كتاب امجاد مريم البتول
القديس ألفونس دي ليكوري
المقالة الثالثة: في تقدمة العذراء إلى الهيكل
فيما يلاحظ عيد دخول القديسة والدة الإله إلى هيكل الرب في أورشليم، حيث قدمت هذه الفتاة الجليلة ذاتها لله بسرعةٍ وتأهبٍ خالٍ من كل أبطاءٍ. وبتقدمةٍ كاملةٍ كليةٍ من دون أن تبقي لذاتها شيئاً خاصاً بها.
*وفيه جزءان*
† الجزء الأول †
* في سرعة تقدمة مريم البتول ذاتها لله.*
أنه لم تكن وجدت قط ولن توجد أبداً تقدمةٌ ما صنعت أو عتيدةٌ أن تصنع لله تعالى من خليقةٍ ما بسيطةٍ، وقد قبلت منه عز وجل ووجدت لديه عظيمةً كاملةً. نظير التقدمة التي صنعتها الفتاة مريم العذراء في تمام السنة الثالثة من عمرها، بدخولها إلى هيكل الرب في أورشليم، لكي تقرب لديه جلت قدوسيته لا عجولاً أو محرقاتٍ، أم بخوراً، ولا ذهباً أو فضةً، بل ذاتها بجملتها ضحيةً كاملةً، مكرسةً له نفسها وجسدها وكل ما لها قرباناً أبدياً لتكريمه تقدس اسمه. وقد فهمت هي حسناً منذ ذاك الوقت إرادة الله وصوته الباطن الذي به دعاها لأن تخصص ذاتها بكليتها مكرسةً لحبه الإلهي، بتلك الكلمات المقولة منه تعالى نحوها: انهضي يا قرينتي، تعالي يا حمامتي، هلمي يا جميلتي: (نشيد ص2ع10) ولذلك قد أراد منها سيدها من ذاك الحين أن تنسى وطنها وأهلها وكل ما لها، لكي تتفرغ مهتمةً في أتمام واجبات حبه وصنيع مرضاته هو وحده. كما يخاطبها بفم نبيه داود قائلاً: اسمعي يا بنت وأنظري وأنصتي بأذنيكِ وانسي شعبكِ وبيت أبيكِ: (مزمور 45ع11) أما هي فباستعدادٍ حسنٍ وبطاعةٍ كاملةٍ وبسرعةٍ كليةٍ أطاعت صوت الله. فلنتأمل إذاً في هذا الجزء كم كانت مقبولةً لديه عز وجل التقدمة التي بها هذه البتول قربت ذاتها له وشكاً من دون إبطاء مطلقاً، تاركين للجزء الثاني التكلم عن كيفية هذه التقدمة الذاتية بجملتها من دون أن تبقي شيئاً مختصاً بها.*
فمريم منذ الدقيقة الأولى من حياتها قد تقدست في أحشاء والدتها (في البرهة الابتدائية من الحبل بها البريئ من دنس الخطيئة الأصلية) وقد حصلت منذ تلك الدقيقة على المعرفة الكاملة، لكي تبتدئ من ذلك الحين أن تكتسب الاستحقاقات، حسبما يعلم بهذا اللاهوتيون جملةً مع الأب سوارس القائل: أنه من حيث أن النوع الأكمل المستعمل من الله بتقديسه نفساً ما هو أنه تعالى يقدسها لأجل الاستحقاق الذاتي، كموجب تعايم القديس توما اللاهوتي. فهكذا يلزم أن يعتقد بأن مريم قد تقدست بهذا النوع: لأنه إن كانت هذه الموهبة وهذا الاختصاص قد أعطيا للملائكة ولآدم في حين خلقه. حسبما يبرهن المعلم الملائكي فبأبلغ من ذلك ينبغي لنا أن يعتقد أن الله قد وهبها نعماً أعظم وأجل مما وهبه لجميع مخلوقاته، لأجل أنه تنازل لأن يختارها أماً له بالجسد. كما يعلم القديس توما نفسه بقوله عنها: أنه لأجل أن المسيح أخذ منها الناسوت فقد وهبها أعظم نعمة، حتى أضحت ممتلئةً نعمةً. ويقول من ثم الأب سوارس أن مريم من قبيل كونها أماً فهي مستولية (على نوعٍ ما) على جميع المواهب المختصة بابنها. وكما أن يسوع المسيح لأجل اتحاده الأقنومي وقيامه بأقنوم الكلمة الأزلي قد كان له ملء النعم كلها ذاتياً، فهكذا لأجل سمو كون مريم والدة لله قد وجد حسناً وصواباً به تعالى، أنه يلتزم من قبل دينٍ طبيعيٍ بحسب كونه متأنساً منها، أن يمنحها نعمةً عظمى فائقةً على جميع النعم التي وهبها لملائكته ولقديسيه الآخرين.*
