الأمبراطورية الآشورية
خرائط الكتاب المقدس
( حوالي عام 650 ق . م .) بلغت هذه الأمبراطورية قوتها و مجدها , في خلال الفترة بين عامي 880 – 612 ق . م . و في عام 722 ق . م . دمرت المملكة الشمالية ( إسرائيل ) و قامت بترحيل سكانه , كما أخضعت مملكة يهوذا في الجنوب .
أشور (مدينة):
عاصمة أشورية القديمة. كانت تقع على هضبة قلعة شرقات، على الضفّة اليمنى لنهر دجلة، وتبعد قرابة 100 كلم إلى الجنوب من الموصل. اكتشفها المنقّبون سنة 1821 فوجدوا فيها عددًا من الوثائق تتوزّع من منتصف الألف الثالث حتى القرن الثالث ق.م. توزّعت المباني الرسميّة والدينيّة في المدينة القديمة التي كانت في القسم الشمالي، وكانت محصّنة جدًّا. سمّاها الأشوريّون “قلب المدينة”. وشكّل القسم الجنوبيّ من الموقع المدينة الجديدة. نحن نجهل أصول العاصمة القديمة والمدينة المقدّسة في أشورية. ولكن في زمن وثائق إيبلا السابقة لعهد سرجون الأول، كانت أشور مدينة هامّة منذ زمن بعيد، وهذا ما دلّت عليه الاكتشافات الأركيولوجيّة. توالت الهياكل والقصور على مدّ الأجيال على طول ذراع دجلة الذي جاور المدينة من الجهة الشماليّة. والمعبد العظيم للإله أشور كان في آخر شمالي المدينة على ملتقى ذراعَي النهر، حيث عُبد إله المكان منذ الأزمنة السحيقة. وارتفعت زقّورة غربي الهيكل، ثمّ القصر القديم الذي يعود إلى زمن الأكاديّين، ومعبدان مكرّسان لأنو ولهدد. وارتفع جنوبي هيكل هدد، في الجهة المقابلة لساحات الهياكل، معابد سين (الاله القمر) وشمش (الشمس) وعشتار ونبو. وانتصبت في الزاوية الشمالية الشرقيّة للمدينة، جدران القصر الجديد الضخمة. ومن وراء الخندق المحاذي للسورَين اللذين فُتحت فيهما ثلاثة عشر بابًا ضخمًا، يوجد هيكل أكيتو، عيد السنة الجديدة. ورغم هذه التحصينات الهائلة سقطت أشور سنة 614 في يد المادايين الذين سلبوا المدينة ودمّروها. ولكن المدينة قامت من تحت الرماد وازدهرت في زمن الفراتيّين.
أشورية:
تنقصنا المراجع لنعرف تاريخ الامبراطورية الاشورية. ومع ذلك لنا ما نقول عن تلك الحقبة. منذ القرن 24، كانت أشورية مهمّة بحيث إن ملك إيبلا اعتبر أنه من الموافق أن يعقد معاهدة معها. بعد ذلك، صارت أشورية جزءًا من مملكة أكاد، فكان مصير الشعبين مصيرًا واحدًا. بعد ذلك، اجتاحت المنطقة قبائل غوطسي، فعرفت مدينة أشور الدمار وظلّت على تلك الحال حتى “النهضة السومرية” في القرن العشرين. حينئد صارت أشورية مقاطعة في مملكة أور. نجد أنها تحرّرت من كل ارتباط بالجنوب الرافديني مع سقوط إيبي سين سنة 1929 ق.م. في ذلك الوقت مضى التجّار إلى كبادوكية فاستوردوا من آسية الصغرى القماش، كما جاءوا بالقصدير (من حوض تبريز إيران)، والذهب والفضة لقاء ما يبعيون من منتجات البلاد. دامت حالة الازدهار هذه قرنًا من الزمن. وتوقّفت بسبب الصراع على السلطة في أشورية. والتقلّبات السياسيّة في آسية الصغرى. أوّلاً : أشورية القديمة لا نعرف الكثير عن تاريخ هذه المملكة القديمة، التي دخلت على مسرح الأحداث كقوّة ضاربة وظلّت مستقلة بوجه الامبراطورية البابليّة. أول ملك نعرفه هو سرجون الذي سُمّي سرجون الاكادي لأنه طمع بالسلطة على كل بلاد الرافدين. وقد يكون سيطر في وقت من الأوقات على الشرق الأدنى كله. إلى هذه الفترة (نهاية الألف الثالث، بداية الألف الثاني) تعود اللوحات الأشورية التي وُجدت في تل كولتافي والتي سُمّيت لويحات كبادوكية. إنها دلت على وجود مراكز تجارية أشورية كما دلت أيضاً على بعض التأثير في الميدان السياسي. والملك الثاني القوي الذي عرفته أشورية هو شمشي هدد الأوّل (حوالي 1740-1780). ملك زمنًا طويلًا، فكان ملكه تحوّلًا في تطوّر أشورية، مع انفتاح على بابل. ومدّ سلطانه على مدن الخابور الأعلى، ثم ماداي ومناطق الفرات الاوسط. كما قام بحملة إلى لبنان ونصب مسلّة على شاطىء البحر المتوسط. ولكن بعد موته، خضع خلفه لخصمه البابليّ حمورابي (1718-1676). بعد هذا لم تعد أشورية قوية ولن تستعيد أهميّتها قبل زمن المملكة الأشورية المتوسطة. ثانيًا : واستعادت المملكة الأشورية المتوسطة دورها بين القرن الخامس عشر والقرن الثالث عشر. عقد الملوك الأشوريّون معاهدات مع البابليين لتنظيم الحدود، كما أرسلوا بعثة إلى الفرعون تحوتمس الثالث. إلى هذه الفترة تعود نصوص نوزي والرفحة وانطلاقة سلالة ميتاني. انتصر أشور بانيبال الأوّل على ميتاني، وتبادل الرسائل مع الفرعون أمينوفيس الثاني، وتدخّل في شؤون بابل الداخليّة، فتزوجت ابنته أميرًا بابليًّا. وحين زال ميتاني الذين استعملهم الحثيون ضدّ الأشوريّين، هاجمت أشورية الحثيين، ولكن قوتها كانت ضعيفة. سيكون لها بعض اللمعان في أيام أشور رشيشي (حوالي 1150-1115) وتغلث فلاسر الأوّل (1115-1090) المشهور بكتاباته. في ذلك الوقت بدأ الاراميون يدافعون عن أنفسهم. أما تغلث فلاسر الأوّل فقام بحملة على لبنان وأمورو (نشو 339). وانتقلت العاصمة من أشور إلى نينوى. وأعاد أشوردان الثاني تنظيم الاقتصاد والجيش. ونعود فسنتحدّث بالتفصيل عن الملوك الذين تعاقبوا في ملك الحقبة. بعد فترة مظلمة سلب فيها ساوستاتار (1480-1460)، ملك عيتاني، أشورية وأخضعها، قام أشور باليط الأول (1353-1318) على متياني مع موت توشراتا، واتخذ لقب الملك العظيم، رغم احتجاجات بورنابورياش ملك بابلونية الكاسي. كانت أشورية مقاطعة تابعة، فصارت قوّة يُحسب لها حساب، حتّى في مصر. مع هدد نيراري الأول (1295-1264) مدت أشورية سلطانها إلى الغرب، ففرضت الجزية على منطقة دجلة العليا، وضمّت هنيجلبت (الاسم الجديد لميتاني) ووصلت إلى أمانوستاس المرتبطه بالمملكة الحثيّة. استطاع الحثيون أن يطردوا الأشوريين من هنيجلبت ولكن شلمنصر الاول (1263-1234) انتصر عليهم انتصارًا ساحقًا أتاح له أن يستعيد السيطرة على كل الأراضي الواقعة شرقيّ الفرات. عندذاك توقَّف الحثيون عن سياسة الحرب التي تبغي الاحتلال، فاكتفوا بالحصار الاقتصاديّ على أشوريّة. توكلتي ننيورتا الأول (1233-1197) احتلّ بابلونية، ولكن هذا الاحتلال دام مدّة قصيرة. فالخلافات الداخليّة في أشورية والمقاومة البابلونيّة، فعلت فعلها في الأشوريين الذين طردهم هدد شوما شور (1211-1182). في هذا الوقت، كانت بلدان البحر المتوسط تهتزّ بفعل اجتياحات شعوب البحر. وكانت الامبراطورية الحثيّة تتداعى في اناثولية (الاناضول)، والقبائل الارامية الآتية من بلاد الرافدين العليا تقيم في مناطق كانت تنتقل فيها لرعاية مواشيها وتتسرّب نحو الجنوب والجنوب الغربي. امتدّوا فضغطوا على المملكة الأشورية في أيام تغلث فلاسر الأول (1114-1076) الذي حاول أن يدافع عن حدوده. ولكن بدأ التراجع في أشورية التي عادت إلى حدودها القديمة. ولم تكن حالة بابلونيّة أفضل من حالة أشورية. ثالثًا : شكّلت المملكة الأشورية الحديثة قمة المجد في سلطة أشورية. خضعت لها كل بلاد الرافدين بما فيها بابلونية. وامتدّت سلطة الأشوريين إلى كل سورية وبعض آسية الصغرى، ووصل تأثيرها إلى مصر. وقوّى الملوك الأشوريون سلطانهم باجلاء السكان وتقسيم المملكة إلى مقاطعات. أكثر الأسماء المعروفة هي : هدد نيرارى الثاني (911-890) : أخضع على التوالي بابلونية والأراميين مع ملكهم حاني جلبت. توكلتي نينورتا الثاني (890-883) : وسّع حدود المملكة حتى ارمينيا. أشور بانيبال الثاني (معه ندخل في التاريخ بالمعنى الحصري) : دلّت كتاباته العديدة على حروبه في سورية، (نشو 339-340) وامتداد المملكة نحو الشمال الشرقيّ والشمال والغرب، واخضاع الدويلات الآراميّة (كركميش)، على حملة نحو المتوسط (“في البحر الكبير طهَّرتُ سلاحي”)، على نقل عاصمته إلى كالح. شلمنصر الثالث (858-824) : من أعظم المحتلين في القديم. كان أول من هاجم مملكة اسرائيل في معركة قرب قرقر (853) خلال حملته الأولى على دمشق وحلفائها ومنهم أخاب ملك اسرائيل (أحابو، نشو 340-341 ؛ مسلّة نمرود، نشو 341؛ كتابة الثور، نشو 341-342). بعد الحملة الرابعة على دمشق (حزائيل) أجبر ياهو الاسرائيلي الذي من بيت عمري (ياوا من بيت حمري) على دفع الجزية (الحوليات نشو 343، كتابة في مسلة، نشو 343). شمشي هدد (823-809) : تزوّج سميراميس الأميرة البابليّة التي دخلت في عالم الأسطورة. هدد نيراري الثالث (809-781). قام بحملة على فلسطين، أخذ الجزية من صور وصيدون واسرائيل (حمري) وأدوم وفلسطية ودمشق، وانتصر على البابليين، ولكنه لم يقدر أن يحافظ على ممتلكاته في الشمال (نشو 344-345). وبدأ الانحطاط في أيام شلمنصر الرابع وأشوردان الثالث وأشور نيراري الثالث (781-758). وكانت ثورة جعلت على العرش تغلت فلاسر الثالث (745-726) أعنف الملوك الأشوريين وأسعدهم. لن نذكر من حملاته العديدة إلا إخضاع سورية وبابلونية. إتّحدت أشورية وبابلونية برباط شخصي (إن تغلت فلاسر سمّي فول كملك بابلونية). وظلّت هذه الوحدة ثابتة في أيام ابنه شلمنصر الخامس (726-721) الذي حاصر صور والسامرة. سرجون الثاني (721-705) : أسّس سلالة جديدة. في عهده وفي عهد خلفائه سنحاريب (705-681) وأسرحدون (681-668) وأشور بانيبال (668-625) وصلت المملكة إلى قمّة سلطانها. ولكن حين حارب أشور بانيبال بساميتيك الأوّل ملك مصر، أجبر على التخلّي عن ممتلكاته المصرية. وهذه الهزيمة سبّبت القلق في الغرب وفي بابلونية أكثر مما فعلت الحروب المتعددة. نشير إلى أن أشور بانيبال عُرف بمكتبته (اكتشفت سنة 853 وتضمّنت 25000 لوحة فيها الرسائل والعقود والقواميس والغراماطيق والصلوات والنصوص الاسترولوجية والتاريخيّة والجغرافيّة والقانونيّة والأدبيّة خاصة جلجامش). وبدأ الانحطاط سريعًا فصار أشور اتيليلاني، وسنشومليشير (615-612) ظلّ سابقَيهما. حينئذ هجم نبوفلاسر، بمساعدة ملك ماداي، على أشورية فاحتل أشور سنة 614 ونينوى سنة 612 (نشو 361-363). ودام آخر ملك أشوري (أشور باليت) في حاران بعض الوقت. ولكنه تخلّى عن الحرب سنة 609 (أو سنة 605) رغم مساندة الفرعون نخو له. وهكذا زالت أشورية من الوجود وحلّت محلّها المملكة البابليّة الجديدة.
