كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الرابع:
الفصل الثاني
عن أوجه الشبه بين يسوع ومريم
العبد
أيتها الأم القديسة: إنني لدى تأملي بولادتك وحياتك وموتك ومجدك في السماء أجد أوجه الشبه العديدة بينك وبين يسوع. لقد أتحدت بيسوع ابنك حسب مقررات العناية الإلهية التي اختارتك بنوع خاص منذ الأزل. الرب حازني منذ ابتداء طرقه تقول الحكمة الإلهية في الكتب المقدسة، وحين وضع أسس الكون كنت في مقاصده وفي نظره. هذه العبارات التي تخص يسوع يمكن تطبيقها عليك أنت أيضاً أيتها الأم القديسة. كل المواعيد والنبؤات والصور والرموز التي بشرت بمجئ المخلص قد بشرت بك أنت أيضاً. إن يسوع كان غير قابل للخطأ في حياته. وأنت التي نجوت بنعمة الرب من الخطيئة الأصلية كنت بريئة من أية خطيئة فعلية مهما كانت صغيرة وخفيفة. إن كلمة الآب أضحت نوعاً ما شيئاً واحداً معك حين حملته في أحشائك مدة تسعة أشهر. غذيته في طفوليته من عنصرك الذي كان يتحول إليه. وعشت معه مدة ثلاثين سنة أثناء حياتك الخفية، فضمكما عين السقف وعين الحالة ونفس النصيب وأشغلتكما عين الأشغال والعواطف، وشاركته أتعابه بقدر استطاعتك مدة حياتك العلنية، كما وقاسمته الذل والهوان في حياته المتألمة. يسع كان الأكثر تواضعاً ووداعة ومحبة واحتمالاً بين كل الرجال، وأنت كنت الأكثر احتمالاً ومحبة ووداعة وتواضعاً بين كل النساء، في يسوع اجتمعت كل الكمالات الإلهية غير المخلوقة، وفيك اجتمعت كل الكمالات المخلوقة بنوع سام حتى إن كل كمالات الملائكة والقديسين تتلاشى إزاء كمالاتك. لقد منحك يسوع أن تشابهيه بالفضائل السامية إلى درجة جعلتك صورة حية له. أضحيت مثله غير قابلة للفساد في القبر. هو قام بقدرته الخاصة وأنت قمت بامتياز خاص منه. هو صعد إلى السماء وأنت نقلت إليها. هو جلس عن يمين الآب وأنت جلست بالقرب منه. يسوع كلي القدرة بذاته وأنت كلية القدرة بواسطة ابنك الذي أقامك موزعة لنعمه.
هورب السماوات والأرض وأنت ملكة الملائكة والبشر. حيث يسجد ليسوع هناك يقدم لك الإكرام. والقلب الذي يخصص ذاته ليسوع لابد وأن يتعبد بكليته لك. لا نجد معبداً يقام لمجده إلا ونجد لك فيه أثراً. إن شفاء المؤمنين الحقيقين لا تباعد بين اسم يسوع واسم مريم، والكنيسة تمزج غالباً مديحك بالمدائح والصلوات التي ترفعها ليسوع، وتحتفل بأسرار حياتك كما تحتفل بأسرار حياته أيضاً. يسوع هوملك الأجيال وينبوع النعم ومحامينا بالقرب من الآب، وهو أب المراحم وإله كل تعزية ونور العالم، ونحن لا نفتأ من أن ندعوك مع الكنيسة ملكة العالم وسلطانة السماء ومحاميتنا وأم النعم والرحمة ومعزية الحزانى والكوكب الذي يهدينا في وسط العواطف إلى ميناء السلام. فالشكر ليسوع أبداً ودائماً لأنه قد خولك كل المواهب والامتيازات التي كان جديراً بأبن مثله أن يخولها لأم مثلك. آها! أيتها الأم القديسة: إذا كانت تأملاتي هذه ممجدة لك فهي أيضاً أحلى شيئ على قلبي وعلى كل القلوب التي تحبك.
No Result
View All Result
Discussion about this post