كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الرابع:
الفصل الرابع
عن سعادة مار يوحنا الذي أعطاه يسوع مريم أماً السعادة التي هي نصيب كل مسيحي
العبد
يا أم المخلص: كم كانت عظيمة سعادة مار يوحنا حين اختاره يسوع ابنك المنازع كي يحل محله بالقرب منك! لقد أضحى ابناً لك وأضحيت أماً له. فبكل حق دعاه الإنجيل: التلميذ الذي كان يسوع يحبه. إن تعلقه بيسوع وثباته في إتباعه معك حتى الجلجة استحقا له هذا الامتياز الفريد. وهل كان في مقدور معلمه الإلهي المنازع أن يترك له وراثة أثمن من هذه؟ وبأي أحاسيس شكر أقتبل ذلك؟ إنه لم يهمل شيئاً ليجاوب على هذه النعمة التي خصه يسوع بها. فأحترمك مذعناً لرغباتك ومقدماً لك عنايته المتداومة. وما أعظم ما أظهرته له أنت من دلائل الجودة والحنو الوالدي! ففي كل ساعة كان يختبر كم كان سعيداً بإقتنائه إياك بالقرب منه. يا تلميذاً سعيداً ليسوع ويا ابناً سعيداً لعظم الأمهات حباً وأكثرهن قداسة، إنني مستعد لأشتري سعادتك هذه بثمن كل الشدائد، ومجدك بثمن كل ذل وهوان، وكنزك بقيمة كل أكاليل الأرض.
مريم
عندما مات يسوع حبيبي لم يعطني يوحنا فقط ابناً لي، وعندما صرخ من أعلى صليبه قائلاً: هذه أمك… هذا ابنك، قد قصدك أنت أيضاً يابني، وقصد كافة المسيحيين معك. لذا تراني أحمل لك في أحشائي عواطف حب هي أشبه بعواطف أم لأعز أولادها. جاوب إذاً كالتلميذ الحبيب على صفة بنوتك هذه بتعلقك بي، وأجهد ذاتك خاصة للحصول على حنو أمك ببرارة وقداسة حياة تليق بها.
العبد
إذا نسيتك يا أمي فلتنسيني يميني، وإذا لم أذكرك فليلتصق لساني بحنكي. يالشرفي أن تكون أم يسوع أمي. إنني لسعيد حقاً أن ترتضي بأن تقبليني في عداد أصغر أولادك! وحيث أن وجودك يدفعك إلى أن تتخذي لك بخصوصي صفة الأم، فهأنذا أقبل بكل ارتياح نفسي وعواطف الشكر الجزيل صفة الابن المطيع، وأعلن لك بأنني أفضل لقب ابن مريم على كل ألقاب الشرف التي يفتش عليها البشر. إنك أمي! فيا لعظم التبدل العظيم الذي يحدثه في هذا التبني السعيد! إنني أضحي بسببه مرعباً للجحيم ذاتها. لا أنكر بأنني قد أستحقيت أقسى العقوبات بسبب نكراني جميل ربي كل هذا الزمن الطويل، وأعترف بأنني لا أستحق منه تعالى غفراناً أو نعمة، ومع هذا فإني أرجوكل شيئ من مراحمه عز وجل حين أفكر أنك أمي! لقد أظهرت كونك أماً بنوالك لي نعمة العودة إلى خدمة ربي، هذه العودة التي أؤملها صادقة في! فتبلغ محبتك الذرى بنوالك لي نعمة الثبات. إن الحنو الوالدي يحمل الأم على الاحتفاظ بعواطف الشفقة الوالدية لابنها رغم استحقاقه ذلك، فأمنحي لذاتك هذه التسلية يا أمي مريم وهي أن تري في من الآن فصاعداً، بسبب تعلقي بأبنك يسوع وبك، ابناً أهلاً لعواطفك الوالدية.
No Result
View All Result
Discussion about this post