الكنائس الأولى
خرائط الكتاب المقدس
اشترك كل من برنابا و سيلا وتيموثاوس , و آخرون مع بولس الرسول , في تأسيس العديد من كنائس آسيا الصغرى . و الكنائس التي أرسل يوحنا الرسول رسائل سبع إليها سجلها في سفر الرؤيا ص 2 , 3 , في نهاية القرن الميلادي انتشرت الكنائس في معظم بلدان آسيا الصغرى , و غيرها من مناطق حول البحر المتوسط . ○ كنائس أسسها بولس الرسول ▄ كنائس كتب إليها يوحنا الرسول (رؤيا 1 – 3 ) ■ كنائس أخرى تأسست في خلال القرن اﻷول للميلاد و أخرى كتب بولس الرسول إليها رسائل
أثينا:
مدينة يونانية. كانت في الزمن البيبلي مركز الفنون والعلوم في العالم القديم. بعد الاحتلال الروماني (146 ق.م.)، خسرت كل أهميّتها السياسيّة. يمتدح 2 مك 9 : 15 نُظمها الديمقراطيّة. كان أهلها يُعتبرون ممن يحبّون أن يقولوا أو يسمعوا شيئًا جديدًا (أع 17 :21) ولا سيّمـا في أمور الدين (أع 17 :22). ويشهد على اهتمامهم بأمور الدين عدد (3000) المعابد والصور، ومنها مذبح “للإله المجهول” (أع 17 :23). لم نجد بعدُ هذه العبارة، ولكننا نعرف واحدة وُجدت في برغامُس تعود إلى الزمن الامبراطوري وهي تقول : مكرَّس للالهة المجهولين. يشير عدّة كتّاب قدماء (مثلاً بوسانياس) إلى وجود مذابح مكرّسة للالهة المجهولة، يبنيها الناس ليُبعدوا كارثة لا يمكن ان ننسبها إلى إله محدّد. ويذكر سفر الأعمال أيضاً “الاريوباغوس” الذي يعني تلة تقع جنوبي الساحة، أو مجلس المدينة، كما يذكر المجمع وسوق الفخارين الواقع شمالي غربي الاريوباغوس(أع 17 :17). زار بولس أثينا خلال رحلته الرسوليّة الثانية ووعظ في المجمع أمام اليهود والخائفين لله. وقال خطابه الشهير على الاريوباج أمام فلاسفة ابيقوريين ورواقيين. توسّع الرسول في ثلاثة أفكار : ^ أولاً : أمام الآلهة المتعدّدة عند اليونان، ليس إلاّ إله واحد هو خالق السماء والأرض، غير منظور وحاضر في كل مكان، وهو لا يحتاج إلى خدمات البشر. ^ ثانيًا : هذا الإله خلق جميع البشر وحدّد مصيرهم ليطلبوه ويجدوه. والأمر ممكن لأنه ليس ببعيد عنهم. ففيه يحيون ويتحرّكون ويُوجدون. ^ ثالثًا : والآن يدعو الله جميع البشر إلى التوبة، لأنه سيدينهم يومًا بذلك الذي تثبّتت رسالته بالقيامة من بين الأموات. كانت نتيجة هذه الخطبة محدودة، لأن اليونانيين لا يعتبرون القيامة من بين الأموات خلاصاً. آمن فقط ديونيسيوس الاريوباغي وامرأة اسمها داماريس (أع 17 :32-34؛ رج 1تس 3 :1). وهناك قراءة رمزية تبرز وجود “عيلة” جديدة من المؤمنين في عالم الفلسفة الذي اشتهرت به أثينا، بشكل بذار سيعطي ثلاثين وستين ومئة.
آخائية:
منطقة في اليونان القديم تقع شمالي البلوبونيز. كانت محافظة رومانية منذ سنة 146 ق.م. وضُمّت إلى محافظة مكدونية (أع 19 : 21) بين سنة 15 و44 ب.م. في أيام الامبراطور كلوديوس (41-54)، أستقلّت وحكمَها قنصلٌ (أع 18 :12 : غاليون). زار القديس بولس آخائية خلال رحلته الثانية (أع 17 :16-18 :18) ورحلته الثالثة (أع 19 :21). وبين هذه الرحلة وتلك زارها أبلوس (أع 18 :27). امتدح بولس سخاء آخائية بمناسبة التبرّع لمصلحة قدّيسي أورشليم (2كور 9 :2). بيت استفانوس، بكر آخائية (1كور 16 :15؛ رج 2كور 11 :10؛ 1تس 1 :7-8)، يرتبط بهذه المقاطعة.
إزمير:
مدينة مذكورة في رؤ 1 : 11 (سميرنة) على أنها مركز ِ إحدى الجماعات المسيحية في آسية الصغرى. وُجهت إليها رسالة (رؤ 2 :8-11) تمدح المؤمنين وتشجّعهم من أجل الاضطهاد الآتي. كانت إزمير مستوطنة إيوليّة لا أهميّة لها على مصب هرموس. ولكن لاحظ الاسكندر الكبير أهميّتها (نهاية الطرق التجارية في الشرق) فأعاد بناءها حسب مخططه الخاص بيد انطيغونوس وليسيماكوس وصارت إزمير بسرعة أنشط مرفأ في آسية الصغرى وأهم مدينة تجارية هناك. منذ سنة 133 ق.م. صارت إزمير رومانيّة وألفّت مع برغامس المركز الرئيسي لعبادة الامبراطور في آسية الغربية. تأسّست فيها جماعة من المسيحيين المتهودين على يد بولس نفسه. وعرف التقليد اسم بوليكربوس الازميريّ الذي توفي حوالي سنة 170.
آسية:
1) مملكة السلوقيّين. كانت تمتدّ بعد معركة ايسوس، من الدردنيل حتى الهندوس، وتضمّ آسية الصغرى وآسية الغربيّة. وظلّت مملكة السلوقيّين تسمّى آسية حتى بعد أن تخلّى أنطيوخس الثالث الكبير عن آسية الصغرى بالمعنى الحصري بعد معركة مغنيزية (1مك 8 : 6؛ 11 :13؛ 12 :39؛ 13 :23؛ 2 مك 3 :3). 2) مقاطعة آسية الرومانيّة القنصليّة. تكوّنت سنة 123 ق.م. مع آخر ملوك برغاموس، فضمّت مناطق ميسية، ليدية، كارية، فريجية (رو 16 :1؛ 2كور 1 :8؛ 2تم 1 :15؛ 1بط 1 :1؛ رؤ 1 :4، 11؛ أع 16 :6؛ 19 :10، 27). 3) في أع 2 :9 تدل آسية على المقاطعة الرومانيّة ما عدا فريجية، أي المنطقة الساحليّة. يسمّى كل من تيخيكس وتروفيموس : الذي من آسية.
أفسس:
مدينة إيونية. تأسّست في الزمن السابق للعهد الهليني. أعيد بناؤها سنة 336 ق.م. بعد سنة 33 ق.م. صارت عاصمة (مدينة حرة) لمقاطعة آسية الرومانيّة، ونعمت بوضع خاص على مصب نهر كايستريس وعلى ملتقى الطرق التجاريّة من اليونان وآسية الصغرى (كل هذا كان مصدر غنى كبير). وكانت مركز القنصل الرومانيّ. إلى ذلك عُرفت المدينة بسَحرتها العديدين. فبرديات أفسس السحريّة أشتهرت في العالم كله. كانت تعدّ ربع مليون نسمة، وكان بين السكان عدد كبير من اليهود ينعمون بوضع مميّز. زار بولس أفسس خلال رحلته الثانية (أع 18 : 19-21) ورحلته الثالثة (أع 19 :1-20 :21). وفي هذه المناسبة الأخيرة أقام ثلاث سنين حتى أجبرته قلاقل أثارها الصائغ ديمتريوس على ترك المدينة. نعرف أشخاصًا عديدين من العهد الجديد سكنوا أفسس أو أقاموا في أفسس : اسكندر، ابلوس، أكيلا، أسس، هرموجينيس، هيمينايس، أونيسفوروس، فيجلس، برسكلة، سكاوا، تيموتاوس، تروفيمس، تيخيكس.
أنطاكية:
1) أنطاكية بسيدية أو القريبة من بسيدية. تقع على الحدّ الفاصل بين بسيدية وفريجية، على شاطئ نهر مياندريس. أسّستها مغنيزية في آسية الصغرى وصارت مدينة حرة سنة 190 ق.م. ومستوطنة رومانيّة يسودها الحق الإيطالي المعمول به منذ أيام أوغسطوس قيصر. هي اليوم يلواص إلى الشمال الشرقي من بحيرة أغردير. كان فيها جماعة يهوديّة هامة استقبلت بولس وبرنابا خلال الرحلة الرسولية الأولى. بدأ اليهود فاستقبلوا الرسولين استقبالاً طيبًا ثم أثاروا عليهما اضطهادًا أجبرهما على الهرب إلى أيقونية (أع 13 : 14-52). ولكن ظلّت في المدينة جماعة مسيحيّة مؤلفة من وثنيين مهتدين، وسيزورها الرسولان فيـما بعد (أع 14 :21 ي). 2) أنطاكية سورية. تقع على ضفتي نهر العاصي في سهل يقع بين كاسيوس وأمانوس. أسّسها سنة 300 ق.م. سلوقس الأول إكرامًا لأبيه أنطيوخس. كانت مدينة تجارة غنيّة ومركز المدنيّة الهلينية وعاصمة السلوقيين. بعد سنة 13 ق.م. صارت عاصمة مقاطعة سورية الرومانيّة ومركز الحاكم الرومانيّ. تألّف شعبها من أهل سورية ومن اليونانيين واليهود. كان اليهود أغنياء وقد نشروا ديانتهم فيها بغيرة وكان منهم نيقولاوس الدخيل الأنطاكيّ (أع 6 :5). كان حقّ الانتماء إلى مدينة أنطاكية امتيازًا مهمًا وقد أعطي ليهود المدينة (2مك 4 :9). ألّف مسيحيون من فلسطين وقبرص وقيريني جماعة مكوّنة من يهود مهتدين ومن وثنيين. وقد دعي أعضاء هذه الجماعة مسيحيين (أع 11 :26). زار أنطاكية أولاً برنابا (أع 11 :2ي) ثم بولس (أع 11 :25). وستكون نقطة انطلاق ووصول الرحلتين الأولى والثانية (أع 13 :1-3؛ 14 :26-28؛ 15 :40 ي؛ 18 :22). وان طريقة حياة وتفكير مسيحيّي أنطاكية فرضت عقد مجمع أورشليم وأبرزت الصراع بين بطرس وبولس. بُنيت أنطاكية على الضفّة اليسرى لنهر العاصي، وابتعدت 22 كلم عن شاطئ البحر، فوقعت في سهل غنيّ يمتدّ من جبل أمانوس. ربط هذه المدينة إلى مرفأها، سلوقية بيارية، نهر العاصي وطريق تحاذيه. وعلى الطريق الرئيسيّة التي تربط آسية الصغرى بسورية وفينيقية، وفي نهاية القوافل الآتية من بلاد الرافدين، كانت أنطاكية ملتقى الطرق. تأسّست في الأصل من أجل عشرة آلاف مستوطن مكدونيّ، فجذبت إليها أناسًا أقاموا في حيّ آخر. وكوّن أنطيوخس الثالث حيًّا ثالثًا سمّاه نيابوليس، وأنطيوخس الرابع حيًّا رابعًا سمّاه ابيفانيا. وهكذا صارت أنطاكية المدينة الثالثة في الإمبراطوريّة الرومانيّة بعد رومة والاسكندريّة. حاول أنطيوخس الثالث أن يؤسّس فيها مكتبة، ولكن هذه المكتبة لم تضاهِ أبدًا مكتبة برغامس أو مكتبة الاسكندريّة.
أورشليم:
أوّلاً : الاسم. تسمّى اليوم : القدس (أو المقدسة : إش 52 :1). أقدم ذكر لها نجده في النصوص المصرية. في لعنات السلالة 12 : “ا و ش ا م م” وهي نقل للكنعاني “أوروشليم” كما نجده في القرن 14 في رسائل تل العمارنة. كتب النص الماسوري يروشلم وطلب أن تلفظ : يروشلاييم. هذا اللفظ هو أمر جديد وغير معروف في العهد الجديد. على مَوشور سنحاريب (القرن 7) الاسم هو أروساليمو (كلام عن حصار المدينة 701). وفي الأسفار القانونية الأولى (السبعينية) والرؤيا نجد يروسليم، وفي الأسفار القانونية الثانية وسائر أسفار العهد نجد ياروسوليما. المعنى : مدينة (أورو أو يرو : أساس) ساليم (اسم إله نقرأه في أوغاريت). إذن، أورشليم هي مدينة السلام أو تأسيس شليم. وسُميت أيضًا يبوس، مدينة داود، صهيون، المدينة (إر 32 :24؛ حز 7 :23)، يهوه هنا (حز 48 :35). ونشير إلى أنه بعد هجمة الرومان على ابن الكوكب سمّى هدريانس الروماني (135 ب.م. ) المدينة : أياليا كابيتولينا. نسبة إلى الكابيتول، أحد رؤوس رومة. ثانيًا : الموقع والامتداد. تقع أورشليم على تلة كلسيّة ترتفع 760 م عن سطح البحر المتوسط و 1145 م عن سطح البحر الميت. لا ترتبط هذه التلة بالجبل إلاّ من الشمال، وتحيط بها من ثلاث جهات وديان عميقة. في الشرق : وادي قدرون (وادي النار). وفي الغرب والجنوب : وادي هنوم (وادي الربابة) الذي ينضمّ إلى وادي النار قرب بئر أيوب (في العهد القديم : روجل). ويصبّ وادي النار بدوره في البحر الميت. تنقسم التلة قمتين يختلف ارتفاعهما وبنيتهما. يفصل بينهما الوادي الذي سمّاه الشعب في أيام يسوع : وادي الجبّانة (عند فلافيوس يوسيفوس : تيروفيون) والذي امتلأ اليوم بالخرائب. يمرّ هذا الوادي في المدينة منطلقًا من باب دمشق نحو الجنوب الشرقي إلى بئر أيوب. وتنقسم القمتان إلى مرتفعات عديدة بحيث تبدو المدينة في شكل وعر. فالقسم الشمالي من التلة الشرقية يتوِّجُهُ الحرمُ الشريف. والقسم الجنوبي المسمى الضهورة كان حقولاً. وتَسمّى امتدادُ هذا القسم في التوراة : عوفل. وفي القسم الشمالي للقمة الغربية نجد كنيسة القيامة، وفي القسم الجنوبي صهيون المسيحية والعليّة. ثالثًا : التنقيبات (أ) سنة 1867-1868 وما بعد : سور عوفل، الضهوره وحائط تيروفيون، نبع جيحون والقنداق والقنوات. كل هذا يدلّ على أنّ أورشليم السابقة لداود وأورشليم الداودية (صهيون) امتدت على 4 هكم وكانت واقعة على الضهورة. فعند سفح هذه التلة في وادي قدرون، يوجد النبع الوحيد والضروري للمدينة (أم الدرج. جيحون في العهد القديم). من هذا النبع ينطلق نفق حُفر في الصخر. هو يصعد إلى المدينة بحيث يصل إليه الناس داخل الأسوار. (ب) في ايام سليمان. امتدت المدينة انطلاقًا من التلة الجنوبية الشرقية نحو الشمال، إذ شيّد الملك الهيكل والقصور الملكية. وكان الهيكل على القمة الشرقية الموجهة نحو الشمال حيث كان بيدر ارونا وحيث يوجد اليوم الحرم الشريف. والصخر في قبّة الصخرة يدل على مذبح المحرقات أو قدس الأقداس في هيكل سليمان. وإن سليمان بنى سورا حول المدينة كلها. (ج) إذا عدنا إلى فلافيوس يوسيفوس (الحرب 5 :142-145) نعرف أنّ هذا السور حمى عمل داود وسليمان وخلفائهما، أي التلة الجنوبية الشرقية والتلة الجنوبية الغربية. واختلفت الآراء حول موضع قلعة اليبوسيين. (د) الذين يظنون أن التلّة الجنوبية الغربية لم تُضمّ إلى المدينة قبل المنفى يقولون بوجود حيّ جديد (في القرن 9) اسمه “مشنه” (أي القسم الثاني. في العربية : المثنى) (2 مل 14 :22). هذا الحي هو امتداد جديد (بعد ضم البيدر والتلة الجنوبية الغربية) لأورشليم. كان له سوره في ايام الملك حزقيا (2 أخ 32 :2-5). ولكن هذا السور لم يَضمّ الجلجثة (حيث كنيسة القيامة) كما يقول يو 19 :20؛ عب 13 :12. (هـ) بعد سنة 41-44 ب.م. وسّع هيرودس أغريباس الأول المدينة فابتدأ ببناء حائط جبار لم يُنهِه. هذا ما يسميه يوسيفوس السور الثالث. كان يضمّ أراضي واقعة شمالي أورشليم. (و) في سنة 132، بنى ابن الكوكب بسرعة وبمواد مختلفة حائطاً يقيه هجمات الرومانيين. رابعًا : تاريخ المدينة (أ) اكتُشفت فخاريات في مقابر الضهورة وآثار حائط بجانب قمّة الضهورة. وقناة تعبر التلة إلى الشمال من جيحون، وهي محفورة في الصخر. كل هذا كان في بداية البرونز الأول. وهذا يعني ان المكان كان مأهولاً حوالي سنة 3000. كان الوادي يحمي المدينة من ثلاث جهات، والقناة من جهة الشمال من حيث يأتي الخطر. (ب) حوالي سنة 2000، دخل الأموريون إلى كنعان وخسرت مصر سيادتها على هذه البلاد. انتمت أورشليم إلى هذه المدن التي خاف الفرعون (السلالة 20) من أن تتخلى عنه (نصوص اللعنات). وجاءت بعد الأموريين عناصر هندو أوروبية وحورية استعملت الخيل من أجل الركوب وجرّ الأثقال. ومن أجل مركباتهم الحربية أقاموا مخيمات مستطيلة تحيط بها مرتفعات من الأرض القاسية وفوقها تلة حجارة غير منحوتة. بين سنة 1800 و 1600 بنوا قلعة من هذا النوع في أورشليم. ووُجد حائط طوله 30 م. كان يحيط بعوفل ويربطه بالمدينة القديمة. وإلى الزمن عينه تعود البئر التي حُفرت في الصخر فأتاحات للناس أن يستقوا من مياه نبع جيحون خلال الحصار. (ج) تعلمنا رسائل تل العمارنة في القرن 14 أنه كان لأورشليم ملك يحمل اسمًا حوريًا : عبدي حافه. في ذلك الوقت كانت أورشليم مدينة. وهناك ملوك كنعانيون آخرون نعرف منهم : ملكيصادق (تك 14 :18) أدونيصادق (يش 10 :3؛ قض 1 :5-7). (د) ظلّت أورشليم في يد الكنعانيين حتى داود الذي احتلّ المدينة وجعلها عاصمته. نقل إليها تابوت العهد، فصارت المركز الدينيّ في مملكته (2صم 5-6). ووسّع سليمان المدينة (ملو، الهيكل، القصر ). تُنسب إليه قبور الضهورة (قبر داود الذي جعله التقليد خطأ في التلّة الجنوبية الغربية) وبركة مياه وقنوات يغذّيها نبع جيحون (جا 2 :5 ي). (هـ) رغم الانشقاق، توسّعت أورشليم كثيرًا بعد موت سليمان. بعد سنة 800، دمّر يوآش، ملك اسرائيل، السور على طول 200 م. (2مل 14 :23؛ 2أخ 25 :23). فرمّمه عزيا، وحصّنه، وزاد عليه أبراجًا مع أمكنة للمنجنيق (2أخ 28 :9، 15). وتابع يوثام (2أخ 27 :3) عمل سلفه. واستعد حزقيا لهجوم الأشوريين، فأقام سورًا جديدًا، وبدّل نظام أقنية جيحون (كانت خارج السور ولم تكن مغطاة، إذًا كانت خطرة) بنفق يعبر الضهورة ويقود الماء من النبع إلى داخل المدينة في بركة واقعة في التيروفيون (2مل 20 :20؛ 2 أخ 32 :3-4، 30؛ سي 48 :7؛ إش 18 :7). بهذه الطريقة لم تعد مؤونة المياه خاضعة للمحاصرين. وحسّن منسّى، خلف حزقيا، السور الشرقي (2أخ 33 :14). سنة 598، وصل نبوخذنصر أمام المدينة ليعاقب يواكيم الملك الذي تمرّد عليه. ولكن يواكيم مات في ذلك الوقت. وتمرّد خلفه صدقيا. فجاء نبوخذنصر ودمّر الهيكل والمدينة (875 ق.