أورشليم:
أوّلاً : الاسم. تسمّى اليوم : القدس (أو المقدسة : إش 52 :1). أقدم ذكر لها نجده في النصوص المصرية. في لعنات السلالة 12 : “ا و ش ا م م” وهي نقل للكنعاني “أوروشليم” كما نجده في القرن 14 في رسائل تل العمارنة. كتب النص الماسوري يروشلم وطلب أن تلفظ : يروشلاييم. هذا اللفظ هو أمر جديد وغير معروف في العهد الجديد. على مَوشور سنحاريب (القرن 7) الاسم هو أروساليمو (كلام عن حصار المدينة 701). وفي الأسفار القانونية الأولى (السبعينية) والرؤيا نجد يروسليم، وفي الأسفار القانونية الثانية وسائر أسفار العهد نجد ياروسوليما. المعنى : مدينة (أورو أو يرو : أساس) ساليم (اسم إله نقرأه في أوغاريت). إذن، أورشليم هي مدينة السلام أو تأسيس شليم. وسُميت أيضًا يبوس، مدينة داود، صهيون، المدينة (إر 32 :24؛ حز 7 :23)، يهوه هنا (حز 48 :35). ونشير إلى أنه بعد هجمة الرومان على ابن الكوكب سمّى هدريانس الروماني (135 ب.م. ) المدينة : أياليا كابيتولينا. نسبة إلى الكابيتول، أحد رؤوس رومة. ثانيًا : الموقع والامتداد. تقع أورشليم على تلة كلسيّة ترتفع 760 م عن سطح البحر المتوسط و 1145 م عن سطح البحر الميت. لا ترتبط هذه التلة بالجبل إلاّ من الشمال، وتحيط بها من ثلاث جهات وديان عميقة. في الشرق : وادي قدرون (وادي النار). وفي الغرب والجنوب : وادي هنوم (وادي الربابة) الذي ينضمّ إلى وادي النار قرب بئر أيوب (في العهد القديم : روجل). ويصبّ وادي النار بدوره في البحر الميت. تنقسم التلة قمتين يختلف ارتفاعهما وبنيتهما. يفصل بينهما الوادي الذي سمّاه الشعب في أيام يسوع : وادي الجبّانة (عند فلافيوس يوسيفوس : تيروفيون) والذي امتلأ اليوم بالخرائب. يمرّ هذا الوادي في المدينة منطلقًا من باب دمشق نحو الجنوب الشرقي إلى بئر أيوب. وتنقسم القمتان إلى مرتفعات عديدة بحيث تبدو المدينة في شكل وعر. فالقسم الشمالي من التلة الشرقية يتوِّجُهُ الحرمُ الشريف. والقسم الجنوبي المسمى الضهورة كان حقولاً. وتَسمّى امتدادُ هذا القسم في التوراة : عوفل. وفي القسم الشمالي للقمة الغربية نجد كنيسة القيامة، وفي القسم الجنوبي صهيون المسيحية والعليّة. ثالثًا : التنقيبات (أ) سنة 1867-1868 وما بعد : سور عوفل، الضهوره وحائط تيروفيون، نبع جيحون والقنداق والقنوات. كل هذا يدلّ على أنّ أورشليم السابقة لداود وأورشليم الداودية (صهيون) امتدت على 4 هكم وكانت واقعة على الضهورة. فعند سفح هذه التلة في وادي قدرون، يوجد النبع الوحيد والضروري للمدينة (أم الدرج. جيحون في العهد القديم). من هذا النبع ينطلق نفق حُفر في الصخر. هو يصعد إلى المدينة بحيث يصل إليه الناس داخل الأسوار. (ب) في ايام سليمان. امتدت المدينة انطلاقًا من التلة الجنوبية الشرقية نحو الشمال، إذ شيّد الملك الهيكل والقصور الملكية. وكان الهيكل على القمة الشرقية الموجهة نحو الشمال حيث كان بيدر ارونا وحيث يوجد اليوم الحرم الشريف. والصخر في قبّة الصخرة يدل على مذبح المحرقات أو قدس الأقداس في هيكل سليمان. وإن سليمان بنى سورا حول المدينة كلها. (ج) إذا عدنا إلى فلافيوس يوسيفوس (الحرب 5 :142-145) نعرف أنّ هذا السور حمى عمل داود وسليمان وخلفائهما، أي التلة الجنوبية الشرقية والتلة الجنوبية الغربية. واختلفت الآراء حول موضع قلعة اليبوسيين. (د) الذين يظنون أن التلّة الجنوبية الغربية لم تُضمّ إلى المدينة قبل المنفى يقولون بوجود حيّ جديد (في القرن 9) اسمه “مشنه” (أي القسم الثاني. في العربية : المثنى) (2 مل 14 :22). هذا الحي هو امتداد جديد (بعد ضم البيدر والتلة الجنوبية الغربية) لأورشليم. كان له سوره في ايام الملك حزقيا (2 أخ 32 :2-5). ولكن هذا السور لم يَضمّ الجلجثة (حيث كنيسة القيامة) كما يقول يو 19 :20؛ عب 13 :12. (هـ) بعد سنة 41-44 ب.م. وسّع هيرودس أغريباس الأول المدينة فابتدأ ببناء حائط جبار لم يُنهِه. هذا ما يسميه يوسيفوس السور الثالث. كان يضمّ أراضي واقعة شمالي أورشليم. (و) في سنة 132، بنى ابن الكوكب بسرعة وبمواد مختلفة حائطاً يقيه هجمات الرومانيين. رابعًا : تاريخ المدينة (أ) اكتُشفت فخاريات في مقابر الضهورة وآثار حائط بجانب قمّة الضهورة. وقناة تعبر التلة إلى الشمال من جيحون، وهي محفورة في الصخر. كل هذا كان في بداية البرونز الأول. وهذا يعني ان المكان كان مأهولاً حوالي سنة 3000. كان الوادي يحمي المدينة من ثلاث جهات، والقناة من جهة الشمال من حيث يأتي الخطر. (ب) حوالي سنة 2000، دخل الأموريون إلى كنعان وخسرت مصر سيادتها على هذه البلاد. انتمت أورشليم إلى هذه المدن التي خاف الفرعون (السلالة 20) من أن تتخلى عنه (نصوص اللعنات). وجاءت بعد الأموريين عناصر هندو أوروبية وحورية استعملت الخيل من أجل الركوب وجرّ الأثقال. ومن أجل مركباتهم الحربية أقاموا مخيمات مستطيلة تحيط بها مرتفعات من الأرض القاسية وفوقها تلة حجارة غير منحوتة. بين سنة 1800 و 1600 بنوا قلعة من هذا النوع في أورشليم. ووُجد حائط طوله 30 م. كان يحيط بعوفل ويربطه بالمدينة القديمة. وإلى الزمن عينه تعود البئر التي حُفرت في الصخر فأتاحات للناس أن يستقوا من مياه نبع جيحون خلال الحصار. (ج) تعلمنا رسائل تل العمارنة في القرن 14 أنه كان لأورشليم ملك يحمل اسمًا حوريًا : عبدي حافه. في ذلك الوقت كانت أورشليم مدينة. وهناك ملوك كنعانيون آخرون نعرف منهم : ملكيصادق (تك 14 :18) أدونيصادق (يش 10 :3؛ قض 1 :5-7). (د) ظلّت أورشليم في يد الكنعانيين حتى داود الذي احتلّ المدينة وجعلها عاصمته. نقل إليها تابوت العهد، فصارت المركز الدينيّ في مملكته (2صم 5-6). ووسّع سليمان المدينة (ملو، الهيكل، القصر ). تُنسب إليه قبور الضهورة (قبر داود الذي جعله التقليد خطأ في التلّة الجنوبية الغربية) وبركة مياه وقنوات يغذّيها نبع جيحون (جا 2 :5 ي). (هـ) رغم الانشقاق، توسّعت أورشليم كثيرًا بعد موت سليمان. بعد سنة 800، دمّر يوآش، ملك اسرائيل، السور على طول 200 م. (2مل 14 :23؛ 2أخ 25 :23). فرمّمه عزيا، وحصّنه، وزاد عليه أبراجًا مع أمكنة للمنجنيق (2أخ 28 :9، 15). وتابع يوثام (2أخ 27 :3) عمل سلفه. واستعد حزقيا لهجوم الأشوريين، فأقام سورًا جديدًا، وبدّل نظام أقنية جيحون (كانت خارج السور ولم تكن مغطاة، إذًا كانت خطرة) بنفق يعبر الضهورة ويقود الماء من النبع إلى داخل المدينة في بركة واقعة في التيروفيون (2مل 20 :20؛ 2 أخ 32 :3-4، 30؛ سي 48 :7؛ إش 18 :7). بهذه الطريقة لم تعد مؤونة المياه خاضعة للمحاصرين. وحسّن منسّى، خلف حزقيا، السور الشرقي (2أخ 33 :14). سنة 598، وصل نبوخذنصر أمام المدينة ليعاقب يواكيم الملك الذي تمرّد عليه. ولكن يواكيم مات في ذلك الوقت. وتمرّد خلفه صدقيا. فجاء نبوخذنصر ودمّر الهيكل والمدينة (875 ق.م.؛ 2مل 25 :1-21؛ 2أخ 36 :17-21). (و) رغم هذا ظلّت أورشليم خلال أيام المنفى المركزَ الدينيّ لأهل السبي (مز 137؛ إش 40-55) وللذين ظلّوا في فلسطين. وكانوا يحجون إلى خرائب الهيكل (إر 14 :4 ي). بعد المنفى، أعاد عزرا ونحميا تدريجيًا بناء المدينة والهيكل رغم معارضة السامريين. في سنة 445، جاء نحميا بالسلطات الضرورية ورفع السور في 52 يومًا (نح 6 :15). ويتضمّن تقرير هذا البناء (نح 2 :12-3 :32) عددًا من المعلومات الطوبوغرافية التي لا نستطيع دومًا أن نتتبّعها على الخارطة، ولكنها تعطي فكرة عن اتساع المدينة. هو يسمي عشرة أبواب نعرف موقعها مع بعض الدقة : باب الوادي، باب الزّبل، باب العين، باب الماء، باب الخيل، باب السمك، الباب العتيق (باب إفرايم أو باب مشنه)، باب الغنم، باب الشرق. ويذكر التقرير تفاصيل طوبوغرافية أخرى : برج حننئيل (حيث تقوم انطونيا)، برج الافران (القلعة الحديثة)، الزاوية (على عوفل، جنوبي الحرم الشريف)، عين بركة الملك (تيروفيون)، درج مدينة داود (الضهورة)، مقابر داود. (ز) إن حملة الاسكندر الكبير ضمّت أورشليم إلى المملكة الهلينية. بعد موته، احتلها اللاجيون حتى سنة 198 ق.م. حين فتحت المدينة أبوابها للسلوقي أنطيوخس الثالث، اتّبع هذا الملك سياسة الفرس واللاجيين، فاعترف اعترافًا رسميًا بالتيوقراطية اليهوديّة، وصادق على امتيازاتها. ولكن في بداية عهده، حاولت جماعة من محبّي العالم الهليني مع الملك الجديد أن تطبع مدينة أورشليم بالطابع الهليني (لأن الملك اعتبر أن توحيد المملكة توحيدًا جذريًا هو مهمته الأولى). نجح هؤلاء، وشيّدوا ملعبًا هو من ضروريات كل مدينة هلينية. في سنة 169، سلب أنطيوخس الهيكل، وفي سنة 167 كرّسه لزوش الأولمبي. وإذ أراد السلوقيّون أن يراقبوا السكان، بنوا قلعة (أكرا أورشليم). وتوصل يهوذا المكابي سنة 164 إلى إعادة الهيكل إلى عبادة يهوه (1 مك 4 :26-59). ولكن اكرا ظلّت في يد السلوقيّون حتى سنة 141 حين استسلمت الحامية لسمعان المكابي (1مك 12 :36؛ 13 :21-22، 49-52؛ 14 :37). في أيام اسكندر جنايوس (103-760)، أو اسكندارة (86-87)، صارت اكرا مركز الحشمونيين بعد أن أقام اسلافهم منذ سمعان المكابي في برج حننئيل (سمّاه اليونانيون : باريس). (ح) خلال الحرب الأهلية بين هرقانوس الثاني وأرسطوبولس الثاني، وصل القائد الرومانيّ بومبيوس إلى أورشليم سنة 63 ق.م. أخذ الهيكل من اتباع ارسطوبولس، وسلّم رئاسة الكهنوت إلى هرقانوس (63-40). في سنة 47، عيّنه يوليوس قيصر اتنارخًا على فلسطين وجعل له مساعدًا في شخص انتيباتر الأدومي. في سنة 40، عُيّن ابن انتيباتر، هيرودس الكبير، ملكًا من قبل رومة. وبمساعدة الرومان، توصّل سنة 37 إلى أخذ أورشليم من أنطيغونيس ابن ارسطوبولس الثاني. في سنة 20 أو 19 ق.م. بدأ هيرودس بإعادة بناء الهيكل. ولم ينتهِ هذا العمل الضخم الا سنة 63 ب.م. ففي الزاوية الشمالية الغربية لأبنية الهيكل حول برج باريس (حننئيل)، بنى قلعة قوية سمّاها أنطونيا اكرامًا لأنطونيوس أحد الحكّام الثلاثة (تريومفير). وعلى التلة الجنوبية الغربية، شيّد قصرًا مع ثلاثة أبراج (قلعة باب يافا العتيدة). إلى شرقي قصر الحشمونيين القديم (اكرا)، بنى ساحة كبيرة (أغورا) تحيط بها العواميد وسمّاها كسيستوس. من هذه الساحة امتد جسر فوق تيروفيون إلى ساحة الهيكل. في سنة 70 ب.م. أخذ تيطس المدينة التي كانت ثائرة وأحرق الهيكل. وصارت فلسطين مقاطعة تتعلق بالامبراطور ويحكمها والٍ يقيم في قيصريّة ويأتمر بأمره فيلق من الجيش. سنة 132 اندلعت ثورة جديدة على أثر أمر الأمبراطور هدريانس بتحويل أورشليم إلى مستوطنة رومانيّة. وبعد معركة قاسية، أُخذت المدينة ونفَّذ الأمبراطور تصميمه : صارت أورشليم أيليا كابيتولونيا. وعلى موقع الهيكل المدمّر ارتفع هيكل لجوبيتير الكابيتوليني. ومُنع اليهود من المجيء إلى اورشليم تحت طائلة الموت. رابعًا الطوبوغرافيا. رج * أنطونيا، * بيت زاتا، * العلية، * جباتا، * جتسيماني، * جلجثة، * عوفل، * باب الغنم، * قصر الحاكم (بريتوريون)، * القبر المقدّس، * سنهدرين، * سلوام (شيلوحا) * صهيون، * الهيكل. خامسًا : أورشليم في تاريخ الخلاص. (أ) الاختيار (1) : حين احتلّ داود مدينة أورشليم، جعلها عاصمة سلالته التي وعدها الرب بملك أبدي (2صم 7 :8-16). هكذا كانوا يتصوّرون المدينةَ في زمن الخلاص الآتي (مز 2 :6-9؛ 101 :1 ي). أورشليم هي عاصمة الملك الذي يحميه الرب ليُخضع كل الشعوب المجتمعة في مملكة شاملة (مز 132 :17 ي). (2) بحضور تابوت العهد صارت أورشليم مركز اسرائيل الديني (2 صم 6؛ 1 أخ 15-16؛ مز 24 :7-10؛ 132) مسكن يهوه (خر 15 :13، 17). يشير تث 33 :12 الى هذا الأمر. وصارت نخبة الشعب أكثر وعيا لأهمية هذا الامتياز الذي حصلت عليه أورشليم بعد أن رذل الله شيلو بسبب خيانة افرايم (مز 78 :60-69). وفي اللاهوت الاشتراعي، لا بدّ أن يكون يهوه جعل اسمه (تث 12 :5، 21؛ 14 :24؛ 1مل 9 :3؛ 11 :36…) في أورشليم. فهذا يعني الطابع اللاشرعيّ لسائر المعابد (تث 21 : 2-14؛ 2مل 23 :7 ي؛ رج مز 87 :2). فعلى كل القبائل أن تحجّ الى أورشليم (مز 122 :4)، مدينة الله (مز 87 :3)، حيث نصبَ الله خيمتَه (مز 76 :3؛84). (ب) خيانة وقصاص. ولكن أورشليم لم تكن أهلا لهذا الاختيار. ومع أنّ عاموس كان معتقدًا كل الاعتقاد أنّ أورشليم هي مسكن يهوه (عا 1 :2)، إلاّ أنه لم يتردّد في تهديد المدينة بالدمار بسبب خيانتها (عا 2 :5). وإن إشعيا الذي كان شاهدًا لظلم أورشليم، أعلن أنّ الله يطهّر المدينة (إش 1 :21-25)، يدينها (إش 3 :1-15؛ 28 :14-22؛ مي 1 :9-12؛ 3 :10-12)، يبعثرها، ويدمّرها بالحرب (إش 3 :25-4 :1). سيُلحق الخزي بالنساء المتكبرات، ويطردهنّ وهنّ لابسات المسوح (إش 3 :16-24). ولكن بما أنّ أورشليم هي مدينة الله، فلا يقدر عدوّ أن يُعدمها الحياة (إش 10 :11-12، 32-34؛ 29 :8؛ 31 :4-5). فبعد هذا الالم المطهّر، سيغطّي الله، كما بسحاب، بقيّة أورشليم التي ستُبنى على حجر زاوية جديدة (إش 28 :16، رج 4 :5). حينئذ كل سكانها الذين سُجّلوا من أجل الحياة (مز 313 :3) يكونون قديسين (إش 4 :3). فتُدعى مدينة البر والقلعة الأمينة (اش 1 :26). ويُعاد بناء الملكية في بهائها الأول (مي 4 :8)، وتصير أورشليم عاصمة روحية لكل البشرية (إش 2 :1-5 مي 4 :1-3؛ مز 87). وفي أيام ارميا، لم تكن الحالة في أورشليم أفضل ممّا كانت عليه في أيام أشعيا (رج ار 2 :28 حسب السبعينية؛ 5 :1-31؛ 7 :17-19؛ 22 :13-19؛ حز 8 :11؛ 22). ولهذا توالت تهديدات (إر 1 :15ي؛ 2 :1ي؛ 4 :3-31، 6 :1ي؛ 13 : 20-27؛ حز 23 :1ي؛ صف 1 :4، 12؛ 3 :1-5). وجاء معها وعدٌ بإعادة البناء في أورشليم منقّاة وحاملة الاسم الجديد (الرب صدقنا). ويملك عليها ملكٌ يكون جديرًا بداود (إر 33 :15 ي). حينئذ لن يعود تابوت العهد ذات جدوى، لأنّ أورشليم نفسها ستُسمّى “عرش يهوه” (صف 3 :14-17)، ويجتمع كل الشعوب حول اسمها (ار 3 :17؛14 :21). والصورة التي يعطيها حز 40-48 عن أورشليم التي سيسكنها الرب بعد تنقية المنفى، ستكون بلا ارتباط بالواقع التاريخي. ستكون المدينة تحت حكم الهيكل الذي منه يجري نبع يعطي البلاد خصبًا عجيبًا (حز 47 :1-2). لا يريد حزقيال أن يكون هناك قصرٌ أو مدافن قرب الهيكل (حز 47 :7-12)، فأورشليم لن تعود مدينة ملكية. فبعد اختبارات الماضي المؤلمة، أعلن النبيُّ الحكمَ على الملكية. في حز 44 :3؛ 45 :7-12؛ 46 :2 يتكلم حزقيال عن أمير (ناسي). فأورشليم الجديدة تسمى : يهوه، الرب هناك أو إلهنا معنا (حز 48 :35). (ج) زمن الرجاء. 