قاموس الكتاب المقدس
حرف ت
تانَة شيلوه
اسم عبري معناه “قريبة من شيلوه” وهي واقعة على التخوم ما بين افرايم ومنسى (يش 16: 6) وهي الآن خربة تعنة، تل على بعد سبعى أميال جنوب شرقي شكيم (نابلس) تقريبًا.
مدينة تاباص
Thebez اسم عبري معناه “ضياء” أو “بهاء” أو “لمعان”، وهي مدينة قريبة من شكيم داخلة ضمن تخوم أفرايم (في جبل أفرايم) وفي وسطها برج قوي قُتِلَ أمامه أبيمالك (قض 9: 50 – 55؛ 2 صم 11: 21). ولا يزال باقيًا في مدينة توباص الكبيرة وتبعد 10 أميال شمال شرقي شكيم (نابلس) على طريق بيسان، وتُعرَف الآن بـ “طوباس”.
رفضت الخضوع لأبيمالك بن جدعون عندما جعل من نفسه ملكاً على إسرائيل بعد موت جدعون أبيه. وكانت في موقع له أهمية حربية، فبعد ما استولى أبيمالك على شكيم، تحول بقواته إلى “تاباص”، “وكان برج قوي في وسط المدينة فهرب إليه جميع الرجال والنساء وكل أهل المدينة وأغلقوا وراءهم وصعدوا إلى سطح البرج، فجاء أبيمالك إلى البرج وحاربه، واقترب إلى باب البرج (بغير حذر) ليحرقه بالنار، فطرحت امرأة قطعة رحى على رأس أبيمالك فَشجت جمجمته”، وخشية العار “دعا حالًا الغلام حامل عدته وقال له اخترق سيفك واقتلني لئلا يقولوا عني قتلته امرأة، فطعنه الغلام فمات” (قض 9: 50 54). قد أشار يوآب إلى تلك الحادثة في وصيته لرسوله إلى الملك داود بعد مقتل أوربا الحثي: “مَنْ قتل أبيمالك بن يربوشث؟ ألم ترمه امرأة بقطعة رحى من على السور فمات في تاباص؟” (2 صم 11: 21).
ويذكر يوسابيوس أن المدينة كانت تقع على بعد ثلاثة عشر ميلًا من نيابوليس (نابلس الحالية) على الطريق إلى “سكيثوبوليس” (مدينة بيسان الحالية).
ولا شك في أن مدينة “تاباص” القديمة هي نفسها “توباس” الحالية، وهي قرية تقع في منطقة خصبة، على بعد عشرة أميال من مدينة نابلس وفيها الكثير من أشجار الزيتون. وتعتمد القرية على مياه الأمطار التي تخزن في خزانات منحوتة في الصخر، تستقي منها المدينة حاجتها من المياه. ويقول السامريون أن قبر “النبي طوبا” هو مكان قبر “أشير” أحد رؤساء الآباء.
امرأة من مدينة تاباص، قاتلة أبيمالك الملك
Woman of Thebez بسبب تعطُّش أبيمالك للدماء وزهوه بعد انتصاره بقتل منافسيه – بما فيهم السبعين أخًا عدا يوثام الصغير الذي هرب – قرَّر مهاجمة تاباص المدينة الثائرة (2 صم 9: 50 – 57)، إلا أن إحدى السيدات الوطنيات رأت أنه واتتها الفرصة للتخلص من أبيمالك عندما اندفع مهاجمًا البرج ليحرقه بكل ما فيه. فأمسكت بقطعة كبيرة من حجر الرحى وطرحتها من الشرفة على أبيمالك عند اقترابه من باب البرج. وعندما شُجَّت جمجمته أمر حامل أبيمالك عدته بقتله بالسيف، لئلا يُقال أن امرأة مجهولة قتلته. وبالرغم من ذلك لم يسلم من التعيير (سفر صموئيل الثاني 11: 21)، كما عرف العالم كله القصة الحقيقة لقتله.
تابوُت
كلام.
من الواجب أن نذكر أن هناك نقاط تشابه ونقاط اختلاف في عادات الدفن بين بلاد الشرق وبلاد الغرب، وكذلك بين إسرائيل في القديم والشعوب القديمة التي كانت معاصرة لها.
أولًا: ضرورة الدفن عقب الموت:
(1) الأسباب: يتم دفن الميت في بلاد الشرق بطريقة توحي باستعجال ملحوظ، فمن النادر أن يتأخر دفن الميت في سورية عن عشر ساعات من موته، والأغلب في أقل من ذلك. فسرعة تحلل الجثمان، ولوعة الحزن، ونفور الناس من بقاء جثمان الميت في المنزل، كل هذه العوامل تدعو إلى سرعة التخلص من الجثمان. ويتطلب هذا من الأحياء كما حدث في حياة إبراهيم عند دفنه سارة أن يتعجلوا دفن موتاهم من أمام أعينهم (تك 1: 234)، وكما نجد في حالة سرعة رفع جسدي “ناداب وأبيهو” إلى خارج المحلة (لا 10: 4)، وسرعة دفن حنانيا وسفيرة (أع1: 5 11). كما كان من الأسباب التي تدعو إلى الإسراع في دفن جثمان الميت، أن من يمس جسد الميت يتنجس.
-.
من الواجب أن نذكر أن هناك نقاط تشابه ونقاط اختلاف في عادات الدفن بين بلاد الشرق وبلاد الغرب، وكذلك بين إسرائيل في القديم والشعوب القديمة التي كانت معاصرة لها.
أولًا: ضرورة الدفن عقب الموت:
(1) الأسباب: يتم دفن الميت في بلاد الشرق بطريقة توحي باستعجال ملحوظ، فمن النادر أن يتأخر دفن الميت في سورية عن عشر ساعات من موته، والأغلب في أقل من ذلك. فسرعة تحلل الجثمان، ولوعة الحزن، ونفور الناس من بقاء جثمان الميت في المنزل، كل هذه العوامل تدعو إلى سرعة التخلص من الجثمان. ويتطلب هذا من الأحياء كما حدث في حياة إبراهيم عند دفنه سارة أن يتعجلوا دفن موتاهم من أمام أعينهم (تك 1: 234)، وكما نجد في حالة سرعة رفع جسدي “ناداب وأبيهو” إلى خارج المحلة (لا 10: 4)، وسرعة دفن حنانيا وسفيرة (أع1: 5 11). كما كان من الأسباب التي تدعو إلى الإسراع في دفن جثمان الميت، أن من يمس جسد الميت يتنجس.
(2) دفن الرب يسوع المسيح: تم دفن جسد الرب يسوع التزامًا بعادات اليهود والشريعة (تث23: 21، غل13: 3)، وقد ذهب يوسف الرامي إلى بيلاطس الوالي طالبًا جسد يسوع ليدفنه في يوم مماته (مت57: 27 60، مرقس42: 15 – 46، لو50: 23 – 53، يو38: 19 – 42).
(3) الوقت المعتاد للدفن: يدفن الميت في الغالب بعد ساعتين أو ثلاث ساعات من الوفاة، ويدفن اليهود الشرقيون موتاهم في خلال أربع وعشرين ساعة، ولو حدثت الوفاة في الصباح، يدفن الميت قبل الغروب. أما إذا حدثت بعد الظهر أو بعد الغروب، فيدفن عادة في صباح اليوم التالي.
(4) واجبات الابن: عندما يلفظ المتوفي أنفاسه الأخيرة، يقوم الابن الأكبر أو من يليه قرابة في الحاضرين، بإغماض عيني المتوفي: “ويضع يوسف يده على عينيك” (تك 4: 46). ثم يُقفل الفم ويُربط الفكّان: “ووجه ملفوف بمنديل” (يو 44: 11)، ثم تعلن الوفاة بالنحيب والعويل والصراخ المدوي مع عويل الندابات (مر 5: 38).
ثانيًا: الاستعدادات للدفن:
(1) سرعة الاستعداد: تتم هذه الإجراءات بسرعة، وتحت سطوة التقاليد لا يمكن أن تتم بنظام دقيق، فيسجى الجثمان في النعش بكامل ملابسه، ويغطي بعباءة أو ملاءة ثم يحمل إلى القبر. ونقرأ عن “حنانيا” أن الأحداث “لفوه وحملوه خارجًا ودفنوه” (أع 5: 6)، فقد تعجلوا دفنه دون إقامة أي مراسم أو طقوس.
(2) شعائر الدفن: كان الدفن عادة يستغرق وقتًا أكبر، وله شعائر معينة، فكان هناك غسل الجثمان (أع 9: 37)، ودهنه بزيوت عطرية وأطياب (يو12: 7، 19: 39، مرقس 16: 1، لو24: 1). ولف اليدين والقدمين بمنديل من الكتان (يو11: 44)، وكان الجثمان يضمخ عادة بالعطور والأطياب لتأخير عملية التعفن، وهو ما صنعه أهل بيت عنيا مع لعازر عند موته، فقد خرج عندما ناداه يسوع من القبر ملفوفًا بأقمطة ووجهه ملفوفًا بمنديل (يو11: 44)،. وقد احضر نيقوديموس مزيجًا من المر والعود “نحو مائة منا. فأخذا (يوسف الرامي ونيقوديموس) جسد يسوع ولفَّاه بأكفان مع الأطياب كما لليهود عادة أن يكفنوا” (يو19: 39 و40). “وبعدما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطًا ليأتين ويدهنه” (مر 16: 1، لو24: 1).
وكان تضميخ الجسد بالأطياب عادة قديمة فالملك آسا مثلًا “أضجعوه في سرير كان مملوءًا أطيابًا وأصنافًا عطرة حسب صناعة العطارة” (2 أخ 16: 14).
وكانت إجراءات الدفن، يقوم بها عادة الأقارب والأصدقاء، وفي أغلب الأحيان تقوم بها النساء. وقد احتفظت لنا أساطير اليونان بقصة تؤكد مغزى أن يقوم القريب أو الحبيب بإجراءات الدفن، فقد عرفت أليكترابموت “أورستس” (Orestes) ووضع رفاته في أنبوبة، فبكته وندبته قائلة: “يا ويلتاه، لم تتمكن يداي من غسل جثمانك، بل قامت بذلك الأيدي الغريبة التي كفنتك وقامت لك بالمراسم، ثم أحضروك إلّى في قارورة صغيرة”.
(3) الاختلاف في العادات بين اليهود والشعوب الأخرى: نتوصل من ذلك إلى نقطتي اختلاف بين عادات الدفن عند اليهود وعادات الدفن عند الشعوب الأخرى:
(أ) اعتاد اليونانيون أن يحرقوا جثث موتاهم، وهو أمر لا يوجد له نظير عند اليهود. ويكتب تاسيتوس (Tacitus) المؤرخ عن الاختلاف بين اليهود والرومان في ذلك، فلربما كان اليهود يدفنون موتاهم بدلًا من حرقهم بدافع من التقوى، ولعل ما حدث مع شاول وبنيه الثلاثة حيث “أخذوا جسد شاول وأجساد بنيه… وأحرقوها هناك” (1 صم 11: 3113) كان لسبب طارئ وليس لعادة متبعة، حتى إن نفس الرجال دفنوا تلك العظام المحترقة: “وأخذوا عظامهم ودفنوها تحت الأثلة في ياببش” (1 صم 13: 31). ثم عادوا حسب أمر داود الملك وأخذوها من أهل يابيش جلعاد “ودفنوا عظام شاول ويوناثان ابنه في أرض بنيامين في صيلع في قبر قيس أبيه” (2 صم 4: 21). وكان الناموس يسمح بحرق أجساد الموتى في حالتين: حالة الذي يموت تحت لعنة كما في حالة عخان بن كرمي وأسرته فقد أحرقوهم بعد رجمهم (يش 25: 7). وحالة المذنب الذي يمسك في خطية الزنا (لا 14: 20، 9: 21).
(ب) وكما لم يمارس اليهود عادة حرق الجثث التي كانت متبعة عند الإغريق، فإنهم أيضًا لم يمارسوا فن التحنيط الذي أتقنه قدماء المصريين، وتعتبر حالتا يعقوب ويوسف استثناء، لأنهما ماتا في مصر فحنطا كعادة المصريين. فعندما مات يعقوب كان يوسف ابنه هو الوزير المسئول، لذلك “أمر يوسف عبيده الأطباء أن يحنطوا أباه” (تك 2: 50)، وعندما مات يوسف “حنطوه، ووضعوه في تابوت في مصر” (تك 26: 50).
ثالثًا: في الطريق إلى القبر:
(1) عندما تتم كل الإجراءات ويحين وقت الدفن يحمل الجثمان إلى القبر على محفة، لأن بني إسرائيل لم يعرفوا التوابيت قديمًا، ويوسف هو الشخص الوحيد الذي ذكر عنه أنه “وضع في تابوت”، هذا إذا لم يكن سرير آسا (2أخ 14: 16) نوعًا من التوابيت كما يظن البعض. وتحمل المحفة على الأكتاف إلى القبر.
(2) الندابات المحترفات: يقوم الأهل والأصدقاء بعملية ندب الميت وبكائه، تقودهم في ذلك “ندَّابة” محترفة، حتى يرتفع ضجيجهم وعويلهم مدويًا مجلجلًا (جا 5: 12، إرميا 17: 9، عاموس 16: 5)، فقد أشار عاموس النبي إلى النحيب الذي سيكون عند خراب إسرائيل: “في جميع الأسواق نحيب، وفي جميع الأزقة يقولون آه ويدعون الفلاح إلى النوح، وجميع عارفي الرثاء إلى الندب” (عا5: 16). ويقول إرميا: “تأملوا وادعوا النادبات فيأتين.. ويسرعن ويرفعن علينا مرثاة، فتذرف أعيننا دموعًا وتفيض أجفاننا ماء” (إرميا 9: 17 و18).
رابعًا: القبر:
(1) القبور المحفورة في الأرض: عند الوصول إلى القبر، تجري بعض الشعائر ثم يرفع الجثمان من فوق المحفة ويوسد الثرى، ثم تُهال كومة من الأحجار فوق القبر غير العميق، وذلك لحفظ الجثمان من الضباع وبنات آوي واللصوص. وكان اليهود يحفرون القبور في الأرض كما يجري الآن عندهم في أورشليم وفي كل مكان آخر.
(2) مقابر العائلة والعادات الحديثة: من المعتاد أن تكون لكل عائلة مقبرة، سواء كان كهفًا طبيعيًا يجهز برفوف حجرية توضع عليها الجثث، أو قبرًا منحوتًا في صخرة كبيرة تنحت في جوانبها عدة كوى، تكفي كل منها لوضع جثمان واحد. وقد يستمر الدفن فيها على مدى أجيال متعاقبة (تك25: 10، 49، 31، 50: 13، يش24: 32). فنقرأ عن مغارة المكفيلة (تك 23، 49: 31). وعن دفن يشوع في ملكه في تمنة سارح (يش24: 30)، وقد دفن صموئيل في بيته في الرامة (1صم25: 1)، ودفن يوآب في بيته في البرية (1مل2: 34). أما منسي الملك فقد دفن في بستان بيته (2مل21: 18). ويبدو أن يوشيا الملك دفن في المقبرة التي دفن فيها كل من أبيه وجده (2مل23: 3). أما “آسا” فقد دفن في مقبرته التي حفرها لنفسه (2أخ16: 14).
وطبقًا للعادات اليهودية، لم يكن لليهودي أن يبيع مقبرته طالما كان في قدرته الاحتفاظ بها. وقد أصبحت المدافن الآن جماعية، فتتجمع مقابر أصحاب كل ديانة من الديانات الثلاث في مكان واحد.
شرح كلمة.
الدَفَنَ.
من الواجب أن نذكر أن هناك نقاط تشابه ونقاط اختلاف في عادات الدفن بين بلاد الشرق وبلاد الغرب، وكذلك بين إسرائيل في القديم والشعوب القديمة التي كانت معاصرة لها.
أولًا: ضرورة الدفن عقب الموت:
(1) الأسباب: يتم دفن الميت في بلاد الشرق بطريقة توحي باستعجال ملحوظ، فمن النادر أن يتأخر دفن الميت في سورية عن عشر ساعات من موته، والأغلب في أقل من ذلك. فسرعة تحلل الجثمان، ولوعة الحزن، ونفور الناس من بقاء جثمان الميت في المنزل، كل هذه العوامل تدعو إلى سرعة التخلص من الجثمان. ويتطلب هذا من الأحياء كما حدث في حياة إبراهيم عند دفنه سارة أن يتعجلوا دفن موتاهم من أمام أعينهم (تك 1: 234)، وكما نجد في حالة سرعة رفع جسدي “ناداب وأبيهو” إلى خارج المحلة (لا 10: 4)، وسرعة دفن حنانيا وسفيرة (أع1: 5 11). كما كان من الأسباب التي تدعو إلى الإسراع في دفن جثمان الميت، أن من يمس جسد الميت يتنجس.
(2) دفن الرب يسوع المسيح: تم دفن جسد الرب يسوع التزامًا بعادات اليهود والشريعة (تث23: 21، غل13: 3)، وقد ذهب يوسف الرامي إلى بيلاطس الوالي طالبًا جسد يسوع ليدفنه في يوم مماته (مت57: 27 60، مرقس42: 15 – 46، لو50: 23 – 53، يو38: 19 – 42).
(3) الوقت المعتاد للدفن: يدفن الميت في الغالب بعد ساعتين أو ثلاث ساعات من الوفاة، ويدفن اليهود الشرقيون موتاهم في خلال أربع وعشرين ساعة، ولو حدثت الوفاة في الصباح، يدفن الميت قبل الغروب. أما إذا حدثت بعد الظهر أو بعد الغروب، فيدفن عادة في صباح اليوم التالي.
(4) واجبات الابن: عندما يلفظ المتوفي أنفاسه الأخيرة، يقوم الابن الأكبر أو من يليه قرابة في الحاضرين، بإغماض عيني المتوفي: “ويضع يوسف يده على عينيك” (تك 4: 46). ثم يُقفل الفم ويُربط الفكّان: “ووجه ملفوف بمنديل” (يو 44: 11)، ثم تعلن الوفاة بالنحيب والعويل والصراخ المدوي مع عويل الندابات (مر 5: 38).
ثانيًا: الاستعدادات للدفن:
(1) سرعة الاستعداد: تتم هذه الإجراءات بسرعة، وتحت سطوة التقاليد لا يمكن أن تتم بنظام دقيق، فيسجى الجثمان في النعش بكامل ملابسه، ويغطي بعباءة أو ملاءة ثم يحمل إلى القبر. ونقرأ عن “حنانيا” أن الأحداث “لفوه وحملوه خارجًا ودفنوه” (أع 5: 6)، فقد تعجلوا دفنه دون إقامة أي مراسم أو طقوس.
(2) شعائر الدفن: كان الدفن عادة يستغرق وقتًا أكبر، وله شعائر معينة، فكان هناك غسل الجثمان (أع 9: 37)، ودهنه بزيوت عطرية وأطياب (يو12: 7، 19: 39، مرقس 16: 1، لو24: 1). ولف اليدين والقدمين بمنديل من الكتان (يو11: 44)، وكان الجثمان يضمخ عادة بالعطور والأطياب لتأخير عملية التعفن، وهو ما صنعه أهل بيت عنيا مع لعازر عند موته، فقد خرج عندما ناداه يسوع من القبر ملفوفًا بأقمطة ووجهه ملفوفًا بمنديل (يو11: 44)،. وقد احضر نيقوديموس مزيجًا من المر والعود “نحو مائة منا. فأخذا (يوسف الرامي ونيقوديموس) جسد يسوع ولفَّاه بأكفان مع الأطياب كما لليهود عادة أن يكفنوا” (يو19: 39 و40). “وبعدما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطًا ليأتين ويدهنه” (مر 16: 1، لو24: 1).
وكان تضميخ الجسد بالأطياب عادة قديمة فالملك آسا مثلًا “أضجعوه في سرير كان مملوءًا أطيابًا وأصنافًا عطرة حسب صناعة العطارة” (2 أخ 16: 14).
وكانت إجراءات الدفن، يقوم بها عادة الأقارب والأصدقاء، وفي أغلب الأحيان تقوم بها النساء. وقد احتفظت لنا أساطير اليونان بقصة تؤكد مغزى أن يقوم القريب أو الحبيب بإجراءات الدفن، فقد عرفت أليكترابموت “أورستس” (Orestes) ووضع رفاته في أنبوبة، فبكته وندبته قائلة: “يا ويلتاه، لم تتمكن يداي من غسل جثمانك، بل قامت بذلك الأيدي الغريبة التي كفنتك وقامت لك بالمراسم، ثم أحضروك إلّى في قارورة صغيرة”.
(3) الاختلاف في العادات بين اليهود والشعوب الأخرى: نتوصل من ذلك إلى نقطتي اختلاف بين عادات الدفن عند اليهود وعادات الدفن عند الشعوب الأخرى:
(أ) اعتاد اليونانيون أن يحرقوا جثث موتاهم، وهو أمر لا يوجد له نظير عند اليهود. ويكتب تاسيتوس (Tacitus) المؤرخ عن الاختلاف بين اليهود والرومان في ذلك، فلربما كان اليهود يدفنون موتاهم بدلًا من حرقهم بدافع من التقوى، ولعل ما حدث مع شاول وبنيه الثلاثة حيث “أخذوا جسد شاول وأجساد بنيه… وأحرقوها هناك” (1 صم 11: 3113) كان لسبب طارئ وليس لعادة متبعة، حتى إن نفس الرجال دفنوا تلك العظام المحترقة: “وأخذوا عظامهم ودفنوها تحت الأثلة في ياببش” (1 صم 13: 31). ثم عادوا حسب أمر داود الملك وأخذوها من أهل يابيش جلعاد “ودفنوا عظام شاول ويوناثان ابنه في أرض بنيامين في صيلع في قبر قيس أبيه” (2 صم 4: 21). وكان الناموس يسمح بحرق أجساد الموتى في حالتين: حالة الذي يموت تحت لعنة كما في حالة عخان بن كرمي وأسرته فقد أحرقوهم بعد رجمهم (يش 25: 7). وحالة المذنب الذي يمسك في خطية الزنا (لا 14: 20، 9: 21).
(ب) وكما لم يمارس اليهود عادة حرق الجثث التي كانت متبعة عند الإغريق، فإنهم أيضًا لم يمارسوا فن التحنيط الذي أتقنه قدماء المصريين، وتعتبر حالتا يعقوب ويوسف استثناء، لأنهما ماتا في مصر فحنطا كعادة المصريين. فعندما مات يعقوب كان يوسف ابنه هو الوزير المسئول، لذلك “أمر يوسف عبيده الأطباء أن يحنطوا أباه” (تك 2: 50)، وعندما مات يوسف “حنطوه، ووضعوه في تابوت في مصر” (تك 26: 50).
ثالثًا: في الطريق إلى القبر:
(1) عندما تتم كل الإجراءات ويحين وقت الدفن يحمل الجثمان إلى القبر على محفة، لأن بني إسرائيل لم يعرفوا التوابيت قديمًا، ويوسف هو الشخص الوحيد الذي ذكر عنه أنه “وضع في تابوت”، هذا إذا لم يكن سرير آسا (2أخ 14: 16) نوعًا من التوابيت كما يظن البعض. وتحمل المحفة على الأكتاف إلى القبر.