م.؛ 2مل 25 :1-21؛ 2أخ 36 :17-21). (و) رغم هذا ظلّت أورشليم خلال أيام المنفى المركزَ الدينيّ لأهل السبي (مز 137؛ إش 40-55) وللذين ظلّوا في فلسطين. وكانوا يحجون إلى خرائب الهيكل (إر 14 :4 ي). بعد المنفى، أعاد عزرا ونحميا تدريجيًا بناء المدينة والهيكل رغم معارضة السامريين. في سنة 445، جاء نحميا بالسلطات الضرورية ورفع السور في 52 يومًا (نح 6 :15). ويتضمّن تقرير هذا البناء (نح 2 :12-3 :32) عددًا من المعلومات الطوبوغرافية التي لا نستطيع دومًا أن نتتبّعها على الخارطة، ولكنها تعطي فكرة عن اتساع المدينة. هو يسمي عشرة أبواب نعرف موقعها مع بعض الدقة : باب الوادي، باب الزّبل، باب العين، باب الماء، باب الخيل، باب السمك، الباب العتيق (باب إفرايم أو باب مشنه)، باب الغنم، باب الشرق. ويذكر التقرير تفاصيل طوبوغرافية أخرى : برج حننئيل (حيث تقوم انطونيا)، برج الافران (القلعة الحديثة)، الزاوية (على عوفل، جنوبي الحرم الشريف)، عين بركة الملك (تيروفيون)، درج مدينة داود (الضهورة)، مقابر داود. (ز) إن حملة الاسكندر الكبير ضمّت أورشليم إلى المملكة الهلينية. بعد موته، احتلها اللاجيون حتى سنة 198 ق.م. حين فتحت المدينة أبوابها للسلوقي أنطيوخس الثالث، اتّبع هذا الملك سياسة الفرس واللاجيين، فاعترف اعترافًا رسميًا بالتيوقراطية اليهوديّة، وصادق على امتيازاتها. ولكن في بداية عهده، حاولت جماعة من محبّي العالم الهليني مع الملك الجديد أن تطبع مدينة أورشليم بالطابع الهليني (لأن الملك اعتبر أن توحيد المملكة توحيدًا جذريًا هو مهمته الأولى). نجح هؤلاء، وشيّدوا ملعبًا هو من ضروريات كل مدينة هلينية. في سنة 169، سلب أنطيوخس الهيكل، وفي سنة 167 كرّسه لزوش الأولمبي. وإذ أراد السلوقيّون أن يراقبوا السكان، بنوا قلعة (أكرا أورشليم). وتوصل يهوذا المكابي سنة 164 إلى إعادة الهيكل إلى عبادة يهوه (1 مك 4 :26-59). ولكن اكرا ظلّت في يد السلوقيّون حتى سنة 141 حين استسلمت الحامية لسمعان المكابي (1مك 12 :36؛ 13 :21-22، 49-52؛ 14 :37). في أيام اسكندر جنايوس (103-760)، أو اسكندارة (86-87)، صارت اكرا مركز الحشمونيين بعد أن أقام اسلافهم منذ سمعان المكابي في برج حننئيل (سمّاه اليونانيون : باريس). (ح) خلال الحرب الأهلية بين هرقانوس الثاني وأرسطوبولس الثاني، وصل القائد الرومانيّ بومبيوس إلى أورشليم سنة 63 ق.م. أخذ الهيكل من اتباع ارسطوبولس، وسلّم رئاسة الكهنوت إلى هرقانوس (63-40). في سنة 47، عيّنه يوليوس قيصر اتنارخًا على فلسطين وجعل له مساعدًا في شخص انتيباتر الأدومي. في سنة 40، عُيّن ابن انتيباتر، هيرودس الكبير، ملكًا من قبل رومة. وبمساعدة الرومان، توصّل سنة 37 إلى أخذ أورشليم من أنطيغونيس ابن ارسطوبولس الثاني. في سنة 20 أو 19 ق.م. بدأ هيرودس بإعادة بناء الهيكل. ولم ينتهِ هذا العمل الضخم الا سنة 63 ب.م. ففي الزاوية الشمالية الغربية لأبنية الهيكل حول برج باريس (حننئيل)، بنى قلعة قوية سمّاها أنطونيا اكرامًا لأنطونيوس أحد الحكّام الثلاثة (تريومفير). وعلى التلة الجنوبية الغربية، شيّد قصرًا مع ثلاثة أبراج (قلعة باب يافا العتيدة). إلى شرقي قصر الحشمونيين القديم (اكرا)، بنى ساحة كبيرة (أغورا) تحيط بها العواميد وسمّاها كسيستوس. من هذه الساحة امتد جسر فوق تيروفيون إلى ساحة الهيكل. في سنة 70 ب.م. أخذ تيطس المدينة التي كانت ثائرة وأحرق الهيكل. وصارت فلسطين مقاطعة تتعلق بالامبراطور ويحكمها والٍ يقيم في قيصريّة ويأتمر بأمره فيلق من الجيش. سنة 132 اندلعت ثورة جديدة على أثر أمر الأمبراطور هدريانس بتحويل أورشليم إلى مستوطنة رومانيّة. وبعد معركة قاسية، أُخذت المدينة ونفَّذ الأمبراطور تصميمه : صارت أورشليم أيليا كابيتولونيا. وعلى موقع الهيكل المدمّر ارتفع هيكل لجوبيتير الكابيتوليني. ومُنع اليهود من المجيء إلى اورشليم تحت طائلة الموت. رابعًا الطوبوغرافيا. رج * أنطونيا، * بيت زاتا، * العلية، * جباتا، * جتسيماني، * جلجثة، * عوفل، * باب الغنم، * قصر الحاكم (بريتوريون)، * القبر المقدّس، * سنهدرين، * سلوام (شيلوحا) * صهيون، * الهيكل. خامسًا : أورشليم في تاريخ الخلاص. (أ) الاختيار (1) : حين احتلّ داود مدينة أورشليم، جعلها عاصمة سلالته التي وعدها الرب بملك أبدي (2صم 7 :8-16). هكذا كانوا يتصوّرون المدينةَ في زمن الخلاص الآتي (مز 2 :6-9؛ 101 :1 ي). أورشليم هي عاصمة الملك الذي يحميه الرب ليُخضع كل الشعوب المجتمعة في مملكة شاملة (مز 132 :17 ي). (2) بحضور تابوت العهد صارت أورشليم مركز اسرائيل الديني (2 صم 6؛ 1 أخ 15-16؛ مز 24 :7-10؛ 132) مسكن يهوه (خر 15 :13، 17). يشير تث 33 :12 الى هذا الأمر. وصارت نخبة الشعب أكثر وعيا لأهمية هذا الامتياز الذي حصلت عليه أورشليم بعد أن رذل الله شيلو بسبب خيانة افرايم (مز 78 :60-69). وفي اللاهوت الاشتراعي، لا بدّ أن يكون يهوه جعل اسمه (تث 12 :5، 21؛ 14 :24؛ 1مل 9 :3؛ 11 :36…) في أورشليم. فهذا يعني الطابع اللاشرعيّ لسائر المعابد (تث 21 : 2-14؛ 2مل 23 :7 ي؛ رج مز 87 :2). فعلى كل القبائل أن تحجّ الى أورشليم (مز 122 :4)، مدينة الله (مز 87 :3)، حيث نصبَ الله خيمتَه (مز 76 :3؛84). (ب) خيانة وقصاص. ولكن أورشليم لم تكن أهلا لهذا الاختيار. ومع أنّ عاموس كان معتقدًا كل الاعتقاد أنّ أورشليم هي مسكن يهوه (عا 1 :2)، إلاّ أنه لم يتردّد في تهديد المدينة بالدمار بسبب خيانتها (عا 2 :5). وإن إشعيا الذي كان شاهدًا لظلم أورشليم، أعلن أنّ الله يطهّر المدينة (إش 1 :21-25)، يدينها (إش 3 :1-15؛ 28 :14-22؛ مي 1 :9-12؛ 3 :10-12)، يبعثرها، ويدمّرها بالحرب (إش 3 :25-4 :1). سيُلحق الخزي بالنساء المتكبرات، ويطردهنّ وهنّ لابسات المسوح (إش 3 :16-24). ولكن بما أنّ أورشليم هي مدينة الله، فلا يقدر عدوّ أن يُعدمها الحياة (إش 10 :11-12، 32-34؛ 29 :8؛ 31 :4-5). فبعد هذا الالم المطهّر، سيغطّي الله، كما بسحاب، بقيّة أورشليم التي ستُبنى على حجر زاوية جديدة (إش 28 :16، رج 4 :5). حينئذ كل سكانها الذين سُجّلوا من أجل الحياة (مز 313 :3) يكونون قديسين (إش 4 :3). فتُدعى مدينة البر والقلعة الأمينة (اش 1 :26). ويُعاد بناء الملكية في بهائها الأول (مي 4 :8)، وتصير أورشليم عاصمة روحية لكل البشرية (إش 2 :1-5 مي 4 :1-3؛ مز 87). وفي أيام ارميا، لم تكن الحالة في أورشليم أفضل ممّا كانت عليه في أيام أشعيا (رج ار 2 :28 حسب السبعينية؛ 5 :1-31؛ 7 :17-19؛ 22 :13-19؛ حز 8 :11؛ 22). ولهذا توالت تهديدات (إر 1 :15ي؛ 2 :1ي؛ 4 :3-31، 6 :1ي؛ 13 : 20-27؛ حز 23 :1ي؛ صف 1 :4، 12؛ 3 :1-5). وجاء معها وعدٌ بإعادة البناء في أورشليم منقّاة وحاملة الاسم الجديد (الرب صدقنا). ويملك عليها ملكٌ يكون جديرًا بداود (إر 33 :15 ي). حينئذ لن يعود تابوت العهد ذات جدوى، لأنّ أورشليم نفسها ستُسمّى “عرش يهوه” (صف 3 :14-17)، ويجتمع كل الشعوب حول اسمها (ار 3 :17؛14 :21). والصورة التي يعطيها حز 40-48 عن أورشليم التي سيسكنها الرب بعد تنقية المنفى، ستكون بلا ارتباط بالواقع التاريخي. ستكون المدينة تحت حكم الهيكل الذي منه يجري نبع يعطي البلاد خصبًا عجيبًا (حز 47 :1-2). لا يريد حزقيال أن يكون هناك قصرٌ أو مدافن قرب الهيكل (حز 47 :7-12)، فأورشليم لن تعود مدينة ملكية. فبعد اختبارات الماضي المؤلمة، أعلن النبيُّ الحكمَ على الملكية. في حز 44 :3؛ 45 :7-12؛ 46 :2 يتكلم حزقيال عن أمير (ناسي). فأورشليم الجديدة تسمى : يهوه، الرب هناك أو إلهنا معنا (حز 48 :35). (ج) زمن الرجاء. 1) الفرحة الأولى. بعد المنفى، كان إشعيا الثاني هو المنادي بأزمنة جديدة (إش 40 :2،9؛ 51 :17)، ورسول الأخبار الحلوة (البشرى) (إش 41 :27؛ 52 :7). أمر الربُّ بإعادة بناء أورشليم (إش 44 :26، 28؛ 52 :9؛ رج زك 1 :16-17)، لأنه لا يقدر أن ينساها (إش 49 :14-16). سيجعل منها عدنًا جديدة (إش 51 :3). بعد أن كانت مهملة (إش 51 :18-20). وهي الآن ستعجّ بالسكان (إش 48 :18-23؛ 54 :1-17؛ رج زك 2 :8-9). وعليها أن تتزيّن كعروس بلباس العيد (إش 49 :18؛ 52 :1). هي مبنيّة بحجارة ثمينة (إش 54 :11-12؛ رج طو 13 :16-17)، ومؤسَّسة على البرّ (إش 54 :11). ويحرّض حجّاي شعبه اليائس على الثبات، لأنّ صعوبات البناء تتكاثر (حج 2 :6-9) : قريبًا ستأتي الشعوب الى أورشليم. ويرى زك 2 :4-7؛ 8 :22 الوقت الذي ستكون فيه أورشليم عاصمة البشر جميعًا. 2) ايمان بمصير أسمى. (أ) كانت أورشليم مثالية، حين ظهرت لحزقيال (كما لموسى جديد) على جبل عال (حز 40 :2؛ رج خر 25 :40؛ 26 :30؛ 27 :8). ولكن النخبة الدينية في ذلك الوقت خاب أملها لتأخّر البهاء الموعود به للمدينة، فتأمّلت في أورشليم غير مبنيّة بيد انسان، بل تلك التي تكون خليقة الله (إش 65 :10؛ رج 62 :5. أقرأ : بانيك لا بنوك؛ 62 :7؛ مز 147 :2). هذه الفكرة موسعة في الابوكريفات الجليانية حيث أورشليم العتيدة والحاضرة في السماء في بداية العالم الجديد، ستنزل على الأرض لتكون مسكن المختارين (اخنوخ). والموضوع يرد بتواتر بعد دمار المدينة سنة 70 ب.م. (باروك سرياني، عزرا الرابع، رج غل 4 :26؛ عب 12 :22؛ رؤ 21 :2-22). ونقابل مع هذه الصورة المتحرّرة من عالم الأرض، صورةً نجدها في رؤ إش حين يهيّئ الرب (بعد أن يعاقب العالم بكارثة كونية، إش 24 :21-23) في أورشليم المحمية، وليمةً تدعى اليها كل الأمم. حينئذ يزول كل ضيق ويُطرد الموت الى الأبد (إش 25 :6-10؛ رج مت 8 :11؛ لو 14 :5). (ب) وُلد من أزمة خيبة الأمل هذه، رجاء جديد يعلن أن الله سيتدخّل بطريقة غير منتظرة (إش 62 :1؛ 66 :6 ي) ليعيد بناء أورشليم ويجعلها مأهولة فتصير مركز الكون الديني (إش 60؛ 62). وتصبح الشمس والقمر بلا فائدة، لأن يهوه يكون ضياء أورشليم الأبدي (إش 60 :19-20؛ رؤ 22 :5). (ج) واذ اقتنع حز 38-39، ويوء 2 :20؛ 4؛ زك 12 :14 أن دمار أورشليم على يد بابل لم يكن علامة الأزمنة الجديدة، جعلوا في نهاية الأزمنة الهجوم المعلن على أمم الشمال (إر 1 :15؛ 4 :5-31؛ 6 : 1ي؛ رج حز 38 :17؛ يوء 2 :20). وفي وقت يصل الضيق الى القمة، يتدخّل يهوه. وكل الذين دُعوا باسم الرب في أورشليم ينجون (يوء 3 :5). وتجري ماء حية من أورشليم (يوء 4 :18؛ زك 14 :8)، ويسكن الرب فوق صهيون (يؤ 4 :20)، ويكون يهوه الاله الواحد (زك 14 :9). (د) ويبيّن زك 9 :9 ي أن المثال القديم لأورشليم المدينة الملكية لم يمت بعد. ولكن الملك المُنتظر ليس المحتل المتكبّر (على حصان) والذي لا يقاوم. إنه أمير السلام الذي ينزع من مملكته الشاملة كل سلاح وكل عنف حرب. وان مت 21 :4 ي ويو 12 :15 رأيا أن مثال هذا الملك المخلّص قد تحقّق في شخص يسوع المسيح. (هـ) وتوسّعُ النظريات الخاص حول أورشليم كما في أوج، دفع الكتّاب الجليانيّين الى التمييز بوضوح بين أورشليم السماوية وأورشليم التي على الأرض. وفي النهاية، اندمج الرجاء ان في نظام واحد سيستعيده سفر الرؤيا : بعد حكم يدوم الف سنة (ب، د؛ رؤ 20 :1-6) الذي هو زمن إقامة الكنيسة، يهجم جوج وماجوج ضد أورشليم (رج رؤ 20 :7-10). حينئذ يتجدّد الكون، وتنزل أورشليم السماوية على الأرض (أ، رؤ 21 :1-2). (و) زمان التمام (يتم كل شيء). تيقّن كتّاب العهد الجديد أن “خلاص أورشليم” (لو 2 :38؛ رج إش 52 :9 : فداء) والزمن الذي فيه تفتقد النعمةُ أورشليم (لو 19 :44؛ رج 1 :68)، قد ظهر مع يسوع الناصري. ومنعطفُ التاريخ هذا، قد أنبأ به كوكب وجَّه بعض المجوس الى يسوع (مت 2 :1-12). في أورشليم، سيتمّ عمل فداء البشرية (مت 16 :21؛ 20 :17؛ لو 9 :31؛ 13 :33؛ 18 :31). ومع أنه في وقت محدّد عرفت المدينة في يسوع ملكها الذي انتظرته طويلا (مت 21 :1-11 وز )، إلاّ أنها تمرّدت عليه (مت 22 :1-14؛ 23 :37؛ لو 13 :34؛ 19 :41-42) وفي النهاية رذلته. أنبأ يسوع بالعقاب (مت 22 :7؛ 23 :38؛ مر 13 :2؛ لو 13 :35؛ 19 :43-44؛ 21 :16) ولن يتأخّر هذا العقاب. واذ كان يسوع على طريق الآمه، حثّ بنات أورشليم على أن يبكين على نفوسهنّ وعلى أولادهن (لو 23 :29-31). وهنا تأتي مشكلة توافق المواعيد الجميلة التي وعد بها الرب أورشليم والواقع المرعب. وسيقدم العهد الجديد بعض الأجوبة. 1) كانت أورشليم نقطة انطلاق من أجل تبشير العالم بالمسيحية (لو 24 :47؛ أع 1 :8). ففيها تأسّست الكنيسة يوم العنصرة حسب مواعيد العهد القديم (أع 1 :4؛ 2 :1ي). رذلت أورشليمُ المسيح، ولكن الله ظلّ أمينا لمواعيده وسيبقى (رو 11 :29). وينتظر مت 23 :39 زمنا تعترف فيه أورشليم بيسوع أنه مرسل الله (في لو 13 :35 يعني النص دخول الشعانين المفرح، وذلك بسبب تبديل السياق). ويلمّح لو 21 :20-24 إلى أنه بعد زمن الوثنيين سيُعاد بناء أورشليم. وهذا هو اعتقاد بولس في رو 11 :25-32. ويجعلنا رؤ 11 :8 نفكّر أنه خلال حكم الالف سنة الذي يسبق ملء الخلاص، ستكون أورشليم الأرضية قلب مملكة يسوع المسيح الشاملة. لا شكّ في أن هناك كلمات قاسية في رؤ 11 :8، ولكنها تشير الى رومة، على ما يبدو (يقال أن الحاشية عن الصلب زيدت فيما بعد). 2) وإذ رأت غل 4 :26 (رج فل 3 :20) في أورشليم رمز تدبير مضى، فهي تستعيد فكرة أورشليم السماوية التي رآها بولس تتحقّق في الجماعة المؤسَّسة في المسيح. واذ حُكم على أورشليم الأرضية بالزوال، صارت أورشليم السماوية حاملة الوعد ومسكن الابرار الأبدي. هذا هو بصورة خاصة الموضوع الأكبر في الرسالة الى العبرانيين حيث تنطبق بنية أورشليم السماوية على بنية أورشليم الأرضية (11 :10، 16؛ 12 :22؛ 13 :14). ويقدم فيلون الاسكندراني (الاحلام 2 :250) أفكارًا مماثلة في العالم اليهودي. وإذ يستعمل بولس هذه الصورة ليدل على أن الخلاص الاسكاتولوجي حاضر منذ الآن في المسيح، يحتفظ بها رؤ 21 :2-22 لمجد ملكوت الله العتيد والنهائي. 3) يكرّس يوحنا القسم الأكبر من انجيله لرسالة يسوع في أورشليم. في نظره، الهيكل (يو 2 :19)، وبركة سلوام (يو 9 :7)، واضاء ة الهيكل (يو 8 :12)، هي رموز عن المسيح. ومع هذا فهو يرى في يسوع المسيح أورشليم الجديدة التي تبدأ مع قيامته (يو 2 :19-22). وفي 7 :37 ي يماثل يوحنا بين يسوع وأورشليم الاسكاتولوجيّة التي يخرج من جوفها ينابيع مياه حية (حز 47 :1-11؛ يوء 4 :18) والتي فيها سيجتمع أبناء الله المشتَّتون (يو 11 :25؛ رج إش 60 :4، 9).
إيطالية:
منذ القرن الأول ق.م. تدل هذه الكلمة على مجمل شبه الجزيرة (أع 18 : 2، 27 :1، 6). وصلت اليها المسيحية باكرا وانتشرت بسرعة (أع 10 :1). نعرف أنّ برسكلة وأكيلا طُردا من ايطاليا فتركا رومة، وأن بولس جاء أسيرا الى ايطاليا وكان قائد يوليوس. وكورنيليوس الضابط كان يقود الفرقة الايطالية. وان عب 13 :24 تذكر مسيحيّي ايطالية.
