كتاب امجاد مريم البتول
† ملحق من المستخرج †
في سيرة حياة الطوباوي ألفونسوس ليكوري مؤلف هذا الكتاب
فأقول أنا الحقير في الميتروبوليتيين مكسيموس مظلوم رئيس أساقفة ميراليكيا. أنني ولئن كنت فيما مضى كتبت سيرة حياة المعظم في رعاة الكنيسة الطوباوي ألفونسوس ليكوري، مدوناً إياها في الفصل الأربعين من المجلد الخامس من تأليفي الذي لقبته: بكنز العباد الثمين في أخبار القديسين: وهو خمس مجلدات. ذإ أني بعد أن حررت في الثلاث المجلدات الأولى منه سير حياة جميع القديسين المدونة أسماؤهم في المينولوجيون، يوماً فيوماً على مدار السنة. ثم المجلد الرابع (ما عدا أخبار قديسين آخرين كثيرين شرقيين معظمين يحتفل بتذكاراتهم في السنكسار الروماني: الذي أستخرجته عن أصله تماماً إلى العربي: وكذلك في المينولوجيون اليوناني الأقدم من انشقاق الروم) قد سطرت أخبار جميع الاضطهادات التي تكبدتها بيعة الله في أربعة أجيالها الأولى. فقد كتبت في المجلد والخامس والأخير من المنصف المرقوم سير حياة أربعين قديساً من جهابزة قديسي الكنيسة اللاتينية المقدسة، الذين تلألأوا مثل الكواكب في أفق جلد هذه البيعة الجامعة. في مدة أجيالها الثمانية عشر. ومن ثم جعلت آخرهم في رتبة الزمن سيرة الطوباوي ألفونسوس المذكور، فمع ذلك رأيت ملائماً لمجد الله ولمديح عبده هذا الأمين، ولأفادة القريب، أن أحرر ههنا أيضاً بنوعٍ وجيز جداً أخص سيرة حياته على الأسلوب الآتي شرحه، واضعاً في الآخر صورته نفسها.*
فهذا البار قد ولد في 27 أيلول سنة 1696 بكراً من أبيه البطريق يوسف ليكوري السامي شرفه فيما بين عظماء مدينة نابولي. ومن أمه حنه كافاليري إحدى شريفات مدينة برينديسي. ومن حيث أن القديسين يعرف بعضهم بعضاً. فالطوباوي فرنسيس ده أيرونيموس اليسوعي إذ جاء إلى بيت هذا البطريق. وقدم إليه ألفونسوس الرضيع ليباركه، فهو تفرس فيه وتنبأ عنه بأنه كان عتيداً أن يصير أسقفاً، ويصنع أشياء عظيمةً مقدسةً في بيعة الله، وأنه يعيش لحد السنة التسعين من عمره. كما تحققت هذه النبؤة فيما بعد بالتمام. على أن ألفونسوس أظهر منذ طفوليته وحداثته تعلق قلبٍ كلي بعشق الفضائل. مجاوباً على حسن عناية أقربائه به. خاصةً والدته التي أقامت لإرشاده وتعليمه نسيبها الكاهن الجليل توما باغانوس أحد كهنة جمعية المصلى. فكان ألفونسوس منعكفاً على ممارسة العبادات، باغضاً الخطيئة العرضية فضلاً عن المميتة بغضاً كلياً، مثابراً على اقتبال الأسرار المقدسة أكثر من مرةٍ واحدةٍ في كل سبتٍ. متجنباً في أحاديثه كل ما لم يكن مختصاً بالله وبالفضيلة. محباً للصمت والانفراد ليتحد مع الله بالروح أشد اتحاداً، صائراً نموذجاً مقدساً لإخوته الأصغر منه، ولخدام العيلة، ولسائر الشبان قرناء جنسه بانذهال كل من كان يشاهده. مصرفاً الزمن الباقي له خارجاً عن أوقات درس العلوم (عند المعلمين المرتبين له من والده في داره عينها) في الصلوات وزيارة الكنائس، لا سيما المكرسة على اسم والدة الإله الكلية القداسة.*
وأما كم كانت جودة عقله عظيمةً، وحذاقة فهمه فريدةً، ونجاحه في العلوم البشرية والشرائع المدنية والفصاحة وعروض الشعر والموسيقى كلياً. فهذا يعرف من برهان حصوله في السنة السادسة عشرة من عمره. بفحص جمعية علماء مدنية نابولي وحكمهم، على خلعة ختام الدرس بنوعٍ أذهل الجميع. وبعد سنتين أخرتين اكتتب هو في جمعية العلماء المذكورة. التي إذ كان من عادة أفرادها، فيما بين الرياضات الروحية الأخرى، أن يخدموا المرضى. فهو في إتقان هذه الفضيلة أيضاً قد فاق على الجميع. ومع أنه نظراً الى طبعه قد كان حاراً مائلاً إلى سرعة الغضب، فمع ذلك قط لم يسلم ذاته لانفعال هذا الألم. كما أن عيشته في حال كبر مقام أهله بين عظماء الدهر، لم تصده عن التقدم يوماً فيوماً في كمال الفضائل السامية. حتى أن العبد الذي وضعه له أبوه خادماً خصوصياً، وكان هو أمَمِياً، فلأنذهاله من سيرة سيده هذا الشاب المقدسة قد آمن بالمسيح، واصطبغ وعاش بطهارةٍ، ومات بصلاحٍ.*
فلما بلغ ألفونسوس الى السنة 26 من عمره، قد اعتمد الاعتماد الأخير، بعد الامتحانات وأخذ رأي مرشده الروحي، على اعتناق الدعوة الأكليريكية، من دون أن تقدر على تغيير عزمه ممانعات والده الكلية. ومن ثم تنازل هو تنازلاً مدنياً شرعياً عن حق بكوريته (المرتبط معها ميراث كل غنى والديه الواسع) وفك خطبته مع عروسته الأميرة براسيكيو. ورفض آمال الوظائف الشريفة الملوكية المهيأة له. وتردى بالأثواب الكنائسية، وارتسم بالدرجات لحد الدياكونسية من الكردينال بينياتالي رئيس أساقفة نابولي. وحينئذٍ شرع في درس علم اللاهوت، والكتاب المقدس، وتأليفات الآباء القديسين اليونانيين واللاتينيين. مهتماً بنوعٍ خاص في البحث عن الطرائق التي بها كان يمكنه أن يجتذب الخطأة الى التوبة، ولذلك شرع يمارس الوعظ في الكنيسة. الأمر الذي اذ كانت مرافقته نموذجات فضائله السامية. فالأثمار الروحية التي حصل عليها شعب هذه المدينة المتقاطر لاستماعه كانت عظيمةً جداً. ولذلك الكردينال المذكور اذ رسمه كاهناً سنة 1726 وهي الثلاثون من عمره. قد أقامه بوظيفة مرشدٍ عام لعمل الرياضات الروحية للأكليروس. الذين بالامتحان قد اختبروا فيه بأنذهاشٍ، سمو العلم، وحرارة الغيرة، وعظم الفطنة، مع سائر صفات المرشدين الفريدة المقترنة مع سيرةٍ ملائكية، وعنايةٍ عادمة الملل. إلا أن أتعابه هذه الشديدة التي صدرت عنها فوائد فائقة الوصف للأكليروس والشعب، بارتداد الخطأة إلى طريق الرب، وبتمسك الكثيرين بالسيرة الروحية الفاضلة، حتى أن عددا ليس بقليل من البنات قد فسخن عهود الخطبات مع عرسانهن، ودخلن في أديرة الراهبات مكرساتٍ بتوليتهن لله، قد أوصلته إلى أن ينطرح مريضاً بخطرٍ مبين على فقد حياته.*
