عن الإيمان
القديس أفراهاط الحكيم الفارسي
بناء الإيمان
[يتكون الإيمان من أمور عديدة، ويبلغ إلى الكمال بأنواع كثيرة. إنه يشبه بناءً يُبنى بقطع كثيرة من الأعمال البارعة، يرتفع إلى القمة.
لتعلم يا عزيزي أن الحجارة تُوضع في أساسات المبنى، ويرتفع البناء كله فوق الحجارة حتى يتم. هكذا الحجر الرئيسي ربنا يسوع المسيح هو أساس كل إيماننا. عليه يتأسس الإيمان. عليه يقوم كل بنيان الإيمان حتى يكمل.
فالأساس هو بدء كل البناء… بنيانه لا يمكن أن تزعزعه الأمواج، ولا تؤذيه الرياح، ولا تسقطه العواصف، لأن البناء يُشيد على صخرة الحجر الحقيقي.
إن كنت قد دعوت المسيح الحجر، فهذا القول ليس من عندي، فقد سبق الأنبياء وتنبأوا عنه ودعوه “الحجر”[1].]
البناء الكامل
[لتسمع الآن عن البناء الذي يقوم على الحجر، والبناء الذي يُشيد على الحجر. فالإنسان أولاً يؤمن، وعندما يؤمن يحب، وعندما يحب يرجو، وعندما يرجو يتبرر، وعندما يتبرر يصير تامًا، وإذ يتم يكمل… عندئذ يصير بيتًا وهيكلاً مسكنًا للمسيح،
كقول إرميا النبي: “هيكل الرب، هيكل الرب، هيكل الرب هو، إن أصلحتهم إصلاحًا طرقكم وأعمالكم” (إر 7: 4-5).
مرة يقول بالنبي: “أسكن فيهم وأسير فيهم” (لا 26: 12، 1 كو 3: 16، 2 كو 6: 16). وقال الرسول الطوباوي: “أنتم هيكل الله، وروح المسيح يسكن فيكم” (راجع 1 كو 3: 16). أيضًا قال ربنا لتلاميذه: “أنتم فيٌ وأنا فيكم”. (يو 14: 20)[2]]
تهيئه بناء الإيمان لساكنه
[إذ يصير البيت مسكنًا، يبدأ الإنسان يهتم بأن يتعرف على متطلبات ذاك الذي يسكن البناء… فإن كان البيت خاليًا من كل الأمور الصالحة لا ينزل الملك فيه، ولا يسكن في وسطه. إنه يطلب أن يكون البيت فيه كل متطلبات الملك ولا ينقصه شيء.
فإن نقص شيء في البيت الذي ينزل فيه الملك يُسلم الحارس للموت، لأنه لم يُعِدْ الخدمة اللائقة بالملك. هكذا يليق بالإنسان الذي يصير بيتًا. نعم، إذ يصير مسكنًا للمسيح يليق به أن يكون حريصًا على ما يلزم لخدمة المسيح الذي يسكن فيه، وعلى ما يسُر به.
فإنه أولاً يقيم مبناه على حجر الإيمان كأساس. وعلى الإيمان يشيد كل البناء. فلكي يكون البيت عامرًا يتطلب هذا صومًا طاهرًا، وهذا يثبت بالإيمان.
توجد حاجة إلى الصلاة الطاهرة أيضًا، خلالها يٌقبل الإيمان. هذا يستلزم أيضًا الحب الذي ينشئه الإيمان. علاوة على هذا فالصدقة مطلوبة، والتي تقدم خلال الإيمان.
يحتاج أيضًا إلى التواضع الذي يزينه الإيمان. يختار أيضًا البتولية التي يحبها الإيمان. يربط نفسه بالقداسة التي تُغرس بالإيمان. يهتم أيضًا بالحكمة التي تطلب أيضًا بالإيمان. يشتاق أيضًا إلى الكرَمْ الذي يصير بالإيمان سخيًا.