اسكندريّة، (الـ):
أولاً : نظرة عامة. مدينة هلينيّة واقعة في آخر نقطة في غربيّ الدلتا المصريّ تجاه جزيرة فاروس على قطعة أرض ضيّقة تفصل البحر المتوسّط عن بحيرة مريوط. أسّسها اسكندر الكبير سنة 332-331، فصارت مركز اتّصال بين الشرق والغرب وعاصمة البطالسة وملتقى العلوم الهلينيّة واليهوديّة (مكتبات، ترجمة العهد القديم المسمّاة سبعينيّة، ترجمة ابن سيراخ. تدوين سفر الحكمة وأسفار أخرى منحولة). نشير هنا إلى أن مكسر أمواج طوله 1300 متر (هبتاستاديون، أي 7600 قدم) فصل حوضي المرفأ اللذين هما من البحر جزيرة أوستوس في الغرب وفي الشرق المرفأ الكبير حيث حلّت سفن البطالسة الحربيّة. والمنارة المشهورة، التي بُنيت سنة 297 ق.م. على طرف الجزيرة، كانت صنع سوستراتيس إبن كنيدوس (في آسية الصغيرى). ارتفعت 12 مترًا، فاعتبرها الأقدمون إحدى عجائب العالم السبع. كان الاسكندر قد سلّم تصميم المدينة إلى المهندس المكدوني داينوكراتيس الذي أخذ برسمة ملعب سباق الخيل مع شوارع مستقيمة، فامتدت ثلاثة أحياء من الغرب إلى الشرق : راكوتيس الذي أقام فيه المصريون، حول سيرابيوم حيث سيرتفع في نهاية القرن الثالث عمود بومبيوس. ثم بروخايون الذي هو حيّ غنيّ خاص باليونانيين. وأخيرًا، الحيّ اليهوديّ، حيث عاش بنو اسرائيل بعد أن تنظموا في مجموعة إثنيّة. كان لهم مجمع مشهور بجماله وكبره. غير أن المباني الرئيسية وُجدت في بروخايون : هيكل بوسيدون، القريب من المرفأ الكبير. المتحف والمكتبة اللذين خلقهما بطليموس الأول سوتر من أجل العالم الشامل. ومدفن الاسكندر كما قال الأقدمون. لا نستطيع اليوم أن نرى المنارة ولا المتحف ولا موقع المكتبة، ولكننا نستطيع أن نزور سيرابيوم أي هيكل الاله سيرابيس، الذي بُني ليوحِّد بين اليونانيين والمصريين في عبادة واحدة. كان سكّان الاسكندريّة مزيجًا من أمم مختلفة. وكان اليهود عديدين (يجعلهم فيلون مليونًا مع بعض المبالغة). عاشوا في حيّ محفوظ لهم كما عاشوا خارج ذلك الحيّ. لا يذكر العهد القديم اسكندريّة (نو أمون؟) ويشير إليها العهد الجديد على أنّها المكان الذي وُلد فيه أبلوس (أع 18 :24) ومرفأ اتّصال السفينة التي ستقود بولس إلى ميرة في إيطالية (أع 27 :6) بتلك التي ستنقله من مالطة في إيطالية (أع 28 :11-13). كان للاسكندرانيّين مع المحرّرين والقيرينيّين مجمع في أورشليم، وسيجادلون استفانوس (أع 6 :9) قبل موته رجمًا. ثانيًا : الحياة الاقتصاديّة. ما زالت الاسكندريّة تنمو خلال الحقبة اليونانيّة والرومانيّة. في عهد بطليموس الثاني والثالث، أصبحت حاضرة غنيّة جدًّا بما فيها من أعمال تجاريّة. وحسب ديودورس الصقلي (1752 :15) كانت المدينة تعدّ في أيامه (أي 58 ق.م.) 300000 رجلاً من الأحرار و 600000 من العبيد والمرتزقة. وهكذا كانت تصل إلى المليون فتضاهي رومة بعدد سكانها. اعتمد اقتصادها على الحياكة وصناعة الورق، والمصاغ والفخاريات. ولكن غناها الأساسيّ كان التجارة. وشارك اليهود في حياة المدينة ولا سيّمَا في جباية الضرائب على المرفأ (فلافيوس يوسيفوس، العاديات 20 :147)، كما في تنظيم رحلات البواخر. هنا نشير إلى أنّ المشناة اعتبرت أنّ بعض البضائع التي تنقلها بعض السفن الاسكندرانيّة ليست بنجسة (كلائيم 15 :1؛ أهلوت 8 :1). فأصحابها هم من اليهود. وكانت الاسكندريّة أيضاً مرفأ هامًا. أما روح التجارة التي نجدها عند أهل الاسكندريّة فنكتشفها في سؤال طرحه الاسكندرانيّون على رابي يشوع حول تقدمة يقوم بها أبرصان، واحد غني وآخر فقير (مش نجعيم 14 :13). كما نكتشفها في هذه العبارة التي تلفّظ بها طبيب يهوديّ اسمه “توداس” أو “تيودورس” : “لا تترك البقرة ولا الخنزيرة الاسكندريّة دون أن يُقطع ثديها لئلا تضع” (مش، بكوروت 4 :4). وقد قال كيرلس الاسكندراني في “تفسير إشعيا” (18 :1-2) عن أبناء بلدته : “العمل العاديّ لأهل هذه المدينة هو أن يصعدوا النهر وينزلوه، أن يستسلموا إلى التصدير والاستيراد، وأن ينعموا بما ربحوا في تجارتهم”. ثالثًا : الحياة الثقافيّة. منذ القرن الثالث ق.م. كانت الاسكندريّة موضع الثقافة الهلنستيّة مع مكتبتها ومتحفها حيث كان يعلّم أشهر علماء اليونان. وفي الوقت عينه تفتّح الفكرُ اليهوديّ في محيط تشرّب الحضارة اليونانيّة وتكلّم اليونانيّة. ففي الاسكندريّة نُقلت السبعينيّة بين القرن الثالث والقرن الأول ق.م. ودوّنت الكتب العديدة مثل سفر الحكمة، المكابيّين الثالث، المكابيّين الرابع، رسالة أرستيس، ومؤلّفات فيلون. ولا ننسَ أن أبلوس اليهوديّ الاسكندراني، قد وصفه سفر الأعمال بأنه رجل فصيح اللسان قدير في شرح الكتب المقدّسة (18 :24). أما الفن الاسكندراني فأثّر على التصوير الروماني كما على الفسيفساء. وأثّر على مجمع دورا اوروبوس، وعلى الفنّ المسيحيّ القديم. والمكتبة التي كانت تضمّ سنة 50 ق.م. سبعمئة ألف مجلّد، قد أحرقت سنة 47 ق.م. خلال الحرب بين بومبيوس ويوليوس قيصر. أعاد تكوينها انطونيوس، فجاء بمئتي ألف مجلّد وضعها في “سيرابيوم”. ولكن اختفت هذه المكتبة الجديدة سنة 389، حين أمر تيودوسيوس الأول، امبراطور بيزنطية، بإغلاق هيكل سيرابيس. رابعًا : يهود اسكندرانيّون في أورشليم. عاشت في أورشليم جماعة هامة من يهود الاسكندرية. تذكر توسفتا (مجلوت 3 :6) مجمعهم فتقول : “اشترى اليعازر بن صادوق مجمع الاسكندرانيّين في أورشليم”. وتحدّث أع 6 :9 عن جدالهم مع استفانوس. لا شكّ في أن أعضاء هذا المجمع كانوا يتكلّمون اليونانيّة. فاحتلّ عدد منهم مراكز مرموقة في أيام هيرودس. هناك بوئاثيوس، وابنه سمعان الذي عيّن رئيس كهنة (يوسيفوس، العاديات 15 :319-322؛ 17 :316). وهناك أخواه يوآعازر واليعازر (العاديات 17 :164، 339؛ 18 :3). ونكانور الذي قدّم الأبواب المسّماة “أبواب نكانور” في هيكل أورشليم (مش شقليم 6 :3؛ سوطه 1 :5؛ مدّوت 1 :4؛ 2 :3، 6؛ نجعيم 14 :8)، بعد أن جلبها في السفينة من الاسكندريّة إلى يافا (توسفتا، يوما 2 :4؛ تل بابل، يوما 38 أ ). وقد وُجد مدفنه على جبل سكوبوس (في أورشليم) مع عظامه، ومدوّنة يونانيّة تقول : “عظام أبناء نكانور الاسكندراني الذي صنع الأبواب”. وعظيم الكهنة حناميل الذي عيّنه هيرودس كان مصريًّا (مش، فره 3 :5). ونقول الشيء عينه عن “بيت فيابي” (أصله من مصر) الذي خرج منه ثلاثة رؤساء كهنة : يشوع في زمن هيرودس (العاديات 15 :122). اسماعيل الأول الذي عُيّن سنة 15 ب.م. (العاديات 18 :34) واسماعيل الثاني الذي صار رئيس كهنة سنة 59 ب.م. (العاديات 20 :179؛ مش سوطه 9 :15؛ فره 3 :5). وكان الاسكندرانيّون يأتون للحجّ إلى أورشليم كما يقول حكماء ورد اسمهم في المشناة (حله 4 :10) : “حمل أهل الاسكندريّة تقادمهم من كعك الاسكندريّة ولكنّهم لم يقبلوها”، لأن الدقيق الذي صُنع منه لم يكن من الأرض المقدّسة. وماهى كيرلكس الاسكندراني (376-414) الذي كان اسقف المدينة منذ سنة 412. بين نو والاسكندرية (الآباء اليونان 70 :441 أب). إن قراءة النصوص البيليّة قراءة مُحدثة تعكس أيضًا هجمة زنوبيا، ملكة تدمر، كالصاعقة، حين احتلت جيوشها الاسكندرية سنة 269 ق.م.، ودمّرت ما دمّرت. وفي سنة 618، احتلّ الفرس الساسانيون المدينة، قبل أن يستعيدها الامبراطور هرقليوس سنة 629. وفي سنة 642، احتلها العرب، فانحطت تجاه روزبت أو إشيد. خامسًا : العالم اليهوديّ الاسكندراني. في الحقبة الرومانيّة، أقام اليهود في حيَّين من أحياء المدينة الخمسة، وكان لهم عدد من المجامع. حاولوا بسبب عددهم وتأثيرهم أن ينالوا كلّ الحقوق الوطنيّة، شأنهم شأن اليونان، فغضب عليهم السكان اليونان، ونتج عن ذلك قلاقل في المدينة سنة 38 ب.م. وسنة موت كاليغولا (41 ب.م.) ثار اليهود في الاسكندريّة على الرومان حين علموا بالتمرّد الذي حصل في أورشليم. فسحق طيباريوس الاسكندر الذي كان والي الاسكندريّة، هذا التمرّد، وقتل خمسين ألفًا من يهود الاسكندريّة (يوسيفوس، الحرب اليهودية 2 :497). وكان تمرّد آخر سنة 115-117، انتهى بحرق الحيّ اليهوديّ. عند ذاك ترك المدينة عدد كبير من اليهود. لهذا سُمّيت الاسكندريّة في الأدب اليهوديّ “ثيبة” (هو في الأصل الاسم العبريّ لمدينة طيبة، إر 46 :25؛ نا 3 :8 : نوأمون أو الاسكندريّة). قال الربّ. “سوف أنتقم من النزاعات في الاسكندريّة… سوف أفني زمرة الاسكندريّة… فيكون سور الاسكندريّة مشقّقًا ويدمّر” (ترجوم يوناتان حول حز 30 :14-16).
ايقونية أو ايقونيوم:
. مدينة تجارية في آسية الصغرى في مقاطعة غلاطية الرومانية. وهي في الوقت عينه عاصمة ليكأونية. هي اليوم : كوينا. وفيها أقلية مسيحية. بشّرها بولس خلال رحلته الرسولية الأولى (أع 13 :51؛ 14 :21). وأسّس فيها جماعة مسيحية (أع 16 :2) رغم المعارضة التي قامت عليه (أع 14 :1-6، 19؛ 2تم 2 :11). ماذا على مستوى التاريخ؟ أقام البشر في إيقونية منذ الألف الثالث على الأقلّ. ثمّ صارت حاضرة تابعة لفريجية، فخضعت على التوالي للفرس والسلوقيين وملوك برغامس. وفي النهاية، ضُمّت إلى مقاطعة غلاطية الرومانيّة.
بافوس:
مرفأ على الشاطئ الجنوبي لقبرص. جاء بولس وبرنابا ومرقس من سلاميس والتقوا في بافوس بالقنصل الروماني سرجيوس بولس. آمن سرجيوس رغم مقاومة الساحر عليما (أو بريشوع). ومن بافوس ذهب المرسلون الى بمفيلية. ان مرفأ بافوس القديمة صار داخل الأرض
برجة:
عاصمة بمفيلية. تقع شمالي شرقي آتالية. زارها بولس مرّتين خلال رحلته الرسوليّة الأولى. في الذهاب (أع 13 :13 ي) فارق يوحنا مرقس الفريق الرسوليّ وعاد إلى أورشليم. وفي الاياب بشّر برنابا وبولس بالكلمة ثم انحدرا إلى أتالية (أع 14 :25).
برغامس:
عاصمة ميسية (آسية الصغرى) في وادي كانيكس شمالي أفسس. في أيام سلالة الأتاليّين، كانت مأهولة في الحقبة الفارسيّة، فحصّنها ليسيماكوس بعد احتلاتل الاسكندر لها، وجعل فيها كنوزه التي سلّمها إلى فيليتايروس. استعمل فيليتايروس، بعد موت سيّده، هذا المال واستقلّ ضاربًا عرض الحائط ما يطلبه انطيوخس الاول. وتابع اتاليس الاول هذه السياسة فاعتمر التاج بعد أن غلب الغلاطيين. ظلت المدينةُ تنعم بالاستقلال مدّة طويلة. وتحالف الأتاليون مع رومة على السلالة السلوقيّة الذاهبة إلى الانحطاط، ولعبوا دورًا هامًا على المستوى الدبلوماسيّ في الشرق الاوسط. سنة 129، سلم اتاليس الثالث، آخر ملك في برغمس، ملكته إلى رومة. يقول بلينوس إن الملك الأتالي أومينوس (قد يكون أومينوس الثاني : 197-159) قد شجّع صناعة البردي (يعود اسمه إلى برغامس). منذ سنة 129 ق.م. كانت برغامس عاصمة مقاطعة آسية الرومانيّة وعاصمة القنصل ومركزًا هامًّا لعبادة الإمبراطور (هيكل لرومة، هيكل لأوغسطس). بدأت الحفريّات فيها سنة 1879، فكشفت مذبحًا جميلاً لزوش على الأكروبول. تُذكر برغاموس في رؤ 1 :11 بين الكنائس المسيحيّة في آسية الصغرى. هناك عرش الشيطان (رؤ 2 :13). إنّ رؤ 2 :12-17 يمتدح المسيحيّين المقيمين في مركز عبادة الإمبراطور ولكنه يحذّرهم من تبّاع بلعام ومن النيقولاويّين.
بسيدية:
منطقة في آسية الصغرى. كان البسيديون والليكيون والكاريّون ينعمون بحماية الجبال. لهذا حافظوا مدّة طويلة على استقلالهم. ولكن في سنة 25 ق.م. خضعوا للرومان. كانت مدينتهم الأولى أنطاكية التي زارها بولس مرّتين خلال الرحلة الرسوليّة الأولى : مرّة في الذهاب (أع 13 :14-51) ومرّة في الاياب (أع 14 :24). يبدو أنّ البسيديّين تكلّموا لغة هندو أورويّة بقيت منها بعض كتابات على المدافن.
بيريّه:
1) المكان الذي قُتل فيه يهوذا المكابيّ (1مك 9 :4). اليوم : بئروت. 2) اسم حلب في أيام اليونانيّين والرّومانيّين (2مك 13 :4). هكذا سمّاها سلوقس الاولى، وهي تبعد قرابة 100 كلم إلى الشرق من أنطاكية سورية. يقول التقليد المحلّي إن فيها مات منلاوس في عذاب الرماد (2مك 13 :4-6). 3) مدينة في مكدونية تقع غربي تسالونيكي. بشّرها بولس الرسول مع سلوانس وتيـموثاوس (أع 17 :10؛ 20 :4). وكان ذلك خلال الرحلة الرسوليّة الثانية، بعد أن تركوا تسالونيكي بسرعة بسبب عداء اليهود لهم. ولكن يهود بيرية استقبلوا المرسلين استقبالاً أفضل. أما يهود تسالونيكي فلاحقوا بولس ورفيقيه إلى بيرية، فأجبر الرسول على الهرب، وظلّ سلوانس وتيـموثاوس بعض الوقت في بيرية التي تسمّى اليوم “ورِّية”.
بيلا:
(مملكة) عاصمتها بيلا. على إطلالها يقوم اليوم تل فحيل. إلى الجنوب من يانوعما. من ملوكها موت بعلو.
ترواس:
اسم قديم لمنطقة (شبه جزيرة آسية الصغرى شرقيّ الهلسبون) ثمّ لمدينة اسمها الكسندريا ترواس على شاطى بحر ايجه تجاه جزيرة تنادوس. كان لمدينة ترواس مرفأ واقع على الطريق البحريّة التي تصل آسية الصغرى بمكدونية. زار بولس ترواس خلال رحلتيه الرسوليتين الثانية (أع 16 : 8، 11؛ 2كور 2 : 12) والثالثة (أع 20 : 5-12 : أقام أفتيخوس من الموت). في 2تم 4 : 13 يطلب بولس من تيموثاوس أن يأتيه بالرداء الذي تركه عند كربس في ترواس.