فلما برأ ألفونسوس من المرض، ومارس صحبة البعض من رفاقه آباء جمعية الرسالة الرسولية الرياضات الروحية لسكان مدينة سكالا، إجابةً لتوسلات راعيهم. فهناك اتضحت لديه إرادة الله، بواسطة إحدى راهبات دير المخلص الكائن في المدينة المذكورة، الشائعة الذكر وقتئذٍ بالقداسة، في أنه يؤسس جمعيةً قانونيةً، تكون غايتها الأخص العناية في تعليم واجبات الإيمان والديانة والسيرة المسيحية للفلاحين القاطنين في القرى والمزارع. الأمر الذي في الأول لم يقبله ألفونسوس لعمق تواضعه، ولاعترافه بذاته غير كفوءٍ له، إلا أنه أخيراً أعتمد عليه تبعاً لمشورة الأبوين الجليلين توما باغانوس ولودوفيكوس فيوريلو، وثقةً بمساعدة السيدين أسقفي كاستالاماره وسكالا. وهكذا أسس هو الجمعية المذكورة ملقباً إياها: بجمعية الفادي الكلي القداسة. التي بمقدار ما لحظ العدو الجهنمي عظم الخير العتيد أن يحصل للأنفس من قبلها، فبأكثر من ذلك حرك ضد البار مؤسسها الاضطهادات والممانعات، حتى من أبيه البطريق عينه، ومن الكردينال بينياتالي نفسه. ولكن الطوباوي قد انتصر بعناية الله على كل الموانع، والجميع أقتنعوا أخيراً ورجعوا عن مقاومته. ثم أبتدأ بهذا العمل المقدس سنة 1732 وهي 36 من عمره، وبعد أن حصل على كهنةٍ كثيرين علماء أفاضل غيورين قد دخلوا في هذه الجمعية. وصدرت عنها فوائد كلية، فالبابا بناديكتوس 14 قد أثبتها بسلطانه الرسولي في 25 شباط سنة 1749 بمديحٍ عظيم لمؤسسها. ومن ثم في أزمنةٍ غير مستطيلةٍ قد امتدت بأديرةٍ وأناطيش في بلادٍ كثيرةٍ من ممالك نابولي وسيسيليا وإيطاليا وجرمانيا.*
فقد كان هذا البار يطوف مع الآباء رفاقه لعمل الرسالة، تبعاً لتوسلات رؤساء الأماكن إليه من كل ناحيةٍ، مستخدماً لمركوبه في أسفاره جحش حقير. وكانت الشعوب تزدحم لاستماع مواعظه بالبكاء والنحيب مستوعبين خشوعاً من خطبه وإرشاداته وتعاليمه وقداسة سيرته المرافقة مراتٍ كثيرةً من جرائح فائقة الطبيعة. وكان بعد أتعابه وأعراقه الغزيرة في الوعظ ينحدر من المنبر إلى كرسي الاعتراف، مقتبلاً بكل بشاشةٍ جميع المتقاطرين ليعترفوا عنده بخطاياهم، وقط لم يكن يظهر تقنطاً من هؤلاء ولو أتوه في ساعة أغتدائه أو رقاده. وأما الأوقات الباقية لذاته خارجاً عن خدمة الرسالة، فكان يصرفها في تأليف الكتب، وفي رد الأجوبة على الرسائل العديدة التي كانت تأتيه من كل جهةٍ، في طلب المشورات وحل المشاكل، ليس من العلمانيين والكهنة فقط، بل من الأساقفة أيضاً، غير مسرفٍ من الزمن برهةً ما أصلاً، لأنه كان أبرز نذراً خصوصياً في أن لا يدع ذاته عاطلاً من العمل المختص بمجد الله وخير القريب ولا حصةً ما من الزمان. بل إنه لكي يصير آباء جمعيته بعيدين عن أدنى أملٍ بالمكافأة في هذا العالم، بالتقدم في المراتب والوظائف الكنائسية، ما عدا نذوراتهم البسيطة بالفقر والطاعة والعفة والكرازة، مع قسمٍ بالثبات في الجمعية حتى الموت. قد كان أضاف الى ذلك سنة 1742 هذا النذر أيضاً، وهو أنهم لا يقبلون درجةً، أم وظيفةً، أو مرتبةً ما خارجاً عن تلك المختصة بالجمعية عينها بعيشةٍ مشاعة.*
ثم أن كثرة اهتماماته وأتعابه لم تكن تميل عزمه عن أن يصرف ساعاتٍ بجملتها يومياً في الصلوات العقلية، وقد تبجن في مخيلته استحضار الله أمامه بهذا المقدار، حتى أنه احتراماً للحضرة الإلهية المسجود لها كان يمارس السجود له تعالى حين مشيه أيضاً، سائراً في الطرقات برأسٍ مكشوف، أو على الكثير مغطى بمنديلٍ في شدة البرد وهطل الأمطار، وبالإجمال يمكن القول عنه أنه عاش دائماً مصلياً ومتحداً بالله بعواطف الحب الشديد، حتى في أوقات أشغاله وخدمته الرسولية عينها. كما كان يظهر من رفعه عينيه بتكاثر إلى السماء، ومن تنهداته المقترنة بشهائب نار الحب الإلهي. ومن مخاطباته عن الله بحرارةٍ تؤثر في قلوب سامعيه مهما كانت باردةً. ولم يكن يسمح لذاته بالنوم سوى بخمس ساعاتٍ فقط من الأربعة والعشرين ساعةً، برقاده فوق كيسٍ معبأ تبناً مرصوصاً كالصخرة، مخبأة فيه بعض حجارة، وقط لم يكن يصطلي على النار في شدة البرد، بل لكي يقوم أصابع يديه المجلدة بعض الأحيان من الزمهرير ليقدر أن يكتب، فكان يدفئها بحديد محمى في النار. وأما أكله الاعتيادي فكان الخبز مع مرقةٍ مسلوقة بها حشائش مرة بهذا المقدار، حتى أن الذي كان يفضل عنه منها لم تكن تأكله لا الفقراء بل ولا الكلاب. من شدة المرارة. ثم كان يضيف الى ذلك بعض الأثمار من الفواكهة. ممتنعاً عن أكل اللحوم والأسماك. وفي أيام السبوت كان يصوم على الخبز والماء بأكلةٍ واحدةٍ فقط. وكان يشد كتفيه على اللحم بخيشٍ، وذراعيه بسلاسل رفيعةٍ، وحقويه بزنار حديد ذي أشواكٍ حادة. هذه ما عدا آلاتٍ أخرى مستعملة منه لتعذيب جسده. ومن جملة ذلك كان يجلد ذاته يومياً لحد أهراقه الدم (مداوماً على هذه الرياضة الى أن منع عنها بحتمٍ في زمن شيخوخته) وإذا اتفق بعض الأحيان أن ملابسه البيضاء تنصبغ بدمه المهرق من قبل الجلد فكان يدهن أمكنة الدم بكلسٍ مطفى لكيلا تشاهد من الغير، بل أنه مرةً ما قد جلد ذاته بقساوةٍ كلية لينجو من تجربة المجد الباطل المسببة له من مجيء الكردينال أورسيني إليه ليزوره، حتى أن أحد أعصاب فخده قد خمع بنوع أنه أستمر هو مدةً طويلةً يعرج في مشيه.*