1) الفرحة الأولى. بعد المنفى، كان إشعيا الثاني هو المنادي بأزمنة جديدة (إش 40 :2،9؛ 51 :17)، ورسول الأخبار الحلوة (البشرى) (إش 41 :27؛ 52 :7). أمر الربُّ بإعادة بناء أورشليم (إش 44 :26، 28؛ 52 :9؛ رج زك 1 :16-17)، لأنه لا يقدر أن ينساها (إش 49 :14-16). سيجعل منها عدنًا جديدة (إش 51 :3). بعد أن كانت مهملة (إش 51 :18-20). وهي الآن ستعجّ بالسكان (إش 48 :18-23؛ 54 :1-17؛ رج زك 2 :8-9). وعليها أن تتزيّن كعروس بلباس العيد (إش 49 :18؛ 52 :1). هي مبنيّة بحجارة ثمينة (إش 54 :11-12؛ رج طو 13 :16-17)، ومؤسَّسة على البرّ (إش 54 :11). ويحرّض حجّاي شعبه اليائس على الثبات، لأنّ صعوبات البناء تتكاثر (حج 2 :6-9) : قريبًا ستأتي الشعوب الى أورشليم. ويرى زك 2 :4-7؛ 8 :22 الوقت الذي ستكون فيه أورشليم عاصمة البشر جميعًا. 2) ايمان بمصير أسمى. (أ) كانت أورشليم مثالية، حين ظهرت لحزقيال (كما لموسى جديد) على جبل عال (حز 40 :2؛ رج خر 25 :40؛ 26 :30؛ 27 :8). ولكن النخبة الدينية في ذلك الوقت خاب أملها لتأخّر البهاء الموعود به للمدينة، فتأمّلت في أورشليم غير مبنيّة بيد انسان، بل تلك التي تكون خليقة الله (إش 65 :10؛ رج 62 :5. أقرأ : بانيك لا بنوك؛ 62 :7؛ مز 147 :2). هذه الفكرة موسعة في الابوكريفات الجليانية حيث أورشليم العتيدة والحاضرة في السماء في بداية العالم الجديد، ستنزل على الأرض لتكون مسكن المختارين (اخنوخ). والموضوع يرد بتواتر بعد دمار المدينة سنة 70 ب.م. (باروك سرياني، عزرا الرابع، رج غل 4 :26؛ عب 12 :22؛ رؤ 21 :2-22). ونقابل مع هذه الصورة المتحرّرة من عالم الأرض، صورةً نجدها في رؤ إش حين يهيّئ الرب (بعد أن يعاقب العالم بكارثة كونية، إش 24 :21-23) في أورشليم المحمية، وليمةً تدعى اليها كل الأمم. حينئذ يزول كل ضيق ويُطرد الموت الى الأبد (إش 25 :6-10؛ رج مت 8 :11؛ لو 14 :5). (ب) وُلد من أزمة خيبة الأمل هذه، رجاء جديد يعلن أن الله سيتدخّل بطريقة غير منتظرة (إش 62 :1؛ 66 :6 ي) ليعيد بناء أورشليم ويجعلها مأهولة فتصير مركز الكون الديني (إش 60؛ 62). وتصبح الشمس والقمر بلا فائدة، لأن يهوه يكون ضياء أورشليم الأبدي (إش 60 :19-20؛ رؤ 22 :5). (ج) واذ اقتنع حز 38-39، ويوء 2 :20؛ 4؛ زك 12 :14 أن دمار أورشليم على يد بابل لم يكن علامة الأزمنة الجديدة، جعلوا في نهاية الأزمنة الهجوم المعلن على أمم الشمال (إر 1 :15؛ 4 :5-31؛ 6 : 1ي؛ رج حز 38 :17؛ يوء 2 :20). وفي وقت يصل الضيق الى القمة، يتدخّل يهوه. وكل الذين دُعوا باسم الرب في أورشليم ينجون (يوء 3 :5). وتجري ماء حية من أورشليم (يوء 4 :18؛ زك 14 :8)، ويسكن الرب فوق صهيون (يؤ 4 :20)، ويكون يهوه الاله الواحد (زك 14 :9). (د) ويبيّن زك 9 :9 ي أن المثال القديم لأورشليم المدينة الملكية لم يمت بعد. ولكن الملك المُنتظر ليس المحتل المتكبّر (على حصان) والذي لا يقاوم. إنه أمير السلام الذي ينزع من مملكته الشاملة كل سلاح وكل عنف حرب. وان مت 21 :4 ي ويو 12 :15 رأيا أن مثال هذا الملك المخلّص قد تحقّق في شخص يسوع المسيح. (هـ) وتوسّعُ النظريات الخاص حول أورشليم كما في أوج، دفع الكتّاب الجليانيّين الى التمييز بوضوح بين أورشليم السماوية وأورشليم التي على الأرض. وفي النهاية، اندمج الرجاء ان في نظام واحد سيستعيده سفر الرؤيا : بعد حكم يدوم الف سنة (ب، د؛ رؤ 20 :1-6) الذي هو زمن إقامة الكنيسة، يهجم جوج وماجوج ضد أورشليم (رج رؤ 20 :7-10). حينئذ يتجدّد الكون، وتنزل أورشليم السماوية على الأرض (أ، رؤ 21 :1-2). (و) زمان التمام (يتم كل شيء). تيقّن كتّاب العهد الجديد أن “خلاص أورشليم” (لو 2 :38؛ رج إش 52 :9 : فداء) والزمن الذي فيه تفتقد النعمةُ أورشليم (لو 19 :44؛ رج 1 :68)، قد ظهر مع يسوع الناصري. ومنعطفُ التاريخ هذا، قد أنبأ به كوكب وجَّه بعض المجوس الى يسوع (مت 2 :1-12). في أورشليم، سيتمّ عمل فداء البشرية (مت 16 :21؛ 20 :17؛ لو 9 :31؛ 13 :33؛ 18 :31). ومع أنه في وقت محدّد عرفت المدينة في يسوع ملكها الذي انتظرته طويلا (مت 21 :1-11 وز )، إلاّ أنها تمرّدت عليه (مت 22 :1-14؛ 23 :37؛ لو 13 :34؛ 19 :41-42) وفي النهاية رذلته. أنبأ يسوع بالعقاب (مت 22 :7؛ 23 :38؛ مر 13 :2؛ لو 13 :35؛ 19 :43-44؛ 21 :16) ولن يتأخّر هذا العقاب. واذ كان يسوع على طريق الآمه، حثّ بنات أورشليم على أن يبكين على نفوسهنّ وعلى أولادهن (لو 23 :29-31). وهنا تأتي مشكلة توافق المواعيد الجميلة التي وعد بها الرب أورشليم والواقع المرعب. وسيقدم العهد الجديد بعض الأجوبة. 1) كانت أورشليم نقطة انطلاق من أجل تبشير العالم بالمسيحية (لو 24 :47؛ أع 1 :8). ففيها تأسّست الكنيسة يوم العنصرة حسب مواعيد العهد القديم (أع 1 :4؛ 2 :1ي). رذلت أورشليمُ المسيح، ولكن الله ظلّ أمينا لمواعيده وسيبقى (رو 11 :29). وينتظر مت 23 :39 زمنا تعترف فيه أورشليم بيسوع أنه مرسل الله (في لو 13 :35 يعني النص دخول الشعانين المفرح، وذلك بسبب تبديل السياق). ويلمّح لو 21 :20-24 إلى أنه بعد زمن الوثنيين سيُعاد بناء أورشليم. وهذا هو اعتقاد بولس في رو 11 :25-32. ويجعلنا رؤ 11 :8 نفكّر أنه خلال حكم الالف سنة الذي يسبق ملء الخلاص، ستكون أورشليم الأرضية قلب مملكة يسوع المسيح الشاملة. لا شكّ في أن هناك كلمات قاسية في رؤ 11 :8، ولكنها تشير الى رومة، على ما يبدو (يقال أن الحاشية عن الصلب زيدت فيما بعد). 2) وإذ رأت غل 4 :26 (رج فل 3 :20) في أورشليم رمز تدبير مضى، فهي تستعيد فكرة أورشليم السماوية التي رآها بولس تتحقّق في الجماعة المؤسَّسة في المسيح. واذ حُكم على أورشليم الأرضية بالزوال، صارت أورشليم السماوية حاملة الوعد ومسكن الابرار الأبدي. هذا هو بصورة خاصة الموضوع الأكبر في الرسالة الى العبرانيين حيث تنطبق بنية أورشليم السماوية على بنية أورشليم الأرضية (11 :10، 16؛ 12 :22؛ 13 :14). ويقدم فيلون الاسكندراني (الاحلام 2 :250) أفكارًا مماثلة في العالم اليهودي. وإذ يستعمل بولس هذه الصورة ليدل على أن الخلاص الاسكاتولوجي حاضر منذ الآن في المسيح، يحتفظ بها رؤ 21 :2-22 لمجد ملكوت الله العتيد والنهائي. 3) يكرّس يوحنا القسم الأكبر من انجيله لرسالة يسوع في أورشليم. في نظره، الهيكل (يو 2 :19)، وبركة سلوام (يو 9 :7)، واضاء ة الهيكل (يو 8 :12)، هي رموز عن المسيح. ومع هذا فهو يرى في يسوع المسيح أورشليم الجديدة التي تبدأ مع قيامته (يو 2 :19-22). وفي 7 :37 ي يماثل يوحنا بين يسوع وأورشليم الاسكاتولوجيّة التي يخرج من جوفها ينابيع مياه حية (حز 47 :1-11؛ يوء 4 :18) والتي فيها سيجتمع أبناء الله المشتَّتون (يو 11 :25؛ رج إش 60 :4، 9).
بابل:
عاصمة بابلونية. في الأكاديّة : باب ايلي. في السومريّة. كا دنجر را بيت الله. إن الاسم بابيلا سابق للعالم السامي والعالم السومريّ. أما الاشتقاق الشعبيّ فيقابل الكلمة مع العبريّة بلل (بلبل). كانت مدينة بابل تمتدّ على ضفتيّ نهر الفرات، وامتدت خرائبها على 10 كلم مربع. وتل بابل قد احتفظ بالاسم القديم وسط هذه الانقاض. وُجدت معظم الأبنية على الضفّة الشرقيّة للفرات التي ارتبطت بالأحياء الغربية بواسطة جسر بُنيَ في أيام نبوخذ نصر الثاني. تُشرف على المدينة زقورة إيساجيل وهيكل مردوك. ارتفعت هذه الزقورة 90 مترًا فوق السهل، وكانت تهاجم السماء بطبقاتها السبع (صشو 763). كانت “باب الاله ” والنموذج الأول لبرج بابل في تك 11 :1-9. كانوا يصلون إلى الهيكل عبر طريق التطوافات، التي تنطلق من باب عشتار (صشو 760-762). زيّن البابَ 575 تنينًا وثورًا توزعت في 13 صفًا، كما زُينت طريق التطوافات بـ 120 أسدًا. يسمّي إرميا (25 :26؛ 51 :41) بابل شيشاك (يعود إلى الأكادي شيشكو : تلاعب على الكلمات باسم خفيّ، وكأنه لا يريد أن يذكر الاسم الحقيقيّ). في العهد الجديد، بابل هي الاسم الرمزيّ لرومة (1بط 5 :13؛ رؤ 14 :8؛ 16 :9؛ 17 :5؛ 18 :2؛ 10، 21). موقع بابل القديمة يقع على تلال عديدة ومنها تل إلى الشمال يدعى اليوم تل بابل وقد تمّت فيه حفريات عديدة. تأسّست بابل على يد السومريّين وسمّيت كذلك للمرّة الأولى سنة 2700 تقريبًا في أيام الملك شركليشاري، ولكنّها لم تلعب دورًا كبيرًا، بل ظلّت تابعة لأور. لم تتّخذ المدينة أهميّة كبيرة إلاّ في أيّام سلالة بابل الأولى. أسّس بابل شومو أبو (حوالي 1830) ورفع أسوارها الأولى. أمّا تاريخ بابل حتى سنة 539 فيرافق تاريخ بابلونية، وقد ظلّت معروفة حتى في الزمن الفارسيّ. ورغم الأبنية الجديدة التي شُيّدت فيها، انحطّت في العهد الهلينيّ لأنّ سلوقس الأول نقل عاصمته إلى سلوقية. احتلّها الفراتيّون سنة 127 ق.م. وهكذا زالت من التاريخ.
بحر (الـ):
افترق بنو اسرائيل عن الفينيقيين واليونان، فما غامروا في البحر. وهذا ما يفهمنا أن لفظة “ي م” تعني البحر (تالاسا في اليونانية) والبحيرة (لمني). تحدّثت البيبليا عن البحر * المتوسط الذي سُمِّي في اللغة الاصلية “البحر الكبير” (عد 34 :6؛ يش 1 :4)، “بحر الفلسطيين” (خر 23 :31)، “بحر يافا” (عز 3 :7)، “البحر الغربي” (تث 11 :24). وتحدّثت عن البحر * الميت، و* البحر الأحمر (بحر * القصب)، و”بحر” الجليل (مت 4 :18؛ مر 7 :31) أو بحيرة * جنسارت (لو 5 :1). يذكر أع 27 :27 البحر * الادرياتيكي : نحن في الواقع أمام البحر الايوني، حسب عادة الاسكندرية. وسمّي النيل “ي م” (نا 3 :8) وكذلك الفرات (إر 51 :36). البحر هو معجزة الخلق (مز 93 :3-4). خلقه الله (مز 95 :5؛ 461 :6)، ونظّمه، ورسم له حدودًا (تك 1 :9). وهكذا يتسلّط الله على البحر (إش 51 :9؛ أي 38 :8-11). وعبور البحر الأحمر هو أوضح مثال على ذلك (خر 14 :16؛ مز 106 :9). دلّ يسوع أن سلطان الله هو بين يديه، لأن البحر يخضع لكلمته (مر 4 :39)، كما أنه يسير على المياه (يو 6 :19). منذ قديم الزمان أثّر البحر على مخيّلة الشعوب بسبب قوّة الدمار التي فيه (حز 26 :3-4)، وبسبب هيجانه (أي 38 :8) واتساعه (أي 11 :9) وعمقه (يون 2 :6-7) والوحوش التي فيه (دا 7 :2؛ رؤ 13 :1). في نهاية الأزمنة، لن يعود هناك من بحر (رؤ 21 :1، إذن، يزول الشرّ)، بل يبقى بحر البلّور (رؤ 4 :6؛ 15 :2) رمز النقاء والسلام.
بحر الأحمر:
هذا الاسم (تالاسا اروترا من الارتريّين الذين يسكنون قرب البحر الأحمر) لا يرد إلاّ في أسفار التوراة اليونانيّة وفي أسفار العهد الجديد (أع 7 :36؛ عب 11 :29). إنه يترجم الكلمة العبريّة : يم سوف التي ترجمها اليونانيّون مرّة واحدة تالاسا سيف أي بحر القلزم (البحر الاحمر) (قض 11 :16). حسب الرأي التقليدي المعبّر عنه في عد 14 :23؛ 21 :4؛ تث 1 :40؛ 2 :1؛ قض 11 :16؛ 1مل 9 :26؛ ار 49 :21 حيث يم سوف (بحر القصب) تدلّ على خليج العقبة، علينا أن نماثل بين يم سوف والبحر الأحمر الحالي. إن ترجمة البحر الأحمر لعبارة بحر اروترا ترجمة غير كافية. فبحر اروترا تضمّن البحر الأحمر مع خليجي السويس والعقبة (أو إيلات) والمحيط الهنديّ والخليج الفارسيّ. في السبعينيّة وفي العهد الجديد “بحر اروترا” هو ترجمة “يم سوف”. أما البحر الأحمر في المعنى الحديث للكلمة فيمتدّ من مضيق باب المندب (عرضه 33 كلم) حتى السويس، بطول 200-250 كلم، وهو يحتلّ منخفضاً يقع بين عرابية وافريقية. لهذا السبب سمّاه الرومان “الخليج العربيّ”.
بحر سوف:
أو بحر القصب. رج بحر الأحمر.
دجلة:
في العبريّة : حداقل. في الآراميّة : دقلة. في الفارسيّ : تغرا. ومن هنا في اليونانيّة تغريس. يجري شرقيّ الفرات. يتكوّن من مجريين ينبعان من جبل ارمينيا. روافده (من جهة الشرق فقط) : الزاب الكبير، الزاب الصغير، ديالة، خواسفيس (كرخا). في الزمن القديم كان مصب دجلة بعيدًا عن مصب الفرات. أما اليوم فيجتمعان قبل أن يصلا إلى الخليج الفارسيّ أو العربيّ. في التوراة : دجلة هو نهر في الفردوس (تك 2 :14، رج سي 24 :25) ويُذكر أيضاً في دا 10 :4 (ظهور ملاك) وفي طو 6 :1 (صيد سمكة كبيرة) وفي يه 1 :6. نشير إلى أن اليونان سمّوه “النمر” بسبب اندفاع مياهه وما تحدثه من فيضانات.
دمشق وثيقة:
رج وثيقة صادوق (الأدب القمراني).
