من أقوال القديس أبو فانا
سأل الأخوة القديس ذات مرة عن فائدة نسكه وأتعابه الأولى الكثيرة ، فأجابهم أن الجهاد في بداية الطريق والذى يكون بنشاط وغير ملل أو فتور من كثرة التعب فى الصوم والصلاة وخدمة المساكين وحياة العفة والطهارة هي أشبه بالخمير الذي يخمر العجين كله ، لأنها هي الأساس الذي يبنى عليه حياة الراهب ، وحينما سمع الأخوة هذا الكلام مضوا وهم فرحين وممتلئين بالتعزية في نفوسهم.
كان القديس يحث أولاده على أعمال المحبة ويقول لهم يجب علينا أن نعمل الحسنات فى الخفاء ( مت 6 : 2 – 4 ) لأن التظاهر بها يفقدها أجرها ، وإن عملناها في الخفاء نصنع لنا أصدقاء روحانيين وهم يكملون عملنا.
وفي الحديث مع الشيوخ كان تقييم القديس أبو فانا للذهد والنسك أنه أعلى من أعمال الرحمة التى كان يعملها أثناء حياته الأولى في تجوله وتوزيع الأموال على المحتاجين قبل أن يدخل حياة التوحد ، وذات مرة سأل الشيوخ أفرآم تلميذ القديس عن سبب تحول أبو فانا من خدمة توزيع الصدقات اٍلى حياة النسك ، فأجابهم أن القديس باستطاعته الآن وهو في حياة النسك والجهاد أن يطلب بركة الرب لهذا الجيل كله عن طريق يديه المرفوعتين فى الصلاة.
ومن وصاياه للرهبان على قهر الشهوات أنه قال لهم : ” حينما سأل التلاميذ السيد المسيح لماذا لم نقدر أن نخرج الشيطان الرديء ؟
أجابهم إن هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم ( مت 17 : 21 ) ” فعلينا أن نكثر من الصلاة والصوم ، وسأل الأخوة أبو فانا قائلين :” ياأبانا إنه عندنا قوم يكثرون الصلاة وهم لا يقدرون على إخراج الشياطين فأجابهم القديس “
هؤلاء لم يقدروا على اخراج الشياطين لأنهم لم يقهروا بعد جميع الشهوات الجسدية والنجاسات الشيطانية ولم يغلبوا الذات ،
لذلك يا أولادي علينا أن نتقدم نحن الرهبان فى حفظ قوانيننا ووصايانا ، وإن الراهب إذا نزل إلى العالم لقضاء أمر ، يجعل نفسه غريباً عن هذا العالم فلا يتأمل في شىء ولا يشتهي منه شىء ،ولا يتهاون أو يحل قانون صلاته أو صومه حتى لا يجد العدو الشرير سبيلاً يمسكه به ، فتعزى الرهبان بهذا الكلام ومضوا منتفعين بكلامه.
وتحدث القديس عن الطريق إلى الله فقال:
” إن الله خلق آدم ليس فيه شىء من الفساد وكان يحيا مع اٍمرأته فى الفردوس كأولاد الله نيراً بسيطاً مثل طفل بريء ، فكان يأكل من أشجار الجنة وكان يملأه نور الحياة اذ كان يسير فى طاعة الله ولم يدخل في قلبه خوف أو ألم وكانت بتوليته سبباً لحياته الأبدية وحينما عرف الشر وكسر الوصية الإلهية بعد أن غلبته الحية وقويت عليه وصار يعرف الخير والشر وانجذب إلى شهوته ، وفقد طهارته وهربت منه روح طفولته البريئة ، فإن رجع إلى طهارته الأولى فإن روح الله يحل فيه والرب يعيده إلى ملكوته، لأن الذين يسعون إلى الطهارة ويثبتون فيها يصلون إلى المكان الذى سمى مدينة الأبكار لأنهم لم يتنجسوا بأهواء الجسد لكنهم حفظوا طهارتهم ( رؤ 14: 4 ).
وفى تعاليمه عن الصلاة قال: ” إن الصلاة التي تخرج من العقل فقط تولد الكبرياء “.
ومن تعاليمه لأولاده أنه قال لهم : ” إن سيدنا قال لنا تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم ( مت 11: 29 ). ” إذن فالراحة في التواضع ، كن متواضعاً لأخيك من كل قلبك ويكون باطنك كما هو في الظاهر “.
ومن تعاليمه إن الذي ترضاه لنفسك هو الذي ترضاه لأخيك والذي تحبه لنفسك تحبه أيضا لأخيك .
Discussion about this post