فكارلوس الثالث سلطان نابولي قد أجتهد في أن يقيم هذا الطوباوي رئيس أساقفةٍ لمدينة سالارنو، إلا أنه لتواضعه رفض ذلك، وعرف أن يجد حججاً يعفي بها ذاته. غير أن الأمر لم يجر معه هذا المجرى حينما البابا أكليمنضوس 13 قد انتخبه أسقفاً لمدينة القديس أغاثي ده كوتي. إذ أن هذا الحبر الأعظم ليس فقط لم يقبل توسلاته بطلب الأعفاء، ولم يصغ إلى تضرعات آباء جمعيته (لا سيما حينما البار قد أنطرح مريضاً من شدة القلق الذي أستحوذ عليه من هذا الأنتخاب) بل أنه قد حتم عليه بأمر الطاعة المقدسة بقبوله، ومن ثم ألتزم هو بأن يرتسم أسقفاً على المدينة المذكورة 1762 ولكن آباء جمعيته بتفسيحٍ باباوي قد استمروا تحت طاعته رئيساً عاماً عليهم نظير السابق، مدبراً إياهم بواسطة نائبٍ خصوصي عنه. وأما كم كان عظيماً الاعتبار الذي حصل عليه هو من السدة الرسولية حينما ذهب إلى روميه ليرتسم أسقفاً، فكيفي لمفهوميته أن البابا المذكور ( الذي كان يختلي معه ساعاتٍ بجملتها، ويستشيره عن قضايا باهظة) قال في أحد الأيام للسيد ماستريلي مطران الناصرة هذه الكلمات وهي: أننا بعد وفاة السيد ألفونسوس ليكوري سنحصل على قديسٍ آخر فيما بين قديسي كنيسة يسوع المسيح.*
ثم انطلق هذا المغبوط بعد ارتسامه إلى أبرشيته التي اقتبلته سكانها بفرحٍ عظيمٍ واحترامٍ وسيمٍ لا يمكن وصفهما. وقد حصلت هذه الأبرشية في زمن سياسته إياها على أثمارٍ روحية كلية، وتغييراتٍ عجيبة في الأكليروس والشعب، من قبل مواعظه وتدابيره وإرشاداته، ونموذجات فضائله السامية. وإماتاته الشاقة. خاصةً عيشته الفقرية في القوت والكسوة والسكنى وكذلك ترجيعه إلى أديرة القانونيين الصرامة القديمة. وملاشاته العوائد الرديئة وأسباب الشكوك، ساهراً على تصرفات الأكليريكيين، وعلى درس العلوم، وتأييد المدارس، وإبادة الكتب المضرة، وعلى حسن تربية المتقدمين إلى الدرجات المقدسة. مجتهداً في تشييد أمكنة التقوى والأديرة والكنائس. مواظباً على صنيع الأفتقاد الأسقفي مراتٍ كثيرةً بصرامةٍ وتدقيق. جايلاً في القرى والمزارع للكرز والتعليم والإرشاد. مستعملاً في أسفاره مركوبه الاعتيادي الجحش. وبالإجمال مبيحاً كل استطاعته في تقديس رعيته جميعها. صائراً كلاً للكل ليربح الكل. بنوع أننا لو أردنا أن نشرح مفصلاً كل ما هو مدون في كتاب سيرة حياته. عن أعماله بأسرها الممارسة منه في مدة ثلاث عشرة سنةً في سياسته هذه الأبرشية، لكان يطول بنا الخطاب. ولكن لا يليق بنا أن نضرب صفحاً عن أن نشير الى محبته بنوعٍ خاص إسعاف الفقراء والمساكين.*
على أنه قد أراد أن يكون بيته مفتوحاً على الدوام لقبول إخوة المسيح هؤلاء الصغار. مقدماً لهم أحتياجاتهم من دراهم وكساوى وقوت بكل مقدرته. وفي اجتيازه الطرقات كانت الفقراء تزدحم عليه أجواقاً مقتبلين من يده الصدقات. وكان حاوياً عنده دفتر محررة فيه أسماء جميع العيلات الفقراء المستحيين أن يتسولوا، ليرسل إليهم سراً الإسعافات شهراً بعد شهرٍ بكل عنايةٍ، ملزماً خوارنة الرعية بأن يخبروه دائماً عن الناس الذين هذه صفتهم. بل أنه مراتٍ كثيرةً كان يستحضر إليه أصحاب الديون، ويتفق معهم على أن يفيهم هو نفسه شيئاً فشيئاً مالهم ديناً على تلك العيلات. ولم يكن يتغافل عن أن يزور مرتين في كل سنةٍ أمكنة المسجونين والمخصومين. ويفي بقدر أستطاعته ديونهم، ويسعف أعيالهم، مهتماً في تجهيز البنات للزيجة، وفي الوفاء للمدارس عن الشبان الفقراء ما كانوا يلتزمون به من الشهرية. وأما في الغلاء الذي حدث سنة 1764 فقد باع هو مركبته القديمة مع بغالها الموهوبة له من شقيقه، ثم صليب الصدر الأسقفي وخاتمين حبرويين أحدهما كان ثميناً جداً موهوباً له من أحد عظماء المملكة، وأيضاً أمتعة سكناه، ما عدا ما لا بد منه، ووزع أثمان الجميع على المحتاجين، مضيفاً على ذاته بالمصروف، مكتفياً بأن يقتات في كل زمن الغلاء بالخبز والمرقة لا غير. وحينما لم يكن عنده شيءٌ يسعف بع المحتاجين كانت عيناه تذرف الدموع بحرارةٍ. وكان على الدوام يحرض الجميع، ويعرفهم التزماتهم بإعطاء الصدقة، موبخاً بحفاوةٍ المتغاضين عن تتميم هذه الوصية حسب استطاعتهم، وهكذا بانعطافٍ قلبي كان يزور المرضى ويعزيهم.*
