفصل فلسطين عن الدلتا المصريّ. هي جزيرة مساحتها 58000 كلم مربّع. وهي أوسع من الدلتا وقريبة من فلسطين. شكلها شكل مربّع منحرف، طول وجهها الشرقيّ (على خليج العقبة) 220 كلم، والجنوب الغربي 450 كلم منها 300 كلم على خليج السويس و 150 على مدّ المضيق. إذا وضعنا جانبًا منطقة مضيق السويس، تنقسم شبه جزيرة سيناء ثلاث مناطق من الشمال إلى الجنوب. الأولى، السهل الساحليّ الرمليّ، عرضه 20 كلم تقريبًا. الثانية، الهضبة الكلسية، بادية التيه، عمقها 220 كلم. الثالثة، جبل من الغرانيت مثلّث الشكل قاعدته 150 كلم وضلعه 180 كلم على الخليجين. ونبدأ بالحديث عن مضيق السويس. مضيق السويس الذي هو أكثر انخفاضاً من الحدود الشماليّة الشرقية لجزيرة سيناء، قد تطوّر بسبب الرمل الذي تراكم، وبسبب ما تمّ فيه من عمل بشريّ. والطرف المتوسطيّ قد انخفض مترًا واحدًا ونيّف. وما كان في الماضي أرضاً ثابتًا يصل إليه المطر في الشتاء، صار رمالاً متحركة يسهل السير عليها ولا تحمل أي خصب. والمدينة القديمة سين (بيلوسيون اليونانيّة) التي كانت عاصمة منطقة خصبة لم تعد سوى تل منعزل (تل فرامه). في هذه المنطقة، شمالي القنطرة، يجري القنال بين أراضٍ شيدّت عليها الطرقات وسكّة الحديد فاوقفت تلال الوحول. وحول القنطرة نجد منخفضاً آخر لا يقلّ عمقًا، طوله 40 كلم من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي. هو بحيرة بلّه في الخرائط القديمة. ويظنّ علماء الأثار أننا أمام مياه النيل التي كانت تسقي مدينة سيلي (القريبة من القنطرة) وتصل إلى سربونيس. قد يكون هذا طريق حورس (شيحور، يش 13 :3؛ 1أخ 13 :5، الطريق من مصر إلى كنعان). وتصبح الأرض ثابتة حتى الاسماعيليّة، على شاطئ بحيرة التمساح، ثم حتّى البحيرة العظمى، البحيرة المرّة. في أيامنا، تصل إلى الاسماعيليّة قناة مياه حلوة تسقي المدينة والجوار. هذا ما صنعوا في وادي طوميلات الذي كان في الماضي يصب في البحيرة المرّة العظمى. مع المنطقة المائيّة التي تحيط بها (55 في الطول، 5 في العرض)، نحن أمام مدخل مصر من جهة الصحراء. إذا كانت السلطة المركزيّة قوّية، يُدافع عن هذه المنطقة عسكريًا وهي تُستعمل زراعيًا. وفي الحالة المعاكسة، يجعل منها الرعاة مراعي لهم في الصيف، ويستفيدون من الوضع ليتغلغلوا إلى الدلتا. نحن هنا في ارض جاسان التي تذكرها البيبليا. والبحيرتان المرتان صارتا طبقة مائيّة طولها 35 كلم تمرّ فيها القناة التي صارت على مستوى البحر. في الزمن القديم، كانت المياه تجرى في وادي طوميلات فتصل إلى البحر الاحمر وتُحدث المستنقعات. والطريق المائيّة التي تكوّنت بهذا الشكل سلكها ارتحششتا وداريوس ملكا الفرس، ثم البطالسة والرومان، فصارت سالكة بجيوشهم. فربطت البحر بقلب مصر. ونسير إلى جبل عتيقة (أو عتاقه) في الطريق الجنوبيّ، الذي يعلو 871 م عن سطح البحر، ويُشرف على الجوار. وقد يكون هو بعل صافون. على مدّ مضيق السويس وحتى في سربونيس، كانت المياه ترتفع أو تنخفض حسب الضغط الجوي، الآتي من الريح أو الشمس أو المدّ والجزر. أما الموقع البيبلي لعبور البحر (سوف) فلا نستطيع أن نحدّده. ثم نتحدّث عن السهل الساحليّ. فشاطئ البحر المتوسط الصحراوي برمله، قد عرف في الماضي نشاطاً تجاريًا وسياسيًا، ولا سيّمـا في زمن المملكة المصريّة الحديثة والحقبة اليونانيّة والرومانيّة. ننطلق من الشرق ونترك من جهة الشاطئ الفلسطيني، منطقة واسعة مرويّة تسير من عسقلان إلى غزة وتصل إلى رفح. هذا ما تدلّ عليه الحدود الدوليّة اليوم. أما إذا سرنا بعض الشيء نحو الغرب، فنصل إلى وادي العريش الذي تصله بعض المياه خلال السنة. هو “سيل مصر” (كما في البيبليا، عد 34؛ يش 15 :4، 47) الذي شكّل حدود أرض كنعان. ونبتعد 30 كلم فتنفتح بحيرة شاطئيّة طولها 80 كلم هي سبخة بردويل (بحيرة سربونيس كما يقول اليونان). كانت في الزمن القديم، تتيح للسفن المسطّحة أن تختبئ من العواصف وتوصل المؤونة إلى مراكز الشاطئ في كل فصول السنة. في منتصف البحيرة الأرضيّة التي تحاذي المنطقة الشاطئيّة، نجد تلّة هي جبل جلس أو راس كسرون. وجد هناك المنقّبون بقايا مدينة يونانيّة ورومانيّة عظيمة، تتجاوب مع ما قيل في القديم عن جبل كاسيوس. فهيكل زوش كان الامتدادَ الطبيعيّ لهيكل فينيقي مكرّس لبعل صافون. أما طرف هذه البحيرة فيصل إلى منطقة مضيق السويس. والمنطقة التالية هي الهضبة الكلسيّة. فالصحراء المركزية (هي في قلب جزيرة سيناء)، بادية التيه، هي هضبة كلسيّة مرتفعة في الجنوب بكتلة من الغرانيت. هناك مرتفعات من 1000م تمتدّ على 100 كلم مع قمّة تصل إلى 1620م. تتوجّه الصخور نحو الجنوب. وفي اتجاه الشمال تنحدر الهضبة بشكل منظّم حتى السهل الساحلي الذي تحيط به مرتفعات متقطّعة. أما الوسط فمنخفض واسع يرتبط بوادي العريش. ويُشرف على الشمال جبال النقب (1035م في هر رمون). في الغرب، تحاذي المضيقَ مرتفعات فيها ثلاثة معابر : ختميّة تجاه اسماعيلية. متلا تجاه السويس. جِدِّي بين الاثنين. نجد هنا منحدرات تلائم الرياح الرطبة الآتية من الشمال الغربي. لا تتلقّى برّية التيه إلاّ قليلاً من المطر حتى في فصل الشتاء، وهذا المطر ينزل سريعًا في الطبقة الكلسية. لهذا تكون المراعي ضئيلة. أما الطرق فما عرفت سوى قوافل صغيرة. ومع ذلك هناك عدّة واحات صغيرة لجأت إليها القوافل بانتظار أن تصبح مراكز عسكريّة وإداريّة. خلال شهرَي الشتاء، يطلع العشب ويطعم صغار القطعان (أي الغنم). وقد ينبت بعض النبات البرّي من أجل الانسان. هذا هو المنّ التي تحدّث عنه التقليدان الالوهيمي والاشتراعي (عد 11 :6؛ 21 :5؛ تث 8 :3). وبعد زمن المطر، يستطيع الانسان أن يتجوّل وسط آبار يسهل فتحها في الوديان الرملية. قبل العصور الحديثة، أقامت هناك ثماني قبائل من البدو تضم بضعة آلاف من السكّان وتقيم في هذه البرّية فتحافظ على صورة نجدها بعض المرات في التوراة. ونصل في النهاية إلى الجبل الغرانيتي. هو يختلف كل الاختلاف عن سائر الجزيرة، فيرتفع بمعدّل 1000م. فوق سطح البحر. وهناك قمم تتعدّى 2000م.، وتمتدّ على طول 80 كلم (من جبل سربال إلى جبل صباغ) وعرض 20 كلم (جبل جدّة العلة حتى جبل موسى). تنفصل هذه السلسلة الجبليّة عن الهضبة الكلسيّة بمنطقة منخفضة نجد فيها الجير والرمل. هي منطقة جافة. لهذا لا تمرّ فيها القوافل. ولكنها غنيّة بمناجم فيروز استغلّها المصريون في المملكة القديمة والمملكة المتوسطة في سرابيط الخادم. أما الجبل فيعرف في قممه المطر والثلج، ويقيم فيه سكّان قليلون يعيشون من تربية المواشي والجنائن المرويّة. ومن نقطة ماء إلى نقطة ماء تنتقل القطعان والقوافل. لا تنفصل هذه المنطقة عن العربيّة السعودية إلاّ بخليج عرضه عشرون كلم تقطعه الطوّافات. في العصور القديمة، تركت قوافل الأنباط وثمود مدوّنات على صخور سيناء الشرقيّة. وقد نستطيع القول إن قبائل مديان مرَّت في هذه الطريق. ثانيًا : الطرق. نستطيع اليوم أن نرسم طرقًا عبر كل جزيرة سيناء. ولكن في العصور القديمة، لم تكن المشكلة في أن نجعل الناس والبهائم يعبرون، بل أن نؤمّن لهم الطعام والماء. لهذا كانت هناك بعض الطرق في التاريخ القديم. (1) الطريق الساحلية. هي “طريق أرض الفلسطيين” (خر 15 :22). لها محطات في المدن. في عدد من الآبار، وتأتيها المونة في البحر. ولكن الممالك تراقبها مراقبة دقيقة. (2) طريق شور. بعد عبور البحر (خر 15 :22)، أخذ موسى هذه الطريق ووصل إلى جوار قادش برنيع (تك 20 :1). واليوم، نجد طريقًا حديثة تنطلق من اسماعيليّة إلى بئر سبع. في أخبار الخروج، نستطيع أن نحدّد حدث السلوى على هذه الطريق أو على التي ذكرناها قبلا : من المعلوم أن طيورًا عديدة من السلوى تطير فوق البحر فتحطّ تعبة لاهثة على الأرض، فيلتقطها البدو بأيديهم. (3) طريق فاران. أشارت البيبليا إلى طريق بواسطة فاران (اليوم : واحه فايران الحلوة، 1مل 11 :18)، عبر الجبال الغرانيتيّة. نجدها اليوم في طريق سياحيّة نراها على الخرائط، وتمرّ 15 كلم إلى شمال سيناء (الذي يعرفه) الحجّاج (جبل موسى) مع تفرعّات على طرفَي شاطئ البحر. هناك إشارات عديدة تدلّ على أن الكتّاب البيبليين تطلّعوا إلى هذه الطريق كطريق الخروج، أقلّه في التدوين الكهنوتي وفي صيغة البنتاتوكس النهائية. إن المن الذي تصوّره الوثيقة الكهنوتية هو نتاج شجرة الأثل التي تنبت في الجبل الجنوبي (خر 16 :14-23؛ عد 11 :7-8). وهناك اتّصل موسى بمديان (خر 3 :1؛ 18 :1؛ عد 10 :29). واسم بحر سوف يجعلنا نتوجّه إلى البحر الاحمر في خط السبعينيّة ويوسيفوس، والعدد الكبير من المحطَّات التي ذكرها عد 33 :16-35 بين سيناء وعصيون جابر. إن الحجّاج المسيحيين الذين كانوا كثرًا في تدوين أخبارهم، ورثوا ما قاله أسلافهم اليهود. لفتوا النظر إلى مشاهد رائعة، فأخفوا ما كانت عليه هذه الأماكن في الأصل.
طيبة:
رج تيبة.