تسالونيكي:
نصر تسالية. مدينة تجاريّة في مكدونية. تقع على خليج ترميس وعلى الطريق الأغناطيّة. إنّها في الواقع مستوطنة ترميس اليونانيّة التي أسّسها في نهاية القرن 4 ق.م. كساندريس ملك مكدونية. ولكنه سمّاها باسم امرأته تسالونيكي شقيقة الاسكندر الكبير (كما يقول سترابون 7 : 20-21). ازدهرت تسالونيكي على أيام الرومان الذين احتلّوا المدينة بعد معركة فدنة (168 ق.م.). وجعلوها (سنة 146) عاصمة مكدونية. بعد معركة قرب فيلبّي (42 ق.م.)، صارت تسالونيكي مدينة حرّة مع مجلس شيوخ خاص بها (أع 17 : 8، رج المدوّنات). في أيام بولس كانت جماعة يهوديّة في تسالونيكي. وعظ الرسول في المجمع ولكنّه لم يلق نجاحًا. فتوجّه إلى الوثنيّين وأسّس معهم جماعة مسيحيّة مؤلّفة بشكل خاص من الصنّاع والتجّار الصغار. فأثارت هذه الرسالة غضب اليهود. حينئذ أجبر بولس على الهرب (سنة 51) (أع 17 : 1-9). زار بولس المدينة، على ما يبدو، خلال رحلته الرسوليّة الثالثة (أع 20 : 1 ي). كتب بولس (أو تلاميذه) إلى جماعة تسالونيكي رسالتين هما 1 تس و 2تس. كان له رفيقان من تسالونيكي هما أرسترخس وساكوندوس. تسالونيكيّين (الرسالتان الى الـ ~) أولاً : المناسبة. حين ترك بولس تسالونيكي بصورة مفاجئة، أبقى معاونيه تيموتاوس وسيلا في مدينة بيرية المجاورة (أع 17 : 9-14). بعد هذا، تبعاه وحملا إليه أخبارًا غير مطَمئنة (أع 17 : 14 ي). أراد بولس أن يزور الجماعة شخصيًّا، فعاقه الشيطان (1تس 2 : 18). لهذا أرسل تيموتاوس ليثبّت المسيحيّين في الإيمان (1تس 3 : 2). وفي السنة التالية حمل تيموثاوس تقريرًا إلى بولس الموجود في كورنتوس (أع 18 : 5)، وأرفقه ببعض الأسئلة (رج 1كور 7 : 1، 2، 5؛ 8 : 1. ان 1تس 4 : 9، 13؛ 5 : 1 هي جواب على أسئلة مطروحة). حينئذ أرسل بولس رسالتين، الواحدة بعد الأخرى بقليل وذلك سنة 51. يظنّ بعض الشرّاح أن 2تس دوّنت قبل 1تس. ولكن القانون القديم (مرقيون، موراتوري) لايعرف إلاّ الترتيب الحالي : 1تس ثمّ 2تس. أما الدراسات الاخيرة فتجعل 2تس بعيدة في الزمن عن 1تس. ففي 1تس مجيء الربّ قريب أما في 2تس فيعتبر المؤمنون أن الرب جاء، بحيث ما عادوا ينتظرون شيئًا، فيعيشون دون رادع يردعهم. ثانيًا : المضمون والتصميم. المواضيع الرئيسيّة في 1تس و2تس هي الاسكاتولوجيا ومجيء المسيح الأخير. تألم التسالونيكيّون كثيرًا من عداوة اليهود الذين أفرغوا بغضهم لبولس على المسيحيّين (1تس 1 : 6). حينئذ أحسّ المسيحيّون في ألمهم برغبة جامحة نحو عودة الربّ. ولكن بعض أهلهم مات قبل أن يشارك في عودة المسيح. كان بولس قد اكتفى في كرازته بما نجده في الأناجيل الإزائيّة التي لا تعالج هذه المسألة. ثمّ إنّ هذه الوجهة لم تُطرح قبل موت المؤمنين الأولين. (أ) لهذا قدّم بولس عرضًا عن عقيدة القيامة ومجيء الربّ (4 : 13-18). إنّ قيامة المسيح هي عربون قيامتنا (4 : 14؛ رج 2كور 4 : 14). فالذين يبقون أحياء وقت المجيء لن يكون لهم فضل على الموتى (1تس 4 : 5). فالموتى سيقومون أوّلاً ثمّ يأتي الأحياء الذين يدخلون معهم في السعادة (4 : 17). إذن، لن يموت هؤلاء (رج 1كور 15 : 51؛ 2كور 5 : 1-5). وعبارة “نحن الذين نبقى أحياء” (1تس 4 : 15، 17) لا تعني أنّ بولس سيكون حيًّا في زمن المجيء. إنّها تدلّ على أناس يكونون أحياء في ذلك الوقت. وهذا واضح من الطريقة التي بها يعالَج السؤال التالي : متى يكون المجيء (1تس 5 : 1-11)؟ يذكر بولس تعليم الإنجيل : نحن نجهل الزمن. فعلى الإنسان أن يكون دائم الاستعداد. التصميم. بعد المقدّمة (ف 1) يتحدّث الرسول في 1تس عن إقامته لدى التسالونيكيّين وعن رغبته في أن يراهم من جديد وعن فرحه بثباتهم (ف 2-3). يعالج في القسم التعليميّ واجبات المؤمنين (1تس 4 : 1-12) ومصير الموتى (1تس 4 : 13-18) والمجيء (1تس 5 : 1-11). وتنتهي الرسالة بسلسلة من التنبيهات القصيرة وبسلامات (1تس5 : 12-22). (ب) ويعود بولس (أو تلاميذه) في 2تس إلى مسألة المجيء. لم يفهم بعضهم الرسالة الأولى. وظنّ بعض المتحمّسين أن المجيء قريب فما عادوا يشتغلون (3 : 6-15؛ رج 1تس 4 : 6-11). هم يتجوّلون ويتسوّلون ويلطّخون اسم الجماعة. وهم لايتردّدون، على ما يبدو، بإرسال كتابات كاذبة ليعطوا قوّة لأفكارهم. خاف منهم بولس (1تس 2 : 2)، ولهذا نبّه المؤمنين إلى توقيعه (2تس 3 : 17). وإذ أراد أن يعيد الطمأنينة إلى المسيحيّين، حدّثهم عن بعض علامات تسبق النهاية (2تس 2 : 1-12). هذا لا يتناقض مع 1تس التي تذكر جهلنا لزمن المجيء : تشكّل العلامات مع المجيء وحدة تامّة تحدث فجأة. يعود بولس إلى كرازته الشفهيّة السابقة (2تس 2 : 5) ويعبّر عن فكرته بالرموز. وهذا هو معنى المقطع : إنّ قوّة الشرّ تعمل منذ الآن (2تس 2 : 7). ولكن هناك حاجزًا يمنع الشرّ من التوسّع بحريّة (2تس 2 : 7). في نهاية الأزمنة سيعرف الشرّ “مجيئًا” (عبر المسيح الدجال – انتيكرست) وينتصر خلال فترة قصيرة من الزمن (2تس 2 : 9 ي). ثمّ تأتي المعركة الحاسمة التي تنتهي بانتصار المسيح (2 : 8). ما هي طبيعة هذا الحاجز؟ هناك نصوص موازية (رؤ 11 : 9-12؛ مت 24 : 14) تقول : كرازة الإنجيل. لا يعلّم بولس في هاتين الرسالتين أن المجيء قريب. ولكننا نشعر أنه يحسب حساب إمكانيّة مجيء قريب (1تس 1 : 10؛ 3 : 13؛ رج 1كور 16 : 22) ويرغب فيه. وأسلوبه الرسوليّ يسير في الخطّ عينه. فهو لا يُعنى بممارسة سرّ المعموديّة (1كور 1 : 14، 16). ثمّ إنّه يجعل في الكنائس التي أسّسها تنظيمًا دائمًا. تصميم 2 تس. بعد التحيّة والشكر لله (ف 2)، يأتي القسم التحريضيّ وفيه يحثّ بولس التسالونيكيّين على الصلاة من أجل عمله وعلى الاحتفاظ من البطالة (3 : 1-5). وتنتهي الرسالة بالسلام والتوقيع. ثالثاً : المواضيع الرئيسية : 1) الحياة المسيحية. شدّد بولس على الفضائل الالهيّة الثلاث، الايمان، الرجاء، المحبّة (1تس 1 : 3؛ 5 : 8؛ 2تس 1 : 3-4) التي يحيا بها التسالونيكيون بحيث صاروا مثالًا لكل الجماعات (1تس 1 : 7). نجد أن بولس يرى أن هذه الفضائل يمكن أن تنمو دائمًا، ويجب أن تنمو. لهذا صارت الحياة المسيحيّة في هذه الصورة لأن المسيحيين قد اختارهم الله ودعاهم (1تس 1 : 4؛ 2 : 12؛ 4 : 7؛ 5 : 27؛ 2تس 1 : 11؛ 2 : 13-14)، وهذا لأنه أحبّهم (1تس 1 : 4؛ 2تس 2 : 13). وهكذا يتمجّد الله بالمسيح، والمسيحيون بالله (2تس 1 : 2). 2) الرسالة. تعطينا هاتان الرسالتان تعليمًا حول عمل الرسول، وحول روحانيّة الرسالة. فمن أجل الانجيل (البشارة) عمل بولس ويعمل (1تس 1 : 5) الانجيل ليس كلامًا وحسب، بل “بقوّة الله والروح القدس، واليقين التام ” (1تس 1 : 5). ورغم الجهاد والاضطهادات، لا يستطيع بولس أن ينفلت من هذه القوّة التي يمنحها الله له ليكرز بالبشارة (1تس 2 : 1-2) فيقبل، إذا وجب، أن يبذل حياته (2 : 8). وسيقول بولس في 1كور 9 : 16. “الويل لي إن كنتُ لا أبشّر”. هذه الكلمة يجب أن تنتقل بحرية تامّة، بدون ممالقة، بدون طمع (1تس 2 : 5). وإن عرف بولس أن يصوّر نفسه كأمّ تحنو على أولادها (1تس 2 : 7)، إلّا أنه لا يخاف من أن يعطي بعض التوصيات من أجل الكسالى (2تس 3 : 7-8). فهو الذي كان بإمكانه أن يعيش من الانجيل، كما أمر الرب (1كور 9 : 13؛ رج لو 10 : 7)، اعتبر أنه يحسن أن لا يلجأ إلى هذا الحقّ ليأكل خبزًا لم يربحه بعرق جبينه (1تس 4 : 11؛ 2تس 3 : 7-9). 3) المجيء. جاء تعليم بولس من عند الربّ (1تس 4 : 15). فالجميع سوف ينضمّون إلى يسوع إلى الأبد (1تس 4 : 17). أمل بولس أن يكون بين الاحياء (4 : 17)، ولكنه جهل متى يكون المجيء (رج مر 13 : 32). إلّا أن جهله جعله يرجو أن مجيء الرب لن يتأخّر. هذا في 1تس. في 2تس، عاد أحد تلاميذه إلى 1تس فقدّم تعليمًا لمن ظنّ أن يوم الربّ قد جاء. فالمهم لا أن نكون أحياء أو أمواتًا، بل أن نكون متّحدين مع المسيح في إيمان واحد ومحبّة واحدة ورجاء واحد.
تياتيرة:
مدينة في ليدية من آسية الصغرى. على الطريق من برغاموس إلى سرديس. كانت في الأصل مستوطنة مكدونية ثم صارت مدينة تجاريّة وصناعيّة مهمّة. هي موطن تاجرة الأرجوان ليدية (أع 16 : 14). كان في تياتيرة إحدى جماعات آسية الصغرى السبع التي وجّه إليها يوحنا رسالة (رؤ 1 : 11). في هذه الرسالة (رؤ 2 : 18 ي) يمتدح يوحنا مؤمني تياتيرة لسلوكهم ولكنه يوبّخهم على تسامحهم مع نبيّة من شيعة النيقولاويّين يسمّيها يوحنا إيزابل (رج 1مل 16 : 31).
دربة:
مدينة في ليقونية. ضمّها الإمبراطور كلوديوس سنة 41 ب.م. إلى مقاطعة غلاطية الرومانيّة. هي اليوم : بوسولا. زار بولس وبرنابا دربة خلال الرحلة الرسوليّة الأولى (أع 14 :6-7، 20-21). وعاد إليها بولس خلال رحلته الرسوليّة الثانية (أع 16 :1). كان غايوس يمثّل جماعة دربة لدى الرسول (أع 20 :4).
دمشق وثيقة:
رج وثيقة صادوق (الأدب القمراني).
رومة:
مقدمة : متى تكوّنت الامبراطورية الرومانية؟ أقام الناس في موقع رومة منذ القرن 8. ودليلنا إلى ذلك البيوت التي وُجدت على جبل بلاتينوس. أقامت فيها مجموعات لاتينيّة وسابينيّة على مختلف التلال، فخضعت للاتروسكيين الذين قاموا بأعمال كبيرة في ما سيصبح مدينة في القرن 6. بعد إلغاء المملكة الإتروسكية، عرف الرومان حقبة من المراوحة. غير أن الحروب المتواصلة ضد جيرانهم، أتاحت لهم أن يضمّوا إيطالية كلها إلى حكمهم سنة 272 ق.م. وكانت الحرب الفونيقيّة أولى الحروب عبر البحر : كورسيكة، سردينية، صقلية، اسبانية، افريقية، وذلك من سنة 241 حتى سنة 146 ق.م. وفي الوقت عينه، تدخّل الرومان مع رودس وبرغامس، فوصلوا إلى الشرق (1مك 8 :1-11). وسنة 189، مُني انطيوخس بهزيمة حاسمة أجبرته على دفع جزية باهظة. ثم احتلت رومة مكدونية، وأخائية وآسية. وبثينية والبنطس وكيليكية وسورية وكريت وقيريني، ومصر. وفي نهاية القرن الأول ق.م.، كانت رومة على رأس امبراطورية امتدت من انكلترا إلى الفرات، ومن نهر الرين إلى افريقية. (أ) تذكر التوراة العبريّة الرومانيّين، باسم كتيم (دا 11 :30). ولكن السبعينيّة واللاتينيّة ترجمت كتيم : الرومانيّين. حين سمع اليهود للمرّة الأولى حديثًا عن فتوحات الرومانيّين (1مك 1 :10؛ 7 :1 : رهائن في رومة)، أثّرت فيهم القوّة الجديدة (1مك 8 :1-6)، فحاول المكابيّون أن يجدوا فيهم حلفاء يدافعون عنهم ضدّ تسلّط السلوقيّين. ولكنّنا نشكّ في القول إنّ الرومانيّين اتّخذوا مبادرة هذه المعاهدة (2مك 11 :34-38). يجب أن نقول إنّ يهوذا (1مك 8 :17-32) ويوناثان (1مك 12 :1-4، 16) وسمعان (1مك 14 :16-24) سعوا إلى هذه المعاهدة التي لم تُعقد إلاّ في أيام يوحنا هرقانوس الأوّل، والتي كان من بنودها أن يوضع يهود الشتات تحت حماية الرومانيّين (1مك 15 :15-24). ولكن ما عتّمت صداقة رومة أن صارت تبعيّة. فحين تخاصم الأخوان هرقانوس الثاني وأرسطوبولس الثاني حول العرش ورئاسة الكهنوت، حمل الموفد الرومانيّ سكاوروس قضيّتهما إلى رومة (65 ق.م.)، ثمّ إلى بومبيوس (63 ق.م.). فاستفاد بومبيوس من الظرف، واحتلّ أورشليم، ونظّم سلطة رومة على اليهوديّة. وفي سنة 40 اعترف الرومانيّون بالملك هيرودس الأول ابن انتيباتر ملكًا على اليهوديّة. وبعد موته (4 ق.م.) قُسّمت مملكته بين أبنائه الثلاثة. ولم تمضِ عشر سنوات حتى عُزل ارخيلاوس (6 ب.م.)، وحكم اليهوديّة والٍ رومانيّ. وكان أيضاً ملك آخر هو هيرودس أغريباس الأوّل (41-44). ولكن بعد موته دخلت البلاد في الإدارة الرومانيّة، وحكمها والٍ روماني. (ب) اليهود في رومة. بعد احتلال رومة (63 ق.م.) أرسل بومبيوس عددًا من اليهود كأسرى حرب إلى رومة. بعضهم أخليَ سبيله، والبعض الآخر لبث في رومة حيث التقوا أبناء جنسهم. وإذ كان شيشرون يدافع عن فاليريوس (59 ق.م.)، قال إنّ عليه أن يكون حذرًا في أقواله لئلاّ يشعل الثورة لدى اليهود. ويُذكر أنّه خلال قنصليّة فلاكوس (62 ق.م. )، كان اليهود يرسلون الذهب كلّ سنة من إيطالية إلى أورشليم. أقام اليهود في الحيّ الذي وراء نهر التيبريس. وكان يوليوس قيصر راضيًا عنهم، لأنهم كانوا قد ساعدوه. وحين أزيلت التجمّعات التي لم تستطع أن تبرّر وجودها، سُمح لليهود أن ينتظموا في جماعة منفصلة. وهكذا نعم اليهود والديانة اليهوديّة بوضع شرعيّ في رومة، وكان الإمبراطور أوغسطس راضيًا عنهم. كانت الجالية كبيرة : انضمّ 8000 يهوديّ من رومة إلى موفدي اليهوديّة المطالبين بإلغاء وصيّة هيرودس الأوّل. في أيام طيباريوس (14-37 ب.م.)، طُرد اليهود من رومة على أثر فضيحة ماليّة، ولكن طيباريوس نفسه طلب في سنة 31 أن لا يتعرّض أحد من بعد لليهود. لم يترك اليهود كلّهم رومة، والذين تركوها، ذهبوا إلى الجوار بحيث إنّهم عادوا بأعداد كثيرة عند أوّل إشارة. ونلاحظ الأمر عينه في أيام كلوديوس (41-54). بدأ فألغى امتيازاتهم، ثمّ طردهم (أع 18 :2). وحين جاء بولس إلى رومة حوالي سنة 61، حاول أن يردّهم إلى الإنجيل (أع 28 :17). يبيّن أع 28 :21 أنّ العلاقات كانت متواصلة بين يهود رومة وأورشليم. (ج) احتفظ لنا التقليد ببعض المعطيات عن جذور الجماعة المسيحيّة في رومة. قال إن بطرس وبولس أسّسا جماعة رومة. ولكن من الممكن أن يكون المستوطنون الرومانيّون (يهود، متقو الله) قد بشّروا أوّلاً في رومة (سمعوا خطبة بطرس يوم العنصرة في أورشليم، أع 2 :10،14). نمت الجماعة المسيحيّة بسرعة (رو 1 :8، 15 :14) بفضل شخصيّة بطرس وبولس. بعد قرار كلوديوس (49-50) لم يبق في رومة إلاّ الوثنيّون المهتدون. وهذا الواقع كرّس القطيعة مع العالم اليهوديّ بحيث إنّ المهتدين من الوثنيّة شكّلوا أكثريّة الجماعة. لهذا، حين وصل بولس إلى رومة (حوالي 60)، لم يجد رؤساء اليهود في المسيحيّة إلاّ شيعة تقاوَم في كلّ مكان (أع 28 :22). لم ينجح بولس كثيرًا مع اليهود الذين أقاموا في رومة. منذ ذلك الوقت بدأ العداء بين المجمع والجماعة المسيحيّة. لم تُعتبر المسيحيّةُ شيعة يهوديّة، فصارت خارج الشرعيّة. سنة 58 نوى بولس أن يزور جماعة رومة (أع 19 :21)، ولكنّه جاء بعد ذلك كسجين (أع 28 :14؛ رج 23 :11). وكان قد كتب إلى الجماعة رسالة هي الرسالة إلى أهل رومة.
سارديس:
عاصمة ليدية القديمة. اشتهرت بصناعة الاصواف. احتلها كورش سنة 546. صارت مركز الحاكم في أيام الفرس والسلوقيين. سنة 17 ب.م. دمَّرها زلزال. فاعاد بناءها طيباريوس قيصر. وُجِّهت إحدى رسائل رؤ 3 :1-6 إلى الجماعة المسيحية التي فيها يوبِّخها يوحنا على فتورها. كانت حفريات فيها منذ سنة 1910.
سلاميس:
رج سلامينة
سلامينة:
على الشاطئ الشرقي لجزيرة قبرص. بشّر بولس وبرنابا ومرقس في مجامع سلامينة بالانجيل (أع 13 :5)
سلوكية:
اسم مدن عديدة في الشرق الأوسط. بناها سلوقس الأوّل نكاتور. لا تذكر البيبليا إلاّ سلوكية التي هي مرفأ انطاكية في سورية. بناها سلوقس سنة 301 ق.م. حسب 2مك 11 :8، احتل بطليموس فيلوماتور، ملك مصر، سلوكية. في سنة 64 ق.م. أعاد لها بطليموس استقلالها. انطلق بولس وبرنابا من سلوكية في الرحلة الرسوليّة الأولى (أع 13 :4). هناك سلوكية على دجلة. هي على الضفة اليمنى. وقد كانت أول عاصمة للسلوقيّين. ثمّ أقام فيها الملوك الفراتيّون. أما سلوكية أنطاكية التي ذكرناها فظلّت قائمة حتى القرن 6 ب.م. وسوف يدمّرها العرب. وسلوكية في كيليكية (تركيا) كانت مزدهرة في الحقبة الرومانيّة.
سورية:
(أ) الاسم : لا نجد اسم سورية في التوراة. لكن النسخة اللاتينية تستعمل سورية لتترجم العبرية ارام (نجد ارام فقط في لائحة الشعوب لأنه اسم شخص). نجد مرة واحدة في العهد الجديد : نعمان السوري : لو 4 :27. وفي المواضع الأخرى من العهد الجديد تدل سورية على مقاطعة سورية الرومانية (لو 2 :2؛ أع 15 :23، 41؛ 18 :18؛ 20 :3؛ 21 :3؛ غل 1 :21). في مت 4 :24 سورية هي بلاد قريبة من الجليل. والمرأة السوريّة الفينيقيّة (مر 7 :26) هي فينيقية من مقاطعة سورية الرومانية. يشتقّ اسم سورية من أشوريا (اختصار). ونحن نجده أول ما نجده عند هيرودوتس، وهو يدل على المنطقة الممتدة بين البحر المتوسط والصحراء السورية العربية. أما سورية فلم تشكل وحدة سياسية وإدراية الا بعد التسلّط الفارسي. (ب) التاريخ. قبل الزمن الفارسي تتحدّث النصوص فقط عن مدن. في أيام الفرس، صارت المنطقة جزءا من السترابية (أو : المرزبة) الخامسة (ابيرناري أو أبار نهرا). بما أن سورية هذه كانت تضم أيضًا المنطقة الواقعة بين دجلة والفرات، تكلّمت النصوص عن جنوبي بلاد الرافدين (بين النهرين) وعن سورية المنخفضة. بعد انفصال المنطقتين انفصالاً اداريًّا، صار اسم سورية يعني سورية المنخفضة. وبعد دمار مملكة فارس (331)، تقاتل السلوقيون والبطالسة لامتلاك شاطئ البحر المتوسط الى أن سيطر انطيوخس الثالث نهائيًّا عليه سنة 198. وصارت سورية في أيام السلوقيين قوَّة سياسية هامّة، وحاول السلوقيون أن يطبعوا اليهودية بالطابع الهليني ويضمّوها إلى أرضهم. ولكن سياستهم فشلت ولاسيّمَا بعد ثورة المكابيين. ولما جاء تغران ملك ارمينيا الفراتي (83-69)، وضع حدا لمملكة السلوقيين. ولكن لوكولوس الروماني هزم تغران وأعاد السلطة إلى السلوقيين مؤقتًا (انطيوخس الثالث عشر الاسيوي). ولكن احتلّ بومبيوس سورية احتلالها نهائيا وجعلها مقاطعة رومانية سنة 65 ق.م. (لو 2 :2).
صور:
الصخر. مدينة فينيقيّة. تقع على جزيرة صخريّة عند الشاطئ الشرقيّ للمتوسّط. كان على الشاطئ نفسه أوشو (الذي سمّاه اليونانيّون : لايوتيروس أي صور القديمة). تُذكر المدينة في النصوص المصريّة والأشوريّة والأوغاريتيّة. والاهة المدينة كانت أشيرة (1مل 18 :19. أشيرة أوغاريت في الأوغاريتيّة). خضعت صور مدّة لمصر ثمّ استقلّت. وأما رسائل تل العمارنة فتذكر الملك أبي ملكي. في هذا الوقت كانت صور مدينة مهمّة : الملاحة، صب المعادن، الأقمشة، الألوان، الزجاج. كانت العلاقات طيّبة بين صور وإسرائيل. وعلى أثر معاهدة بين سليمان وملك صور كانت صور تقدّم الخشب والصنّاع، وتصدّر إسرائيل المواد الغذائيّة (1مل 5 :1-12؛ 7 :13، 40؛ 9 :1-14؛ رج أع 12 :20). واستفاد سليمان من خبرة الصوريّين لتنظيم أسطوله التجاري (1مل 9 :26-28). وكان من نتيجة هذه العلاقات أن إيزابل بنت الملك اتبعل تزوّجت أخاب ملك صور (1مل 16 :31. يسمى في هذا النص : ملك الصيدونيّين). حين أرادت صور أن تجتذب اسرائيل إلى سياسة التحالفات احتجّ الأنبياء بقوّة (أقوال ضد صور في إش 23 :1ي؛ حز 26 :1-28 :19؛ عا 1 :9ي؛ زك 9 :3). توصلت صور أن تحافظ على استقلالها تجاه أشورية وتجاه بابلونية، ولكن عددًا كبيرًا من سكانها تركوا المدينة وذهبوا يؤسّسون قرطاجة. وخضعت صور للاسكندر الكبير (322 ق.م.) الذي بنى طريقًا بين الجزيرة والبرّ. بعد هذا انتقلت صور إلى السلوقيّين حتى سنة 198 ق.م. هي تسمّى في 1مك 11 :59 و 2مك 4 :18-20 : المدينة الحرّة. ولما جاء الرومان ثبتوا سلطتها. وقبل أن نصل إلى الإنجيل نشير إلى المحاولات الأشوريّة العديدة في فينيقية. فإنّ أشور بانيبال وشلمنصر الثالث وهدد نيراري الثالث حاولوا أن يأتوا إلى المنطقة ويفرضوا الجزية على مدن غنيّة مثل صور، وقد طلبوا من هذه المدينة المعادن الثمينة والعاج والتوابل. هذا ما دفع صور إلى الخروج من أسوارها إلى قبرص أولاً (814 ق.م.)، ثمّ إلى شاطئ أوروبا وأفريقيا حتى الأندلس والمغرب، وهذا في القرن 8. كان ذلك ساعة حاول تغلت فلاسر الثالث التدخّل في الأمور الداخليّة للمدن الفينيقيّة وفرض الضرائب الباهظة عليها. وإنّ معاهدة التبعيّة بين أسرحدون والملك بعل الأول الصوري حدَّت من حريّة تحرّك الصوريّين دون أن تجعل أشورية تنسى أهميّة أسطول صور. وقد تحدّث حز 27 :12-24، عن امتداد التجارة الصوريّة في القرنين 7-6، مع أنّ صور خسرت بعض مواقعها لحساب صيدون، بعد حصارها على يد نبوخذ نصر الثاني سنة 585. دام هذا الحصار 13 سنة، ولكنّ البابليّين لم يستطيعوا أن يستولوا على صور البحريّة. احتلَّ الاسكندر صور، ولكنها استعادت ازدهارها سريعًا في أيام البطالسة. جاء أناس عديدون من صور وصيدا ليسمعوا يسوع (مر 3 :8) الذي جاء بنفسه إلى أرضهما (مت 15 :21). لهذا نفهم أن يكون بولس زار مسيحيّي صور وظلّ عندهم سبعة أيام (أع 21 :3). إليك لائحة بملوك صور : ابيبعل، حيرام الاول (975 ق.م.)، بعل معزر الأول، عبد عشتارت، متن عشتارت، عشتار إم، فليس، إتوبعل الأول، بعل معزر الثاني، متان الأول، فوم ياتون، ملكيرام، اتو بعل الثاني، حيرام الثاني، متان الثاني، لولي، بعل الأول، اتوبعل الثالث، بعل الثاني، يكينبعل، كلبي، حبّار، متان غرستروس، بعل عزر، مهر بعل، حيرام الثالث، حيرام الرابع، متان الثالث، عزي ملك الاول، عزي ملك الثاني.