إلا أن الأمراض كانت تعتريه حيناً بعد حينٍ، ولكن أشدها آلاماً كان ذاك المرض الذي حدث له، من قبل يبس عرقه على جسده، في إحدى عظاته التي صنعها في كنيسة القديسة مريم فيكو المشيدة منه على اسم القديس نيقولاوس العجائبي، بنوع أنها تسع أربعة آلاف شخصاً، فقد تكبد هو أوجاع التشنج في أعضائه كلها مدة أشهرٍ عديدة بصبرٍ عجيب ووجهٍ باش مغتدياً يومياً بالقربان الأقدس من أيدي الكهنة. وإذ ألتزم أخيراً بأن يسلم ذاته لفحص الأطباء الذين أحضروهم إليه من مدينة نابولي. فهؤلاء بانذهالٍ عظيمٍ وجدوا تحت عنقه دملةً كبيرةً كادت تستحيل إلى الناصور. مقذفةً موادٍ رديئة مفسودة. مع أن الحاضرين حققوا لهم أن البار لم يكن في مدة تلك الأشهر أعطى أدنى علامة توجعٍ أم تنهدٍ. من قبل ما كانت تؤلمه هذه الجمرة ألماً فائق الاحتمال. فالأطباء حكموا بأنها غير قابلة الشفاء ولكنهم شرعوا بعلاجها، والباري تعالى أشفاه منها ومن التشنج. إلا أن عروق رقبته قد قصرت، بنوع أن رأسه لبث منحياً إلى صدره بدون أنتصابٍ بتةً. حتى أنه حينما كان يوجد جالساً على الكرسي فكان يظهر من وراية أنه جثةٌ بلا رأس لشدة أنحناء هامته. ولذلك حينما رجع هو إلى تقدمة الذبيحة الإلهية فلم يكن يقدر أن يتناول من الكأس المقدسة إلا بيد أحد الكهنة، ولكنه عاد إلى ممارسة الوعظ والإرشادات، من دون أن يستطيع على عمل الافتقاد الأسقفي. الأمر الذي حركه إلى أن يتوسل لدى الحبر الأعظم أكليمنضوس 14، في أن يقبل تنزله عن الأبرشية، غير أن هذا البابا قد رد الجواب برسالته له قائلاً: أن صلاةً واحدةً مقدمةً منك وأنت على فراشك من أجل رعيتك، هي أفود لها من ألف افتقادٍ أسقفي تصنعه فيها.*
فبعد أن أستمر هو مدة خمس سنواتٍ أخرى يسوس أبرشيته في تلك الحال، قد جدد التوسل لدى البابا بيوس السادس حال جلوسه في السدة الرسولية سنة 1775 في أن يقبل تنازله، الأمر الذي منحه إياه هذا الحبر إجابةً لتضرعاته، بعد أن تحقق عجزه الطبيعي، لا سيما ضعف نظره وسمعه من قبل الشيخوخة، إذ كان له وقتئذٍ من العمر ثمانون سنةً. فقد سلم هو على هذه الصورة الأبرشية. وكل ما هو مختص بها للوكلاء وودع رعيته ببكاء الجميع على فقدهم إياه، وقد استماح لذاته على سبيل الصدقة من أمتعة الأسقفية مفرشه المعبأ تبناً، وسراجاً من نحاس، وغلاية من دون أن يطلب ميرةً سنويةً من مدخول الأبرشية كما كان يحق له. ورجع الى دير القديس ميخائيل كرسي جمعيته، في مدينة باغاني. ولكن عوضاً عن أن يستريح من أتعابه السابقة الفائقة الوصف قد أشتد حرارةً في تأليف الكتب، وممارسة الأماتات والصلوات العقلية. ولبث يمارس الوعظ في كنيسة الدير المذكور أيام الأعياد والسبوت، ويشرح التعليم المسيحي، واستمر هكذا الى أن فقد الأستطاعة على المشي. وحينئذٍ أبتدأ أن يتناول القربان المقدس من أيدي الكهنة يومياً، ويغوص في الثاوريا مخطوفاً عن حواسه أحياناً مدة ثمان ساعات وأكثر. وقد صير أن يعمل له كرسي من خشب ببكراتٍ نظير المقعدين، ليقدر به أن يخرج من قلايته بعض الأحيان إلى أورقة الدير.*
فمما أوردناه حتى ههنا يمكن للقارئ أن يفهم بسهولة كم كانت عظيمةً قداسة سيرة هذا الطوباوي وسمو فضائله. فنظراً إلى قداسة حياته، فقد يبان واضحاً من دلائل راهنةٍ. ومن براهين عديدةٍ مقدمة لدى ديوان مجمع الطقوس المقدس، أن هذا المغبوط قد حفظ بر المعمودية في مدة التسعين سنةً التي عاشها، من دون أن يفقده بخطيئةٍ مميتةٍ، حتى ولا ثبت عليه ارتكاب خطيئةٍ عرضيةٍ بانتباهٍ وتقصد. وأما نظراً إلى سمو فضائله. فبعد أن أستمر المجمع المقدس المذكور يفحصها قانونياً عدة سنواتٍ، قد أبرز الحبر الأعظم بيوس السابع مرسومه الرسولي في 7أيار سنة 1807 في تأييد اتفاق رأي آباء هذا المجمع، وحكم بإثباتاتٍ قانونية بأن الفضائل الإلهية الإيمان والرجاء والمحبة، والفضائل الأخرى قد وجدت في هذا البار بدرجاتٍ سامية جداً، من دون أن يثبت عليه أنه خالف إحداها. أو لم يتمم واجباتها. لأنه:
أولاً: من يمكنه أن يصف بكفايةٍ حرارة إيمانه المستقيم، وغيرته في المحاماة عن حقائق الأمانة الكاثوليكية بشجاعةٍ، واستعداده إلى سفك دمه من أجلها لو أحتاج الأمر، واجتهاده في أن يبجن قواعدها في عقول الجميع كباراً وصغاراً. وفحصه البليغ على الكتب المحرمة ليستأصلها. وتأليفاته في إثبات قضايا الإيمان ودحض الأضاليل.*
ثانياً: لقد كان رجاؤه بالله وطيداً ثابتاً، وثقته به عظيمةً. ولحسن إكاله عليه تعالى قد انتصر على جميع الصعوبات التي داهمته في تأسيس جمعيته، وعلى سائر المضادات. ولوفور ثقته بالعناية الإلهية كان يحتم بأن أديرة الجمعية تكون مفتوحةً على الدوام لكل المقبلين إليها، ولسد عوز المحتاجين، بل بهذا الرجاء الوطيد كان يستمد من الله النعم لتوبة الخطأة، ولتعزية الحزانى، ولشفاء المرضى.*
ثالثاً: بأية ألفاظٍ يمكن أن تشرح حقيقة حبه العظيم لله فوق كل شيءٍ، واتحاده الشديد به تعالى، وغيرته المتقدة من أجله، وحرارته في كل ما يختص بمجده الأعظم، والتهاب قلبه بشهب هذه النار المقدسة في أوقات صلواته وإماتاته. إذ أنه كان ينخطف غائباً عن حواسه ساعاتٍ بجملتها، بل أنه اعتيادياً كان يوجد نظير المعتريتهم الحمى، ولذلك لم يكن يطيق من الملابس إلا أخفها، حتى في أزمنة شيخوخته عينها. ومن ثم حسب رأى كثيرين أنه حدث له ما كان حدث للقديس فيلبس نيري باتقاد حرارة حب الله فيه بنوعٍ حسي فائق الطبيعة.*
رابعاً: من هو كفؤٌ لأن يصف عظم غرامه في محبة القربان الأقدس، الذي منذ حداثته اعتاد على أن يتناوله بتكاثرٍ، باستعداداتٍ كلية، وبتقدمة الشكر المرافق بسكب الدموع، مثابراً على زياراته في الكنائس ساعاتٍ عديدةً. حتى أنه ألف كتاباً خصوصياً في شأن كيفية زيارة هذا السر المسجود له، الذي لما كانت الأمراض تصده عن تقديسه فكان يومياً يتناوله من أيدي الكهنة.*