(2) الندابات المحترفات: يقوم الأهل والأصدقاء بعملية ندب الميت وبكائه، تقودهم في ذلك “ندَّابة” محترفة، حتى يرتفع ضجيجهم وعويلهم مدويًا مجلجلًا (جا 5: 12، إرميا 17: 9، عاموس 16: 5)، فقد أشار عاموس النبي إلى النحيب الذي سيكون عند خراب إسرائيل: “في جميع الأسواق نحيب، وفي جميع الأزقة يقولون آه ويدعون الفلاح إلى النوح، وجميع عارفي الرثاء إلى الندب” (عا5: 16). ويقول إرميا: “تأملوا وادعوا النادبات فيأتين.. ويسرعن ويرفعن علينا مرثاة، فتذرف أعيننا دموعًا وتفيض أجفاننا ماء” (إرميا 9: 17 و18).
رابعًا: القبر:
(1) القبور المحفورة في الأرض: عند الوصول إلى القبر، تجري بعض الشعائر ثم يرفع الجثمان من فوق المحفة ويوسد الثرى، ثم تُهال كومة من الأحجار فوق القبر غير العميق، وذلك لحفظ الجثمان من الضباع وبنات آوي واللصوص. وكان اليهود يحفرون القبور في الأرض كما يجري الآن عندهم في أورشليم وفي كل مكان آخر.
(2) مقابر العائلة والعادات الحديثة: من المعتاد أن تكون لكل عائلة مقبرة، سواء كان كهفًا طبيعيًا يجهز برفوف حجرية توضع عليها الجثث، أو قبرًا منحوتًا في صخرة كبيرة تنحت في جوانبها عدة كوى، تكفي كل منها لوضع جثمان واحد. وقد يستمر الدفن فيها على مدى أجيال متعاقبة (تك25: 10، 49، 31، 50: 13، يش24: 32). فنقرأ عن مغارة المكفيلة (تك 23، 49: 31). وعن دفن يشوع في ملكه في تمنة سارح (يش24: 30)، وقد دفن صموئيل في بيته في الرامة (1صم25: 1)، ودفن يوآب في بيته في البرية (1مل2: 34). أما منسي الملك فقد دفن في بستان بيته (2مل21: 18). ويبدو أن يوشيا الملك دفن في المقبرة التي دفن فيها كل من أبيه وجده (2مل23: 3). أما “آسا” فقد دفن في مقبرته التي حفرها لنفسه (2أخ16: 14).
وطبقًا للعادات اليهودية، لم يكن لليهودي أن يبيع مقبرته طالما كان في قدرته الاحتفاظ بها. وقد أصبحت المدافن الآن جماعية، فتتجمع مقابر أصحاب كل ديانة من الديانات الثلاث في مكان واحد.
(3) الأحجار المختومة: عندما يكون القبر كهفًا أو منحوتًا في الصخر، يغلق مدخله بحجر دائري كبير يدحرج إلى فم القبر ليحكم غلقه، ويؤمن إغلاقه بواسطة شريط يختم عند طرفيه بالشمع، وبذلك يصبح من السهل اكتشاف أي عبث بالقبر. وقد ذهب رؤساء الكهنة يطلبون من بيلاطس أن يأمر بختم وضبط القبر الذي وضع فيه جسد الرب: “فمضوا وضبطوا القبر بالحراس وختموا الحجر” (مت27: 66).
(4) زيارة المقابر: هناك أوقات محددة في بلاد الشرق يذهب فيها أهل الميت وأصدقاؤهم بعد يوم الدفن إلى المقابر لبكاء الميت عند القبر،. فمثلًا يذهبون إلى القبر في اليوم الثالث من الدفن، وفي اليوم السابع، ثم في الأربعين، وكذلك في الذكرى السنوية.
(5) الحزن المُفْرِط: في بعض الأحيان يؤدي الحزن المفرط ببعض المتطرفين إلى إحداث جروح في أجسادهم. وقد نهى الناموس شعب إسرائيل عن مثل هذا العمل: “ولا تجرحوا أجسادكم لميت” (لا19: 28، 21: 5، تث14: 1)، ولكن هناك بعض إشارات في الكتاب لمثل هذا الحزن المفرط (2صم1: 11 و12، مراثي1: 16، 3: 8، إرميا 9: 1).
(6) الأناشيد الحزينة (المراثي): هناك بعض إشارات في الكتاب المقدس إلى هذه الأناشيد الحزينة، فعندما ذهب المسيح ليقيم ابنة رئيس المجمع من الموت نقرأ عنه: “ولما جاء يسوع إلى بيت الرئيس ونظر المزمرين والجمع يضجون” (مت9: 23، مر5: 38). كما يرسم لنا الكتاب صورة حية لجنازة يعقوب (تك50: 6 – 13).
خامسًا: عدم دفن الميت يعتبر كارثة:
ما زال الشرقيون يرون كما كان الأمر في القديم أن أي تقصير أو نقص في إجراءات الدفن يعتبر مهانة كبيرة، أو غضبًا من الله على الميت، لذلك كان عدم دفن الميت يعتبر أكبر كارثة يمكن أن تحل بالإنسان. وقد أشار الكتاب المقدس إلى ذلك كثيرًا، فمن أعظم صور المهانة أن يترك جسد الميت مأكلًا للوحوش (2صم21: 10 و11، 1مل13: 22، 14: 11، 16: 4، 21: 24، 2مل 9: 37، إرميا 7: 33، 8: 1 و2، 22: 18 و19، حز29: 5، مز79: 3، رؤ11: 9). فالجثمان الذي لا يواري التراب، لا يعتبر عارًا للأسرة فحسب، بل يجلب لعنة على الأرض، فلابد من دفن جثة أي إنسان حتى لو لم يكن له من يدفنه، بل يجب دفن جثث المجرمين (تث21: 22 و23).
أما الدفن في العهد الجديد فينظر إليه في ضوء رجاء القيامة، حيث ينظر إلى الموت باعتباره رقادًا (1تس4: 13). كما ينظر إلى الجسد نظرة احترام باعتباره هيكلًا للروح القدس (1كو6: 19)، وأنه سيُقام ثانية (1كو6: 13 و14). كما يجب على المؤمنين ألا يحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم (1تس4: 13).
كما يستخدم الدفن رمزيًا للدلالة على موت المؤمن ودفنه وقيامته مع المسيح كما تشير إلى ذلك المعمودية (رو6: 4 و5).
وقد كشف “سوكينك” (Sukenik) في 1945 عن قبر بين أورشليم وبيت لحم يرجع إلى نحو 50م، وجد به أحد عشر إناء بها عظام بشرية مكتوب عليها بالفحم علامة الصليب واسم شخص اسمه سمعان برسابا (ولا يوجد اسم برسابا إلا في أع 1: 23، 15: 22) وقد يكون هذا أول دليل عملي على وجود الجماعة المسيحية في أورشليم. كما اكتشفت مقبرة على جبل الزيتون في 1954 م. بها عدد من هذه الأواني، عليها أسماء وردت في العهد الجديد مثل يايرس وسالومة ومرثا ومريم وسمعان بن يونا. وقد رسم على أحد الأواني رسم دقيق للصليب، وعلى إناء آخر الحروف الثلاث “I. X. B. ” (وهي اختصار “يسوع المسيح الملك”). كما توجد على القبور في سراديب روما المشهورة، نقوش تعبر عن إيمان الكنيسة الأولى.
سادسًا: شواهد القبور:
كانت المقابر العادية، تحدد مواقعها بكومة من الأحجار غير المشذبة. وفي بعض الأحيان كانت توضع شواهد أو أعمدة كنصب تذكاري للمتوفي (2مل23: 17، حز39: 15)، فقال (الملك يوشيا): “ما هذه الصُّوَّة التي أرى؟” ولا شك في أن هذه العبارة تشير إلى شاهد القبر. كما نقرأ أن يعقوب نصب عمودًا على قبر راحيل (تك35: 20)، كما أنهم أخذوا أبشالوم وطرحوه في الوعر في الجب العظيم وأقاموا عليه رجمة عظيمة جدًا من الحجارة “(2صم18: 17)، ولكن لم تكن هذه الرجمة للتكريم بل للإهانة والتحقير، كما في حالة عخان بن كرمي.
وكانت المدافن في العهد الجديد خارج المدن والقرى (لو7: 12، يو11: 30) كما كانت هناك مقابر عامة لدفن الغرباء (مت27: 7). وكانت في العهد القديم مقابر عامة في أورشليم لبني الشعب (إرميا 26: 23)، لعل مكانها الآن بين سور المدينة ووادي قدرون.
تابوت العهد | تابوت الرب
← اللغة الإنجليزية: Ark of the Covenant – اللغة العبرية: אָרוֹן הַבְּרִית – اللغة اليونانية: Κιβωτός της Διαθήκης. x.
(خر 25: 10) صندوق صنعه موسى بأمره تعالى، طوله ذراعان ونصف وعرضه ذراع ونصف وارتفاعه ذراع ونصف. وكان مصنوعًا من خشب السنط ومغشى بصفائح ذهب نقي من داخل ومن خارج، ويحيط برأسه أكليل من ذهب فوقه غطاء من ذهب نقي. وفوق كل طرف من الغطاء كروب من ذهب يظلّل الغطاء. وعلى كل من جانبي التابوت حلقتان من ذهب لعصوي التابوت المصفحتين بالذهب لحمل التابوت. وكان المنوط بحراسته وحمله بنو قهات من اللاويين (عد 3: 29 – 31).
ويمثل الكروبان حضور الرب الذي لا يدنى منه وسكناه بين الكروبين وإعلان صوته من بينهما وهناك يجتمع مع ممثلي الشعب (خر 25: 10 – 22 و30: 6 وعد 7: 89 و1صم 4: 4).
وكان في التابوت الوعاء الذي يحتوي على المن، وعصا هارون التي أفرخت، ولوحا العهد، وكان عليهما وصايا الله العشر المكتوبة بإصبع الله (خر 25: 16 و21 وعب 9: 3 و4) ثم وضع بجانبه كتاب التوراة (تث 31: 26) ومن ثم يسمى التابوت أحيانًا تابوت الشهادة (خر 25: 16 و40: 21) ولم يكن وعاء المن وعصا هارون في ملك سليمان (1مل 8: 9) وفوق الغطاء ظهر السحاب حيث تراءى الله (لا 16: 2 وعد 7: 89) وكان في أيام التيه إذا ما رحل العبرانيون في البرية أن التابوت يحمل أمام الشعب ويتقدمه عمود السحاب نهارًا وعمود النار ليلًا. وكان إذا حمل التابوت يقول “قم يا رب فلتتبدد أعداؤك ويهرب مبغضوك من أمامك” وإذا حل التابوت يقول أيضًا “ارجع يا رب إلى ربوات ألوف إسرائيل” (عد 10: 33 – 36). وعندما عبر العبرانيون الأردن حمل التابوت أمامهم إلى السماء فانشق تيار النهر فوقفت المياه المنحدرة من فوق وعبر الشعب على اليابسة (يش 3: 14 – 17).. ثم بقي مدة في الخيمة في الجلجال وبعد ذلك نقل إلى شيلوه حيث بقي بين 300 و400 سنة (ار 7: 12 – 15) ثم أخذ من الخيمة وحمل أمام الجيش فوقع في أيدي الفلسطينيون إلى أشدود ووضعوه بجانب صنم داجون (1صم 5: 2) غير أن الله أنزل عليهم بلايا وأمراضًا حتى اضطروا إلى إرجاعه إلى أرض العبرانيين فوضع في قرية يعاريم (1صم 6 و7) ثم عندما سكن داود أورشليم نقل التابوت إليها على غاية من التجلة والمظاهر الدينية المناسبة، فبقس هناك إلى أن بنهناك إلى أن بني الهيكل (2صم 6: 1 – 15 و1 أخبار 15: 25 – 29) ويظن أنه في أثناء ذلك كتب المزمور المائة والثاني والثلاثون ثم وضع التابوت في الهيكل (2 أخبار 5: 2 – 10) ووضع منسى تمثالًا منحوتًا في بيت الله وربما أزال التابوت من مكانه حتى يجد له مكانًا (2 أخبار 33: 7) غير أن يوشيا أرجعه (2 أخبار 35: 3) وسماه تابوت القدس.
ولم يكن التابوت في الهيكل الثاني غير أننا لا نعلم هل أخذ عندما نهب البابليون أورشليم أو اختفى ثم فقد. ويوجد تقليد عند الاثيوبيين يفتقر إلى اثبات وهو أن تابوت العهد موجود بأكسوم بأثيوبيا.
جبل تابور | جبل طابور | جبل الطور
جبل في أرض الجليل يسمى الآن الطور يشرف على مرج ابن عمير (عامر) ويقع في تخوم يساكر (يوسيفوس جزء 5: 1، 22) وهذا يؤيد ما جاء في يشوع 19: 22. وهو جبل شهير مع أنه أصغر من جبل حرمون (مز 89: 12) يقع على بعد خمسة أميال ونصف نحو الجنوب الشرقي من الناصرة و12 ميلًا شمالًا من جبل جلبوع و12 ميلًا جنوب غربي بحيرة جنيسارات.
(1) تاريخ جبل تابور:
يصلح موقع تابور لاجتماع الجيوش للقتال لكونه على مرج ابن عمير (عامر) وهناك جمع باراق جيشه نحو 10000 رجل لمحاربة سيسرا (قض 4: 6 – 14) وهناك قتل المديانيون بعض مقاتلي إسرائيل قبل نصرة جدعون (قض 8: 18).
ذكر مع تابور كرمل (ار 46: 18) وعبدوا عليه الأوثان (هو 5: 1) ولم يذكر في العهد الجديد غير أنه في الجيل الثاني للميلاد تشير بعض التقاليد إلى أن هذا الجبل هو جبل التجلي (مر 9: 2 – 10) وهذا التقليد يفتقر إلى إثبات. ووجدت على قمة هذا الجبل مدينة كان قد حاصرها انطيوخس الكبير سنة 218 قبل الميلاد واستولى عليها ثم حصنها (بولبيوس جزء 5: 7 و6) وظلت قائمة إلى عصر المسيح ثم أن يوسيفوس ضرب سورًا حولها لتحصينها (يوسيفوس 37 وجزء 4: 1، 8).
وبالنسبة للاعتقاد الذي ساد أن هذا الجبل هو جيل التجلي أقيمت عليه عدة كنائس منذ القرون الأولى للمسيحية. وقبل نهاية القرن السادس بنيت عليه ثلاث كنائس تذكارًا للمظال الثلاث التي طلب بطرس أن تقام هناك. وحديثًا أقيمت كنيسة فخمة للاتين على قمته.
(2) منظر جبل طابور:
أن جبل تابور أحد الجبال الرائعة المنظر بين جبال فلسطين لأنه مرتفع عن السهل على هيئة ثدوية، وهو منفرد عن بقية جبال الجليل وعلوه 1375 قدمًا فوق السهل و1843 قدمًا فوق سطح البحر الأبيض المتوسط. والطريق إلى قمته عسرة المسالك وقد أصبحت واجهته الجنوبية مقفرة وأما بقية جوابه فمكسوة بشجر السنديان والبطم والجوز وغيرها.. وتربته مخصبة توافق المرعى ويصطاد من بين أشجاره الحجال والأرانب والثعالب وغيرها من الحيوانات والطيور حتى وبعض الضواري كالذئب والنمر. وقمة الجبل أقل من ربع ميل طولًا وثُمنه عرضًا وعليها ديران أحدهما للروم والآخر للاتين. وعليها أيضًا خرب أبراج وحصون وأقبية وراج وحصون وأقبية وصهاريج وغيرها من الأبنية اليهودية واليونانية والشرقية والغربية والعثمانية. أما المنظر من رأس تابور فهو أجمل جميع مناظر فلسطين الوسطى فيظهر منه إلى الشمال والشرق جبل الشيخ وبحر الجليل وجبال حوران وجلعاد، وإلى الجنوب والغرب مرج ابن عمير (أو عامر كما يدعى الآن) وجلبوع والكرمل والبحر الأبيض المتوسط.
تاحَت
اسم عبري معناه “ما هو تحت”. أحد محطات بني إسرائيل في البرية (عد 33: 26 و27) ويظن أنها عند جبل التيه بين العرب والتياهة.
تاحَش
اسم عبري معناه “تخس أو دلفين”. ابن لناحور من سريته رؤومة (تك 22: 24).
تاحَن
اسم عبري معناه “معسكر”. رجل من بني افرايم ومؤسس قبيلة التاحينيون (عد 26: 35 و1 أخبار 7: 25).
تارَح ابن ناحور
← اللغة الإنجليزية: Terah – اللغة العبرية: תֶּרַח / תָּרַח.
اسم عبري معناه “عنزة جبلية” ابن ناحور وأبو إبراهيم كان يقطن أور الكلدانيين وقضى أغلب حياته فيها مؤثرًا عبادة الأوثان على عبادة الله (يش 24: 2). ومن بين الآلهة التي عبدها القمر، حيث كان هيكل مكرسًا له في أور. وقد رافق إبراهيم إلى حاران ما بين النهرين حيث توفي، وله من العمر مئتان وخمس سنين وكان عمر إبراهيم وقتئذ خمسًا وسبعين سنة (تك 11: 31 و32).
واسمه كتب الإسلام: “آزر”.
منطقة تارَح
محطة لبني إسرائيل في البرية بين تاحت ومثقة (عد 33: 27 و28) وربما كان موقعها بين عرب الطورة.
تحْريع
اسم عبري معناه “مكار” رجل من نسل شاول من جهة يوناثان (1 أخبار 9: 41) ويدعى أيضًا تاريع (1 أخبار 8: 35).
مدينة تامار
اسم عبري معناه “شجر التمر آهل نخيل”، وهو اسم مدينة محصنة كان يسكنها الأموريون الذين ضربهم كدرلعومر وحلفاؤه عند نزوله لمحاربة ملك سدوم وحلفائه (تك 14: 7).
تامَح | ثامح
مؤسس أسرة النثينيم الذين رجعوا مع زربابل من السبي [عددهم الإجمالي مع جَمِيعُ النَّثِينِيمِ وَبَنِي عَبِيدِ سُلَيْمَانَ: 392] (عز 2: 53 ونح 7: 55) ويسمّى أيضًا ثامح.
تاودوتس
أحد ثلاثة رجال أرسلهم القائد السرياني نكانور إلى يهوذا المكابي لعقد صُلْح معه (2 مك 14: 19).
تبًا لهم
تقول “تبا لهم” أي الزمهم الله هلاكاً وخسرانا. ويقول هوشع “ويل لهم لأنهم هربوا عني. تبا لهم لأنهم أذنبوا إلى” (هو 7: 13)، ففي العبارتين يتوعدهم بالويلات والهلاك والخراب لانحرافهم عن طريق الرب. والكلمة العبرية المترجمة “تبا” هي “شود” (Showd) وقد ترجمت بكلمة “خراب” في كثير من المواضع (أيوب 5: 21 و22، إشعياء 13: 6، يوئيل 1: 15، هوشع 9: 6)، وترجمت “اغتصاب” في سفر الأمثال (24: 2).
التبر
هو الذهب والفضة آهل فتاتهما قبل أن يصاغا، فإذا صيغا فهما ذهب وفضة. آهل هو ما استخرج من المعدن قبل أن يصاغ. ويقول اليفاز لأيوب: “أن.. ألقيت التبر على التراب، وذهب اوفير بين حصاد الأدوية، يكون القدير تبرك وفضة أتعاب لك” (أيوب 22: 23 25)، كما يقول له اليهو: “هل يعتبر غناك؟ لا التبر ولا جميع قوى الثروة” (أيوب 36: 19).
توابع
جمع تابع وهو الجني آهل الجنية يكونان مع الإنسان يتبعانه أينما يذهب. والكلمة العبرية المترجمة بكلمة “توابع” مشتقة من كلمة “يودع” (Yaw – Dah) العبرية بمعنى “يعرف آهل يكشف” وهو ما يدعيه السحرة والدجالون. وقد نهى الرب بشدة عن الالتجاء إليهم آهل الالتفات إلى ما يقولون، وجعل عقاب ذلك القتل (لا 19: 31، 20: 6 و27.. إلخ).
تَبعِيرة
اسم عبري معناه “اشتعال” موضع في برية فاران حيث تذمر بنو إسرائيل واشتعلت نار الرب وأحرقت طرف المحلة في قبروت هتأوة، وأخمدت بتوسلات موسى (عد 11: 1 – 3 وتث 9: 22).
التِبن
كان اليهود يستخدمون التبن لصنع اللبن (خر 5: 7 – 18)، وكذلك لعلف الحيوانات (تك 24: 25).
التبن هو عصف الزرع من قمح أو شعير أو نحوه، ويستخدم علفًا للمواشي (تك 24: 25، قض 19: 19، 1 مل 4: 28). وسيأكل الأسد تبنًا كالبقر في أيام ملك المسيا (إش 65: 25). كما يستخدم التبن في صناعة الطوب، وعندما طلب موسى من فرعون أن يطلق الشعب، أمر مسخريهم إلا يعطوهم تبنًا لصنع اللبن، فاستعاضوا عنه بالقش الذي كانوا يجمعونه من كل ارض مصر (خر 5: 7 12).
ويستخدم التبن مجازا في الإشارة إلى الأشرار بالمقارنة مع الأبرار (أيوب 21: 18، إش 25: 10، ارميا 23: 28، مت 3: 12، لو 3: 17). ويقول الرب لأيوب تعبيرًا عن قوة لوياثان الذي خلقه الله بكلمة قدرته: “انه يحسب الحديد كالتبن، والنحاس كالعود النخر” (أيوب 41: 27). تِبني ابن جينة.
اسم عبري معناه “من التبن”، وهو ابن جينة ادعى المُلك، وحارب عمري وقد انحاز إليه نصف الشعب مدة أربع سنوات غير أنه انهزم أخيرًا (1مل 16: 21 و22).
تَتنْاي
أحد ولاة الفرس في جنوب نهر الفرات عارض في إعادة بناء الهيكل (عز 5: 3 و6 و6: 6 و13).