فإ؟ذاً مريم منذ بداية حياتها المقدسة في مستودع والدتها قد عرفت الله معرفةً هكذا ساميةً، حتى أنه لم يكن ممكناً للسانٍ ما أن يشرح بكفايةٍ، كم اتصل عقلها لأن ينفذ غائصاً فيه تعالى منذ الدقيقة الأولى التي فيها عرفته عز وجل: (حسبما قال الملاك للقديسة بريجيتا) فمن ثم منذ ذاك الوقت مريم قدمت ذاتها بجملتها لسيدها حينما حازت منه إشراق النور الأول الذي به أنار عقلها لمعرفته، وكرست نفسها وجسدها بكليتهما لحبه ولخدمته. (حسبما اتبع كلامه السابق ملاك الرب في خطابه مع القديسة بريجيتا بهذه الكلمات قائلاً): إن ملكتنا منذ ذاك الوقت قد اعتمدت حالاً على أن تضحي إرادتها لله، مع حبها له بجملته في مدة حياتها كلها، بنوع أنه لا يستطيع أحدٌ أن يدرك عظم الخضوع الذي به هي أخضعت إرادتها حينئذٍ لاقتبال كل تلك الأشياء الراجعة لمرضاته ومسرته عز وجل:*
ولكن حينما فهمت بعد ذلك هذه الفتاة البريئة من العيب، أن والديها القديس يواكيم والقديسة حنه قد كانا وعدا بنذرٍ خصوصي لله بأن يقدماها مكرسةً له تعالى، كما يبرهن عن ذلك علماء كثيرون بقولهم: أنهما قد وعدا الله بأنهما إذا نالا من كرمه ولداً ما فهما كانا يقدمانه مكرساً لخدمته عز وجل في هيكله بأورشليم، وهكذا إذ كانت عادةٌ جاريةٌ عند اليهود أن يضعوا بناتهم محصوناتٍ داخل القلالي الكائنة ضمن أروقة الهيكل الأورشليمي، لكي يتربين هناك تربيةً صالحةً، حسبما يحقق ذلك الكردينال بارونيوس، والمؤرخ نيكيفوروس، والعلامة جادانوس، والأب سوارس، جملةً مع يوسيفوس المؤرخ العبراني، ومع القديسين يوحنا الدمشقي، وجاورجيوس النيكوميدي، وأنسلموس، وأمبروسيوس، بل كما يظهر واضحاً من سفر المكابيين الثاني (ص3ع19) إذ يقال: أن العذارى الحبيسات أيضاً كن يجرين إلى حونيا وآخراتٍ إلى الحيطان وآخراتٍ كن ينظرن من الطاقات وجميعهن كن يتضرعن رافعات اليدين الى السماء، وذلك حينما جاء إلى أورشليم أيليودوروس أول وزراء سالوكيوس فيلوباطوره ملك سوريا بأمرٍ منه، لكي يأخذ من هيكل الرب خزنة المال المحفوظ فيه. فإذاً إذ عرفت العذراء المجيدة من والديها حقيقة نذرهما المقدم ذكره، فلما كان لها من العمر ثلاث سنواتٍ، كما يشهد القديسان جرمانوس وأبيفانيوس (القائل في عظته على مديحها أنها قربت لله في الهيكل في السنة الثالثة من حياتها) ففي هذا السن الذي فيه بأبلغ مما سواه يوجد الأطفال تعلقٌ كلي بوالديهم وأقربائهم، ويحتاجون فيه إلى السياسة والعناية الوافرة قد أرادت هي أن تكرس ذاتها لله باحتفالٍ مشتهر، بدخولها في هيكل الرب، الأمر الذي هي نفسها توسلت به إلى والديها في سرعة تتمتهما نذرهما السابق، وهنا كما يقول غريغوريوس نيصص: أن أمها القديس حنه لم تتأخر أصلاً عن أن تقودها إلى هيكل الرب وتقدمها لله:*
فالقديس يواكيم والقديسة حنه على هذه الصورة اعتمدا على أن يضحيا لله بسخاءٍ أعز ما كان لديهما، بل أخص أجزاء قلبيهما وأكرم ما وجد لهما في الأرض، أي طفلتهما المحبوبة منهما. ولذلك سافرا بها من مدينة الناصرة إلى مدينة أورشليم حامليها تارةً هو وتارةً هي على ذراعي كلٍ منهما، لأنها لم تكن تستطيع بعد على المشي مسافة ثمانين ميلاً، كما هي المسافة الكائنة فيما بين هاتين المدينتين. حسبما يحقق ذلك الذين يعرفون هذه الطريق، وقد رافقهما في هذه السفر البعض من أقربائها، إلا أن أجواقاً كثيرة من الملائكة كانوا صحبتهما (كقول القديس جاورجيوس النيكوميدي) يكرمون بكل احترام هذه الملكة المنطلقة إلى بيت الرب. كما جاء البيان عن ذلك في العدد الأول من الإصحاح السابع من سفر النشيد بهذه الكلمات وهي: ماذا ترى في السولامية إلا صفوف