خامساً: من يستطيع أن يصف حبه الشديد لوالدة الإله الكلي قدسها بعد حبه لله حباً فائقاً على كل شيءٍ، لأنه كان مغرماً كعاشقٍ بمحبة هذه السيدة العظيمة، مكرساً ذاته تكريساً خصوصياً لخدمتها وعبادتها بدالةٍ أبنيةٍ، ملتجئاً إليها في أحتياجاته كلها، فائزاً بجميع النعم التي كان يلتمسها من الله بواسطتها، ولم يكن يشبع من مدائحها وتماجيدها في مواعظه وتأليفاته وقصائده وخطباته، أو يمل من تحرضاته للناس على التعبد لها، مواظباً منذ نعومة أظفاره على زيارة أيقوناتها المقدسة يومياً، مشتركاً في أخوياتها وعباداتها، ممارساً تكريماً لها صياماتٍ عديدة، مجتهداً في أن يخترع طرائق جديدةً تجذب القلوب لمحبتها، ومن ثم لأجل أنشغافه الكلي بغرام حبها قد كني بالصواب: برنردينوس الثاني: ثم لكي يربط ذاته بأِشد صرامةٍ في عبادتها قد ألزم نفسه تحت ثقل نذوراتٍ خصوصية بأنه في كل يوم سبتٍ يصوم على الخبز والماء، وفيه يعترف بزلاته تحت حمايتها، وبه يعظ بأمجادها وينلو ورديتها. وقد شرفته هذه الأم الإلهية، بأنها ظهرت له مراتٍ كثيرةً ليس فقط بنوعٍ سري فيه أرشدته إلى أمورٍ عديدة، بل أيضاً مشتهراً كما حدث له في مدينة مالفي اذ كان يعظ وأتجه بالتضرعات نحو أيقونتها المقدسة. فانخطف عن حواسه وارتفع بجسمه كله عن الأرض علواً، وأشرقت من أيقونة العذراء أشعةٌ عظيمة كالشمس منبعثةً منها إلى وجهه، وأستمر هذا العجب أمام الشعب الغفير في الكنيسة برهة ست دقائق.*
سادساً: أما عظم محبته للقريب فتظهر بكفايةٍ من الأعمال السامية التي مارسها في خير الأنفس مدة نحو ستين سنةً، بعد ارتسامه كاهناً ثم أسقفاً مما أشرنا إليه آنفاً، بالأتعاب الرسولية، والغيرة المتقدة، والأسفار المضنكة، والصدقات السخية، والاعتناء بالأيتام والأرامل والبيمارستانات وأمكنة التوقى وبزيجة البنات، لا سيما الموجودات في خطرٍ على عفتهن. ثم تتضح من حال كونه مؤسساً في بيعة الله جمعيته الكلية الإفادة للمسيحيين، خاصةً لسكان القرى والمزارع. ولكن محبته خير الأنفس قد تلألأت بأفضل نوعٍ في تألفاته الجليلة والكثيرة العدد، والمختلفة الموضوعات. والمفيدة الجميع من كل جنسٍ ونوعٍ وسنٍ ودعوةٍ ووظيفةٍ، أي للأكليروس العلماني والقانوني، وللملوك والولاة والشعب، للدارسين والأحداث والشيوخ، للعلماء والجهلاء للأبرار والخطأة، من علم اللاهوت النظري والعملي، والآداب، والحق القانوني، والسيرة الصالحة، والرياضات الروحية، والصلوات العقلية واللفظية، بنوع أن عدد مجموعات هذه التأليفات قد وصل إلى تسع وثلاثين مصنفاً. مقسمةً إلى نحو ماية مجلدٍ. فهذه المصنافات كلها قد فحصت من السدة الرسولية بكل تدقيقٍ واهتمام، وأعطى عنها الحكم القانوني الاحتفالي من الصالح الذكر الحبر الأعظم البابا بيوس السابع في اليوم 14 من حزيران سنة 1803 بإثباتها ومديحها وبأنها خاليةٌ من أدنى قضيةٍ تستحق الشجب. فقد انتشرت هذه التأليفات في الممالك والأقاليم والمدن، وانطبعت مراتٍ عديدةً، بل استخرج منها كتبٌ كثيرةٌ إلى ألسنةٍ مختلفة، كالفرنسي، والنمساوي والأسبانيولي والتركي والأرمني (وأنا قد استخرجت من تأليفاته هذه حتى الآن سبع مجلداتٍ إلى لغتنا العربية، وهي المجلد الحاضر الذي هو أمجاد مريم البتول، وكتاب الرياضة اليومية في الحقائق الأبدية الذي طبعته مثل هذا، وكتاب التهيئ والاستعداد إلى الموت، وثلاث مجلداتٍ عن: انتصار الكنيسة الجامعة، محتوية على تاريخ الأرتقات ودحضها، ثم مجلدٌ في خدمة سر التوبة من التأليف الملقب: بأرشاد معلمي الأعترفات:) وبالاختصار نقول أن الفوائد التي حصلت عليها الشعوب من تأليفات هذا الطوباوي والعتيدة أن تجتنيها منها الناس في الأحقاب المقبلة، فالله وحده يعرف عظم مقدارها.*
سابعاً: وأما الفطنة التي تصرف بها هذا المغبوط في أقواله وأفعاله. نظراً إلى ذاته وإلى الذين كانوا تحت تدبيره. سواءٌ كان ينصح أو يحتم، يعفي أم يلزم، يرشد أو يحرض، يرسم أم يفسح، يحل المشاكل أو يقدم المشورات، يرتب العلاجات أم يستمد الرأي، يمنع الأعمال أو يوبخ، يعلم أم يدحض. وذلك في تصرفاته كلها مع العظماء أو الأدنياء، مع الرؤساء أم المرؤوسين، فقد كانت فطنةً ساميةً جداً بكل صفاتها، ويكفي القول أنه من أجلها لقب صواباً وعدلاً:” بمرشد المرشدين”:*
ثامناً: كم قد تلألأت فضيلة العدل في هذا المعلم الجليل الذي كان يعرف كل أحدٍ التزاماته، معتنياً في أن يحفظ لكل ذي حقٍ حقه، ساهراً على استقامة توزيع الوظائف لمستحقيها. غيوراً على ملاشاة الظلم والتعدي، وعلى حفظ كلما يتعلق بالعدل البدلي والتوزيعي والشرعي.*
تاسعاً: من يلاحظ حسناً كم كانت فضيلة شجاعته ساميةً، في الوقت الذي فيه عاش بهذا المقدار باغضاً الخطيئة، حتى أنه كان يرتضي بأن يقطع إرباً إرباً أحرى من أن يرتكب خطيئةً عرضيةً بانتباهٍ وتقصد. وكان يوضح لكل أحدٍ التزاماته من دون مراياةٍ، أو أخذ بالوجوه.*
عاشراً: بأية ألفاظٍ يمكننا بنوع أبلغ مما أشرنا إليه حتى الآن أن نصف قناعته بأصوامه وتقشفاته وإماتاته ونسكه وفقر معيشته وأسهاره وسائر ما تصرف به في هذا الشأن، الأمر الذي فاق به على كثيرين من السواح والنساك أنفسهم، حتى في زمن شيخوخته عينها.*