تُجّار | تجارة
(اش 23: 2) كانت البضائع في الأعصر الخالية تنقل من مكان إلى آخر بواسطة القوافل كما هو جار في وقتنا الحاضر، وقد جاء في الكتاب أن يوسف بيع إلى قافلة تجار. وأول تجارة سمع عنها مع سبا كانت بواسطة قوافل ترسل منها وإليها من سوريا وفلسطين ومصر غير أنه كانت هناك علاقات كثيرة أيضًا بين أمم مختلفة بواسطة الأنهر والبحار. وأول أمة اشتهرت بالتجارة كانت فينيقية، وكانت صيدون عاصمة فينيقية أولًا ثم صارت صور عاصمة البلاد. ومن رام زيادة المعرفة عن تجار فينيقية فعليه بمراجعة حز 27 و28 وكانت تجارة المصرين أيضًا متسعة النطاق فكانوا يأتون إلى بلادهم ببضائع من الصومال وسبا والهند ويرسلون بضائعهم إلى عدة أماكن مجاورة للبحر المتوسط.. وقد أشار يعقوب الرسول إلى تجار تلك الأيام الذين كانوا يتجولون من مدينة إلى أخرى طمعًا في الأرباح (يع 4: 13). وقد نشأت التجارة على هيئة ما كانت عليه في الأزمنة القديمة لما انقسم الناس إلى جماهير مختلفة وصارت معيشة أهالي المدن متوقفة على محاصيل الفلاحين وبضائع الأمم الأجنبية كما هو معلوم في زمن إبراهيم وما ورد في قصة يوسف حينما حدثت المجاعة العظيمة في مصر. ولم يكن اليهود يعتنون كثيرًا بتنظيم تجارتهم مع الأمم الأجنبية، وذلك لعدم نجاحهم في عمل السفن فقد خابت مشروعات يهوشافاط التجارية (1 مل 22: 48 و49) غير أننا نعلم أيضًا أنهم كانوا يبتاعون البضائع الأجنبية (عز 3: 7 ونح 13: 20 و21) ويرسلون بضائعهم إلى الممالك الأجنبية أيضًا كفينيقية وغيرها (1مل 5: 11 وحز 27: 17 واع 12: 20) وقد اشتهرت يافا ميناء أورشليم بتجارتها، فإن السفن كانت تقلع منها إلى موانئ عديدة (يون 1: 3) أما تجارة اليهود الداخلية فكان معظمها أيام المواسم والأعياد فإنهم في تلك الأوقات كانوا يبيعون المواشي للذبيحة ويصرفون الدراهم في الهيكل وهذا ما جعل المخلص يسوع أن يقلب موائد الصيارفة ويطرد الباعة من الهيكل (مت 21: 12 ويو 2: 14).
أولا فكرة عامة.
(1) المصطلحات: تستخدم اللغة العبرية للدلالة على “التاجر” في أغلب الحالات كلمتين طارئ صيغة اسم الفاعل، هما: “سهير” و “روخل” وكلاهما بمعنى “المتجول”، ولا فرق طارئ معنيهما إلا عندما يجتمعان في عبارة واحدة (كما في حز 27: 13 15). وقد استخدم الفعل “ساهار” بمعنى “يتجر” في سفر التكوين (34: 10 و21، 42: 34) مع مشتقاته الأخرى. وتستخدم “ريخولة” وهي المصدر من “روخل” في نبوة حزقيال (26: 12، 28: 5 و16 و18).
كما تستخدم كلمة “ماركوليت” أيضاً في حزقيال (27: 24)، وهي في حقيقيتها تعني “السوق”. كما تستخدم كلمة “تاريم” ومعناها “الباحثون” كصفة لكلمة “رجال”، وتترجمان إلى العربية بكلمة وتستخدم أيضاً كلمة تجار “(1 مل 10: 15، 2 أخ 9: 14)” كنعاني “في الإشارة إلى التاجر” (أيوب 41: 6، أمثال 31: 24، هوشع 12: 7)، كما تستخدم كلمة “كنعان” للدلالة على “بلاد التجار (إش 23: 11، صفنيا 1:، خر 17: 4).
وتستخدم في العهد الجديد جملة كلمات يونانية لتأدية معنى “تاجر”، أهمها كلمة “أمبوروس” ومشتقاتها (مت 13: 45، رؤ 18: 3 و11 و15 23، يو 2: 16، مت 22: 5).
(2) موقع فلسطين: يكفي إلقاء نظرة على خريطة العالم القديم، لإدراك أن فلسطين رغم قلة موانيها كانت تشغل موقعا بالغ الأهمية فيما يتعلق بطرق التجارة. فلم يكن هناك منفذ لدمشق مركز القوافل الكبير إلى الغرب، أو طريق يربطها بمواني البحر المتوسط مثل صور وصيدا، إلا عن طريق فلسطين، وكان هذا الطريق المعبد يمر عبر شمالي فلسطين على ضفاف بحر الجليل، كما كانت الطرق الخرجة من مصر إلى الشمال والشمال الشرقي تمر بفلسطين، لذلك كان التجار الأجانب في جميع الأوقات وجوها مألوفة في فلسطين (تك، 37: 25 و28، 1 مل 10: 15، نح 13: 16، إش 2: 6، صفينا 1: 11… إلخ.).
لذلك كانت المكوس التي تجبى من هؤلاء التجار مصدرا هاما للدخل (1 مل 10: 15، حز 26: 6، عز 4: 20). كما أن فلسطين استفادت من وجود هؤلاء التجار في تسويق منتوجاتها.
(3) منتوجاتها التجارية: كانت السلع الرئيسية من منتوجات فلسطين هي الحبوب والزيت والخمر (هو 2: 8، تث 7: 13… إلخ.). ولم يكن لمنتوج فلسطين من الخمر شهرة عريضة في العالم القديم، ولم يذكر تصديره من فلسطين إلا في موضعين في الكتاب المقدس (2 أ خ 2: 10 و15، عز 3: 7)، بينما يذكر حزقيال بكل جلاء أن صور كانت تستورد الخمر الجيدة من دمشق (حز 27: 18). أما مصر فلم تكن في حاجة إلى استيراد الحبوب، بيد أن فينيقية كانت سوقا رائجة لها، سواء للاستهلاك في المدن الكبرى كصور وصيدا أو للتصدير أيضاً (1 مل 5: 11، عز 3: 7، حز 27: 17… إلخ.). وكان يحدث في ظروف طارئة، عكس ذلك، فتستورد طعامها من صور (إش 23: 18، انظر أيضاً تك 41: 57). أما الزيت فكانت تحتاج إليه كل من مصر وفينيقية (هو 2: 1، إش 57: 9)، وكان يشحن من شمالي إسرائيل إلى مصر عن طريق فينيقية.
وكان الكتان سلعة متميزة في مصر (إش 19: 9). أما الصوف فكان على إسرائيل أن تعتمد في ذلك إلى حد كبير، على موآب (2 مل 3: 4، إش 16: 1). أما المنتوجات الأخرى الصغيرة التي كانت تصدر، فكان بينها: البلسان والعسل والتوابل والمر والفستق واللوز (تك 43: 11)، وكانت هذه من منتوجات جلعاد (تك 37: 25)، والحلاوى، وهى نوع من الحلوى آهل المربى (حز 27: 17). وكان لبلوط باشان قيمة تجارية في عمل المجاديف (حز 27: 5). أما الأخشاب الثقيلة فكانت فلسطين تستوردها (1مل 5: 6). ورغم ما جاء في سفر التثنية (8: 9)، فان فلسطين كانت فقيرة في الثروة المعدنية. وكانت قيمة المنتوجات المصنوعة في فلسطين تعتمد على مهارة السكان. أما بالنسبة للفنون، فيبدو أن العبرانيين لم يكونوا بارعين فيها (1 مل 5: 6، 1 صم 13: 19).
(4) التجار الفلسطينيون: إذا نظرنا إلى حجم التجارة الدولية الضخم، التي كانت على الدوام تمر عبر أراضى فلسطين، فمن المحتمل أن المنتوجات التي أشرنا إليها آنفا، لم تكن لها قيمة كبيرة، لان كبار التجار كانوا عادة من الأجانب، ومع ذلك كان هناك مجال واسع مفتوح أمام سكان فلسطين للعمل كوسطاء ووكلاء إذا ما رغبوا في ذلك. ومثل هذه المهن كانت تستلزم اتصالات وثيقة بالبلدان المجاورة والتحرر من الشكوك الدينية. ومن الجلي أن الكنعانيين كانوا متفوقين في مهنة التجارة في ذلك العصر حتى أن كلمتي “كنعاني” و “تاجر” تكادان تكونان مترادفتين.
ثانيا التاريخ:
(1) داود: دخل الإسرائيليون ارض كنعان كشعب بدوي، حتى الزراعة كان عليهم أن يتعلموها. وكان يسيطر عليهم شعور ديني ذاتي يحول بينهم وبين تكوين علاقات وثيقة جدا مع جيرانهم، وكان هذا يقف حائلا بينهم وبين المشاركة الواسعة في التجارة. وشرائع التوراة (وهي تختلف تماما عن قوانين حمورابي) تظهر لنا بوضوح هذه الروح غير التجارية حيث انه لا توجد قوانين متعلقة بالتجارة غير بعض الأمور الأولية مثل تحريم الغش في الميزان وما إلى ذلك (تث 25: 13، لا 19: 36). وتحريم الربا (خر 22: 25) بنوع خاص، يوضح لنا انه لم تكن هناك حياة تجارية قومية، لأنه دون وجود نظام ائتمان، تصبح التجارة مستحيلة على أي نطاق واسع، فقد تركت كل هذه الأمور للأجانب (تث 23: 20، 15: 6، 28: 12 و44).
وفي الواقع كان النمط اليهودي أن يكون كل بيت (عائلة) وحدة إنتاجية تتمتع بكفاية ذاتية (أمثال 31: 10 27) مع تبادل محلي آهل قومي لبعض السلع.. مثل الأدوات المنزلية والملح التي لا يمكن إنتاجها في كل بيت، ويبدو أن هذا الأسلوب كان هو السائد.
وكانت الأسباط التي طارئ أقصى الشمال، لقربها من الفينقيين، هي أول من تأثر بالروح التجارية، ولا سيما سبط “دان” فنقرا أن دان “استوطن لدى السفن” (قض 5: 17) في أيام انتصار باراق. ولما كانت منطقتهم لا شواطئ لها، فلا بد أن يكون معنى هذا، انهم كانوا يجنون كثيرا من العمل على سفن صور وصيدا. ونفهم مما جاء عن زبولون ويساكر في سفر التثنية (33: 19) انهما كانا تجار إسرائيل، يبيعان بضائعهما بصفة رئيسية في المواسم الدينية الكبرى. بيد أن الاضطرابات في عصر القضاة كانت عائقا كبيرا أمام التوسع في التجارة. وأخيراً استطاع شاول أن يفرض نوعا من النظام مما احدث بعض الانتعاش الاقتصادي الذي يبدو من قول داود في رثائه لشاول: “يا بنات إسرائيل ابكين شاول الذي البسكن قرمزا بالتنعم وجعل حلى الذهب على ملابسكن” (2 صم 1: 24). وثمة دليل على رواج التجارة في زمن داود وذلك في إصداره “شاقل” الملك (2 صم 14: 26).
2 – سليمان: وفي الحقيقة، لم تتسع تجارة إسرائيل إلا في عصر سليمان، فقد استورد الأخشاب من صور (1 مل 5: 6) وكذلك الذهب (1 مل 9: 11). وجاءه من “سبا” الذهب والأطياب (1 مل 10: 10) التي قدمتهما له ملكة سبا، ومن اوفير وغيرها جاء بالذهب، والفضة، والأحجار الكريمة، وخشب الصندل، والعاج، والقرود، والطواويس (1 مل 10: 11 و22 و25). كما كانت تأتيه الخيول والمركبات من مصر وتباع ثانية إلى الأقطار الشمالية (1 مل 10: 29). بيد أن البعض يرون أنه لم تكن لمصر شهرة كبيرة كسوق للخيل بالمقارنة مع شمالي سوريا وغرب أرمينية، ويفضل كثيرون من العلماء أن يقرءوا “موصري” (في الجزء الشمالي الغربي من الجزيرة العربية) بدلا من كلمة مصر، ولكن مما لا شك فيه أن مصر كانت مشهورة بمركباتها (تث 17: 16).
وفي مقابل ذلك، كان سليمان يصدر إلى صور القمح والزيت (1 مل 5: 11) وكذلك الشعير والخمر (2 أخ 2: 10 و15). أما ما كان يرسله إلى البلدان الأخرى فلا يذكر عنه شيء واضح، ولا سيما انه لم يذكر ما كان يدفعه مقابل الذهب. ويتضح لنا مما جاء في سفر الملوك الأول (5: 11، 9: 11) أن حيرام كان هو الوسيط في تجارة الذهب، ولا بد أن سليمان كان مدينا بالكثير جدا لحيرام عند التسوية النهائية، فقد قام سليمان بتنفيذ أعمال اكثر مما كانت تحتمله موارد فلسطين. ولسداد دينونة اضطر إلى التخلي عن الجليل الشمالي لحيرام (1 مل 9: 11).
(3) التجارة البحرية: لم يغفل سليمان أمر التجارة البحرية في غمرة نشاطاته الأخرى. وكان من نتيجة انتصار داود على أدوم أن حصل على مدخل على البحر الأحمر عند عصيون جابر، وأشترك سليمان وحيرام في استخدام هذا الميناء (1 مل 9: 26)، ويبدو انه كان على حيرام أن يقدم السفن والنواتي العارفين بالبحر (1 مل 10: 11). وبعد موت سليمان ثارت أدوم وأغلقت الطريق إلى البحر (1 مل 11: 14) ولم تفتح مرة أخرى إلا في عهد يهوشافاط ولكنه لم يستفد منه “لان السفن تكسرت في عصيون جابر” (1 مل 22: 48) أي في نفس المكان الذي بنيت فيه، أما لأنها كانت رديئة الصنع، وأما لأنها لم تزود برجال أكفاء، فالعبرانيون لم يكونوا مهرة في فنون البحر.
4 – إلى السبي: استمرت التجارة التي أسسها سليمان، بعد عصره مع تعرضها للتقلبات، وأصبحت السامرة مركزاً تجارياً هاما حتى أن بنهدد الأول اجبر بعشا على أن يخصص فيها سوقا لتجار دمشق، بينما نجح آخاب في انتزاع نفس الحق للأرض في دمشق من بنهدد الثاني (1 مل 20: 34).
وكان لمدة الحكم الناجح الطويل ليربعام الثاني ملك إسرائيل، ولمعاصره عزيا ملك يهوذا، أهميتها القصوى في نمو التجارة. وكان الترف المتزايد في عصر هذين الملكين، هو الذي استجلب سخط كل من عاموس وهوشع وإشعياء. فقد شحب عاموس استيراد الأغنياء لأدوات الترف الأجنبية غالية الثمن، وبددوا بذلك موارد فلسطين (عاموس 3: 12 15، 6: 3 6، إش 3: 18 23). كما كانت تؤخذ الحنطة السلعة الرئيسية ذات القيمة عنوة من الفقراء (عاموس 5: 11)، وكان تجار الحنطة لا يعرفون الأمانة على الإطلاق، ويبيعون “نفاية القمح”، أي أنهم كانوا يغشون في البضاعة نفسها. ومما له مغزاه، أن بقايا الأواني التي اكتشفت حديثا في السامرة، عليها نقوش تشير إلى إنها نقية خالصة. والمدى الذي وصلت إليه الروح التجارية، آثار استياء هوشع حتى انه يقول: أن افرايم صار “مثل الكنعاني” (هو 12: 7). وكانوا يبررون كل هذه المعاملات المخادعة بالحجة الواهية: “أني صرت غنيا” (هو 12: 8). ولقد ندد إشعياء بالصفقات التي كانوا يعقدونها مع الأجانب والتي كانت مربحة جدا لأصحابها، لكنها أدت إلى جلب الوثنية (إش 2: 6 8). وفي أيام إشعياء، ابتدأ أن يكون لأشور نفوذ ملموس في يهوذا. فوضع مذبح شبيه بالمذبح الآشوري في دمشق، في هيكل أورشليم (2 مل 16: 10)، ولا بد قد صاحبه تدفق السلع العديدة من أشور، كما أن رد الفعل الديني في عصر حزقيا قد صاحبه مقاطعة للسلع الآشورية.
وثمة بيانات قليلة جدا عن الفترة التي تلت ذلك، ملأته سبقت السبي. لكن ما جاء في حزقيال (26: 2) يبين أن أورشليم احتفظت بشيء من الأهمية التجارية إلى وقت سقوطها،. وما جاء في الإصحاح الثالث والعشرين من إشعياء، والإصحاحين السادس والعشرين والسابع والعشرين من حزقيال عن تجارة صور، له أهمية خاصة. وإذا كان حزقيال قد اقتصر على الوصف، إلا أن إشعياء يصف الدخل الذي درته كل تلك التجارة، بأنها “أجرة ذاتية” (إش 23: 17 و18) وهي عبارة تكررت في سفر الرؤيا (رؤ 18: 3 و9)، وهو فصل صيغ بالأسلوب النبوي القديم، وقد بني في أغلبه على نبوتي إشعياء وحزقيال. ولكن من الأمور الهامة أن نذكر أن إشعياء (23: 18) قد عرف أن “تجارتها وأجرتها تكون قدسا للرب”، ولذلك فهي ليست خطأ في ذاتها.
(5) السبي وما بعده: كان من اثر سبي اليهود إلى بابل، أن وجدوا أنفسهم في وسط حضارة تجارية متقدمة جدا. ومع أننا نجهل التفصيلات، إلا أنهم لا بد قد أوغلوا في تلك الحياة إلى مدى بعيد. والأرجح أنه منذ ذلك الوقت، بدأت تظهر عبقرية اليهود المشهورة في التجارة. ومن المؤكد أن “المسبيين” قد حققوا ثروات طائلة وتولوا مراكز رفيعة (زك 6: 10، نحميا 1: 11، 5: 17.. إلخ.). وعندما لاحت فرصة العودة إلى فلسطين، فضل معظمهم البقاء حيث كانوا.
والواقع، أن المجتمع اليهودي في فلسطين كان في أشد حالات الفقر المدقع لسنوات عديدة (زك 8: 10، حجي 1: 6، نحميا 1: 3، ملاخي 3: 10 و12.. إلخ.)، فلم يتمكنوا من منع بيع الأولاد عبيدا (يوئيل 3: 6). وكانت هذه التجارة بصفة رئيسية في أيدي الأجانب (يوئيل 3: 17، زك 14: 21). بيد أن العجز المتكرر في إنتاج المحاصيل، أرغم الكثيرين من اليهود على التجارة للنجاة من الموت جوعا.
وثمة غموض كبير يحيط بتاريخ القرن الرابع قبل الميلاد، غير انه بالنسبة للتاريخ التجاري لليهود، كان تأسيس مدينة الإسكندرية (332 ق. م.) على اكبر جانب من الأهمية، لأنها سرعان ما أصبحت المركز التجاري للعالم، وتدفق اليهود عليها مدفوعين بالدعوات التي وجهها إليهم البطالسة. وقد نهجت إنطاكية نهج الإسكندرية. ويقول يوسيفوس أن قدرات اليهود اضطرت الأمم إلى الاعتراف بها. بيد أن هذا التطور كان خارج ارض فلسطين. ولم يذكر يشوع بن سيراخ التجارة بين قائمة المهن التي كانت منتشرة وكانت إشاراته إلى التجارة إشارات عابرة (5: 10، 8: 15 إلخ. انظر أيضاً 42: 7). بيد انه لا بد أن تجارة فلسطين كانت في تزايد باستمرار، وقد فتح المكابيون يافا، وكان فتح مينائها للتجارة مع اليونان من مفاخر سمعان (1 مك 14: 5). وكان من اثر توحيد البلاد تحت سيطرة الرومان، أن أصبح لفلسطين نصيب من الفوائد، واستطاع هيرودس أن يحقق إنجازات تجارية، وأصبحت فلسطين في العهد الجديد أمة تجارية أكثر منها زراعية. ولقد لمست أمثال السيد المسيح كل جانب تقريبا من جوانب الحياة التجارية، وتاجر اللآليء كان شخصية مألوفة (مت 13: 45). وقد انتشرت المعاملات غير السليمة (مر 12: 40، لو 16: 1 12.. إلخ.). وكانت عبادة المال التي انتشرت حتى وصلت إلى الهيكل (مر 11: 15 17) تتعارض تماماً مع عبادة الرب (مت 6: 19 34 إلخ.) فشتان بين المال وما هو لله (مر 12: 17) فهما ينتميان إلى عالمين مختلفين. وقد رفض الرب يسوع أن يتدخل في الشئون المالية (لو 12: 13).
تَحْتيم إلى حُدْشي
هي المدينة التي زارها من وكلهم داود على إحصاء بني إسرائيل قبلما أتوا إلى دان يعن واستداروا إلى صيدون (2صم 24: 6) ولا يُعْرَف مكانها بالضبط، وربما تكون واقعة في أرض الحثيين نحو قادش، كما وردت في الترجمة اليونانية السبعينية.
ويرى البعض أن كلمة “تحتيم” يُقْصَد بها “الأرض السفلي”، وبذلك يكون الاسم هو “الأرض السفلي في حدشي” كما جاء في الترجمة الكاثوليكية العربية (بيروت). بينما يرى البعض الآخر بُناءً على ما جاء بالترجمة السبعينية أن الاسم يشير إلى “قادش التي في أرض الحثيين” أي قادش التي على نهر الاورنت، والتي امتدت إليها مملكة داود في أوج عظمتها. وقد زارها يوآب عند إحصاء بنى إسرائيل في أيام داود الملك، بعد جلعاد وقبل أن يأتي إلى دان يعن (2 صم 24: 6).
تحث اللاوي
اسم عبري معناه “ما هو تحت”.
لاوي من قبيلة قورح من بيت يصهار (1 أخبار 6: 24 و37).
تحث ابن برد
اسم عبري معناه “ما هو تحت”.
افرائمي وهو ابن برد قبيلة شوتالح (1 أخبار 7: 20).
تحث ابن ألعادا
اسم عبري معناه “ما هو تحت”.
ابن العادا من نسل تحث بن برد (1 أخبار 7: 20).
تحْريع
اسم عبري معناه “مكار” رجل من نسل شاول من جهة يوناثان (1 أخبار 9: 41) ويدعى أيضًا تاريع (1 أخبار 8: 35).
تحفة
التحفة هي الشيء الثمين، وقد أعطى عبد إبراهيم “تحفا للابان أخي رفقة ولامها (تك 24: 53). كما كان الكثيرون يأتون بتقدمات الرب إلى آزر وتحف لحزقيا ملك يهوذا (2 أخ 32: 23). كما جمع الراجعون من السبي تحفا ممن حولهم مع سائر العطايا لبناء بيت الرب (عز 1: 6). كما يذكر ناحوم عظمة نينوى قبل سقوطها وكيف انه لم تكن نهاية للتحف التي بها والتي نهبها الغزاة (ناحوم 2: 9). وكان الهيكل في أولا الرب يسوع المسيح مزينا بحجارة حسنة وتحف (لو 21: 5).
مدينة تَحْفَنْحِيس | تحفنيس
← اللغة الإنجليزية: Tahpanhes أو Tahapanes أو Tehaphnehes – اللغة العبرية: דפנה – اللغة اليونانية: Δάφναι αἱ Πηλούσιαι أو Ταφνας.
هي مدينة في مصر السفلى وتدعى تحفنيس (ار 2: 16) أو تحفنحيس (ار 43: 7 و8 و9 و44: 1 و46: 14 وحز 30: 18) التجأ إليها اليهود هربًا من انتقام البابليين بعد قتل جدليا (إر 43: 7 – 13) ويظهر أن اليهود اتخذوها مسكنًا دائمًا لهم (ار 44: 1 و46: 14) وقرئت هذه الكلمة في النسخة السبعينية تفنيس وهي بذاتها دفنة المدينة المحصنة الواقعة على الفرع البلوذي من النيل (هيرودوت Herodotus جزء 2: 30، 107) وربما يقصد بها تل دفنة الواقع على بعد 10 أميال غربي القنيطرة.