عرابية:
تشكل عرابية شبه جزيرة واسعة تتألّف من مليوني كلم مربع، وهي واقعة في غربي آسيا الجنوبيّة. تحيط بها من الشمال أرض الهلال الخصيب، ومن الشرق الخليج العربي (أو : الفارسيّ)، ومن الجنوب الاوقيانوس، ومن الغرب البحر الأحمر. أما قلب هذه الجزيرة فهو صحراء واسعة لا مياه فيها، هي الربع الخالي. ثم هضاب صخريّة وصحراويّة حارّة وجافة، النجد الذي تحيط به من الشمال رمالُ النفود. أما الوديان والتلال التي تمتدّ على الشواطئ، مثل الحجاز في الشمال، واليمن في الجنوب، فهي خصبة، وقد عُرفت في القديم بمنتجاتها التي كانت غالية الثمن. 1) اليمن والحسا. إن العلاقات بين بلدان الهلال الخصيب وعرابية الجنوبية والشرقيّة كانت بشكل خاص على المستوى التجاريّ. فقد كانت طرق القوافل تقود من اليمن إلى الشمال حتى دمشق وحدود مصر، أو إلى الشمال الشرقي عبر نجد حتى بابلونية الجنوبيّة حيث تلتقي مع الطريق الآتية من هاجر، عاصمة الحسا القديمة، أكبر (180 كلم مربع) وأغنى واحات العربية السعودية التي صار مركزها الحالي الحفوف. هذه المنطقة من عرابية الشماليّة الشرقيّة التي لم تُستكشف بعد كثيرًا من الناحية الاركيولوجيّة، قد عرفت في العصور القديمة مستوى رفيعًا من الحضارة فاتصلت باكرا ببلاد الرافدين الجنوبيّة. وأقدم مدوّنة معروفة حاليًا لملك هاجر قد وُجدت في جزيرة قريبة من البحرين. دُوّنت في السومريّة وعادت على ما يبدو إلى منتصف الألف الثاني ق.م. إذا وضعنا جانباً هذه الوثيقة القيّمة، فان عرابية لا تدخل في التاريخ إلا في القرن 9-8 ق.م. وهي تقدّم للمؤرخ وجهين مختلفين جدًا. من جهة، تبدو الفيافي المجاورة للهلال الخصيب مليئة بالقبائل اليدوية التي تسّمي نفسها عربًا أي بدوًا. ومن جهة ثانية، من الجنوب الشرقي لجزيرة العربيّة تتكوّن حواضر مختلفة سوف تصل إلى مستوى رفيع من الحضارة الدينيّة منذ منتصف الألف الأول ق.م. اختلفت طرق الحياة بين الفئتين. واختلفت الظروف الاجتماعية والاقتصادية. وكان الاختلاف الكبير على المستوى اللغويّ. ساعة كانت قبائل الشمال البدويّة تتكلّم لهجات مختلفة عن لغة الشمال العربي، وقريبة من الكنعانيّة او أراميّة سورية وفلسطين، كانت لغات الجنوب العربيّ المحكيّة في ما يسمّى اليمن اليوم، قريبة من اللغة الحبشيّة القديمة في أمور عديدة. أما السكّان المقيمون في هذه المناطق، فما كانوا يعتبرون نفوسهم “عربًا” في الزمن البيبليّ. ولا حتى في الأجيال الأولى للمسيحيّة. بل كانوا يسمّون البدوَ الذين يهدّدونهم أو يعملون في خدمتهم “عربًا”. أما الممالك الأهم في اليمن القديم، فهي مملكة سبأ، حضرموت، معين، قتبان، وبعد ذلك حمير. وبما ان الطرق التجاريّة في عرابية الجنوبيّة كانت تصل حتى سورية وفلسطين، فنحن لا نجد فقط على حدود الهلال الخصيب العرب البدو في الفيافي بل قوافل آتية من عرابية السعيدة، كما كانت تسمّي رومة اليمن “ارابيا فليكس”. في أيام تغلت فلاسر الثالث (744-727) ذُكرت سبأ للمرة الأولى في النصوص الأشوريّة. ولا شك في أن هذا الاسم يدل على مملكة سبأ في الجنوب العربيّ. وتلقّى سرجون الثاني (721-705 ق.م.) هدايا من امير سبأي اسمه يتاع امارا. كما ارسل الملك كريبئيل السبأي هدايا لسنحاريب (704-680). نحن نجهل إن كان السبأيون قد امتلكوا اسواقًا تجاريّة في شمالي الجزيرة، كما امتلك المينيوّن فيما بعد في ددان أو العيلة اليوم. ويمكن ان يكون مركز المينيين في ددان قد سبقه سوق سبأي، لأن سبأ وددان ذُكرا معا في تك 10 :7ب. إن هذا النصّ يعود بنا إلى القرن السابع، إلى الوقت الذي فيه ذُكر ددان في ار 25 :23. واحتلّ نبونيد، ملك بابل (555-539)، ددان كما احتلّ تيماء وفدك ويديع وخيبر ويثرب (المدينة اليوم)، وهي مدن تقع كلها على طريق اللبان (أو البخور) التي تقود من العربيّة الجنوبيّة نحو الشمال. هذه الحرب بلبلت بلا شكّ التجارة السبأيّة. وفي الحقبة الفارسيّة، بدت تيماء المركز التجاريّ الدوليّ الذي منه تنطلق محاصيل العربية الجنوبيّة نحو بابلونية وسورية ومصر. ومن نتائج سقوط مملكة الاخمينيين، تبدّلات جديدة في المنطقة. ففي بداية الحقبة الهلنستية جعل المينيّون لهم مستوطنة في ددان التي ظلت مزدهرة في القرن 2 ق.م. ولكن التجارة انتقلت إلى أيدي الأنباط، وهم قبيلة من الشمال العربي انتقلت إلى حياة الحضر في أرض أدوم وكوّنت مملكة مزدهرة. 2) عرابية الشمالية. كانت عرابية الشمالية موطن العرب في المعنى الحصري للكلمة (إر 25 :24؛ خر 27 :21؛ 2أخ 9 :14؛ إش 13 :20؛ إر 3 :2). وتأثّرت اللغة العبرية بالاشورية فكانت لفظة “ع ر ف” التي منها تكوّن “ارفكشاد”، أقدم شهادة عن اللفظة في الاكاديّة تعود إلى بداية حكم شلمنصر الثالث (858-824). بما أن بني اسرائيل وبني يهوذا اتصلوا بقبائل الشمال العربيّ على مدّ تاريخها، يبدو من المعقول أن لفظة “عربي” استعملت في اللغة العبريّة مع استعمال أسماء القبائل المعروفة. فالمدوّنات الملكيّة الاشوريّة تجعل صفة “عربي” لأناس من قبيلة قيدار الكبيرة ومن قبيلة سومئيل التي هي اختلافة بسيطة لاسم اسماعيل، وابناء إديبائيل التي تشبه ادبئيل البيبليّة (تك 25 :13؛ 1أخ 1 :29)، وأبناء عيفة، تمود، إيباديدي، مرسيماني (هي مبسام في التوراة بسبب خطأ في الكتابة وضعت الراء موضع الباء. تك 25 :13؛ 1أخ 1 :29). غير أن هناك قبائل أخرى ربطتها النصوص الأشوريّة بالعرب، دون أن تسمّيهم بهذا الاسم بشكل واضح. هم أهل تيماء، مسّه، هم المعونيون (قبائل تحالفت مع العمونيين والموآبيين ضد يوشافاط في 2أخ 20 :1 حسب السبعينية، ثم تحالفت مع الفلسطيين والعرب ضد عزيا، 2أخ 26 :7) و نبايوت وخطيايا وبدانايا. نحن نجد عددًا من هذه القبائل بين ابناء اسماعيل الاثني عشر (تك 25 :13-15؛ 1أخ 29 :31). ينتج عن هذا أن النصوص تعطينا لائحة بالقبائل العربيّة والواحات التي عُرف اكثرها منذ القرن الثامن ق.م. أما العرب الذين تتحدّث عنهم فهم “بدو يرعون الجمال”، فيُجبرَون على قطع مسافات كبيرة جدًا بحثًا عن الماء والكلأ. فمن خيام الشتاء في النفود، إلى اماكن الانتجاع في الصيف في سورية الشمالية، كانت القبائل التي تربي الجمال تنتقل في طريق تمتد بين 600 و 800 كلم. ونعرف ان الشيخ العربي جندبو شارك سنة 853 في معركة قرقر مع ألف جمل. وكانت قبائل أخرى تتحرّك نحو الفرات، فتّتصل مع حضارات بلاد الرافدين. وهذه العلاقات الموسميّة مع المدن التي تجاور الفيافي، ما كانت تنحصر في عمل المقايضة الذي لا بدّ منه. بل كانت هناك مشاركة في شعائر العبادة واقتباس من هذا المعبد أو ذاك. ومع ذلك، ظل البدويّ متعلّقًا بأعرافه وعاداته. فالممارسة القديمة للمتريركية (أي الام هي رئيسة القبيلة أو البيت، لا الأب) تنعكس في الدور الذي أعطي لهاجر التي باسمها تسمّت مدينة هاجر. ثم ذُكرت ملكات عربيات عديدات (رج 1مل 10؛ ونصوص أشوريّة) : “زبيبة” ملكة قيدار وعرابية حوالي سنة 738. “شمشي” ملكة عرابية سنة 733. “يطيعه” ملكة عرابية سنة 703-702. “تالخونو” ملكة عرابية سنة 681. شكلت هذه الملكات أعلى سلطة مدنيّة وروحيّة في القبائل. فقد كُنَّ كاهنات، وهي وظيفة تذكرها النصوص الاشوريّة بلقب أرامي (كومرتو) أو عربي افكالاتو الذي يعود أصله إلى بلاد الرافدين. وان هذه الكاهنات الملكات قد أقمن على ما يبدو في واحة دومة، دومة الجندل، التي ارتبطت بالاسلام مع خالد بن الوليد، وهي اليوم الجوف التي تبعد 450 كلم إلى الشرق من خليج العقبة. هي الواحة المذكورة في تك 25 :14؛ 1أخ 1 :30؛ إش 21 :11، قد احتلّها سنحاريب وسبى كاهناتها وآلهة العرب. غير ان أسرحدون ردّ الآلهة إلى حزائيل ملك عرابية الذي خلف الملكة تالخونو. عند ذاك صارت “تبوعة” الملكة وكاهنة الالهة مع الاله الكوكب عطّار السماوات. أما سائر آلهة عرابية الشماليّة المذكورة في ذلك الزمن فهي الالاهة المرضع (داية) والالاهة الشمس “نوهاية”، واله الحرب “روضايو”، وإله الخصب “ابير إلو” اما عطار قوروما فكان تجلّيًا ثانيا للاله الكوكب (عطارد). في القرن السادس ق.م. تبدّل المركز السياسيّ والدينيّ في عرابية الشماليّة، فصار في تيماء حيث أقام نبونيد، ملك بابلونية، عشر سنوات بعد ان احتلّ تلك الواحة. ومع ذلك، ظلت قبيلة قيدار أقوى القبائل. وسُمّي شيوخها “ملوكًا”، وقد ظلوا ناشطين جداً في الحقبة الاخمينية الفارسية. وكانت لهم حامية في فيتوم التي هي اليوم تل المشخوطة. ويبدو أن الانباط كانوا عشيرة قيداريّة أقامت في منطقة تيماء كما يقول بلينوس الأكبر : “ان الاقدمين ربطوا الانباط بأهل تيماء” (التاريخ الطبيعي 157). وقد احتفظ تر يون حول خر 27 :21، على ما يبدو، بتذكر تاريخيّ حين ترجم “كل أمراء قيدار” بـ “كل الوجهاء الانباط”. فمنطقة النبطيّة كانت قد امتدّت حتى دمشق. وفي الشمال تركت عددٌ من العشائر العربيّة حياة البدو وأقامت في تدمر حيث شاركت في تفتّح الحضارة الهلنستيّة الانتقائية التي عرفتها هذه الواحة منذ القرن الاول ق.م. حتى القرن الثالث ب. م. وفي شمال بلاد الرافدين، أي في الشمال الغربي للموصل، اسّس العرب مملكة هترا (الحضر اليوم)، وهي حاضرة ازدهرت في القرن 2-3 ب.م. كان ملوكها خاضعين للفراتيين فأخذوا لقب “ملك عرابية”.
فارس:
قبيلة إيرانيّة. تأسّست في أيام كورش مملكة فارسيّة سيطرت على الشرق الأوسط من سنة 539 إلى سنة 333 ق.م. يظهر في التوراة اسم “فرس” للمرّة الأولى في حز 27 :10؛ 38 :5. ونجده خاصة في عز، نح، دا. أولاً : التاريخ. لا نعرف الكثير عن التاريخ القديم لماداي وفارس (أي إيران). فالكتابات الأشوريّة لا تذكرهم (جيران في الشرق) إلاّ صدفة. ثمّ إنّ المراجع الفارسيّة تكاد تكون معدومة. يقول العلماء إنّ الفرس جاؤوا من تركستان وسيطروا تدريجيًّا على السلطة السياسيّة في إيران. لم يكونوا دولة موحّدة في البداية بسبب طبيعة البلاد المكوّنة من بعض الواحات الهامّة. أمّا أوّل تنظيم سياسيّ فكان عمل المادايين. وصلت إلينا هذه المعلومات لا من المراجع الإيرانيّة بل من الوثائق الأشوريّة واليونانيّة (هيرودوتس، اكتاسياس). مؤسّس المملكة هو سياحار (حوالي سنة 700). وارتفعت تدريجيًّا سلالة أخرى هي سلالة الأخمينيّين وتقوّت خاصة في المنطقة التي ستُبنى عليها برسابوليس. وُلد كورش (538-529) في انشان فقهر المادايين الذين يقودهم استياجيس واحتلّ بابل فصار سيّد المملكة البابليّة الجديدة ومؤسّس مملكة الأخمينيّين. معلومات هذه الحقبة تعود إلى الكتابات البابليّة الجديدة، إلى كتابات كورش وداريوس، إلى التوراة (عز، نح، دا). وإنّ تكوين المملكة الفارسيّة حسّن مصير المسبيّين من يهوذا فاستطاعوا أن يعودوا إلى بلادهم التي صارت مقاطعة فارسيّة. ومات كورش خلال معركة حربيّة سنة 529. وقبل أن نذكر خلفاء كورش، نقول كلمة عن فلسطين خلال الحكم الفارسيّ. عادت الجماعة اليهوديّة من بابل، وأعادت تنظيم صفوفها، فبنت الهيكل ثم أسوار أورشليم. على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، تُقسَم هذه الحقبة قسمين : خلال قرن من الزمن، وإذا وضعنا جانبًا فترة عابرة (520-515) كان فيها زربابل، الامير الملكي، حاكم اليهوديّة، كانت أورشليم وجوارها جزءًا من مقاطعة السامرة الفارسيّة التي كانت بدورها جزءً ا من مرزبة غربي الفرات. تبدّل هذا الوضع سنة 445 أو 385 (رج نح 2 :1) حين وصل نحميا إلى أورشليم وعُيِّن حاكمًا. صارت يهودا مقاطعة مستقلّة في الامبراطورية، فكان لها ختم خاص بها (ي هـ و د ا)، وظلّت النقود الفضيّة مع اسم الحاكم (مشلا : حزقيا فحه). عادت البلاد إلى العبريّة لترتبط بمملكة يهوذا في أيام داود وسليمان، مع أنها صارت صغيرة جدًا. أمّا خلفاء كورش فكانوا الملوك الآتية أسماءهم : 1) قمبيز (529-522) ابن كورش. لا يذكره العهد القديم. يقول دا خطأ إنّه داريوس المادايي. نظّم المملكة الكبيرة وقسّمها 20 مرزبة. فُصلت سورية وفلسطين أداريًّا عن بابلونية. وكوّنتا المرزبة الخامسة المقسّمة إلى محافظات (أو مدن) على رأسها حاكم (فحا). نعرف مقاطعات شمراين (السامرة)، يهود (يهوذا)، أشدود، دور، عرابية، أمنون. 2) داريوس الأوّل (522-486). 3) احشويروش (486-265). 4) ارتحششتا الأول (464-424). هو المذكور في عز، نح. 5) داريوس الثاني (423-405) لا تذكره التوراة ولا تذكر خلفاءه. 6) ارتحششتا الثاني (404-359). 7) ارتحششتا الثالث (359-338). في أيامه سقطت مملكة فارس بيد الاسكندر المقدونيّ بعد معركة إيسوس. أما مراجعنا لهذه الحقبة فالكتابات الفارسيّة وضرائب قصرَي برسابوليس وشوشن والمؤرّخون اليونانيّون (هيوردوتس، بلوترخس، سترابون). رج الفرس الأخمينيين. ثانيًا : الحضارة. (أ) اللغة والأدب. تنتمي اللغة الفارسيّة إلى مجموعة اللغات الآريّة أو الهندوأريّة من العائلة الهندو اوروبية. وهي تتضمّن الفارسيّة القديمة، الفارسيّة المتوسّطة (زند)، لغة الأفستا. بقيت لنا الفارسيّة القديمة في كتابات دوّنت بالحرف المسماري القديم الذي هو تبسيط للحرف السومريّ. استُعملت هذه الكتابة، على ما يبدو، قبل داريوس الأول. وتكوّنت الأفستا من بقايا التقليد الأدبيّ والدينيّ لدى الإيرانيّين. دُوّنت مرّة أولى في القرن الأول ب.م. وأعيد تدوينها في أيام أرداشير الأول (224-240) وصارت قاعدة وقانونًا في أيام شهبور الثاني (منتصف القرن الرابع). (ب) الديانة. كان الإيرانيّون القدماء يعبدون الآلهة الآريّين (اندرا…). وكان المجوسُ الكهنةَ المرتبطين بالعبادة التي أسّسها زرداشت الذي كرز بتوحيد ثنائي. أهورا مزدا (الشكل لدى المادايين. عند الفرس : أورمزدا) هو الرب العاقل والسيّد السامي. خصمه هو الروح الشرّير : انجرو ماينيوس (اهريمان) الذي يجسّد آلهة الديانة القديمة. يُعبد أهورا مزدا على أنّه خالق الكون وحافظه. وهو يطلب من عباده الحق والرحمة. والذين يتبعونه يصلون إلى درجة سامية من الكمال. إنّهم ينتظرون العقاب أو الثواب في هذه الدنيا وفي الآخرة التي يصلون إليها بعد الدينونة. حينئذ يهبطون إلى الظلمة أو ينالون الخلود والغبطة في أهورا مزدا. إذًا تنشد هذه الديانةُ عقلانيّة أخلاقيّة مطبوعة بالطابع الاسكاتولوجي. ويخضع لاهورا مزدا الجن “اميشا سفننا” (الملائكة في العالم اليهوديّ). فارش ابن ماكير ومعكة. من منسى (1أخ 7 :16). فارص : الثلمة. رج تك 38 :29. ابن يهوذا. والد فارص من زنى يهوذا مع كنته تامار الكنعانيّة. كان توأم زارح (تك 38 :27-30؛ را 4 :12) وهو خامس أبناء يهوذا (تك 46 :12؛ 1أخ 2 : 3-4؛ رج 4 :1). كان لفارص ابنان : حصرون، حامول (تك 46 :12؛ عد 26 :21؛ 1أخ 2 :5). وسُمّي نسله عشيرة الفارصيّين (عد 26 :20. نقرأ سلالة فارص حتى داود في را 4 :18-22؛ رج 1أخ 2 :5، 10-15؛ مت 1 :3-6؛ لو 3 :31-33). فارص هو جد داود عبر الحصرونيّين (را 4 :18-22). بعد المنفى عادت العائلة من العشيرة الحصرونيّة وأقامت في أورشليم (نح 11 :4، 6؛ 1أخ 9 :4). وفي أيام داود كان ياشبعام الفارصي قائد الفرقة الأولى في جيش داود (1أخ 27 :3).
فرات (الـ):
في الأكادي : فوراتو. الفرات هو أكثر الأنهر المشهورة في آسية السابقة. يتكوّن من رافد الفرات الغربيّ الذي ينبع قرب أرزاروم ويحمل اسم كرسو، ومن رافد الفرات الشرقيّ المسمّى كرانا. ينضمّ كراسو إلى كرانا قرب مليد. يعبر الفرات تشعّبات جبل طورس ويدخل في بلاد الرافدين العليا قرب تل برشيف ويتوجّه نحو الجنوب حتى تفساح ثمّ نحو الجنوب الشرقيّ إلى أن يصب في الخليج الفارسيّ قرب إريدو (اليوم : ينضمّ إلى دجلة قبل أن يصبّ في الخليج). روافده هي : باليخو، خابورو (الخابور)، ساغورو. على مدّ الزمن غيّر النهر مجراه بحيث إن مدنًا عديدةً لم تعد واقعة على ضفافه (سفّار، مقور، سوروفاك، أوروك، لارسا، أور، اريدو، بابل). في التوراة يسمّى الفرات مرارًا “النهر” أو النهر الكبير. في تك 2 :14، الفرات هو أحد أنهر الفردوس. في إر 13 :4-7، قرأت الترجمات القديمة “الفرات”. ولكن هناك من يقول إنّ النص يعني بلدة في بنيامين هي عفرة المذكورة في يش 18 :23 والتي هي اليوم تل فاره أو وادي فاره التي تقع جنوبيّ شرقيّ أورشليم.