ثم ماذا يستطاع أن يقال عن سمو فضيلة طهارته أكثر من القول أنه قد حفظ زنبق البتولية مدة حياته كلها من دون أنثلامٍ بتةً، كما ثبت ذلك من براهين كلية، وقد كان شديد الاحتراس على حفظ هذا الكنز الفائق كل ثمنٍ من أدنى خطرٍ، حتى أنه قط لم يكن يحدق بنظره في وجه امرأةٍ ما، وفي كل مدة الستين سنةً التي عاشها كاهناً وأسقفاً ما سمح أصلاً لإمرأةٍ بأن تقبل يده. ثم أنه بهذا المقدار كان تواضعه عميقاً، وبغضه المجد الباطل، والرفعة إلى المراتب شديداً، حتى أنه انطرح مريضاً من زيادة الغم حينما أنتخبه البابا أسقفاً. وأما فضيلة صبره، واحتماله الإهانات والافتراء وإحسانه إلى من أساء إليه، ووداعته القلبية، وليونة أطباعه، وحسن تسليمه التام للمشيئة الإلهية وطاعته الكاملة للرؤساء والمرشدين، وشقفته وحنوه، وثباته الدائم على عمل الخير، واشتهاه التألم من أجل المسيح. فهذه كلها هي مبرهنةٌ بإسهابٍ في كتاب سيرة حياته. وبالإجمال إن هذا الراعي الجليل قد وجد مزيناً بالفضائل كلها بدرجاتٍ ساميةٍ، كما تقدم القول عن أحكام الكرسي الرسولي في هذا الشأن. بل إن هذه الفضائل العظيمة قد عطفت الباري تعالى إلى أن يهب عبده هذا الأمين اختصاصاتٍ فائقة الطبيعة غير اعتيادية، نظير صنع العجائب، وروح النبؤة بمعرفة العتيدات.*
فنظراً إلى العجائب التي صنعها الله بواسطته في مدة حياته بأنواعٍ مختلفة، مما تقدمت عنها الإثباتات إلى مجمع الطقوس المقدس فرداً فرداً، بظروفها النوعية والشخصية والزمانية والمكانية، المشهود بحقائقها من أناس يوجد بعضهم حتى الآن أحياء (وأنا نفسي في مدينة نابولي وغيرها قد سمعت ذلك من فم أناسٍ كملت فيهم بعض هذه العجائب) فهي ما ينيف عن مئة أعجوبةٍ. هذا ما عدا الجرائح الأخرى العديدة جداً الموردة عمومياً. المصنوعة من الجود الإلهي بواسطته في سنين هكذا عديدة، ليس فقط مع أولئك الذين كانوا يتقدمون إليه لأخذ بركته ولنوال الشفاء من أمراضهم، في اجتيازه الطرقات والكنائس، بل أيضاً مع الذين كانوا يأتون بهم إلى قلايته في أزمنة شيخوخته. فمن جملة العجائب المومى إليها هو منحه النطق للأخرس ابن أخ الكاهن كارلوس برونو. وتصحيحه ثوبه الذي قص منه جزاءاً كبيراً، ليأخذه بركةً لذاته واحدٌ من الشبان، حينما كان هو يستمع الاعترفات في كنيسة مالفي، فالجزء المقصوص بقي في يد هذا الشاب مع أن ثوب البار لبث صحيحاً بالتمام. وأخماد بمجرد رسمه إشارة الصليب المقدس لهيب نار الجبل البركاني الشهير الأسم بالقرب من مدينة نابولي، الذي وقتئذٍ قد ارتفع لسان لهيبه علواً مقدار ميلين، وأوعب قلوب الشعوب البعيدين فضلاً عن القريبين هلعاً عظيماً. وإعطاؤه من يده عينها، في كنيسة القديس ميخائيل في مدينة بغاني، الصدقة الشهرية لإحدى النساء التائبات بواسطته عن فواحشهن، في الساعة نفسها التي فيها كان هو موجوداً في مدينة نابولي. وأستماعه أعتراف أحد تلاميذه وهو متى كالافولبه في منبر الذمة ضمن بيت الرسالة، في الدقيقة عينها التي فيها كان هو يعظ في كنيسة البلد، هذا العجب قد حدث مراتٍ عديدةً مع كثيرين من تلاميذه الذين كانوا يعترفون عنده في بيوت الرسالة، وفي خروجهم حالاً وذهابهم إلى الكنائس كانوا يجدونه يعظ على المنبر.*
وأما نظراً إلى معرفة العتيدات بروح النبؤة فقد ثبت ذلك ببراهين وشهودٍ صادقين في حوادث جزيلة العدد. فمنها هو إرساله ليلاً سنة 1764 من داره الأسقفية إلى مدينة أريانوس الكاهن فابريتسيوس متقدم إكليروسها، ليخلص وإليها من أيدي الشعب الذين أرادوا قتله بسبب نقص القوت من المدينة، مع أن مؤامرة الشعب على ذلك حدثت بغتةً بعد سفر الكاهن المذكور من عنده. ومنها تخبيره في مدينة مالفي إحدى النساء (التي قدمت إليه طفلها ابن ثلاث سنين ليشفيه من داء الصرع) بقوله لها بعد شفائه ابنها: أن هذا الطفل كان عتيداً أن يعيش سالماً، ويرتسم كاهناً ويكون غيوراً يكتسب للرب نفوساً كثيرة: وهذا جميعه قد كمل فيما بعد حرفياً. وكذلك تنبيهه الشعب في آخر يومٍ من صنعه الرسالة في مدينة مالفي عينها، بأنه بعد ذهابه من عندهم في اليوم التالي كان عتيداً أن يحدث لهم بحركة الشيطان سببٌ يرجعون فيه الى الخطايا، ولكن مزمعٌ أن يحل بهم الأنتقام سريعاً في اليوم نفسه بزلزلةٍ مهولةٍ، وهذا كله قد تم حقاً في اليوم المشار إليه. ثم أنه كان حين زيارته المرضى يعرف كيفية نهاية المرض سواءٌ كان بالشفاء منه، أو بالموت، مخبراً عن هذا لمن يخصه، وجميع تخبيره كان يصدق، ولئن كانت أحوال المرضى تشاهد ظاهراً بضد قوله، ولكن نحن خوفاً من الإسهاب نعدل عن إيراد حوادث أخرى كثيرة، ونأتي إلى التخبير عن نهاية حياة هذا الطوباوي.*