وقد ورد الاسم في الكتاب المقدس على صورتين هما، “تحفنيس”: “وبنو نوف وتحفنيس شجوا هامتك” (ارميا 2: 16)، أهميتها “تحفنحيس” وهو الأغلب، “لأنهم لم يسمعوا إلى صوت الرب وأتوا إلى تحفنحيس” (ارميا 43: 7 – 9، 44: 1، 46: 14، حز 30: 18).
وهو اسم مدينة كانت تقع على الحدود الشرقية لمصر السرياني، ومكانها اليوم “تل دفنه”، وهو تل صحراوي يقع على بعد نحو عشرين ميلا جنوبي غرب “بلوزيوم” (Pelusuim) وهي “سين” المذكورة في خر 17: 1، حز 30: 15 و16) وإلى الشمال قليلاً من مدينة القنطرة الحالية، على طريق القوافل الممتد من مصر إلى فلسطين وبلاد النهرين وأشور.
وقد يعنى الاسم بالمصرية القديمة “قصر النوبي”، ولعل في ذلك إشارة إلى إنشاء المدينة في أثناء حكم الملك النوبي “ترهاقة” (2 مل 19: 9). وتسمى باليونانية “دافني” الأيوبي جاء منها الاسم بالعربية “تل دفنه” وهو موقع مهجور في الوقت الحاضر، لكنه كان منطقة خصبة عندما كان يرويها الفرع البليوزي من النيل (انظر إشعياء 19: 6 و7).
وكانت تحفنحيس مدينة قوية حتى أن ارميا يذكر أنها مع “نوف” و “مفيس” قد شَجَّتَا هامة إسرائيل: “وبنو نوف وتحفنحيس شجوا هامتك” (ارميا 2: 16)،. ويتحدث حزقيال عن بناتها (أي مستعمراتها والمدن الخاضعة لها): “تذهب بناتها إلى السبي” (حز 30: 18). كما يذكرها مع (اون “(أي هليوبوليس)” وفيبستة “(أي بوبسطة)، عندما يكسر الرب” انيار مصر “(حز 30: 17 و18). وفي إصحاح آخر يصف ارميا هرب اليهود من عاصمتهم بعد مقتل” جدليا “إلى تحفنحيس (ارميا 43: 1 7). ثم يتنبأ ارميا عن غزو” نبوخذراصر “ملك بابل لمصر عقابا لها، ووضعه كرسه فوق الحجارة التي طمرها ارميا (ارميا 43: 8 11) ويدعو ارميا الساكنين في.. تحفنحيس ليكونوا شهودًا على خراب مدن يهوذا (ارميا 44: 1 2)، ولكنه يتنبأ أيضاً بخراب مماثل لمدينة تحفنحيس وغيرها من المدن المصرية (والتي ربما كان يقيم بها اليهود اللاجئون) عندما يضربهم” نبوخذراصر “(ارميا 44: 1 و13، 46: 14).
لقد ظل غزو “نبوخذراصر” لمصر محل جدل واعتراض شديدين أمدا طويلا حتى 1889م. ولكن منذ اكتشاف بعض الأجزاء من “حوليات” “نبوخذنصر” التي يؤكد فيها غزوه لمصر في السنة السابعة والثلاثين لحكمه (568 567 ق. م.)، اصبح معظم العلماء متفقين على أن نبوات ارميا (43: 9 13، 44: 30) التي نطق بها حوالي 586 ق. م. ونبوات حزقيال (29: 19) التي نطق بها في 570 ق. م. قد تحققت “على الأقل في مرماها العام” كما يقول “درايفر” (Driver).
وقد وجد بعض البدو، في تلك المنطقة أو بالقرب منها، ثلاثة نقوش لنبوخذنصر مكتوبة بالخط المسماري، كما كشفت بعثة التنقيب في تحفنحيس في 1886م برئاسة “فلندرز بتري” (Filinders Petrie) انه من المحتمل جدا أن المصطبة المستطيلة المبنية من الطوب والواقعة بالقرب من قصر الحصن الذي بناه في تلك المنطقة ابسماتيك الأول في 664 ق. م. والذي يسمى الآن “قصر بنت اليهودي”، هي ذاتها الحجارة الكبيرة رباعية الزوايا التي طمرها ارميا في “الملاط في الملبن الذي عند باب بيت فرعون في تحفنحيس” (ارميا 43: 9) والتي تنبأ ارميا بان نبوخذنصر سيضع كرسيه فوقها عندما يدخل مصر ويقيم معسكره هناك. ويذكر يوسيفوس المؤرخ بكل وضوح، أن نبوخذراصر عندما اخذ مدينة تحفنحيس، نقل فريقا من اليهود من تلك المدينة إلى بلاده.
وقد اكتشف دكتور “بتري” أنه بينما كانت هناك قلعة صغيرة منذ عهد “الرمامسة”، إلا أن المدينة قد أنشئت بالفعل في عهد ابسماتيك الأول، وظلت مزدهرة نحو قرن من الزمان أو يزيد، لكنها اضمحلت حتى صارت قرية صغيرة في عهد “البطالمة”. وقد تم هناك اكتشاف العديد من أختام زجاجات النبيذ موسومة “بخرطوشة” عليها اسم “ابسماتيك الأول” و “اموزيس”. ولان مدينة تحفنحيس كانت اقرب مدينة مصرية إلى فلسطين، فمن الطبيعي أن يلجا ارميا ومن معه من اليهود إليها (ارميا 43: 7). وليس من المستبعد أن يكون نبوخذنصر قد عزا مصر لحسن استقبالها لهؤلاء اللاجئين اليهود إليها.
ويقول “بتري” أن الأواني الفخارية التي اكتشفت في “تحفنحيس” تعتبر دليلا قويا على وجود كثرة من الإغريق هناك، وبخاصة فيما بين عامي 607 587 ق. م. حيث كانت هناك صلات قوية لليهود مع المستوطنين من الإغريق اعمق مما حدث في أي مستعمرة إغريقية في فلسطين.. وقد ساعدت كل الظروف المحيطة على تهيئة افضل الفرص لتغلغل الألفاظ اليونانية والأفكار اليونانية بين أفراد الطبقات العليا من اليهود.
كانت تحفنحيس واحدة من أماكن عديدة حدثت فيها اتصالات قوية في ذلك القرن بين اليهود والإغريق وكانت لتحفنحيس تجارة خارجية ضخمة، لا بُد انه كان لليهود دور فيها.
وقد ضمنت الآثار المكتشفة والتي ترجع إلى القرن السادس قبل الميلاد، بعض الأواني الفخارية رائعة التلوين، والتي “تدل على روح الإحساس بالجمال”، مع العديد من التمائم بالإضافة إلى بعض الحلي الثمينة والأسلحة البرونزية والحديدية، وجزء من درع حربي، كما ضمت الآلاف من رؤوس السهام، وثلاثة أختام من الطراز السوري. ويسجل أحد النقوش المكتشفة صلوات لطلب البركة من “نيت” (Neit) “على كل الأرواح الجميلة”. كما كشفت الحفريات أيضاً عن عدد ضخم من الأثقال الدقيقة التي كانت تستخدم ولا بد في وزن المعادن الثمينة، مما يدل على أن صناعة الحلي والجواهر كانت قائمة في ذلك المكان على نطاق واسع.
ولعل من أهم الآثار المكتشفة من ذلك القرن الذي شهد السبي البابلي وأكثرها إثارة للشجن، هو بعض الصور الدقيقة للأسرى منحوتة في الحجر الجيري وهم في وضع الركوع، وأقدامهم (من عند الرسغ) وأيديهم (من عند المرفق) مقيدة معًا من خلفهم.
تَحْفنيس زوجة فرعون، ملكة مصر
← اللغة الإنجليزية: Tahpenes – اللغة العبرية: תַּחְפְּנֵ֥יס, תַּחְפְּנֵ֔ס – اللغة اليونانية: Θεκεμιμας, أو Θεχεμινας. x.
امرأة فرعون ملك مصر في عصر سليمان وهي التي اقترن بأختها هدد (1 مل 11: 18 – 20) وكان زوجها من الأسرة الثانية والعشرين لملوك مصر (أو الأسرة الحادية والعشرين). ولعل زوجها الفرعون هو Siamon “سيامون” (976 – 958 ق. م.).
وكان الأمير الأدومي هدد قد هرب من وجه داود ولجأ إلى مصر، وهناك وجد نعمة في عينيّ فرعون، فزوجه أخت امرأته أي أخت “تحفنيس الملكة”، فولدت له أخت تحفنيس ابنًا اسماه “جنوبث”، فاعتنت “تحفنيس” بالطفل وأرضعته وفطمته في وسط بيت فرعون.
وهناك تفسيرات عديدة لمعنى اسم “تحفنيس”، ولعل أكثرها احتمالًا حسب الترجمة السبعينية، هو الاسم الفرعوني “تحمتنيس” (t’a – hm (t) –ns (w) أي “زوجة الملك”.
مدينة تَحْفَنْحِيس | تحفنيس
← اللغة الإنجليزية: Tahpanhes أو Tahapanes أو Tehaphnehes – اللغة العبرية: דפנה – اللغة اليونانية: Δάφναι αἱ Πηλούσιαι أو Ταφνας. x.
هي مدينة في مصر السفلى وتدعى تحفنيس (ار 2: 16) أو تحفنحيس (ار 43: 7 و8 و9 و44: 1 و46: 14 وحز 30: 18) التجأ إليها اليهود هربًا من انتقام البابليين بعد قتل جدليا (إر 43: 7 – 13) ويظهر أن اليهود اتخذوها مسكنًا دائمًا لهم (ار 44: 1 و46: 14) وقرئت هذه الكلمة في النسخة السبعينية تفنيس وهي بذاتها دفنة المدينة المحصنة الواقعة على الفرع البلوذي من النيل (هيرودوت Herodotus جزء 2: 30، 107) وربما يقصد بها تل دفنة الواقع على بعد 10 أميال غربي القنيطرة.
وقد ورد الاسم في الكتاب المقدس على صورتين هما، “تحفنيس”: “وبنو نوف وتحفنيس شجوا هامتك” (ارميا 2: 16)، أهميتها “تحفنحيس” وهو الأغلب، “لأنهم لم يسمعوا إلى صوت الرب وأتوا إلى تحفنحيس” (ارميا 43: 7 – 9، 44: 1، 46: 14، حز 30: 18).
وهو اسم مدينة كانت تقع على الحدود الشرقية لمصر السرياني، ومكانها اليوم “تل دفنه”، وهو تل صحراوي يقع على بعد نحو عشرين ميلا جنوبي غرب “بلوزيوم” (Pelusuim) وهي “سين” المذكورة في خر 17: 1، حز 30: 15 و16) وإلى الشمال قليلاً من مدينة القنطرة الحالية، على طريق القوافل الممتد من مصر إلى فلسطين وبلاد النهرين وأشور.
وقد يعنى الاسم بالمصرية القديمة “قصر النوبي”، ولعل في ذلك إشارة إلى إنشاء المدينة في أثناء حكم الملك النوبي “ترهاقة” (2 مل 19: 9). وتسمى باليونانية “دافني” الأيوبي جاء منها الاسم بالعربية “تل دفنه” وهو موقع مهجور في الوقت الحاضر، لكنه كان منطقة خصبة عندما كان يرويها الفرع البليوزي من النيل (انظر إشعياء 19: 6 و7).
وكانت تحفنحيس مدينة قوية حتى أن ارميا يذكر أنها مع “نوف” و “مفيس” قد شَجَّتَا هامة إسرائيل: “وبنو نوف وتحفنحيس شجوا هامتك” (ارميا 2: 16)،. ويتحدث حزقيال عن بناتها (أي مستعمراتها والمدن الخاضعة لها): “تذهب بناتها إلى السبي” (حز 30: 18). كما يذكرها مع (اون “(أي هليوبوليس)” وفيبستة “(أي بوبسطة)، عندما يكسر الرب” انيار مصر “(حز 30: 17 و18). وفي إصحاح آخر يصف ارميا هرب اليهود من عاصمتهم بعد مقتل” جدليا “إلى تحفنحيس (ارميا 43: 1 7). ثم يتنبأ ارميا عن غزو” نبوخذراصر “ملك بابل لمصر عقابا لها، ووضعه كرسه فوق الحجارة التي طمرها ارميا (ارميا 43: 8 11) ويدعو ارميا الساكنين في.. تحفنحيس ليكونوا شهودًا على خراب مدن يهوذا (ارميا 44: 1 2)، ولكنه يتنبأ أيضاً بخراب مماثل لمدينة تحفنحيس وغيرها من المدن المصرية (والتي ربما كان يقيم بها اليهود اللاجئون) عندما يضربهم” نبوخذراصر “(ارميا 44: 1 و13، 46: 14).
لقد ظل غزو “نبوخذراصر” لمصر محل جدل واعتراض شديدين أمدا طويلا حتى 1889م. ولكن منذ اكتشاف بعض الأجزاء من “حوليات” “نبوخذنصر” التي يؤكد فيها غزوه لمصر في السنة السابعة والثلاثين لحكمه (568 567 ق. م.)، اصبح معظم العلماء متفقين على أن نبوات ارميا (43: 9 13، 44: 30) التي نطق بها حوالي 586 ق. م. ونبوات حزقيال (29: 19) التي نطق بها في 570 ق. م. قد تحققت “على الأقل في مرماها العام” كما يقول “درايفر” (Driver).
وقد وجد بعض البدو، في تلك المنطقة أو بالقرب منها، ثلاثة نقوش لنبوخذنصر مكتوبة بالخط المسماري، كما كشفت بعثة التنقيب في تحفنحيس في 1886م برئاسة “فلندرز بتري” (Filinders Petrie) انه من المحتمل جدا أن المصطبة المستطيلة المبنية من الطوب والواقعة بالقرب من قصر الحصن الذي بناه في تلك المنطقة ابسماتيك الأول في 664 ق. م. والذي يسمى الآن “قصر بنت اليهودي”، هي ذاتها الحجارة الكبيرة رباعية الزوايا التي طمرها ارميا في “الملاط في الملبن الذي عند باب بيت فرعون في تحفنحيس” (ارميا 43: 9) والتي تنبأ ارميا بان نبوخذنصر سيضع كرسيه فوقها عندما يدخل مصر ويقيم معسكره هناك. ويذكر يوسيفوس المؤرخ بكل وضوح، أن نبوخذراصر عندما اخذ مدينة تحفنحيس، نقل فريقا من اليهود من تلك المدينة إلى بلاده.
وقد اكتشف دكتور “بتري” أنه بينما كانت هناك قلعة صغيرة منذ عهد “الرمامسة”، إلا أن المدينة قد أنشئت بالفعل في عهد ابسماتيك الأول، وظلت مزدهرة نحو قرن من الزمان أو يزيد، لكنها اضمحلت حتى صارت قرية صغيرة في عهد “البطالمة”. وقد تم هناك اكتشاف العديد من أختام زجاجات النبيذ موسومة “بخرطوشة” عليها اسم “ابسماتيك الأول” و “اموزيس”. ولان مدينة تحفنحيس كانت اقرب مدينة مصرية إلى فلسطين، فمن الطبيعي أن يلجا ارميا ومن معه من اليهود إليها (ارميا 43: 7). وليس من المستبعد أن يكون نبوخذنصر قد عزا مصر لحسن استقبالها لهؤلاء اللاجئين اليهود إليها.
ويقول “بتري” أن الأواني الفخارية التي اكتشفت في “تحفنحيس” تعتبر دليلا قويا على وجود كثرة من الإغريق هناك، وبخاصة فيما بين عامي 607 587 ق. م. حيث كانت هناك صلات قوية لليهود مع المستوطنين من الإغريق اعمق مما حدث في أي مستعمرة إغريقية في فلسطين.. وقد ساعدت كل الظروف المحيطة على تهيئة افضل الفرص لتغلغل الألفاظ اليونانية والأفكار اليونانية بين أفراد الطبقات العليا من اليهود.
كانت تحفنحيس واحدة من أماكن عديدة حدثت فيها اتصالات قوية في ذلك القرن بين اليهود والإغريق وكانت لتحفنحيس تجارة خارجية ضخمة، لا بُد انه كان لليهود دور فيها.
وقد ضمنت الآثار المكتشفة والتي ترجع إلى القرن السادس قبل الميلاد، بعض الأواني الفخارية رائعة التلوين، والتي “تدل على روح الإحساس بالجمال”، مع العديد من التمائم بالإضافة إلى بعض الحلي الثمينة والأسلحة البرونزية والحديدية، وجزء من درع حربي، كما ضمت الآلاف من رؤوس السهام، وثلاثة أختام من الطراز السوري. ويسجل أحد النقوش المكتشفة صلوات لطلب البركة من “نيت” (Neit) “على كل الأرواح الجميلة”. كما كشفت الحفريات أيضاً عن عدد ضخم من الأثقال الدقيقة التي كانت تستخدم ولا بد في وزن المعادن الثمينة، مما يدل على أن صناعة الحلي والجواهر كانت قائمة في ذلك المكان على نطاق واسع.
ولعل من أهم الآثار المكتشفة من ذلك القرن الذي شهد السبي البابلي وأكثرها إثارة للشجن، هو بعض الصور الدقيقة للأسرى منحوتة في الحجر الجيري وهم في وضع الركوع، وأقدامهم (من عند الرسغ) وأيديهم (من عند المرفق) مقيدة معًا من خلفهم.
تَحكَمُوني
لقب عبري بمعنى “حكيم” وهو لقب ليشبعام وهي محرف من حكموني (2 صم 23: 8 و1 أخبار 11: 11) مؤسس أسرة حكموني.
تَحِنَّة
اسم عبري معناه “نعمة أو استغاثة” وهو رجل من سبط يهوذا مؤسس مدينة ناحاش ويسمّى أباها وهو ابن اشتون (1 أخبار 4: 12).
السَرير
أحد أثاث البيت للنوم عليها, وكان الفقراء. والمسافرون ينامون غالبًا على الأرض ويستعملون الرداء كغطاء (تكوين 28: 11). وقد يكون السرير أحيانًا مجرد حصير أو سجادة يمكن أن تطوى وتحمل باليد كما حمل مريض بيت حسدا سريره (متى 9: 6) ولكن الفرش المرتفعة عن الأرض كانت مستعملة منذ القديم (2 ملوك 1: 4 و6 و4: 10) وكانت مصنوعة بقوائم من الخشب أو الحديد (تثنية 3: 11 ونشيد 3: 9) كما كانت تصنع من العاج عند الأغنياء (عاموس 6: 4) وفراش من حرير (عاموس 3: 12) وأغطية غالية (ام 7: 16).
تُخَس
ترجمة للكلمة العبرية “تحش” أو “تاحاش” وهو حيوان استعمل جلده للغطاء الخارجي لخيمة الاجتماع (خر 25: 5) وتتخذ منه نعال الأحذية الراقية التي تلبسها السيدات (حز 16: 10) والجلود المشار إليها في الغالب جلود الحيوانات البحرية كالدلفين والدوكونج وعجل البحر.
وقد ذكرت كثيرا في الحديث عن خيمة الاجتماع في سفر الخروج (الإصحاحات 25، 26، 35، 36، 39). كما ذكرت أيضًا في التوجيهات التي أعطيت لنقل الخيمة كما هو مذكور في سفر العدد (ص 4)،. ولم تذكر كلمة “تخس” في غير هذه المواضع إلا في نبوة حزقيال في قول الرب لأورشليم: “ألبستك مطرزة ونعلتك بالتخس وازرتك بالكتان وكسوتك بزا..” (حزقيال 16: 10). وفي كل هذه المواضع تقريبا يذكر “التخس” بإضافة كلمة “جلد” إليه. وفي سفر الخروج يذكر جلد التخس مرتبطا باستخدامه غطاء للخيمة، ولتابوت الشهادة عند الارتحال. وتشير الترجمة السبعينية إلى “التخس” على أنه الجلد القرمزي أو الأزرق، وهو ما لا يؤيده التلمود ولا المتخصصون في اللغة العبرية، الذين يميلون إلى الاعتقاد بأن “تاحاش” ما هو إلا الحيوانات البحرية. ففي منطقة البحر المتوسط نجد “الفقمة” (موناكس اليفنتر) Monachus Aliventer. و “خنزير البحر” (فوكونيا كوميونس) Phocoena Communis و “الدلفين” (دوليفيناس دلفيس) Dolphenius Delphis. أما “الاطوم” (هاكيلور دنجونج) Holicore Dingong فيوجد في المحيط الهندي والمنطقة الممتدة من البحر الأحمر إلى استراليا. وكلمة “تخس” العربية قريبة جدا من كلمه “تاحاش” العبرية، وهى تطلق على الدلفين أو على خنزير البحر أو على الفقمة. ويقول “تريسترام” أنها تطلق أيضًا على الاطوم. وقد أيد الرحالة في العصر الحديث قول جيسينيوس بأن عرب سيناء كانوا ينتعلون جلد الاطوم وهو ما نجده في عبارة “.. نعلتك بالتخس” (حزقيال 16: 10).
والاطوم حيوان بريء ينتمي إلى فصيلة الخيلانيات (Sirenia) ويبلغ طوله من 5 إلى 9 أقدام، وهو كثيرا ما يغشى الشواطئ حيث يتغذى على الأعشاب البحرية، وهو شبيه من الظاهر بالفصيلة الحيتانية (الستاسيا Cetacea التي منها الحوت وخنزير البحر) إلا انه أكثر شبها بفصيلة ذوات الحوافر (الانجولاتا Ungulata). ولا يوجد حاليا من فصيلة الخيلانيات سوى الاطوم الذي يعيش في المحيط الهندي، وخروف البحر الذي يعيش في بعض انهار أفريقية وأمريكا الجنوبية. وهناك نوع ثالث، وهو بقرة البحر التي كانت تعيش في بحر بهرنج إلا أنها انقرضت في القرن الثامن عشر. ومن المحتمل أن يكون التخس هو الفقمة أو خنزير البحر أو الدلفين أو الاطوم كما سبق القول نظرا لتشابهها في الحجم وفي مكان تواجدها في المياه القريبة من سواحل مصر وسيناء، إلا أن أحدث الآراء ترجح انه هو الاطوم.
ويرى س. م. برطان ( “عالم الحيوانات” 1908) أن المقصود بالتخس هو حيوان “الاكاب” ( وهو حيوان أفريقي من فصيلة الزرافة ولكنه قصير العنق). ويرى جيسينيوس أن الكلمة مشتقة من كلمة مصرية قديمة، تجعل كلمة تخس تعني “الجلد الناعم”، وهو ما يتفق مع استخدام الكلمة في الكتاب المقدس، ويبدو أن هذا التفسير هو أقربها إلى الحقيقة.
التَخْم | التخوم
الإنجليزية: landmark – كان بنو إسرائيل إذا تغلبوا على أرض يقتسمونها بالقرعة جريًا على الشريعة الموسوية لكل سبط أو بيت أو فرد حسب نصيبه (حدود قطعة من الأرض أو منطقة أو إقليم)، وهي غالبًا ترجمة للكلمة العبرية “جبهول” (Gebhus).
وكان يفصل بين الحقل الواحد والآخر صف من الأشجار أو كومة من الحجارة توضع على زوايا الحقل. وعليه كان نقل هذه التخوم أو نزعها سهلًا للغاية، ولهذا السبب كان القصاص صارمًا على كل من يتعدى على تخم صاحبه (تث 19: 14، 27: 17، أمثال 22: 28، 23: 10، أيوب 23: 2).