شوشن:
عاصمة عيلام القديمة. تقع على نهر أولاي (اليوم : كرخة). كان ملوك الفرس يقيمون فيها بعض المرات (نح 1 :1؛ اس 1 :2). شوشن هي المكان الوحيد الذي اكتشف فيه المنقّبون أشياء عيلاميّة. احتلّ الفرس عيلام سنة 596، وبنى فيها داريوس قلعة وقصرًا. أعطاها أنطيوخس الأول سوتر (293-261) اسم سلوقية. ماذا قالت التنقيبات عن شوشن؟ نقسم الكلام بين الزمن السابق للأخمينيّين، ثمّ الزمن الممتدّ من الأخمينيّين إلى الفراتيّين. عُرفت شوشن منذ الألف الرابع في جماعات عاشت من الزراعة ومن الصيد، وتركت وراءها فخاريات جميلة وملوّنة. بعد ذلك، توسّعت حضارة على مستوى المدينة فولّدت كتابة صَوريّة (بكتوغرافيك) ثمّ سطوريّة (على السطر) استعملت منذ منتصف الألف الثالث. والحسابات التي وُجدت دلّت على أن دولة شوشن تنظّمت منذ ذلك الوقت على مثال سومر القريبة. اتّصلت شوشن بالسومريّين فأعطوها الكتابة المسماريّة التي عرفتها بلاد الرافدين. في القرن 22 ق.م.، أعلن أمير شوشن “كوتيك إن شوسيناك” الذي كان حتى ذلك الوقت تابعًا لملك أكاد، استقلاله عن الأكاديّين واجتاح بابلونية. باءت هذه المحاولة بالفشل. ولكنّها دلّت على أهميّة شوشن. في زمن سلالة أور الثالثة، ارتبطت المدينة بملوك أور. ولكن إنداتو الأول، حاكم شوشن، استطاع أن يكوّن دولة عيلاميّة قويّة. فشيّد الأسوار حول المدينة التي بنى فيها الأحياء وجمّلها. بعد ذلك، خضع الشوشنيّون لملوك لارسا (بابلونية). ولكنّهم، سنة 1800، أزاحوا النير الرافديني ونعموا باستقلال دام قرابة قرن من الزمن. وانكسفت شوشن قرونًا عديدة لتتحرّر سنة 1300 من الاحتلال البابلي. وما تأثّرت بصعود “دور أونتاش” العاصمة الجديدة التي شيّدها الملك “أوتاش خومبان” (1265-1245). انتصبت دور اونتاش (ابتعدت 42 كلم إلى الجنوب الشرقيّ من شوشن) على موقع “تشوغا زنبيل” حيث اكتُشفت زقورة وقصر يعودان إلى القرن 13. ولكن حوالى سنة 1100، سقطت مملكة عيلام بيد البابليّين وأكلها النسيان لحقبة امتدّت ثلاثة قرون. ولكنّها ظهرت من جديد في القرن 8 كعاصمة إمارة عيلاميّة تتبع مصير عيلام في السرّاء وفي الضرّاء. اجتاحها الأشوريّون بوحشيّة كبيرة سنة 646 ق.م. (رج إر 49 :35-38)، وانتهكوا حرمة المدافن الملكيّة، وأرسلوا الآلهة إلى أشورية، وسبوا السكان إلى السامرة (عز 4 :9-10). وحين سقطت أشورية، استعادت شوشن الحياة، وأعاد إليها ملك بابل نبو فلاسر (625-605) آلهتها. ولكنّ خلَفه نبوخذ نصر الثاني احتلّ شوشن سنة 596595 ق.م. ولمّا احتلّ كورش بابل سنة 538، ضُمَّت شوشن إلى الإمبراطوريّة الفارسيّة. في أيام الفرس الأخمينيّين، صارت شوشن إحدى عواصم الإمبراطوريّة. شيّد فيها داريوس الأول قصرًا فخمًا (أفادانا)، وجعل للمدينة بابًا شاهقًا كشفت عنه الحفريّات. وبنى فيها ارتحششتا الثاني قصرًا آخر على الضفّة المقابلة، الضفّة الغربيّة لنهر شادور. أقام نحميا في أحد هذه المقامات الملكيّة ومارس وظائف في أيام ارتحششتا الأول أو الثاني (نح 2 :1؛ رج 1 :1). وفي القصر الذي شيّده احشويروش الأول، أقام أحشويروش الذي يتحدّث عنه سفر أستير (أس 1 :2). بل إنّ خبر أستير كلّه يحصل في ذلك القصر، وقد دُوّن في فترة صارت شوشن مدينة كوسموبوليتيّة (مدينة على مستوى الكون)، في أيام السلوقيّين والفراتيّين. كان الاسم الرسمي للمدينة “سلوقية أولاي”. ولكننا نجد اسم “شوشن هابيرة” (مدينة شوشن القويّة) في المشناة (مدوت 1 :3؛ كلائيم 17 :9). اتّخذت المدينة الطابع الهلينيّ. واسم بطلة استير هو اسم يوناني (يعني النجمة). نحن بعيدون عن عشتار. هذا مع العلم إنّ إلاهة شوشن الكبرى هي نناية التي تماهت مع أرطاميس. أما الإله الذكر فهو نبو (يقابل أبولون في العالم اليونانيّ) الذي أنشد في اليونانيّة، في القرن الأول ق.م.، باسم “مارا” (السيّد).
صرفة:
مدينة قريبة من صيدون. سكن فيها إيليا لدى أرملة أقام لها ابنها (1مل 17 :9-24؛ رج لو 4 :26). تُذكر صرفت أيضاً في عو 20 كمدينة حدوديّة لكنعان. كانت مرفأ مهمًّا ذكرته النصوص المصريّة والأشوريّة. كان الصيدونيّون يصنعون الزجاج في صرفت (ارتبط اسم صرفت بـ صرف أي ذوب). احتلّها سنحاريب سنة 701. هي اليوم رأس الصرفند. في الفينيقية : ص ر ف ت. في الاكادية : صرفتو. في.المصرية : ذرغات. في العبرية : ص ر ف ت. في اليونانية : ساربتا (القرية الكبيرة، مكرا كومي). تماهت مع رأس القنطرة الذي يبعد 13 كلم إلى الجنوب من صيدون، وشمالي الصرفند. يرتبط اسم المكان بـ “صرف” احترق، صار أحمر. وهكذا ترتبط صرفت بنشاط صناعيّ. رُبّما ذكرت في ايبلا. وفي أي حال، في المراجع المصريّة (نشو 477أ) والأشوريّة (نشو 287ب) والعبرية. بعد أن احتلّها سنحاريب سنة 701، أعطاها اسرحدون سنة 677 إلى بعل الاول، ملك صور. واعتبرها سكيلاكس المزعوم في “أسفاره” مدينة صوريّة في القرن 4.
عربيا:
عرب كان لاسم الجمع عرب معنى واسعٌ فدل في البداية على جميع البدو (إش 13 :20، ار 3 : 20) في صحراء سورية والجزيرة العربية (1مل 10 :15؛ 21 :13؛ 2أخ 9 :14؛ ار 25 :24؛ حز 27 :21). هنا نشير إلى أن “ع ر ب ي م” المذكورة في 1مل 17 :4 التي ترجمتها السريانية واليونانيّة “الغربان”، تعني في الواقع العرب الذين استضافوا إيليا أحسن صيافة (كما فعلت أرملة صرفة صيدا) فنحروا له غنمًا أو غيره وقدّموا لهم اللحم في الصباح وفي المساء. أما النصوص المتأخرة في العهد القديم (نح، أخ، 2أخ) فتستعمله في المفرد (عربي) أو الجمع (عربيم) لتدل على الادوميين الذين أقاموا في مقاطعة عربيا الفارسية. لا يعرف العهد القديم العرب بالمعنى الحديث الذي نعرفه. انه يدل على الحضر والبدو الذين اقاموا في الجزيرة العربية بالاسماء التالية : اسماعيليون، ابناء يقطان، ابناء قطورة وعشائرها : قيدار، سبأ، ددان، اوفير… وجدنا لوائح هذه القبائل في تك 10 :26-29؛ 25 :1-4، 12-16. ولقد نمت مملكة الانباط (غل 1 :17) في مقاطعة عربيا الفارسية وسمي سكانها عربا في العهد الجديد (أع 2 :11). وهذا ما يعنيه النصّ عندما يتحدث عن الصحراء القريبة من مناطق فلسطين الآهلة (غل 1 :17؛ 4 :25). لغة العرب هي العربية الشمالية التي صارت لغة ادبية بعد الفترة البيبلية. اما لغة العرب القديمة فهي العربية الجنوبية المعروفة بالكتابات التي وُجدت في جنوبي الجزيرة العربية. رج عرابية.
عيلام:
1) بلاد قريب من بابلونية عيلام. 2) أول أبناء سام (تك 10 :22، 1أخ 1 :17). 3) رئيس عائلة في قبيلة بنيامين (1أخ 8 :24-25). 4) لاوي. بوّاب في الهيكل في أيام داود (1أخ 26 :3). 5) اسرائيلي عاد أبناؤه من السبي مع زربابل وعزرا (عز 2 :7؛ 8 :7؛ 10 :2، 26). 6) اسرائيلي آخر (كذا في العبرية) عاد ابناؤه من السبي (عز 2 :31؛ نح 7 :34). 7) اسرائيلي وقّع على تجديد العهد (نح 10 :14). 8) كاهن رافق نحميا حين دشّن أسوار أورشليم الجديدة (نح 12 :42). عيلام بلاد قريب من بابلونية. يتكوّن من رقعة ضيّقة من الأرض تسير بمحاذاة الشاطئ الايمن للخليج الفارسي. انتمى العيلاميون إلى الاسيويين او الارمن ولكن تك 10 :22؛ 1أخ 1 :17 عدّهم مع الساميين لأسباب جغرافية. كتُبت لغتهم بالحرف المسماري ما عدا بعض النصوص في الكتابة العيلامية الأولى المبنية على الصور. كانت العيلامية لا تزال محكيّة في زمن العهد الجديد (أع 2 :9) وهي موجودة في كتابات الاخمينيين بجانب الاكادية والفارسية القديمة. نعرف العيلاميين من أسماء اشخاصهم والهتهم الخاصة. مثلا : شو تروك نخونتي، كودور ما بوك، لجمال. اما الوثائق الادبية العيلامية التي بين أيدينا فتعود إلى زمن متأخّر بحيث إن أفضل مرجع لمعلوماتنا عن العيلاميين يتكوّن من الادب الاكادي. في هذا المرجع يبدو العيلاميون خصومًا لشعوب بلاد الرافدين. مثلا : الملك العيلامي شو تروك نخونتي (حوالي 1200-1160) احتل بابل واخذ كأسلاب حرب نصبَ حمورابي (مع نص القوانين). وجده المنقِّبون في عاصمته شوشن. في النهاية انضم العيلاميون (حوالي 590 ق.م.) إلى مملكة ماداي وفارس بواسطة مادايّي ايران وكورش (دا 8 :2). وجعل كورشُ عاصمتَهم مقامًا ملكيًا (اس 1 :2؛ 2 :8…). ونقدّم بعض المعلومات عن أرض عيلام. أولاً، في أيام الاخمينيين تماهت منطقة شوشن مع عيلام. هنا نميّز بين شوش (أو سوس) أو شوشن والشوشنيّة (أو المنطقة التي عاصمتها شوشن) وأنشان. نطرح فرضيتين. (1) قد تكون سيمشكي، عاصمة الكونفدرالية القديمة، في الشمال : كرمان الحاليّة. (2) إن شعب شو الذي وضع حدًا لسلالة أور الثالثة مع حليفه العيلامي، قد يمثّل الشوشيّين. هذا الحدث الذي حصل في بداية الألف الثاني يتسجَّل في خط تاريخ طويل يبدأ في الألف الثالث. ثانيًا، قد يكون القرنان 13-12 حقبة مجيدة في تاريخ عيلام، وقد حكم ملوكها على شوشن وانشان. ثالثًا، وانحطّت عيلام بسرعة، وسنجدها في القرن 8 متحالفة مع قبائل الكلداي المتحاربة مع أشورية. ولكن الحملات الأشوريّة سنة 647-646 زرعت الدمار في عيلام فما قامت له قائمة من بعد. رابعًا، عُرفت لغة عيلام باسم خوزي، ومن هنا تفرغ اسم خوزستان. اذا وضعنا جانبا تك 14 :1، 9 (كدرلاعومر، ملك اسطوري ظلّ ذكره حاضرًا في بلاد الرافدين حتى القرن 7)، يُذكر العيلاميون خاصة في كتب الانبياء. يذكرهم إش 11 :11 مع سلسلة من الشعوب الغريبة (كذلك ار 25 :25؛ حز 32 :24) تشتت بينهم بنو اسرائيل (رج أع 2 :9). ويذكرهم إش 21 :2 كخصوم بابلونية، و إش 22 :6 كمرتزقة في الجيش الاشوري (من هنا تهديدات ار 49 :34-38). واذا عدنا إلى عز 4 :9 نعرف أن بعض العيلاميين اقاموا كمستوطنين في السامرة. رج شوش، أنشان، كوتر تخونتي.
فارس:
قبيلة إيرانيّة. تأسّست في أيام كورش مملكة فارسيّة سيطرت على الشرق الأوسط من سنة 539 إلى سنة 333 ق.م. يظهر في التوراة اسم “فرس” للمرّة الأولى في حز 27 :10؛ 38 :5. ونجده خاصة في عز، نح، دا. أولاً : التاريخ. لا نعرف الكثير عن التاريخ القديم لماداي وفارس (أي إيران). فالكتابات الأشوريّة لا تذكرهم (جيران في الشرق) إلاّ صدفة. ثمّ إنّ المراجع الفارسيّة تكاد تكون معدومة. يقول العلماء إنّ الفرس جاؤوا من تركستان وسيطروا تدريجيًّا على السلطة السياسيّة في إيران. لم يكونوا دولة موحّدة في البداية بسبب طبيعة البلاد المكوّنة من بعض الواحات الهامّة. أمّا أوّل تنظيم سياسيّ فكان عمل المادايين. وصلت إلينا هذه المعلومات لا من المراجع الإيرانيّة بل من الوثائق الأشوريّة واليونانيّة (هيرودوتس، اكتاسياس). مؤسّس المملكة هو سياحار (حوالي سنة 700). وارتفعت تدريجيًّا سلالة أخرى هي سلالة الأخمينيّين وتقوّت خاصة في المنطقة التي ستُبنى عليها برسابوليس. وُلد كورش (538-529) في انشان فقهر المادايين الذين يقودهم استياجيس واحتلّ بابل فصار سيّد المملكة البابليّة الجديدة ومؤسّس مملكة الأخمينيّين. معلومات هذه الحقبة تعود إلى الكتابات البابليّة الجديدة، إلى كتابات كورش وداريوس، إلى التوراة (عز، نح، دا). وإنّ تكوين المملكة الفارسيّة حسّن مصير المسبيّين من يهوذا فاستطاعوا أن يعودوا إلى بلادهم التي صارت مقاطعة فارسيّة. ومات كورش خلال معركة حربيّة سنة 529. وقبل أن نذكر خلفاء كورش، نقول كلمة عن فلسطين خلال الحكم الفارسيّ. عادت الجماعة اليهوديّة من بابل، وأعادت تنظيم صفوفها، فبنت الهيكل ثم أسوار أورشليم. على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، تُقسَم هذه الحقبة قسمين : خلال قرن من الزمن، وإذا وضعنا جانبًا فترة عابرة (520-515) كان فيها زربابل، الامير الملكي، حاكم اليهوديّة، كانت أورشليم وجوارها جزءًا من مقاطعة السامرة الفارسيّة التي كانت بدورها جزءً ا من مرزبة غربي الفرات. تبدّل هذا الوضع سنة 445 أو 385 (رج نح 2 :1) حين وصل نحميا إلى أورشليم وعُيِّن حاكمًا. صارت يهودا مقاطعة مستقلّة في الامبراطورية، فكان لها ختم خاص بها (ي هـ و د ا)، وظلّت النقود الفضيّة مع اسم الحاكم (مشلا : حزقيا فحه). عادت البلاد إلى العبريّة لترتبط بمملكة يهوذا في أيام داود وسليمان، مع أنها صارت صغيرة جدًا. أمّا خلفاء كورش فكانوا الملوك الآتية أسماءهم : 1) قمبيز (529-522) ابن كورش. لا يذكره العهد القديم. يقول دا خطأ إنّه داريوس المادايي. نظّم المملكة الكبيرة وقسّمها 20 مرزبة. فُصلت سورية وفلسطين أداريًّا عن بابلونية. وكوّنتا المرزبة الخامسة المقسّمة إلى محافظات (أو مدن) على رأسها حاكم (فحا). نعرف مقاطعات شمراين (السامرة)، يهود (يهوذا)، أشدود، دور، عرابية، أمنون. 2) داريوس الأوّل (522-486). 3) احشويروش (486-265). 4) ارتحششتا الأول (464-424). هو المذكور في عز، نح. 5) داريوس الثاني (423-405) لا تذكره التوراة ولا تذكر خلفاءه. 6) ارتحششتا الثاني (404-359). 7) ارتحششتا الثالث (359-338). في أيامه سقطت مملكة فارس بيد الاسكندر المقدونيّ بعد معركة إيسوس. أما مراجعنا لهذه الحقبة فالكتابات الفارسيّة وضرائب قصرَي برسابوليس وشوشن والمؤرّخون اليونانيّون (هيوردوتس، بلوترخس، سترابون). رج الفرس الأخمينيين. ثانيًا : الحضارة. (أ) اللغة والأدب. تنتمي اللغة الفارسيّة إلى مجموعة اللغات الآريّة أو الهندوأريّة من العائلة الهندو اوروبية. وهي تتضمّن الفارسيّة القديمة، الفارسيّة المتوسّطة (زند)، لغة الأفستا. بقيت لنا الفارسيّة القديمة في كتابات دوّنت بالحرف المسماري القديم الذي هو تبسيط للحرف السومريّ. استُعملت هذه الكتابة، على ما يبدو، قبل داريوس الأول. وتكوّنت الأفستا من بقايا التقليد الأدبيّ والدينيّ لدى الإيرانيّين. دُوّنت مرّة أولى في القرن الأول ب.م. وأعيد تدوينها في أيام أرداشير الأول (224-240) وصارت قاعدة وقانونًا في أيام شهبور الثاني (منتصف القرن الرابع). (ب) الديانة. كان الإيرانيّون القدماء يعبدون الآلهة الآريّين (اندرا…). وكان المجوسُ الكهنةَ المرتبطين بالعبادة التي أسّسها زرداشت الذي كرز بتوحيد ثنائي. أهورا مزدا (الشكل لدى المادايين. عند الفرس : أورمزدا) هو الرب العاقل والسيّد السامي. خصمه هو الروح الشرّير : انجرو ماينيوس (اهريمان) الذي يجسّد آلهة الديانة القديمة. يُعبد أهورا مزدا على أنّه خالق الكون وحافظه. وهو يطلب من عباده الحق والرحمة. والذين يتبعونه يصلون إلى درجة سامية من الكمال. إنّهم ينتظرون العقاب أو الثواب في هذه الدنيا وفي الآخرة التي يصلون إليها بعد الدينونة. حينئذ يهبطون إلى الظلمة أو ينالون الخلود والغبطة في أهورا مزدا. إذًا تنشد هذه الديانةُ عقلانيّة أخلاقيّة مطبوعة بالطابع الاسكاتولوجي. ويخضع لاهورا مزدا الجن “اميشا سفننا” (الملائكة في العالم اليهوديّ). فارش ابن ماكير ومعكة. من منسى (1أخ 7 :16). فارص : الثلمة. رج تك 38 :29. ابن يهوذا. والد فارص من زنى يهوذا مع كنته تامار الكنعانيّة. كان توأم زارح (تك 38 :27-30؛ را 4 :12) وهو خامس أبناء يهوذا (تك 46 :12؛ 1أخ 2 : 3-4؛ رج 4 :1). كان لفارص ابنان : حصرون، حامول (تك 46 :12؛ عد 26 :21؛ 1أخ 2 :5). وسُمّي نسله عشيرة الفارصيّين (عد 26 :20. نقرأ سلالة فارص حتى داود في را 4 :18-22؛ رج 1أخ 2 :5، 10-15؛ مت 1 :3-6؛ لو 3 :31-33). فارص هو جد داود عبر الحصرونيّين (را 4 :18-22). بعد المنفى عادت العائلة من العشيرة الحصرونيّة وأقامت في أورشليم (نح 11 :4، 6؛ 1أخ 9 :4). وفي أيام داود كان ياشبعام الفارصي قائد الفرقة الأولى في جيش داود (1أخ 27 :3).