صيدون:
الصيد. كانت في أقدم الأزمان المدينة الرئيسيّة للفينيقيّين الذين سُمّوا صيدونيّين في رسائل تل العمارنة وفي نصوص أوغاريت. بعد هذا (حوالي بداية الألف الأوّل)، حلّت صور محلّ صيدون. ولكن استعادت صيدون مكانتها في العهد الفارسيّ. حمى الأشوريّون صيدون ليُضعفوا تأثير صور (التي ارتبطت بمصر)، ولكنّهم في النهاية دمّروها يوم ثارت عليهم. هناك كتابات تحتفظ لنا بأسماء الملوك التالية أسماؤهم : إمريدا (حقبة تل العمارنة)، توبعل (في أيام سنحاريب)، عبدي ملكوتي (في أيام أسرحدون)، تبنيت، أشمونصر (حوالي سنة 450)، تنيس (في أيام ارتحششتا أوخوس). تُميّز التوراة، شأنها شأن النصوص الأشوريّة، بين صيدون الصغيرة وصيدون الكبيرة. تمثّلت صيدون في لائحة الشعوب كبكر كنعان (تك 10 :15). يعدّها يش 19 :8 بين مدن أشير مع أن بني إسرائيل لم يمتلكوها يومًا. نقرأ في حز 28 :20-23 قولاً على صيدون. ويذكر الإنجيل (لو 6 :17؛ 10 :13ي؛ مت 11 :21ي) صيدون مع صور. زار بولس صيدون خلال رحلته إلى رومة (أع 27 :3). هي اليوم : صيدا في لبنان. هذا في الكتاب المقدّس. فماذا في التاريخ؟ ورد اسم صيدون منذ الألف الثالث، فبدت من أقدم مدن فينيقية (تك 10 :15؛ 1أخ 1 :13). سيطر عليها الفراعنة في السلالة 18، 19، ولكن سلطة أمرائها امتدّت على مواقع أخرى مثل صرفة صيدا (1مل 17 :9؛ لو 4 :26). إنّ رسائل تل العمارنة (144-145) دلّت على أن امريدا حاول أن يتحرّر من تبعيّة ملك مصر، ولكن مصر ظلّت مسيطرة وإن بشكل متقطّع حتى القرن 13. لعبت صيدون دورًا هامًّا في القرن 11-10 ق.م.، وذكرت مغامرات وان أمون وجودَ 50 سفينة في مرفأ صيدا، ترتبط بوركة إلي وهو سامي يُقيم في صوعن. بما أن اسمه اسم أكاديّ، فهذا يعني أن صيدون كانت تدفع الجزية لملك أشوري هو تغلت فلاسر الأول ( 1114-1076). نشير هنا إلى أن صور لم تذكر. وبما أنّ نشاط صيدون كان على ما كان، سمّى هوميروس الفينيقيّين “صيدونيّين”، وهذا ما نجده في بعض مقاطع الكتاب المقدّس (تث 3 :9؛ يش 13 :4، 6؛ قض 3 :3؛ 10 :12؛ 18 :7؛ 1مل 5 :20؛ 11 :1، 5؛ 16 :31؛ 2مل 23 :13؛ حز 32 :30). ولكن في القرن العاشر تفوّقت صور (على صيدون) مع حيرام الأول وبداية الحملات الأشوريّة التي قادت إلى فينيقية أشور بانيبال، شلمنصر الثالث، هدد نيراري الثالث، تغلت فلاسر الثالث، سرجون الثاني، سنحاريب وأسرحدون. وقد توخّت هذه الحملات أخذ الجزية (نشو 276؛ 280-281؛ حشو 94-95؛ يوسيفوس، العاديات 9 : 285). من المدن الفينيقيّة (صور، صيدا، جبيل). حتى نهاية القرن 10، تحمّلت المدن الفينيقيّة السيادة الأشوريّة. ولكن عند موت سرجون الثاني، ثار لولي، ملك صيدون، ولكنّه أجبر على الرجوع إلى قبرص حين وصل سنحاريب سنة 701. عند ذاك أقام الملك الأشوري على عرش صيدون اتبعل وفرض عليه جزية سنويّة. ولمّا ثار عبدي ملكوتي على أسرحدون، احتلّ أسرحدون (نشو 290-291؛ 302-303؛ حشو 126-127) صيدا سنة 677، وأعمل في المدينة السلب والنهب، وقطع رأس الملك المتمرّد، وجعل من صيدا مقاطعة أشوريّة وسمّاها “كار اسرحدون” أي رصيف أسرحدون. إلى هذه الأحداث يشير إش 23 الذي تحوّل إلى قول نبويّ ضدّ صور، وحز 28 :20-23، وهكذا نكون أمام قول سابق لحزقيال جُعل في سفر حزقيال. غير أنّ المدينة استعادت ازدهارها بعد أن حاصر نبوخذنصر صور حصارًا طويلاً (في ذلك الوقت كان ملك صيدون في بابل). في زمن الاخمينيّين، صارت صيدون مرّة أخرى المدينة الرئيسيّة في فينيقية، ووهب ارتحششتا الأول للملك أشمون عازر الثاني سهل الشارون من جبل الكرمل حتى يافا، ليجازيه عن الخدمات التي قدّمها الأسطول الصيدوني في حروب الفرس مع اليونان. في نهاية الحقبة الفارسيّة، سنة 351، ثار تنيس، فسحقه ارتحششتا الثالث. حين جاء الاسكندر الكبير وقاومته صور، فتحت له صيدون أبوابها سنة 332. إلاّ أنّ الفاتح عزل ملكها ستراتون الثاني وأحلّ محلّه عبد لونيمس (ذُكر في مدوّنة وُجدت في جزيرة كوس، في اللغة الفينيقيّة واليونانيّة). استفادت صيدون من سقوط صور، فاستعادت دورها المتقدّم في فينيقية وصار فيلولكيس ملكها، قائد الاسطول البطالسي. في القرن الثالث صارت صيدون مدينة مستقلّة يحكمها “القضاة”. سنة 198، تبعت السلوقيّين. ولكنّها استقلّت سنة 111 ق.م. اعترف بومبيوس الروماني بحقّها في ضرب العملة. ووسّع أوغسطس حدودها حتى جبل حرمون ظلّت الحفريات محدودة في صيدون. ومع ذلك، دلّت على أن الموضع كان مأهولًا في النصف الثاني من الألف الرابع. كما دلّت على قصر للاخمينيين يعود إلى القرن الرابع. كانت صيدون مدينة واسعة ومتشعبّة، فميّز فيها سنحاريب صيدون الكبرى (يوسيفوس، العاديات 11 :18؛ 19 :28) وصيدون الصغرى (نشو 287؛ حشو 119). والمدوّنة الفينيقية لأشمون عازر الثاني، تعدّد مختلف أحياء المدينة مع هياكلها (نصوص كنعانية وأراميّة 14). أما التنقيبات التي تمّت في المدافن كما في هيكل اشمون (أسكليبيوس)، في بستان الشيخ، فقد كشفت غنى كبيرًا من الماضي من نواميس أو أوستراكات ومدّونات. وهذه ملوك صيدون : لولي، إتوبعل، عبدي ملكوتي، أشمون عازر، تبنيت الاول، بد (بيد) عشتارت، يتن ملك، بعل شلم الاول، عبديمون، بعنا، بعلم شلم الثاني، مستراتون الاول، تبنيت الثاني، اوغراس الثاني، مستراتون الثاني، مستراتون الثالث، عبد إليم، فيلوكليس.
طرسوس:
في كيليكية. مدينة معروفة (أع 21 :39). موطن القديس بولس (أع 21 :39؛ 22 :3). أسّسها الفينيقيون على كدنوس بالقرب من البحر. وارتبطوا معها بعلاقات تجاريّة منذ القرن التاسع ق.م. وانطبعت بالطابع الهليني في أيام السلوقيين فصارت مركزا جامعيا. في أيام انطونيوس صارت مدينة رومانية وعاصمة مقاطعة كيليكية الرومانية. أقام فيها بولس بعض الوقت بعد اهتدائه (أع 9 :31؛ 11 :25).
فيلبي:
اسمها الحالي : فيليبوجيك. تأسست في القرن 7 ق.م. باسم كرنيديس (اي الينابيع). وسّعها فيلبس الثاني وسماها باسمه. سنة 168 أحرز بولس اميليوس نصرًا على فرساوس ملك مكدونية. وفي سنة 146 جعل مكدونية (ومعها فيلبي) مقاطعة رومانية قُسمت إلى اربعة اقضية. وكانت فيلبي في القضاء الأول الذي كانت عاصمته امفيبوليس. لهذا نجد صعوبة حين يقول أع 16 :12 ان فيلبي هي عاصمة قضاء مكدونية. بعد ان انتصر أوغسطس سنة 42 ق.م. على بروتوس وكاسيوس قرب فيلبي، توسعت المدينة. وفي سنة 31 رُفعت إلى درجة مستوطنة رومانية. منذ ذلك الوقت نعمت بالحق الايطالي. وبما أن الحامية التي فيها كانت كبيرة، فقد كان نصف سكانها من اللاتين بحيث اعتُبر الفيلبيون انفسهم من الرومانيين (اع 16 :21). وكان النصف الثاني من المدينة من اليونانيين والمكدونيين مع مهاجرين يهود (لم يكن لهم مجمع. أع 16 :13) وغيرهم. وكانت فيلبي مدينة مهمة من الناحية الجغرافية والتجارية بسبب موقعها بين جبلين (بانجايون، هاموس) وعلى الطريق الاغناطية. كانت مناجم الذهب والفضة في بانجايون ينبوع غنى عظيم. ولكنها نفدت في ايام بولس. غير أن فيلبي احتفظت باهميتها كمدينة تجارية ومركز روماني. في سنة 51، وخلال الرحلة الرسولية الثانية، أسّس بولس في فيلبي جماعة مسيحية (أع 16 :13-40؛ 1 تس 2 :2) تألّفت من الوثنيين المهتدين وأظهرت هذه الجماعة محبة كبيرة لبولس وتعلقا به (فل 1 :3-8؛ 4 :10-16). وأحبها هو بحيث إنه لم يقبل الا منها مساعدة مالية (فل 2 :25؛ 4 :10ي). من الاكيد أن بولس زار فيلبي في رحلته الرسولية الثالثة سنة 57 (أع 20 :1ي) وعاد إليها سنة 58 حيث احتفل بعيد الفصح (أع 20 :6).
فيلدلفية أو فيلادلفية:
1) الاسم الهليني لمدينة ربّة عاصمة العمونيين. سميّت كذلك على اسم بطليموس فيلدلفوس. 2) مدينة في ليكية (آسية الصغرى) تقع في منطقة خصبة على الطريق بين سرديس وكولوسي. سُميت كذلك لان الذي اسسها هو اتاليس الثاني فيلدلفوس (159-138). كان في فيلدلفية جماعة مسيحية وُجهت إليها إحدى الرسائل السبع (رؤ 3 :7-13) التي تمتدحها لثباتها خلال الاضطهاد الذي أثاره اليهود. فيلكس عبد حرره الامبراطور كلوديوس. شقيق بلاس. تزوج اولا دروسلة صغيرة انطونيوس (احد القواد الثلاثة) ثم دروسلة ابنة هيرودس اغريبا الاول (لا نعرف اسم امرأته الثالثة). كان حاكم اليهودية (52-59) وبهذه الصفة أمر بقتل الكاهن الاعظم يوناثان وقمع ثورات عديدة. ان خطبة ترتلوس المتملّقة (أع 24 :2-8) تشكل شهادة طيبة عن ادارته. ولكن المؤرخ تاقيتس يحكم عليه حكما قاسيا. مثل بولسُ الرسول امام منبر فيلكس. وفيما بعد حدثه الرسول مع امرأته عن الصلاح والعفة والدينونة الآتية (أع 24 :24-26). اشتكى اليهود على فيلكس فاستدعته رومة ولكنه دافع عن نفسه ونجح، كما يقول المؤرخ يوسيفوس (العاديات 20 :162-172، 182؛ الحرب 2 :252-263، 270).
قيريني (قيرين):
مستوطنة يونانيّة على شاطئ شماليّ أفريقيا. هي برقة او قيروان. في سنة 96 ق.م. أخذها الرومانيّون من الفينيقيّين وفي سنة 75 ق.م. جعلوها مقاطعة رومانيّة. كان في قيريني كثير من اليهود (1مك 15 :23). وكان للقيرينيّين مجمع في أورشليم (أع 6 :9). كثير منهم اهتدوا إلى الإيمان (أع 2 :10) وحملوا الإنجيل إلى أنطاكية (أع 11 :20). ياسون (2مك 2 :19-31) ولوقيوس (اع 13 :1) وسمعان (مر 15 :21 وز) كانوا من قيريني أو القيروان. ونتوقّف عند لمحة تاريخيّة. قيريني هي اليوم في ليبيا. تقع في وسط الطريق بين بنغازي وطبرق. أسّسها سنة 631 ق.م. سكان تيرا أسنتورين كما يقول هيرودوتس (4 :145-154). كانت الأولى بين خمس مدن (بنتابوليس) : برنيكي، بطلمايس، توخايرا، اواسفيريدميس. اشتهرت بتصدير نبات يُستعمل في الطبّ وفي الطعام (توابل). وكانت تجعل أهل البلاد يدفعون الجزية. واشتهرت أيضًا بتربية الخيول. ضمَّت إلى المملكة اللاجيّة في أيام بطليموس الأول. فأعطاها بطليموس ابيون لرومة (96 ق.م.) في وصيّته قبل موته. نظّمت في مقاطعة سنة 74 ق.م. وألّفت مع كريت محافظة شيوخيّة (ترتبط مباشرة بمجلس الشيوخ).
قيصرية:
مدينة قيصر. 1) قيصريّة فلسطين أو قيصريّة ستراتون. مدينة ومرفأ على شاطئ البحر المتوسط. تقع بين يافا ودور. بناها هيرودس الكبير بين سنة 9و12 ق.م. قرب برج ستراتون القديم. وما عتّمت أن صارت أهمّ مرفأ في فلسطين بسبب موقعها ومنشآتها. بعد عزل ارخيلاوس وموت اغريباس الأول (مات فيها : أع 12 :20-23)، صارت قيصريّة مركز إقامة الولاة الرومانيّين. وأخذت البضاعة تمرّ في قيصريّة لتصل إلى أورشليم وكذلك الأشخاص (اع 9 :30؛ 18 :22؛ 21 :8، القديس بولس). كان كل سكان قيصريّة من الوثنيّين مع بعض اليهود. في عكا أقام فيلبس أحد السبعة (أع 8 :40؛ 21 :8) والقائد الروماني كورنيليوس الذي وعظ بطرس (هرب من ملاحقة أغريباس الأول : أع 12 :19) في بيته (أع 10 : 1 ي؛ رج 11 :11). وفي قيصريّة كان بولس سجينًا وتكلّم أمام الملك أغريباس الثاني (أع 23 :23-25؛ 24 :27، 25 :1-13). هي اليوم : قيصريّة. دلّت الحفريّات على المسرح وعلى ملعب الخيل. 2) قيصريّة فيلبس. اسمها في القديم : بانياس. بُنيت سنة 12و3 ق.م. على يد هيرودس فيلبس عند منابع الأردن وسمّيت قيصريّة (إكرامًا لقيصر) وفيلبس (إكرامًا لشخصه). إنّ الأناجيل الإزائيّة تجعل في جوار قيصريّة فيلبس اعتراف بطرس بيسوع ووعْد يسوع لبطرس بالرئاسة (مت 16 :13-20، مر 8 :27-30). نشير إلى أن قيصريّة (تبعد 46 كلم إلى الشرق من صور) هذه بُنيت عند أحد منابع الاردن الرئيسية، على سفح حرمون من الجهة الجنوبيّة الغربيّة. كان الموقع يشرف على الطريق بين صور ودمشق، ويحرس السهل الخصب قرب بحيرة الحولة، الذي ترويه منابع الاردن. حوالى سنة 200 ق.م.، تغلّب فيها أنطيوخس الثالث على المصريين. وبنى اليونان معبدًا للاله “بان” (من هنا بانياس) والحوريات كما تقول إحدى المدوّنات. سنة 20 ق.م. أعطى أوغسطس منطقة بانياس لهيردوس الكبير، وعادت إلى فيليس، فصارت مركز حضارة يونانيّة ورومانيّة.
كورنثوس:
مدينة يونانيّة قديمة تبعد 8 كلم عن المضيق والقنال الحالي. هناك آثار بشريّة في الزمن السابق للتاريخ. لكن تأسيس المدينة يعود إلى الزمن التاريخيّ (أي بعد 1000 ق.م.). عرفت أول فترة ازدهار في أيام الحكام المستبدّين (القرن السادس)، وفترة ثانية في العهد الهلينيّ. ولكنها دُمّرت على يد الرومانيّين سنة 146 ق.م. فأخليت وأقفرت. ولكن يوليوس قيصر بنى سنة 44 ق.م. على دمار المدينة اليونانيّة، مستوطنة لاوس يوليا كورنتيانسيس. كانت عاصمة مقاطعة أخائيّة اليونانيّة. وصارت بعد سنة 44 مقاطعة مرتبطة بمجلس الشيوخ يحكمها قنصل. وبسبب موقعها الفريد بين مرفأين (المرفأ الشرقيّ كنخريّة على خليج سارونيك، المرفأ الغربيّ ليخايون على خليج كورنثوس) شكّلت كورنثوس مركزًا تجاريًّا هامًّا وملتقى الطرق بين الشرق والغرب. وكانت أيضاً مدينة الفوارق الاجتماعيّة الظاهرة (ثلثان من العبيد، عدد كبير من الفقراء، قلّة قليلة من الأغنياء)، ومدينة الفساد فصارت مضرب المثل بفسادها. فالكورنثيّة هي امرأة ذات أخلاق مشبوهة. وفعل “كرنتس” يعني عاش حياة الفحش. والكورنثيّ هو السكّير. كلّ هذه التجاوزات نمت بفضل البغاء المكرّس المعمول به في معبد أفروديت على قمّة كورنتوس حيث تعيش حوالي ألف امرأة مكرّسة لهذا العمل، كما يقول سترابون (8 :6، 20). في حفريات المسرح، اكتشف المنقّبون حجارة كانت مقاعد لهذه النساء (يحفظ لهنّ مكان خاص في المسرح). هذه التفاصيل تلقي الضوء على نص رو 1 :18-22 الذي كُتب في كورنثوس والذي يقابل معطيات 1كور 5 :1؛ 6 :9-20؛ 10 :8؛ رج 2كور 7 :1. كان سكان كورنتوس مزيجًا من الناس. بما أن كورنثوس كانت مستوطنة، كثُر فيها الرومانيّون، وكثر فيها أيضاً اليونانيّون وأهل المشرق مع عدد من اليهود لا يستهان به (أع 18 :4 : كانوا يقومون بالدعوة الى الدين). وكانت الحياة الدينيّة مزيجًا هي أيضاً. فهناك العالم اليهوديّ، وهناك العالم الوثنيّ الذي يجمع الديانات اليونانيّة إلى الديانات الشرقيّة. وهذا ما يشهد عليه الهياكل المتعدّدة : ملكارت، ايزيس، سرابيس، زوش، افروديت، اسكلابيوس، قيباليس. بدأ بولس يبشّر في كورنتوس خلال الرحلة الرسوليّة الثانية (أع 18 :1). فردّ كرسبوس، رئيس المجمع، ويوستوس، أحد خائفي الله (أع 18 :7-8). بعد ذلك، توجّه إلى الوثنيين (أع 18 :6). عاداه اليهود فجرّوه أمام القنصل غاليون الذي رفض أن يتدخّل في مثل هذه القضيّة (أع 18 :12-17). بعد ذلك، تابع أبلوس تعليم الكورنثيين (أع 18 :27-28). أما بولس فتعلّق تعلّقًا كبيرًا بهذه الجماعة التي لا تعرف الهدوء. وذكّرها خلال إقامته في كورنتوس، أنه سدّ حاجاته بنفسه (2كور 11 :9) حين عمل مع أكيلا وبرسكلة (أع 18 :2-3). ندّد بولس بفساد بعض أعضاء الجماعة في كورنتوس (1كور 1 :13)، ولامهم لأنهم شوّهوا عشاء الربّ (1 ور 11 :17-34). ودعاهم إلى تشذيب المواهب التي تبلبل جماعاتهم (1كور 12-14). وحرّضهم على الفطنة في ما يتعلّق بأكل اللحوم المذبوحة للأصنام (1كور 8؛ 10 :14-30).