فلسطين:
اولا : الاسم. هي الارض البيبلية أي المناطق الواقعة غربي الاردن وشرقيه، مع أنه لم يحدث في أي وقت من التاريخ أن تسمّت هاتان المنطقتان باسم واحد. ففي سنة 1919 جعل الانتداب الانكليزي اسم فلسطين لكل ما هو غربي الاردن، وترك شرقي الاردن فجعله دولة الاردن. فهو بذلك اقتدى بالرومان الذين اعطوا، بعد سحق الثورة اليهودية الثانية سنة 135 ب.م. اسم سورية الفلسطينية لمنطقة تقع كلها غربي الاردن. هذه المقاطعة الجديدة حلت محل يهودية هيرودس (نجده في 1مك 9 :1، 10). ان الطابع المصطنع للاسم الروماني (فلسطين) يظهر في أنه يشتق من العبرية فلست (ارض فلشتيم ارض الفلسطيّين). وإن المؤرخين اليونانيين (مثل هيرودوتس) دلوا به على رقعة ضيقة من السهل الساحلي يوافق ارض اتحاد الفلسطيين مع مدنهم الخمسة. إن المناطق الواقعة غربي الاردن وشرقيّه، تسمّت بأسماء خاصة في العهد القديم : كنعان وجلعاد. يفصل بينهما نهر الاردن (تك 10 :19؛ عد 33 :51؛ 34 :2؛ يش 22 :9). دلت كنعان على القسم الاكبر من أرض الموعد. ولكن هذا الاسم دلّ مرات عديدة على البلاد كلها (تك 17 :8). واننا نجد جلعاد في مدلولات مختلفة وبحدود ضيقة (تث 3 :10؛ يش 13 :11؛ قض 10 :7، 18). ثانيا : الحدود والمساحة. مساحة فلسطين أقل من 25000 كلم مربع اذا لم تُعدّ منطقة شرق الاردن الكبيرة والصحراوية التي لا تصل إلى خليج العقبة ولا المناطق الصحراوية الاخرى الواقعة شرقي المناطق المأهولة في شرقي الاردن. تضيق البلاد غربي الاردن من 150 كلم في الجنوب إلى 30 كلم في الشمال. اهم المدن (في الماضي واليوم) : اورشليم (القدس)، ربة (عمان) تفصلهما طريق تزيد قليلا على 100 كلم. ولا تبعد اورشليم إلاّ 80 كلم عن حدود الصحراء في الجنوب قرب بئر سبع. يعتبر العهد القديم الحدود الجنوبية خطاً ينطلق من نقطة واقعة جنوبي غزة (وادي العريش، نهر أو سيل مصر) عبر واحة قادش (عين قديس) إلى نقطة بحر الميت الجنوبية. ومن هناك نحو الشرق (وادي الحصى او نهر زارد). ومدينة دان (تل القاضي) الواقعة عند منابع الاردن كانت تعتبر الحدود الشمالية للبلاد (من دان الى بئر سبع :قض 20 :1؛ 1صم 3 :20). ولكن في ايام الامتداد السياسي وصلت الحدود إلى جوار حماة (1مل 8 :65 ليبو حماة). وهناك بعض تعابير في التوراة (تك 15 :18) وتصاوير مفصلة للحدود (عد 34، حز 47)، تمدّ البلاد التي وعد بها الرب ابراهيم واسحق ويعقوب من نهر مصر حتى نهر الفرات (عد 32 :11). ثالثا : المناطق. جغرافيًا، تتألف فلسطين من قطع ارض متوازية تسير من الشمال إلى الجنوب. يشكّل القسم الغربي السهل الخصب الممتد بمحاذاة البحر المتوسط (عد 34 :6). أقصى عرضه (في الجنوب) : 40 كلم تقريبا وهو يضيق حين يتجه إلى الشمال. تميّز التوراةُ أرض الفلسطيين وسهل شارون. وتصل رقعة الارض في الشمال إلى ما وراء الكرمل، إلى سهل عكا، وبعد هذا تصل إلى لبنان. لن نجد نهرًا له اهميته يخرج من داخل البلاد ويصب في البحر المتوسط : نهر روبين، نهر العوجاء قرب يافا، نهر الزرقاء قرب قيصرية، نهر المقطع وهو قيشون المذكور في التوراة (الواقع شمالي الكرمل). وهناك تلال في الوسط تفصلها عن السهل الساحلي منطقةٌ تتمتع بطابع خاص بسبب انخفاضها : الشفاله او السهل. وهناك سهل العمق (او مرج ابن عامر) الذي سمته التوراة مرة (يه 8 :1) سهل اسد رامون (يزرعيل) ومرات “السهل الكبير” (1مك 12 :49). يسمّى الجبل بمجمله جبل الاموريين (تث 1 :7). يسمى القسم الجنوبي جبل افرايم (يش 17 :15). أما القسم الذي في الشمال والذي يسمّى الجليل فهو لا يعرف اسماً جغرافياً، لأن اسم “جبل السامرة” (إر 31 :5) وجبل نفتالي (يش 20 :7) ينطبق على أقسام من هذه المنطقة. اعلى قمة في الجنوب : قرب حلحول (1020م) قرب حبرون. وفي الشمال : جبل جرماق (1208). وشرقي قمم الوسط تمتد وادي الاردن العميقة (الغور العربة) وهي أعمق انشقاق ارض بدأ في طوروس (تركيا) وتابع طريقه (عبر البقاع اللبناني) إلى وادي الاردن وخليج العقبة والبحر الاحمر حتى البحيرات الكبرى في افريقيا الوسطى. على طول القسم الفلسطيني يجري نحو بحر الميت أهم أنهر فلسطين، الاردن. المنطقة التي تقع شرقي الاردن تشكل في الجنوب : موآب. في الوسط : عمون. وفي الشمال : باشان. يمرّ في هذه المنطقة ثلاث سواقٍ تصب في الاردن : في الجنوب ارنون، في الوسط يبوق، في الشمال يرموك (غير مذكور في التوراة). ووراء هذه الارض المأهولة تمتد الصحراء السورية العربية التي تسميها التوراة : ارض بني المشرق (تك 29 :1) والتي تعرف عشائرها وقبائلها. ووراء العربة وخليج العقبة وجنوبي البحر الميت، ترتبط هذه الصحراء “بالبرية الهائلة المخيفة” (تث 1 :19) هي شبه جزيرة سيناء التي تفصل مصر عن فلسطين. أما حدود فلسطين فتسمّى في التوراة : النقب. رابعا : السكان عبر التاريخ. وصلت الينا معطيات عن سكان فلسطين عبر اكتشافات الهياكل العظميّة في حفريات في اريحا، مجدو، بيت شان. في بداية الحقبة التاريخية أقام في فلسطين الساميون (كنعانيون، اموريون) وامتزجوا بعناصر محلّية او غريبة (غير سامية). وجاءت الحروب ونقل السكان والهجرات فمزجت الشعوب بعضها ببعض حتى لم يبق شعب واحد “نقياً”. وهكذا نكون امام مزيج من السكان ومن الحضارات. خامسا : الجغرافيا السياسية والتاريخ. السمة البارزة في تاريخ فلسطين السياسي هو تفتّت البلاد وتكوين دويلات صغيرة. وأقدم شكل لهذا الوضع هو نظام المدن وهذا ما نعرفه من خلال رسائل تل العمارنة ومن خلال التوراة حين احتلال ارض كنعان (يش 12). ضعفت مصر. تفتّتت البلاد، فصار احتلالها سهلا وسريعا. ولكن بسبب التناحر بين القبائل لم تتم الوحدة في فلسطين الا في حقبة قصيرة (الملوك الاولون) وبسبب تهديد الفلسطيين. ولكن ما إن ابتعد الخطر، حتى عادت البلاد إلى الانقسام مملكتين مستقلتين (929 ق.م.). الاولى : يهوذا التي ظلت أمينة لسلالة داود. الثانية : اسرائيل في الشمال التي امتدت صوب شرقي الاردن وخسرت طابعها الديني وانتهت في نزاعات داخلية. في نهاية القرن الثامن ضُمت فلسطين كلها (ما عدا يهوذا) إلى المملكة الاشورية المقسمة مقاطعات. ولم تحتفظ يهوذا وعمون وموآب ببعض استقلال إلاّ بعد أن دفعت جزية باهظة للمحتلّ. ولم يمض قرن من الزمن، حتى زالت مملكة يهوذا حين ضربها نبوخَذ نصر الملك البابلي (586 ق.م.). ودشّنت ولادةُ الدولة الفارسية بالنسبة إلى يهوذا، فترة بناء. ولكن لا مقاطعة “شمراين” في الشمال ولا “يهودا” في الجنوب تمتّعتا باستقلال سياسي حقيقي. كانت قسمًا كل منهما اداريًّا في المرزبة الخامسة، شأنهما شأن اشدود وعمون. كانت تضم قسما كبيرا من شرقي الاردن والمحافظة “العربية” التي ضمت جزيرة سيناء والنقب وأدومية العتيدة. بعد موت الاسكندر الكبير (323 ق.م.)، صارت فلسطين وسورية جزءا من مملكة بطالسة مصر. ولكن بعد معركة بانيون سنة 198، انتقلت فلسطين (غربي الاردن وشرقيه) الى ملوك انطاكية السلوقيين وضمَّت إلى البقاع وفينيقية. وتوسعت يهودا (او اليهودية) على حساب السامرة (1مك 10 :30؛ 11 :34)، وكوَّنت وحدة مع قسم من الجليل (القسم الباقي كان ملك المدن الفينيقية في الساحل). شكلت المنطقة الساحلية (يملكها بطليموس) الممتدة حتى حدود مصر مقاطعة “براليا” (الساحل : 1مك 15 :38). وسميت المنطقة الشمالية لشرقي الاردن : جلعادية (1مك 5). ولما ضعفت قوة السلوقيين، استطاع المكابيون أن يوحدوا الاراضي الواقعة شرقي الاردن وغربيه (165-134). ولكن النهضة السياسية والدينية لمملكة داود القديمة تعثّرت بسبب خلافات الحشمونيين الداخلية وتدخل الرومان الذين وصلوا الى آسية. وإن مقاطعة سورية التي كوّنها بومبيوس سنة 63 ق.م. ضمّت فلسطين كجزء من الامبراطورية الرومانية. وان القسم الاكبر من البلاد جُمع من جديد تحت صولجان هيرودس الكبير. ولكن هذا الملك الادومي الاصل مارس سلطته تابعا لرومة. وحين مات قُسمت مملكته. اتخذ ارخيلاوس اليهودية (مع ادومية) وانتيباس السامرة والجليل وبيرية (ما عدا ديكابوليس او المدن العشر التي كوّنها بومبيوس) وفيلبس تراخونيتيس والجولان وبتانية وحوران (مع ايطورية). بعد ان عُزل ارخيلاوس، تسلّم أرضَه والٍ روماني سنة 6 ب.م. وفي ايام يسوع كان هذا الوالي بيلاطس البنطي (26-36). وظل هيرودس انتيباس (يُذكر في الانجيل بمناسبة آلام يسوع، لو 23 :7) في الحكم حتى سنة 40 وفيلبس حتى سنة 34. من سنة 41 إلى 44 توحّدت أجزاء البلاد بقيادة اغريباس الاول (حفيد هيرودس الكبير) الذي بنى أسوار اورشليم القديمة. بعد موته، حكم الولاة الرومان المناطق الجنوبية حتى الثورة اليهودية الاولى سنة 66. سحقها تيطس سنة 70 ودمّر مدينة اورشليم. ثمّ سحق ترايانس ثورة يهودية في الشتات. كل هذا قاد البلاد إلى مسيحانية كاذبة وثورة يهودية ثانية بقيادة ابن الكوكب (132-135). أُخذت اورشليم مرة ثانية ودمِّرت تدميرا كاملا وبُني فوقها اياليا كابيتولينا.
قبرص:
جزيرة في البحر المتوسط. تستعمل البيبليا هذا الاسم للمرة الأولى في 2مك 10 :3 وهي تتحدّث عن زمن البطالسة الذين كانت الجزيرة تخصّهم. احتلّها أنطيوخس الرابع وأقام فيها مدّة من الزمن حوالي سنة 168 ق.م. (2مك 4 :29؛ 10 :3؛ 12 :2)، ثم احتلّها الرومانيّون سنة 58 ق.م. كانت قبرص أولاً مقاطعة متعلّقة بالأمبراطور. وفي سنة 22 ارتبطت بمجلس الشيوخ وحكمها قنصل (أع 13 :7). أقام يهود في قبرص (1مك 15 :15-23) ومنهم برنابا (اع 4 :36ي) ومناسون (أع 21 :16). حمل المسيحيّة إلى قبرص أشخاص هربوا من أورشليم (أع 11 :19ي). زار بولس وبرنابا الجزيرة خلال الرحلة الرسوليّة الأولى (أع 13 :4-13). ثمّ زارها برنابا ويوحنا مرقس (اع 15 :39). مدن قبرص المذكورة في البيبليا هي : سلامينة (أع 13 :5)، بافوس (أع 13 :6-16). هذا في الكتاب المقدس. فماذا يقول التاريخ عن هذه الجزيرة؟ ثالث جزر البحر المتوسط بكبرها (227 كلم طولاً، 95 عرضًا). يشرف عليها جبل ترودوس البركانيّ (1953م) وجبال بنتادكتيلوس. مناخها حار وصيفها لطيف. منذ القديم، اشتهرت بخصبها وغنى معادنها ولاسيّمَا النحاس (سترابون 4 :6). فسُمّيت “جزيرة ألف عطر”. كانت قريبة من آسية الصغرى (تبعد 65 كلم عن شاطئ كيليكية) والشاطئ السوريّ الفينيقيّ (95 كلم)، فشكّلت موقعًا مميّزًا للتبادل التجاري، وعرفت مزيجًا من السكان والحضارات. كانت مأهولة في العهد النيوليتي (الألف السادس). في البرونز الوسيط، سيطر عليها التأثير الشرقيّ والمصريّ. أما في البرونز الحديث فعالمُ اليونان بتجارته. عند ذاك دخلت اللغة اليونانيّة والكتابة المقطعيّة (مقطع الصوت، لا الحرف). في القرن التاسع، حلّ الفينيقيّون في شرقيّ الجزيرة. في نهاية القرن 7، سيطر عليها الأشوريّون. وبعد ذلك الفرس. وسنة 332، انضمّت إلى الاسكندر المقدونيّ. بعد موت الاسكندر، صارت مُلك اللاجيّين، ووجد السلوقيّون فيها المرتزقة الذين جعلوهم في جيشهم. سنة 169 احتلّها أنطيوخس الرابع وأجبِر على استردادها بسبب ضغط الرومان. ضمّتها رومة سنة 58 ق.م. إلى كيليكية. بعد هذه النظرة السريعة، نتوقّف عند تاريخ هذه الجزيرة في خمسة مقاطع : اتصال قبرص بالشرق. التأثير الفينيقي. السيطرة الأشوريّة والمصرية. الحقبة الفارسيّة. الحقبة الهلنستيّة. وننهي كل هذا بنظرة إلى الثقافة والدين. 1) علاقات قبرص بالشرق. تعود هذه العلاقات إلى النيوليتي (العصر الحجري الحديث). وما يدلّ على ذلك مناجم خيروكيتيا التي جاء سكانها من سورية حوالى سنة 7000 ق.م.، ومناجم كالافاسوس تنتا. ما شُيّد في ايريم، لمبا، كالافاسوس، يدلّ على التطوّر السريع في الحضارة القبرصيّة، خلال الحقبة الكلكوليتيّة (أي الانتقال من العصر الحجري إلى العصر البرونزي). كانت علاقات مع أناتولية التركيّة استعدادًا لحقبة البرونز، فصدِّر النحاس إلى بلاد الرافدين بواسطة المدن السوريّة. جاءت الوثائق عديدة في البرونز الحديث بسبب الاكتشافات الفنيّة في أنكومي، قرب سلامينة، وكيتيون، وهلا سلطان تكّي، وبالاي بافوس، ومواقع أخرى. عُرفت قبرص في ذلك الوقت باسم “ألاشية” وأقامت علاقات تجاريّة ودبلوماسيّة مع أناتولية (الأناضول)، بحر ايجه، مصر، سورية وفلسطين. ولكن الحضارة الساطعة في القرن 15-13 قد انقلبت سنة 1225 ق.م. بدخول أهل ايجه ثمّ أهل أخائية الهاربين من البلوبونيز بعد دمار المراكز الميسينيّة في أرض اليونان. وجاءت اكتشافات تلقي ضوءًا جديدًا على هذه الحقبة الصعبة من تاريخ قبرص : فهناك نصّ حثّي من شوفيلوليوما الثاني (1200 ق.م.) يتحدّث عن ثلاثة لقاءات مع “أعداء ألاشاية” و”سفن ألاشية”. ولكن ليس الموضوع ملك قبرص بل مجتاحون من أخائية استوطنوا جزءًا من الجزيرة منذ القرن 13. إليهم تشير رسالة قيّم قبرص العظيم إلى ملك أوغاريت، تعلمه بأن عشرين سفينة عدوّة أبحرت إلى هدف مجهول. انتصر اليونان في قبرص، بحيث صارت اللغة اليونانيّة محكيّة في قبرص في القرن 11 كما تقول لائحة أبجديّة وُجدت في بلايبافوس. وظهر الطابع الايجاوي (بحر إيجه) للجزيرة ولا سيّمَا على مستوى الفخاريّات. فالفخاريّات والهندسة دلّت على أنّ قبرص دخلت حقبة جديدة بين سنة 1200 وسنة 1050، فأقام فيها شعب جديد. وحدث تدمير على أثر ظاهرة طبيعيّة أو اجتياح جديد سنة 1075، فتراجع سكان الجزيرة القدماء إلى بعض المناطق وظلّوا يتعاملون بلغتهم حتى الزمن الهلنستي. كانت مواقع قد هُدمت مثل انكومي وكيتيون، فعاد السكّان إليها. وفي السنة 1050-950، نحن أمام فترة ظلام بعدها سيدخل الفينيقيّون إلى الجزيرة. 2) التأثير الفينيقيّ. من القرن 10إلى القرن 8 ق.م. هذه الحقبة السابقة للسيطرة الأشوريّة، هي حاسمة بالنسبة إلى انطلاقة المراكز الفينيقيّة التي بدأت مع اتصالات قديمة بالجزيرة، ومع الانتشار الفينيقيّ في الغرب. ولقد اتّفق الشرّاح على تحديد تاريخ إقامة الفينيقيّين في قبرص سنة 900. وما يدلّ على ذلك اللغة والكتابة. فهناك مدوّنة جنائزيّة تعود إلى بداية القرن 9 وتدلّ على أنّ الفينيقيّين الذين أقاموا سنة 900 في قبرص احتاجوا أن يملأوا مدفن أحد الوجهاء بدعوات على من يتجاسر ويتعدّى على القبر. دوِّن هذا النصّ في لغة فينيقيّة وكتابة فينيقيّة. منذ ذلك الوقت كان تمركزُ الفينيقيّين في الجزيرة واسعًا. وهناك أيضًا وثيقة فينيقيّة في ظاهرها تعود إلى سنة 850-750، من خيروكيتيا (تبعد 20 كلم إلى الشرق من أماتوس)، ومدوّنة فينيقيّة على إناء، تعود إلى القرن 9، وقد وُجدت في سلامينة جرّة فينيقيّة تتضمّن عظام طفل. وفي بلايوبافوس، دلّت مدوّنة ثالثة على انتشار الكتابة الفينيقيّة. ورابعة في كيتيون (سنة 800). وما اكتفى الفينيقيّون بالإقامة في موضع واحد، بل توزّعوا على عشرين موضعًا في الجزيرة : سوق تجاري، مستوطنة، حصن، أو مدينة مملكة. إذا كانت لفظة “م ل ك ت” على نصب نورا المهداة للاله فوماي، تدلّ على “ملك كيتيون”، فهذه المدينة كانت “دولة” فينيقية في القرن 9، أي في حقبة أولى المعابد الفينيقيّة في حي بامبولا، وفي زمن إعادة بناء الهيكل الكبير في حي كاتاري. في القرن 8، وحوالى سنة 735، قرطاجة قبرص هي مدينة، فيها مستوطنة تحت إمرة حاكم (س ك ن) أرسله حيرام الثاني، ملك صور. ثارت كيتيون ولكنّها عادت تخضع للومي ملك صيدون كما يقول يوسيفوس في العاديات (9 :284). ودلّت مقابر الأمراء في سلامينة على الأثر الفينيقيّ في الجزيرة. ووجود مدن ممالك في قبرص، برز في نهاية القرن الثامن بمدوّنات سرجون الثاني (721-705)، ساعة اتّصل الأشوريّون للمرّة الأولى بقبرص. تشير النصوص إلى “سبعة ملوك يا” وهي منطقة يادنانا التي هي اسم قبرص. 3) السيطرة الأشوريّة والمصريّة. من القرن 8 إلى القرن 6 ق.م. افتخر سرجون الثاني بأنّه تلقّى خضوع ملوك قبرص، البلد الذي لم يسمع به أسلافه (نشو 284). هذا ما تقوله المسلّة التي نُصبت سنة 707 في كيتيون التي كانت عاصمة السلطة الأشوريّة في قبرص. أبقى الأشوريّون على المدن الممالك التي كانت عشرًا سنة 673 حسب لائحة التابعين لأسرحدون في قبرص وأشور بانيبال (نشو 291ب، 294). نلاحظ أن ملوك إيداليون وخيزوي وبافوس وتنولوي وكوريون وتماسوس وليدرا تسمّوا باسم يونانيّ. ونقول الشيء عينه عن ملك نوريا، ماريون. أمّا قيش، ملك سلامينة، ودوموزي، ملك قرطاجة، فاحتفظا باسم فينيقيّ. إذا كانت المعلومات حول وصول النيوبابلونيين إلى قبرص قد غابت، فإنّ هيرودوتس (2 :182) يشير إلى احتلال الجزيرة على يد الفرعون أماسيس (568-526) الذي فرض عليها الجزية (ديودورس الصقلي، المكتبة التاريخيّة 1 :68). 4) الحقبة الفارسيّة (القرن 6-4). خضعت قبرص لقمبيز (529-522) سنة 526/525. ولكنّها انضمّت إلى الثورة الإيونيّة سنة 99 /498 (ما عدا أماتاتونتس، هيرودوتس 5 :104). احتلّ الفرس الجزيرة مرّة ثانية سنة 498 بعد أن حاصروا المدن الثائرة ولاسيّمَا سولومي وبافوس (هيرودوتس 5 :108-116). وخلال الحرب الفارسيّة اليونانيّة، راح القبارصة تارة مع الفرس وطورًا مع اليونان. سنة 480 قدّموا 150 سفينة إلى اسطول احشويروش الأول. ولكن باوسانياس ثار على الفرس سنة 478-470، ولا سيّمَا في ايداليون. فحاصرها الفرس بمساعدة الفينيقيّين في كيتيون. وهكذا زالت مملكة إيداليون وضُمّت إلى كيتيون التي ابتلعت أيضًا مملكة تاماسوس. وفعل الأخمينيّون كما سبق للأشوريّين أن فعلوا، فاستندوا في القرن 5-4 إلى العنصر الفينيقيّ في الجزيرة (وقد كان قويًّا جدًّا في كيتيون). وفي أي حال، كيتيون هي في يد الفرس خلال معركة أوريميدون سنة 468. وقام الاثينيّون بحملة جديدة على قبرص سنة 460. ثمّ سنة 450. فاحتلّوا ماريون وحاصروا كيتيون وأخضعوا سائر المدن. ولكن مات قائدهم تيمون، وحلّ الجوع بالجنود، فتركوا الحصار سنة 449. وظلّت قبرص خاضعة للأخمينيّين حتى ارتقاء افاغوراس الأول العرش سنة 412، فطرد الفينيقيّ عبد أمون من سلامينة. ولكن هُزم أفاغوراس رغم مساعدة اليونان والمصريين له، فقوّت موقع السلالة الفينيقيّة في كيتيون. والثورة المعادية للفرس التي قام بها تسعة ملوك قبارصة بمعاونة ثورة قام بها تبنيت الثاني في فينيقية، كان أمدها قصيرًا. سنة 333، انضمّت قبرص إلى الاسكندريّة وشارك أسطولها في حصار صور. 5) الحقبة الهلنستيّة. بعد موت الاسكندر انتقلت قبرص إلى حكم انطيغونيس ثمّ بطليمس الأول (113-110) الذي ألغى المدن الممالك. احتلّ ديمتريوس الأول الجزيرة سنة 306، فاستعادها بطليموس الأول سنة 295/294. وستظلّ قبرص خاضعة للاجيّين حتى سنة 58 ق.م. إذ ضمّتها رومة إلى ممتلكاتها وربطتها بمقاطعة كيليكية. على أيام اللاجيّين، حاول الحكّام فرض الثقافة الهلينيّة. ولكن المدوّنات دلّت على حضور الفينيقيّة في الجزيرة. وزينون ابن كيتيون هو فينيقيّ وهو ينتمي إلى الطبقة المتعلّمة في الجزيرة، بل الوجهاء. وظلّت أسماء العلم الفينيقيّة حاضرة في الجزيرة حتى القرن 4 ب.م. في آلام الشهداء القبارصة. 6) الثقافة والدين. كان التأثير الفنيقيّ واضحًا في اللغة والكتابة، في كاسات ايداليون المعدنيّة، والأثاث الرفيع المطعّم بالعاج والملوّن في مدافن سلامينة، والفخاريّات في أماتوس… والهندسة الموجودة في مقابر أمراء تاماسوس وكيتيون وغولغوي وتربيزا (قرب سلامينة)، تنبع من الهندسة الفينيقيّة في القرن 9-7 التي نجد آثارها في السامرة أو رامة راحيل قرب أورشليم. ونقول الشيء عينه عن زينة البيوت. أما الدين فنجد تعابيره من خلال الالهة التي عُرفت في قبرص : بعل، أشمون، ملقارت، رشف، عشتار، غات. وهناك آلهة قبرصيّة فينيقيّة مثل : فوماي، سَسم.
كريت في العبرية:
كفتور. اكبر الجزر اليونانية. تقع في القسم الشرقي من البحر المتوسط. سكنها أناس متنوّعون عبر العصور. أقدم حضارة وصلت إلينا (من بداية الالف الثالث إلى منتصف الالف الثاني) هي الحضارة المينوسية (الملك مينوس. الحضارة السابقة للهلينية) مع مدن مشهورة مثل : كنوسوس، غورتينس، ماليا، فايستوس، هاجيا تريادا. حوالي سنة 1400 ق.م.، احتل الاخائيون الجزيرة وخربوها وكذا فعل الدوريون بعدهم ببضعة قرون. بعد هذا نجد التأثير الفينيقي. في العهد الهليني والروماني كان في الجزيرة بعض اليهود (1مك 15 :23؛ أع 2 :11؛ تي 1 :10-14). في سنة 67 ق.م. صارت كريت مقاطعة رومانية مرتبطة بمجلس الشيوخ. وفي سنة 27 ق.م. ضمَّت إلى مقاطعة القيروان (ليبيا). اشتهر الكريتيون بأنهم رماة الأقواس، وقد خدموا في الجيوش كمساعدين (1مك 10 :67؛ 11 :38). ولكن شهرتهم كانت سيّئة فيما عدا ذلك. فقد قال الشاعر ابيمنيديس عنهم : كذابون، وحوش، بطون كسالى (تي 1 :12). ومن كذبهم أنهم يؤكدون أن مدفن زوش عندهم. وأمّا زوش الذي يعبدون فليس عظيم الالهة، بل اله الخصب الذي عرفته الحضارة السابقة للهلينية. زار بولس الرسول كريت خلال سفره إلى رومة (اع 27 :7-21). وذُكرت في هذه المناسبة : فينكس، الموانئ الصالحة، لسائية. رج تيطس. كريتوت أي القطع، الحرم. المقال السابع في نظام قدشيم في المشناة. يتألّف من ستة فصول تعالج التجاوزات التي تستحقّ الحرم أو القطع من الجمع. اما “كرت” فتدلّ على موت قبل الوقت “بيد السماء”. وتحصي المشناة 36 تجاوزًا تستحق القطع. ويقول ابن ميمون : يُقطع الانسان من هذا العالم، وتُعزل نفسه في العالم الآتي. هذا الموضوع سيتوسّع فيه التلمود وتوسفتا.
ليبيا:
أو ليبية. بلد تقع غربي مصر وقرب قيريني. جاء يهود من تلك المنطقة إلى اورشليم في أول عنصرة مسيحية (اع 2 :10). ماذا يقول التاريخ الدنيويّ عن ليبيا ؟ في الفينيقية : ل و ب ي م (الليبيون). يشتق اسمها من قبيلة “ليبو” المذكورة في النصوص المصرية وفي التوراة (لباييم في تك 10 :13؛ 1أخ 1 :11؛ لوبيم في نا 3 :9؛ 2أخ 12 :3؛ 16 :8؛ دا 11 :43). أقامت قبيلة ليبو عند شاطئ البحر المتوسط، وغربي دلتا النيل. ولعبت دورًا لا يُستهان به في تاريخ مصر الفرعونيّة. منذ الحقبة التينيّة (نسبة إلى تيس أو البرباح التي هي مدينة صعيدية، تبعد بضعة كلم عن ابيدوس، وقد خرجت منها السلالتان الأولى والثانية، 3200-2780 ق.م.)، توجّهت حملات على الليبيين الذين شكّلوا تهديدًا خطيرًا لمصر ولا سيّما في القرن 13-11. وفي النهاية تأسّست سلالة ملكيّة ليبيّة (الثانية والعشرون) مع شيشانق الاول، في القرن 10 ق.م. في القرن 8، حكم امراء (مسّ أي : سيّد، أسياد) ليبيون مقاطعات مصريّة عديدة. في ذلك الوقت، قال هوميروس في الالياذة (4 :85-90) : “ليبيا حيث تنبت قرون للحملان منذ ولادتها، حيث تضع النعاج صغارًا ثلاث مرات في السنة : من الأمير إلى الراعي، كلٌّ له ما يكفيه من الجبن واللحم واللبن”. هل تطبّق هذه الصورة الجميلة على منطقة خاصة؟ لا جواب. فإن “ليبوي” تقابل لدى اليونان (هيرودوتس 2 :16) افريقيا الشمالية كلها، بدءً ا من غرب النيل. تحدّث اكسينوفون (مذكرات 2 1 :10) عن الليبيين الذين “يُحكمون” والقرطاجيين الذين “يَحكمون”. هذا يدلّ على علاقات بين الشعبين، وقد يكون الليبيون من المرتزقة في جيش قرطاجة (رج حرب المرتزقة التي حركتها رومة على قرطاجة، وكان الليبي “متان” أو “متو” أحد القوّاد فيها. دامت هذه الحرب ثلاث سنوات). في بعض النصوص اليونانيّة، ضمّت ليبيا مصر والحبشة، مثلاً في رحلة نكو حيث يقول هيرودوتس (4 :42) إن المياه تحيط بليبيا. أما ليبيا الرومانيّة التي تقع بين مصر “وأفريقيا” فهي تقابل ليبيا الحاليّة. تكلّمت اللغةُ الرومانيّة الرسميّة عن “منطقة طرابلس” (الطرابلسية، كوّن هذه المقاطعة ديوكليسيانس في نهاية القرن 3 ب.م.) و”منطقة كيريني”. غير أننا نجد في الفونيقيّة “ش د. ل و ب ي م”، أرض الليبيين.