يطلب البساطة من أجل (المسيح الساكن فيه) هذه التي تختلط بالإيمان. يطلب أيضًا الصبر الذي يكمل بالإيمان. ويقٌََدر طول الأناة التي يسألها بالإيمان.
يحب الحزن (الندامة) الذي يعلنه بالإيمان. يبحث أيضًا عن الطهارة التي يحفظها الإيمان.
كل هذه الأمور يطلبها الإيمان المؤسس على صخرة الحجر الحقيقي، أي المسيح. هذه الأعمال تُطلب من أجل المسيح الملك الساكن في البشر المبنيين بهذه الأعمال[3].]
[يتحدث الرسول عن الإيمان أنه مرتبط بالرجاء والمحبة، قال: هؤلاء الثلاثة يثبتون: الإيمان والرجاء والمحبة. وقد أظهر بخصوص الإيمان أنه يُوضع أولاً على أساس أكيد[4].]
رجال الإيمان
[هابيل، بإيمانه قُبلت تقدمته. وأخنوخ، بإيمانه سُر به، ونًزع من الموت. نوح، إذ آمن حُفظ من الطوفان. إبراهيم، بإيمانه نال بركة وحُسب له برًا. اسحق، بإيمانه صار محبوبًا. يعقوب، بإيمانه حُفظ.
يوسف، بإيمانه جُرب في مياه النضال، وخُلص من تجربته، وأقام الرب معه عهدًا، إذ قال داود: “جعله شهادة في يوسف” (مز 81: 5).
موسى أيضًا بإيمانه تمم أعمالاً قوية عجيبة. بإيمانه أهلك المصريين بعشرة ضربات. وبالإيمان شق البحر، وعبر بشعبه، بينما غرق المصريون في وسطه. بالإيمان طرح خشبة في المياه المرة فصارت حلوة. بالإيمان انزل منًا أشبع شعبه.
بالإيمان بسط يديه وهزم عماليق، كما كُتب: “كانت يداه ثابتتين في إيمان إلى غروب الشمس” (خر 17: 12 ترجمة بشيتو السريانية Pechito).
أيضًا بالإيمان صعد إلى جبل سيناء عندما صام مرتين أربعين يومًا. أيضًا بإيمان هزم سيحون وعوج ملكي العموريين[5].]
أعمال الإيمان العجيبة!
[لتقترب، أيها الحبيب، من الإيمان لأن قدراته كثيرة جدًا. الإيمان أصعد (أخنوخ) إلى السماء، وغلب الطوفان. جعل العاقر تنجب.
إنه نجىٌَ من السيف، وأصعد من الجب، أغنى الفقراء، وحلٌ الأسرى، وخلص المضطهدين، وأطفأ النار، وشق البحر، وزعزع الصخر، وأعطى العطاش ماءً للشرب، وأشبع الجياع. إنه أقام الموتى وأخرجهم من الجحيم، وهدٌأ الأمواج، وشفى المرضى.
قهر الأعداء وحطم الحصون. سدٌ أفواه الأسود، وأطفأ لهيب النار. أنزل المتكبرين وكرَّم المتواضعين. كل هذه الأعمال القديرة صنعها الإيمان[6].]
بنود الإيمان
[هذا إذن هو الإيمان… أن يؤمن الإنسان بالله، رب الجميع، خالق السماوات والأرض والبحار وكل ما فيها. خلق آدم على صورته، وأعطى الناموس لموسى، وأرسل روحه على الأنبياء، وبعد ذلك أرسل مسيحه إلى العالم.
أيضا يؤمن الإنسان بالقيامة من الأموات. علاوة على هذا يؤمن بسرّ العماد. هذا هو إيمان كنيسة الله[7].]
[1] Demonstrations, 1:2 (Of Faith).
[2] Demonstrations, 1:3 (Of Faith).
[3] Demonstrations, 1:4 (Of Faith).
[4] Demonstrations, 1:13 (Of Faith).
[5] Demonstrations, 1:14 (Of Faith).
[6] Demonstrations, 1:18 (Of Faith).
[7] Demonstrations, 1:19 (Of Faith).
Discussion about this post