كتاب امجاد مريم البتول
القديس ألفونس دي ليكوري
الفصل الثاني
في شرح ما يلاحظ هذه الكلمات وهي: يا حياتنا ولذتنا
وفيه ثلاثة أجزاء
† الجزء الأول †
في أن مريم البتول هي حياتنا، لأنها تستمد لنا غفران خطايانا
أنه لكي تفهم جيداً العلة التي من أجلها تجعلنا الكنيسة المقدسة، أن نسمي مريم العذراء حياتنا، فيلزم أن يعرف أنه كما أن النفس تعطي الحياة للجسد، فهكذا النعمة الإلهية تعطى الحياة للنفس. لأن النفس من دون النعمة الإلهية. نعم إنها تسمى حيةً، ولكنها بالحقيقة مائتةٌ هي، كما قيل في سفر الرؤيا (ص3ع1) لملاك كنيسة سرديس: أني أعرف أعمالك أن لك اسماً حي ولكن أنت ميت. فإذاً إذ تستمد مريم البتول للخطأة بواسطة شفاعاتها اكتساب نعمة الله، فبهذا النوع ترد لهم الحياة. فأسمع كيف أن الكنيسة تجعل مريم متكلمةً عن ذاتها. بتخصيصها لها الكلمات المقولة في العدد السابع عشر من الإصحاح الثامن من سفر الأمثال وهي: أن الذين يبتكرون إليَّ يجدونني: أي أن الذين يطلبوني باكراً يعني حالما يمكنهم فحقاً يجدونني. بل أن السبعين مترجماً قد وضعوا عوضاً من لفظة يجدونني هذه الكلمات وهي: يجدون نعمةً، ومن ثم أن الذين يلتجئون إلى مريم يحصلون على نعمة الله. ثم أنه في العدد الأخير من الإصحاح المذكور توجد مدونةً هذه الكلمات وهي: أن من يجدني يجد الحياة ويستقي الخلاص من الرب: فهنا القديس بوناونتورا يهتف عند تفسيره الكلمات المقدم ذكرها قائلاً: أسمعوا يا معشر الذين يشتهون الحصول على ملكوت الله. فكرموا مريم تجدوا الحياة والخلاص الأبدي*
والقديس برنردينوس السياني يقول (في الرأس8 عظة61 ممن المجلد الأول من تأليفه): إن الله إنما لم يرد أن يبيد الإنسان من الوجود بعد سقوطه بالخطيئة في عدن، لأجل الحب الخاص الذي كان يحب به هذه الابنة العتيدة: ثم بعد ذلك يقول هذه الألفاظ الأخرى وهي: أنني لا أرتاب في أن كل المراحم والغفرانات التي فاز بها الخطأة في زمن الناموس القديم، فالله قد منحهم إياها ملاحظةً لهذه البتول المباركة لا غير.*
فلهذا يحرضنا حسناً القديس برنردوس بقوله: إن كنا أضعنا نعمة الله نحن الأشقياء، فلنجتهد في أن نكتسبها ثانيةً بواسطة مريم: لأننا إن كنا أضعنا هذه النعمة فمريم قد وجدتها، ومن ثم كان القديس المذكور يسميها: واجدة النعمة: أو ظافرة بالنعمة. وهذه الصفة قد نعتها بها لتعزيتنا العظيمة القديس جبرائيل رئيس الملائكة بقوله لها: لا تخافي يا مريم فقد ظفرت بنعمةٍ من عند الله: (لوقا ص1ع30) ولكن لأمرٌ محقٌ هو أن مريم قط لم توجد خاليةً من نعمة الله. فكيف إذاً زعيم الملائكة جبرائيل يقول لها: قد وجدت نعمةً: أو ظفرت بنعمةٍ من عند الله: والحال أن من يجد شيئاً أو يظفر بشءٍ، فيلزم أن لا يكون هو قبلاً حاصلاً عليه. فالبتول القديسة قد كانت دائماً مع الله، وحاصلةً على الدوام في حال النعمة، بل ممتلئة منها، كما أعلن ذلك القديس جبرائيل رئيس الملائكة نفسه، حالما انتصب أمامها هاتفاً نحوها: أفرحي يا ممتلئةً نعمةً الرب معكِ: فإن كانت إذاً مريم لم تجد هذه النعمة أو تظفر بها لذاتها، لأنها وجدت دائماً ممتلئةً منها. فلمن وجدتها؟ فيجيب عن ذلك في تفسيره النص المتقدم ذكره الكردينال أوغون الجليل قائلاً: إن مريم قد وجدتها للخطأة الذين كانوا أضاعوها، فليسرع إذاً جرياً نحو مريم أولئك الخطأة الذين أضاعوا النعمة، لأنهم عندها من دون ريب يجدون هذه النعمة المفقودة منهم، وليقولوا لها هكذا: أيتها السيدة أن الشيء الضائع يلزم أن يرد لمن أضاعه. فهذه النعمة التي أنتِ وجدتيها ليست هي لكِ، لأنكِ أنتِ قط ما أضعتيها. فهي لنا لأننا نحن الذين أضعناها. ولهذا يلزمكِ أن ترديها لنا. ثم يستنتج من هذا الرأي ريكاردوس الذي من سان لورانسوس (في كتابه2 على العذراء) بقوله: فإن كنا إذاً نرغب أن نحصل على نعمة الله، فلنذهب نحو مريم التي قد وجدت هذه النعمة. ودائماً هي واجدتها: ولأنها قد كانت على الدوام، كما هي الآن ولم تزل سرمداً محبوبةً عزيزةً لدى الله، فإذا ما التجأنا اليها، فمن دون كل ريبٍ نحصل على النعمة: ثم مما جاء مدوناً عن هذه السيدة في العدد العاشر من الإصحاح الثامن والأخير من سفر نشيد الإنشاد المقدس وهو: أنا سورٌ وثدياي كبرجٍ. فكنت أنا في عينيه كواجدة سلامٍ: يتضح أن الله قد أقامها سوراً وملجأً لنا لأجل حمايتنا. وواسطة فيما بيننا نحن الخطأة وبينه تعالى للسلام، فسنداً على الكلمات المقدم ذكرها يشجع القديس برنردوس الخاطئ قائلاً له: أمضِ إلى أم الرحمة هذه، واكشف لها الجراحات الكائنة في نفسك من قبل خطاياك، وحينئذٍ هي بتأكيدٍ تتضرع إلى ابنها بأن يغفر لك إكراماً للحليب الذي أرضعته إياه من ثدييها، وابنها لحبه إياها العظيم يستجيب من كل بد تضرعها من أجلك: كما يتضح من عملية الكنيسة المقدسة التي تجعلنا أن نطلب من الله أن يمنحنا معونة شفاعة مريم ذات الاقتدار، لكي ننهض من أحداث خطايانا. وذلك بواسطة تلك الصلاة الاعتيادية وهي: امنح أيها الإله الرحوم عوناً لضعفنا، حتى نحن المحتفلين بتذكار القديسة والدة الإله، فبمعونة شفاعاتها نكون ناهضين من سقطات مآثمنا وقباحتنا.*
فإذاً بالصواب يسمي مريم البتول القديس لورانسوس يوستينياني: رجاء عمال الإثم. لأنها هي وحدها تلك التي تستمد لهم من الله غفران خطاياهم. وكذلك بكل لياقةٍ يدعوها القديس برنردوس: سلم الخطأة: لأن هذه الملكة الشفوقة. إذ تمد يدها إلى الأثمة المساكين الواقعين في حفرة الخطيئة، فتنتشلهم مصعدةً إياهم من هوة الإثم إلى الله كعلى سلمٍ. وهكذا بكل عدالةٍ يسميها القديس أوغوسطينوس: (في عظته18 على القديسين) “رجانا نحن الخطأة”. لأننا بوساطتها هي وحدها نترجى الصفح عن ذنوبنا كلها، وهذا نفسه يقوله القديس يوحنا فم الذهب أي: إن الخطأة بشفاعات مريم فقط يفوزون بالغفران من الله. ومن ثم بعد ذلك يحييها بالسلام عن لسان جميع الخطأة (في فرض عيد ميلادها) قائلاً: السلام عليكِ من الرب يا والدة الإله وأمنا، أيتها العرش السماوي حيث يجلس الله، فأنت هي السدة التي منها يوزع الرب أنعامه كلها، فتوسلي الى يسوع دائماً من أجلنا، لكي نستطيع بواسطة صلواتكِ أن نستمد الغفران في يوم المحاسبة، ونفوز بالمجد الطوباوي إلى الأبد.*
