كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الرابع:
الفصل الثاني عشر
عن عواطف الثقة بمريم مدى الحياة
العبد
أيتها البتول القديسة: إن أعداء الخلاص يحتاطونني ويحاولون انتزاع نعمة الله وصداقته مني. حاميني ضد هجماتهم ونالي لي الغلبة عليهم. يا ابنة إله القوات: إذا شعر أعدائي بقدرتك فسيلوذون بالفرار من أمامي. يا أم من يأمر الرياح والعواصف: قولي له كلمة فقط بخصوصي فأجد السكينة والاطمئنان. ياعروس روح النور والقوة: علميني كيف أستخدم الوسائط الملائمة لقهر الأعداء المخفيين. أنني أرتمي بين أحضانك في وسط الاضطراب الذي أوجد فيه كما يرتمي الولد في أحضان أمه حين يداهمه الخوف. مهما كنت خاطئاً وتعيساً فيسوع يريد أن يعتبرني ابناً لك. لقد أزفت الساعة لتظهري بأنك تكنين لي عواطف أم. إنني أستمد منك هذه النعمة ليس محبة بي، لأنني لا أستحق عنايتك، بل محبة يسوع ابنك. إن الفقراء يقصدون الأغنياء في فاقتهم ويلتمسونهم فينالون منهم العطف، فيا ملكة السماء والأرض، هل يمكنك أن تهملي طلبه هذا المسكين المستمد إحسانك؟ وحين تستمدين لي نعمة عدم الوقوع في فخاخ عدو خلاصي التمسي لي كذلك بأن أبكي معاصي السابقة بمرارة قلبي لأنال الغفران عنها. نالي لي كذلك تنفيذ شوقي في ألا أحترم سيداً آخر غير يسوع، وحزناً قوياً على جرمي العظيم الذي اقترفته حين خدمت العالم عدو يسوع.
لا تنظري إلي بما أسوى وتسواه خطاياي بل بما صار لي من شأن وقيمة حين افتداني يسوع بثمن دمه الكريم. إنه تعالى شاء أن تكوني معاينة موت يسوع فوق الجلجلة حتى ترثي عواطفه نحو الخطأة فتستمدي لهم المراحم. وفي الوقت الذي فيه كان قلبك يشفق على يسوع المصلوب في وسط الهوان والآلام شاء هو أن يقيمك أماً لي حتى يشفق يوماً هذا القلب عينه عليّ في وسط تعاساتي واحتياجاتي. كم من الخطأة المتمتعين اليوم بالمجد السماوي قد كانت النيران الأبدية نصيبهم لو لم تتشفعي بهم! ألا استمدي لي نعمة التوبة التي نلتها لهم. لم يسمع قط بأنك رفضت طلب خاطئ اعترف بعظم معاصيه والتجأ إليك لنيل لغفران. يامريم: إنه لمجد عظيم لك أن يكون الله قد جعل بين يديك غفران هذا العدد العظيم من المعاصي. فالغفران الذي سأناله بشفاعتك سيساهم في أمر تمجيدك. أخيراً تنازلي أيتها البتول القديسة واستمدي لي نعمة الثبات في خوف الله وفي محبته. إذا لم يكن في وسع أعظم الفضائل أن تستحق ذلك فما عساه أن يكون مني أنا الضعيف وعدم الثبات بالذات؟! إن اسمك يامريم يغمرني ثقة بنوال أعظم دلائل محبته تعالى. ألا أذكري بأن حصولي على نعمة الموت في حال محبته تعالى وخوفه سيؤهل نفساً زائدة لدخول السماء كي تباركه تعالى وتمدحه وتحبه معك في الأبدية السعيدة.
No Result
View All Result
Discussion about this post