العساكر، ما أحسن خطواتكِ في أحذيتكِ يا بنت الرئيس: فهؤلاء الأجواق الملائكية كانوا يقولون نحوها (مرتلين كما كان من الواجب) ما أحسن خطواتكِ التي أنتِ تسيرين بها لكي تقدمي ذاتكِ لله، أيتها الابنة العظيمة لرئسنا السماوي والمحبوبة منه في الغاية، بل أنه كقول برنردينوس البوسطي: أن الباري تعالى نفسه في ذاك اليوم قد سر مع أهل بلاطه السماوي كفي عيدٍ مشاع. عند مشاهدته عروسته هذه مقدمةٍ له في هيكله الأرضي، لأنه عز وجل لم يكن قط شاهد فيما بين الأشخاص الذين كانوا يقدمون له ذواتهم أحداً. لا أكثر قداسةً منها، ولا محبوبةً لديه أشد حباً نظيرها: ولذلك كان القديس جرمانوس يقول نحوها هاتفاً: اذهبي يا ملكة العالم يا والدة الإلة مسرورةً، وأمضي فرحةً إلى بيت الرب. لتنتظري إتيان الروح القدس الذي يصيركِ أناً للكلمة الأزلي.*
فعندما بلغ هؤلاء كلهم إلى مدينة أورشليم كأهل بلاطٍ حول هذه الطفلة الملوكية، فهي من دون تأخيرٍ أخذت تقبل أيدي والديها جاثيةً. طالبةً منهما البركة، وحالاً دخلت هيكل الرب صاعدةً على الخمس عشرة درجةً التي كانت للهيكل (كما يقول أرياس مونتانوس نقلاً عن يوسيفوس المؤرخ اليهودي) من غير أن تلتفت ناظرةً إلى والديها وأقاربها، وبلغت أمام كاهن العلي زخريا (حسبما يشهد القديس جرمانوس) وحينئذٍ إذ أنها رفضت كل ما هو في العالم، وجميع ما يعد به تابعيه من الخيرات فكرست ذاتها لله خالقها ضحية حية.*
فالغراب حينما أرسل من سفينة نوح، انطلق ثم استقر فوق جيف الموتى يرتعي من اللحوم المنتنة، وبخلاف ذلك حينما أرسلت الحمامة من السفينة، فطارت وعادت إليها من دون أن تستقر في مكانٍ (سفر التكوين ص8ع1) فهكذا أن كثيرين قد أرسلوا من الله إلى هذا العالم، وهم بتعاسةٍ استقروا يرعون أنفسهم بخيراته الزائلة، إلا أن الحمامة السماوية مريم لم تكن على هذه الصورة، بل أنها قد عرفت جيداً أن رجانا الوحيد، وخيرنا المحض الفريد، وحبنا النقي الشديد، يلزم أن يكون في الله وحده. وقد فهمت حسناً أن العالم هو مملوءٌ من الأخطار، وأن ذاك الذي يهمل الدنيا بأكثر سرعةٍ، يكون معتوقاً حراً من إشراكها. فمن ثم رغبت هي حسناً أن تهرب منها منذ نعومة أظفارها، منفردةً حبيسةً في أمكنة هيكل الرب المقدس، حيث كان يمكنها بأفضل نوع أن تسمع صوت الله، وأن تحبه وتكرمه وتعبده. وبذلك قد صيرت ذاتها من بداية أعمالها مقبولةٌ لديه تعالى محبوبةً منه، حسبما تقول الكنيسة عن لسانها هكذا (في فرض اليوم الخامس من شهر آب): افرحوا معي يا جميع المحبين الرب، لأني منذ حداثتي قد أرضيت العلي الذي سر بي: ولهذا قد مثلت البتول المجيدة بالقمر، لأنه كما أن القمر يتمم مجرى دورانه بأكثر سرعةٍ من باقي الكواكب والأجرام السماوية، فكذلك مريم بأوفر سرعةٍ من جميع القديسين بلغت إلى قمة الكمال بتقدمتها ذاتها لله من دون إعاقةٍ، بل بسرعةٍ كلية منذ بداية حياتها.*
† الجزء الثاني †
* في أن مريم العذراء قدمت ذاتها لله تقدمةً كاملةً من دون أن تبقي لنفسها شيئاً ما خاصاً بها.*