تّدْعال ملك جوييم
ملك جوييم أحد الملوك الذين تعاهدوا أن يحاربوا مع كدر لعومر (تك 14: 1 – 9).
مدينة تَدمر
مدينة في الصحراء (2 أخبار 8: 4) وهي قديمة جدًا، وكانت من أجمل مدن العالم حصنها سليمان الحكيم لضبط طرق القوافل المارة بها. وفي (1 مل 9: 18) ورد الاسم في النص العبري بصورة “تامار” وفي الهامش بصورة تدمر وهي واقعة على بعد 140 ميلًا من الشمال الشرقي من مدينة دمشق و120 ميلًا من الفرات وهي خربة الآن تمتد نحو ميل ونصف. وهي واحة يحيط بها القفر من كل الجهات فيفصلها عن المعمورة من الأرض حولها، ومن سنة 251 م. إلى 273 م. كانت تدمر مستقلة جزئيًا ثم بعد وقت استقلت استقلالًا تامًا. ولما تغلب عليها اسكندر أطلق عليها اسم “بالميرا” أي مدينة النخل وذلك لما يكتنفها من غابات النخل العظيمة. وأطلال هذه المدينة اليوم تستحق النظر والتأمل لما هي عليه من العظمة والجمال ولما فيها من الآثار القديمة والأعمدة. ويخترق المدينة شرقًا وغربًا صف من الأعمدة ويقاطع هذا الصف صفًا آخر. وأكثر هذه العمدة قائمة إلى الآن ول إلى الآن ولم يزل كثير من أعتابها كما كان أولًا وعند طرف أطول الصفين قوس مبينة من الحجارة المنقوشة، وعند ملتقاهما أربعة أعمدة من الصخر، اثنان منهما قائمان واثنان ساقطان.. وفيها عدا هذين الصفين أعمدة كثيرة وآثار هياكل وقبور مزخرفة وهيكل الشمس العظيم. وقرية تدمر الحديثة داخل أسوار هذا الهيكل وأثارها لا يضاهيها في الرونق والاتساع في كل سورية إلا بعلبك. ومياهها غزيرة تجري من تحتها في أقنية قديمة وأعظم ينابيعها يجري في قناة طبيعية تحت الجبل جنوبي المدينة. ودرجة حرارة مائها الكبريتي 880 ف. أما لقبور فأكثرها خارج المدينة وهي غاية في الإتقان بعضها محفور في الصخر تحت الأرض وبعضها مبني على هيئة أبراج. وكانت المدينة ملآنة بالتماثيل المنحوتة ونواويس فيها مومياء شبيه بما في قبور مصر. ونظرًا لموقع هذه المدينة الكائن بين سورية وما بين النهرين يزعم بأنها كانت ذات أهمية تجارية قل زمن سليمان وأن سليمان استخدمها لمقاصد تجارية فقط وفي أيام الملكة زنوبيا (زينب أو الزباء) جعلتها حاضرة مملكتها غير أن اورليانس دمرها سنة 273 ق. م. وآثار المدينة تدل على قدم عهدها.
تراب
← اللغة الإنجليزية: Dust – اللغة العبرية: אבק – اللغة اليونانية: σκόνη – اللغة السريانية: ܚܠܐ (ܥܦܪܐ).
وهي في العبرية “عفر” وهي نفس الكلمة العربية لفظا ومعنى:
والتراب هو المادة التي جَبَلَ الله منها الإنسان (تك 2: 7) فصارت رمزا لضعف الإنسان: “لأنه يعرف جبلتنا. يذكر أننا تراب نحن” (مز 103: 14، انظر أيضًا تلك 18: 27، أيوب 4: 19 إلخ.). كما تشير إلى فنائه: “لأنك تراب وإلى تراب تعود” (تك 3: 19. انظر أيوب 34: 15، مز 104: 29، جامعة 3: 20، 12: 7 إلخ.)، ولذلك تستخدم أيضًا للدلالة على القبر (مز 22: 15 و29، 30: 9، دانيال 12: 2).
كما أن العبارات: يذري (أو يرفع أو يلقي) التراب على الرأس، و “يضطجع (أو يجلس أو يرقد) في التراب،” يلحس التراب “تستخدم للدلالة على الاتضاع أو الحقارة (كما في أيوب 2: 12، 42: 6، مز 72: 9، إش 2: 10، 47: 1، 49: 23، مراثي 2: 10، 3: 29، حزقيال 27: 30، ميخا 7: 17، رؤ 18: 19). ومن هنا كان المقصود بعبارة مثل” يرفع الفقير من المزبلة “(التراب) و” يقيم المسكين من التراب “(1 صم 2: 8، مز 113: 7) أي يرفعهم من حالتهم الحقيرة.
“إلقاء التراب” للدلالة على الازدراء ولأسباب، فكان جيرا “يسب داود” ويرشق بالحجارة مقابلة ويذري التراب “(وهي حرفيا في العبرية” يعفر بالتراب “(2 صم 16: 13). كما أن الجمع الذي كان بولس يخاطبه في أورشليم، اظهروا غضبهم عليه” فكانوا يصيحون ويطرحون ثيابهم ويرمون غبارا (ترابا) “إلى الجو” (أع 22: 23).
“ينفض غبار الرجل” (مت 10: 14، مرقس 6: 11، لو 9: 5، 10: 11، أع 13: 51) بمعنى “يتبرأ” مثلما تقول “غسل يديه منه” أو “نفض يديه منه” بمعنى كف عن كل محاولة أخرى. وكان اليهودي عندما يجتاز من أرض أمميه إلى أرض إسرائيل ينفض غبار رجليه بناء على تقليد معلميهم باعتبار أن تراب ارض الأمم.
كما يستخدم التراب مجازيا للدلالة على الكثرة التي لا تعد (تك 13: 16، 28: 14، أيوب 27: 16، مز 78: 27).
عبارة “يجعل الرب مطر أرضك غبارًا وترابًا” (تث 28: 24) تعني أن الجفاف والقحط سيجعلان التراب يتساقط عوضا عن المطر على ارض يابسة، ففي أيام القيظ تهب على اليهودية والمناطق المحيطة بها رياح حارة جافة محملة بالرمال والتراب تبلغ أحيانًا حد العاصفة الترابية.
تَراخُونِيتِس
اسم يوناني معناه “أرض محجرة”، وهو إقليم وعر كثير الصخور واقع جنوب دمشق وشرقي الأردن، ويشتمل على الصخور البركانية المسماة الآن اللجاة مع جزء من جبل الدروز. وقد أخذ هذا الإقليم هيرودوس الكبير من الإمبراطور اوغسطس بشرط أن يبيد جميع اللصوص الذين كانوا فيه فإنه كان ملآنًا منهم، وبعد موته في أيام ظهور يوحنا المعمدان استولى عليه مع ايطورية ابنه فيلبس رئيس الربع أخو هيرودس رئيس ربع الجليل (لو 3: 1).
التَرافَيم
← اللغة الإنجليزية: Teraphim – اللغة العبرية: مفرد: תרף، جمع: תרפים – اللغة اليونانية: θεραφιν.
كلمة عبرية معناها “مسعدات” وقد وردت بدون ترجمة (قض 17: 5 و1 صم 15: 23 و19: 16) وقد تُتَرْجَم أصنامًا household idols (تك 31: 19 و34 و35) وهي أصنام أو آلهة رب البيت وتكون صغيرة جدًا لسهولة حملها في الهروب بسرعة ويمكن إخفاؤها تحت حداجة الجمل (ثك 31: 19 و30 و34) وأكبر ما الترافيم يكون على هيئة الآدميين (1 صم 19: 13) وفي الحفريات الأثرية التي أجريت لم يكتشف أية ترافيم كبيرة، وكان الناس يعتقدون أنها مُجْلِبَة للفأل وكانت تستشار في كل المقترحات (حز 21: 21 وزك 10: 2). وبحسب القانون البابلي كان لمن عنده آلهة الأسرة الحق في أن يرث نصيب البكر وقد استعملها لابان في حاران وسرقت ابنته راحيل الترافيم وحملتها إلى كنعان (تك 31: 19 و34) ولم يكن ليعقوب علم بها (تك 31: 32) ولما وصل يعقوب إلى شكيم أمر أهل بيته وكان من كان معه أن يعزلوا الترافيم التي بينهم (35: 2 – 4) وفي أيام القضاة كان لميخا الذي من جبل أفرايم مذبح خاص وكاهن بأفود وترافيم وتمثال منحوت وتمثال مسبوك (قض 17: 4 و5 و18: 4) وبواسطتها كان ميخا يستشير الرب (قض 18: 5 و6) وقد حمل هذه الترافيم والأصنام جماعة من الدانين (18: 17 – 20) وقد أشار صموئيل أن التمرد كخطية العرافة والعناد كالوثن والترافيم (1 صم 15: 23) ومع ذلك فكان يوجد في بيت داود ترافيم لزوجته (1 صم 19: 13).. ويستفاد من إشارة النبي إلى حالة اليهود (هو 3: 4) بقوله سيقعدون أيامًا كثيرة بلا ملك وبلا رئيس وبلا ذبيحة وبلا تمثال وبلا افود وترافيم، إن اليهود سيقعون في حالة الكفر التام بحيث لا يفقدون عبادة الله فقط بل كل دين وكل عبادة. وقد أباد يوشيا الترافيم مع غيرها من الأصنام (2 مل 23: 24) ومع ذلك فإنه وجد بين الشعب بعد رجوعه من السبي من يسأل الترافيم (زك 10: 2).
تراكيا | تراقيا
وهو اسم الإقليم المحصور بين نهري الدانوب وستريمون في البلقان، وقد جاء ذكر فارس من التراكيين هجم على جرجياس قائد أدوم، وقطع كتفه وجعله يسرع بالفرار إلى مريشة (2 مك 12: 35). وكان الفرسان التراكيون مشهورين بشراستهم فكانوا يخدمون كمرتزقة في جيوش كثيرة، وقد أصبحت تراكيا ولاية رومانية في 46 م. ويرى البعض أن هناك علاقة بين “تراكيا” و “تيراس” (تك 10: 2)، ولكنه أمر لا يُمْكِن الجزم به.
تَرالة
مدينة لسبط بنيامين واقعة بين يرفئيل وصيلع (يش 18: 27).
الترائب
الترائب هي عظام الصدر أو ما ولي الترقوتين منه، أو ما بين الثديين والترقوتين، أو أربع أضلاع من يمنة الصدر وأربع من يسرته أو موضع القلادة من الصدر. ويقول الرب عن السامرة وأورشليم لسيرهما وراء الأوثان، وكأنهما زانيتان، انه هناك “تزغزغت ترائب عذرتهما.. وافتقدت رذيلة صباك بزغزغة المصريين ترائبك لأجل ثدي صباك” (حز 23: 3، 21).
الأتراب
“أترابي” أي لداتي أو من ولدوا معي، أي من هم في سني، ومفردها “ترب”. ويقول الرسول بولس: “كنت أتقدم في الديانة اليهودية على كثيرين من أترابي في جنسي، إذ كنت أوفر غيرة في تقليدات آبائي” (غل 1: 14).
تَرتاق
اسم إله من آلهة العويين الذين آتى بهم شلمناصر إلى السامرة ليسكنوها عوضًا عن بني إسرائيل (2 مل 17: 31).
تَرتان
← اللغة الإنجليزية: Tartan.
اسم آشوري وهو لقب كان يطلق على رئيس جيش الآشوريين (2 مل 18: 17 واش 20: 1) ويلفظ الآشوريين هذا الاسم تَرتَانو أو تُرتْانو.
تَرتُلُّس الخطيب والمحامي
هو محام روماني دعي من قبل اليهود للشكاية على بولس أمام فيلكس، وذلك لجهل اليهود نظام الشريعة الرومانية. وكان خطابه حقًا متأثرًا بأسلوب محامِي الرومان في ذلك الوقت (1ع 24: 1 – 28).
و “ترتلس” تصغير الاسم اللاتيني “ترتيوس” ومعناه “الثالث”، وهو اسم الخطيب الذي انحدر مع حنانيا رئيس الكهنة ومع الشيوخ من أورشليم إلى قيصرية ليعرضوا للوالي ضد بولس (أع 24: 1). وكان ترتلس محاميًا مأجورًا لتقديم شكاية اليهود وقضيتهم في قالب قانوني سليم. وبرغم أن “ترتلس” كان اسما رومانيًّا، إلا أن صاحبه لم يكن بالضرورة رومانيًّا، فالأسماء الرومانية كانت شائعة بين اليونانيين واليهود، وكان معظم الخطباء في ذلك الوقت من أصل شرقي. كما انه لا يمكن من أسلوب حديثه أن نستنتج بالقطع انه كان يهوديا (أع 24: 2، 8)، فقد اعتاد المحامون في دفاعهم عن موكليهم أن يعتبروا أنفسهم واحدا معهم، كما يظهر في الكلمات: “نحكم عليه حسب ناموسنا” (أع 24: 6).
وقد اتسم حديثة أمام فيلكس بالكثير من البراعة، فقد بدا خطابه بتملق حكم فيلكس الوالي الذي لم يدم طويلا كما يحدثنا التاريخ. ثم تلا ذلك بمرافعة تعتبر مثالًا في كيفية خَلْق قضية قوية عن طريق البراعة في استعراض أنصاف الحقائق، وهكذا نسب الفتنة التي حدثت في أورشليم إلى تحريض بولس عليها، فهو “مفسد ومهيج فتنة”، فيكون عدوا لأمرين يدين لهما فيلكس بالولاء، وهما الحكم الروماني والديانة اليهودية.
وجاء القبض على بولس بطريقة ليس فيها من العنف الغوغائي شيء، بل على العكس كانت طريقة قانونية قام بها الكهنة والشيوخ من أجل إحلال السلام، ولولا تدخل “ليسياس” بغير مُبَرِّر لكان لهم شان آخر مع السجين، ولكانوا قد حاكموه أمام محاكمهم، ولما شغلوا وقت فيلكس الثمين هذه القضية. إلا أنهم كانوا على استعداد أن يضعوا الأمر كله بين يدي فليكس.
ويجدر بنا أن نقارن حديث ترتلس أمام فليكس والوارد في سفر الأعمال (24: 2، 8) بالرواية الحقيقية للأحداث كما وردت في سفر الأعمال أيضًا (21: 27، 35)، وكما وردت في خطاب كلوديوس ليسياس إلي فليكس (أ ع 23: 26 – 30).
تَرتِيُوس
Tertius اسم لاتيني معناه “الثالث” وهو الشخص الذي استكتبه بولس الرسول رسالته إلى أهل رومية (رو 16: 22).
الترجوم
وهو اسم يطلق على عدد من الترجمات التفسيرية القديمة لأجزاء من العهد القديم إلي اللغة الأرامية.
(1) الأصل:
كلمة ترجوم كلمة أرامية تعني “ترجمة” وقد ورد اصل الكلمة في القول: وكتابة الرسالة مكتوبة بالأرامية ومترجمة بالأرامية “(عز 4: 7). وقد وردت الكلمة الاكادية” ترجمانو “بمعنى” مترجم “في ألواح تل العمارنة (حوالي 1400 1350 ق. م.) وقد حاول البعض بلا مبرر أن يرجعوا باشتقاقها إلى الأصل العبري” رجمو “بمعنى” يرجم أو يرمى بالحجارة “. ومع أن كلمة” ترجوم “قد أطلقت أحياناً على ترجمات أخرى مثل السبعينية، إلا أنها أصبحت بلا استثناء تطلق على مجموعة محددة من ترجمات العهد القديم إلى الأرامية.
ويصف الإصحاح الثامن من نحميا اجتماعًا عظيمًا انعقد في أورشليم قرا فيه عزرا ورفقاؤه “الشريعة” (التوراة) على الشعب الراجعين حديثا من السبي: “وقراوا في السفر في شريعة الله ببيان وفسروا المعنى وأفهموهم القراءة” (نح 8: 8). وهنا يعترضنا السؤال: “لماذا استدعى الأمر في ذلك الوقت” تفسيرًا للمعنى وتفهيم القراءة “وعدم الاكتفاء بمجرد القراءة؟ هل حدث ذلك لأنه بمرور الأيام وتوالي الأحداث تغيرت اللغة العبرية تغيرا كافيا لان يجعل لغة” التوراة “لغة مهجورة بعض الشيء، أو في حاجة إلى تفسير وبخاصة بالنسبة للأجيال الجديدة من الشعب؟ أو هل لان الشعب كان في حاجة إلى توضيح أفكار وعبارات لم تعد مألوفة بعد السنين الطويلة التي قضوها في السبي، وأصبحت في حاجة إلى تفسير؟ أم حدث ذلك لان الكثيرين من الشعب قد اتخذوا من أرامية المحيطين بهم، لساناً لهم، وأصبحوا في حاجة إلى أن تترجم لهم أقوال التوراة إلى الأرامية، لغتهم الجديدة؟
إلى عهد قريب كان إجماع العلماء ينعقد حول الافتراض الثالث، ولكن في السنوات الأخيرة حام التساؤل حول هذا الفرض، حين رأى بعض العلماء أن التحول إلى اللغة الأرامية لم يحدث إلا بعد ذلك. وعلى أي حال، لقد أصبحت الأرامية قبل عصر المسيح هي اللغة الشائعة في المجتمع اليهودي. وأصبح من المألوف في كل خدمة في المجمع في يوم السبت، عند قراءة جزء من الشريعة، أن تقرأ آية بالعبرية ثم يقوم شخص آخر بترجمتها مشافهة إلى الأرامية مع بعض التفسير لها.
ومع انه على مدى قرون طويلة، لم يروا انه من الجائز أن يقرا في خدمة المجمع سوى الأسفار المقدسة وحدها وان تترجم ارتجالا من الذاكرة، إلا انه بمرور السنين بدأت تلك الترجمات تأخذ صيغة ثابتة، ودونت هذه الترجمات إلى الأرامية ليستفيد بها الشعب في بيوتهم. وما جاء القرنان الثاني والثالث بعد الميلاد، حتى كان الكثير من المجامع قد تبنى عادة قراءة الترجمة في الخدمة. وقد انزعج بعض المعلمين اليهود لذلك واعتبروها بدعة.
وبمرور العصور بدا اليهود يتكلمون لغات مختلفة في المواقع المختلفة، كالعربية وغيرها، فبطلت قراءة الترجوم في الخدمات، ولكنه ظل يستخدم في التفسير.
(2) ترجوم الأسفار الخمسة:
حيث أن الأسفار الخمسة، كوحدة واحدة، كانت تقرأ بالتتابع في خدمات المجمع الأسبوعية، كان لترجوم الأسفار الخمسة أهمية خاصة،. وأفضل ترجوم لها معروف هو الترجوم المسمى ترجوم “أونكلوس”، وهو من أقدم الترجومات المدونة. ويرجع في أصله كمعظم الترجمات إلى فلسطين، ولكنه نقل إلى بابل حيث كانت توجد مراكز عظيمة لتعليم اليهود في القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد. ولهجتها فلسطينية أساسا، ولكنها في مواضع كثيرة قد تحولت إلى اللهجة الأرامية لبلاد النهرين.
كما تغيرت النصوص في بعض المواضع أيضاً لتغير الظروف. وترجوم “أونكلوس” يبدو في مجموعه ترجمة حرفية أكثر من أي ترجوم آخر، وإن كان كثيرًا ما يكشف عن آراء معينة، كتفسيره المسياني لما جاء في التكوين (49: 10) والعدد (24: 17). وقد وصل إلينا عدد محترم من نسخ ترجوم “أونكلوس”.
أما الترجومات الأخرى للأسفار الخمسة، فأطول بصورة واضحة م ترجوم “أونكلوس” فأحد الترجومات الذي وصل إلينا ويكاد يكون كاملًا، ويطلق عليه اسم “ترجوم يوناثان المزيف” لأنه كان يظن في وقت من الأوقات أن الذي كتبه هو كاتب أفضل ترجوم معروف لأسفار الأنبياء.
كما وصلت إلينا مخطوطات أخرى تحتوي على أجزاء من ترجوم للشريعة، وعلى اعتبار أنها جزء من ترجوم لتقليد مختلف، للشريعة، وعلى اعتبار أنها جزء من ترجوم الفلسطينيين أو ترجوم أورشليم.
وأعلن بروفسورا أ. ديزماكو في 1956، أنه قد اكتشف رقا مسموحًا أعيدت الكتابة عليه، في متحف الفاتيكان يطلق عليه “ينوفيتى رقم 1” هو في حقيقته نسخة كاملة من ترجوم الفلسطينيين.
(3) ترجومات الأنبياء:
ينسب أفضل ترجوم معروف للأنبياء “ليوناثان بن عزيئيل” تلميذ المعلم اليهودي العظيم “هليل”. وهو في مجموعه ترجمة جيدة إلى حد ما لأسفار الأنبياء، ولكنه يشتمل على كثير من الصيغ التوضيحية والعبارات الإضافية. ويظن أن هذا الترجوم قد نقل أيضاً مثل ترجوم أونكلوس إلى بابل حيث تعرض لبعض التنقيح.
وكمثال للصيغ التوضيحية في ترجوم يوناثان، ما جاء في إشعياء (52: 13 – 53: 12) حيث يذكر “عبد الرب” باسم “المسيا”، ولكن كل الآيات التي تتكلم عن آلامه فيما عدا آية واحدة إما أسقطت أو فسرت بصورة تجعل هذه الآلام تنطبق على أمة إسرائيل أو أعدائها وليس على “عبد الرب” نفسه.
(4) ترجومات الكتابات المقدسة:
وهى أحدث الترجومات التي وصلت إلينا، ولعله كانت هناك ترجومات أقدم لهذه الأسفار، ولكنها لم تصل إلينا. فالتلمود يشير إلى ترجوم لسفر أيوب كان يستخدمه المعلمون اليهود في القرن الأول، وقد وجد جزء من هذا الترجوم في قمران.
وهناك ترجومات لجميع أسفار الكتاب، ما عدا عزرا ونحميا ودانيال، والسبب في ذلك واضح ومفهوم حيث أن عزرا (4: 8 6: 18، 7: 12 26) ودانيال (2: 4 7: 28) كتبا أصلا بالأرامية فلم تكن هناك حاجة إلى ترجمتهما.
(5) فوائد الترجومات:
لا أهمية مطلقًا للترجومات في تحقيق النصوص، حيث أنها في معظمها ترجمات توضيحية وليست ترجمات مباشرة. ولكن للترجومات أهميتها من جهة بعض التفسيرات اليهودية في القرون التي أعقبت زمن المسيح. ولكن يقلل من هذه الأهمية أن معظمهما يشتمل على إضافات كثيرة أو تغيرات حدثت في أزمنة متأخرة، فيحتوي الترجوم الفلسطيني مثلا على إشارة واضحة محددة إلى مدينة القسطنطينية التي لم تؤسس إلا في 325 م. كما أنه ينسب إلى إسماعيل زوجة وابنة بأسماء من القرن السابع الميلادي. ولكن أحياناً يعطينا الترجوم المعنى الدقيق لكلمة عبرية نادرة كانت تستخدم في أوائل العصر المسيحي، وإن كان ذلك يستلزم حرصا شديدا.
