كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الثالث:
الفصل الثاني عشر
عن أن محبتنا يجب أن تتجه نحو السماء
بعد أن بارحت الأرض يايسوع مخلصي المحبوب كانت أفكار أمك القديسة ونظراتها ومحبتها وأشواقها متجهة بلا انقطاع نحو السماء. إنها كانت تحسد الملائكة والقديسين الذين أعطي لهم أن يتمتعوا بحضور حبيبها، وكانت تستحلفهم كي يقولوا لك كم كانت تذوب لغيابك.
وماذا كان يقدر العالم أن يقدم لها من المرضيات بدلاً عنك؟ عندما لا يحب الإنسان إلا يسوع فلا يجب أن يطلب إلا يسوع. إن الذي يجعل من نعمتك ومحبتك كنزاً له على الأرض لا يجد حزناً حقيقياً إلا حين يرى ذاته محروماً من عناقك الإلهي. لذلك ففي انتظار الموت الذي وحده يقدر أن يضع حداً لتعطشي إليك سأواصل على مثال مريم في بثك أشواق قلب متلهف إليك ويناجيك ويستثقل بعدك. من لي بأجنحة كأجنحة الحمامة فأحلق وأستريح بالقرب منك. هل عليَّ أن أنتظر بعد طويلاً حتى أنال هذا الحظ السعيد؟ وهل سيبطئ عريس نفسي من أن يقول لها، هوذا أتيت لأضع حداً لتعاساتك؟ آها، تقول العروس: هلم! وكذلك أشواقها وتنهداتها تقول بلا أنقطاع: آمين! هلم أيها الرب يسوع. قلبي يكلمك وأعيني تفتش عليك وأتشوق إلى نظراتك ملتمساً وجهك. إنني أشعر في نفسي بأنني قد خلقت لعمل عظيم.
ومع ذلك فأراني أزحف زحفاً على هذه الأرض! يايسوع: لقد خلقت لأجلك وحتى أقتنيك إلى الأبد. كل شيئ ينقص حيث تنقص أنت أيها الغنى الذي لا ينفذ. وكل شيئ يضحي ظلاماً حيث لست أنت أيها النور الأبدي. وإذا لا أتوصل إلى أن أقول بأنك كل شيئ لي فسأبقى دائماً فقيراً، حتى لوملكت يميني كافة المخلوقات. يسوع هوكل شيئ لي! هذه الكلمة تحصر كل شيئ وتعبر عن كل شيئ. ولا يفهمها إلا من أحب يسوع فوق كل شيئ. فلتبتعد عن قلبي إذاً كل محبة غير تلك التي تكون محبتك مبدأ لها. ألا يانعمة يسوع إلهي، أوقدي في ّ نار حبك المقدسة، ولتضرمني هذه النار وتفنيني. وإذا لا يعطي لي أن أراك عاجلاً يا يسوع خيري الوحيد فسأعوض عن ذلك نوعاً ما بحبي لك. وهذه المحبة التي تؤهلني إلى أن أثق بأمل الحصول عليك يوماً ستكون تسليتي طيلة منفاي.
No Result
View All Result
Discussion about this post