المحبة
القديس أفرام السرياني
مغبوط ذلك الإنسان الحاوي المحبة للـه، فإنه حاوي اللـه في ذاتهِ لأن اللـه محبه ومن يثبت في المحبة يثبت في اللـه، ومن له محبه يغلب كل شئ باللـه، لأن المحبة تطرح المخافة خارجاً، من حوى المحبة لا يرفض أحداً قط لا صغيراً ولا كبيراً، لا شريفاً ولا وضيعاً، لا فقيراً ولا موسراً، بل يصير موطئاً تحت الكل، يحتمل كافة العوارض، يصبر على سائر النوائب،
من له محبة لا يترفع علي أحد، لا يتشامخ ولا يغتاب أحداً، بل ويعرض عن الثلابين.
من له محبة لا يسلك بغش ولا يعرقل أخاه، من حوى المحبة لا يغار حسداً، ولا يحسد ولا ينافس، ولا يفرح بسقطة آخرين، ولا يشجب الخاطئ بل يحزن له ويعضده، لا يعرض عن أخيه في شدته بل يساعده ويموت معه، من فيه المحبة يعمل مشيئة اللـه وهو تلميذ له محق لأن سيدنا الصالح نفسه قال: بِهذا يعلم الكل أنكم تلاميذي إن أحببتم بعضكم بعضاً.
من فيه محبة لا يصنع لنفسه شيئاً ولا يقول أن له شئ يملكه خصوصاً لو كان سائر ما له مشاع للكل، من له محبة لا يحتسب أحداً غريباً بل يصنع الكل أهله وأنسباءه، من له محبة لا يغتاظ ولا يتشامخ ولا يتحرق غيظاً ولا يسر بالظلم، ولا يلبث في الكذب، لا يحتسب له عدواً إلا المحال وحده، من له محبة يصبر علي سائر المحن يتعطف يتمهل.
مغبوط إذاً المقتني المحبة فإن المسافر بِها إلى اللـه يعرف وليه ويقبله في حضنه، ويغتذي نظير الملائكة، ويتملك مع المسيح، بالمحبة ورد الإله الكلمة إلى الأرض وفتح لنا بِها الفردوس وأورى الكل الارتقاء إلى السماء كنا أعداء اللـه فصالحنا بِها، فبواجب قلنا : إن المحبة هي اللـه ومن يثبت في المحبة يثبت في اللـه.
Discussion about this post