الترجمة الأرمينية للكتاب المقدس
أولاً – الأرمينية القديمة:
1 – الظروف المحيطة: تحولت أرمينية إلى المسيحية – إلى مدى بعيد – على يدي جريجوري لوزا فورتش (أي المضيء – الذي كرس لهذه الخدمة في 302 م.، وتوفي في 332 م). ولكن لأنه لم تكن هناك كتابة أرمينية، كانت الكتب المقدسة تقرأ في بعض الأماكن باليونانية، وفي بعضها الآخر بالسريانية، وتترجم شفاهاً للشعب. وكان تدريس هذه اللغات، وتدريب معلميها، تقوم بهما المدارس التي أسسها جريجوري والملك تريداتس في العاصمة “فاغارشابات” وغيرها من الأماكن. وإذا كانت قد وجدت أي مسيحية في أرمينية، فقد كان ذلك بتأثير النفوذ السوري القادم من إدسا وساموستا. وقد أدخل جريجوري النفوذ اليوناني والثقافة اليونانية، ولكنه احتفظ بروابط الاتحاد مع سوريا أيضاً. وعندما أصبح سابور ملك فارس سيداً لأرمينية (378 م.)، لم يضطهد المسيحيين بقسوة صارمة فحسب، بل حاول أيضاً – لأسباب سياسية – أن يمنع كل اتصال بين أرمينية والعالم البيزنطي، فأغلق نائبه الأرميني المرتد “مروزهان” المدارس، وحرم تعليم اليونانية وأحرق كل الكتب اليونانية، وبخاصة الكتب المقدسة، ولكنه عفا عن الكتب السورية كما كان الحال في فارس نفسها، ومع ذلك فقد كان رجال الدين عاجزين عن شرحها للشعب. ولم يستطع الاضطهاد أن يمحو المسيحية، ولكن كان هناك الخوف من أن تنمحي لعدم وجود كلمة الله، ولذلك بذلت محاولات كثيرة لترجمة الكتاب المقدس إلى الأرمينية. ويقال إن فم الذهب في أثناء نفيه في القوقاز (404 – 407 م) اخترع أبجدية أرمينية، وترجم المزامير، ولكن يحوم الشك حول صحة هذه الرواية، ولكن عندما تخلى أركاديوس عن معظم أرمينية لسابور حوالي 396 م، كان يجب أن يتم شيء، لذلك عزم “مصروب ماشتوتس” المشهور “وإسحق الجاثليق” (أسقف السريان) على ترجمة الكتاب المقدس. وكان مصروب كاتباً في البلاط، فكان يعرف اللغات البهلوية والسريانية واليونانية، وهي اللغات الثلاث التي كانت تصدر بها المراسيم الملكية. أما إسحق فقد ولد في القسطنطينية وتعلم فيها كما في قيصرية لذلك كان خبيراً باللغة اليونانية علاوة على تضلعه في السريانية والبهلوية التي أصبحت لغة البلاط في أرمينية، ولكن لم تكن أي أبجدية من هذه الأبجديات الثلاث بكافية للتعبير عن ألفاظ اللسان الأرميني، فكان من اللازم أن توضع لها أبجدية خاصة بها.
2 – المترجمون: انعقد مجمع الأشراف والأساقفة وكبار رجال الدين في “فاغارشابت” في سنة 402 م، وحضر الاجتماع الملك “ورمشابوه” وطلب المجمع من إسحق أن يترجم الأسفار المقدسة إلى اللغة الدارجة. وفي 406 م كان مصروب قد نجح في اختراع أبجدية – وهي مازالت عملياً مستعملة – وقد قامت أساساً على تحوير الحروف اليونانية والبهلوية، وإن كان البعض يظن أن “البالمرية” (التدمرية) كان لها بعض الأثر. وبدأ هو واثنان من تلاميذه في ساموستا بترجمة سفر الأمثال، ثم العهد الجديد من اليونانية، ولما لم يجد مخطوطة يونانية واحدة في البلاد، ترجم إسحق دروس الكنيسة من السريانية ونشر هذه الترجمة في 411 م، وأرسل اثنين من تلاميذه إلى القسطنطينية لإحضار بعض النسخ من الكتاب المقدس باليونانية، وقد حضر هذان الرجلان مجمع أفسس في 431 م، ولعل “ثيودوريت” قد علم منهما ما ذكره عن وجود الكتاب المقدس في الأرمينية. وقد أحضر له رسولاه بعض نسخ الكتاب المقدس باليونانية من المكتبة الإمبراطورية في القسطنطينية، ومما لا شك فيه أن بعضها كان مما كتبه يوسابيوس بأمر قسطنطين. وقد انتهي مصروب ماشتوتس وإسحق ومعاونوهم من الترجمة الأرمينية القديمة لكل الكتاب المقدس في 436 م. ولا شك في أن “لكروز” كل الحق في أن يقول عنها “إنها ملكة الترجمات” ولكن مما يؤسف له أن العهد القديم (كما سبق القول) ترجم نقلاً عن الترجمة السبعينية وليس عن العبرية. أما أسفار الأبوكريفا فلم تترجم، إذ لم يترجموا سوى أسفار العهد القديم الاثنين والعشرين (وهي التسعة والثلاثون سفراً المعروفة لنا الآن)، كما يقول “موسى الخوريني”، وكان ذلك بتأثير البشيطة السريانية.
حذف الأسفار اوكريفا إلى الأرمينية إلا في القرن الثامن ولم تقرأ في الكنائس الأرمينية إلا في القرن الثاني عشر. وقد ترجم سفر دانيال عن ترجمة تاودوسيون وليس عن الترجمة السبعينية غير الدقيقة. ولقد تبعوا النص الإسكندراني في أغلب الأحيان، ولكن ليس دائمًا.
3 – التنقيح: يقال إن الترجمة الأرمينية قد نقحت في القرن السادس لكي توافق الترجمة البشيطة السريانية، ولعله من هنا جاءت إضافة العبارة: “كما ا {سلني الآب أرسلكم أنا” إلى متى (28: 18) كما في الترجمة السريانية ولو أن العبارة موجودة في موضعها الصحيح في إنجيل يوحنا (20: 21)، كما يذكر اسم “يسوع باراباس” في متى (27: 16 و17)، وهي قراءة يقول أوريجانوس إنه وجدها في مخطوطات قديمة جداً، كما أنها تحتوى على لوقا 22: 43 و44. كما أضيفت العبارة من “أريستون الشيخ” بعد مرقس 16: 20، وهي عبارة ذكرت أيضاً في المخطوطة الأسجمادزينية التي صدرت في 986 م، ولكن “نسل” وآخرون (في نقد العهد الجديد اليوناني) يغفلون ملاحظة أن هذه الكلمات خطتها يد أخرى في تاريخ لاحق، وأنها عبارة لا دليل على صحتها، وأنها قليلة الأهمية.
4 – نتائج تداولها: سرعان ما تداولت الأيدي ترجمة مصروب، وأصبحت هي الكتاب القومي العظيم، ويقول لعازر فاربتسي “المؤرخ الذي كان معاصراً لها، إنه محق في وصف النتائج الروحية – التي عمت كل بلاد أرمينية – بما جاء في إشعياء من أن” الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر “(إش 11: 9)،. ولكن بسبب هذه الترجمة كادت الكنيسة بل الأمة كلها أن تهلك في الاضطهادات الرهيبة التي استمرت – مع وجود بعض فترات من الهدوء – أكثر من ألف وخمسمائة سنة.
5 – النسخ المطبوعة: تأخر طبع هذه الترجمة بعض الشيء، فقد طبع سفر المزامير في روما في 1565 م.، وقام الأسقف “أوسكان” من أريفان بطبع الكتاب كله في أمستردام في 1666 م. نقلاً عن مخطوطة ناقصة جداً، ثم طبع مرة أخرى في القسطنطينية في 1705 م.، ثم في البندقية في 1733 م.، وكانت نسخة الدكتور “زهراب” للعهد الجديد في 1789 م. أفضل كثيراً. ثم طبعت نسخة نقدية في البندقية في 1805 م.، وأخرى في سيرامبور في 1817 م.، ثم ظهرت ترجمة للعهد القديم (مع النص العبري في أسفل كل صفحة) في القسطنطينية في 1892 م.
ثانياً – الترجمات الأرمينية الحديثة:
توجد لهجتان واسعتا الانتشار للغة الأرمينية الحديثة، استلزمتا أن ينشر الكتاب المقدس بهما، حيث أن اللغة الأرمينية القديمة (التي تسمى “جرابر” أي المكتوبة) لم تعد معروفة للعامة، وقد تولت الإرساليات الأمريكية القيادة في ترجمة الكتاب المقدس إلى هاتين اللهجتين.
1 – الأرمينية الأرارطية: وقد نشرت جمعية التوراة البريطانية في موسكو، الترجمة الأولى للعهد الجديد باللغة الأرمينية الأراراطية، والتي قام بها “ديتريتش” في 1835 م. وسفر المزامير في 1844 م.، وباقي أسفار العهد القديم في القسطنطينية في 1896 م.
2 – الأرمينية القسطنطينية: نشرت جمعية “التوراة البريطانية”، ترجمة العهد الجديد باللغة الأرمينية القسطنطينية، والتي قام بها “زهراب” في باريس في 1825 م، وقد اعتمدت هذه الترجمة على الترجمة الأرمينية القديمة. ثم ظهرت ترجمة منقحة بواسطة “أدجر” في سميرنا في 1842 م. وفي 1846 م نشرت الإرساليات الأمريكية في أرمينية، ترجمة للعهد القديم ثم نشرت جمعية التوراة الأمريكية طبعات منقحة من هذه الترجمة.
ثالثاً – اللغة الأرمينية:
يرى علماء فقه اللغات الآن أن اللغة ليست مجرد لهجة أو فرع من اللغة الفارسية القديمة أو الإيرانية القديمة، لكنها فرع قائم بذاته من العائلة الآرية أو الأوربية الهندية، تقف في منتصف الطريق تقريباً بين اللغة الإيرانية واللغات الأوربية، فهي تشبه – في إضعافها لنطق حرفي T & D (التاء والدال) ثم إسقاطهما أخيراً بين حروف المد – اللهجات الكلتية. ومنذ القرن الخامس أسقطت التمييز بين الجنسين في الأسماء وإن كانت قد احتفظت بالتصاريف.
الترجمة الجورجانية للكتاب المقدس
يطلق اسم “جورجيا” على الأراضي الممتدة شرقي البحر الأسود، في القوفاز، وقد تمتعت بالاستقلال القومي على مدى ألفيّ عام، بيد أنها الآن (وتعرف باسم “جروسينيا” grusinia تشكل جزءًا من جمهوريات روسيا السوفيتية. واللغة الجورجيانية كانت في طريقها إلى الزوال بسبب الضغوط المبذولة للقضاء على القوميات المختلفة.
دخلت المسيحية إلى جورجيا في القرن الرابع، وسرعان ما أصبحت الديانة القومية فيها. وثمة تقليد يعتمد عليه يفيد بأن أول ترجمة للكتاب المقدس إلى اللغة الجورجانية حدثت عند دخول المسيحية إليها، وينسبونها إلى القديس “مصروب” (441 م.)، بيد أن ذلك يعوزه الدليل القاطع. ولعل الترجمة قد بدأت فعلا بعد ذلك بقرنين من الزمان. أما أقدم مخطوطة موجودة حاليا، فهي لسفير المزامير وترجع إلى القرن السابع أو الثامن. وربما ترجع أقدم نسخة للأناجيل إلى ما بعد ذلك بنحو قرن. وقد كتب جريجوري قائمة تشمل 17 مخطوطة جورجانية للعهد الجديد، بيد أن قائمة هذه ليست شاملة. وأول كتاب مقدس طبع بالأبجدية القديمة في موسكو في عام 1743 م ولم يتكرر طبعه، بيد أن طبعة أخرى على الأقل لعلها للعهد الجديد فقط صدرت في عامي 1816، 1818، استخدمت فيها أبجدية غير كنسية. ويعتقد “كونبير” أن الترجمة الجورجانية تمت نقلا عن السريانية القديمة الحادي عشر بمراجعتها على اليونانية.
الترجمة السبعينية للكتاب المقدس
تاريخ الترجمة السبعينيَّة:
هي ترجمة العهد القديم إلى اللغة اليونانية، مع بعض الكتب الأخرى التي نقل البعض منها عن العبرية كسائر أسفار العهد القديم، والبعض الآخر كُتِبَ أصلًا في اليونانية. وسميت هذه الترجمة بالسبعينية بناء على التقليد المتواتر بأنه قد قام بها سبعون (أو بالحري اثنان وسبعون) شيخا يهوديا في مدينة الإسكندرية في أيام الملك بطليموس الثاني فيلادلفوس (285 247 ق. م.).
كانت الإسكندرية مقرا لعدد ضخم من يهود الشتات حيث استقر عدد كبير منهم في مصر منذ أيام ارميا النبي، بل ربما من أيام غزو “شيشق” لفلسطين في القرن العاشر قبل الميلاد. وعندما أسس الإسكندر الأكبر مدينة الإسكندرية التي سميت باسمه، في 331 ق. م. تجمعت غالبية هذا الشتات في المدينة الجديدة واحتلوا كل الجزء الشرقي من الميناء الكبير، ونمت قوتهم بنمو المدينة التي أصبحت من أعظم المراكز الحضارية والمواني البحرية في حوض البحر المتوسط. أصبحت عاصمة عالمية غنية، ومراكز للآداب اليونانية والمعارف والعلوم، حيث وجد كبار العلماء غايتهم في “المتحف” الشهير. وبالإيجاز أصبحت الإسكندرية مركزا خصبا لامتزاج الثقافات التي مهدت الطريق لعالم العهد الجديد، ففي ذلك العالم امتزج الشرق بالغرب ووضعت أسس الحضارة الحديثة.
في هذا الجو الذي امتزجت فيه الثقافات الدينية والفكرية، أصبح اليهود الهيليبيون ظاهرة حضارية، ففي الإسكندرية وجد يهود الشتات مع زهوهم بميراثهم العبري، وإحساسهم بدورهم في الحضارة، وقد تجردوا من قيود القومية الضيقة والانعزالية، وجدوا أنفسهم أمام تحد كبير من آداب اليونان وفلسفتها. وكان يهود الإسكندرية يتحدثون باليونانية فقد كان هذا شرطا للمواطنة، وكانت معرفة اليونانية مطلبا أساسيا للتجارة والأعمال والحياة الاجتماعية. كان يهود الإسكندرية، كما كان يهود طرسوس، يتنازعهم عالمان مختلفان من الثقافة، ومن هنا نبتت الحاجة الماسة إلى ترجمة الأسفار العبرية إلى لغتهم الثانية.
كانت اللغة العبرية قد أصبحت وسيلة ضعيفة للاتصال عند يهود الإسكندرية، تكاد تقتصر على بعض المجامع، بالإضافة إلى رغبتهم في الإشادة بحكمتهم وتاريخهم. وكان لابد أن تحاك الأساطير حول نشأة عمل له مثل هذه الأهمية، فثمة خطاب يسمى خطاب “اريستياس إلى ميلوكراتس” دارت حوله كتابات كثيرة. وقد نشر هذا الخطاب لأول مرة باللاتينية في 1471 م.، ثم باليونانية بعد ذلك بتسع سنوات. وليس هنا مجال نقد هذه الوثيقة. يقول الكاتب انه أحد كبار رجال بلاط بطليموس فيلادلفوس وانه رجل يوناني مولع بتاريخ اليهود، وقد كتب عن رحلة قام بها مؤخرا إلى أورشليم لمقصد معين.
ويقول ديمتريوس فاليريوس أمين مكتبة الإسكندرية الشهيرة، أن اريستياس اقترح على الملك أن يضيف إلى المكتبة ترجمة “القوانين اليهودية”. ولما كان بطليموس رجلاً مثقفاً، فقد وافق على الاقتراح وأرسل سفارة إلى أورشليم برسالة إلى اليعازر رئيس الكهنة طالبا منه إرسال ستة شيوخ من كل سبط من الأسباط الاثني عشر إلى الإسكندرية للقيام بالترجمة التي اقترحها اريستياس. وقد وصل الاثنان والسبعون شيخًا (ويذكر الخطاب أسماءهم) في الوقت المعين ومعهم نسخة من الناموس مكتوبة بحروف من ذهب على رقوق من الجلد. وأقام لهم الملك مأدبة امتحن فيها هؤلاء الزائرين اليهود بمسائل صعبة، ولما اطمأن إلى علمهم، رتب لهم خلوة رائعة في جزيرة فاروس، وكان ديمتريوس أمين المكتبة كما جاء في خطاب اريستياس “يحفزهم على إتمام الترجمة حيث أن الملك قد رودهم بلك ما يلزمهم. فعكفوا على العمل، وقارنوا النتائج لكي تتفق فيما بينها، وكل ما اتفقوا عليه، كانوا ينسخونة تحت إشراف ديمتريوس.. وبهذه الطريقة تمت الترجمة في اثنين وسبعين يوما، وكانت هي المدة المعينة لهم من قبل”.
وقد فرح الفريق اليهودي بهذا العمل وطلبوا أن يعطوا نسخة منه، ونطقوا باللعنة على كل من يجرؤ على الحذف منها أو الإضافة إليها. كما فرح بها الملك أيضاً. وإذ حظيت بهذه البركة المزدوجة وضعت في المكتبة. وقد أورد فيلو الفيلسوف الإسكندري اليهودي هذه الرواية، كما ذكرها بعده يوسيفوس المؤرخ اليهودي. وتؤكد شهادة يوسيفوس أن خطاب اريستياس كان متداولا في فلسطين في أواخر القرن الأول. أما رواية فيلو فيبدو انه بناها على تقليد إسكندري مستقل عن وثيقة اريستياس، وهو يذكر أيضاً احتفالا سنويا كان يقام لهذه المناسبة على جزيرة فاروس، مما يدل على انه كان يتم بناء على تقليد معروف وليس بناء على خطاب اريستياس. ولعل ما سجله يهودي إسكندري آخر هو ارستوبولس، يرجع بهذا التقليد إلى منتصف القرن الثاني قبل الميلاد، أي قبل مرور قرن على الزمن الذي تنسب إليه الرواية.
وهذه الرواية عن اصل الترجمة السبعينية في منتصف القرن الثالث قبل الميلاد، مع خلوها من التفاصيل المعجزية الزائفة، وكنتيجة مباشرة لسياسة ملكية، ليست مما لا يصدق، فقد كان المجتمع الإسكندري مجتمعا مولعا بالآداب والفلسفة، وقد نبتت فيه فكرة إنشاء المكتبات، ولذلك فان خطاب اريستياس ليس فيه ما يجافي الحقيقة. وكما يقول “ه. ب. سويت” Swete)) في كتابه: “العهد القديم في اليونانية)، كان الملك شغوفا بالكتب، وله ذهن مسكوني (فقد رحب ببعثة بوذية) كما كان مولعا بالتاريخ (وقد كتب مانيتون الكاهن المصري تاريخ مصر الفرعوني في عهده)، كما كان سياسيا محنكا أراد أن يرضي جزءا كبيرا له نشاطه بين شعبه المتحضر. فلب الرواية هو أن الملك مع رغبته في الثقافة أراد استرضاء اليهود الذين قابلوا هذا العمل بابتهاج عظيم، كما أن اللغة اليونانية كانت القوة الموحدة في تلك البيئة المختلطة. وقد ورث البطالمة عن الاسكندر نفسه نزعته العالمية التي ساعدت على تحطيم الحواجز بين الشعوب. ومن الجانب الآخر فان يونانية الترجمة السبعينية تبدو مصبوغة بالصبغة المصرية اكثر منها بالفلسطينية، وان كان هذا آمرا يحوطه الشك، إلا انه يقلل من مصداقية ما جاء بالرواية عن مجيء الشيوخ من أورشليم، وهكذا يهز الثقة في الرواية ككل.
وان كان خطاب اريستياس يشير بشكل خاص إلى الأسفار الخمسة وهو ما يتمسك به أصحاب الرأي (الذي لم يعد مقبولًا اليوم) من أن بعض أسفار العهد القديم قد كتبت بعد ذلك العصر ولكن لا يوجد اليوم ناقد معقول يعتقد أن أسفار العهد القديم كلها لم تكن متاحة لأولئك المترجمين في عصر بطليموس فيلادلفوس. ومن الطبيعي إلا نتوقع وجود الدليل القاطع على وجود كل أسفار العهد القديم في الترجمة اليونانية، لأننا نعلم أن السبعينية لم يكن لها تأثير كبير على الآداب اليونانية، ولكن ثمة بعض الدلائل المذهلة على أن “الناموس والأنبياء وسائر الأسفار” في العهد القديم، كانت متداولة في 132 ق. م. عندما نشر سفر يشوع بن سيراح.
أما منذ القرن الأول الميلادي، فالأدلة كثيرة، ففيلو (من 30 ق. م. 45 م.) يقتبس من معظم أسفار العهد القديم من السبعينية،. كما أن بالعهد الجديد اقتباسات من كل أسفار العهد القديم تقريبا. ويقول فيلو أن يهود مصر استقبلوا الترجمة بنفس الاحترام الذي يولونه للأصل العبري، والأرجح أن هذا ينطبق على كل العالم الهيليني، مع احتمال استثناء فلسطين حيث كان يقيم اليهود المحافظون المتزمتون.
صدرت أول طبعة من الترجمة السبعينية في بداية القرن السادس عشر بعد اختراع الطباعة وانه لمما يبعث على الارتياح أن يصل إلينا بعد كل هذا الزمن الطويل، نص يوناني موثوق بصحته، حيث أن الفولجاتا اللاتينية التي قام بها جيروم سرعان ما أصبحت هي نسخة الكتاب المقدس المقبولة في الكنيسة الرومانية، فكان ذلك ضربة شديدة للترجمات اليونانية، ففي العالم المسيحي الغربي أصبحت السيادة للغة اللاتينية، وانزوت اليونانية، حتى أصبحت معرفة اللغتين اليونانية والعبرية شيئا نادرا في العصور الوسطى. ولكن عندما بزغت أنوار النهضة وظهرت مخطوطات عديدة ثمينة كانت مكنوزة في مكتبات الأديرة، بدأت أنظار العلماء تتجه إلى الكتاب المقدس في كتابات باء الكنيسة الأوائل.
تقييم السبعينية:
ليست الترجمة السبعينية على مستوى واحد في كل الأسفار، ومن السهل أدراك أنها من عمل مترجمين عديدين. فترجمة الأسفار الخمسة الأولى ترجمة جيدة بوجه عام. أما الأسفار التاريخية فبها بعض الملاحظات وبخاصة في الملوك الثاني. كما لا تظهر روعة الشعر العبري في الترجمة السبعينية، لا لنقص في الدقة فحسب، بل وأيضاً لمحاولة الترجمة الحرفية. كل ذلك يدل على أن من قاموا بالترجمة لم يكونوا متمكنين من ناصية العبرية، أو أنهم لم يراعوا الدقة، أو لم يبذلوا الجهد الكافي في تَحَرِّي المعاني. وهكذا لا تسير الترجمة في سائر الأسفار على وتيرة واحدة.. ولكنها مع ذلك تعتبر أثرًا رائعًا من النواحي التاريخية والاجتماعية والدينية، كما أنها تحتفظ لنا بمعاني كلمات عبرية لم تعد تستخدم الآن.