متوسط البحر، (الـ):
يُذكر مع البحر الميت ويدل على الحدود الغربية لكنعان او احدى القبائل المقيمة على الساحل. البحر الكبير : هـ ي م. غ د و ل (عد 34 :6-7؛ يش 1 :4؛ 9 :1) البحر الاقصى او الغربي : هـ ي م. هـ ا ح ر و ن (تث 11 :24، 34 :2) بحر الفلسطيين : ي م. ف ل ش ت ي م (خر 23 :31). تذكر البيبليا بحر ادرياتك، بحر كيليكية وبمفيلية (اع 27 :5). تذكر الجزر، المرافئ. ماذا نقول عمّا يُسمّى البحر الابيض المتوسط؟ يقع بين اوروبا في الشمال، وآسيا في الشرق، وافريقيا في الجنوب. يتّصل بالمحيط الاطلنطي عبر مضيق جبل طارق (عواميد هرقل)، وبالبحر الأحمر عبر قناة السويس منذ سنة 1869. مساحته ثلاثة ملايين كلم مربع. وأقصى عمقه 4400م. المدّ والجزر ضئيلان، والتيّارات لا تكاد تُذكر. أما الرياح فقد أثرت تأثيرًا كبيرًا على حركة الملاحة القديمة، بحيث لا يستطيع الناس أن يبحروا عكس الرياح. ففصلا الربيع والصيف كانا مؤاتيين للأسفار في البحر. أما عواصف أيلول وتشرين الأول ثم آذار ونيسان، فقد كانت تفرض على السفن إلاقامة في المرافئ. اذا كانت الريح مؤاتية، كان السفر من يافا إلى جبل طارق يتطلّب ثلاثة أسابيع. أما الطقس السيّئ وغياب الرياح المؤاتية، فكانا يطيلان السفر. أما المحطات في البحر المتوسط فهي الجزر : قبرص، رودس، جزر بحر ايجه، كريت، الجزر الايونيّة، مالطة، صقلية، سردينيا، الباليار. وبمختصر الكلام كان المتوسط وسيلة اتصال استفاد منه الميسينيون واليونان والفينيقيون.
مصر:
أولاً : الاسم. استعمله النص العبريّ (2مل 19 :24؛ إش 19 :16؛ 37 :25؛ مي 7 :12 : مصور) بعد أن أخذه عن الأكادية. ايغوبتوس الذي جاء من المصريّة عبر الفينيقيّة : حت كافتح : بيت الاله فتاح، أحد أسماء مدينة ممفيس. يسمّي المصريّون أرضهم : كمت أي السوداء. رج فتروس. ثانيًا : الأرض والشعب. مصر هي واحة طويلة. يمتدّ عرضها بين 5 و25 كلم. يقطعها في الطول نهر النيل، وهي تقع بين صحراوين : صحراء ليبيا والصحراء العربيّة. كان المصريّون القدماء من نسل حام (تك 10 :6). ورغم امتزاج المصريّين منذ زمن الهكسوس بشعوب أخرى، فالمصريّ الحاليّ يشبه أجداده الذين عاشوا منذ آلاف السنين. ثالثًا : التاريخ. لم يكن للمصريّين كرونولوجيا. لهذا وضع الباحثون رسمة كرونولوجيّة لتاريخ المصريّين. بدأت أول سلالة حوالي سنة 4200 ق.م. (أو قبل هذا الزمن). هذا ما قاله علماء القرن السابق. ولكنّهم عادوا اليوم إلى حوالي سنة 3000. واختلفوا على تواريخ الألف الثالث ولم يتّفقوا إلاّ على كرونولوجيا المملكة الحديثة. انتهت مرحلة ما قبل التاريخ حوالي سنة 3000. ثمّ بدأ التاريخ بالمعنى الحصريّ، وخلاله حكمت البلاد سلالات عديدة. فعلى خطى الكاهن المصريّ مناتون من سبانيتوس الذي كتب في القسم الأول من القرن الثالث ق.م. ثلاثة كتب عنوانها “مصريات” (ضاع القسم الكبير منها) نميّز 30 سلالة. ويقسم الباحث المصريّ اليوم هذا التاريخ إلى ثلاث حقبات كبيرة : المملكة القديمة (من السلالة 3 إلى السلالة 6 :2780-2400)، المملكة الوسيطة (السلالة 11-12 :2100-1800)، المملكة الحديثة (السلالة 18-20 : 1580-1085 ق.م.). وهناك فواصل تتوسّط هذه الحقبات. (أ) لا نستطيع أن نتكلّم عن علاقات بين مصر والتوراة إلاّ انطلاقًا من المملكة الوسيطة. فأوّل شخص بيبلي زار وادي النيل هو ابراهيم. تتميّز السلالة 12 بحقبة من الازدهار تشهد لها أعمال ريّ واسعة في الفيوم. وفي الوقت ذاته تراقب الدولة الحدود على طول جدار الأمير وهو حصن يقع في خليج السويس (كما يقول خبر سينوهي). وهذه المراقبة صارت ضروريّة بسبب دخول الساميّين المتزايد إلى البلاد. فهناك جدرانيّة تمثّل 37 اسيويًّا في وادي النيل. اسم رئيسهم ابشاي (رج ابيشاي من عائلة داود). قام سيسوستريس الثاني (1906-1888) بحملة على كنعان ووصل إلى شكيم. وعلى أيام امينمحات الثالث (1850-1800) بُني الهرم الأخير. وبعد هذا تقسّمت البلاد. (ب) الحقبة الثانية المتوسطة (هكسوس). واحتلّ الهكسوس مصر من دون صعوبة. دفعتهم الهجرة في سورية وفلسطين فأقاموا بطريقة مسالمة في الدلتا الشرقيّ. لم يعد العلماء يتحدّثون اليوم عن مملكة هكسوسيّة امتدّت على قسم كبير من الشرق الأدنى الآسيويّ. فإن لم يكن الهكسوس من الساميّين، فالعنصر السامي هو المسيطر كما تشهد على ذلك أسماء العلم : يعقوب هير (ايل)، عنات هير (ايل). كانت عاصمتهم افاريس المدينة التي ستسمّى فيما بعد تانيس. أخذوا بحضارة المصريّين وعلّموهم فيما علّموهم استعمال الخيل والمركبات. وجاءت ردّة الفعل من الجنوب (طيبة؟) فجرّت الدلتا إلى مقاومة الهكسوس. لا نعرف بالضبط كيف انهارت قوّتهم. (ج) المملكة الحديثة. طرد احموسيس (1580-1558) الهكسوس من افاريس ولاحقهم إلى كنعان. حاصر شروحن (شاروحين) (يش 19 :6) ثلاث سنوات وحارب على حدود مصر الجنوبيّة. بعده عرفت البلاد فترة من الراحة استفاد منها امينوفيس الأول (1557-1530) ليقوّي سلطته. وسار تحوتمس الأول (1530-1520) على خطى سلفه فقام بحملة على آسية أوصلته إلى الفرات. بعد هذا سيعتبر المصريّون أنّ سورية وفلسطين هما جزء من أرضهم، وسيركّز فراعنة المملكة الحديثة انتباههم على هاتين المنطقتين. وصلت إلينا بعض المواد الأركيولوجيّة من هذه الفترة، وبما أنّ الحاميات المصريّة تألّفت من مصريّين ومن أهل البلاد، لم تنتشر الحضارة المصريّة واللغة المصريّة كما كنا نظنّ. ولكن في كل حفريّة في فلسطين أو في سورية نجد الجعل الذي هو علامة الحضارة المصريّة للغرباء. وخلفت تحوتمسَ الأول ابنتُه حتشبسوت التي كان حكمها مضطربًا. نظّمت حملة على بلاد البخور (فونت). خلفها ابن أخيها تحوتمس الثالث (1504-1450) فحاول أن يخفي كل أثر لعمّته. قام بست عشرة حملة على سورية، وقد حُفظت حولياته المحفورة في الحجر. مع تحوتمس الثالث نجد على جدران الهياكل لوائح المدن والشعوب المقهورة. وهذه اللوائح مهمّة لتعرّفنا إلى فلسطين في ذلك الوقت. فخبر احتلال يافا وصل إلينا بشكل خبر يذكر عابيرو الذين هم العبرانيّون على ما يبدو. وكان امينوفيس الثاني (1450-1425) قائد الجيش قبل أن يخلف أباه. نجهل الكثير عن حكمه، ولكننا نعرف أنّه ذهب إلى آسية مرتين، فأوقفه الميتانيّون على الفرات. وجاء خلفه تحوتمس الرابع (1425-1408) فعقد معاهدة مع الميتانيّين وتزوّج أميرة ميتانيّة. وتوصّل إلى قمع ثورة في جازر. خلفه أخوه امينوفيس الثالث (1408-1372) الذي كان ملكًا حازمًا، ولكنّه فضّل أعمال البناء على الحرب. وقد بقي لنا قسم من أرشيفه في رسائل تل العمارنة التي اكتشفت في العاصمة الجديدة التي أسّسها خلفه امينوفيس الرابع (1372-1354). غيّر أمينوفيس اسمه إلى أخناتون لأسباب دينيّة. كان ضعيف البنية، ولكنه كان هو وزوجته نفرتيتي شخصيّتين قويّتين. غير أنّهما أهملا الأمور الخارجيّة فثارت المدن الآسيويّة ضدّ السلطة المصريّة. وجاء ملوك عابرون (منهم توتعنخ أمون). بعدها وضع القائد حوريمحب يده على السلطة. معه بدأت السلالة 19 (1314-1200) التي ظلّت مستعدّة للحرب في آسية خاصة مع رعمسيس الثاني. لهذا نُقلت العاصمة في ذلك الوقت إلى الدلتا. أوّلاً إلى ممفيس. وفي أيام رعمسيس الثاني إلى في رعمسيس. وقام سيتي الأوّل (1312-1298) بحرب ضدّ الحثيّ مواتاليش قرب قادش على العاصي. وهناك سيتابع رعمسيس الثاني حربًا ضروسًا. وفي النهاية عقد الخصمان عهدًا أبديًّا وصل إلينا نصّه في الحثيّة وفي المصريّة. وواجه رعمسيس الثاني وخلفه مرنفتاح (1234-1224؟) والملك الثاني من السلالة 20، خطرَ شعوب البحر. تغلّبوا عليهم وأوقفوا تقدّمهم، ولكنّهم لم يستطيعوا أن يمنعوا قبائل جديدة (الفلسطيّون) من الإقامة في كنعان. في كرونولوجيا الخروج القصيرة، رعمسيس الثاني هو الفرعون المضطهد، ومرنفتاح هو الفرعون الذي صار الخروج على أيامه. إلى عهد مرنفتاح تعود برديّة اناستاسي الأول التي تتضمّن تفاصيل عديدة عن سورية وفينيقية وفلسطين بشكل سؤال وجواب. في اسم معيّن في نفتوح (معين ماء نفتوح) احتفظ يش 15 :9؛ 18 :15 باسم مرنفتاح. وقد بقي لنا من هذا الفرعون النصب الشهير الذي نجد فيه اسم اسرائيل. وظلّت شعوب البحر على هجومها في أيام السلالة 20. وهاجم الليبيّون مصر. ولكن رعمسيس الثالث (1198-1166) سيطر عليهم خلال حملات عديدة. وجاء بعده خلفاء تسمّوا باسم رعمسيس ولكنّهم كانوا ملوكًا ضعفاء. فخسرت مصر نفوذها في آسية وانكفأت على نفسها. وهذا ما ساعد إسرائيل على التوسّع. (د) حافظت مصر على استقلالها خلال خمسة قرون (ما عدا فترات قليلة). ففراعنة السلالة 21 (كانوا كهنة طيبة) سيطروا على مصر العليا (الصعيد) ومصر الوسطى. وفي تانيس ( صوعن) سيطرت سلالة توصّلت سريعًا إلى أن تمدّ نفوذها إلى مصر العليا. وانحطاط السلطة المصريّة في فينيقية واضح من خبر الموظّف في هيكل أونامون. ذهب في بداية القرن 11 إلى جبيل (بيبلوس) ليجلب الخشب من أجل معبد طيبة. واتّصل سليمان بفرعون من تانيس (ربما بسوسينيس الثاني) وتزوّج ابنته. وصارت المراجع نادرة عن حقبة الليبيّين (السلالة 22) والكوشيّين (أي الأحباش. السلالة 25). إنّ أوّل ملك مصريّ يرد اسمه في التوراة (1مل 14 :25-26؛ 2أخ 12 :2-4) هو الليبيّ شيشق (شيشانق الأوّل : 950-929) الذي أقام في بوبستيس أي في الدلتا، وسار على يهوذا بإيعاز من يربعام. ليس من الأكيد أن الفرعون الكوشي زارح (2أخ 14 :8) هو ذاته خلف شيشق أوسوركون الأول (أو فرعون آخر). ففي سنة 715، سيطر الكوشيّون على مصر العليا، ثمّ احتلّوا وادي النيل. وفرعون سوا المذكور في 2مل 17 :4 ليس شباكا الذي حكم حتى سنة 701. قد يكون ملكًا من الدلتا. ويذكر 2مل 19 :9 ثاني خلف لشباكا، طهرقه (ترهاقة). ماذا نعرف اليوم عن الفرعون طهرقة؟ اجتاح الأشوريّون مصر، وفي سنة 663 عاثوا خرابًا في طيبة. ولكن استعادت الأمّة قواها في السنة نفسها. فمع بساميتيك الأوّل صعدت السلالة 26 (سلالة وطنيّة) على العرش وتحالفت مع الأشوريّين لتحارب بابل. وتابع نكو (609-594) السياسة عينها في آسية ولكن لم يحالفه النجاح (2أخ 35 :20، 22؛ 36 :4). وآخر فرعون تذكره التوراة هو خفرع. ظلّ أمينًا لسياسة مناهضة لبابل. وبعد دمار أورشليم (586 ق.م.) استقبل العديدَ من اليهوذاويين الذي جرّوا معهم إرميا (إر 42-44؛ 2مل 25 :26). أقاموا في تفنيس، في الدلتا الشرقيّ. وبعد ستين سنة هجم قمبيز على الفرعون اماسيس (586-526). توفّي الفرعون وغُلب ابنه بساميتيك الثالث (525 ق.م.) وصارت مصر مرزبة فارسيّة. ورغم أوقات قصيرة من الحكم الذاتي (بفضل الثورات) ظلّت الحالة هي هي حتى مجيء الاسكندر الكبير سنة 332. وبعد موته، صارت مصر في يد يطليموس لاجوس مؤسّس سلالة البطالسة (اللاجئين). وازدهرت الحضارة الهيلينيّة وبالأخص في الاسكندريّة. وفي سنة 30 ق.م. احتلّ أوكتافيوس أوغسطس مصر (انتحرت كليوبترة) وجعلها مقاطعة ضمّها إلى إمبراطوريّة رومة. رابعًا : الديانة. تتحدّث التوراة عن إله مصر ولكنّها لا تذكر إلاّ إلهًا واحدًا : امون (إر 46 :25). وهناك أسماء آلهة أخرى حفظت في أسماء الأشخاص أو الأمكنة. أمون في نوامون، بست في بوبستيس، رع في رعمسيس وفوطيفارع، اتوم في فيتوم، نيت في اسنات. وحاول البعض أن يقرأ أسماء الهيّة في تك 16 :13 وإش 10 :4 (اوزيريس) كما في خر 10 :10؛ 30 :16 (رع). مع أن بني اسرائيل أخذوا ببعض عادات مصر (التحنيط)، فهذه العادات لم تؤثّر على ديانة التوراة. وتحدّث الشرّاح عن وحدانيّة الله عند اخناتون، كما قابلوا بين نشيد اخناتون ومز 104. مصر – العصور والاسرات المالكة العصر العتيق، الاسرتان الأولى والثانية 3200-2780 الدولة القديمة، الاسر 3-6 2780-2280 عصر الفترة الأولى، الاسرات 7-10 2280-2052 الدولة الوسطى، الاسرتان 11-12 2134-1778 عصر الفترة الثانية، الاسرات 13-17 1778-1570 الدولة الحديثة، الاسرات 18-20 1570-1080 العصر المتأخّر، الاسرات 21-30 1085-332 ايام الاضمحلال، الاسرة 21-24 1085-715 عصر اليقظة، الاسرة 25-30 715-332 الأسرة الأولى 3200-2980 مفا – نعرمز اتى الأول – عما اتى الثاني – جر اتى الثالث – واجيت خاستي – دن مربي با – عج اب ارينتر – سمرخت قاع سيتي – قــاع الأسرة الثانية 2980 – 2880 حوتب – حتب سخموي نوب نفر – رع نب ني نتر – ني نتر ونج —- – بري اب سن – خع سخم حتب، نبوى – امف – خع سخموي. الأسرة الثالثة 2780-2280 زوسر الاول – ارسي خت نتر زوسر الثاني – سانخت تتي – خع با نب كاوو —- حوني —- الأسرة الرابعة 2680-2560 سنفرو خوفو (خنوم خوفوي)، في اليونانيّة : كيويس جدف رع خفرع (خفرن) منكاو رع شيسسكاف الأسرة الخامسة 2560-2420 او سر كاف ساحو رع نفر ارع كارع شيسسكارع نفرف رع ني وسر رع منكا و هور جدكارع (اسيسي) اوناس (ون اس ونيس) الأسرة السادسة 2420-2280 تتي اوسر كارع ببي الاول مرزع (مري ان رع) الاول ببي الثاني مرنرع الثاني منكا ورع – فيت اقرتي (نيتوكريس) الأسرة السابعة 2280 ق.