الرغيف الأصغر
في أحد الأحياء الشعبية الفقيرة، قرر الخباز الغني تقديم المساعدة للفقراء الذين يعيشون بالحي المجاور. فجمع الأطفال حوله ووضع أمامهم سلة مليئة بالخبز، بأحجام مختلفة، وقال لهم:
– ليأخذ كل طفل رغيفا، وسوف أقدم لكم كل يوم مثل هذه الوجبة. فتراكض الأولاد والتقط كل منهم رغيفه، وتدافعوا ليأخذ كل منهم الرغيف الأكبر، بقي الطفل الصغير بولس، الطيب القلب جانباً. وعندما ذهب جميع الأولاد تقدم من السلة، فوجد رغيفاً صغيراً، كان هو الرغيف المتبقي، فحمله وتقدم من الخباز وشكره بخجل. ثم انطلق مسرعاً إلى منزله المتواضع وأعطى الرغيف لأمه، وكان هذا الأمر يتكرر كل يوم في الصباح. وذات يوم، وهو يتناول في البيت قطعة من الرغيف الصغير، سمع رنين قطعة ذهبية وقعت من الرغيف على الأرض. فما كان منه إلا أن حملها وعاد بها إلى الخباز قائلاً:
– انظر ماذا وجدت في هذا الرغيف، إنها لك. فابتسم الخباز وقال له:
– لقد وضعتها في الرغيف هدية لك لأنك دائماً تقبل بالرغيف الصغير، وألاحظ دائماً أنك لا تركض ولا تتزاحم مع أصحابك لتأخذ الرغيف الأفضل والأكبر، بل دائماً تترك الفرصة لغيرك. أنت نموذج نادر هذه الأيام، فالأطفال الأنانيون يكثر عددهم في هذا العالم ، وحب الذات يسيطر على الكثير من توجهات الناس، كباراً وصغاراً. فكل واحد يريد أن يملك كل شيء، ويحصل على أفضل شيء، وأن تكون الحصة الأكبر ملكاً له هو وحده، غير عابئ بغيره. أما أنت فلم تكن كذلك، لذلك وجدت من الضروري أن تكافأ على هذه الأخلاق الجيدة، هذا فضلاً عن أنك أنت الوحيد من بين هؤلاء الأطفال الذي رجعت إلي شاكراً، رغم أنك أخذت الرغيف الأصغر. عاد بولس إلى أمه سعيداً بتلك المكافأة، وقد أسعدها جدأ بأخلاقه وتصرفاته ذلك الخباز. فشكرت الرب من أجل ولدها، مصلية أن يبارك ابنها ليكون دائماً محباً للغير .
قارئي العزيز: ان التضحية من أجل الآخرين والتفكير بهم، وتقديم الشخص نفسه من اجل الغير، لهي فضائل يكافأ عليها الانسان بنعم وبركات لا تفي بالوصف كما يقول الكتاب:
– وادين بعضكم بعضا بالمحبة الأخوية، مقدمين بعضكم بعضا في الكرامة (روم ١٢ : ١٠)
Discussion about this post