فهذه الطفلة المجيدة قد كانت تعلم يقيناً، لحال استنارة عقلها بالنور السماوي، إن الله لا يقبل قلباً مقسوماً، بل يريد أن يكون القلب بجملته مكرساً لحبه، كحسب الوصية الموسومة منه تعالى على كلٍ من البشر بقوله: أن تحب الرب إلهك من كل نفسك ومن كل قوتك: فلذلك هي منذ الوقت الذي فيه أبتدأت أن تعيش، شرعت حالاً في أن تحبه عز وجل من كل قلبها، ومن كل قواها، وقد أوهبته ذاتها بجملتها. إلا أن نفسها الكلية القداسة كانت تنتظر بأشواقٍ مضطرمة. الزمن الذي فيه تكرس له ذاتها بالتمام والكمال حقيقةً وبطقسٍ خارجي احتفالي. ولهذا فلنتأمل بكم من الحب والخشوع والأنعطاف القلبي، مارست مريم أفعال عبادتها الأولى لله، حينما رأت ذاتها مغلوقاً عليها داخل حصن هيكل الرب المقدس، فقبل كل شيءٍ جثت على الأرض مقبلةً إياها، بحسبما هي أرض بيت الله، ثم سجدت لعظمته تعالى الغير المحدودة، وقدمت له الشكر على ما أنعم به عليها، بأنه عاجلاً قد أرتضى في أن يقبلها منذ طفولتها لتسكن في بيته، وهكذا قربت ذاتها كضحيةٍ وقربانٍ كاملٍ بجملتها، من دون أن تبقي لنفسها شيئاً ما خاصاً بها، بتقدمتها له كل قواها وجميع حواسها، وعقلها بتمامه، وقلبها بكليته، ونفسها بأجمعها، وجسدها كله، لأنها حينئذٍ، كما يقول العلماء، لكي ترضي الله بأفضل نوع قد صنعت نذر البتولية الدائمة، مكرسةً له جسدها الكلي الطهارة بحفظ العذرية مطلقاً، وكقول الأنبا روبارتوس: أن مريم العذراء كانت هي أول من صنع لله هذا النذر، وقد قربت لله ذاتها بجملتها من دون تحديد زمنٍ، كما يبرهن برنردينوس البوسطي. بل مطلقاً ودائماً، لأنها كانت معتقدةً على أن تخدم الرب في هيكله مدة حياتها كلها، أن يكن هذا موافقاً لمسرته تعالى، من دون أن تخرج أصلاً من ذلك المعبد الإلهي. فبكم من إمارات الحب والانعطاف والتعلق القلبي نحو الله كانت تقول كلمات العروسة الإلهية: إن حبيبي لي وأنا له: (نشيد ص2ع16) وكما يفسر ذلك الكردينال أوغون، بأن هذه البتول المجيدة كانت تقول نحو الرب: إنني قد جئت إلى ههنا لكي أرضيك أنتَ وحدكَ أيها السيد، ولكي أعطيكَ الكرامة الواجبة لكَ بقدر استطاعتي، فأنا أريد أن أحيى هنا بكليتي لكَ، وأموت من أجلكَ، فأقبل (أن يكن هذا مرضياً لكَ) تقدمتي هذه الدائمة، وقرباني أنا عبدتكَ الذليلة، وأعني على أن أتتم ذلك بأمانة:*
وهنا ينبغي لنا أن نتأمل كم كانت قداسة سيرة حياة مريم عظيمةً في بيت الرب، نظير الفجر الذي ينمو أشراقه حتى أن يبلغ إلى ضياء النهار، فمن تراه يمكنه أن يصف كيف كانت فضائلها تزداد يوماً فيوماً إشراقاً ونمواً، ويتلألأ جمال حبها، ونقاوة احتشامها، وعمق تواضعها، وصرامة صمتها، وشدة أماتتها، وعظم دعتها، وعذوبة وداعتها. فيقول القديس يوحنا الدمشقي: أن هذه الزيتونة الجميلة إذ أنغرست في أرض بيت الرب، وأسقيت من الروح القدس، فأضحت مسكناً للفضائل كلها: ويقول (في عظته على ميلادها): أن وجه هذه البتولة القديسة كان مملوءاً من الاحتشام، ونفسها مؤسسةً في التواضع، وكلماتها موعبةً عذوبةً ومحبةً صادرةً عن ترتيب باطن. ثم يبرهن عن كيف أنها قد أبعدت أفكارها عن جميع الأشياء الأرضية، معتنقةً كل الفضائل، فإذاً من حيث أنها مارست واجبات الكمال على هذه الصورة، فاستحقت بزمنٍ وجيزٍ أن تصير هيكلاً لائقاً بالله.*
وكذلك القديس أنسلموس يتكلم عن كيفية عيشة هذه الفتاة الجليلة في هيكل الرب قائلاً: أن مريم كانت هناك هادئةً عذبةً لطيفةً لينةً، قليلة التكلم، حافظة هندام أثوابها بالاحتشام. بعيدة مطلقاً عن الضحك، عادمة أن تقلق أو تضطرب من شيء، مواظبة على الصلوات بانعطاف كلي، مثابرةً على قراءة النصوص الإلهية، ممارسةً الأصوام ومجتهدة في إتقان كل الفضائل. ثم أن القديس أيرونيموس يورد عن سيرتها في الهيكل أشياء أخرى ذات تدقيقٍ أوفر بقوله: أن العذراء المجيدة كانت مرتبة حياتها في هيكل الرب على هذه الصورة، وهي أنها منذ الصباح إلى الساعة الثالثة كانت تداوم على الصلوات، ومن