كولوسي:
مدينة في فريجية. تقع على الليكوس قرب المكان الذي فيه يصب مياندريس. تقع على الطريق التي تقود من أفسس إلى طرسوس وسورية مرورًا بمغنيزية وكولوسي وأفامية. قال هيرودوتس (7 :30) وإكسينوفون (أناباس 1/2، 6) ان كولوسي كانت مدينة كبيرة وقد اشتهرت بتربية الغنم. في زمن بولس الرسول تجاوزت اللاذقيّة كولوسي. وفي أيام نيرون ضرب كولسي زلزال. بعد هذا الوقت أخذت تنحطّ تدريجيًّا. كان من سكانها بعض اليهود واليونانيّين، ولكن الأكثريّة كانت من الفريجيّين الأصيلين. لهذا فالجماعة التي أسّسها ابفراس تتألف خاصة من وثنيّين اهتدوا إلى المسيحيّة. كان أعضاء هذه الجماعة عديدين بحيث كان لهم بعض التنظيم التسلسلي (كو 4 :15، 17). رج كولسي (رسالة إلى أهل).
كيليكية:
في الأراميّة : حلك. في الألف الثاني قابلت كيليكية كيزووتنا، وهي مملكة ضمّت إلى مملك الحثيّين بيد شوبيلوليوما الأول، وزيد أيضاً جزء من ارزاوا الشرقيّة. كان السكان بأكثريتهم من اللوفيّين، ما عدا كيزووتنا التي سكنها الحوريّون. دخلت الأساطير السوريّة والحوريّة إلى العالم الحثّي عبر هذه المنطقة. رج المدخل السابق
لاودكية :
مدينة في فريجية من أعمال آسية الصغرى. هي قريبة من كولوسي وهيرابوليس. أسّس الجماعة المسيحيّة فيها أبفراس، لا بولس (كو 2 :1؛ 4 :12-13). إلى هذه الكنيسة وُجّهت رسالة من رسائل بولس، ولكن هذه الرسالة ضاعت (4 :15-16). إلى ملاك لاودكية كتب يوحنا إحدى رسائل سفر الرؤيا (1 :11؛ 3 :14-22). لاودكية 1) لاودكية على البحر (اللاذقيّة في سورية). أسّسها سلوقس الأول نكاتور على موقع رفيع سمّي راميتا ثمّ مَزبَدا. وُجدت فخاريّات قرب المرفأ تعود إلى البرونز الحديث وجرار… 2) لاودكية كنعان أو فينيقية : الاسم الهلينيّ لبيروت. 3) لاودكية لبنان : قادش (القديمة) على العاصي. واليوم : تل النبيّ مند.
لسترة:
مدينة في ليكأونية. تبعد 30 كلم إلى الجنوب من ايقونية. كان بولس مع برنابا حين بشّر فيها بالإنجيل خلال الرحلة الرسوليّة الأولى وشفى مخلّعًا. حينئذ ظنّ الناس أنّ بولس هو هرمس وأنّ برنابا هو زيوس. ولمّا وصل يهود إيقونية، انقلب الوضع ورُجم بولس. في اليوم التالي ذهب إلى دربة (اع 14 :21ي) وخلال رحلته الرسوليّة الثانية مع سيلا توقّف بولس في لسترة. ومنها اتّخذ تيموتاوس (أصله من لسترة) الذي سيصير تلميذه المفضّل (أع 16 :1-3).
متوسط البحر، (الـ):
يُذكر مع البحر الميت ويدل على الحدود الغربية لكنعان او احدى القبائل المقيمة على الساحل. البحر الكبير : هـ ي م. غ د و ل (عد 34 :6-7؛ يش 1 :4؛ 9 :1) البحر الاقصى او الغربي : هـ ي م. هـ ا ح ر و ن (تث 11 :24، 34 :2) بحر الفلسطيين : ي م. ف ل ش ت ي م (خر 23 :31). تذكر البيبليا بحر ادرياتك، بحر كيليكية وبمفيلية (اع 27 :5). تذكر الجزر، المرافئ. ماذا نقول عمّا يُسمّى البحر الابيض المتوسط؟ يقع بين اوروبا في الشمال، وآسيا في الشرق، وافريقيا في الجنوب. يتّصل بالمحيط الاطلنطي عبر مضيق جبل طارق (عواميد هرقل)، وبالبحر الأحمر عبر قناة السويس منذ سنة 1869. مساحته ثلاثة ملايين كلم مربع. وأقصى عمقه 4400م. المدّ والجزر ضئيلان، والتيّارات لا تكاد تُذكر. أما الرياح فقد أثرت تأثيرًا كبيرًا على حركة الملاحة القديمة، بحيث لا يستطيع الناس أن يبحروا عكس الرياح. ففصلا الربيع والصيف كانا مؤاتيين للأسفار في البحر. أما عواصف أيلول وتشرين الأول ثم آذار ونيسان، فقد كانت تفرض على السفن إلاقامة في المرافئ. اذا كانت الريح مؤاتية، كان السفر من يافا إلى جبل طارق يتطلّب ثلاثة أسابيع. أما الطقس السيّئ وغياب الرياح المؤاتية، فكانا يطيلان السفر. أما المحطات في البحر المتوسط فهي الجزر : قبرص، رودس، جزر بحر ايجه، كريت، الجزر الايونيّة، مالطة، صقلية، سردينيا، الباليار. وبمختصر الكلام كان المتوسط وسيلة اتصال استفاد منه الميسينيون واليونان والفينيقيون.
مصر:
أولاً : الاسم. استعمله النص العبريّ (2مل 19 :24؛ إش 19 :16؛ 37 :25؛ مي 7 :12 : مصور) بعد أن أخذه عن الأكادية. ايغوبتوس الذي جاء من المصريّة عبر الفينيقيّة : حت كافتح : بيت الاله فتاح، أحد أسماء مدينة ممفيس. يسمّي المصريّون أرضهم : كمت أي السوداء. رج فتروس. ثانيًا : الأرض والشعب. مصر هي واحة طويلة. يمتدّ عرضها بين 5 و25 كلم. يقطعها في الطول نهر النيل، وهي تقع بين صحراوين : صحراء ليبيا والصحراء العربيّة. كان المصريّون القدماء من نسل حام (تك 10 :6). ورغم امتزاج المصريّين منذ زمن الهكسوس بشعوب أخرى، فالمصريّ الحاليّ يشبه أجداده الذين عاشوا منذ آلاف السنين. ثالثًا : التاريخ. لم يكن للمصريّين كرونولوجيا. لهذا وضع الباحثون رسمة كرونولوجيّة لتاريخ المصريّين. بدأت أول سلالة حوالي سنة 4200 ق.م. (أو قبل هذا الزمن). هذا ما قاله علماء القرن السابق. ولكنّهم عادوا اليوم إلى حوالي سنة 3000. واختلفوا على تواريخ الألف الثالث ولم يتّفقوا إلاّ على كرونولوجيا المملكة الحديثة. انتهت مرحلة ما قبل التاريخ حوالي سنة 3000. ثمّ بدأ التاريخ بالمعنى الحصريّ، وخلاله حكمت البلاد سلالات عديدة. فعلى خطى الكاهن المصريّ مناتون من سبانيتوس الذي كتب في القسم الأول من القرن الثالث ق.م. ثلاثة كتب عنوانها “مصريات” (ضاع القسم الكبير منها) نميّز 30 سلالة. ويقسم الباحث المصريّ اليوم هذا التاريخ إلى ثلاث حقبات كبيرة : المملكة القديمة (من السلالة 3 إلى السلالة 6 :2780-2400)، المملكة الوسيطة (السلالة 11-12 :2100-1800)، المملكة الحديثة (السلالة 18-20 : 1580-1085 ق.م.). وهناك فواصل تتوسّط هذه الحقبات. (أ) لا نستطيع أن نتكلّم عن علاقات بين مصر والتوراة إلاّ انطلاقًا من المملكة الوسيطة. فأوّل شخص بيبلي زار وادي النيل هو ابراهيم. تتميّز السلالة 12 بحقبة من الازدهار تشهد لها أعمال ريّ واسعة في الفيوم. وفي الوقت ذاته تراقب الدولة الحدود على طول جدار الأمير وهو حصن يقع في خليج السويس (كما يقول خبر سينوهي). وهذه المراقبة صارت ضروريّة بسبب دخول الساميّين المتزايد إلى البلاد. فهناك جدرانيّة تمثّل 37 اسيويًّا في وادي النيل. اسم رئيسهم ابشاي (رج ابيشاي من عائلة داود). قام سيسوستريس الثاني (1906-1888) بحملة على كنعان ووصل إلى شكيم. وعلى أيام امينمحات الثالث (1850-1800) بُني الهرم الأخير. وبعد هذا تقسّمت البلاد. (ب) الحقبة الثانية المتوسطة (هكسوس). واحتلّ الهكسوس مصر من دون صعوبة. دفعتهم الهجرة في سورية وفلسطين فأقاموا بطريقة مسالمة في الدلتا الشرقيّ. لم يعد العلماء يتحدّثون اليوم عن مملكة هكسوسيّة امتدّت على قسم كبير من الشرق الأدنى الآسيويّ. فإن لم يكن الهكسوس من الساميّين، فالعنصر السامي هو المسيطر كما تشهد على ذلك أسماء العلم : يعقوب هير (ايل)، عنات هير (ايل). كانت عاصمتهم افاريس المدينة التي ستسمّى فيما بعد تانيس. أخذوا بحضارة المصريّين وعلّموهم فيما علّموهم استعمال الخيل والمركبات. وجاءت ردّة الفعل من الجنوب (طيبة؟) فجرّت الدلتا إلى مقاومة الهكسوس. لا نعرف بالضبط كيف انهارت قوّتهم. (ج) المملكة الحديثة. طرد احموسيس (1580-1558) الهكسوس من افاريس ولاحقهم إلى كنعان. حاصر شروحن (شاروحين) (يش 19 :6) ثلاث سنوات وحارب على حدود مصر الجنوبيّة. بعده عرفت البلاد فترة من الراحة استفاد منها امينوفيس الأول (1557-1530) ليقوّي سلطته. وسار تحوتمس الأول (1530-1520) على خطى سلفه فقام بحملة على آسية أوصلته إلى الفرات. بعد هذا سيعتبر المصريّون أنّ سورية وفلسطين هما جزء من أرضهم، وسيركّز فراعنة المملكة الحديثة انتباههم على هاتين المنطقتين. وصلت إلينا بعض المواد الأركيولوجيّة من هذه الفترة، وبما أنّ الحاميات المصريّة تألّفت من مصريّين ومن أهل البلاد، لم تنتشر الحضارة المصريّة واللغة المصريّة كما كنا نظنّ. ولكن في كل حفريّة في فلسطين أو في سورية نجد الجعل الذي هو علامة الحضارة المصريّة للغرباء. وخلفت تحوتمسَ الأول ابنتُه حتشبسوت التي كان حكمها مضطربًا. نظّمت حملة على بلاد البخور (فونت). خلفها ابن أخيها تحوتمس الثالث (1504-1450) فحاول أن يخفي كل أثر لعمّته. قام بست عشرة حملة على سورية، وقد حُفظت حولياته المحفورة في الحجر. مع تحوتمس الثالث نجد على جدران الهياكل لوائح المدن والشعوب المقهورة. وهذه اللوائح مهمّة لتعرّفنا إلى فلسطين في ذلك الوقت. فخبر احتلال يافا وصل إلينا بشكل خبر يذكر عابيرو الذين هم العبرانيّون على ما يبدو. وكان امينوفيس الثاني (1450-1425) قائد الجيش قبل أن يخلف أباه. نجهل الكثير عن حكمه، ولكننا نعرف أنّه ذهب إلى آسية مرتين، فأوقفه الميتانيّون على الفرات. وجاء خلفه تحوتمس الرابع (1425-1408) فعقد معاهدة مع الميتانيّين وتزوّج أميرة ميتانيّة. وتوصّل إلى قمع ثورة في جازر. خلفه أخوه امينوفيس الثالث (1408-1372) الذي كان ملكًا حازمًا، ولكنّه فضّل أعمال البناء على الحرب. وقد بقي لنا قسم من أرشيفه في رسائل تل العمارنة التي اكتشفت في العاصمة الجديدة التي أسّسها خلفه امينوفيس الرابع (1372-1354). غيّر أمينوفيس اسمه إلى أخناتون لأسباب دينيّة. كان ضعيف البنية، ولكنه كان هو وزوجته نفرتيتي شخصيّتين قويّتين. غير أنّهما أهملا الأمور الخارجيّة فثارت المدن الآسيويّة ضدّ السلطة المصريّة. وجاء ملوك عابرون (منهم توتعنخ أمون). بعدها وضع القائد حوريمحب يده على السلطة. معه بدأت السلالة 19 (1314-1200) التي ظلّت مستعدّة للحرب في آسية خاصة مع رعمسيس الثاني. لهذا نُقلت العاصمة في ذلك الوقت إلى الدلتا. أوّلاً إلى ممفيس. وفي أيام رعمسيس الثاني إلى في رعمسيس. وقام سيتي الأوّل (1312-1298) بحرب ضدّ الحثيّ مواتاليش قرب قادش على العاصي. وهناك سيتابع رعمسيس الثاني حربًا ضروسًا. وفي النهاية عقد الخصمان عهدًا أبديًّا وصل إلينا نصّه في الحثيّة وفي المصريّة. وواجه رعمسيس الثاني وخلفه مرنفتاح (1234-1224؟) والملك الثاني من السلالة 20، خطرَ شعوب البحر. تغلّبوا عليهم وأوقفوا تقدّمهم، ولكنّهم لم يستطيعوا أن يمنعوا قبائل جديدة (الفلسطيّون) من الإقامة في كنعان. في كرونولوجيا الخروج القصيرة، رعمسيس الثاني هو الفرعون المضطهد، ومرنفتاح هو الفرعون الذي صار الخروج على أيامه. إلى عهد مرنفتاح تعود برديّة اناستاسي الأول التي تتضمّن تفاصيل عديدة عن سورية وفينيقية وفلسطين بشكل سؤال وجواب. في اسم معيّن في نفتوح (معين ماء نفتوح) احتفظ يش 15 :9؛ 18 :15 باسم مرنفتاح. وقد بقي لنا من هذا الفرعون النصب الشهير الذي نجد فيه اسم اسرائيل. وظلّت شعوب البحر على هجومها في أيام السلالة 20. وهاجم الليبيّون مصر. ولكن رعمسيس الثالث (1198-1166) سيطر عليهم خلال حملات عديدة. وجاء بعده خلفاء تسمّوا باسم رعمسيس ولكنّهم كانوا ملوكًا ضعفاء. فخسرت مصر نفوذها في آسية وانكفأت على نفسها. وهذا ما ساعد إسرائيل على التوسّع. (د) حافظت مصر على استقلالها خلال خمسة قرون (ما عدا فترات قليلة). ففراعنة السلالة 21 (كانوا كهنة طيبة) سيطروا على مصر العليا (الصعيد) ومصر الوسطى. وفي تانيس ( صوعن) سيطرت سلالة توصّلت سريعًا إلى أن تمدّ نفوذها إلى مصر العليا. وانحطاط السلطة المصريّة في فينيقية واضح من خبر الموظّف في هيكل أونامون. ذهب في بداية القرن 11 إلى جبيل (بيبلوس) ليجلب الخشب من أجل معبد طيبة. واتّصل سليمان بفرعون من تانيس (ربما بسوسينيس الثاني) وتزوّج ابنته. وصارت المراجع نادرة عن حقبة الليبيّين (السلالة 22) والكوشيّين (أي الأحباش. السلالة 25). إنّ أوّل ملك مصريّ يرد اسمه في التوراة (1مل 14 :25-26؛ 2أخ 12 :2-4) هو الليبيّ شيشق (شيشانق الأوّل : 950-929) الذي أقام في بوبستيس أي في الدلتا، وسار على يهوذا بإيعاز من يربعام. ليس من الأكيد أن الفرعون الكوشي زارح (2أخ 14 :8) هو ذاته خلف شيشق أوسوركون الأول (أو فرعون آخر). ففي سنة 715، سيطر الكوشيّون على مصر العليا، ثمّ احتلّوا وادي النيل. وفرعون سوا المذكور في 2مل 17 :4 ليس شباكا الذي حكم حتى سنة 701. قد يكون ملكًا من الدلتا. ويذكر 2مل 19 :9 ثاني خلف لشباكا، طهرقه (ترهاقة). ماذا نعرف اليوم عن الفرعون طهرقة؟ اجتاح الأشوريّون مصر، وفي سنة 663 عاثوا خرابًا في طيبة. ولكن استعادت الأمّة قواها في السنة نفسها. فمع بساميتيك الأوّل صعدت السلالة 26 (سلالة وطنيّة) على العرش وتحالفت مع الأشوريّين لتحارب بابل. وتابع نكو (609-594) السياسة عينها في آسية ولكن لم يحالفه النجاح (2أخ 35 :20، 22؛ 36 :4). وآخر فرعون تذكره التوراة هو خفرع. ظلّ أمينًا لسياسة مناهضة لبابل. وبعد دمار أورشليم (586 ق.م.) استقبل العديدَ من اليهوذاويين الذي جرّوا معهم إرميا (إر 42-44؛ 2مل 25 :26). أقاموا في تفنيس، في الدلتا الشرقيّ. وبعد ستين سنة هجم قمبيز على الفرعون اماسيس (586-526). توفّي الفرعون وغُلب ابنه بساميتيك الثالث (525 ق.م.) وصارت مصر مرزبة فارسيّة. ورغم أوقات قصيرة من الحكم الذاتي (بفضل الثورات) ظلّت الحالة هي هي حتى مجيء الاسكندر الكبير سنة 332. وبعد موته، صارت مصر في يد يطليموس لاجوس مؤسّس سلالة البطالسة (اللاجئين). وازدهرت الحضارة الهيلينيّة وبالأخص في الاسكندريّة. وفي سنة 30 ق.م. احتلّ أوكتافيوس أوغسطس مصر (انتحرت كليوبترة) وجعلها مقاطعة ضمّها إلى إمبراطوريّة رومة. رابعًا : الديانة. تتحدّث التوراة عن إله مصر ولكنّها لا تذكر إلاّ إلهًا واحدًا : امون (إر 46 :25). وهناك أسماء آلهة أخرى حفظت في أسماء الأشخاص أو الأمكنة. أمون في نوامون، بست في بوبستيس، رع في رعمسيس وفوطيفارع، اتوم في فيتوم، نيت في اسنات. وحاول البعض أن يقرأ أسماء الهيّة في تك 16 :13 وإش 10 :4 (اوزيريس) كما في خر 10 :10؛ 30 :16 (رع). مع أن بني اسرائيل أخذوا ببعض عادات مصر (التحنيط)، فهذه العادات لم تؤثّر على ديانة التوراة. وتحدّث الشرّاح عن وحدانيّة الله عند اخناتون، كما قابلوا بين نشيد اخناتون ومز 104. مصر – العصور والاسرات المالكة العصر العتيق، الاسرتان الأولى والثانية 3200-2780 الدولة القديمة، الاسر 3-6 2780-2280 عصر الفترة الأولى، الاسرات 7-10 2280-2052 الدولة الوسطى، الاسرتان 11-12 2134-1778 عصر الفترة الثانية، الاسرات 13-17 1778-1570 الدولة الحديثة، الاسرات 18-20 1570-1080 العصر المتأخّر، الاسرات 21-30 1085-332 ايام الاضمحلال، الاسرة 21-24 1085-715 عصر اليقظة، الاسرة 25-30 715-332 الأسرة الأولى 3200-2980 مفا – نعرمز اتى الأول – عما اتى الثاني – جر اتى الثالث – واجيت خاستي – دن مربي با – عج اب ارينتر – سمرخت قاع سيتي – قــاع الأسرة الثانية 2980 – 2880 حوتب – حتب سخموي نوب نفر – رع نب ني نتر – ني نتر ونج —- – بري اب سن – خع سخم حتب، نبوى – امف – خع سخموي. الأسرة الثالثة 2780-2280 زوسر الاول – ارسي خت نتر زوسر الثاني – سانخت تتي – خع با نب كاوو —- حوني —- الأسرة الرابعة 2680-2560 سنفرو خوفو (خنوم خوفوي)، في اليونانيّة : كيويس جدف رع خفرع (خفرن) منكاو رع شيسسكاف الأسرة الخامسة 2560-2420 او سر كاف ساحو رع نفر ارع كارع شيسسكارع نفرف رع ني وسر رع منكا و هور جدكارع (اسيسي) اوناس (ون اس ونيس) الأسرة السادسة 2420-2280 تتي اوسر كارع ببي الاول مرزع (مري ان رع) الاول ببي الثاني مرنرع الثاني منكا ورع – فيت اقرتي (نيتوكريس) الأسرة السابعة 2280 ق.