ففي 18 تموز 1787 قد اعترت هذا المغبوط حمى محرقة، ووجع البطن وحصار البول، إضافةً لأمراض الشيخوخة الموجودة فيه، هذا بعد أن كان الباري تعالى، لازدياد استحقاق عبده البار قد سمح بأن تلم به معركة التجارب المختلفة الأنواع، حتى بتصوراتٍ قويةٍ جداً ضد العفة، ثم باليبس الروحي، ولكن نعظم إتكاله على الله، وبإستغاثاته المتواثرة باسمه القدوس، وبتكرار كشف ضميره لمعلم اعترافه، ثم بأقتباله القربان المقدس، قد انتصر على ذلك جميعه، وفاز بالراحة الباطنية والتعزية العظيمة. فقد تزايدت عليه الأمراض المذكورة إلى حد اليوم الأخير من تموز الذي فيه يعتقد بالصواب أنه قد تشرف بزيارة من والدة الإله الكلية القداسة، لأنه بعد أن كان هو فاقد حركات حواسه الظاهرة، فإذ قدموا إليه أيقونة هذه السيدة بالقرب من فراشه، قد فتح عينيه حالاً وتفرس فيها، واستحال لون وجهه إلى اللهيب مشعاً بأنوارٍ ظاهرة، وهكذا بعد أن كان يومياً يتناول القربان المقدس عبادةً، قد أقتبله من ذاك اليوم زوادةً أخيرةً بكل أحترامٍ وبحرارة الحب. وفي اليوم الأول من شهر آب سنة 1787 نفسها. إذ كان هو ضابطاً بيده فوق صدره الصليب المقدس مع أيقونةٍ صغيرة لوالدة الإله، فنحو نصف النهار قد جال بنظره إلى السماء وأسلم الروح بكل هدوٍ وعذوبة كأنه نائمٌ. فقد كان تقاطر الشعوب من أكليروس وأرخندوس إلى دير القديس ميخائيل في مدينة بغاني حيث تنيح هذا الطوباوي، وافراً بمقدار كذا، حتى أن والي المدينة في اليوم المقبل أضطر إلى أن يأمر بغلق الأبواب بعد امتلأ المدينة، ليمنع الآتين من كل الجهات القريبة، والجميع كانوا يتوسلون لعلهم يحصلون على أجزاء من ملابس المغبوط، أو من الأشياء المستعملة منه، كذخائر لاحتياجاتهم، وقد كمل أخيراً احتفال دفنه تحت الهيكل الملوكي في الكنيسة المذكورة.*
ولكن قبل دفنه قد شرفه الله بصنيع عدة عجائب نكتفي هنا بإيراد واحدةٍ فقط منها، وهي شفاؤه بالتمام على الفور عندما لمس جسده، الطفل يوسف فوسكو ابن سنةٍ وبعض أيامٍ كان مدنفاً على الموت بحمى محرقة وبمرض السهال، بنوع أن الأطباء كانوا حكموا بأنه عديم الشفاء مطلقاً. إلا أن العجب لم يقف عند هذا الحد، بل أن الكاهن غايطانوس فوسكو عم الطفل، إذ جاء في اليوم الثاني فرحاً ليشاهد ابن أخيه المعافى صحيحاً كمن قام من الموت، فقد دنا من هذا الطفل ورأى بيده صورةً صغيرةً كانت مرسومة فيها هيئة الأسقف المغبوط، فالطفل حالما رآها أخذها بيده وقبلها واضعاً إياها على رأسه، وغاب عن الوعي ثم رجع إلى ذاته وصرخ بألفاظٍ مفسرة واضحة: أن ألفونسوس هو في السماء. مكرراً ذلك مراتٍ، مع أنه لم يكن قبلاً يفه بكلمةٍ لصغر سنه، بل إن أهل البيت اختبروا الأمر مراراً بأخذهم الصورة أغتصاباً من يد الطفل، ويبدلها بما يماثلها، فكان يستمر هو صارخاً بالبكاء إلى حين إرجاع الصورة عينها، وحينئذٍ كان يبتهج ويكرر كلماته بقوله:” القديس ألفونسوس هو في السماء”. ثم إن الجود الإلهي صنع بعد ذلك بواسطة صفيه هذا الطوباوي عجائب أخرى كثيرة. فمنها هو أن كارلوس فاكيو أحد المبتدئين في جمعيته قد شفي من مرض الصدر وغستفراغ الدم القتال، بمجرد وضعه في شهر آذار سنة 1787 على صدره صورة هذا المبغبوط. وكذلك يوحنا كاتولو من أرض جبل الأسد قد شفي بمسه قطعةً من أثواب البار بعد أن كان هو في حال الموت. وبمثله برأ من داء الفالج الكاهن فينجانسوس ماسارو، وغيره كثيرون، الذين نعدل عن ذكرهم حباً بالأختصار، ونكتفي بشرحٍ وجيز عن الأعجوبتين المحكوم على حقيقتهما حكماً قانونياً خصوصياً من السدة الرسولية بعد الفحص العظيم.*
فالأعجوبة الأولى منهما قد كملت في شخص الامرأة مادلينا نونتسيو من أبرشية بانافانتو القريبة من مدينة نابولي. فهذه الامرأة إذ كانت تنتظر الموت ساعةً فساعةً، من قبيل نزلٍ دموي احتقن في ثديها الشمال في اليوم الخامس عشر من إيلادها طفلها، فأفسد الثدي بنوع أن الجراح العلامة يوحنا أورلاندي ألتزم بأن يقطع نصف الثدي ويرسل اللحم المنتن فيدفنه في التراب. إلا أن الفساد امتد إلى باقي الثدي وحصلت مادلينا من شدة الأوجاع مدنفةً على الموت بعد اقتبالها الأسرار الأخيرة، فإحدى النساء المحبات جاءت إليها بجزءٍ صغير من أثواب هذا الطوباوي، وحرضتها على أن تبلعه مع الماء وأن تضع فوق ثديها المقطوع صورته، فإذ تممت هي ذلك قد استحوذ عليها حالاً النوم الذي لم تكن تذوق لذته في كل تلك الأيام. ثم استيقظت في نصف الليل فرأت ذاتها معافاةً، والثدي صحيحاً تاماً يقطر منه الحليب كالثدي الآخر، بنوع أنها أخذت طفلها وبدأت ترضعه منه، الأمر الذي حينما شاع خبره في اليوم الثاني، تقاطرت الناس جملةً مع يوحنا الجراح إلى مشاهدة الثدي الجديد. منذهلين وممجدين الله صانع العجائب بواسطة صفيه العظيم.*
وأما الأعجوبة الثانية، فقد كملت مع القس فرنسيس أوطايانو أحد الرهبان الأصغرين. الذي منذ 18ت2، سنة 1786 كان مسقوماً بداءٍ الحمى الرديئة، وقد زاد عليه في 9أيار 1787 سعالٌ شديدٌ مدة ست ساعاتٍ وقد استفرغ من حلقه بعد ذلك كميةً وافرةً من الدم المفسود المنتن، الذي دام يومياً يخرج من فمه بنحو أربعماية درهماً، بنوع أن الأطباء بعد علاجاتٍ كثيرة وثمينة لم تفده شيئاً، حكموا بأنه لا بد من موته في هذا الداء. فالرهبان لخوفهم من أن هذا القس يعديهم، ابتعدوا عنه سامحين بأخذه إلى دار عمةٍ له متقدمة في السن، حيث بقي مطروحاً منتفخ الجسم منتن الرائحة كجيفةٍ، إلى نهاية الشهر العاشر منذ ابتدأ به المرض. بنوع أنه أدنف على الموت. حتى أنه في الليل استدعوا إليه معلم ذمته فأعترف. وانطلقوا ليأتوه بالقربان الأقدس خلساً. فهو وقتئذٍ شعر باطناً بحركةٍ في أن يلتجئ إلى الطوباوي ألفونسوس، الذي كان مضى تسع وعشرون يوماً في نياحه، فمن ثم أخذ بيده الجزء الذي كان عند عمته من قميص هذا البار، ومس به كل جهات جسده، وشرع