الساعة الثالثة إلى التاسعة كانت تباشر أعمالاً خدميةً بيديها، ومن الساعة التاسعة إلى ما بعد كانت تعود إلى ممارسة الصلوات، التي لم تكن تنتزح عنها إلا حينما كان ملاك الرب يأتيها بالطعام، حسب العادة، وكانت تجتهد في أن تكون هي الأولى في المجيء إلى صلاة السهرات الليلية، وفي حفظ الصيامات، وأن تكون هي الأوفر تدقيقاً في تكميل شريعة الله، والأشد تعمقاً في التواضع، والأكثر كمالاً في الفضائل كلها، ولم يكن أحدٌ قط يراها مغتاظةً مغمومةً محتدةً في الخلق، وكلماتها كافةً كانت موعبةً حلاوةً وعذوبةً، ولم يكن ينقص ذكر اسم الله من لسانها:*
ثم أن هذه القديسة والدة الإله المجيدة هي نفسها قد أوحت للطوباوية أليصابات الراهبة التي من قانون القديس بناديكتوس، في دير سكوناوجيا، بأنه حينما تركها في هيكل الرب أبواها، قد عزمت هي على أن تتخذ الله وحده أباً لها، مراتٍ مترادفةً كانت تفتكر في كيف يمكنها أن تجد ما به ترضيه تعالى وتسره بأفضل نوع، وقد اعتمدت على أن تكرس له عذريتها الدائمة، وبالا تمتلك شيئاً ما على الأرض، وأن تهب لله إرادتها بجملتها، وأنها فيما بين الوصايا الإلهية بنوع أخص كانت تكرر التأمل في تلك الوصية الآمرة بأن يحب الرب الإله من كل القلب. وأنها في ساعة نصف الليل كانت تمضي أمام هيكل الله مصليةً بتوسلاتٍ حارة لديه تعالى، في أن يمنحها أن تحفظ بالتمام وصاياه، وفي أن ترتضي بأن يصير أن تولد في العالم أم المسيح المخلص المنتظر. وكانت تتضرع لمراحمه في أن يحفظ لها عينيها إلى حينما تشاهد بهما أم المسيح، ولسانها لكي تمدحها به، ويديها ورجليها لكي تخدمها بها، وركبتيها لكي تسجد بهما لأبن الله الطفل الكائن في أحشائها حين حبلها به. غير أن البارة أليصابات عندما سمعت هذه الكلمات من العذراء المجيدة قالت لها: أفما كنتِ أيتها السيدة ممتلئةً نعمةً وفضائل: فأجابتها الطوباوية بقولها:” أعلمي أني كنت أعتد ذاتي الأكثر ذلاً وحقارةً، والعديمة الأستيهال بالكلية للنعمة الإلهية، ولذلك كنت ألتمس بإتضاعٍ منه عز وجل أن يهبني النعمة والفضيلة”. وأخيراً لكي نقتنع باحتياجنا المطلق جميعاً لأن نتوسل لله في أن يمنحنا النعم الضرورية لنا، قد أردفت قولها لها: أتظنين أنتِ يا إبنتي قد نلت أنا من الله النعم والفضائل من دون تعبٍ، فأعلمي أني لم أفز من الرب بنعمةٍ ما كمرغوبي من غير أتعابٍ عظيمة، وصلواتٍ متصلة، وأشواقٍ متقدة، ودموعٍ غزيرة، وإماتاتٍ شاقة.*
غير أنه بأبلغ من ذلك يجب أن يصير التأمل فيما أوحى به للقديسة بريجيتا عن الفضائل والرياضات والأعمال التقوية السامية التي مارستها مريم الطوباوية في مدة حداثتها، كما يظهر من كلماتها الآتي إيرادها التي قيلت للقديسة المذكورة وهي:” أن مريم البتول منذ طفولتها وجدت ممتلئةً من الروح القدس، وبحسبما كانت تنمو في العمر فبحسبه كانت النعمة تنمو فيها متزايدةً، ومنذ ذاك السن الطفولي قد وطدت هي عزمها على أن تحب الله من كل قلبها، بنوع أنه ما كان يصدر على الإطلاق، لا في أعمالها ولا في كلماتها شيء ما يمكن أن يغيظه تعالى، ولذلك قد احتقرت خيرات الأرض كلها ورذلتها، وكانت تعطي الفقراء الصدقة بمقدار استطاعتها، وفي مأكولها كانت بهذا المقدار قنوعةً، حتى أنها لم تكن تقتات سوى بتلك الأشياء البسيطة الضرورية التي لا بد منها لقيام الحياة، وإذ فهمت فيما بعد من تلاوتها الكتاب المقدس أن الإله القادر على كل شيءٍ نفسه، كان مزمعاً أن يظهر في العالم متجسداً مولوداً من بتولةٍ ليخلص العالم، فقد ألتهب قلبها مشتعلاً بنار الحب الإلهي، إتقاداً هذا حده، بنوع أنها لم تعد تشتهي شيئاً آخر أو تفتكر في موضوعٍ ما سوى في الله وحده، وفيه عز وجل كانت قائمةً لذتها وتعزيتها القصوى، وكانت تهرب من المخاطبات والأحاديث حتى مع والديها ذاتهما، لكيلا تفصلها مفاوضاتها مع البشر عن التفكر الدائم بالله، وكانت عواطفها ومرغوباتها وأشواقها مضطرمةً بزيادةٍ كلية نحو هذا الموضوع، وهو أن توجد هي في الحياة على الأرض، حينما كان مزمعاً أن يظهر في العالم المسيح المنتظر، ليمكنها أن تتعبد لتلك البتول العتيدة أن تلده من أحشائها، وتخدمها كجاريةٍ لها، لأجل أنها تكون استحقت أن تصير له تعالى أماً.*
فيا له من حبٍ هكذا متقدٍ في قلب الله نحو هذه الطفلة المثلثة قداستها حتى أنها عطفت قلب الكلمة الأزلي لأن يسبق الزمن المحدود منه لتجسده، وأن يأتي الى العالم قبل الزمان آخذاً منها جسداً، لأنها في الوقت الذي فيه لم تكن هي من عمق تواضعها تحتسب ذاتها أهلاً حتى ولا أن تصير جاريةً لوالدة الإله، ففيه عينه قد اختارها الله هي ذاتها أن تكون تلك الأم الإلهية التي منها يظهر المسيح. وهكذا بواسطة عرف فضائلها، وبقوة صلواتها المتقدرة قد اجتذبت أبن الله من السماء إلى مستودعها البتولي. ولذلك قد دعيت هذه العروسة الطاهرة من عروسها الإلهي يمامةً بقوله: صوت اليمامة قد سمع في أرضنا: (نشيد ص2ع12) وأنما لقبت هي منه عز وجل باليمامة ليس فقط من كونها نظير اليمامة قد أحبت دائماً الانفراد والتوحد، عائشةً في هذا العالم كأنها في القفر البعيد عن الناس، بل أيضاً، كما أن اليمامة تجول على الدوام طائرةً في الحقول والكروم مناغيةً بصوتٍ خشوعي كمترثية. فهكذا مريم كانت من دون أنقطاعٍ في هيكل الرب تتنهد مترثيةً وتندب متوجعةً حال شقاوة العالم الهالك بالخطيئة. وتلتمس من الله سرعة مجيء الفادي المنتظر قدومه مخلصاً للعالم. فبكم من الحراة والاتضاع كانت هي أمام هيكل الله تكرر بعواطف الحب التضرعات لديه تعالى، والتنهدات المستعملة قبلها من الأنبياء والقديسين، في التماس إرسال المخلص إلى العالم. كم من مرةٍ كانت تهتف نحو الرب قائلةً كلمات النبي أشعيا وهي: أرسل يا رب الحمل المسلط على الأرض من صخرة البرية الى جبل بنت صهيون: (ص16ع1): سحي نداءً أيتها السموات من فوق والغيوم فلتمطر الصديق: (ص45ع8): ليت السموات تنشق وتنزل يا رب: (ص64ع1).*
وبالإجمال أن هذه الفتاة الإلهية قد وجدت أمام الله موضوع مسرته ورضاه الكلي، عند مشاهدته إياها متراقيةً يوماً فيوماً على درج الكمال الأكثر سمواً، متجهةً نحو قمته العالية في الغاية نظير عامود دخان مؤلفاً من أطيب روائح الفضائل الزكية العرف. حسبما أشار عنها الروح القدس نفسه بهذه الكلمات وهي: من هذه الصاعدة من القفر كأنها غصن بخور من طيوبٍ ومرٍ وكندر ومن جميع ذرائر العطار: (نشيد ص3ع6) فيقول صفرونيوس: أن هذه الفتاة القديسة قد كانت بالحقيقة نظير البستان المختص بالله، المملوء من التنعمات، لأنه كان يوجد فيه جميع أنواع الزهور وطيب نشر الفضائل كلها. ويثبت ذلك القديس يوحنا فم الذهب قائلاً:” أن الله لأجل هذه العلة انتخب مريم أماً له بالجسد في الأرض، أي لأجل أنه تعالى لم يجد على الأرض بتولةً، لا أكثر منها قداسةً، ولا أسمى منها كمالاً، ولم يصادف محلاً أعظم لياقةً وأكثر أهلاً ليسكن فيه، من مستودعها البتولي الكلي الطهارة والقداسة”. ويؤيد ذلك القديس برنردوس بقوله: أنه لم يوجد على الأرض مكانٌ لسكنى الإله الكلمة. أوفر لياقةً وأكثر أهلاً من مستودع العذراء مريم الدائمة بتوليته. ويقول القديس أنطونينوس: أنه يازم أن تكون الطوباوية مريم البتول وجدت ممتلكةً درجاتٍ سامية جداً من الكمال، بنوع أنها فاقت بها متعاليةً سمواً على كمال جميع المخلوقات، حتى أنها لأجل ذلك انتخبت وتعينت أماً لله على الأرض.*