م. حسب رواية مانيتون. سبعون ملكا حكموا سبعين يومًا الأسرة الثامنة 2280-2242 نفر كارع (الاصغر) نفر كارع نبي جد كارع شماي نرف كارع خندو مرسى ان حور نفركا مين ني كارع نفر كارع تررو نفر كاحور نفر كارع ببي سنب نفر كامين عنو قاكارع ابي واج كارع نفر كا حور (حورس) اتري بارو نفر إر كارع (حورس) دمج اب تاوي الأسرة التاسعة 2242-2133 اختوي الاول مري إب رع نفر كارع اختوي الثاني ستوت اختوي الثالث الأسرة العاشرة مرى حتحور نفركا رع اختوي الرابع – واح كارع مري كارع اختوي الخامس – نب كارع اتى ايمحوتب سخم كارع جسر نوب هنا تنتهي المملكة القديمة التي كانت عاصمتها ممفيس. امتدّ تأثير مصر الى فلسطين وهذا ما كشفته تنقيبات عراد وتل عيراني (الذي سمّي خطأ جت). ووُجدت فخاريات مصريّة وأغراض من الحقبة التينيّة (في تيس التي هي البربة التي تبعد بضعة كلم عن ابيدوس، موطن السلالة 1-2). جاء المصريون إلى فلسطين بطريق سيناء الشمالية وتل عيراني الذي يبعد 45 كلم إلى الشمال الغربي من أورشليم، والذي كان مركز نشاط تجاري وحربي استعمله المصريون في جنوب كنعان. وكان للمصريّين حضور في مناجم وادي مغاره في الجنوب الغربي لجزيرة سيناء. وُجد نقشان بارزان للفرعون سخموي (سخمخت) في سيناء. كان الازدهار واضحًا في تلك الحقبة. وما يدلّ على ذلك مدافن الملوك في أهرام عالية، ومنها أهرام الجيزة التي تعود إلى السلالة الرابعة (2680-2560). وتابع ساحورع، الملك الثاني في الاسرة الخامسة (2560-2420) تقليد استغلال المناجم في سيناء، فأقام في وادي مغاره نصبًا يذكر السيطرة الحربيّة على قبائل البدو العائشين في المنطقة. وأنشدت جدرانيات مدفنه عودة اسطوله من فينيقية وهو يحمل المال والأسرى. إن العلاقات المتواصلة مع جبيل التي تؤمّن الخشب، تعود أقله إلى خع سخموي، آخر ملوك تيس (السلالة الثانية). ولكن هذه العلاقات اتسعت مع ملوك ممفيس، من خفرع (خفرن) إلى بيبي الثاني. وُجد غرضان مصريّان في ايبلا يحملان اسم خفرع (2300) وبيبي الأول (2300). ولكن لا يبدو أنه كانت في أيام المملكة القديمة علاقات مباشرة بين ممفيس وايبلا. فالوسيط كانت مدينة جبيل التي كشفت قطع من المرمر حُفرت عليها أسماء ملوك ممفيس. إن قبري انتي (تتي) في ديشاشة، كايمحاست (اوسركارع) في سقاره، الفرعونين اللذين يبدأان السلالة السادسة، يدلاّن على الجيوش المصرية التي تهاجم الحصون في فلسطين الجنوبيّة. هذه الأخبار تعطي صورة عن حملة الفرعون أونا (2350) ضد “عامو” أو الاسيويين المقيمين في الصحراء. ولكن تبدّلت الأمور، فرُفضت سلطة الفرعون في مصر. وحلّت الفوضى بعد حكم بيبي الثاني. فكانت الحقبة المتوسطة (2180-2040) التي استفاد منها البدو فاجتاحوا الدلتا وزرعوا الرعب فيها، فقسمّت مصرُ دويلات صغيرة متنازعة. الأسرة الحادية عشرة 2134-1991 إينوتف (انتف) الأول (سهر تاوي) 2134-2131 إينوتف الثاني (واح عنخ) 2131-2082 إينوتف الثالث (نخت نب تبي فقر) 2082-2079 مونتوحوتب الأول (سعنخ اب تاوي) 2079-2061 مونتوحوتب الثاني (نب جت رع) 2061-2010 مونتوحوتب الثالث (سعنخ كارع) 2010-1998 سنوسرت (وآخرون) 1998-1993 منتوحوتب الرابع 1993-1991 الأسرة الثانية عشرة 1991-1778 امنمحات الأول (سحتب اب رع) 1991-1972 سنوسرت الأول (خبر كار رع) 1972-(عشر سنوات مع والده)-1928 امنمحات الثاني (نوب كارع) 1930-1895 سنوسرت الثاني (خع خبر رع) 1898-1879 سنوسرت الثالث (خع كا رع) 1879-1841 امنمحات الثالث (ني ماعط رع) 1848-1792 امنمحات الرابع (ماعط خرو رع) 1792-1782 سوبك نفرو (سوبك كا رع) 1782-1778 نحن هنا في المملكة الوسيطة. بدأت مع أمير من طيبة منتوحوتب الأول، مؤسّس السلالة 11. ولكن توحّدت المملكة وأعيد بناؤها مع أمنمحات الأول والثاني والثالث والرابع، وسنوسرت (سيوتري، من السلالة 12). هي الحقبة الأعلى في المملكة الوسيطة، بل في التاريخ المصريّ القديم. أسّس امنمحات الأول في لشت، قرب الفيوم، عاصمة ستبني حولها السلالةُ 12 أهرامها. وتجاه البدو الذين يُقلقون سيناء وأرض كنعان، شيّد امنمحات الأول أيضاً قلعة قوية، “حائط الامير” في وادي طوميلات. وفي الوقت نفسه استعاد استغلال المناجم في جنوب سيناء، وضمّ منطقة سرابيت الخادم. خلفه سنوسرت الأول فاهتمّ بشكل خاص بجيران مصر في الجنوب. وفي أيامه، كان “خبر سينوهي” الذي كان في آسية قبل أن يقيم في قبيلة بدويّة في فلسطين. هذا الخبر المليء بالألوان، قد دوّن بلا شكّ في عهد أحد خلفاء سنوسرت الأول : إمّا امنمحات الثاني (1929-1895) وإما سنوسرت الثاني (1897-1878) اللذين ارتبطا بعلاقات دبلوماسيّة مع ملوك آسية. فالتماثيل المصرية التي أهديت في عصرهما إلى هيكلي اوغاريت و قطنه، تدلّ على سعة نفوذ السلالة 12 في سورية. بالإضافة إلى ذلك، اعتاد الاسيويون المجيء بقطعانهم إلى الدلتا في أوقات الجفاف. فكان مدفن مائير الذي يعود إلى حكم امينمحات الثاني، والذي يحمل صورة احدى القطعان مع عبارة “بقر الاسيويين”. وهناك رسم بني حسن الذي يعود إلى حكم سنوسرت الثاني ويصوّر الشيخ أبيشا مع عشيرته وقطيعه (حشو، 3). وفي عهد سينوسرت الثالث (1878-1843) تكاثرت الوثائق. فمع أن هذا الفرعون اهتمّ بالنوبة، فقد قام شخصيًا بحملة قصيرة إلى فلسطين انتهت بالاستيلاء على شكيم. وكشفت حفريات مجدّو ختم “كاتب يحسب القطعان” وتمثال الملك تحوتحوتب الذي عاصر سينوسرت الثالث. فمدفن هذا الملك في دير البرشا يتضمّن صورة عن وصول القطيع إلى فلسطين. وصاحب الكلام الذي يرافق المشهد يتوجّه مباشرة إلى حيوانات القطيع : “سرتم عبر الرمال. والآن تسيرون على العشب”. سيطر تأثير مصر الحضاري والسياسي على كل ساحل فلسطين وفينيقية. وفي جبيل التي ارتبطت في القرن 20 بملك أور، كتب الاميران الاموريّان أبيشومو ويفع شومو أبي لقبيهما كأميري جبيل، وحملا في قبريهما ما يتعلّق بامنمحات الثالث (1842-1797) وامنمحات الرابع (1798-1790). ووُجد في بيروت تمثال صغير لأبي الهول وصدرية امنمحات الرابع. كل هذا يعكس الحضور المصريّ في تلك المنطقة. الأسرة الثالثة عشرة 1778-1625. عاصمتها طيبة. ملوكها : 60 نذكر منهم سوبك حوتب الأول (سخم رع، خوتاي امنمحات) امنمحات سنبف (سخم كارع) امنمحات (سحتب اب رع) امنمحات (سمنخ اب رع، اموني إينوتف) سوبك حوتب الثاني ابن منتوحوتب حور (اوا اب رع) امنمحات (سجف كا رع كاي) وجاف (خو تاوي رع) سنوسرت الرابع (سنفر اب رع) جنجر الأول (وسر كارع) سمنح كارع نفر كارع خنجر الثاني (ني خع ني ماعط رع) سوبك حوتب الثالث (سخم رع سواز تاري) نفر حوتب (خع سخم رع) سوبك حوتب الرابع (خع نفر رع) سوبك حوتب الخامس (خع حوتب رع) ايع اي (داح اب راع) ابي (مر نفر رع) دودي مس الأول (جد نفر رع حوالي 1675) الأسرة الرابعة عشرة عاصمتها سخا الملوك : 76. حكموا 184 سنة الأسرة الخامسة عشرة 1675-1567 الهكسوس ششي (مع اب رع) يعقوب هر (مر وسر رع) خيان (سا أوسر ان رع) ابيبي الاول أو ابوفيس (عا اوسر رع) ابيبي الثاني (عا قنن رع) خامودي (عا سح رع) الأسرة السادسة عشرة – الهكسوس الأسرة السابعة عشرة 1660 (؟)-1570 الأسرة الطيبيّة رع حوتب (سخم رع واح خاعو) اينوتف الخامس (سخم رع وب ماعط) اينوتف السادس (سخم رع حرو حر ماعط) سوبك ام ساف الثاني تحوتي مونتو حوتب الخامس نب اري ار اوت الاول (سو اج ان رع) نب اري ار اوت الثاني (نفر كارع) اينوتف السابع سقنزع (تاعا الاول – الأكبر) سقنزع (تاعا الثاني – الشجاع) بعد امنمحات (امينيميس) الرابع، انهارت مملكة آسية المصريّة انهيارًا سريعًا وصارت الآنية والتماثيل الصغيرة علامات سابقة للأخطار التي تهدّد المملكة الوسيطة. إنّ نصوص اللعنات هذه، هي كلام يوجّه ضد الملوك والقبائل، الذين خافوا من ثورتهم وعدائهم. ومنهم ملك ايبلا، شمشو يفوع ليم. وعدد كبير من المدن والقبائل الفلسطينيّة التي رفضت الخضوع، بل الحياد في علاقتها مع مصر. في تلك الحقبة عينها، ظهرت في مصر أسماء مع “ع ب ر” (عابيرو). “المعفّر”. هناك معفّر بعل، معفَّر رشف، معفَّر إيل. تدلّ هذه المعطيات على أنّ مصر دخلت في الحقبة الثانية المتوسّطة (1786-1570). ظلّ نفوذها ظاهرًا مع الملوك الأولين في الأسرة 13 (1786-1570). وهكذا تضمّن مدفن في ايبلا صولجان الفرعون حوتب رع “الاسيوي” الذي حكم سنة 1765. ووُجد في بعلبك حوالى سنة 1750 تمثال سوبك حوتب. وظلّ ينتين (عمو)، ملك جبيل، يعترف بسلطة نفر حوتب الأول (1740-1730). ولكن مصر لم يرد ذكرُها في أرشيف ماري الملكيّ، الذي يذكر نيتين عمو. ما استطاع الملوك الضعفاء في السلالة 13-14 أن يمنعوا القبائل الساميّة الآتية من آسية، من الإقامة في الدلتا، ثمّ في وادي النيل. هم الهكسوس الذين أسّسوا سلالتين غريبتين، 15 و16. وظلّت سلالة مصريّة مقيمة في طيبة (1650-1570). الأسرة الثامنة عشرة 1570-1304 احمس الاول (نب بحتي رع) 1570-1546 امنحوتب الاول (جسر كارع) 1546-1525 تحوتمس الاول (عا خبر كارع) 1525-1495 تحوتمس الثاني (عا خبر ان رع) 1495-1490 حتشبسوت (ماعط كارع) 1490-1469 تحوتمس الثالث (من خبر رع) 1490-1436 امنحوتب الثاني (عا خبرو رع) 1436-1411 تحوتمس الرابع (من خبرو رع) 1412-1397 امنحوتب الثالث (نب ماعط رع) 1397-1360 امنحوتب الرابع – أخناتون (نفر خبرو رع) 1370-1349 سمنخ كارع (عنخ خبرو رع) 1351-1348 توت عنخ امون (نب خبرو رع) 1348-1337 آي (خبر خبرو رع) 1337-1334 حور محب (جسر خبرو رع) 1334-1304 مع السلالة 18، تمّ طرد الهكسوس على يد أموسيس (أحمس) الأول (1570-1546) الذي هو مؤسّس السلالة 18 (1570-1293) والمملكة الحديثة، التي امتدّت سحابة خمسة قرون، وتركت وراءها عددًا من الابنية والمصادر المكتوبة. وضع أموسيس وخلفه امينوفيس الأول (امنحوتب) (1551-1524) خلال خمسين سنة، أسُس دولة نرى قوّتها وغناها في المباني الضخمة في طيبة. هذه المدينة، مدينة أمون، إله مصر العظيم، صارت عاصمة المملكة. وحكمَ تحوتمس الأول (1524-1518) وتحوتمس الثاني (1518-1504) مملكة وُلدت من جديد، فانطلقا في سياسة توسّعية، ومدّا حدود المملكة حتى الفرات الذي اجتازه تحوتمس الأول في نهاية عهده ليسحق فجأة ملك ميتاني. بعد أزمة السلالة التي حرّكتها حتشبسوت (1498-1483) خالة تحوتمس الثالث (1504-1450) وزوجته، استعاد الملك سياسة أسلافه. فواجه حلفًا مؤلفًا من 330 ملكًا (أو أميرًا) كنعانيًّا وسوريًّا. شتّتهم في مجدو سنة 1483، واحتلّ المدينة بعد سبعة أشهر من الحصار. هذا الانتصار تبعه زيارة موفدين أشوريّين. وأمّن الهيمنة المصريّة على فلسطين. واتّسع استغلال المناجم في سرابيت الخادم. وفي هذا الوقت، استعمل الساميّون العاملون في هذه المناجم، وللمرة الأولى، حروفًا متفرّعة من الهيروغليفيّة المصريّة : هي السينائيّة الأولى. وبين سنة 1480 وسنة 1465، كان تحوتمس الثالث يأتي كلّ سنة إلى فينيقية أو سورية، كما لدى البدو في النقب، الذين ظهر اسمهم (شرشو أو شوشو) للمرة الأولى في وثائق تعود إلى حكمه. والحدث الرئيسيّ الذي يفسّر هذه الحملات هو بداية عداء مباشر مع ملك ميتاني. سنة 1473، استولى الفرعون على قطنة، وحاصر حلب ثم كركميش، وعبر الفراتَ في قوارب نقلتها مركبات تجرّها البقر، ورأى المسلّة التي نصبها جدّه تحوتمس الأول شرقيّ كركميش، ثمّ مضى يسلب بعض مدن ميتاني. لم تضع هذه المغامرة حدًّا للحرب. غير أنّ الحثيّين (في أناتولية) والكاسيين (في بابلونية) أرسلوا هدايا إلى مخيَّم تحوتمس الثالث في “نيع” ( هيناع العبريّة، 2مل 18 :34). وهكذا كان تعادل في ميزان القوى. غير أنّ الملوك السوريّين والفلسطينيّين لم يقبلوا بالهيمنة المصريّة، فقام امينوفيس الثاني (1433-1419) بعدّة حملات يعاقب بها آسية، ولاسيّمَا ضد شوشو المقيمين في النقب، وضد قبيلة أخرى (س م ع ت) قورب اسمها من اسم قبيلة قينيّة هي قبيلة الشمعيّين (1أخ 2 :55). وأجبر تحوتمس الرابع (1419-1386) على فرض الهدوء في فلسطين الوسطى، فحاصر جازر وأخذها. ووصلت المملكة إلى الذروة في عهد امينوفيس الثالث (1386-1349) الذي ما احتاج إلى التدخّل تدخلاً حربيًّا في آسية، بعد أن خضع الجميع لمصر بمن فيهم ملك أوغاريت. ولكن بدأت تظهر أولى العلامات لتدهور الوضع. ولم يكن باستطاعة امينوفيس الرابع (1350-1334 أو اخناتون) أن يوقف الخطر الآتي، وهو المنشغل بالإصلاح الدينيّ وبناء مدينة أتون الجديدة في موقع تل العمارنة. إنّ الأرشيف الذي وُجد هناك يدلّ بشكل ملموس ودراماتيكيّ على تدهور سريع للمملكة في سورية وفلسطين، حيث تخلّت مصر عن الملوك الأمناء لمصر. ملك مع اخناتون سمنخ كارع (1336-1334). ثمّ جاء توت عنخ أمون (1334-1325)، وقائد عسكري شيح هو آي (1324-1321). كادت الكارثة تقع لولا حورمحب القوي، الذي استولى على الحكم بقوّة السلاح، وأعاد النظام في البلاد بعد أن اشتهر بانتصاراته في آسية. الأسرة التاسعة عشرة 1304-1195 رعمسيس الأول (من بحتي رع) 1304-1303 سيتي الأول (من ماعط رع) 1303-1290 رعمسيس الثاني (اوسر ماعط رع) 1290-1223 منفتاح امري ان بتاح (با ان رع) 1223-1211 امون مس سي (من مي رع) 1211-1207 سيتي الثاني (اوسر خبرو رع) 1207-1202 تاوسرت (سيت رع، مرت امون) سي بتاح (اخ ان رع، مري ان بتاح) 1202-1195 بدأت السلالة 19 (1293-1185) مع رعمسيس الأول (1293-1291) الذي خلف آي. ثمّ جاء سيتي الأول (1291-1279). وُجد نصب انتصار سيتي في بيت شان، فأنشد استعادة حدود المملكة في سورية وفلسطين، حتى حماة (نشو، 253-254). وظلّت مناجم سرابيت الخادم تُستغلّ في سيناء. وشرع المصريّون منذ عهد سيتي الأول أو خلفه رعمسيس الثاني (1279-1212) يستغلّون مناجم تمناع، شمالي إيلات. كانت هذه المنطقة على خطّ حربيّ وتجاريّ يمرّ في النقب الأوسط. ونشاط مناجم تمناع الفرعونيّة منذ بداية السلالة 19، يُفسّر لماذا ذُكر “شوشو” مرارًا في وثائق تلك الحقبة. فالمسألة الكبرى التي طُرحت على سيتي الأول ورعمسيس الثاني، هي التزام بين مصر والمملكة الحثيّة على سورية. استعاد رعمسيس الثاني الحرب التي بدأها سيتي الأول ضدّ الحثيّين، فكانت معركة حامية عند قادش على العاصي سنة 1275. لم تُحسم المعركة، فكانت معاهدة سلام بين رعمسيس الثاني و حتوسيلي الثالث، كرّست الوضع القائم في سورية. وحقبة السلام الطويلة التي نتجت عن هذه المعاهدة، أتاحت للفرعون بأن يهتمّ بالابنية في الكرنك والأقصر، وبأن يشيّد عاصمته في الدلتا الشرقيّة : في رعمسيس. ورث مرنفتاح (1212-1202) وضعًا صعبًا على حدود المملكة حيث تراخى السهر خلال السنوات الأخيرة من حكم والده. فواجه بقوّة، منذ اعتلائه العرش، هذا الوضع، فأعلن بافتخار على مسلّة نصبها سنة 1207 أنّه “اجتاح ليبيا وهدّأ حطّي، وسلب كنعان كلّها : أخذ عسقلان. استولى على جازر. صارت ينوعام كلا شيء. وأعدم اسرائيل بحيث زال نسله. وصارت حورو أرملة بسبب مصر”. مع هذا النصب، دخلت قبائل اسرائيل المقيمة في وسط فلسطين، في التاريخ. والمعركة التي جعلتهم أمام المركبات المصريّة، قد صوِّرت على جدار في هيكل أمون في الكرنك. وأحد المشاهد الأربعة التي تروي انتصار مرنفتاح، يقدّم النسخة المصريّة للمعاهدة التي عُقدت بين رعمسيس الثاني وحتوسيلي الثالث (نُسب النصر في هذه اللوحة إلى رعمسيس الثاني، وهذا خطأ). ونجد سقوط عسقلان (ذُكرت في الكتابة)، ومعركة المركبات المصريّة ضد اسرائيل في السهل، سقوط جازر وينوعام. حصل القتال ضد اسرائيل في سهل كنعان الساحليّ. ولكن بما أنّ الوقائع كذّبت أقوال مرنفتاح، نتساءل : أما انتهت هذه المعركة بغرق مركبات مصر في الوحول. هذا ما يشير إليه خر 15 :21 : “الخيل وفرسانها رماهم في البحر”. في هذه الفرضيّة، يصبح بحر القصب في خر 15، مصبّ يرقون. وهناك وثيقة أخرى تعود إلى زمن مرنفتاح، بردية أنستاسي 6 :54-56، وهي تتحدّث عن شوشو أدوم : “أنهينا من تمرير قبائل شوشو في حصن مرنفتاح حوتب هرماعط، الذي هو في جكو. حتى مستنقعات فيراتوم، لكي نبقي على حياتهم وحياة قطعانهم”. هذا النصّ من رسالة تعود إلى النصف الثاني من حزيران سنة 1204 ق.م.