فرات (الـ):
في الأكادي : فوراتو. الفرات هو أكثر الأنهر المشهورة في آسية السابقة. يتكوّن من رافد الفرات الغربيّ الذي ينبع قرب أرزاروم ويحمل اسم كرسو، ومن رافد الفرات الشرقيّ المسمّى كرانا. ينضمّ كراسو إلى كرانا قرب مليد. يعبر الفرات تشعّبات جبل طورس ويدخل في بلاد الرافدين العليا قرب تل برشيف ويتوجّه نحو الجنوب حتى تفساح ثمّ نحو الجنوب الشرقيّ إلى أن يصب في الخليج الفارسيّ قرب إريدو (اليوم : ينضمّ إلى دجلة قبل أن يصبّ في الخليج). روافده هي : باليخو، خابورو (الخابور)، ساغورو. على مدّ الزمن غيّر النهر مجراه بحيث إن مدنًا عديدةً لم تعد واقعة على ضفافه (سفّار، مقور، سوروفاك، أوروك، لارسا، أور، اريدو، بابل). في التوراة يسمّى الفرات مرارًا “النهر” أو النهر الكبير. في تك 2 :14، الفرات هو أحد أنهر الفردوس. في إر 13 :4-7، قرأت الترجمات القديمة “الفرات”. ولكن هناك من يقول إنّ النص يعني بلدة في بنيامين هي عفرة المذكورة في يش 18 :23 والتي هي اليوم تل فاره أو وادي فاره التي تقع جنوبيّ شرقيّ أورشليم.
كركميش:
هي جرابلس اليوم. تقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات. بدأ التنقيب فيها سنة 1911. وُجدت أخبار كركميش في نصوص ايبلا من الالف الثالث ق.م. وفي نصوص ماري من القرنين 19 و 18 وفي النصوص الحثيّة بين القرن 14 وأواخر القرن 13. كانت كركميش مستوطنة كبيرة في عصر تل خلف (الالف 7، 6 ق.م.). أصبحت مدينة محصَّنة في مطلع الالف الثاني. احتلها الحثيون مرارًا ووصلت إلى القرب منها جيوش تحوتمس الثالث. تهدَّمت على يد شعوب البحر حوالي 1200 ق.م. ولكن أعيد بناؤها من جديد. احتلها الاشوريون سنة 717 ثم دمرَّها نبوخذ نصر سنة 605. هذه المدينة الواقعة على الحدود التركيّة الحاليّة، والمذكورة في نصوص مكتوبة من سنة 2400 إلى سنة 600، قد زالت لتُبنى من جديد في العهد الهلنستي باسم “أوروبوس”. تحدّثت وثائق ايبلا عن “كار-كميش” (رج الاله كاموش). هذا يعني أنّ المدينة اشتهرت بتجارتها وضمّت شعوبًا ساميّة. ولكن في القرن 18 هذا وفي زمن ماري، كان اسم الملك اسمًا لوفيا : بلا خندا أو بلا خنتا (أابلاخندا، مع الألف). أما ابنه يترعمّي فاسمه اسم ساميّ. في منتصف الألف الثاني، ارتبطت كركميش بحلب، بالحثيّين، بالميتانيّين. ومرّت فيها سنة 1520 وسنة 1473 جيوش تحوتمس الأول وتحوتمس الثالث. وسنة 1352، احتلّها شوفيلوليوما وجعل منها مركز نائب الملك الحثيّ في سورية الشماليّة. ولعبت كركميش هذا الدور حتى نهاية حكم الحثيّين، فسيطرت على أوغاريت وعلى إيمار. بالرغم مما حدث لأوغاريت وحتوسة (عاصمة الحثيّين)، فقد ظلّ الحثيّون أو النيوحثيّون يحكمون كركميش حتى سنة 717، يوم استولى عليها سرجون الثاني الأشوري. إلى هذا يلمّح إش 10 :9 (كلنو مثل كركميش، وحماة مثل أرفاد، والسامرة مثل دمشق). وكانت الأهميّة التجاريّة للمدينة كبيرة، بحيث ظلوا يستعملون، في سورية الشماليّة وبلاد الرافدين العليا، قياسات وأوزان كركميش. وارتبطت نهاية المدينة بتدخّل مصريّ سنة 610-605، توخّى تخليص أشورية. زحف الجيش المصريّ، وما استطاع الملك يوشيّا اليهوذاويّ أن يوقفه (2أخ 35 :20؛ رج 2مل 23 :29)، فجعل مركز القيادة في كركميش (هذا ما دلّت عليه الحفريّات، منها ختم بساميتيك الأول، 664-610، وختم نكو الثاني، 610-595، وبعض الأرشيف المصريّ). انتصر نبوخذ نصر البابليّ على المصريّين، واحتلّ المدينة، ولاحق الجيش المصريّ حتى حماة. هذا ما يلمّح إليه القول النبويّ في إر 46 :2-12. وعاد نبوخذ نصّر إلى المدينة فدمّرها. ولن تقوم من دمارها إلاّ بعد ثلاثة قرون من الزمن.
ماداي:
قبيلة ايرانية من المنطقة الجبلية في الشمال الغربي من ايران. في بداية تاريخهم، أخضع المادايون الاشوريين. وحين صاروا قوّة كبرى في أيام ملكهم اواكشترا (كذا في الاكادية. في اليونانية : قياشار)، هدَّأوا المنطقة الوسطى في المملكة الاشورية. كانت عاصمتهم احمتا (او اكباتان أو همدان). واحتل البابليون الجدد بقيادة نبوفلاسر عاصمة أشورية بمعاونة المادايين واسكوتيي اومان ماندا. فنال المادايون القسم الشمالي من المملكة الفارسية ومدّوا سلطانهم على ارمينيا والمنطقة الجبلية في آسية الصغرى حتى هاليس. ولكن حكمهم كان قصيرا. فقد كان كورش ملك الفرس السبب في سقوط استياجيس ملك ماداي حوالي سنة 550. وهكذا انضمت مملكة ماداي إلى مملكة فارس. تعدُّ التوراةُ المادايين بين نسل يافث (تك 10 :2؛ 1أخ 1 :5)، وتذكرهم في بعض النصوص ولا سيما في دانيال. اما نصّي 2مل 17 :6؛ 18 :11 (سرجون سبى اسرائيليي السامرة إلى مدن ماداي : رج طو 1 :16) فتتعلّقان بالزمن الاشوري. أما نصوص إش 13 :17؛ 21 :2؛ ار 51 :11 فتشير إلى صراع ماداي ضد بابل. يتكلم دا 6 :1؛ 9 :1؛ 11 :1 عن ملك اسمه دانيال المادايي وعن شرائع ماداي وفارس (دا 6 :9، 13، 16). ونجد العبارة نفسها (فارس وماداي) في اس 1 :18 19 (رج 1 :13، 14، 18؛ 10 :3؛ دا 5 :28؛ 8 :20). يعتبر عز 6 :2 ماداي كمقاطعة فارسية.
متوسط البحر، (الـ):
يُذكر مع البحر الميت ويدل على الحدود الغربية لكنعان او احدى القبائل المقيمة على الساحل. البحر الكبير : هـ ي م. غ د و ل (عد 34 :6-7؛ يش 1 :4؛ 9 :1) البحر الاقصى او الغربي : هـ ي م. هـ ا ح ر و ن (تث 11 :24، 34 :2) بحر الفلسطيين : ي م. ف ل ش ت ي م (خر 23 :31). تذكر البيبليا بحر ادرياتك، بحر كيليكية وبمفيلية (اع 27 :5). تذكر الجزر، المرافئ. ماذا نقول عمّا يُسمّى البحر الابيض المتوسط؟ يقع بين اوروبا في الشمال، وآسيا في الشرق، وافريقيا في الجنوب. يتّصل بالمحيط الاطلنطي عبر مضيق جبل طارق (عواميد هرقل)، وبالبحر الأحمر عبر قناة السويس منذ سنة 1869. مساحته ثلاثة ملايين كلم مربع. وأقصى عمقه 4400م. المدّ والجزر ضئيلان، والتيّارات لا تكاد تُذكر. أما الرياح فقد أثرت تأثيرًا كبيرًا على حركة الملاحة القديمة، بحيث لا يستطيع الناس أن يبحروا عكس الرياح. ففصلا الربيع والصيف كانا مؤاتيين للأسفار في البحر. أما عواصف أيلول وتشرين الأول ثم آذار ونيسان، فقد كانت تفرض على السفن إلاقامة في المرافئ. اذا كانت الريح مؤاتية، كان السفر من يافا إلى جبل طارق يتطلّب ثلاثة أسابيع. أما الطقس السيّئ وغياب الرياح المؤاتية، فكانا يطيلان السفر. أما المحطات في البحر المتوسط فهي الجزر : قبرص، رودس، جزر بحر ايجه، كريت، الجزر الايونيّة، مالطة، صقلية، سردينيا، الباليار. وبمختصر الكلام كان المتوسط وسيلة اتصال استفاد منه الميسينيون واليونان والفينيقيون.
مصر:
أولاً : الاسم. استعمله النص العبريّ (2مل 19 :24؛ إش 19 :16؛ 37 :25؛ مي 7 :12 : مصور) بعد أن أخذه عن الأكادية. ايغوبتوس الذي جاء من المصريّة عبر الفينيقيّة : حت كافتح : بيت الاله فتاح، أحد أسماء مدينة ممفيس. يسمّي المصريّون أرضهم : كمت أي السوداء. رج فتروس. ثانيًا : الأرض والشعب. مصر هي واحة طويلة. يمتدّ عرضها بين 5 و25 كلم. يقطعها في الطول نهر النيل، وهي تقع بين صحراوين : صحراء ليبيا والصحراء العربيّة. كان المصريّون القدماء من نسل حام (تك 10 :6). ورغم امتزاج المصريّين منذ زمن الهكسوس بشعوب أخرى، فالمصريّ الحاليّ يشبه أجداده الذين عاشوا منذ آلاف السنين. ثالثًا : التاريخ. لم يكن للمصريّين كرونولوجيا. لهذا وضع الباحثون رسمة كرونولوجيّة لتاريخ المصريّين. بدأت أول سلالة حوالي سنة 4200 ق.م. (أو قبل هذا الزمن). هذا ما قاله علماء القرن السابق. ولكنّهم عادوا اليوم إلى حوالي سنة 3000. واختلفوا على تواريخ الألف الثالث ولم يتّفقوا إلاّ على كرونولوجيا المملكة الحديثة. انتهت مرحلة ما قبل التاريخ حوالي سنة 3000. ثمّ بدأ التاريخ بالمعنى الحصريّ، وخلاله حكمت البلاد سلالات عديدة. فعلى خطى الكاهن المصريّ مناتون من سبانيتوس الذي كتب في القسم الأول من القرن الثالث ق.م. ثلاثة كتب عنوانها “مصريات” (ضاع القسم الكبير منها) نميّز 30 سلالة. ويقسم الباحث المصريّ اليوم هذا التاريخ إلى ثلاث حقبات كبيرة : المملكة القديمة (من السلالة 3 إلى السلالة 6 :2780-2400)، المملكة الوسيطة (السلالة 11-12 :2100-1800)، المملكة الحديثة (السلالة 18-20 : 1580-1085 ق.م.). وهناك فواصل تتوسّط هذه الحقبات. (أ) لا نستطيع أن نتكلّم عن علاقات بين مصر والتوراة إلاّ انطلاقًا من المملكة الوسيطة. فأوّل شخص بيبلي زار وادي النيل هو ابراهيم. تتميّز السلالة 12 بحقبة من الازدهار تشهد لها أعمال ريّ واسعة في الفيوم. وفي الوقت ذاته تراقب الدولة الحدود على طول جدار الأمير وهو حصن يقع في خليج السويس (كما يقول خبر سينوهي). وهذه المراقبة صارت ضروريّة بسبب دخول الساميّين المتزايد إلى البلاد. فهناك جدرانيّة تمثّل 37 اسيويًّا في وادي النيل. اسم رئيسهم ابشاي (رج ابيشاي من عائلة داود). قام سيسوستريس الثاني (1906-1888) بحملة على كنعان ووصل إلى شكيم. وعلى أيام امينمحات الثالث (1850-1800) بُني الهرم الأخير. وبعد هذا تقسّمت البلاد. (ب) الحقبة الثانية المتوسطة (هكسوس). واحتلّ الهكسوس مصر من دون صعوبة. دفعتهم الهجرة في سورية وفلسطين فأقاموا بطريقة مسالمة في الدلتا الشرقيّ. لم يعد العلماء يتحدّثون اليوم عن مملكة هكسوسيّة امتدّت على قسم كبير من الشرق الأدنى الآسيويّ. فإن لم يكن الهكسوس من الساميّين، فالعنصر السامي هو المسيطر كما تشهد على ذلك أسماء العلم : يعقوب هير (ايل)، عنات هير (ايل). كانت عاصمتهم افاريس المدينة التي ستسمّى فيما بعد تانيس. أخذوا بحضارة المصريّين وعلّموهم فيما علّموهم استعمال الخيل والمركبات. وجاءت ردّة الفعل من الجنوب (طيبة؟) فجرّت الدلتا إلى مقاومة الهكسوس. لا نعرف بالضبط كيف انهارت قوّتهم. (ج) المملكة الحديثة. طرد احموسيس (1580-1558) الهكسوس من افاريس ولاحقهم إلى كنعان. حاصر شروحن (شاروحين) (يش 19 :6) ثلاث سنوات وحارب على حدود مصر الجنوبيّة. بعده عرفت البلاد فترة من الراحة استفاد منها امينوفيس الأول (1557-1530) ليقوّي سلطته. وسار تحوتمس الأول (1530-1520) على خطى سلفه فقام بحملة على آسية أوصلته إلى الفرات. بعد هذا سيعتبر المصريّون أنّ سورية وفلسطين هما جزء من أرضهم، وسيركّز فراعنة المملكة الحديثة انتباههم على هاتين المنطقتين. وصلت إلينا بعض المواد الأركيولوجيّة من هذه الفترة، وبما أنّ الحاميات المصريّة تألّفت من مصريّين ومن أهل البلاد، لم تنتشر الحضارة المصريّة واللغة المصريّة كما كنا نظنّ. ولكن في كل حفريّة في فلسطين أو في سورية نجد الجعل الذي هو علامة الحضارة المصريّة للغرباء. وخلفت تحوتمسَ الأول ابنتُه حتشبسوت التي كان حكمها مضطربًا. نظّمت حملة على بلاد البخور (فونت). خلفها ابن أخيها تحوتمس الثالث (1504-1450) فحاول أن يخفي كل أثر لعمّته. قام بست عشرة حملة على سورية، وقد حُفظت حولياته المحفورة في الحجر. مع تحوتمس الثالث نجد على جدران الهياكل لوائح المدن والشعوب المقهورة. وهذه اللوائح مهمّة لتعرّفنا إلى فلسطين في ذلك الوقت. فخبر احتلال يافا وصل إلينا بشكل خبر يذكر عابيرو الذين هم العبرانيّون على ما يبدو. وكان امينوفيس الثاني (1450-1425) قائد الجيش قبل أن يخلف أباه. نجهل الكثير عن حكمه، ولكننا نعرف أنّه ذهب إلى آسية مرتين، فأوقفه الميتانيّون على الفرات. وجاء خلفه تحوتمس الرابع (1425-1408) فعقد معاهدة مع الميتانيّين وتزوّج أميرة ميتانيّة. وتوصّل إلى قمع ثورة في جازر. خلفه أخوه امينوفيس الثالث (1408-1372) الذي كان ملكًا حازمًا، ولكنّه فضّل أعمال البناء على الحرب. وقد بقي لنا قسم من أرشيفه في رسائل تل العمارنة التي اكتشفت في العاصمة الجديدة التي أسّسها خلفه امينوفيس الرابع (1372-1354). غيّر أمينوفيس اسمه إلى أخناتون لأسباب دينيّة. كان ضعيف البنية، ولكنه كان هو وزوجته نفرتيتي شخصيّتين قويّتين. غير أنّهما أهملا الأمور الخارجيّة فثارت المدن الآسيويّة ضدّ السلطة المصريّة. وجاء ملوك عابرون (منهم توتعنخ أمون). بعدها وضع القائد حوريمحب يده على السلطة. معه بدأت السلالة 19 (1314-1200) التي ظلّت مستعدّة للحرب في آسية خاصة مع رعمسيس الثاني. لهذا نُقلت العاصمة في ذلك الوقت إلى الدلتا. أوّلاً إلى ممفيس. وفي أيام رعمسيس الثاني إلى في رعمسيس. وقام سيتي الأوّل (1312-1298) بحرب ضدّ الحثيّ مواتاليش قرب قادش على العاصي. وهناك سيتابع رعمسيس الثاني حربًا ضروسًا. وفي النهاية عقد الخصمان عهدًا أبديًّا وصل إلينا نصّه في الحثيّة وفي المصريّة. وواجه رعمسيس الثاني وخلفه مرنفتاح (1234-1224؟) والملك الثاني من السلالة 20، خطرَ شعوب