فإذاً بالنوع الذي به مريم المثلثة قداستها في سن ثلاث سنين من عمرها قدمت ذاتها لله في هيكله الناموسي من دون إبطاءٍ، ومن غير أن تبقي لذاتها شيئاً خاصاً بها. فبهذا النوع نحن اليوم ينبغي لنا أن نقدم ذواتنا أمام هذه السيدة عاجلاً، ومن دون انقسام قلوبنا، متوسلين إليها بأن تقدمنا هي نفسها لله الذي لا يأنف من أن يقبلنا، عندما يرانا مقدمين إليه بواسطتها وعن يدها، هي التي كانت الهيكل الحي للروح القدس، وموضوع تنعم الرب سيدها، والأم المنتخبة للكلمة الأزلي. وهكذا نحن نرجوا واثقين بهذه السيدة العظيمة والكلية الإحسان، في أنها تكافئ بحبٍ وافرٍ الكرامة والتعبد الذي يتقدم لها من عبيدها، كما يبان من النموذج الآتي إيراده.*
* نموذج *
أنه يقرأ في حياة الراهبة عبدة الأحد باراديسوس، المحررة من الأب أغناتيوس نيانته أحد آباء رهبنة القديس عبد الأحد، بأن هذه البتول البارة أي عبدة الأحد كانت مولودةً من والدين فقيرين من قرية تسمى باراديسوس بالقرب من مدينة فيورنسا، ومنذ نعومة أظفارها شرعت تخدم والدة الإله بتعبدها لها. فقد كانت تمارس الصوم في كل أيام السنة، أما نهار السبت فكانت تكريماً لهذه السيدة توزع على الفقراء ذاك القوت الموفر من أكلها. كما أنها يوم السبت نفسه كانت تجول في الحقول القريبة وفي كرم بيتهم أيضاً، وتجمع ما هو ممكن لديها من الزهور وتأتي بها مقدمةً إياها أمام أيقونة والدة الإله، المصورة حاملةً طفلها الإلهي على ذراعيها، الكائنة في بيتهم. فلننظر الآن بكم من حقائق الحب وزيادة المعروف قد كافتها الأم الإلهية عن عبادتها لها المشار إليها، فيوماً ما كانت واقفةً عبدة الأحد عند نافذة البيت (وكان لها حينئذٍ من العمر عشر سنوات) فشاهدت مجتازةً في الطريق امرأةً ساميةً في الجمال، ومعها طفلٌ مقاد منها بيده، وكانت باسطةً يدها وكذلك الطفل بهيئة طلب الصدقة، فالفتاة عبدة الأحد أسرعت لتأتي بالخبز لتعطيهما، ولكن حالاً من دون فتح باب البيت قد شاهدتهما داخلاً بالقرب منها، ورأت في يدي الطفل وفي رجليه وفي صدره جراحاتٍ. فمن ثم سألت هي تلك الامرأة قائلةً: من هو الذي جرح الطفل هذه الجراحات: فأجابتها أمه: أن الحب قد جرحه. فالفتاة إذ لاحظت في ذلك الطفل الجميل حقائق الاحتشام قد سألته أن كانت تلك الجراحات تسبب له وجعاً أم لا، أما هو فلم يرد عليها جواباً سوى أنه تبسم ضاحكاً باحتشام. وبما أن الثلاثة كانوا واقفين — أي الامرأة وطفلها وعبدة الأحد نفسها بالقرب من الأيقونة السابق ذكرها، فقالت الأمرأة للفتاة: أخبريني يا إبنتي ما الذي يحرككِ إلى أنكِ تتوجين هذه الأيقونة بالزهور: فأجابتها قائلةً: أن حبي لمريم العذراء ولابنها يسوع يحركني لذلك فسألتها أيضاً: وكم هو مقدار حبكِ هذا: فقالت لها: أني أحبهما بكل استطاعتي. فكررت عليها السؤال بقولها: وكم هي استطاعتكِ. فأجابتها: أنها هي مقدار ما تساعدني مريم وابنها. فحينئذٍ قالت لها الامرأة: داومي يا ابنتي على حبكِ لهما باتصالٍ، وهما يكافئانكِ عنه في الفردوس السماوي: ثم بعد ذلك قد شعرت الفتاة برائحةٍ عطرية كليه الزكاوة بما يفوق الوصف، كانت