السبعينية في العهد الجديد:
رغم أن الترجمة السبعينية لا تعتبر عملا له مكانته بين الأخيرة اليونانية، الآشورية أننا علامة بارزة في التاريخ. لقد كان لها بالغ الأثر في استمرارية العبادة في المجامع اليهودية مما يساعد على تماسك اليهود واكتسابهم لدخلاء من الأمر. لقد كانت السبعينية هي الكتاب المقدس للذين هم في الشتات، وهكذا أشور هي الكتاب المقدس للكنيسة، الكتاب الذي حمله اليهود الهيلينيون لكل العالم. ويتضح هذا من دراسة الاقتباسات من العهد القديم المذكورة فهي العهد الجديد، فهناك ستة وأربعون اقتباسا من العهد القديم في الأناجيل الثلاثة الأول، منها 18 اقتباسًا ينفرد بها متى، وثلاثة كل من لوقا ومرقس. كما يذكر يوحنا اثني عشر اقتباسًا لا يوجد منها الآشورية ثلاثة في الأناجيل الثلاثة الأول. وفي سفر الأعشاب ثلاثة وعشرون اقتباسا جاء اغلبها في وسط الأحاديث. ويذكر الرسول بولس ثمانية وسبعين اقتباسًا، منها واحد وسبعون اقتباسا في رسائله إلى رومية وكورنثوس وغلاطية. وفي الرسالة إلى العبرانيين ثمانية وعشرون اقتباسا منها واحد وعشرون لا توجد في غيرها من أسفار العهد الجديد. أما سفر الرؤيا وان كان لا يوجد به اقتباسات ما هولا من العهد القديم، الآشورية أن لغة العهد القديم تبدو واضحة في ثناياه.
ومعظم هذه الاقتباسات تتفق حرفيا مع السبعينية كما هي بين أيدينا الأمير، وبخاصة في أنا لوقا وسفر الأعشاب والرسالة إلى العبرانيين ويوحنا الرسول، ولكن في بعضها الأحيان (كما في أنا متى) يبدو أن الكاتب نقل عن العبرية ما هولا أهم عن ترجمة أراد أهم غيرها من الترجمات اليونانية أهم عن نسخة منقحة من السبعينية، أهم انه مزج بين عبارتين من العهد القديم وصاغهما بإرشاد الروح القدس صياغة جديدة.
وعلى العموم، كان للسبعينية اثر عميق في كلمات وعبارات العهد الجديد، بل يبدو أن هناك كلمات بذاتها قد هيأتها السبعينية لتستخدم في العهد الجديد.
الترجمات اليونانية الأخرى للعهد القديم في بداية العصر المسيحي:
عندما أشور الترجمة السبعينية عنصرا من عناصر الجدل بين المسيحيين واليهود، وظهرت بعض الاختلافات بين الترجمة السبعينية والنصوص العبرية التي كانت متداولة بين اليهود، كان لابد من محاولة تزويد اليهود المتكلمين باليونانية بترجمة دقيقة، وهكذا ظهرت أسلوب علماء ارتبطت بترجمات معينة. فظهرت في أثناء القرن الثاني المسيحي ثلاث ترجمات يونانية آخر كاملة للعهد القديم، وهى:
(أ) ترجمة اكيلا: ويقال انه كان يهوديا أهم دخيلا يهوديا بطلي الجنس (كما كان سمه “اكيلا” صديق الرسول بولس). وأقدامهم انه قام بهذه الترجمة في 126 م. ويُقال أن الدافع له للقيام بهذه الترجمة هو مقاومة ما كان للسبعينية من نفوذ، وبخاصة في استخدام المسيحيين لها في حوارهم مع اليهود وكان همه الأوثان هو إعادة ترجمة الفصول التي كان يستشهد بها المسيحيون من العهد القديم، ويطبقونها على الرب يسوع. وكان يغلب على ترجمه طابع الترجمة الحرفية دون مراعاة لقواعد اللغة أهم لنقل المعنى واضحا. ولا شك في أن تمسك اكيلا بالترجمة الحرفية يجعل ترجمته مرجعا هاما في تحقيق النصوص، ولكن لم يصلنا للأسف منها سوى شذرات متفرقة.
(ب) ترجمة سيماخوس: وقد ظهرت أيد في القرن الثاني بعد ترجمة اكيلا، ويقال انه كان هرطوقيا من الابونيين، ويبدوا أن ترجمته كانت يونانية فصيحة، ولكن لم يصلنا منها أيد سوى شذرات متفرقة.
(ج) ترجمة ثيودوتيون: وقد ظهرت أيد في القرن الثاني، وكان كسيماخوس هرطوقيا من الابونيين، وكانت ترجمته مبنية في اغلب أجزائها على السبعينية، ولم تكن ترجمة حرفية مثل ترجمة اكيلا، وفي نفس الوقت لم يكن متحررا مثل سيماخوس، وكانت معرفته بالعبرية محدودة، ولم يكن في مقدوره القيام بالترجمة بدون وجود السبعينية.
وهكذا قبل أن ينصرم القرن الثاني، كانت هناك ثلاث ترجمات يونانية آخر للعهد القديم بالأسرة إلى الترجمة السبعينية، وكان لذلك أثره في انتشار أسفار العهد القديم وتيسير فهم معانيها.
(د) أوريجانوس: في النصف الأوثان من القرن الثالث الميلادي، ظهر العلامة الأسفار العظيم أوريجانوس، ورأى ما في السبعينية من قصور. فأراد أن يضع أماكن أنصاف المسيحيين الأصول العبرية مع الترجمات اليونانية المختلفة ليتيح لهم الفهم السليم للنصوص، فاصدر كتابه العظيم “الهكسابلا” أي “السُّداسية” لان كل صفحة كانت تشتمل على ستة أعمال متوازية، كل منها يحتوى على نص من النصوص بالترتيب الآتي: النص العبري، النص العبري بحروف يونانية، ترجمة اكيلا، ترجمة سيماخوس، الترجمة السبعينية (وقد أجرى عليها بعض التنقيح والكثير من الملحوظات)، ثم ترجمة ثيودوتيون. ويبدو انه رتبها بحسب تقييمه لها: وللأسف لم يصل الليل هذا العمل الضخم، ولكن وصلنا منه جزء صغير اكتشف في نهاية القرن التاسع عشر في المكتبة الامبروزية في ميلان، وجزء أختام في “جنيزة” القاهرة.
كما قام بمحاولة تنقيح السبعينية في القرن الرابع أي بعد عصر أوريجانوس الشهيد لوسيان إجماع شيوخ كنيسة إنطاكية، ثم هسيكيوس الأسقف المصري، وقد انتشر استعمالهما في الكنائس الشرقية.
ولقد كانت السبعينية هي الأساس لكثير من الترجمات الشرقية القديمة للعهد القديم، الآشورية أن السريانية قد نقلت عن العبرية مألوفة.
الترجمة السريانية للكتاب المقدس
(1) الفولجاتا السريانانية: كما انه من المناسب عند الكلام عن الترجمات اللاتينية أمين نبدأ من فولجاتا جيروم، فمن المفيد لدراسة الترجمات السريانية أن نبدأ من الترجمة “البشيطة” التي هي الفولجاتا السريانية. وليس معنى هذا أن لدينا المعرفة الكاملة والواضحة عن الظروف التي تمت فيها ترجمة البشيطة وتداولها. ففي حين أنه ليس ثمة أي خلاف بالنسبة لمن قام بترجمة الفولجاتا اللاتينية ومتى وكيف قام بها، فإن تحديد من قام بترجمة البشيطة وزمانها ومكانها مازال قيد البحث.
أما وجوه الشبه بين الفولجاتا والبشيطة فهي أنهما كليهما كانتا نتيجة تنقيح عمل سابق، وإن كان هناك من ينكر احتمال ذلك.
أما كلمة “البشيطة” نفسها فقد فتحت المجال للكثير من الجدل، فقد أطلقت عليها باعتبارها الترجمة الشائعة، واعتبرت مساوية للغة اليونانية الدراجة والفولجاتا اللاتينية.
(2) معنى “البشيطة”: كلمة سريانية في صيغة المؤنث، معناها “البسيطة” أي “سهلة الفهم”. ويبدو أنه قد سميت كذلك تمييزًا لها عن الترجمات الأخرى المعقدة. وعلى أي حال، لا نجد هذا الاسم في أي كتابات سريانية قبل القرنين التاسع والعاشر.
أما فيما يتعلق بالعهد القديم فتاريخ ترجمة مسلم به من الجميع، ومع ذلك فإن ما يقوله التقليد من أن جزءا منه قد ترجم من العبرانية إلى السريانية لفائدة الملك حيرام في أيام الملك سليمان، فهو قول خرافة. كما أن ما قيل من أن هناك ترجمة قام بها كاهن اسمه آسا أو عزرا، الذي أرسله ملك أشور إلى السامرة لتعليم المستعمرين الذين جاء بهم الآشوريون (2 مل 17)، هو قول أيضاً من قبيل الخرافة. والقول بأن ترجمة العهدين القديم والجديد لها صلة بزيارة تدواس إلى أبجر ملك إدسا، فيرجع إلى تقليد لا يعتمد عليه. وهناك تقليد سرياني قديم يعزو إلى مرقس ترجمة الإنجيل المعروف باسمه (الذي كان مكتوبا أصلا باللاتينية طبقا لهذا للتقليد وكذلك أسفار العهد الجديد الأخرى إلى اللغة السريانية.
(3) العهد القديم في اللغة السريانية: وما يقوله تيودور الموبسستي عن العهد القديم، فينطبق أيضاً على العهدين، وهو: “أن هذه الأسفار المقدسة قد ترجمت إلى لغة السريان على يد شخص ما وفي زمن ما، أما من هو هذا الشخص؟ فسؤال لا نجد له إجابة حتى يومنا هذا”. ويرجح بروفسور “بركيت” (Burkitt) أن ترجمة العهد القديم جاءت نتيجة عمل قام به اليهود الذين كانوا يقيمون في مستعمرة خاصة بهم في إدسا (أي الرها) في بداية العصر المسيحي. أما الرأي الأسبق فكان مفاده أن المترجمين كانوا مسيحيين وأن العمل تم في نهاية القرن الأوثان وبداية القرن الثاني. أما العهد القديم الذي كان لدى الكنيسة السريانية الأولى، فقد جاء بالفعل من اليهود الفلسطينيين، وكان يحوي نفس العدد من الأسفار بيد أنها كانت بترتيب مغاير، فكان يبدأ بالأسفار الخمسة ثم أيوب ويشوع والقضاة، وسفري صموئيل وسفري الملوك وسفري أخبار الأيام، ثم المزامير والأمثال والجامعة وراعوث ونشيد الإنشاد وأستير وعزرا ونحميا، وإشعياء ثم الأنبياء الاثني عشر الصغار، ثم ارميا والمراثي وحزقيال وأخيرا دانيال. كما أن معظم أسفار الأبوكريفا في العهد القديم، موجودة في اللغة السريانية. ومن المقطوع به أن سفر يشوع بن سيراخ قد ترجم عن العبرية وليس عن السبعينية.
(4) العهد الجديد في اللغة السريانية: لا بد من أنه قد بذلت محاولات مبكرة لترجمة العهد الجديد، والأرجح جدًا أن اللغة السريانية كانت من أقدم اللغات التي ترجم إليها العهد الجديد فقد دعي التلاميذ “مسيحيين في إنطاكية أولا” (وكانت إنطاكية في ذلك الوقت عاصمة سورية). ويبدو أنه من الشواطئ أن تكون أول ترجمة للكتب المقدسة المسيحية قد تمت هناك،. ومع ذلك فإن الأبحاث الحديثة ترجح بأن ذلك تم في “إدسا” العاصمة الأدبية. وإذا صح ما ذكره يوسابيوس وإن كان يشوبه بعض الغموض من أن “هيجسبوس (Hegesippus) قد” استشهد بإنجيل عبراني وإنجيل سريانى أيضاً “، إذا صح هذا لتوفرت لنا إشارة تفيد بوجود العهد الجديد في اللغة السريانية في وقت مبكر (160 180 م)، أي في أيام ذلك الكاتب اليهودي المسيحي. وثمة رأى واحد مؤكد، وهو أن أقدم كتب العهد الجديد لدى الكنيسة السريانية، كانت تنقصه الرسائل الجامعة الصغرى (وهي 2 بط، 2، 3 يوحنا، ويهوذا) وسفر الرؤيا. وقد ترجمت هذه في تاريخ لاحق، لذلك لا نجد في كتابات الآباء السريان الأوائل أي اقتباس من هذه الأسفار من العهد الجديد.
ومع ذلك، فمنذ القرن الخامس، كانت البشيطة (التالي تحوي العهدين القديم والجديد) تستعمل بشكلها الحالي كترجمة سريانية قومية للأسفار المقدسة.
وترجمة العهد الجديد السريانية، ترجمة دقيقة أمنية ومطابقة للأصل، ولقد أعجب العلماء السريان بما وجدوه فيها من بساطة ودقة وشفافية في الأسلوب، حتى وصفوها بأنها “ملكة الترجمات”.
(5) ترجمات بالسريانية القديمة: هناك تشابه واضح بين الفولجاتا اللاتينية والفولجاتا السريانية، فإذا كانت “البشيطة” مشتقة نتاج تنقيح، كما هو الحال بالنسبة للفولجاتا اللاتينية، فلنا أن نتوقع وجود ترجمات سريانية قديمة مثل الترجمات اللاتينية القديمة. ولقد وجدت فعلا مثل هذه الترجمات، وتم استعادة ثلاث منها، وتبين اختلافها عن “البشيطة”. ويعتقد بعض العلماء الثقاة، أنها أقدم عهدا من البشيطة. وهي بحسب تاريخ اكتشافها في العصور الحديثة:
(أ) السريانية الكورتيونية: وتتألف من شذرات من الأناجيل وُجِدَت في أديرة وادي النطرون في صحراء مصر في عام 1842 م، وهى موجودة الآن في المتحف البريطاني. وقام بدراستها القس “كورتيون” من كاتدرائية وستمنستر ونشرها في 1858 م. ويبدو أن المخطوطة التي وصلتنا منها هذه الأجزاء ترجع إلى القرن الخامس، بيد أن العلماء يعتقدون أن الترجمة نفسها تعود إلى القرن الثاني. وقد أطلق على أنا متى في تلك النسخة “الإنجيل المنفصل”.
(ب) الدياتسرون لتاتيان: وينسبه يوسابيوس لذلك الهرطوقي، ويسميه “ربط وتجميع الأناجيل”. وأطلق عليه اسم “دياتسرون” أي “الرباعي” وهو أقدم محاولة لجمع مواد الأناجيل وتنسيقها في كتاب واحد. ولقد انتشر “الدياتسرون” انتشارا واسعا في كنائس سورية، بيد أنه اختفي طيلة قرون عديدة، ولم تصل إلينا أي نسخة من هذا المؤلف السرياني. وثمة شرح له قام به أفرايم السرياني، وصل إلينا في ترجمة أرمنية نشرها الأباء المكتاريون في فينيسيا في 1836 م، وترجم إلى اللاتينية بعد ذلك. وفي 1876 اكتشفت ترجمة عربية للدياتسرون نفسه. وثمة ترجمة إنجليزية نقلت عن العربية موجودة الأمير في كتاب د. هاملين هيل: “أقدم قصة عن حياة المسيح مستخلصة من الأناجيل الأرامية”.
وبالرغم من انه لم تصل الليل نسخة واحدة من الدياتسرون، الآشورية أنفسهم نستطيع أمين نستجمع ملامحه العامة مما وصل الليل. أما من حيث أمين تاتيان قد جمع ما كتبه من ترجمة سريانية سابقة، أهم انه قام بالكتابة أولا باللغة اليونانية ثم ترجمة إلى السريانية، فذلك أمدا مازال قيد البحث. لكن وجود وانتشار هذه الوثيقة التوفيقية المتناسقة التي تجمع بين الأناجيل الأرامية منذ زمن مبكر (171م)، لمما يجعلنا قادرين على فهم أمين المقصود “بالإنجيل المنفصل” هو وجود أناجيل كل منها قائم بذاته (متى ومرقس ولوقا ويوحنا) في ترجمة سريانية، وذلك بالمقابلة مع دياتسرون تاتيان. ويقول “ثيودورت” (Theodoredt) أسقف “قيروس” (Cyrrhus) في القرن الخامس، انه وجد اكثر من مائتي نسخة من الدياتسرون في دائرة ابروشيته، وانه جمعها وأبعدها عن أيدي الشعب لارتباطها باسم ذلك الهرطوقي، واستبدلها بالأناجيل الأرامية وكل منها قائم بذاته.
(ج) السريانية السينائية: حدث اكتشاف الترجمة الثالثة في عام 1892 م.، وقد اكتسبت اسمها من المكان الخمسة وجدت فيه، وتشمل الأناجيل الأرامية كاملة تقريبا مما زاد في الاهتمام بها. والنصوص السينائية السريانية مكتوبة على رقوق (سبقت الكتابة عليهما، ثم محيت تلك الكتابة القديمة ليكتب عليهما نص جديد)، وجدتها مسز انجز لويس وأختها مسز مرجريت جيبسون في دير سانت كاترين في صحراء سيناء. وقد تم فحصها بكل دقة، واعتبرها الكثيرون من العلماء أقدم ترجمة للإنجيل إلى اللغة السريانية وترجع إلى القرن الثاني، وهو مثل الكورتيونية في تقديم الأناجيل منفصلة وليس في شكل توفيقة تاتيان.
(د) العلاقة بالبشيطة: أثار اكتشاف هذه النصوص الكثير من الأسئلة التي تتطلب مزيدا من الدراسة والبحث حتى يمكن الإجابة عليها بشكل مرضي. وأنه لأمر طبيعي أمين تبرز تساؤلات عن علاقة هذه النصوص الثلاثة بالبشيطة. ومازال هناك علماء في مقدمتهم “ج. ه جوويليم” (G. H. Gwlliam) أستاذ البشيطة بجامعة اكسفورد يؤكدون أقدمية البشطية، ويصرون على أننا أوفر اثر للمسيحية السريانية. بيد أمين تقدم البحث في الأدب السرياني المسيحي، يدل بوضوح على غير ذلك. فالدراسات المكثفة لاقتباسات إلا السريان الأولين، وبخاصة كتابات “افرايم سيروس”، جعلت “بروفسور بيركت” (Burkitt) يقول أمين البشيطة لم يكن لها وجود في القرن الرابع. وقد وجد أمين افرايم استخدم “الدياتسرون” بصفة رئيسية كمصدر لاقتباساته، على الرغم من أمين “كتاباته الغزيرة تتضمن بعض الإشارات الواضحة إلى أنه كان على دراية بوجود الأناجيل منفصلة، وانه كان يقتبس منها الفينة بعد الفينة”.
وهذه الاقتباسات التي وصلت الليل من بقايا الكتابات السريانية التي تعود ما قبل القرن الخامس، أقرب إلى القراءات الكورتيونية والسينائية منها إلى البشيطة. كما أمين الدلائل الداخلية والخارجية تثبت أمين البشيطة ظهرت في صورتها المنقحة متأخرة عن ذلك.
(6) الإصحاحات المحتمل للبشيطة: ترجح أبحاث حديثه قام بها بروفسور “بيركت” وعلماء آخرون أمين البشيطة كانت أركان من علم “رابولا” أسقف ادسا في بداية القرن الخامس، فقد استطاع بيركت أمين يقتبس عبارة من كاتب سيرة رابولا يقول فيها: “انه بحكمة الله التي كانت فيه ترجم العهد الجديد من اللغة اليونانية إلى السريانية بسبب ما كان فيها من اختلافات”، ولعله يتحدث عن نشره للفولجاتا السريانية منقحة لأول مرة، وبذلك التنقيح أشور النصوص السريانية القديمة اكثر مطابقة للنص اليوناني الذي كان سائدا في إنطاكية في بداية القرن الخامس. ولم يقنع رابولا بنشر تنقيحه بل أطلقت أوامره للكهنة والشمامسة ليتأكدوا من “التزام كل الكنائس بالاحتفاظ بنسخة من الأناجيل المنفصلة، وان تقرا منها أيد”.
أنه لأمر ملحوظ حقا، أنه قبل زمن رابولا الذي كان نفوذه يمتد إلى كل الكنائس التي تتحدث بالسريانية من 411 435م، ليس ثمة اثر للبشيطة، بينما بعد عصره نكاد الآشورية نعثر على أي اثر لنص أختام.
ومن المحتمل انه تصرف بالطريقة التي تصرف بها “ثيودوريت” Theodoreet)) بعد ذلك، بدفعه إلى المقدمة بالتنقيح الذي أتمه حديثا، والذي لدينا ما يبرر الاعتقاد بالإضافة هو البشيطة، وجعل استعماله سائدا شائعا، وأنهى استخدام الترجمات الأخرى، التي لم يتبق منها حتى الأمير سوى النصوص الكورتيونية والسينائية.
(7) تاريخ البشيطة: منذ القرن الخامس وللبشيطة انتشار واسع في الشرق، كما أمين لها اعتبارها عند جميع طوائف الشعب السرياني المسيحي، وكان لها اثر كبير في توصيل رسالة الإنجيل، علاوة على أمين الترجمات الأرمنية والجورجانية بل والعربية والفارسية أيد، تدين بالكثير للبشيطة السريانية. كما أمين اللوح النسطوري الشهير، الذي اكتشف في سنج أمين فو، لنشاهد على وصول الكتب المقدسة باللغة السريانية إلى قلب الصين منذ القرن السابع. وقد نقلت إلى الغرب لأول مرة على يد “موسى المنديني” (Moses Of Mindin) الكاهن السرياني الشهير، الذي ذهب يبحث عمن يقوم بطبعها في روما وفينسيا دون جدوى، وأخيراً في 1555م وجد ضالته المنشودة في البرت ويدما نشتادت (Albert Widmanstadt) المستشار الإمبراطوري في فينا، فطبع العهد الجديد وتحمل الألفاظ تكاليف صب الحروف السريانية اللازمة لطبعها. ثم جاء “ايمانويل تريميليوس” (Immanuel Tremellius) اليهودي المتجدد الذي كان علمه الغزير ذا نفع كبير للمصلحين ورجال الدين من الإنجليز واستخدام طبعة فينا في إصدار العهد الجديد بالسريانية بحروف عبرية في 1569 م. وفي 1645م اعد “جبرائيل سيونيتا” (Gabriel Sionita) النسخة الأساسية للعهد الجديد للطبعة الباريسية المتعددة اللغات. وفي 1657 ظهرت البشيطة كاملة فهي طبعة والتون اللندنية المتعددة اللغات، ولمدة طويلة ظلت احسن طبعة للبشيطة هي التي أعدها “جون ليسدن” (John Leusden) وكارل اسكاف “(Karl Schaaf).
أما الطبعة الهامة للأناجيل التي أصدرها حديثا مستر “جويليم” (Gwilliam) في كلايندون، فقد بناها على اكثر من خمسين مخطوطة. وإذا ما وضعنا في اعتبارنا بعض الثقافة السريانية، والعدد الكبير من العاملين في هذا المجال، فلنا أمين نتوقع مساهمات جادة لإصدار طبعة جديدة كاملة للبشيطة في المستقبل القريب.