البحر. تغلّبوا عليهم وأوقفوا تقدّمهم، ولكنّهم لم يستطيعوا أن يمنعوا قبائل جديدة (الفلسطيّون) من الإقامة في كنعان. في كرونولوجيا الخروج القصيرة، رعمسيس الثاني هو الفرعون المضطهد، ومرنفتاح هو الفرعون الذي صار الخروج على أيامه. إلى عهد مرنفتاح تعود برديّة اناستاسي الأول التي تتضمّن تفاصيل عديدة عن سورية وفينيقية وفلسطين بشكل سؤال وجواب. في اسم معيّن في نفتوح (معين ماء نفتوح) احتفظ يش 15 :9؛ 18 :15 باسم مرنفتاح. وقد بقي لنا من هذا الفرعون النصب الشهير الذي نجد فيه اسم اسرائيل. وظلّت شعوب البحر على هجومها في أيام السلالة 20. وهاجم الليبيّون مصر. ولكن رعمسيس الثالث (1198-1166) سيطر عليهم خلال حملات عديدة. وجاء بعده خلفاء تسمّوا باسم رعمسيس ولكنّهم كانوا ملوكًا ضعفاء. فخسرت مصر نفوذها في آسية وانكفأت على نفسها. وهذا ما ساعد إسرائيل على التوسّع. (د) حافظت مصر على استقلالها خلال خمسة قرون (ما عدا فترات قليلة). ففراعنة السلالة 21 (كانوا كهنة طيبة) سيطروا على مصر العليا (الصعيد) ومصر الوسطى. وفي تانيس ( صوعن) سيطرت سلالة توصّلت سريعًا إلى أن تمدّ نفوذها إلى مصر العليا. وانحطاط السلطة المصريّة في فينيقية واضح من خبر الموظّف في هيكل أونامون. ذهب في بداية القرن 11 إلى جبيل (بيبلوس) ليجلب الخشب من أجل معبد طيبة. واتّصل سليمان بفرعون من تانيس (ربما بسوسينيس الثاني) وتزوّج ابنته. وصارت المراجع نادرة عن حقبة الليبيّين (السلالة 22) والكوشيّين (أي الأحباش. السلالة 25). إنّ أوّل ملك مصريّ يرد اسمه في التوراة (1مل 14 :25-26؛ 2أخ 12 :2-4) هو الليبيّ شيشق (شيشانق الأوّل : 950-929) الذي أقام في بوبستيس أي في الدلتا، وسار على يهوذا بإيعاز من يربعام. ليس من الأكيد أن الفرعون الكوشي زارح (2أخ 14 :8) هو ذاته خلف شيشق أوسوركون الأول (أو فرعون آخر). ففي سنة 715، سيطر الكوشيّون على مصر العليا، ثمّ احتلّوا وادي النيل. وفرعون سوا المذكور في 2مل 17 :4 ليس شباكا الذي حكم حتى سنة 701. قد يكون ملكًا من الدلتا. ويذكر 2مل 19 :9 ثاني خلف لشباكا، طهرقه (ترهاقة). ماذا نعرف اليوم عن الفرعون طهرقة؟ اجتاح الأشوريّون مصر، وفي سنة 663 عاثوا خرابًا في طيبة. ولكن استعادت الأمّة قواها في السنة نفسها. فمع بساميتيك الأوّل صعدت السلالة 26 (سلالة وطنيّة) على العرش وتحالفت مع الأشوريّين لتحارب بابل. وتابع نكو (609-594) السياسة عينها في آسية ولكن لم يحالفه النجاح (2أخ 35 :20، 22؛ 36 :4). وآخر فرعون تذكره التوراة هو خفرع. ظلّ أمينًا لسياسة مناهضة لبابل. وبعد دمار أورشليم (586 ق.م.) استقبل العديدَ من اليهوذاويين الذي جرّوا معهم إرميا (إر 42-44؛ 2مل 25 :26). أقاموا في تفنيس، في الدلتا الشرقيّ. وبعد ستين سنة هجم قمبيز على الفرعون اماسيس (586-526). توفّي الفرعون وغُلب ابنه بساميتيك الثالث (525 ق.م.) وصارت مصر مرزبة فارسيّة. ورغم أوقات قصيرة من الحكم الذاتي (بفضل الثورات) ظلّت الحالة هي هي حتى مجيء الاسكندر الكبير سنة 332. وبعد موته، صارت مصر في يد يطليموس لاجوس مؤسّس سلالة البطالسة (اللاجئين). وازدهرت الحضارة الهيلينيّة وبالأخص في الاسكندريّة. وفي سنة 30 ق.م. احتلّ أوكتافيوس أوغسطس مصر (انتحرت كليوبترة) وجعلها مقاطعة ضمّها إلى إمبراطوريّة رومة. رابعًا : الديانة. تتحدّث التوراة عن إله مصر ولكنّها لا تذكر إلاّ إلهًا واحدًا : امون (إر 46 :25). وهناك أسماء آلهة أخرى حفظت في أسماء الأشخاص أو الأمكنة. أمون في نوامون، بست في بوبستيس، رع في رعمسيس وفوطيفارع، اتوم في فيتوم، نيت في اسنات. وحاول البعض أن يقرأ أسماء الهيّة في تك 16 :13 وإش 10 :4 (اوزيريس) كما في خر 10 :10؛ 30 :16 (رع). مع أن بني اسرائيل أخذوا ببعض عادات مصر (التحنيط)، فهذه العادات لم تؤثّر على ديانة التوراة. وتحدّث الشرّاح عن وحدانيّة الله عند اخناتون، كما قابلوا بين نشيد اخناتون ومز 104. مصر – العصور والاسرات المالكة العصر العتيق، الاسرتان الأولى والثانية 3200-2780 الدولة القديمة، الاسر 3-6 2780-2280 عصر الفترة الأولى، الاسرات 7-10 2280-2052 الدولة الوسطى، الاسرتان 11-12 2134-1778 عصر الفترة الثانية، الاسرات 13-17 1778-1570 الدولة الحديثة، الاسرات 18-20 1570-1080 العصر المتأخّر، الاسرات 21-30 1085-332 ايام الاضمحلال، الاسرة 21-24 1085-715 عصر اليقظة، الاسرة 25-30 715-332 الأسرة الأولى 3200-2980 مفا – نعرمز اتى الأول – عما اتى الثاني – جر اتى الثالث – واجيت خاستي – دن مربي با – عج اب ارينتر – سمرخت قاع سيتي – قــاع الأسرة الثانية 2980 – 2880 حوتب – حتب سخموي نوب نفر – رع نب ني نتر – ني نتر ونج —- – بري اب سن – خع سخم حتب، نبوى – امف – خع سخموي. الأسرة الثالثة 2780-2280 زوسر الاول – ارسي خت نتر زوسر الثاني – سانخت تتي – خع با نب كاوو —- حوني —- الأسرة الرابعة 2680-2560 سنفرو خوفو (خنوم خوفوي)، في اليونانيّة : كيويس جدف رع خفرع (خفرن) منكاو رع شيسسكاف الأسرة الخامسة 2560-2420 او سر كاف ساحو رع نفر ارع كارع شيسسكارع نفرف رع ني وسر رع منكا و هور جدكارع (اسيسي) اوناس (ون اس ونيس) الأسرة السادسة 2420-2280 تتي اوسر كارع ببي الاول مرزع (مري ان رع) الاول ببي الثاني مرنرع الثاني منكا ورع – فيت اقرتي (نيتوكريس) الأسرة السابعة 2280 ق.م. حسب رواية مانيتون. سبعون ملكا حكموا سبعين يومًا الأسرة الثامنة 2280-2242 نفر كارع (الاصغر) نفر كارع نبي جد كارع شماي نرف كارع خندو مرسى ان حور نفركا مين ني كارع نفر كارع تررو نفر كاحور نفر كارع ببي سنب نفر كامين عنو قاكارع ابي واج كارع نفر كا حور (حورس) اتري بارو نفر إر كارع (حورس) دمج اب تاوي الأسرة التاسعة 2242-2133 اختوي الاول مري إب رع نفر كارع اختوي الثاني ستوت اختوي الثالث الأسرة العاشرة مرى حتحور نفركا رع اختوي الرابع – واح كارع مري كارع اختوي الخامس – نب كارع اتى ايمحوتب سخم كارع جسر نوب هنا تنتهي المملكة القديمة التي كانت عاصمتها ممفيس. امتدّ تأثير مصر الى فلسطين وهذا ما كشفته تنقيبات عراد وتل عيراني (الذي سمّي خطأ جت). ووُجدت فخاريات مصريّة وأغراض من الحقبة التينيّة (في تيس التي هي البربة التي تبعد بضعة كلم عن ابيدوس، موطن السلالة 1-2). جاء المصريون إلى فلسطين بطريق سيناء الشمالية وتل عيراني الذي يبعد 45 كلم إلى الشمال الغربي من أورشليم، والذي كان مركز نشاط تجاري وحربي استعمله المصريون في جنوب كنعان. وكان للمصريّين حضور في مناجم وادي مغاره في الجنوب الغربي لجزيرة سيناء. وُجد نقشان بارزان للفرعون سخموي (سخمخت) في سيناء. كان الازدهار واضحًا في تلك الحقبة. وما يدلّ على ذلك مدافن الملوك في أهرام عالية، ومنها أهرام الجيزة التي تعود إلى السلالة الرابعة (2680-2560). وتابع ساحورع، الملك الثاني في الاسرة الخامسة (2560-2420) تقليد استغلال المناجم في سيناء، فأقام في وادي مغاره نصبًا يذكر السيطرة الحربيّة على قبائل البدو العائشين في المنطقة. وأنشدت جدرانيات مدفنه عودة اسطوله من فينيقية وهو يحمل المال والأسرى. إن العلاقات المتواصلة مع جبيل التي تؤمّن الخشب، تعود أقله إلى خع سخموي، آخر ملوك تيس (السلالة الثانية). ولكن هذه العلاقات اتسعت مع ملوك ممفيس، من خفرع (خفرن) إلى بيبي الثاني. وُجد غرضان مصريّان في ايبلا يحملان اسم خفرع (2300) وبيبي الأول (2300). ولكن لا يبدو أنه كانت في أيام المملكة القديمة علاقات مباشرة بين ممفيس وايبلا. فالوسيط كانت مدينة جبيل التي كشفت قطع من المرمر حُفرت عليها أسماء ملوك ممفيس. إن قبري انتي (تتي) في ديشاشة، كايمحاست (اوسركارع) في سقاره، الفرعونين اللذين يبدأان السلالة السادسة، يدلاّن على الجيوش المصرية التي تهاجم الحصون في فلسطين الجنوبيّة. هذه الأخبار تعطي صورة عن حملة الفرعون أونا (2350) ضد “عامو” أو الاسيويين المقيمين في الصحراء. ولكن تبدّلت الأمور، فرُفضت سلطة الفرعون في مصر. وحلّت الفوضى بعد حكم بيبي الثاني. فكانت الحقبة المتوسطة (2180-2040) التي استفاد منها البدو فاجتاحوا الدلتا وزرعوا الرعب فيها، فقسمّت مصرُ دويلات صغيرة متنازعة. الأسرة الحادية عشرة 2134-1991 إينوتف (انتف) الأول (سهر تاوي) 2134-2131 إينوتف الثاني (واح عنخ) 2131-2082 إينوتف الثالث (نخت نب تبي فقر) 2082-2079 مونتوحوتب الأول (سعنخ اب تاوي) 2079-2061 مونتوحوتب الثاني (نب جت رع) 2061-2010 مونتوحوتب الثالث (سعنخ كارع) 2010-1998 سنوسرت (وآخرون) 1998-1993 منتوحوتب الرابع 1993-1991 الأسرة الثانية عشرة 1991-1778 امنمحات الأول (سحتب اب رع) 1991-1972 سنوسرت الأول (خبر كار رع) 1972-(عشر سنوات مع والده)-1928 امنمحات الثاني (نوب كارع) 1930-1895 سنوسرت الثاني (خع خبر رع) 1898-1879 سنوسرت الثالث (خع كا رع) 1879-1841 امنمحات الثالث (ني ماعط رع) 1848-1792 امنمحات الرابع (ماعط خرو رع) 1792-1782 سوبك نفرو (سوبك كا رع) 1782-1778 نحن هنا في المملكة الوسيطة. بدأت مع أمير من طيبة منتوحوتب الأول، مؤسّس السلالة 11. ولكن توحّدت المملكة وأعيد بناؤها مع أمنمحات الأول والثاني والثالث والرابع، وسنوسرت (سيوتري، من السلالة 12). هي الحقبة الأعلى في المملكة الوسيطة، بل في التاريخ المصريّ القديم. أسّس امنمحات الأول في لشت، قرب الفيوم، عاصمة ستبني حولها السلالةُ 12 أهرامها. وتجاه البدو الذين يُقلقون سيناء وأرض كنعان، شيّد امنمحات الأول أيضاً قلعة قوية، “حائط الامير” في وادي طوميلات. وفي الوقت نفسه استعاد استغلال المناجم في جنوب سيناء، وضمّ منطقة سرابيت الخادم. خلفه سنوسرت الأول فاهتمّ بشكل خاص بجيران مصر في الجنوب. وفي أيامه، كان “خبر سينوهي” الذي كان في آسية قبل أن يقيم في قبيلة بدويّة في فلسطين. هذا الخبر المليء بالألوان، قد دوّن بلا شكّ في عهد أحد خلفاء سنوسرت الأول : إمّا امنمحات الثاني (1929-1895) وإما سنوسرت الثاني (1897-1878) اللذين ارتبطا بعلاقات دبلوماسيّة مع ملوك آسية. فالتماثيل المصرية التي أهديت في عصرهما إلى هيكلي اوغاريت و قطنه، تدلّ على سعة نفوذ السلالة 12 في سورية. بالإضافة إلى ذلك، اعتاد الاسيويون المجيء بقطعانهم إلى الدلتا في أوقات الجفاف. فكان مدفن مائير الذي يعود إلى حكم امينمحات الثاني، والذي يحمل صورة احدى القطعان مع عبارة “بقر الاسيويين”. وهناك رسم بني حسن الذي يعود إلى حكم سنوسرت الثاني ويصوّر الشيخ أبيشا مع عشيرته وقطيعه (حشو، 3). وفي عهد سينوسرت الثالث (1878-1843) تكاثرت الوثائق. فمع أن هذا الفرعون اهتمّ بالنوبة، فقد قام شخصيًا بحملة قصيرة إلى فلسطين انتهت بالاستيلاء على شكيم. وكشفت حفريات مجدّو ختم “كاتب يحسب القطعان” وتمثال الملك تحوتحوتب الذي عاصر سينوسرت الثالث. فمدفن هذا الملك في دير البرشا يتضمّن صورة عن وصول القطيع إلى فلسطين. وصاحب الكلام الذي يرافق المشهد يتوجّه مباشرة إلى حيوانات القطيع : “سرتم عبر الرمال. والآن تسيرون على العشب”. سيطر تأثير مصر الحضاري والسياسي على كل ساحل فلسطين وفينيقية. وفي جبيل التي ارتبطت في القرن 20 بملك أور، كتب الاميران الاموريّان أبيشومو ويفع شومو أبي لقبيهما كأميري جبيل، وحملا في قبريهما ما يتعلّق بامنمحات الثالث (1842-1797) وامنمحات الرابع (1798-1790). ووُجد في بيروت تمثال صغير لأبي الهول وصدرية امنمحات الرابع. كل هذا يعكس الحضور المصريّ في تلك المنطقة. الأسرة الثالثة عشرة 1778-1625. عاصمتها طيبة. ملوكها : 60 نذكر منهم سوبك حوتب الأول (سخم رع، خوتاي امنمحات) امنمحات سنبف (سخم كارع) امنمحات (سحتب اب رع) امنمحات (سمنخ اب رع، اموني إينوتف) سوبك حوتب الثاني ابن منتوحوتب حور (اوا اب رع) امنمحات (سجف كا رع كاي) وجاف (خو تاوي رع) سنوسرت الرابع (سنفر اب رع) جنجر الأول (وسر كارع) سمنح كارع نفر كارع خنجر الثاني (ني خع ني ماعط رع) سوبك حوتب الثالث (سخم رع سواز تاري) نفر حوتب (خع سخم رع) سوبك حوتب الرابع (خع نفر رع) سوبك حوتب الخامس (خع حوتب رع) ايع اي (داح اب راع) ابي (مر نفر رع) دودي مس الأول (جد نفر رع حوالي 1675) الأسرة الرابعة عشرة عاصمتها سخا الملوك : 76. حكموا 184 سنة الأسرة الخامسة عشرة 1675-1567 الهكسوس ششي (مع اب رع) يعقوب هر (مر وسر رع) خيان (سا أوسر ان رع) ابيبي الاول أو ابوفيس (عا اوسر رع) ابيبي الثاني (عا قنن رع) خامودي (عا سح رع) الأسرة السادسة عشرة – الهكسوس الأسرة السابعة عشرة 1660 (؟)