تنبعث من جراحات الطفل، ومن ثم سألت هي أمه بأية ماهية من المراهم كانت مدهونةً تلك الجراحات، وهل أنه يمكن أبتياع ذاك الدهن لتشتري هي منه، فأجابتها أمه. أي نعم أنه يشترى بواسطة الإيمان والأعمال: فحينئذٍ عبدة الأحد قدمت للطفل الخبز الذي كانت جاءت به إليهما، أما الامرأة فقالت لها: أن القوت الذي يستعمله ابني هذا أنما هو الحب، فقولي له أنكِ تحبين يسوع وبهذا يبتهج هو، فالطفل عند سماعه لفظة الحب بدأ يتهلل وتمسك بعبدة الأحد قائلاً لها: أخبريني كم تحبين يسوع: فأجابته بأنها تحبه كثيراً جداً حتى أنها نهاراً وليلاً دائماً تفتكر به، وأنها لم تكن تهتم في شيءٍ آخر سوى في أن ترضيه بقدر استطاعتها، فوقتئذٍ قال هو لها: جيداً تصنعين، فحبيه لأن المحبة له تعلمكِ ماذا ينبغي لكِ أن تفعليه لكي تسريه: ثم من حيث أن رائحة العطر الزكية كانت تنمو متزايدةً ونشرها كان يعبق بفيضانه من تلك الجراحات، فعبدة الأحد صرخت هاتفةً: أواه أن هذه الرائحة هي كافية لأن تجعلني أن أموت من شدة الحب، فإن كانت رائحة طفلٍ ما هكذا هي كلية العذوبة فما عساها أن تكون روائح الفردوس. إلا أن الحال قد تغيرت أمام الفتاة، لأنها شاهدت تلك الامرأة متشحةً بأثوابٍ ملوكية، ونورٌ أبهى من الشمس كان ينبعث من ابنها. ثم أخذ هو الزهور التي كانت موجودةً على أيقونته وأيقونة والدته. وكلل بها هامة عبدة الأحد، التي حينئذٍ عرفت أن تلك الامرأة هي مريم البتول الكلية القداسة. وذاك الطفل هو يسوع المخلص. ولهذا سجدت لهما في الأرض. ووقتئذٍ غابت عنها الرؤيا. فبعد ذلك هذه الفتاة هجرت العالم ودخلت في رهبنة القديس عبد الأحد. وعاشت بسيرةٍ فاضلة وماتت ميتةً مقدسةً سنة 1553.*
† صلاة †
أيتها الفتاة الجليلة مريم حبيبة الله العظيمة، ليتني أستطيع بالنوع الذي به أنتِ قدمتِ ذاتكِ لله في هيكله الأورشليمي وشكاً وبكليتكِ ضحيةً لمجده مكرسةً له بالحب، أن أقدم أنا لكِ في هذا اليوم سني حياتي الأولى ذات الصبوة، لكي أخصص ذاتي وأكرسها لخدمتكِ أيتها السيدة الكلية الحلاوة. ولكني لست قادراً على ذلك، إذ أنني أصرفت أنا الشقي سنين كثيرةً من حياتي في خدمة العالم، وفي مراعاة أهوائي ومرغوباتي الذاتية. وعلى نوع ما قد نسيتكِ ليس بأقل مما نسيت إلهي. فالويل للزمان الذي ما أحببتكِ فيه، إلا أنه لأفضل هو الابتداء متأخراً من أن لا يصير ابتداءٌ أصلاً. ومن ثم هوذا أني اليوم أقدم لكِ ذاتي أيتها الأم الإلهية مخصصاً إياها بجملتها لخدمتكِ في الحياة الباقية لي على الرض، أن تكن زمناً وجيزاً أو مستطيلاً، ونظيركِ أرفض الأشياء الأرضية كافةً، وأترك المخلوقات كلها، وأكرس ذاتي لعبادة الخالق بمفرده وأحبه وحده، فإذاً أنا أقدم لكِ أيتها الملكة عقلي لكي يفتكر دائماً في الحب الذي أنتِ تستحقينه، ولساني ليمدحكِ، وقلبي ليحبكِ. فأقبلي أيتها البتول الكلية القداسة التقدمة التي يقربها لكِ هذا الخاطئ البائس، بحق تلك التعزية التي شعرتِ بها حينما قدمت ذاتكِ لله في هيكله الأرضي. وإن كنت هكذا بدأت متأخراً في خدمتكِ، فعادلٌ هو أني أضاعف نحوكِ الحب والتعبد، لكي أعوض عن الزمان الماضي الضائع.
فعينيني أنتِ أيتها الأم الرحيمة بواسطة شفاعتكِ المقتدرة. مستمدةً لي من أبنكِ يسوع نعمة الثبات، والقوة في أن أكون أميناً في خدمتكِ إلى الموت. حتى إذا ما أحسنت تعبدي لكِ في هذه الحياة. يمكنني أن آتي إلى الفردوس السماوي لأمدحكِ
†إلى الأبد آمين†
†
No Result
View All Result
Discussion about this post