وأخيراً بالصواب تدعى مريم مطلع الصبح كما هو مدون عنها هكذا: من هي هذه المستشرقة كمطلع الصبح جميلة كالقمر منتخبة كالشمس: (نشيد الانشاد ص6ع9) أي نعم أنها هي الفجر الصباحي، لأن الحبر الأعظم أينوشانسيوس يقول (في عظته الثانية على صعودها): أنه من حيث أن الصباح هو نهاية الليل وبداية النهار، فبالصواب أن مريم البتول قد شبهت بالصبح، لأنها هي نهاية الرذائل وبداية الفضائل: فالمفعول عينه الذي صنعته مريم في العالم حين ميلادها تفعله في نفس كل إنسانٍ حين تتلد فيه العبادة نحوها، ولذلك يخاطبها القديس جرمانوس (في عظته الثالثة على نياحها) قائلاً: يا والدة الإله أن حمايتكِ ونصرتكِ هي عديمة الفناء، وشفاعتكِ هي الحيوة: وفي عظته المختصة بعيد وضع زنارها يقول: أن إسم مريم لمن يتلفظ به بحسن عبادةٍ وحبٍ هو علامة وجود الحياة. أو أنه من دون أبطاءٍ يحصل المتلفظ به على الحياة.*
فقد رتلت هي نفسها قائلةً: ها منذ الآن يعطيني الطوبى جميع الأجيال: (لوقا ص1ع48) فيقول نحوها القديس برنردوس. (في عظته المختصة بالعنصرة): أي نعم يا سيدتي لأجل ذلك يدعوكِ طوباوية البشر جميعهم. لأن عبيدكِ كلهم ينالون بواسطتكِ حياة النعمة والمجد الأبدي: (ويقول في خطبته على ميلادها) إن الخطأة بكِ يجدون الغفران، وأما الصديقون فيحصلون بكِ على نعمة الثبات، وبعد ذلك على الحياة السرمدية: (وهنا يتكلم المتعبد لها يرنردينوس البوسطي في عظته على ميلادها قائلاً): لا يقل رجاك أيها الخاطئ، حتى ولو أنك تكون ارتكبت أفعال الخطايا كلها. بل ألتجِ بطمأنينةٍ إلى هذه السيدة لأنك تجدها مملوءة اليدين من الرحمة… فمريم ترغب أن تصنع معك الخير وتهبك النعم. بأكثر وأفضل مما أنت ترغب وتشتهي أن تقتبل منها.*
ثم أن القديس أندراوس الأقريطشي يسمي مريم: طمأنينة الغفران الإلهي: وهذا يفهم به أنه حينما تلتجئ الخطأة إلى مريم لكي يتصالحوا مع الله، فالباري تعالى يعدهم بالغفران بنوعٍ أمينٍ كليّ الطمأنينة، ويعطيهم عربوناً لهذه الطمأنينة مريم نفسها، التي قد وهبناها عز وجل محاميةً عنا، ولأجل شفاعاتها يغفر الخطايا بقوة استحقاقات يسوع المسيح لأولئك الذين يستغيثون بها ويقصدون نصرتها. والقديسة بريجيتا قد عرفت من الملاك (في الرأس9) أن الأنبياء القديسين كانوا يتهللون عندما عرفوا أن الله لأجل تواضع مريم وطهارتها، كان مزمعاً أن يرتضي بمصالحة الخطأة، وبأن يتقبل في نعمته أولئك الذين كانوا أغاظوه.*