-1570 الأسرة الطيبيّة رع حوتب (سخم رع واح خاعو) اينوتف الخامس (سخم رع وب ماعط) اينوتف السادس (سخم رع حرو حر ماعط) سوبك ام ساف الثاني تحوتي مونتو حوتب الخامس نب اري ار اوت الاول (سو اج ان رع) نب اري ار اوت الثاني (نفر كارع) اينوتف السابع سقنزع (تاعا الاول – الأكبر) سقنزع (تاعا الثاني – الشجاع) بعد امنمحات (امينيميس) الرابع، انهارت مملكة آسية المصريّة انهيارًا سريعًا وصارت الآنية والتماثيل الصغيرة علامات سابقة للأخطار التي تهدّد المملكة الوسيطة. إنّ نصوص اللعنات هذه، هي كلام يوجّه ضد الملوك والقبائل، الذين خافوا من ثورتهم وعدائهم. ومنهم ملك ايبلا، شمشو يفوع ليم. وعدد كبير من المدن والقبائل الفلسطينيّة التي رفضت الخضوع، بل الحياد في علاقتها مع مصر. في تلك الحقبة عينها، ظهرت في مصر أسماء مع “ع ب ر” (عابيرو). “المعفّر”. هناك معفّر بعل، معفَّر رشف، معفَّر إيل. تدلّ هذه المعطيات على أنّ مصر دخلت في الحقبة الثانية المتوسّطة (1786-1570). ظلّ نفوذها ظاهرًا مع الملوك الأولين في الأسرة 13 (1786-1570). وهكذا تضمّن مدفن في ايبلا صولجان الفرعون حوتب رع “الاسيوي” الذي حكم سنة 1765. ووُجد في بعلبك حوالى سنة 1750 تمثال سوبك حوتب. وظلّ ينتين (عمو)، ملك جبيل، يعترف بسلطة نفر حوتب الأول (1740-1730). ولكن مصر لم يرد ذكرُها في أرشيف ماري الملكيّ، الذي يذكر نيتين عمو. ما استطاع الملوك الضعفاء في السلالة 13-14 أن يمنعوا القبائل الساميّة الآتية من آسية، من الإقامة في الدلتا، ثمّ في وادي النيل. هم الهكسوس الذين أسّسوا سلالتين غريبتين، 15 و16. وظلّت سلالة مصريّة مقيمة في طيبة (1650-1570). الأسرة الثامنة عشرة 1570-1304 احمس الاول (نب بحتي رع) 1570-1546 امنحوتب الاول (جسر كارع) 1546-1525 تحوتمس الاول (عا خبر كارع) 1525-1495 تحوتمس الثاني (عا خبر ان رع) 1495-1490 حتشبسوت (ماعط كارع) 1490-1469 تحوتمس الثالث (من خبر رع) 1490-1436 امنحوتب الثاني (عا خبرو رع) 1436-1411 تحوتمس الرابع (من خبرو رع) 1412-1397 امنحوتب الثالث (نب ماعط رع) 1397-1360 امنحوتب الرابع – أخناتون (نفر خبرو رع) 1370-1349 سمنخ كارع (عنخ خبرو رع) 1351-1348 توت عنخ امون (نب خبرو رع) 1348-1337 آي (خبر خبرو رع) 1337-1334 حور محب (جسر خبرو رع) 1334-1304 مع السلالة 18، تمّ طرد الهكسوس على يد أموسيس (أحمس) الأول (1570-1546) الذي هو مؤسّس السلالة 18 (1570-1293) والمملكة الحديثة، التي امتدّت سحابة خمسة قرون، وتركت وراءها عددًا من الابنية والمصادر المكتوبة. وضع أموسيس وخلفه امينوفيس الأول (امنحوتب) (1551-1524) خلال خمسين سنة، أسُس دولة نرى قوّتها وغناها في المباني الضخمة في طيبة. هذه المدينة، مدينة أمون، إله مصر العظيم، صارت عاصمة المملكة. وحكمَ تحوتمس الأول (1524-1518) وتحوتمس الثاني (1518-1504) مملكة وُلدت من جديد، فانطلقا في سياسة توسّعية، ومدّا حدود المملكة حتى الفرات الذي اجتازه تحوتمس الأول في نهاية عهده ليسحق فجأة ملك ميتاني. بعد أزمة السلالة التي حرّكتها حتشبسوت (1498-1483) خالة تحوتمس الثالث (1504-1450) وزوجته، استعاد الملك سياسة أسلافه. فواجه حلفًا مؤلفًا من 330 ملكًا (أو أميرًا) كنعانيًّا وسوريًّا. شتّتهم في مجدو سنة 1483، واحتلّ المدينة بعد سبعة أشهر من الحصار. هذا الانتصار تبعه زيارة موفدين أشوريّين. وأمّن الهيمنة المصريّة على فلسطين. واتّسع استغلال المناجم في سرابيت الخادم. وفي هذا الوقت، استعمل الساميّون العاملون في هذه المناجم، وللمرة الأولى، حروفًا متفرّعة من الهيروغليفيّة المصريّة : هي السينائيّة الأولى. وبين سنة 1480 وسنة 1465، كان تحوتمس الثالث يأتي كلّ سنة إلى فينيقية أو سورية، كما لدى البدو في النقب، الذين ظهر اسمهم (شرشو أو شوشو) للمرة الأولى في وثائق تعود إلى حكمه. والحدث الرئيسيّ الذي يفسّر هذه الحملات هو بداية عداء مباشر مع ملك ميتاني. سنة 1473، استولى الفرعون على قطنة، وحاصر حلب ثم كركميش، وعبر الفراتَ في قوارب نقلتها مركبات تجرّها البقر، ورأى المسلّة التي نصبها جدّه تحوتمس الأول شرقيّ كركميش، ثمّ مضى يسلب بعض مدن ميتاني. لم تضع هذه المغامرة حدًّا للحرب. غير أنّ الحثيّين (في أناتولية) والكاسيين (في بابلونية) أرسلوا هدايا إلى مخيَّم تحوتمس الثالث في “نيع” ( هيناع العبريّة، 2مل 18 :34). وهكذا كان تعادل في ميزان القوى. غير أنّ الملوك السوريّين والفلسطينيّين لم يقبلوا بالهيمنة المصريّة، فقام امينوفيس الثاني (1433-1419) بعدّة حملات يعاقب بها آسية، ولاسيّمَا ضد شوشو المقيمين في النقب، وضد قبيلة أخرى (س م ع ت) قورب اسمها من اسم قبيلة قينيّة هي قبيلة الشمعيّين (1أخ 2 :55). وأجبر تحوتمس الرابع (1419-1386) على فرض الهدوء في فلسطين الوسطى، فحاصر جازر وأخذها. ووصلت المملكة إلى الذروة في عهد امينوفيس الثالث (1386-1349) الذي ما احتاج إلى التدخّل تدخلاً حربيًّا في آسية، بعد أن خضع الجميع لمصر بمن فيهم ملك أوغاريت. ولكن بدأت تظهر أولى العلامات لتدهور الوضع. ولم يكن باستطاعة امينوفيس الرابع (1350-1334 أو اخناتون) أن يوقف الخطر الآتي، وهو المنشغل بالإصلاح الدينيّ وبناء مدينة أتون الجديدة في موقع تل العمارنة. إنّ الأرشيف الذي وُجد هناك يدلّ بشكل ملموس ودراماتيكيّ على تدهور سريع للمملكة في سورية وفلسطين، حيث تخلّت مصر عن الملوك الأمناء لمصر. ملك مع اخناتون سمنخ كارع (1336-1334). ثمّ جاء توت عنخ أمون (1334-1325)، وقائد عسكري شيح هو آي (1324-1321). كادت الكارثة تقع لولا حورمحب القوي، الذي استولى على الحكم بقوّة السلاح، وأعاد النظام في البلاد بعد أن اشتهر بانتصاراته في آسية. الأسرة التاسعة عشرة 1304-1195 رعمسيس الأول (من بحتي رع) 1304-1303 سيتي الأول (من ماعط رع) 1303-1290 رعمسيس الثاني (اوسر ماعط رع) 1290-1223 منفتاح امري ان بتاح (با ان رع) 1223-1211 امون مس سي (من مي رع) 1211-1207 سيتي الثاني (اوسر خبرو رع) 1207-1202 تاوسرت (سيت رع، مرت امون) سي بتاح (اخ ان رع، مري ان بتاح) 1202-1195 بدأت السلالة 19 (1293-1185) مع رعمسيس الأول (1293-1291) الذي خلف آي. ثمّ جاء سيتي الأول (1291-1279). وُجد نصب انتصار سيتي في بيت شان، فأنشد استعادة حدود المملكة في سورية وفلسطين، حتى حماة (نشو، 253-254). وظلّت مناجم سرابيت الخادم تُستغلّ في سيناء. وشرع المصريّون منذ عهد سيتي الأول أو خلفه رعمسيس الثاني (1279-1212) يستغلّون مناجم تمناع، شمالي إيلات. كانت هذه المنطقة على خطّ حربيّ وتجاريّ يمرّ في النقب الأوسط. ونشاط مناجم تمناع الفرعونيّة منذ بداية السلالة 19، يُفسّر لماذا ذُكر “شوشو” مرارًا في وثائق تلك الحقبة. فالمسألة الكبرى التي طُرحت على سيتي الأول ورعمسيس الثاني، هي التزام بين مصر والمملكة الحثيّة على سورية. استعاد رعمسيس الثاني الحرب التي بدأها سيتي الأول ضدّ الحثيّين، فكانت معركة حامية عند قادش على العاصي سنة 1275. لم تُحسم المعركة، فكانت معاهدة سلام بين رعمسيس الثاني و حتوسيلي الثالث، كرّست الوضع القائم في سورية. وحقبة السلام الطويلة التي نتجت عن هذه المعاهدة، أتاحت للفرعون بأن يهتمّ بالابنية في الكرنك والأقصر، وبأن يشيّد عاصمته في الدلتا الشرقيّة : في رعمسيس. ورث مرنفتاح (1212-1202) وضعًا صعبًا على حدود المملكة حيث تراخى السهر خلال السنوات الأخيرة من حكم والده. فواجه بقوّة، منذ اعتلائه العرش، هذا الوضع، فأعلن بافتخار على مسلّة نصبها سنة 1207 أنّه “اجتاح ليبيا وهدّأ حطّي، وسلب كنعان كلّها : أخذ عسقلان. استولى على جازر. صارت ينوعام كلا شيء. وأعدم اسرائيل بحيث زال نسله. وصارت حورو أرملة بسبب مصر”. مع هذا النصب، دخلت قبائل اسرائيل المقيمة في وسط فلسطين، في التاريخ. والمعركة التي جعلتهم أمام المركبات المصريّة، قد صوِّرت على جدار في هيكل أمون في الكرنك. وأحد المشاهد الأربعة التي تروي انتصار مرنفتاح، يقدّم النسخة المصريّة للمعاهدة التي عُقدت بين رعمسيس الثاني وحتوسيلي الثالث (نُسب النصر في هذه اللوحة إلى رعمسيس الثاني، وهذا خطأ). ونجد سقوط عسقلان (ذُكرت في الكتابة)، ومعركة المركبات المصريّة ضد اسرائيل في السهل، سقوط جازر وينوعام. حصل القتال ضد اسرائيل في سهل كنعان الساحليّ. ولكن بما أنّ الوقائع كذّبت أقوال مرنفتاح، نتساءل : أما انتهت هذه المعركة بغرق مركبات مصر في الوحول. هذا ما يشير إليه خر 15 :21 : “الخيل وفرسانها رماهم في البحر”. في هذه الفرضيّة، يصبح بحر القصب في خر 15، مصبّ يرقون. وهناك وثيقة أخرى تعود إلى زمن مرنفتاح، بردية أنستاسي 6 :54-56، وهي تتحدّث عن شوشو أدوم : “أنهينا من تمرير قبائل شوشو في حصن مرنفتاح حوتب هرماعط، الذي هو في جكو. حتى مستنقعات فيراتوم، لكي نبقي على حياتهم وحياة قطعانهم”. هذا النصّ من رسالة تعود إلى النصف الثاني من حزيران سنة 1204 ق.م.، لا تعطي اسم القبائل التي تتحدّث عنها. ولكننا نستطيع أن نفترض أن قبيلة “ي هـ و” كانت بينها، لأنّها هي التي أقامت في مصر حسب خر 3 :18؛ 5 :3 : “أطلقنا لنذهب مسيرة ثلاثة أيام في البريّة ونذبح ليهوه إلهنا”. إنّ الأسماء التي من أصل مصري في عشائر لاوي، مثل موسى، أشير، حفني، فشحور. فنحاس، فوتئيل، هرون، قد ثبَّتت هذا القول، لأنّ هذه العشائر (أو قلّة تقاليدهم) تعود إلى النقب حيث أقام شوشو الأدومي. ولكن يبقى أن نص بردية أنستاسي 6، تشير إلى تحرّكات انتجاع ولا علاقة لها بأحداث دراماتيكيّة حصلت في زمان رعمسيس الثالث، الملك الثاني في السلالة العشرين. فإن السلالة 19 قد انتهت سريعًا بعد موت مرنفتاح وحكم قصير لكلّ من “أمون محاسي” (1202-1199)، وسيتي الثاني (1199-1193) وسي بتاح (1193-1187) والملكة تاوسرت (1193-1185). الأسرة العشرون 1195-1080 سي نخت (اوسر خعو رع) 1195-1192 رعمسيس الثالث (اوسر ماعط رع، مري امون) 1192-1160 رعمسيس الرابع (حق ماعط رع) 1160-1154 رعمسيس الخامس (اوسر ماعط، رع سخيران رع) 1154-1150 رعمسيس السادس (نب ماعط رع) 1150-1145 رعمسيس السابع (اوسر ماعط رغ، اخ امون) 1145-1144 رعمسيس الثامن (اوسر ماعط رع، مري امون) 1144-1137 رعمسيس التاسع (نفركا رع) 1137-1118 رعمسيس العاشر (خبر ماعط رع) 1118-1110 رعمسيس الحادي عشر (من ماعط رع، ستب ان بتاح) 1110-1080 بعد فترة متوسطة امتدّت بضعة أشهر، أسّس سيت نخت السلالة 20 (1184-1070) التي كان رعمسيس الثالث (1182-1151) وحده الملك العظيم فيها. تغلّب على القبائل الليبيّة سنة 1178، وخلّص مصر من اجتياح شعوب البحر المدمّر. وجعل قسمًا منهم ( الفلسطيون) يقيمون في الساحل الجنوبيّ لكنعان. وبعد انتصارات جديدة على الليبيّين سنة 1172، تدخّل بجيشه في سيناء وفي كنعان. وبسبب الأهميّة الستراتيجيّة لطريق سيناء التي تقود إلى مناجم النحاس في تمناع، والتي ظلّت ناشطة حتى رعمسيس الخامس (1145-1141)، قام رعمسيس بضربة قاسية ضدّ شوشو المقيمين في جبل سعير الذين هدّدوا شغل المعادن في تمناع. وبردية هاريس 176 :9-11 التي دوّنت في زمن رعمسيس الرابع (1151-1140)، نسبت إلى رعمسيس الثالث خبر الحملة هذه على الأدوميّين في سعير : “دمّرتُ أهل سعير وسط قبائل شوشو، وسلبت خيامهم والرجال مع الأموال، وأخذت قطعانًا لا عدّ لها. قيّدتهم وأخذتهم سلبًا وجزية لمصر فاعطيتهم للتاسوعة ( الآلهة التسعة في هليوبوليس) عبيدًا في الهياكل”. بعض هؤلاء الشوشو جُعلوا في الجيش المصريّ. والبعض الآخر عمل في تشييد هيكل سيت في رعمسيس. والآخرون أقاموا غربيّ النيل في “فن شوشو” حيث كانوا، في أيام رعمسيس الخامس، في خدمة هيكل حاتور، أو في منطقة طيبة حيث سنجد بعضًا منهم في أيام رعمسيس التاسع (1126-1108) في خدمة هيكل أمون. بين هؤلاء الشوشو نبحث عن نواة أناس تركوا مصر بقيادة موسى، في نهاية حقبة الرعامسة (رج الخروج). شدّد رعمسيس الثالث قبضة مصر على مناطق في كنعان. وهذا ما تدلّ عليه آنية جازر و لاكيش، وعاج مجدو، وتمثال بيت شان، واوستراكة (تعود إلى سنة 1160) تل سرعة التي تبعد 20 كلم إلى الشمال الشرقيّ من بئر سبع. كلّ هذه الوثائق تحمل اسم الفرعون. إن الانتصارات التي حازها رعمسيس الثالث في كنعان وربّما في سورية، قد تخلّدت في نصوص ملحميّة طويلة، وفي جدرانيّات “مدينة خبو”. ولكن انحطاط المملكة بدأ يظهر. ورعمسيس الخامس (1145-1141) هو آخر ملك يُذكر اسمه في تمناع. وخلفُه رعمسيس السادس هو آخر ملك يظهر في مجدّو وفي سرابيت الخادم. وبعد حكم مع ابنيه رعمسيس السابع ورعمسيس الثامن (1134-1126) جاء حكم رعمسيس التاسع (1126-1108) الذي ظهر اسمه في جازر مع عبدة اسمها تاشوشو. هي آخر شوشو يُذكر في حقبة الرعامسة. في النصف الثاني من القرن 12، نرى شوشو الذين أجلوا سعير إلى مصر (على ما يبدو)، يعود نسلهم من أرض النيل إلى أرض الأجداد في سيناء والنقب حيث لم يعد من وجود للفراعنة. وانتهى نزاع السلالة 20 مع رعمسيس العاشر (1108-1098)، ومع رعمسيس الحادي عشر (1098-1070) الذي تفتّتت مملكته. الأسرة الحادية والعشرون 1085-950 سمندس (نسو بانب جدت) في تانيس حريحور في طيبة 1085-1054 بسوسينيس (باسبا ضع ان نيوت) في تانيس بينزم في طبيبة 1054-1009 امنحأوبت (في تانيس) 1009-1000 سي امون (في تانيس) 1000-984 بسوسينيس الثاني (في تانيس) 984-950 نحن هنا في الحقبة الثالثة المتوسطة. فقبل أن ينتهي رسميًّا حكم رعمسيس الحادي عشر، أسّس سمندس في ممفيس، وحريحور عظيم الكهنة، في طيبة، بيتين ملكيين، تقاسما مصر من سنة 1070 إلى سنة 945. أقام نسل سمندس في تانيس (صوعن) واحتفظوا بالشارات الملكيّة خلال هذه الحقبة كلّها. ولكن بوسينيس الثاني وآخر ملك في تانيس في السلالة 21، كان في الواقع كاهن طيبة. زاحه شيشنق الأول، القائد الليبيّ الذي أسّس السلالة 22، وشرّع استيلاءه على الحكم إذ زوّج ابنه اوسوركون بابنة بسوسينيس الثاني. دام ازدهار سلالة شيشانق قرنًا من الزمن. ثمّ بدأت فترة من الفوضى قسمت مصر مملكتين. ولكن وُلدت في السودان (في أرض كوش) قوّة ثالثة. الأسرة الثانية والعشرون 950-730 شاشنق الأول 950-929 اوسوركون الأول 929-893 تكلوت الأول 893-870 اوسوركون الثاني 870-847 شيشانق الثاني 847 شيشانق الثالث 823-772 بامو 772-767 شيشانق الرابع 767-730 الأسرة الثالثة والعشرون 817 (؟)