، لا تعطي اسم القبائل التي تتحدّث عنها. ولكننا نستطيع أن نفترض أن قبيلة “ي هـ و” كانت بينها، لأنّها هي التي أقامت في مصر حسب خر 3 :18؛ 5 :3 : “أطلقنا لنذهب مسيرة ثلاثة أيام في البريّة ونذبح ليهوه إلهنا”. إنّ الأسماء التي من أصل مصري في عشائر لاوي، مثل موسى، أشير، حفني، فشحور. فنحاس، فوتئيل، هرون، قد ثبَّتت هذا القول، لأنّ هذه العشائر (أو قلّة تقاليدهم) تعود إلى النقب حيث أقام شوشو الأدومي. ولكن يبقى أن نص بردية أنستاسي 6، تشير إلى تحرّكات انتجاع ولا علاقة لها بأحداث دراماتيكيّة حصلت في زمان رعمسيس الثالث، الملك الثاني في السلالة العشرين. فإن السلالة 19 قد انتهت سريعًا بعد موت مرنفتاح وحكم قصير لكلّ من “أمون محاسي” (1202-1199)، وسيتي الثاني (1199-1193) وسي بتاح (1193-1187) والملكة تاوسرت (1193-1185). الأسرة العشرون 1195-1080 سي نخت (اوسر خعو رع) 1195-1192 رعمسيس الثالث (اوسر ماعط رع، مري امون) 1192-1160 رعمسيس الرابع (حق ماعط رع) 1160-1154 رعمسيس الخامس (اوسر ماعط، رع سخيران رع) 1154-1150 رعمسيس السادس (نب ماعط رع) 1150-1145 رعمسيس السابع (اوسر ماعط رغ، اخ امون) 1145-1144 رعمسيس الثامن (اوسر ماعط رع، مري امون) 1144-1137 رعمسيس التاسع (نفركا رع) 1137-1118 رعمسيس العاشر (خبر ماعط رع) 1118-1110 رعمسيس الحادي عشر (من ماعط رع، ستب ان بتاح) 1110-1080 بعد فترة متوسطة امتدّت بضعة أشهر، أسّس سيت نخت السلالة 20 (1184-1070) التي كان رعمسيس الثالث (1182-1151) وحده الملك العظيم فيها. تغلّب على القبائل الليبيّة سنة 1178، وخلّص مصر من اجتياح شعوب البحر المدمّر. وجعل قسمًا منهم ( الفلسطيون) يقيمون في الساحل الجنوبيّ لكنعان. وبعد انتصارات جديدة على الليبيّين سنة 1172، تدخّل بجيشه في سيناء وفي كنعان. وبسبب الأهميّة الستراتيجيّة لطريق سيناء التي تقود إلى مناجم النحاس في تمناع، والتي ظلّت ناشطة حتى رعمسيس الخامس (1145-1141)، قام رعمسيس بضربة قاسية ضدّ شوشو المقيمين في جبل سعير الذين هدّدوا شغل المعادن في تمناع. وبردية هاريس 176 :9-11 التي دوّنت في زمن رعمسيس الرابع (1151-1140)، نسبت إلى رعمسيس الثالث خبر الحملة هذه على الأدوميّين في سعير : “دمّرتُ أهل سعير وسط قبائل شوشو، وسلبت خيامهم والرجال مع الأموال، وأخذت قطعانًا لا عدّ لها. قيّدتهم وأخذتهم سلبًا وجزية لمصر فاعطيتهم للتاسوعة ( الآلهة التسعة في هليوبوليس) عبيدًا في الهياكل”. بعض هؤلاء الشوشو جُعلوا في الجيش المصريّ. والبعض الآخر عمل في تشييد هيكل سيت في رعمسيس. والآخرون أقاموا غربيّ النيل في “فن شوشو” حيث كانوا، في أيام رعمسيس الخامس، في خدمة هيكل حاتور، أو في منطقة طيبة حيث سنجد بعضًا منهم في أيام رعمسيس التاسع (1126-1108) في خدمة هيكل أمون. بين هؤلاء الشوشو نبحث عن نواة أناس تركوا مصر بقيادة موسى، في نهاية حقبة الرعامسة (رج الخروج). شدّد رعمسيس الثالث قبضة مصر على مناطق في كنعان. وهذا ما تدلّ عليه آنية جازر و لاكيش، وعاج مجدو، وتمثال بيت شان، واوستراكة (تعود إلى سنة 1160) تل سرعة التي تبعد 20 كلم إلى الشمال الشرقيّ من بئر سبع. كلّ هذه الوثائق تحمل اسم الفرعون. إن الانتصارات التي حازها رعمسيس الثالث في كنعان وربّما في سورية، قد تخلّدت في نصوص ملحميّة طويلة، وفي جدرانيّات “مدينة خبو”. ولكن انحطاط المملكة بدأ يظهر. ورعمسيس الخامس (1145-1141) هو آخر ملك يُذكر اسمه في تمناع. وخلفُه رعمسيس السادس هو آخر ملك يظهر في مجدّو وفي سرابيت الخادم. وبعد حكم مع ابنيه رعمسيس السابع ورعمسيس الثامن (1134-1126) جاء حكم رعمسيس التاسع (1126-1108) الذي ظهر اسمه في جازر مع عبدة اسمها تاشوشو. هي آخر شوشو يُذكر في حقبة الرعامسة. في النصف الثاني من القرن 12، نرى شوشو الذين أجلوا سعير إلى مصر (على ما يبدو)، يعود نسلهم من أرض النيل إلى أرض الأجداد في سيناء والنقب حيث لم يعد من وجود للفراعنة. وانتهى نزاع السلالة 20 مع رعمسيس العاشر (1108-1098)، ومع رعمسيس الحادي عشر (1098-1070) الذي تفتّتت مملكته. الأسرة الحادية والعشرون 1085-950 سمندس (نسو بانب جدت) في تانيس حريحور في طيبة 1085-1054 بسوسينيس (باسبا ضع ان نيوت) في تانيس بينزم في طبيبة 1054-1009 امنحأوبت (في تانيس) 1009-1000 سي امون (في تانيس) 1000-984 بسوسينيس الثاني (في تانيس) 984-950 نحن هنا في الحقبة الثالثة المتوسطة. فقبل أن ينتهي رسميًّا حكم رعمسيس الحادي عشر، أسّس سمندس في ممفيس، وحريحور عظيم الكهنة، في طيبة، بيتين ملكيين، تقاسما مصر من سنة 1070 إلى سنة 945. أقام نسل سمندس في تانيس (صوعن) واحتفظوا بالشارات الملكيّة خلال هذه الحقبة كلّها. ولكن بوسينيس الثاني وآخر ملك في تانيس في السلالة 21، كان في الواقع كاهن طيبة. زاحه شيشنق الأول، القائد الليبيّ الذي أسّس السلالة 22، وشرّع استيلاءه على الحكم إذ زوّج ابنه اوسوركون بابنة بسوسينيس الثاني. دام ازدهار سلالة شيشانق قرنًا من الزمن. ثمّ بدأت فترة من الفوضى قسمت مصر مملكتين. ولكن وُلدت في السودان (في أرض كوش) قوّة ثالثة. الأسرة الثانية والعشرون 950-730 شاشنق الأول 950-929 اوسوركون الأول 929-893 تكلوت الأول 893-870 اوسوركون الثاني 870-847 شيشانق الثاني 847 شيشانق الثالث 823-772 بامو 772-767 شيشانق الرابع 767-730 الأسرة الثالثة والعشرون 817 (؟)-730 (تل بسطة) شيشانق الخامس 763 (؟)-757 (؟) اوسوركون الثالث 757 (؟)-748 (؟) تلكوت الثالث امون روو 748 (؟)-730 اوسوركون الرابع الأسرة الرابعة والعشرون 730-765 (صا الحجر) تف نخت 730-720 بكوريس (باك ان رنف) 720-715 الأسرة الخامسة والعشرون 751-516 الاسرة الكوشيّة بعنخي 751-716 شاباكا 716-701 شبتاكا 701-689 طهرقا 689-663 تانوت امون 663-656 إنّ سلالة ناباتا الأولى التي صارت السلالة المصريّة 25، قد بدأت مع بعنخي (746-716) مسيرة سياسيّة وحضاريّة، منطلقة من البلاط الفرعوني. إلاّ أنّ بقاء الأمارات الليبيّة حاضرة في الدلتا، والاستقلال النسبيّ لأمراء حانيس، ومجيء السلالة الرابعة والعشرين في سوء (سائيس)، كل هذا جمّد عمل الملوك الكوشيّين (أو الأحباش) وساعد الأشوريّين على تدمير دولتهم. جاء شاباكا بعد بخنعي، وخلفه شبتاكا (702-690) الذي انطلق سنة 701 لمساعدة أورشليم التي يحاصرها سنحاريب. إنّ حكم طهرقا وخلفه تانوت أمون (664-657) انشغلا بالحرب ضدّ الأشوريّين الذي اجتاحوا مصر بمساعدة جيوش الملوك تابعيها، ولاسيّمَا ملك يهوذا. سقطت ممفيس وطيبة. ولكن سلالة سائيس قامت على بساميتيك الأول (664-610) الذي دعا مرتزقة من إيونية وكارية، كما دعا لمساعدته جيجيس ملك ليدية. وهكذا طُردت الحاميات الأشوريّة من مصر، وعُزلت سلالة طيبة، وتصفّت آخر آثار الفوضى الليبيّة. الأسرة السادسة والعشرون 656-525 بساميتيك الأول 663-609 نكو 609-594 بساميتيك الثاني 594-588 ابريس (و ا ح ب ر ع) 588-568 احمس الثاني (اماسيس) 568-526 بساميتيك الثالث 526-525 حين أعاد بساميتيك الأول توحيد مصر، رفض أن يكون تابعًا لأشور بانيبال. ولكن الحاميات الأشوريّة (مع جيوش اسكوتيّين) ظلّت على حدود مصر دون أن تقلق ملك سائيس. فاستطاع أن يعيد للملكيّة الفرعونيّة بعض عظمتها، وللبلاد الأمان، وللحضارة المصريّة لمعانًا جديدًا. وصعد المادايون والكلدانيّون في بابلونية، فاجتاحوا أشورية. قلق الملكُ الشيخ، فأرسل سنة 610 ق.م. جيشًا مصريًّا وصل إلى كركميش وحاران، ليساند أشورية. وتابع ابنه نكو الثاني (610-595) السياسة عينها. ولكن هذا لم يمنع من دمار المملكة الأشوريّة التي قُسمت بين المادايين بقيادة أواكشترا والكلدانيّين (أو البابلونيّين) بقيادة نبوفلاسر ونبوخذ نصر الثاني. ورغم هزيمة كركميش سنة 605، حافظ نكو الثاني على بعض النفوذ في سورية وفينيقية. طلب الملوك الفينيقيّون عونه ضدّ التهديد البابلوني. ولكن نكو الثاني لم يستطع أن يمنع البابلونيّين من احتلال فينيقية وفلسطية بقيادة نبوخذ نصر الثاني (2مل 24 :7)، كما لم يمنع سقوط أورشليم سنة 597 ق.م. (2مل 24 :10-17؛ 2أخ 36 :6). ساند خلفُه بساميتيك الثاني (595-589) الحزب الموالي لمصر في أورشليم، وهذا ما دفع صدقيا إلى التمرّد على نبوخذ نصر الثاني (2مل 24 :20ب؛ 2أخ 36 :13). ولكن مات الفرعون قبل أن تحاصر الجيوش البابلونيّة أورشليم (2مل 25 :1؛ إر 39 :1). فما استطاع ابنه وخلفه واحب رع (خفرع في العبريّة، ابرياس في اليونانيّة) (589-568) أن يخلّص عاصمة يهوذا مع أنّه قام بهجوم ليحوّل أنظار العدو (إر 37 :5)، بناءً على طلب قائد الجيش اليهوذاويّ كونيا بن ألناتان الذي ذهب إلى مصر (اوستراكة لاكيش 3 :14-16). سقطت أورشليم سنة 587 ق.م. ولكن صور قاومت جيوش نبوخذ نصر الثاني 13 سنة، بعد أن جاءتها الإمدادات بالبحر. عندئذ حاول عدد من اليهوذاويّين اللجوء إلى مصر (إر 42-44)، فأقاموا في الدلتا الشرقيّة ولاسيّمَا في المجدل وتحفنحيس وممفيس، كما أقاموا في مصر العليا (فتروس)، في أسوان وجزيرة الفيلة. في جزيرة الفيلة أقامت مستوطنة يهوديّة تعود إلى زمن أماسيس (أو : أحمس) إن لم يكن خفرع، وحاولت أن تدافع عن مدخل النيل تجاه سلالة نفاتا الكوشيّة الثانية التي كانت تستعدّ للاستيلاء على مصر، رغم حملة 594 التي وصلت بجيش بساميتيك الثاني إلى قلب النوبة. حصل انقلاب على خفرع وقُتل سنة 538 (رج إر 44 :39)، واستولى أماسيس (568-526) على العرش. استفاد نبوخذ نصر من هذه الثورة الدمويّة، فهاجم مصر (رج إر 43 :8-13؛ 46 :13-26؛ حز 30). ولكن أماسيس تغلّب على المحنة فما تحقّقت أقوال النبيّين إرميا وحزقيال. وكان ابنه بساميتيك الثالث (526-525) أمام خصم آخر هو قمبيز، أخذ منه ملكَه وأعدمه الحياة بعد نصف سنة من الحكم. الأسرة السابعة والعشرون 525-404 قمبيز 525-522 دارا الاول (داريوس) 522-485 خشيارت (كركسس أو احشوويروش) 485-464 ارتحشات (ارتكسرسيس أو ارتحششتا) 464-424 دارا الثاني 424-404 الأسرة الثامنة والعشرون 404-358 امون خر (اميرتايوس) 404-398 الأسرة التاسعة والعشرون 398-378 نفرتيس الأول (نايف عوف رود) 398-392 هكر (اكوريس) 392-389 بي ساموت (بساموتيس) 380-379 نفريتس الثاني (نايف عاو رود) 379-378 الأسرة الثلاثون 378-341 نختنبو الأول (نخت نيف) 359-341 الغزو الفارسي الثاني 341-332 أرتحششتا الثالث “اوخوس” 341-338 ارسيس 338-335 دارا الثالث في مصر 335-332
مكدونية:
منطقة تقع شمالي اليونان. أقام فيها اليونان الذين ينتمون إلى الفرع الدوري. وحكمها ملوك تعاقبوا حسب قاعدة ثابتة. عمل فيلبس الثاني (359-336) على جعلها القوّة العظمى في اليونان (1مك 6 :2). قبل حملات الاسكندر، شجّع المكدونيون الثورة على الحكم الفارسي. صارت مركز الملكية الهلنستية للانطيغونيين (خلفاء الاسكندر)، فقدّمت عددًا من الجنود للمملكة السلوقيّة (2مل 8 :20). احتلّها الرومان بعد أن هزموا فرساوس سنة 168 ق.م. (1مك 8 :5). تنظّمت مكدونية في أربع جمهوريات مستقلة. وفي سنة 146 صارت مقاطعة. من سنة 27 ق.م. إلى سنة 15 ب.م. صارت محافظة شيوخية. من سنة 15 إلى سنة 44 ارتبطت بالامبراطور. ثم أعادها كلوديوس إلى مجلس الشيوخ. هي في الكتاب المقدس موطن الاسكندر الكبير وهامان (كما في النص اليوناني في اس (يو) 8 :22). لقد شارك 4000 مكدوني في الحرب على بابلونية (2مك 8 :20). هذه المقاطعة الرومانية (عاصمتها : تسالونيكي)، قد عرفها بولس خلال رحلته الرسولية الثانية وأسّس فيها كنائس ديناميكية (اع 16 :9-14؛ 18 :5؛ رج فل 4 :15). زارها خلال رحلته الرسوليّة الثالثة (اع 19 :21-22؛ 20 :1-6؛ رج 1كور 16 :5؛ 2كور 1 :16؛ 2 :13؛ 7 :15ي) ورحلته الرابعة (1تم 1 :3). شارك مسيحيو مكدونية مشاركة سخيّة في اللمة الكبيرة من أجل كنيسة اورشليم الفقيرة (رو 15 :26-27؛ 2كور 8 :1-15؛ 9 :1-4)، وفي حاجات بولس الشخصية (2كور 11 : 9). ملاحظة. قد تعني كتيم (1مك 1 :1؛ 8 :5) مكدونية. مدن مكدونية : رج امفيبوليس (اع 17 :1). ابولونية (اع 17 :1)، بيرية (اع 17 :10-14)، دوباريس (اع 20 :4 محل دربة في بعض المخطوطات)، نيابوليس (اع 16 :11)، فيلبي (اع 16 :12)، تسالونيكي (اع 17 :1-13). الملوك المذكورون : الاسكندر الكبير (1مك 6 :2)، فرساوس، فيلبس (1مك 8 :5). مكدونيون رافقوا بولس الرسول : ارسترخس (أع 19 :29)، غايوس (اع 19 :29). المقدوني او المكدوني. رج 1مك 1 :1؛ 6 :2؛ 2مك 8 :20؛ اع 16 :9؛ 19 :29).
ممفيس:
كذا في اليونانية. في العبرية : نوف أو موف. في الاكادية : ممفي (يه 1 :10). عاصمة مصر السفلى. تقع على الضفة الشمالية لنهر النيل وتبعد بضعة كلم عن القاهرة. هذه المدينة القديمة التي تعني في المصرية : “الجمال الدائم” (م ن. ن ف ر)، أسّسها مينيس باسم “الجدار الأبيض”، وأخذ التسمية من هرم بيبي الأول (سلالة 6) الموجود قرب سقارة. في الارامية والفينيقية هي “م ن ف” دون دغم النون كما في هو 9 :6 (م ف) وفي رسالة أرامية وُجدت في هرموبوليس (رسالة 2 :3). وكان لممفيس اسم آخر : “مدينة فتاح” إله المدينة. كان الاسم يُلفظ “نوفتاح”. رج في العبرية “ن ف ت ح” في تك 10 :13 (نفتوح) وفي 1أخ 1 :11 مع اسم النسبة : نفتوحيون. أما اللفظة الموجزة فهي “ن و ف” التي نجدها في إش 19 :13؛ إر 2 :16؛ 44 :1؛ 46 :14، 19؛ حز 30 :13. نجد اسم النسبة “ممفيس” في كتابة فينيقية في أبيدوس، على مثال نفتوحي. كان الاله الرئيسي في ممفيس فتاح، الذي عُبد منذ السلالة المصريّة الأولى. كان شفيع الصنَّاع وقد تماهى مع كوشر لدى السوريين والكنعانيين، ومع هيفايستوس لدى اليونان. هو خالق الكون بالعقل (القلب) والكلمة (اللسان). عُبد في المستوطنة الفينيقية في ممفيس. وما يدلّ على ذلك أسماء العلم : خادم فتاح. ابن فتاح. ووُجد فينيقيون بعيدًا عن ممفيس، مثل ذاك الذي وصل إلى ابيدوس وأعلن انه ممفيسي. لا نعرف متى بدأت هذه المستوطنة، ولكنها كانت موجودة في القرن 8 ق.م. في الحقبة الفارسيّة، عبد فتاحَ الاراميون الذين أقاموا في ممفيس أو مرّوا فيها. وما يدلّ على ذلك رسائلهم التي وُجدت في هرموبوليس. كانت ممفيس عاصمة مصر خلال المملكة القديمة. ولعبت دورًا هامًا في المملكة الوسيطة مع أن العاصمة الملكيّة قد انتقلت إلى الجنوب، إلى جوار لشت. في المملكة الحديثة صارت ممفيس مدينة فيها الجيش والعتاد، وأقام فيها وليُّ العهد. في القرن 13 انتقلت العاصمة إلى الشمال الشرقي حين أسّس رعمسيس الثاني في رعمسيس. ولكن كهنة ممفيس حافظوا على تأثيرهم الكبير، والمدينة ظلت مزدهرة وهي الواقعة على رأس الدلتا. أشار إليها هو 9 :6 كي يتلاعب على الكلام، فذكر الأهرام ومدينة الموتى الشهيرة. إلى هذا تشير لفظة “ك س ل ح ي م” (كسلوج) في تك 10 :14؛ 1أخ 1 :12 (كسلوح). وأظهر إش 19 :13 حذره من هؤلاء الملوك الصغار في مصر مفتّتة بعد أن أضعفتها الفوضى الليبيّة. وجعل إر 2 :16 العاصمة القديمة على قدم المساواة مع تحفنحيس (دفنه)، فلمّح إلى التدخّل المصريّ سنة 609-605. وذُكرت المدينة في إر 44 :1 بسبب اليهوذاويين الذين لجأوا إليها سنة 587. وفي إر 46 :14-19؛ حز 30 :13 بسبب تهديد نبوخذنصر الثاني لمصر سنة 568 ق.م.
ميرة:
مدينة في ليكية (اع 27 :5) في آسية الصغرى. تقع على شاطئ ميروس الذي سمّي مرفأه : اندرياكي. كان مركزًا تجاريًّا للقمح. توقّف فيه بولس خلال عودته من رحلته الرسوليّة الثالثة (أع 21 :1 : نص مختلف) وخلال نقله من قيصريّة إلى رومة. هي اليوم دمبري في تركيا.
ميليتس:
مرفأ في كارية على الشاطئ الغربيّ لآسية الصغرى، على بعد 20 كم إلى الجنوب من أفسس. حين عاد بولس من رحلته الرسوليّة الثالثة، دعا شيوخ كنيسة أفسس إلى ميليتس ووجّه إليهم خطبة هي وصيّته الروحيّة كراعٍ (اع 20 :15-38). في نهاية
No Result
View All Result
Discussion about this post