فلا ينبغي لكائنٍ من كان من الخطأة أن يخاف أصلاً، من أنه يمكن أن مريم تطرده خارجاً، إذا استدعاها لمعونته مستغيثاً برأفتها، كلا، لأنها هي أم الرحمة، وبحسب صفتها هذه ترغب خلاص الخطأة الأكثر شقاوةً. فيقول القديس برنردوس: إن مريم هي تلك السفينة التي كل من يحتمي فيها لا يدركه الغرق الأبدي: فداخل سفينة نوح قد خلصت من الطوفان البهائم والوحوش أيضاً. وهكذا ضمن حماية مريم وتحت ظل عنايتها تخلص الخطأة أيضاً. فالقديسة جالتروده قد شاهدت في الرؤيا يوماً ما مريم البتول مقتبلةً تحت أذيال برفيرها كثرةً من الوحوش الضارية، أسوداً، نمورةً، دبباً وغيرها، ثم لاحظت كيف أن مريم ليس فقط لم تكن تطرد من حولها تلك الوحوش، بل بالعكس كانت بأشفاقٍ وحنوٍ تجمعها وتلاطفها وتنعطف نحوها، ومن هذه الرؤيا قد عرفت القديسة أن الخطأة الأشد تعاسةً والأكثر إثماً، حينما يبادرون إلى حماية هذه الأم الرأوفة، فلا يقصون من أملهم مطرودين، بل يقبلون منها مخلصين من الموت الأبدي، فلنذهب إذاً وندخل ضمن هذه السفينة، ولنلتجِ تحت ذيل حماية مريم التي من المؤكد لا تطردنا، بل من دون ريبٍ تهتم في أمر خلاصنا*
*نموذج*
أن الأب بوفيوس يخبرنا فيما بين الأشياء الأخرى عن امرأة رديئة السيرة اسمها هيلانه. فهذه إذ أتفق لها يوماً ما بطريق الصدفة، أن تستمع في الكنيسة عظةً مختصةً بالوردية، فلما خرجت من المعبد الإلهي اشترت مسبحةً من مسابح الوردية، إلا أنها حملتها خفيةً كيلا يراها أحدٌ، ثم شرعت فيما بعد تمارس صلاة هذه المسبحة، ومع أنها كانت تتلوها من دون عواطف العبادة، فمع ذلك قد أفاضت البتول القديسة في قلبها عذوبةً وتعزيةً بهذا المقدار عظيمةً عندما كانت تصلي بها، حتى أنها ما عادت تعرف تهمل تلاوتها، وبذلك قد حصل عندها تكرهٌ ونفورٌ من سيرتها القبيحة، بنوع أنها لم تعد تحتمل توبيخ ضميرها الشديد، أو تجد راحةً لأفكارها القلقة. ومن ثم شعرت بنفسها منجذبةً باغتصابٍ إلى أن تمضي تعترف بخطاياها في منبر التوبة. كما فعلت حقاً بتوجعٍ وندامةٍ قلبيةٍ بهذا المقدار عظيمةٍ، حتى أن معلم اعترافها قد استوعب من ذلك انذهالاً، فبعد نهاية الاعتراف ذهبت أمام هيكل والدة الإله، لكي تقدم الشكر لمعينتها هذه المقتدرة، وهناك أكملت صلاة الوردية، فالأم الإلهية قد تنازلت لأن تخاطبها من تلك الأيقونة قائلةً لها: يكفيكِ يا هيلانه ما قد أغظتِ به الله لحد الآن، وما أهنتيني به، فمنذ هذا اليوم فصاعداً غيري سيرتكِ، وأنا سأهبكِ جانباً ليس بقليلٍ من أنعامي: فهيلانه الخاطئة المسكينة قد أمتلأت خجلاً وانذهالاً وأجابتها هاتفةً: أيتها البتول الكلية القداسة، إنني بالحقيقة قد عشت لحد هذا الوقت خاطئةً أثيمةً شقيةً دنسةً، ولكن أنتِ من حيث أنكِ قادرةٌ على كل ما تشائين، فعينيني لأني أهبكِ ذاتي بجملتها. وأريد أن أصرف ما بقي من حياتي في أعمال التوبة وفاءاً عن مآثمي. ثم خرجت من الكنيسة وبمعونة والدة الإله قد وزعت كل ما كانت تملكه على الفقراء والمحتاجين، وشرعت تمارس أفعال التوبة