-730 (تل بسطة) شيشانق الخامس 763 (؟)-757 (؟) اوسوركون الثالث 757 (؟)-748 (؟) تلكوت الثالث امون روو 748 (؟)-730 اوسوركون الرابع الأسرة الرابعة والعشرون 730-765 (صا الحجر) تف نخت 730-720 بكوريس (باك ان رنف) 720-715 الأسرة الخامسة والعشرون 751-516 الاسرة الكوشيّة بعنخي 751-716 شاباكا 716-701 شبتاكا 701-689 طهرقا 689-663 تانوت امون 663-656 إنّ سلالة ناباتا الأولى التي صارت السلالة المصريّة 25، قد بدأت مع بعنخي (746-716) مسيرة سياسيّة وحضاريّة، منطلقة من البلاط الفرعوني. إلاّ أنّ بقاء الأمارات الليبيّة حاضرة في الدلتا، والاستقلال النسبيّ لأمراء حانيس، ومجيء السلالة الرابعة والعشرين في سوء (سائيس)، كل هذا جمّد عمل الملوك الكوشيّين (أو الأحباش) وساعد الأشوريّين على تدمير دولتهم. جاء شاباكا بعد بخنعي، وخلفه شبتاكا (702-690) الذي انطلق سنة 701 لمساعدة أورشليم التي يحاصرها سنحاريب. إنّ حكم طهرقا وخلفه تانوت أمون (664-657) انشغلا بالحرب ضدّ الأشوريّين الذي اجتاحوا مصر بمساعدة جيوش الملوك تابعيها، ولاسيّمَا ملك يهوذا. سقطت ممفيس وطيبة. ولكن سلالة سائيس قامت على بساميتيك الأول (664-610) الذي دعا مرتزقة من إيونية وكارية، كما دعا لمساعدته جيجيس ملك ليدية. وهكذا طُردت الحاميات الأشوريّة من مصر، وعُزلت سلالة طيبة، وتصفّت آخر آثار الفوضى الليبيّة. الأسرة السادسة والعشرون 656-525 بساميتيك الأول 663-609 نكو 609-594 بساميتيك الثاني 594-588 ابريس (و ا ح ب ر ع) 588-568 احمس الثاني (اماسيس) 568-526 بساميتيك الثالث 526-525 حين أعاد بساميتيك الأول توحيد مصر، رفض أن يكون تابعًا لأشور بانيبال. ولكن الحاميات الأشوريّة (مع جيوش اسكوتيّين) ظلّت على حدود مصر دون أن تقلق ملك سائيس. فاستطاع أن يعيد للملكيّة الفرعونيّة بعض عظمتها، وللبلاد الأمان، وللحضارة المصريّة لمعانًا جديدًا. وصعد المادايون والكلدانيّون في بابلونية، فاجتاحوا أشورية. قلق الملكُ الشيخ، فأرسل سنة 610 ق.م. جيشًا مصريًّا وصل إلى كركميش وحاران، ليساند أشورية. وتابع ابنه نكو الثاني (610-595) السياسة عينها. ولكن هذا لم يمنع من دمار المملكة الأشوريّة التي قُسمت بين المادايين بقيادة أواكشترا والكلدانيّين (أو البابلونيّين) بقيادة نبوفلاسر ونبوخذ نصر الثاني. ورغم هزيمة كركميش سنة 605، حافظ نكو الثاني على بعض النفوذ في سورية وفينيقية. طلب الملوك الفينيقيّون عونه ضدّ التهديد البابلوني. ولكن نكو الثاني لم يستطع أن يمنع البابلونيّين من احتلال فينيقية وفلسطية بقيادة نبوخذ نصر الثاني (2مل 24 :7)، كما لم يمنع سقوط أورشليم سنة 597 ق.م. (2مل 24 :10-17؛ 2أخ 36 :6). ساند خلفُه بساميتيك الثاني (595-589) الحزب الموالي لمصر في أورشليم، وهذا ما دفع صدقيا إلى التمرّد على نبوخذ نصر الثاني (2مل 24 :20ب؛ 2أخ 36 :13). ولكن مات الفرعون قبل أن تحاصر الجيوش البابلونيّة أورشليم (2مل 25 :1؛ إر 39 :1). فما استطاع ابنه وخلفه واحب رع (خفرع في العبريّة، ابرياس في اليونانيّة) (589-568) أن يخلّص عاصمة يهوذا مع أنّه قام بهجوم ليحوّل أنظار العدو (إر 37 :5)، بناءً على طلب قائد الجيش اليهوذاويّ كونيا بن ألناتان الذي ذهب إلى مصر (اوستراكة لاكيش 3 :14-16). سقطت أورشليم سنة 587 ق.م. ولكن صور قاومت جيوش نبوخذ نصر الثاني 13 سنة، بعد أن جاءتها الإمدادات بالبحر. عندئذ حاول عدد من اليهوذاويّين اللجوء إلى مصر (إر 42-44)، فأقاموا في الدلتا الشرقيّة ولاسيّمَا في المجدل وتحفنحيس وممفيس، كما أقاموا في مصر العليا (فتروس)، في أسوان وجزيرة الفيلة. في جزيرة الفيلة أقامت مستوطنة يهوديّة تعود إلى زمن أماسيس (أو : أحمس) إن لم يكن خفرع، وحاولت أن تدافع عن مدخل النيل تجاه سلالة نفاتا الكوشيّة الثانية التي كانت تستعدّ للاستيلاء على مصر، رغم حملة 594 التي وصلت بجيش بساميتيك الثاني إلى قلب النوبة. حصل انقلاب على خفرع وقُتل سنة 538 (رج إر 44 :39)، واستولى أماسيس (568-526) على العرش. استفاد نبوخذ نصر من هذه الثورة الدمويّة، فهاجم مصر (رج إر 43 :8-13؛ 46 :13-26؛ حز 30). ولكن أماسيس تغلّب على المحنة فما تحقّقت أقوال النبيّين إرميا وحزقيال. وكان ابنه بساميتيك الثالث (526-525) أمام خصم آخر هو قمبيز، أخذ منه ملكَه وأعدمه الحياة بعد نصف سنة من الحكم. الأسرة السابعة والعشرون 525-404 قمبيز 525-522 دارا الاول (داريوس) 522-485 خشيارت (كركسس أو احشوويروش) 485-464 ارتحشات (ارتكسرسيس أو ارتحششتا) 464-424 دارا الثاني 424-404 الأسرة الثامنة والعشرون 404-358 امون خر (اميرتايوس) 404-398 الأسرة التاسعة والعشرون 398-378 نفرتيس الأول (نايف عوف رود) 398-392 هكر (اكوريس) 392-389 بي ساموت (بساموتيس) 380-379 نفريتس الثاني (نايف عاو رود) 379-378 الأسرة الثلاثون 378-341 نختنبو الأول (نخت نيف) 359-341 الغزو الفارسي الثاني 341-332 أرتحششتا الثالث “اوخوس” 341-338 ارسيس 338-335 دارا الثالث في مصر 335-332
ممفيس:
كذا في اليونانية. في العبرية : نوف أو موف. في الاكادية : ممفي (يه 1 :10). عاصمة مصر السفلى. تقع على الضفة الشمالية لنهر النيل وتبعد بضعة كلم عن القاهرة. هذه المدينة القديمة التي تعني في المصرية : “الجمال الدائم” (م ن. ن ف ر)، أسّسها مينيس باسم “الجدار الأبيض”، وأخذ التسمية من هرم بيبي الأول (سلالة 6) الموجود قرب سقارة. في الارامية والفينيقية هي “م ن ف” دون دغم النون كما في هو 9 :6 (م ف) وفي رسالة أرامية وُجدت في هرموبوليس (رسالة 2 :3). وكان لممفيس اسم آخر : “مدينة فتاح” إله المدينة. كان الاسم يُلفظ “نوفتاح”. رج في العبرية “ن ف ت ح” في تك 10 :13 (نفتوح) وفي 1أخ 1 :11 مع اسم النسبة : نفتوحيون. أما اللفظة الموجزة فهي “ن و ف” التي نجدها في إش 19 :13؛ إر 2 :16؛ 44 :1؛ 46 :14، 19؛ حز 30 :13. نجد اسم النسبة “ممفيس” في كتابة فينيقية في أبيدوس، على مثال نفتوحي. كان الاله الرئيسي في ممفيس فتاح، الذي عُبد منذ السلالة المصريّة الأولى. كان شفيع الصنَّاع وقد تماهى مع كوشر لدى السوريين والكنعانيين، ومع هيفايستوس لدى اليونان. هو خالق الكون بالعقل (القلب) والكلمة (اللسان). عُبد في المستوطنة الفينيقية في ممفيس. وما يدلّ على ذلك أسماء العلم : خادم فتاح. ابن فتاح. ووُجد فينيقيون بعيدًا عن ممفيس، مثل ذاك الذي وصل إلى ابيدوس وأعلن انه ممفيسي. لا نعرف متى بدأت هذه المستوطنة، ولكنها كانت موجودة في القرن 8 ق.م. في الحقبة الفارسيّة، عبد فتاحَ الاراميون الذين أقاموا في ممفيس أو مرّوا فيها. وما يدلّ على ذلك رسائلهم التي وُجدت في هرموبوليس. كانت ممفيس عاصمة مصر خلال المملكة القديمة. ولعبت دورًا هامًا في المملكة الوسيطة مع أن العاصمة الملكيّة قد انتقلت إلى الجنوب، إلى جوار لشت. في المملكة الحديثة صارت ممفيس مدينة فيها الجيش والعتاد، وأقام فيها وليُّ العهد. في القرن 13 انتقلت العاصمة إلى الشمال الشرقي حين أسّس رعمسيس الثاني في رعمسيس. ولكن كهنة ممفيس حافظوا على تأثيرهم الكبير، والمدينة ظلت مزدهرة وهي الواقعة على رأس الدلتا. أشار إليها هو 9 :6 كي يتلاعب على الكلام، فذكر الأهرام ومدينة الموتى الشهيرة. إلى هذا تشير لفظة “ك س ل ح ي م” (كسلوج) في تك 10 :14؛ 1أخ 1 :12 (كسلوح). وأظهر إش 19 :13 حذره من هؤلاء الملوك الصغار في مصر مفتّتة بعد أن أضعفتها الفوضى الليبيّة. وجعل إر 2 :16 العاصمة القديمة على قدم المساواة مع تحفنحيس (دفنه)، فلمّح إلى التدخّل المصريّ سنة 609-605. وذُكرت المدينة في إر 44 :1 بسبب اليهوذاويين الذين لجأوا إليها سنة 587. وفي إر 46 :14-19؛ حز 30 :13 بسبب تهديد نبوخذنصر الثاني لمصر سنة 568 ق.م.
نيل:
في المصرية “اترو” في العبرية “يأور”. في اليونانية : نايلوس (من هنا النيل). تترجم السبعينية اليونانيّة والشعبية اللاتينية اللفظة بكلمة بوتاموس أو فلوفيوس أي النهر. من أطول أنهر الارض (طوله 6500 كلم). نبع النيل هو نيافارونفو وهو رافد من كاغيرا الذي يصب في بحيرة فكتوريا، نيانزا. قبل ان يصل إلى مصر يحمل اسماء عديدة : بحر الغزال، بحر الصراف، النيل الأزرق، اقبارا، سباط. عرض النهر يتراوح بين 460 و 900 م. اما واديه فيتراوح بين 5 و 25 كلم. يصل إلى اقصى انخفاضه في أسوان في منتصف أيار، وفي القاهرة في منتصف حزيران. تبدأ المياه خضراء ومليئة ببقايا النبات (النيل الاخضر). بعد شهر من هذا الوقت يأتي الفيضان الكبير الذي يحمل التراب الاحمر من ارض الحبشة. ويصل إلى أعلى مستواه في بداية شهر أيلول في أسوان، وفي بداية شهر تشرين اول في القاهرة. كل هذا كان قبل بناء السد العالي. النيل مهم كوسيلة اتصال وكحامل طعام شعبي (السمك : إش 19 :8؛ حز 29 :4). تتحدث التوراة عن النيل خاصة في سفر الخروج وفي الاسفار النبوية لتدل على مصر. من جزيرة الفيلة (الفنتين) إلى القاهرة، يمرّ النيل في إدفو، طيبة العمارنة، ممفيس وغيرها من مدن مصر العليا. نشير إلى أن النيل لم يؤلّه في المعنى الحصريّ للكلمة. ولكن روح النيل الذي سمّي في المصرية “ح ا ف ي” كان إلهًا ذكرًا وانثى، يجسّد خصب أرض مصر. لهذا يبدو بشكل امرأة سمينة.
نينوى:
في الاشورية : ننوا أو نينا. مدينة في بلاد الرافدين على ضفة دجلة الشرقية قرب مصب حوصر. هي اليوم حقل من الخرائب تجاه الموصل. هناك تل قيونجيك، نبي يونس. إن اقدم تاريخ للمدينة يضيع في غياهب التاريخ. حسب تك 10 :11 بنى نمرودُ نينوى. يذكر حمورابي نينوى بين المدن الكبرى في مملكته. حوالي سنة 1500، كانت تخص ميتاني. حوالي 1350، كانت للاشوريين. وازدادت أهمية نينوى من الوجهة السياسية بعد القرن 8 ق.م. حين جعلها سنحاريب عاصمة أشورية، ورفعها إلى مقام مركز الملك (2مل 19 :36؛ إش 37 :37) ووسّع مساحتها (يون 3 :2؛ 4 :11). كانت مساحتها في ذلك الوقت، على ما يبدو 664 هكتارا. انبأ ناحوم (ف 1-3) وصفنيا (2 :13-15) بسقوطها. وسقطت تحت ضربات المادايين والبابليين سنة 612. تروي التوراة أن يونان كرز في نينوى (يون 3 :1-4-11؛ رج مت 12 :41 وز )، وأن طوبيت سكن فيها (طو 1 :11). هناك يكرم الناس مدفن يونان في النبي يونس. بدأت الحفريات سنة 1846 وامتدت حتى القرن العشرين. نشير هنا إلى وجود رأس ملك من البرونز في هيكل عشتار يعود إلى الألف الثالث (حشو 432). و”شرعة حمورابي” أوردت اسم نينوى بين سائر مراكز مملكته (عمود 4أ :60) أما آثار أقدم قصر ملكي، فقد اكتشفت على موقع يعود إلى أشور بانبيال (883-859) (حشو 624). وكان هذا القصر بين هيكل عشتار وهيكل نبو. إن سنحاريب (704-681) هو الذي نقل عاصمته إلى نينوى وبنى قصرًا فخمًا في القسم الجنوبيّ من قيونجيك. وُجدت هناك جدرانيات تتحدّث عن سقوط لاكيش (حشو 371-374). في هذا القصر وضع اشور بانيبال مكتبته (25000 لويحة). أما قصر اسرحدون فكان في النبي يونس حيث نجد آثار زقورة وهيكل كبير.
No Result
View All Result
Discussion about this post