م. حسب رواية مانيتون. سبعون ملكا حكموا سبعين يومًا الأسرة الثامنة 2280-2242 نفر كارع (الاصغر) نفر كارع نبي جد كارع شماي نرف كارع خندو مرسى ان حور نفركا مين ني كارع نفر كارع تررو نفر كاحور نفر كارع ببي سنب نفر كامين عنو قاكارع ابي واج كارع نفر كا حور (حورس) اتري بارو نفر إر كارع (حورس) دمج اب تاوي الأسرة التاسعة 2242-2133 اختوي الاول مري إب رع نفر كارع اختوي الثاني ستوت اختوي الثالث الأسرة العاشرة مرى حتحور نفركا رع اختوي الرابع – واح كارع مري كارع اختوي الخامس – نب كارع اتى ايمحوتب سخم كارع جسر نوب هنا تنتهي المملكة القديمة التي كانت عاصمتها ممفيس. امتدّ تأثير مصر الى فلسطين وهذا ما كشفته تنقيبات عراد وتل عيراني (الذي سمّي خطأ جت). ووُجدت فخاريات مصريّة وأغراض من الحقبة التينيّة (في تيس التي هي البربة التي تبعد بضعة كلم عن ابيدوس، موطن السلالة 1-2). جاء المصريون إلى فلسطين بطريق سيناء الشمالية وتل عيراني الذي يبعد 45 كلم إلى الشمال الغربي من أورشليم، والذي كان مركز نشاط تجاري وحربي استعمله المصريون في جنوب كنعان. وكان للمصريّين حضور في مناجم وادي مغاره في الجنوب الغربي لجزيرة سيناء. وُجد نقشان بارزان للفرعون سخموي (سخمخت) في سيناء. كان الازدهار واضحًا في تلك الحقبة. وما يدلّ على ذلك مدافن الملوك في أهرام عالية، ومنها أهرام الجيزة التي تعود إلى السلالة الرابعة (2680-2560). وتابع ساحورع، الملك الثاني في الاسرة الخامسة (2560-2420) تقليد استغلال المناجم في سيناء، فأقام في وادي مغاره نصبًا يذكر السيطرة الحربيّة على قبائل البدو العائشين في المنطقة. وأنشدت جدرانيات مدفنه عودة اسطوله من فينيقية وهو يحمل المال والأسرى. إن العلاقات المتواصلة مع جبيل التي تؤمّن الخشب، تعود أقله إلى خع سخموي، آخر ملوك تيس (السلالة الثانية). ولكن هذه العلاقات اتسعت مع ملوك ممفيس، من خفرع (خفرن) إلى بيبي الثاني. وُجد غرضان مصريّان في ايبلا يحملان اسم خفرع (2300) وبيبي الأول (2300). ولكن لا يبدو أنه كانت في أيام المملكة القديمة علاقات مباشرة بين ممفيس وايبلا. فالوسيط كانت مدينة جبيل التي كشفت قطع من المرمر حُفرت عليها أسماء ملوك ممفيس. إن قبري انتي (تتي) في ديشاشة، كايمحاست (اوسركارع) في سقاره، الفرعونين اللذين يبدأان السلالة السادسة، يدلاّن على الجيوش المصرية التي تهاجم الحصون في فلسطين الجنوبيّة. هذه الأخبار تعطي صورة عن حملة الفرعون أونا (2350) ضد “عامو” أو الاسيويين المقيمين في الصحراء. ولكن تبدّلت الأمور، فرُفضت سلطة الفرعون في مصر. وحلّت الفوضى بعد حكم بيبي الثاني. فكانت الحقبة المتوسطة (2180-2040) التي استفاد منها البدو فاجتاحوا الدلتا وزرعوا الرعب فيها، فقسمّت مصرُ دويلات صغيرة متنازعة. الأسرة الحادية عشرة 2134-1991 إينوتف (انتف) الأول (سهر تاوي) 2134-2131 إينوتف الثاني (واح عنخ) 2131-2082 إينوتف الثالث (نخت نب تبي فقر) 2082-2079 مونتوحوتب الأول (سعنخ اب تاوي) 2079-2061 مونتوحوتب الثاني (نب جت رع) 2061-2010 مونتوحوتب الثالث (سعنخ كارع) 2010-1998 سنوسرت (وآخرون) 1998-1993 منتوحوتب الرابع 1993-1991 الأسرة الثانية عشرة 1991-1778 امنمحات الأول (سحتب اب رع) 1991-1972 سنوسرت الأول (خبر كار رع) 1972-(عشر سنوات مع والده)-1928 امنمحات الثاني (نوب كارع) 1930-1895 سنوسرت الثاني (خع خبر رع) 1898-1879 سنوسرت الثالث (خع كا رع) 1879-1841 امنمحات الثالث (ني ماعط رع) 1848-1792 امنمحات الرابع (ماعط خرو رع) 1792-1782 سوبك نفرو (سوبك كا رع) 1782-1778 نحن هنا في المملكة الوسيطة. بدأت مع أمير من طيبة منتوحوتب الأول، مؤسّس السلالة 11. ولكن توحّدت المملكة وأعيد بناؤها مع أمنمحات الأول والثاني والثالث والرابع، وسنوسرت (سيوتري، من السلالة 12). هي الحقبة الأعلى في المملكة الوسيطة، بل في التاريخ المصريّ القديم. أسّس امنمحات الأول في لشت، قرب الفيوم، عاصمة ستبني حولها السلالةُ 12 أهرامها. وتجاه البدو الذين يُقلقون سيناء وأرض كنعان، شيّد امنمحات الأول أيضاً قلعة قوية، “حائط الامير” في وادي طوميلات. وفي الوقت نفسه استعاد استغلال المناجم في جنوب سيناء، وضمّ منطقة سرابيت الخادم. خلفه سنوسرت الأول فاهتمّ بشكل خاص بجيران مصر في الجنوب. وفي أيامه، كان “خبر سينوهي” الذي كان في آسية قبل أن يقيم في قبيلة بدويّة في فلسطين. هذا الخبر المليء بالألوان، قد دوّن بلا شكّ في عهد أحد خلفاء سنوسرت الأول : إمّا امنمحات الثاني (1929-1895) وإما سنوسرت الثاني (1897-1878) اللذين ارتبطا بعلاقات دبلوماسيّة مع ملوك آسية. فالتماثيل المصرية التي أهديت في عصرهما إلى هيكلي اوغاريت و قطنه، تدلّ على سعة نفوذ السلالة 12 في سورية. بالإضافة إلى ذلك، اعتاد الاسيويون المجيء بقطعانهم إلى الدلتا في أوقات الجفاف. فكان مدفن مائير الذي يعود إلى حكم امينمحات الثاني، والذي يحمل صورة احدى القطعان مع عبارة “بقر الاسيويين”. وهناك رسم بني حسن الذي يعود إلى حكم سنوسرت الثاني ويصوّر الشيخ أبيشا مع عشيرته وقطيعه (حشو، 3). وفي عهد سينوسرت الثالث (1878-1843) تكاثرت الوثائق. فمع أن هذا الفرعون اهتمّ بالنوبة، فقد قام شخصيًا بحملة قصيرة إلى فلسطين انتهت بالاستيلاء على شكيم. وكشفت حفريات مجدّو ختم “كاتب يحسب القطعان” وتمثال الملك تحوتحوتب الذي عاصر سينوسرت الثالث. فمدفن هذا الملك في دير البرشا يتضمّن صورة عن وصول القطيع إلى فلسطين. وصاحب الكلام الذي يرافق المشهد يتوجّه مباشرة إلى حيوانات القطيع : “سرتم عبر الرمال. والآن تسيرون على العشب”. سيطر تأثير مصر الحضاري والسياسي على كل ساحل فلسطين وفينيقية. وفي جبيل التي ارتبطت في القرن 20 بملك أور، كتب الاميران الاموريّان أبيشومو ويفع شومو أبي لقبيهما كأميري جبيل، وحملا في قبريهما ما يتعلّق بامنمحات الثالث (1842-1797) وامنمحات الرابع (1798-1790). ووُجد في بيروت تمثال صغير لأبي الهول وصدرية امنمحات الرابع. كل هذا يعكس الحضور المصريّ في تلك المنطقة. الأسرة الثالثة عشرة 1778-1625. عاصمتها طيبة. ملوكها : 60 نذكر منهم سوبك حوتب الأول (سخم رع، خوتاي امنمحات) امنمحات سنبف (سخم كارع) امنمحات (سحتب اب رع) امنمحات (سمنخ اب رع، اموني إينوتف) سوبك حوتب الثاني ابن منتوحوتب حور (اوا اب رع) امنمحات (سجف كا رع كاي) وجاف (خو تاوي رع) سنوسرت الرابع (سنفر اب رع) جنجر الأول (وسر كارع) سمنح كارع نفر كارع خنجر الثاني (ني خع ني ماعط رع) سوبك حوتب الثالث (سخم رع سواز تاري) نفر حوتب (خع سخم رع) سوبك حوتب الرابع (خع نفر رع) سوبك حوتب الخامس (خع حوتب رع) ايع اي (داح اب راع) ابي (مر نفر رع) دودي مس الأول (جد نفر رع حوالي 1675) الأسرة الرابعة عشرة عاصمتها سخا الملوك : 76. حكموا 184 سنة الأسرة الخامسة عشرة 1675-1567 الهكسوس ششي (مع اب رع) يعقوب هر (مر وسر رع) خيان (سا أوسر ان رع) ابيبي الاول أو ابوفيس (عا اوسر رع) ابيبي الثاني (عا قنن رع) خامودي (عا سح رع) الأسرة السادسة عشرة – الهكسوس الأسرة السابعة عشرة 1660 (؟)-1570 الأسرة الطيبيّة رع حوتب (سخم رع واح خاعو) اينوتف الخامس (سخم رع وب ماعط) اينوتف السادس (سخم رع حرو حر ماعط) سوبك ام ساف الثاني تحوتي مونتو حوتب الخامس نب اري ار اوت الاول (سو اج ان رع) نب اري ار اوت الثاني (نفر كارع) اينوتف السابع سقنزع (تاعا الاول – الأكبر) سقنزع (تاعا الثاني – الشجاع) بعد امنمحات (امينيميس) الرابع، انهارت مملكة آسية المصريّة انهيارًا سريعًا وصارت الآنية والتماثيل الصغيرة علامات سابقة للأخطار التي تهدّد المملكة الوسيطة. إنّ نصوص اللعنات هذه، هي كلام يوجّه ضد الملوك والقبائل، الذين خافوا من ثورتهم وعدائهم. ومنهم ملك ايبلا، شمشو يفوع ليم. وعدد كبير من المدن والقبائل الفلسطينيّة التي رفضت الخضوع، بل الحياد في علاقتها مع مصر. في تلك الحقبة عينها، ظهرت في مصر أسماء مع “ع ب ر” (عابيرو). “المعفّر”. هناك معفّر بعل، معفَّر رشف، معفَّر إيل. تدلّ هذه المعطيات على أنّ مصر دخلت في الحقبة الثانية المتوسّطة (1786-1570). ظلّ نفوذها ظاهرًا مع الملوك الأولين في الأسرة 13 (1786-1570). وهكذا تضمّن مدفن في ايبلا صولجان الفرعون حوتب رع “الاسيوي” الذي حكم سنة 1765. ووُجد في بعلبك حوالى سنة 1750 تمثال سوبك حوتب. وظلّ ينتين (عمو)، ملك جبيل، يعترف بسلطة نفر حوتب الأول (1740-1730). ولكن مصر لم يرد ذكرُها في أرشيف ماري الملكيّ، الذي يذكر نيتين عمو. ما استطاع الملوك الضعفاء في السلالة 13-14 أن يمنعوا القبائل الساميّة الآتية من آسية، من الإقامة في الدلتا، ثمّ في وادي النيل. هم الهكسوس الذين أسّسوا سلالتين غريبتين، 15 و16. وظلّت سلالة مصريّة مقيمة في طيبة (1650-1570). الأسرة الثامنة عشرة 1570-1304 احمس الاول (نب بحتي رع) 1570-1546 امنحوتب الاول (جسر كارع) 1546-1525 تحوتمس الاول (عا خبر كارع) 1525-1495 تحوتمس الثاني (عا خبر ان رع) 1495-1490 حتشبسوت (ماعط كارع) 1490-1469 تحوتمس الثالث (من خبر رع) 1490-1436 امنحوتب الثاني (عا خبرو رع) 1436-1411 تحوتمس الرابع (من خبرو رع) 1412-1397 امنحوتب الثالث (نب ماعط رع) 1397-1360 امنحوتب الرابع – أخناتون (نفر خبرو رع) 1370-1349 سمنخ كارع (عنخ خبرو رع) 1351-1348 توت عنخ امون (نب خبرو رع) 1348-1337 آي (خبر خبرو رع) 1337-1334 حور محب (جسر خبرو رع) 1334-1304 مع السلالة 18، تمّ طرد الهكسوس على يد أموسيس (أحمس) الأول (1570-1546) الذي هو مؤسّس السلالة 18 (1570-1293) والمملكة الحديثة، التي امتدّت سحابة خمسة قرون، وتركت وراءها عددًا من الابنية والمصادر المكتوبة. وضع أموسيس وخلفه امينوفيس الأول (امنحوتب) (1551-1524) خلال خمسين سنة، أسُس دولة نرى قوّتها وغناها في المباني الضخمة في طيبة. هذه المدينة، مدينة أمون، إله مصر العظيم، صارت عاصمة المملكة. وحكمَ تحوتمس الأول (1524-1518) وتحوتمس الثاني (1518-1504) مملكة وُلدت من جديد، فانطلقا في سياسة توسّعية، ومدّا حدود المملكة حتى الفرات الذي اجتازه تحوتمس الأول في نهاية عهده ليسحق فجأة ملك ميتاني. بعد أزمة السلالة التي حرّكتها حتشبسوت (1498-1483) خالة تحوتمس الثالث (1504-1450) وزوجته، استعاد الملك سياسة أسلافه. فواجه حلفًا مؤلفًا من 330 ملكًا (أو أميرًا) كنعانيًّا وسوريًّا. شتّتهم في مجدو سنة 1483، واحتلّ المدينة بعد سبعة أشهر من الحصار. هذا الانتصار تبعه زيارة موفدين أشوريّين. وأمّن الهيمنة المصريّة على فلسطين. واتّسع استغلال المناجم في سرابيت الخادم. وفي هذا الوقت، استعمل الساميّون العاملون في هذه المناجم، وللمرة الأولى، حروفًا متفرّعة من الهيروغليفيّة المصريّة : هي السينائيّة الأولى. وبين سنة 1480 وسنة 1465، كان تحوتمس الثالث يأتي كلّ سنة إلى فينيقية أو سورية، كما لدى البدو في النقب، الذين ظهر اسمهم (شرشو أو شوشو) للمرة الأولى في وثائق تعود إلى حكمه. والحدث الرئيسيّ الذي يفسّر هذه الحملات هو بداية عداء مباشر مع ملك ميتاني. سنة 1473، استولى الفرعون على قطنة، وحاصر حلب ثم كركميش، وعبر الفراتَ في قوارب نقلتها مركبات تجرّها البقر، ورأى المسلّة التي نصبها جدّه تحوتمس الأول شرقيّ كركميش، ثمّ مضى يسلب بعض مدن ميتاني. لم تضع هذه المغامرة حدًّا للحرب. غير أنّ الحثيّين (في