الأشد صرامةً. فأي نعم أن التجارب قد نهضت لمحاربتها ووثبت عليها بقوةٍ كلية. إلا أنها أي هيلانه لم تكن تغفل عن الالتجاء المتصل إلى معينة التائبين، وبذلك كانت دائماً تنتصر على أعدائها الجهنميين، وقد حصلت على إنعامٍ وافرةٍ فائقة الطبيعة، حتى أنها فازت بأوحيةٍ وجلياناتٍ سماوية وبروح النبوة أيضاً. وأخيراً قبل نياحها بأيامٍ وجيزة، قد أنذرتها والدة الإله مخبرةً إياها عن وقت خروجها من هذه الحياة. ولما جاءت الساعة قد حضرت إليها هذه الأم الإلهية عينها مع ابنها الحبيب لتعزيتها، وعند انفصالها من الجسد قد شوهدت نفسها بصورة حمامةٍ بيضاء جزيلة الجمال، قد تراقت متطايرةً إلى السماء لتمجد الله في السعادة الأبدية سرمداً.*
† صلاة †
هوذا أنني منطرحٌ على قدميكِ يا والدة إلهي. يا رجاي الوحيد أنا الخاطئ الشقي طالباً منكِ الرأفة. فأنتِ تدعين من الكنيسة كلها ومن المؤمنين أجمعين: ملجأ الخطأة: فإذاً أنتِ هي ملجأي ويخصكِ أن تخلصيني: فأنتِ تعلمين كم هي عظيمة رغبة ابنكِ أمر خلاصنا، وتعرفين يا والدة الإله الكلية الحلاوة مقدار ما يسر وحيدكِ المبارك بتخليصنا: (غوليالموس الباريسي) ومعلومٌ هو لديكِ كم قد احتمل يسوع لأجل خلاصي، فأنا أذكركِ يا أمي بألام حبيبكِ. وهي البرد الذي تكبده في مغارة بيت لحم، مشقة هربهِ إلى مصر، أتعابه، أعراقه، دمه الذي سفكه، أوجاع الموت التي احتملها أمام عينيكِ مقتولاً على الصليب، فأوضحي ذاتكِ أنكِ تحبين هذا الابن الإلهي. في الوقت الذي فيه أنا أتوسل اليكِ بأن تعينيني حباً به. أمددي يدكِ إليَّ أنا الواقع الملتمس منكِ الشفقة. فلو أني أكون قديساً لما كنت طلبت الرحمة، بل من حيث أني خاطٍ فأنا ملتجٍ إليكِ لكونكِ أم المراحم، فأنا أعلم أن قلبكِ الحنون يتعزى كثيراً بأعانة البائسين، حينما يمكنكِ أن تعينيهم إذ لا تجدينهم مصرين على آثامهم. فإذاً أبهجي اليوم قلبكِ الرؤوف وعزيني، لأنه توجد لكِ حجة لأن تخلصيني. إذ أني مسكينٌ مستحق جهنم، وتقدرين أن تساعديني، لأني لا أريد أن أكون مصراً على عمل الخطيئة. فأنا أضع ذاتي في يدكِ، فقولي لي ماذا يجب أن أصنع. واستمدي لي قوةً لأقدر أن أتمم ما ترسمينه عليَّ، في الوقت الذي فيه أنا أقصد أن أفعل كل ما يمكنني صنعه، لكي أرجع إلى حال النعمة الإلهية. فأنا أهرب محتمياً تحت كنف وقايتكِ، وابنكِ يسوع يريد أن التجئ اليكِ. حتى لأجل مجده ومجدكِ بحسب كونكِ أمه يسعفني للخلاص ليس فقط دمه المسفوك لهذه الغاية، بل معونة صلواتكِ أيضاً من أجلي لديه. فهو أرسلني إليكِ لكي تعينيني، وهوذا أنا أسرعت مستغيثاً بكِ. وواثقاً فيكِ برجاءٍ وطيدٍ، فأنتِ تطلبين متضرعةً من أجل الكثيرين. فصلي من أجلي أنا أيضاً ولو كلمةً واحدةً. قولي لله أنكِ تريدين أن تخلصيني. وحينئذٍ لا ريب في أنه تعالى يخلصني، فقولي له أني أنا خاصتكِ، وأكثر من هذا أنا لا أطلب منكِ.*
†
Discussion about this post