يتضرع إليه بدموعٍ قائلاً: أيها السيد العزيز ألفونسوس، إنني الآن أريد أن أعرف أن كنت أنت بالحقيقة عزيزاً لدى الله. وأنك الآن تتمتع به في السماء، فأنا لا أريد أن أموت بهذا المرض المستكره، والمرذول أنا من أجله من الجميع، فأنت اجعلني أن أموت بأي نوعٍ آخر كان وأنا راضٍ، وأفعل هذه النعمة ليس من أجلي أنا الخاطئ، بل لأجل الحب العظيم الذي أنت اتصفت به نحو القربان المقدس، والذي به أنت أحببت مريم البتول الكلية الطوبى. وأنا أعدك أيها السيد المحبوب مني بأني متى شفيت بواسطتك، أمضي فأذيع بقداستك لدى الجميع بحسبما أنت مقبولٌ لدى الرب. وبأن أجمع الصدقات. وأشتري بها شمعاً، وأزور ضريحك في كل سنةٍ مقدماً نذري الشمع المذكور. قال هذا وآخذ قليلاً من القوت ورقد مدة خمس ساعاتٍ براحةٍ، ثم أستيقظ غارقاً بعرقٍ قد نفذ حتى أسفل مفرشه. فغير ملبوسه قائلاً لعمته: إن الطوباوي قد أشفاني: ورجع فنام الى الصباح الذي هو 30 آب سنة 1787 عينها، ونهض من فراشه صحيحاً معافى، الأمر الذي أوعب قلوب الجميع إنذهالاً وفرحاً معاً، وذاع خبر ذلك في كل مكان.*
فهذه العجائب وأمثالها قد صيرت الحبر الأعظم بيوس السابع أن يقتبل الالتماسات. في أنه بمرسومٍ باباوي معطى منه في 25 حزيران سنة 1803 فسح من مراسيم البابا أوربانوس الثامن، المانع تقدمة الدعاوى المختصة بتطويب أحد الأبرار قبل مرور خمسين سنةً من نياحه، وهكذا سمح بإدخال دعوى هذا المغبوط للفحص، بعد أن كان في 14 من الشهر المذكور أثبت تأليفاته كلها، كما أوردنا في محله. فلما انتهى فحص هذه الدعوى قانونياً واحتفالياً في مدة نحو أربع سنواتٍ، قد أبرز الحبر منشوره الرسولي في 7 أيار سنة 1807 بأن فضائل هذا البار كلها وجدت بدرجاتٍ سامية جداً، حسبما ذكرنا قبلاً، وتبعاً لهذا المنشور الباباوي أقيم الفحص على حقائق العجائب التي صنعها المغبوط بعد نياحه. إلا أن الدعوى توقفت بسبب الحروب والتغييرات الزمنية، إلى أن رجع الحبر الأعظم من فرنسا سنة 1814 الى روميه، وحينئذٍ آباء مجمع الطقوس المقدس بعد الفحص الكلي أعلنوا حقيقة الأعجوبتين السابق شرحهما، المطلوبتين لقانونية التطويب. والبابا بمرسومه المصدر في 17 أيلول سنة 1815 قد حكم احتفالياً بحقيقة هاتين الأعجوبتين. وهكذا بعد إتمام رسم الفرائض الرسولية لتطويب الأبرار، قد أبرز هذا الحبر الأعظم منشوره الباباوي في 6 أيلول سنة 1816 الذي بقوته قد أحصي هذا المغبوط قانونياً في عدد الطوباويين، معيناً عيده السنوي في 2آب، وراسماً لتكريمه الصلوات المدونة في الوجه التابع. وقد تمت احتفالات التطويب بقراءة المنشور الباباوي في كنيسة القديس بطرس، في القداس الحبروي حسب الرسوم، بعظمةٍ ملوكية، وبهجةٍ عامة. وأنا حصلت على التعزية بوجودي في هذا الأحتفال العظيم.*
ثم إن العجائب التي أجترحتها العزة الضابطة الكل بواسطة الطوباوي المذكور بعد الأحتفال القانوني المقدم ذكره، بأنواعٍ مختلفة حتى الآن، قد صيرت الكرسي الرسولي أن يمارس ما يختص بإحصاء هذا المغبوط قانونياً في عدد القديسين المعظمين، الأمر المباشرة الآن في شأنه الرسوم الواجبة، لأجل أصدار الحكم الباباوي الكلي الأحتفال.*
فليكن هذا الشرح كافياً لإفادة القارئين ليمجدوا صلاح الله الذي أوجد دائماً في كنيسته الجامعة رجالاً هذه صفتهم، مزيناً إياهم لخير شعبه بمواهب هكذا سامية، وليكونوا نموذحاً حياً للجميع في سيرة الكمال الإنجيلي، مظهراً فيهم مفاعيل قدرته الضابطة الكل، ومبكماً بذلك أفواه المنافقين الناكرين حقائق العجائب المصنوعة منه كل حين بواسطة قديسيه. فله العزة والمجد والجبروت الى أبد الدهور آمين.*
* الثلاث الصلوات التي تقال في القداس في اليوم الثاني من آب*
* بموجب المرسوم الباباوي المبرز في 27 آب 1816*
† الأولى تتلى بأعلانٍ قبل قراءة الإنجيل †
أيها الرب الإله الآب، يا من بواسطة صديقك الطوباوي الأسقف ألفونسوس، المتقد بنار الغيرة على اكتساب أنفس المؤمنين، قد صيرت كنيستك مختصةً بمصاف خدامٍ رسوليين جدد. نسألك أن تنعم علينا، بأننا إذ نصير بواسطة مشوراته الخلاصية مرتشدين، وباقتدائنا بنموذجاته الفاضلة متشجعين، نستطيع أن نبلغ الى التمتع بك في الأبدية السعيدة، باستحقاقات سيدنا يسوع المسيح. الذي يحيى معك، ويملك مع الروح القدس إلى أبد الآبدين آمين.* †
† الثانية تقال بعد ذلك سراً. †
أيها الرب يسوع المسيح، أنت ألهب قلوبنا بالنار السماوية المختصة بهذه الضحية، وأصنع منها بخوراً زكي الرائحة، لأنك قد وهبت الطوباوي ألفونسوس ماريا، ليس فقط أن يقدم لك هذه الأسرار الطاهرة، بل أيضاً أن يضحي ذاته بواسطتها كمحرقةٍ مقدسة لك، أنت الحي المالك مع أبيك، ومع روحك القدوس الى دهر الداهرين أمين.* †
† الثالثة تتلى جهراً بعد التناول †
أنت أيها الرب الإله، الذي أقمت لذاتك في شخص الطوباوي ألفونسوس ماريا أسقفاً معترفاً، ووكيلاً أميناً، وواعظاً للسر الإلهي فامنح لأجل أستحقاقاته وتضرعاته أن عبيدك الأمناء يقتبلون بتكاثرٍ هذه الأسرار نفسها، وباشتراكهم بها يسبحونك على الدوام، بيسوع المسيح ربنا الذي يحيي مالكاً معك أيها الإله الآب، * ومع الروح الكلي قدسه إلى أبد الدهور آمين*†
No Result
View All Result
Discussion about this post