أناتولية) والكاسيين (في بابلونية) أرسلوا هدايا إلى مخيَّم تحوتمس الثالث في “نيع” ( هيناع العبريّة، 2مل 18 :34). وهكذا كان تعادل في ميزان القوى. غير أنّ الملوك السوريّين والفلسطينيّين لم يقبلوا بالهيمنة المصريّة، فقام امينوفيس الثاني (1433-1419) بعدّة حملات يعاقب بها آسية، ولاسيّمَا ضد شوشو المقيمين في النقب، وضد قبيلة أخرى (س م ع ت) قورب اسمها من اسم قبيلة قينيّة هي قبيلة الشمعيّين (1أخ 2 :55). وأجبر تحوتمس الرابع (1419-1386) على فرض الهدوء في فلسطين الوسطى، فحاصر جازر وأخذها. ووصلت المملكة إلى الذروة في عهد امينوفيس الثالث (1386-1349) الذي ما احتاج إلى التدخّل تدخلاً حربيًّا في آسية، بعد أن خضع الجميع لمصر بمن فيهم ملك أوغاريت. ولكن بدأت تظهر أولى العلامات لتدهور الوضع. ولم يكن باستطاعة امينوفيس الرابع (1350-1334 أو اخناتون) أن يوقف الخطر الآتي، وهو المنشغل بالإصلاح الدينيّ وبناء مدينة أتون الجديدة في موقع تل العمارنة. إنّ الأرشيف الذي وُجد هناك يدلّ بشكل ملموس ودراماتيكيّ على تدهور سريع للمملكة في سورية وفلسطين، حيث تخلّت مصر عن الملوك الأمناء لمصر. ملك مع اخناتون سمنخ كارع (1336-1334). ثمّ جاء توت عنخ أمون (1334-1325)، وقائد عسكري شيح هو آي (1324-1321). كادت الكارثة تقع لولا حورمحب القوي، الذي استولى على الحكم بقوّة السلاح، وأعاد النظام في البلاد بعد أن اشتهر بانتصاراته في آسية. الأسرة التاسعة عشرة 1304-1195 رعمسيس الأول (من بحتي رع) 1304-1303 سيتي الأول (من ماعط رع) 1303-1290 رعمسيس الثاني (اوسر ماعط رع) 1290-1223 منفتاح امري ان بتاح (با ان رع) 1223-1211 امون مس سي (من مي رع) 1211-1207 سيتي الثاني (اوسر خبرو رع) 1207-1202 تاوسرت (سيت رع، مرت امون) سي بتاح (اخ ان رع، مري ان بتاح) 1202-1195 بدأت السلالة 19 (1293-1185) مع رعمسيس الأول (1293-1291) الذي خلف آي. ثمّ جاء سيتي الأول (1291-1279). وُجد نصب انتصار سيتي في بيت شان، فأنشد استعادة حدود المملكة في سورية وفلسطين، حتى حماة (نشو، 253-254). وظلّت مناجم سرابيت الخادم تُستغلّ في سيناء. وشرع المصريّون منذ عهد سيتي الأول أو خلفه رعمسيس الثاني (1279-1212) يستغلّون مناجم تمناع، شمالي إيلات. كانت هذه المنطقة على خطّ حربيّ وتجاريّ يمرّ في النقب الأوسط. ونشاط مناجم تمناع الفرعونيّة منذ بداية السلالة 19، يُفسّر لماذا ذُكر “شوشو” مرارًا في وثائق تلك الحقبة. فالمسألة الكبرى التي طُرحت على سيتي الأول ورعمسيس الثاني، هي التزام بين مصر والمملكة الحثيّة على سورية. استعاد رعمسيس الثاني الحرب التي بدأها سيتي الأول ضدّ الحثيّين، فكانت معركة حامية عند قادش على العاصي سنة 1275. لم تُحسم المعركة، فكانت معاهدة سلام بين رعمسيس الثاني و حتوسيلي الثالث، كرّست الوضع القائم في سورية. وحقبة السلام الطويلة التي نتجت عن هذه المعاهدة، أتاحت للفرعون بأن يهتمّ بالابنية في الكرنك والأقصر، وبأن يشيّد عاصمته في الدلتا الشرقيّة : في رعمسيس. ورث مرنفتاح (1212-1202) وضعًا صعبًا على حدود المملكة حيث تراخى السهر خلال السنوات الأخيرة من حكم والده. فواجه بقوّة، منذ اعتلائه العرش، هذا الوضع، فأعلن بافتخار على مسلّة نصبها سنة 1207 أنّه “اجتاح ليبيا وهدّأ حطّي، وسلب كنعان كلّها : أخذ عسقلان. استولى على جازر. صارت ينوعام كلا شيء. وأعدم اسرائيل بحيث زال نسله. وصارت حورو أرملة بسبب مصر”. مع هذا النصب، دخلت قبائل اسرائيل المقيمة في وسط فلسطين، في التاريخ. والمعركة التي جعلتهم أمام المركبات المصريّة، قد صوِّرت على جدار في هيكل أمون في الكرنك. وأحد المشاهد الأربعة التي تروي انتصار مرنفتاح، يقدّم النسخة المصريّة للمعاهدة التي عُقدت بين رعمسيس الثاني وحتوسيلي الثالث (نُسب النصر في هذه اللوحة إلى رعمسيس الثاني، وهذا خطأ). ونجد سقوط عسقلان (ذُكرت في الكتابة)، ومعركة المركبات المصريّة ضد اسرائيل في السهل، سقوط جازر وينوعام. حصل القتال ضد اسرائيل في سهل كنعان الساحليّ. ولكن بما أنّ الوقائع كذّبت أقوال مرنفتاح، نتساءل : أما انتهت هذه المعركة بغرق مركبات مصر في الوحول. هذا ما يشير إليه خر 15 :21 : “الخيل وفرسانها رماهم في البحر”. في هذه الفرضيّة، يصبح بحر القصب في خر 15، مصبّ يرقون. وهناك وثيقة أخرى تعود إلى زمن مرنفتاح، بردية أنستاسي 6 :54-56، وهي تتحدّث عن شوشو أدوم : “أنهينا من تمرير قبائل شوشو في حصن مرنفتاح حوتب هرماعط، الذي هو في جكو. حتى مستنقعات فيراتوم، لكي نبقي على حياتهم وحياة قطعانهم”. هذا النصّ من رسالة تعود إلى النصف الثاني من حزيران سنة 1204 ق.م.، لا تعطي اسم القبائل التي تتحدّث عنها. ولكننا نستطيع أن نفترض أن قبيلة “ي هـ و” كانت بينها، لأنّها هي التي أقامت في مصر حسب خر 3 :18؛ 5 :3 : “أطلقنا لنذهب مسيرة ثلاثة أيام في البريّة ونذبح ليهوه إلهنا”. إنّ الأسماء التي من أصل مصري في عشائر لاوي، مثل موسى، أشير، حفني، فشحور. فنحاس، فوتئيل، هرون، قد ثبَّتت هذا القول، لأنّ هذه العشائر (أو قلّة تقاليدهم) تعود إلى النقب حيث أقام شوشو الأدومي. ولكن يبقى أن نص بردية أنستاسي 6، تشير إلى تحرّكات انتجاع ولا علاقة لها بأحداث دراماتيكيّة حصلت في زمان رعمسيس الثالث، الملك الثاني في السلالة العشرين. فإن السلالة 19 قد انتهت سريعًا بعد موت مرنفتاح وحكم قصير لكلّ من “أمون محاسي” (1202-1199)، وسيتي الثاني (1199-1193) وسي بتاح (1193-1187) والملكة تاوسرت (1193-1185). الأسرة العشرون 1195-1080 سي نخت (اوسر خعو رع) 1195-1192 رعمسيس الثالث (اوسر ماعط رع، مري امون) 1192-1160 رعمسيس الرابع (حق ماعط رع) 1160-1154 رعمسيس الخامس (اوسر ماعط، رع سخيران رع) 1154-1150 رعمسيس السادس (نب ماعط رع) 1150-1145 رعمسيس السابع (اوسر ماعط رغ، اخ امون) 1145-1144 رعمسيس الثامن (اوسر ماعط رع، مري امون) 1144-1137 رعمسيس التاسع (نفركا رع) 1137-1118 رعمسيس العاشر (خبر ماعط رع) 1118-1110 رعمسيس الحادي عشر (من ماعط رع، ستب ان بتاح) 1110-1080 بعد فترة متوسطة امتدّت بضعة أشهر، أسّس سيت نخت السلالة 20 (1184-1070) التي كان رعمسيس الثالث (1182-1151) وحده الملك العظيم فيها. تغلّب على القبائل الليبيّة سنة 1178، وخلّص مصر من اجتياح شعوب البحر المدمّر. وجعل قسمًا منهم ( الفلسطيون) يقيمون في الساحل الجنوبيّ لكنعان. وبعد انتصارات جديدة على الليبيّين سنة 1172، تدخّل بجيشه في سيناء وفي كنعان. وبسبب الأهميّة الستراتيجيّة لطريق سيناء التي تقود إلى مناجم النحاس في تمناع، والتي ظلّت ناشطة حتى رعمسيس الخامس (1145-1141)، قام رعمسيس بضربة قاسية ضدّ شوشو المقيمين في جبل سعير الذين هدّدوا شغل المعادن في تمناع. وبردية هاريس 176 :9-11 التي دوّنت في زمن رعمسيس الرابع (1151-1140)، نسبت إلى رعمسيس الثالث خبر الحملة هذه على الأدوميّين في سعير : “دمّرتُ أهل سعير وسط قبائل شوشو، وسلبت خيامهم والرجال مع الأموال، وأخذت قطعانًا لا عدّ لها. قيّدتهم وأخذتهم سلبًا وجزية لمصر فاعطيتهم للتاسوعة ( الآلهة التسعة في هليوبوليس) عبيدًا في الهياكل”. بعض هؤلاء الشوشو جُعلوا في الجيش المصريّ. والبعض الآخر عمل في تشييد هيكل سيت في رعمسيس. والآخرون أقاموا غربيّ النيل في “فن شوشو” حيث كانوا، في أيام رعمسيس الخامس، في خدمة هيكل حاتور، أو في منطقة طيبة حيث سنجد بعضًا منهم في أيام رعمسيس التاسع (1126-1108) في خدمة هيكل أمون. بين هؤلاء الشوشو نبحث عن نواة أناس تركوا مصر بقيادة موسى، في نهاية حقبة الرعامسة (رج الخروج). شدّد رعمسيس الثالث قبضة مصر على مناطق في كنعان. وهذا ما تدلّ عليه آنية جازر و لاكيش، وعاج مجدو، وتمثال بيت شان، واوستراكة (تعود إلى سنة 1160) تل سرعة التي تبعد 20 كلم إلى الشمال الشرقيّ من بئر سبع. كلّ هذه الوثائق تحمل اسم الفرعون. إن الانتصارات التي حازها رعمسيس الثالث في كنعان وربّما في سورية، قد تخلّدت في نصوص ملحميّة طويلة، وفي جدرانيّات “مدينة خبو”. ولكن انحطاط المملكة بدأ يظهر. ورعمسيس الخامس (1145-1141) هو آخر ملك يُذكر اسمه في تمناع. وخلفُه رعمسيس السادس هو آخر ملك يظهر في مجدّو وفي سرابيت الخادم. وبعد حكم مع ابنيه رعمسيس السابع ورعمسيس الثامن (1134-1126) جاء حكم رعمسيس التاسع (1126-1108) الذي ظهر اسمه في جازر مع عبدة اسمها تاشوشو. هي آخر شوشو يُذكر في حقبة الرعامسة. في النصف الثاني من القرن 12، نرى شوشو الذين أجلوا سعير إلى مصر (على ما يبدو)، يعود نسلهم من أرض النيل إلى أرض الأجداد في سيناء والنقب حيث لم يعد من وجود للفراعنة. وانتهى نزاع السلالة 20 مع رعمسيس العاشر (1108-1098)، ومع رعمسيس الحادي عشر (1098-1070) الذي تفتّتت مملكته. الأسرة الحادية والعشرون 1085-950 سمندس (نسو بانب جدت) في تانيس حريحور في طيبة 1085-1054 بسوسينيس (باسبا ضع ان نيوت) في تانيس بينزم في طبيبة 1054-1009 امنحأوبت (في تانيس) 1009-1000 سي امون (في تانيس) 1000-984 بسوسينيس الثاني (في تانيس) 984-950 نحن هنا في الحقبة الثالثة المتوسطة. فقبل أن ينتهي رسميًّا حكم رعمسيس الحادي عشر، أسّس سمندس في ممفيس، وحريحور عظيم الكهنة، في طيبة، بيتين ملكيين، تقاسما مصر من سنة 1070 إلى سنة 945. أقام نسل سمندس في تانيس (صوعن) واحتفظوا بالشارات الملكيّة خلال هذه الحقبة كلّها. ولكن بوسينيس الثاني وآخر ملك في تانيس في السلالة 21، كان في الواقع كاهن طيبة. زاحه شيشنق الأول، القائد الليبيّ الذي أسّس السلالة 22، وشرّع استيلاءه على الحكم إذ زوّج ابنه اوسوركون بابنة بسوسينيس الثاني. دام ازدهار سلالة شيشانق قرنًا من الزمن. ثمّ بدأت فترة من الفوضى قسمت مصر مملكتين. ولكن وُلدت في السودان (في أرض كوش) قوّة ثالثة. الأسرة الثانية والعشرون 950-730 شاشنق الأول 950-929 اوسوركون الأول 929-893 تكلوت الأول 893-870 اوسوركون الثاني 870-847 شيشانق الثاني 847 شيشانق الثالث 823-772 بامو 772-767 شيشانق الرابع 767-730 الأسرة الثالثة والعشرون 817 (؟)-730 (تل بسطة) شيشانق الخامس 763 (؟)-757 (؟) اوسوركون الثالث 757 (؟)-748 (؟) تلكوت الثالث امون روو 748 (؟)-730 اوسوركون الرابع الأسرة الرابعة والعشرون 730-765 (صا الحجر) تف نخت 730-720 بكوريس (باك ان رنف) 720-715 الأسرة الخامسة والعشرون 751-516 الاسرة الكوشيّة بعنخي 751-716 شاباكا 716-701 شبتاكا 701-689 طهرقا 689-663 تانوت امون 663-656 إنّ سلالة ناباتا الأولى التي صارت السلالة المصريّة 25، قد بدأت مع بعنخي (746-716) مسيرة سياسيّة وحضاريّة، منطلقة من البلاط الفرعوني. إلاّ أنّ بقاء الأمارات الليبيّة حاضرة في الدلتا، والاستقلال النسبيّ لأمراء حانيس، ومجيء السلالة الرابعة والعشرين في سوء (سائيس)، كل هذا جمّد عمل الملوك الكوشيّين (أو الأحباش) وساعد الأشوريّين على تدمير دولتهم. جاء شاباكا بعد بخنعي، وخلفه شبتاكا (702-690) الذي انطلق سنة 701 لمساعدة أورشليم التي يحاصرها سنحاريب. إنّ حكم طهرقا وخلفه تانوت أمون (664-657) انشغلا بالحرب ضدّ الأشوريّين الذي اجتاحوا مصر بمساعدة جيوش الملوك تابعيها، ولاسيّمَا ملك يهوذا. سقطت ممفيس وطيبة. ولكن سلالة سائيس قامت على بساميتيك الأول (664-610) الذي دعا مرتزقة من إيونية وكارية، كما دعا لمساعدته جيجيس ملك ليدية. وهكذا طُردت الحاميات الأشوريّة من مصر، وعُزلت سلالة طيبة، وتصفّت آخر آثار الفوضى الليبيّة. الأسرة السادسة والعشرون 656-525 بساميتيك الأول 663-609 نكو 609-594 بساميتيك الثاني 594-588 ابريس (و ا ح ب ر ع) 588-568 احمس الثاني (اماسيس) 568-526 بساميتيك الثالث 526-525 حين أعاد بساميتيك الأول توحيد مصر، رفض أن يكون تابعًا لأشور بانيبال. ولكن الحاميات الأشوريّة (مع جيوش اسكوتيّين) ظلّت على حدود مصر دون أن تقلق ملك سائيس. فاستطاع أن يعيد للملكيّة الفرعونيّة بعض عظمتها، وللبلاد الأمان، وللحضارة المصريّة لمعانًا جديدًا. وصعد المادايون والكلدانيّون في بابلونية، فاجتاحوا أشورية. قلق الملكُ الشيخ، فأرسل سنة 610 ق.