عظة عن : مطالعة الكتاب المقدس
للقديس يوحنا الذهبي الفم
إن النبي العظيم داود لعلمه بالفائدة الجمة من مطالعة الكتب المقدسة، كان دائماً يصغي بكليته إليها و يتلذذ بالحديث عنها.
أما هو القائل : ” طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الكفرة، و في طريق الخطأة لم يجلس . لكن في ناموس الرب هواه و في ناموسه يهذ النهار و الليل، و يكون كالعود المغروس على مجاري المياه الذي يعطي ثمره في حينه وورقهُ لا ينتثر و كل ما يصنع ينجح (مز 1 : 1 – 30).
فوجود الشجرة على سواقي المياة يعطيها الري الدائم الواقي إياها من تقلبات الطقس، فلا تضرها أشعة الشمس المحرقة، و لا الهواء الجاف، لأن الرطوبة الكافية داخلها تلطف لها حرارة الشمس.
هكذا النفس الواقفة أمام ينابيع الكتابة الإلهية، تستقي منها الحياة، و تنعم بندى الروح القدس أيضاً، فلا خوف عليها من تقلبات الحياة المكدرة، و إذا تعرضت لمرض أو لو أو نميمة أو قدح أو استهزاء أو تهاون أو صبت عليها مصائب الدنيا فإنها تتغلب على الصعوبات كلها بسهولة، و تجد التعزية الكافية في مطالعة الكتب المقدسة.
و بالإجمال لا شيء كمطالعة الكتاب المقدس ، يعزي في الأحزان و الشدائد، لأن كل الأشياء فانية ووقتية. تزول التعزية بزوالها، أما مطالعة الكتب المقدسة فهي محادثة مع الله، و إذا كان الله تعزيتنا فأي شيء يستطيع أن يوقعنا في اليأس.
فلنطالع الكتاب المقدسة جيداً، لا في أثناء الصلاة عند وجودنا في الكنيسة فقط، بل عند الرجوع إلى البيت لنكون أمينين على أنفسنا، فليأخذ كل منا التوراة، و يفهم ما قيل فيها، هذا إذا أردنا الفائدة الدائمة الكافية من مطالعة الكتب المقدسة .
فإن الشجرة المغروسة على مجاري المياه، لا تتصل بالماء ساعتين أو ثلاثاً في النهار، بل إتصالها دائم ليلاً و نهاراً، و لذلك تزدان بالأوراق، و تعطي الثمار الجيدة في حينها، إن اليد البشرية لم تسقها، و لكهنا تمتص الرطوبة بواسطة جذورها و توزعها على أعضائها،
هكذا الإنسان المواظب على مطالعة الكتب المقدسة و الواقف عند ينابيعها ، يجيز لنفسه المنفعة العظيمة، و إن لم يكن لديه من يفسر له الأقوال الإلهية لأنه يشبه الشجرة التي تمتص الغذاء بواسطة جذورها.
فلنختم عظة أبينا القديس يوحنا الذهبي الفم الذي أنار عقولنا و عيون قلوبنا بأسم الأب و الأبن و الروح القدس الإله الواحد أمين.
No Result
View All Result
Discussion about this post