م. جيشًا مصريًّا وصل إلى كركميش وحاران، ليساند أشورية. وتابع ابنه نكو الثاني (610-595) السياسة عينها. ولكن هذا لم يمنع من دمار المملكة الأشوريّة التي قُسمت بين المادايين بقيادة أواكشترا والكلدانيّين (أو البابلونيّين) بقيادة نبوفلاسر ونبوخذ نصر الثاني. ورغم هزيمة كركميش سنة 605، حافظ نكو الثاني على بعض النفوذ في سورية وفينيقية. طلب الملوك الفينيقيّون عونه ضدّ التهديد البابلوني. ولكن نكو الثاني لم يستطع أن يمنع البابلونيّين من احتلال فينيقية وفلسطية بقيادة نبوخذ نصر الثاني (2مل 24 :7)، كما لم يمنع سقوط أورشليم سنة 597 ق.م. (2مل 24 :10-17؛ 2أخ 36 :6). ساند خلفُه بساميتيك الثاني (595-589) الحزب الموالي لمصر في أورشليم، وهذا ما دفع صدقيا إلى التمرّد على نبوخذ نصر الثاني (2مل 24 :20ب؛ 2أخ 36 :13). ولكن مات الفرعون قبل أن تحاصر الجيوش البابلونيّة أورشليم (2مل 25 :1؛ إر 39 :1). فما استطاع ابنه وخلفه واحب رع (خفرع في العبريّة، ابرياس في اليونانيّة) (589-568) أن يخلّص عاصمة يهوذا مع أنّه قام بهجوم ليحوّل أنظار العدو (إر 37 :5)، بناءً على طلب قائد الجيش اليهوذاويّ كونيا بن ألناتان الذي ذهب إلى مصر (اوستراكة لاكيش 3 :14-16). سقطت أورشليم سنة 587 ق.م. ولكن صور قاومت جيوش نبوخذ نصر الثاني 13 سنة، بعد أن جاءتها الإمدادات بالبحر. عندئذ حاول عدد من اليهوذاويّين اللجوء إلى مصر (إر 42-44)، فأقاموا في الدلتا الشرقيّة ولاسيّمَا في المجدل وتحفنحيس وممفيس، كما أقاموا في مصر العليا (فتروس)، في أسوان وجزيرة الفيلة. في جزيرة الفيلة أقامت مستوطنة يهوديّة تعود إلى زمن أماسيس (أو : أحمس) إن لم يكن خفرع، وحاولت أن تدافع عن مدخل النيل تجاه سلالة نفاتا الكوشيّة الثانية التي كانت تستعدّ للاستيلاء على مصر، رغم حملة 594 التي وصلت بجيش بساميتيك الثاني إلى قلب النوبة. حصل انقلاب على خفرع وقُتل سنة 538 (رج إر 44 :39)، واستولى أماسيس (568-526) على العرش. استفاد نبوخذ نصر من هذه الثورة الدمويّة، فهاجم مصر (رج إر 43 :8-13؛ 46 :13-26؛ حز 30). ولكن أماسيس تغلّب على المحنة فما تحقّقت أقوال النبيّين إرميا وحزقيال. وكان ابنه بساميتيك الثالث (526-525) أمام خصم آخر هو قمبيز، أخذ منه ملكَه وأعدمه الحياة بعد نصف سنة من الحكم. الأسرة السابعة والعشرون 525-404 قمبيز 525-522 دارا الاول (داريوس) 522-485 خشيارت (كركسس أو احشوويروش) 485-464 ارتحشات (ارتكسرسيس أو ارتحششتا) 464-424 دارا الثاني 424-404 الأسرة الثامنة والعشرون 404-358 امون خر (اميرتايوس) 404-398 الأسرة التاسعة والعشرون 398-378 نفرتيس الأول (نايف عوف رود) 398-392 هكر (اكوريس) 392-389 بي ساموت (بساموتيس) 380-379 نفريتس الثاني (نايف عاو رود) 379-378 الأسرة الثلاثون 378-341 نختنبو الأول (نخت نيف) 359-341 الغزو الفارسي الثاني 341-332 أرتحششتا الثالث “اوخوس” 341-338 ارسيس 338-335 دارا الثالث في مصر 335-332
مكدونية:
منطقة تقع شمالي اليونان. أقام فيها اليونان الذين ينتمون إلى الفرع الدوري. وحكمها ملوك تعاقبوا حسب قاعدة ثابتة. عمل فيلبس الثاني (359-336) على جعلها القوّة العظمى في اليونان (1مك 6 :2). قبل حملات الاسكندر، شجّع المكدونيون الثورة على الحكم الفارسي. صارت مركز الملكية الهلنستية للانطيغونيين (خلفاء الاسكندر)، فقدّمت عددًا من الجنود للمملكة السلوقيّة (2مل 8 :20). احتلّها الرومان بعد أن هزموا فرساوس سنة 168 ق.م. (1مك 8 :5). تنظّمت مكدونية في أربع جمهوريات مستقلة. وفي سنة 146 صارت مقاطعة. من سنة 27 ق.م. إلى سنة 15 ب.م. صارت محافظة شيوخية. من سنة 15 إلى سنة 44 ارتبطت بالامبراطور. ثم أعادها كلوديوس إلى مجلس الشيوخ. هي في الكتاب المقدس موطن الاسكندر الكبير وهامان (كما في النص اليوناني في اس (يو) 8 :22). لقد شارك 4000 مكدوني في الحرب على بابلونية (2مك 8 :20). هذه المقاطعة الرومانية (عاصمتها : تسالونيكي)، قد عرفها بولس خلال رحلته الرسولية الثانية وأسّس فيها كنائس ديناميكية (اع 16 :9-14؛ 18 :5؛ رج فل 4 :15). زارها خلال رحلته الرسوليّة الثالثة (اع 19 :21-22؛ 20 :1-6؛ رج 1كور 16 :5؛ 2كور 1 :16؛ 2 :13؛ 7 :15ي) ورحلته الرابعة (1تم 1 :3). شارك مسيحيو مكدونية مشاركة سخيّة في اللمة الكبيرة من أجل كنيسة اورشليم الفقيرة (رو 15 :26-27؛ 2كور 8 :1-15؛ 9 :1-4)، وفي حاجات بولس الشخصية (2كور 11 : 9). ملاحظة. قد تعني كتيم (1مك 1 :1؛ 8 :5) مكدونية. مدن مكدونية : رج امفيبوليس (اع 17 :1). ابولونية (اع 17 :1)، بيرية (اع 17 :10-14)، دوباريس (اع 20 :4 محل دربة في بعض المخطوطات)، نيابوليس (اع 16 :11)، فيلبي (اع 16 :12)، تسالونيكي (اع 17 :1-13). الملوك المذكورون : الاسكندر الكبير (1مك 6 :2)، فرساوس، فيلبس (1مك 8 :5). مكدونيون رافقوا بولس الرسول : ارسترخس (أع 19 :29)، غايوس (اع 19 :29). المقدوني او المكدوني. رج 1مك 1 :1؛ 6 :2؛ 2مك 8 :20؛ اع 16 :9؛ 19 :29).
ممفيس:
كذا في اليونانية. في العبرية : نوف أو موف. في الاكادية : ممفي (يه 1 :10). عاصمة مصر السفلى. تقع على الضفة الشمالية لنهر النيل وتبعد بضعة كلم عن القاهرة. هذه المدينة القديمة التي تعني في المصرية : “الجمال الدائم” (م ن. ن ف ر)، أسّسها مينيس باسم “الجدار الأبيض”، وأخذ التسمية من هرم بيبي الأول (سلالة 6) الموجود قرب سقارة. في الارامية والفينيقية هي “م ن ف” دون دغم النون كما في هو 9 :6 (م ف) وفي رسالة أرامية وُجدت في هرموبوليس (رسالة 2 :3). وكان لممفيس اسم آخر : “مدينة فتاح” إله المدينة. كان الاسم يُلفظ “نوفتاح”. رج في العبرية “ن ف ت ح” في تك 10 :13 (نفتوح) وفي 1أخ 1 :11 مع اسم النسبة : نفتوحيون. أما اللفظة الموجزة فهي “ن و ف” التي نجدها في إش 19 :13؛ إر 2 :16؛ 44 :1؛ 46 :14، 19؛ حز 30 :13. نجد اسم النسبة “ممفيس” في كتابة فينيقية في أبيدوس، على مثال نفتوحي. كان الاله الرئيسي في ممفيس فتاح، الذي عُبد منذ السلالة المصريّة الأولى. كان شفيع الصنَّاع وقد تماهى مع كوشر لدى السوريين والكنعانيين، ومع هيفايستوس لدى اليونان. هو خالق الكون بالعقل (القلب) والكلمة (اللسان). عُبد في المستوطنة الفينيقية في ممفيس. وما يدلّ على ذلك أسماء العلم : خادم فتاح. ابن فتاح. ووُجد فينيقيون بعيدًا عن ممفيس، مثل ذاك الذي وصل إلى ابيدوس وأعلن انه ممفيسي. لا نعرف متى بدأت هذه المستوطنة، ولكنها كانت موجودة في القرن 8 ق.م. في الحقبة الفارسيّة، عبد فتاحَ الاراميون الذين أقاموا في ممفيس أو مرّوا فيها. وما يدلّ على ذلك رسائلهم التي وُجدت في هرموبوليس. كانت ممفيس عاصمة مصر خلال المملكة القديمة. ولعبت دورًا هامًا في المملكة الوسيطة مع أن العاصمة الملكيّة قد انتقلت إلى الجنوب، إلى جوار لشت. في المملكة الحديثة صارت ممفيس مدينة فيها الجيش والعتاد، وأقام فيها وليُّ العهد. في القرن 13 انتقلت العاصمة إلى الشمال الشرقي حين أسّس رعمسيس الثاني في رعمسيس. ولكن كهنة ممفيس حافظوا على تأثيرهم الكبير، والمدينة ظلت مزدهرة وهي الواقعة على رأس الدلتا. أشار إليها هو 9 :6 كي يتلاعب على الكلام، فذكر الأهرام ومدينة الموتى الشهيرة. إلى هذا تشير لفظة “ك س ل ح ي م” (كسلوج) في تك 10 :14؛ 1أخ 1 :12 (كسلوح). وأظهر إش 19 :13 حذره من هؤلاء الملوك الصغار في مصر مفتّتة بعد أن أضعفتها الفوضى الليبيّة. وجعل إر 2 :16 العاصمة القديمة على قدم المساواة مع تحفنحيس (دفنه)، فلمّح إلى التدخّل المصريّ سنة 609-605. وذُكرت المدينة في إر 44 :1 بسبب اليهوذاويين الذين لجأوا إليها سنة 587. وفي إر 46 :14-19؛ حز 30 :13 بسبب تهديد نبوخذنصر الثاني لمصر سنة 568 ق.م.
نو:
مدينة. سمّاها اليونانيون : طيبة (هو اسم حيّ في المدينة). هي في مصر العليا. عاصمة مصر خلال المملكة الحديثة. هي مدينة الاله الكبش أمون (ار 46 :25). تنبّأ حز 30 :14-16 بخرابها وبخراب مصر كلها. هي نو امون (نا 3 :8-9) التي ضربها الاشوريون سنة 663 بقيادة أشور بانيبال (أرسل الملك منسّى فرقة من جيشه لمساعدة الاشوريين، نشو 293-297) كما هاجمها نبوخذنصر سنة 568 ولم يأخذها، رغم ما قاله إر 46 :25؛ حز 30 :14-16. ولكن المدينة بدأت في ذلك الوقت انحطاطها. اليوم : خرائب هياكل ومدافن الملوك على الضفة الغربية للنيل. أهم الهياكل هيكل أمون في الكرنك وهو يشهد للفن المعماري الديني في مصر. وقد وُجدت في هذه الخرائب كتابات عديدة. في أيام اللاجيين سمّيت المدينة ديوسبوليس، ولكنها لم تستعد مجدها. عرفت ثورتين كبيرتين سنة 206 ق.م. وسنة 88 ق.م. سلبها الجيش الرومانيّ بقيادة كورنيليوس غالوس سنة 30 أو 29 ق.م. ولما زارها سترابون لم يجد فيها سوى مجموعة قرى وسط الخرائب.
نوف:
رج ممفيس. مدينة مصرية جاء إليها لاجئون من آل يهوذا (ار 44 :1). شهدت ذل اسرائيل (ار 2 :16) ولكنها ستدمَّر بدورها (إش 19 :13؛ ار 46 :14-19؛ حز 30 :13، 16).
نيل:
في المصرية “اترو” في العبرية “يأور”. في اليونانية : نايلوس (من هنا النيل). تترجم السبعينية اليونانيّة والشعبية اللاتينية اللفظة بكلمة بوتاموس أو فلوفيوس أي النهر. من أطول أنهر الارض (طوله 6500 كلم). نبع النيل هو نيافارونفو وهو رافد من كاغيرا الذي يصب في بحيرة فكتوريا، نيانزا. قبل ان يصل إلى مصر يحمل اسماء عديدة : بحر الغزال، بحر الصراف، النيل الأزرق، اقبارا، سباط. عرض النهر يتراوح بين 460 و 900 م. اما واديه فيتراوح بين 5 و 25 كلم. يصل إلى اقصى انخفاضه في أسوان في منتصف أيار، وفي القاهرة في منتصف حزيران. تبدأ المياه خضراء ومليئة ببقايا النبات (النيل الاخضر). بعد شهر من هذا الوقت يأتي الفيضان الكبير الذي يحمل التراب الاحمر من ارض الحبشة. ويصل إلى أعلى مستواه في بداية شهر أيلول في أسوان، وفي بداية شهر تشرين اول في القاهرة. كل هذا كان قبل بناء السد العالي. النيل مهم كوسيلة اتصال وكحامل طعام شعبي (السمك : إش 19 :8؛ حز 29 :4). تتحدث التوراة عن النيل خاصة في سفر الخروج وفي الاسفار النبوية لتدل على مصر. من جزيرة الفيلة (الفنتين) إلى القاهرة، يمرّ النيل في إدفو، طيبة العمارنة، ممفيس وغيرها من مدن مصر العليا. نشير إلى أن النيل لم يؤلّه في المعنى الحصريّ للكلمة. ولكن روح النيل الذي سمّي في المصرية “ح ا ف ي” كان إلهًا ذكرًا وانثى، يجسّد خصب أرض مصر. لهذا يبدو بشكل امرأة سمينة.
نينوى:
في الاشورية : ننوا أو نينا. مدينة في بلاد الرافدين على ضفة دجلة الشرقية قرب مصب حوصر. هي اليوم حقل من الخرائب تجاه الموصل. هناك تل قيونجيك، نبي يونس. إن اقدم تاريخ للمدينة يضيع في غياهب التاريخ. حسب تك 10 :11 بنى نمرودُ نينوى. يذكر حمورابي نينوى بين المدن الكبرى في مملكته. حوالي سنة 1500، كانت تخص ميتاني. حوالي 1350، كانت للاشوريين. وازدادت أهمية نينوى من الوجهة السياسية بعد القرن 8 ق.م. حين جعلها سنحاريب عاصمة أشورية، ورفعها إلى مقام مركز الملك (2مل 19 :36؛ إش 37 :37) ووسّع مساحتها (يون 3 :2؛ 4 :11). كانت مساحتها في ذلك الوقت، على ما يبدو 664 هكتارا. انبأ ناحوم (ف 1-3) وصفنيا (2 :13-15) بسقوطها. وسقطت تحت ضربات المادايين والبابليين سنة 612. تروي التوراة أن يونان كرز في نينوى (يون 3 :1-4-11؛ رج مت 12 :41 وز )، وأن طوبيت سكن فيها (طو 1 :11). هناك يكرم الناس مدفن يونان في النبي يونس. بدأت الحفريات سنة 1846 وامتدت حتى القرن العشرين. نشير هنا إلى وجود رأس ملك من البرونز في هيكل عشتار يعود إلى الألف الثالث (حشو 432). و”شرعة حمورابي” أوردت اسم نينوى بين سائر مراكز مملكته (عمود 4أ :60) أما آثار أقدم قصر ملكي، فقد اكتشفت على موقع يعود إلى أشور بانبيال (883-859) (حشو 624). وكان هذا القصر بين هيكل عشتار وهيكل نبو. إن سنحاريب (704-681) هو الذي نقل عاصمته إلى نينوى وبنى قصرًا فخمًا في القسم الجنوبيّ من قيونجيك. وُجدت هناك جدرانيات تتحدّث عن سقوط لاكيش (حشو 371-374). في هذا القصر وضع اشور بانيبال مكتبته (25000 لويحة). أما قصر اسرحدون فكان في النبي يونس حيث نجد آثار زقورة وهيكل كبير.
https://peregabriel.com/saintamaria/16270/
Discussion about this post