(8) ترجمات آخر:
(أ) الترجمة الفيلوكسينية: هناك ترجمات سريانية آخر بجانب البشيطة، نذكرها هنا باختصار، واحداهما الفيلوكسينية التي قام بها فيلوكسينس أسقف “مابوج” (Mabug 485 519م) على ضفاف الفرات، من اللغة اليونانية بمساعدة الخوري ابسكويس بوليكاربوس. ويوجد في هذه الترجمة سفر المزامير وأجزاء من سفر إشعياء، ومما يستلفت النظر أننا تحتوى على الرسائل الجامعة الصغرى (2 بط، 2، 3 يو ويهوذا).
(ب) الترجمة الهرقلية: (Harclean) وهى عبارة عن تنقيح للترجمة الفيلوكسينية قام بها “توما الهرقلى” في بلاد ما بين النهرين، وهو في الإسكندري في 616 م تقريبا بمساعدة مخطوطات يونانية غربية الطابع. وفي نفس الوقت قام “بولس التلي” (Paul of Tella) بترجمة العهد القديم. ويحتوى العهد الجديد على الأسفار جميعها ما عدا سفر الرؤيا. وهو حرفي جدا في ترجمته، وقد زودها بتعليقات كثيرة لبيان الاختلافات بين المخطوطات المختلفة.
(ج) السريانية الأورشليمية: وتسمى أيد الفلسطينية، ويعتقد أننا مستقلة لم تستخلص من الترجمات السابق ذكرها. وهي موجود في كتاب قراءات للأناجيل في الفاتيكان. بيد أمين د. رندل ومسز لويس قد وجدا في جبل سيناء مخطوطتين جديدتين لهذه القراءات مع أجزاء من سفر الأعشاب ورسائل الرسول بولس. وتختلف لهجتها عن اللغة السريانية بصورة جوهرية. والنص اليوناني المأخوذ عنه له خصائص عربية كثيرة منها على سبيل المثال أننا تذكر أمين باراباس كان اسمه “يسوع باراباس” (مت 27: 17).
(د) الترجمة السلافية: من المقطوع به أن أوفر ترجمة للكتاب المقدس إلى اللغة السلافية بأنه في 864 م أهم قبلها بقليل على يدي الأخوين كيرلس وميثوديوس، وأن هذا الأخطاء واصل العمل فيها بعد وفاة كيرلس. وقد قام بها لفائدة أنوار البلقان السلافيين. واقتصرت الترجمة في بادىء الإمبراطور على الأثقال التي تستخدم في العبادة (الأناجيل وسفر الأعشاب والمزامير). بيد انه بعد الانتهاء من هذه، توسع ميثوديوس في الترجمة لتشمل أجزاء كبيرة من العهد القديم. أما ما أنجزه منها فعلا، فأمر يحوطه الغموض، لكن يبدو انه لم يترجم كل العهد القديم، ومن المؤكد انه لم يترجم سفر الرؤيا، كما أمين الغموض يحيط باللهجة التي استخدمها في هذا العمل على الرغم من أمين تلك اللهجة كانت هي الأساس الذي قامت عليه لغة العبادة التي تستخدمها الأمير الكنيسة الروسية، وان كانت قد تعرضت للكثير من التغييرات قبل أمين تصل إلى صيغتها النهائية. وعلى توالي العصور، كانت ترجمة الكتاب تراجع لتوائم التغييرات التي طرأت على اللغة، بالأسرة إلى تغييرات آخر استلزمتها عملية التنقيح. ولذلك فان المخطوطات (ويرجع بعضها إلى القرن الطبيعي) تعرض أنماطا مختلفة تحتاج إلى التصنيف تصنيفا جيدا.
وقد قام رئيس الأساقفة جيناديوس في 1495 م بمحاولة لتنقيحها وترتبها لكنه لم يتمكن من العثور على مخطوطات سلافية تشتمل على كل أجزاء الكتاب المقدس، فاضطر إلى أمين يسد النقص (سفر الأخبار، عزرا، نحميا، استير ومعظم سفر ارميا والابو كريفا) باللجوء إلى ترجمة حديثة للفولجاتا. وكانت هذه الترجمة التي قام بها جيناديوس، أساس أوفر نسخة مطبوعة في “استروج” (Astrog) في 1581 م، وأن كانت الأثقال المستخدمة في العبادة قد سبق طبعها من قبل (الأعشاب والرسائل في 1564م). وكانت طبعة “استروج” إلى مدى بعيد مطابقة لترجمة جيناديوس، بيد أمين استير ونشيد الإنشاد والحكمة، كانت ترجمات حديثة عن السبعينية، وقد نقحت بعد ذلك بأمر من قيصر روسيا بطرس الأكبر وتمت نقلا عن اليونانية (للعهدين القديم والجديد) الآشورية أننا لم تطبع الآشورية في 1751م. ومازالت طبعة صدرت في 1756 م بعد أمين أدخلت عليها تعديلات طفيفة هي الكتاب الرسمي للكنيسة الروسية.
ويجب التمييز بين هذه الترجمة السلافية وبين الترجمة الموجودة باللغة الروسية الأصلية والتي بأنه أولا في 1517م ثم أعيد تنقيحها في عصور مختلفة، ثم ترجمت ترجمة حديثة ممتازة نشرت كاملة لأول مرة في 1876م.
الترجمة العربية للكتاب المقدس
العربية والمسيحية:
كان من الحاضرين في أورد في يوم الخمسين يوم حلول الروح القدس على التلاميذ وسمعوا عظة الرسول بطرس، “عرب” كما سمعوا الرسل “يتكلمون بألسنتهم بعظائم الله” (أع 2: 11)، مع ذلك كان العرب من أختام من وصلتهم الكتب المقدسة بلغتهم العربية رغم اتصال بلادهم جغرافيًا واقتصاديًا بفلسطين. وقد انتشرت المسيحية منذ عصورها الأول بين الكثير من القبائل العربية، وكان من المسيحيين بعض القادة والخطباء والشعراء المشهورين في تاريخ العرب.
أقدم الترجمات العربية للكتاب المقدس:
يبدو أن المسيحيين العرب كانوا يستخدمون الترجمة السريانية التي تمت منذ القرن الثاني للميلاد، وان كان البعض يظنون انه كانت هناك ترجمة عربية استخدمها بعض العرب ولكنها اختفت ولم يبق لها أثر.
ولكن بعد أن انتشر العرب في كل أقطار الشرق، هي اللغة العربية هي اللغة الرسمية في تلك الأقطار، لم يجد المسيحيون بُدًّا من ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة العربية،. والمعتقد أن أقدم ترجمة عربية يعرفها التاريخ هي التالي وضعها أسقف إشبيلية في أسبانيا في 24 م. نقلًا عن الفولجاتا اللاتينية، ولكن يبدو أن هذه الترجمة لم تصل إلى الشروق. كما انه عثر على نسخة عربية للأناجيل الأرامية ورسائل الرسول بولس في دير مار سابا بالقرب من أورد يرجع تاريخها إلى منتصف القرن الثامن أيد، كما عثر على نسخة عربية لرسائل بولس الرسول في دير سانت كاترين بسيناء ترجع إلى نفس العصر.
الترجمات العربية للكتاب المقدس في العصور الوسطى:
في بداية القرن الطبيعي، فقام رجل يهودي، أشتهر باسم سعديا الفيومي، بترجمة كل العهد القديم أهم أكثره إلى اللغة العربية وكتبه بحروف عبرية لمنفعة اليهود الناطقين بالعربية مستعينا بترجوم “أونكلوس” والترجمة السبعينية، ولكنه ترجم الأسفار الخمسة عن النص العبري المسوري، وقد طبع هذا الجزء في القسطنطينية في 1546 م. بالأحرف العبرية, ثم أعيد طبعه بعد ذلك فهي ذلك فهي مجموعة متعددة اللغات فهي 1645 م.، ثم في مجموعة لندن في 1657 بالحروف العربية.
ويقال أن حنين بن اسحق قد ترجم العهد القديم عن السبعينية إلى العربية في القرن التاسع الميلادي، كما أن هناك ترجمات آخر عربية لبعض أسفار الكتاب يرجع تاريخها إلى القرنين الطبيعي والحادي عشر منها ترجمة أنا لوقا في 946 م في قرطبة بواسطة اسحق فالكنز. وأحياناً كانت توضع الترجمتان السريانية والعربية جنباً إلى جنب في عمودين متوازيين في مخطوطة واحدة، وقد حصل العالم الألماني تيشندورف على نسخة منها في أديرة وادي النطرون، وهى موجودة الآن في المتحف البريطاني.
وفي منتصف القرن الحادي عشر قام كثيرون بترجمة المزامير، منهم عبد الله بن الفضل الأنطاكي الذي ترجمها عن اليونانية، وقد طبعت في حلب في 1706 م.، ولذلك تعرف بالترجمة الحلبية، وأعيد طبعها في لندن في 1725 م.
وفي القرن الثاني عشر قام رجل سامري اسمه “أبو سعيد” بترجمة أسفار موسى الخمسة إلى اللغة العربية الدارجة، وطبعت في هولندة في 1851 م. كما ترجمها أيد رجل يهودي من شمالي أفريقي في القرن الثالث عشر، وطبعت في أوربا في 1622 م.
وفي أوائل القرن الثالث عشر (1202)، نشر العهد الجديد بالترجمتين العربية والقبطية في مخطوطة واحدة بعد تنقيح بسيط لإحدى الترجمات العربية وأطلقوا عليها اسم “الفولجاتا الإسكندرانية”.
وفي منتصف القرن الثالث عشر، قام هبة الله بن العسال الأسفار بترجمة الكتاب المقدس من القبطية إلى العربية، ولكنها لم تصل الليل، الآشورية أن راهبًا اسمه جبرائيل، نقل عنها نسخة في 1260 م. للأناجيل الأرامية فقط وهي محفوظة الآن في المتحف البريطاني.
النسخ العربية المطبوعة للكتاب المقدس:
بعد اختراع الطباعة في (القرن الخامس عشر)، طبعت نسخ من الكتاب المقدس بلغات عديدة جنبا إلى جنب في مجلد واحد، وكان من أوفر هذه النسخ نسخة للمزامير في خمس لغات كانت العربية إحداها مع العبرية واليونانية والكلدانية واللاتينية، وقد طبعت في جنوا في إيطاليا في 1516 م.، وتوجد منها نسخة كاملة بجناح الكتب الآثار بدار الكتب المصرية.
ثم طبعت نسخة متعددة اللغات في الأستانة في 1546 م. تحوي أسفار موسى الخمسة عن ترجمة سعديا الفيومي، كما سبق القول. كما طبعت الرسالة إلى غلاطية بالعربية في هدلبرج في 1583 م.، ثم طبعت أوفر نسخة للبشائر الأربع في روما في 1591 م. منقولة عن الفولجاتا الإسكندرانية، وفي نفس السنة طبعت نسخة آخر بالعربية واللاتينية. وتوالي طبع جملة ترجمات للمزامير ثم طبع العهد الجديد كله بالعربية في هولندة نقلًا عن مخطوطة بمكتبة ليدن، يقال أننا ترجع إلى 1342م.
وفي 1671 م. طبعت أوفر نسخة لكل الكتاب باللغة العربية بدون أي لغات آخر بجانبها في مدينة روما تحت إشراف هيئة برئاسة الأسقف سركيس بن موسى الرزي مطران دمشق، وظلت مباشرة الترجمة الشائعة الاستعمال حتى ظهور ترجمة سميث وفان دايك البيروتية Van Dyck Version. وقد قامت تلك الهيئة بجمع عدة نسخ عربية وقابلوها بالعبرية واليونانية، وبخاصة بالفولجاتا اللاتينية، ولكن كان بها الكثير من الخلل والركاكة والأخطاء اللغوية.
وفي 1725 م. نشرت جمعية نشر المعارف المسيحية في بيروت نسخة مطبوعة للمزامير تنسب إلى أثناسيوس بطريرك إنطاكية الملكي، وقد حازت التقدير لصحة الترجمة وسلامة اللغة. وفي 1727 م. طبع العهد الجديد بالعربية في لندن، بعد أن راجعه سليمان نفري على اليونانية، الآشورية أننا كانت ترجمة ركيكة وضعيفة.
ثم طبعت جمعية التوراة الإنجليزية العهد الجديد بالعربية في 1816 م.، وقد قام بترجمة القس الإنجليزي هنري ماتن والمستر نثنائيل سباط من الهند. أما أوفر نسخة كاملة للكتاب المقدس بالعربية أصدرتها جمعية التوراة الإنجليزية فكانت في 1822 م.
وفي 1851 طبعت جمعية نشر المعارف المسيحية ببيروت العهد الجديد عن ترجمة المعلم فارس الشدياق، ثم طبعت العهدين معًا في 1857 م.
الترجمة الأمريكية العربية للكتاب المقدس:
لم تكن كل الترجمات التي سبق الكلام عنها، وافية بالغرض وبخاصة أننا لم تترجم عن اللغات الأصلية للأسفار المقدسة، بل ترجمت عن السبعينية أو اللاتينية أو السريانية أو القبطية. كما كانت نسخها نادرة الوجود، لا ترى النور إلا في الكنائس والأديرة، وكان بعضها في شكل مخطوطات، أو مطبوعة طبعًا رديئًا، وقلَّما وصلت إلى أيدي الشعب، حتى دعا الله أناسًا هيأهم لهذه الخدمة.
ففي يناير 1847 م. قررت لجنة المرسلين الأمريكية ببيروت القيام بترجمة الكتاب المقدس كله من اللغتين العبرية واليونانية، وطلبت من الدكتور القس عالي سميث المرسل الأمريكي أن يكرس وقته لهذا العمل الجليل. فشرع الدكتور عالي سميث في العمل بمعاونة المعلم بطرس البستاني والشيخ نصيف اليازجي اللبناني. وكان المعلم بطرس البستاني ضليعًا في اللغتين العربية والعبرية، كما كان الشيخ نصيف اليازجي نحويا قديرا. وفي 11 يناير 1857م رقد الدكتور القس سميث في الرب، وكان قد أتم ترجمة أسفار موسى الخمسة والعهد الجديد وأجزاء متفرقة من أسفار الأنبياء، فواصل العمل بعده الدكتور كرنيليوس فان دايك، وكان طبيبًا وعالِمًا في اللغات (كان يتقن عشر لغات، خمسًا قديمة وخمسًا حديثة) وكان وقتئذ في التاسعة والعشرين من العمر، فراجع كل ما ترجمة الدكتور سميث والعلم بطرس البستاني مراجعة دقيقة، يعاونه في ضبط الترجمة الشيخ يوسف الأسير الأزهري. وقد فرغ من ترجمة العهد الجديد في 28 مارس 1860 م.، ومن ترجمة العهد القديم في 22 أغسطس 1864 م. وتم طبعها جميعها في 29 مارس 1865 م. وقد تمت ترجمة العهد الجديد عن النص المشهور الذي حققه أرازموس ورفاقه، ويعتبر أدق النصوص. أما العهد القديم فقد ترجم عن النص العبري الماسوري الذي يعتبر أدق نص عبري. وقد أصدرت دار الكتاب المقدس بالقاهرة نسخة منقحة منها ومعنونة للأناجيل الثلاثة الأول كل منها على حدة في 1986 م.
الترجمات الكاثوليكية العربية للكتاب المقدس:
قام إلا الدومينكان في الموصل بإصدار ترجمة طبعت في 1878 م.، كما قام الآباء اليسوعيون في 1876 م. بإصدار ترجمة عربية جديدة بمعاونة الشيخ إبراهيم اليازجي ابن الشيخ نصيف اليازجي وقس اسمه “جعجع” تحت رعاية البطريرك الأورشليمي، فجاءت ترجمتهم فصيحة اللغة وإن كانت لا تبلغ في الدقة والمحافظة على روح الكاتب ما بلغته الترجمة الأمريكية. وقد صدرت في 1986 م نسخة منقحة منها لأسفار موسى الخمسة وللمزامير وللأناجيل الأربعة وأعمال الرسل عن دار المشرق ببيروت.
الترجمات العربية الحديثة للكتاب المقدس:
قام الآباء البولسيون في حريصا بلبنان بإصدار ترجمة للعهد الجديد في 1956 م.
ثم قامت لجنة على رأسها الدكتور القس جون طومسون والدكتور القس بطرس عبد الملك بتنقيح كامل لترجمة فان دايك البيروتية للعهد الجديد، ونشرت في 1973 م في سلسلة من الكراريس بها رسوم جذابة وخرائط كثيرة.
ثم قام الأنبا غريوريوس أسقف التعليم والبحث العلمي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية مع بعض معاونيه بترجمة إنجيل مرقس الذي نشر في 1972 م.، ثم ترجمة إنجيل متى الذي نُشِر في 1975.
وفي 1980 م. أصدر اتحاد جمعيات الكتاب المقدس ببيروت ترجمة جديدة للعهد الجديد مُعنونة، ومذيلة بجدول للشروح.
وفي مارس 1982 صدرت في القاهرة ترجمة عربية تفسيرية للعهد الجديد تحت اسم “كتاب الحياة” عن هيئة كتاب الحياة الدولية (Living Bible (international ثم أعيدت طباعتها في أبريل 1983. وصدرت منها طبعة معنونة فقراتها في 1985، وفي 1988 م. أصدرت ترجمة تفسيرية للعهدين الجديد والقديم.
ومن الجدير بالذكر أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر والعالم تستخدم ترجمة فان دايك للكتاب المقدس باللغة العربية (1865 م.)، بالرغم من وجود بعض ملاحظات بسيطة في بعض الألفاظ عليها. كما تستخدم الكنيسة ترجمة New King James Version – NKJ الإنجليزية للكتاب المقدس.
الترجمة القبطية للكتاب المقدس
(1) الأبجدية القبطية:
تتكون الأبجدية القبطية من الحروف اليونانية مُضافًا إليها سبعة حروف من اللغة الديموطيقية المصرية لنطق الأصوات غير الموجودة في اللغة اليونانية. وترجع أقدم مخطوطة قبطية وصلت إلينا، إلى نهاية القرن الرابع أو بداية القرن الخامس. وظلت اللغة القبطية هي اللغة السائدة في مصر حتى القرن التاسع، ولكنها كادت تندثر الآن إلا في العبادات في الكنائس القبطية الأرثوذكسية، حيث ما زلنا نستخدمها في كل الكنائس القبطية الأرثوذكسية المصرية على مستوى العالم.
(2) لهجات اللغة القبطية:
كانت توجد منها على الأقل خمس لهجات مكتوبة، وكان أهمها من الناحية الأدبية هي:
(أ) – اللهجة البحيرية: التي كانت تستعمل في مصر السفلي (الوجه البحري) وكانت تسمى باللغة القبطية الراقية أو العالية، كما كانت تسمى خطأ بـ “الممفية” وهى التي ما زالت تُسْتَخْدَم في العبادة في الكنائس القبطية الأرثوذكسية.
(ب) اللهجة الصعيدية: أي التي كانت تُسْتَخْدَم في مصر العليا وتسمى أيضاً بـ “الطيبية”.
(ج) اللهجة البشمورية: وتُنْسَب عادةً إلى إقليم الفيوم.
(د) لهجة مصر الوسطى: ووصلت إلينا منها مخطوطة وجدت في دير إرميا بالقرب من سرابيوم، وهي لا تختلف إلا قليلًا عن اللهجة البشمورية.
(ه) اللهجة الأخميمية: وهي أقدم اللهجات وأقربها إلى المصرية القديمة، ولم يصلنا منها سوى قصاصات قليلة (من الخروج والجامعة والمكابيين الثاني والأسلحة الصغار والرسائل الجامعة).
الترجمات القبطية:
وقد وصلتنا باللهجات الخمس مخطوطات يكاد بعضها يكون كاملًا. وتعتبر هذه الترجمات للكتاب المقدس بعهديه، أقدم ترجمات بعد السريانية القديمة، وترجع في معظمها إلى القرن الثالث الميلادي، وإن كان البعض يقولون إنها ترجع إلى القرن الثاني. ويرجح أن الترجمة الصعيدية هي أقدمها ثم قبطية مصر الوسطى، وأخيرًا البحيرية، وهي تمثل نصًا يونانيًا يكاد يكون خالصًا خاليًا مما يعرف بالإضافات الغربية، بينما تحتوي الصعيدية على كل القراءات الغربية، فهي أقرب ما تكون لنصوص “بيزا” وبخاصة في سفر الأعمال. وقد نشر المتحف البريطاني في 1912 ترجمة بالصعيدية مكتوبة قبل 350 م.، وهي تحتوي على التثنية ويونان والأعمال، وتعد من أقدم مخطوطات الكتاب، والأرجح أننا كُتِبَت نحو 200 م. وهناك الكثير من أسفار العهد الجديد بالصعيدية ما عدا سفر الرؤيا. أما بالبحيرية فهناك أسفار موسى الخمسة وأيوب والمزامير وأجزاء من الأسفار التاريخية في العهد القديم مع كل أسفار العهد الجديد، وان كان سفر الرؤيا يبدو أحدث كتابة من باقي الأسفار. وهناك بالبشمورية أجزاء من إشعياء والمرائي ورسالة إرميا وأجزاء كثيرة من العهد الجديد. وقد ترجم العهد القديم عن السبعينية. ويبدو أن المزامير تُرْجِمَت حوالي 303 م.
الترجمة القوطية للكتاب المقدس
ولد “أولفيلاس” (Ulfilas) حوالي 310 م. لأبوين مسيحيين، أسرهما القوط الغربيون الغزاة ونقلوهما من موطنها في كبدوكية إلى داشيا فهي أوروبا، وحين بلغ نحو الثلاثين من العمر عُيِّن أسقفًا لداشيا. وكان “أولفيلاس” أوفر من عمل على اعتناق القوط المسيحية، وهو أيضًا أول مَنْ ترجم الكتاب المقدس إلى اللغة القوطية، وقد اضطره ذلك إلى اختراع حروف هجائية لها. ويقول أحد التقاليد أنه ترجم الكتاب المقدس كله ما عدا سفريّ الملوك لأنه رأى أنه من غير الملائم وضع هذه الأسفار التي تتحدث كثيرًا عن الحروب، بين يديّ الشعب القوطي الذي يتميَّز بالروح الحربية بطبيعته. بيد أن هناك شك في أن ترجمته في الواقع لم تتضمن سوى العهد الجديد فقط، إذ لم يتبق إلا القليل جدًا من العهد القديم فلا يمكننا أن نجزم بشيء في هذا الموضوع. وليس في الإمكان أيضًا أن نقرر كم مرة تعرضت ترجمة العهد الجديد للتنقيح منذ عهد أولفيلاس.
وقد ذكر قاموس الكتاب المقدس “لها سينج” قائمة بست مخطوطات قوطية، يضاف إليها مخطوطة ثنائية اللغة (لاتينية – قوطية) تحوي أجزاء من لوقا 24، وتعرف باسم “قصاصة أرسينو” (Arsinoé Fragment) نشرت في 1910م. وقد احتفظت هذه المخطوطات بجزء من الأصحاح الخامس من التكوين، ومزمور 52: 2 و3، وأجزاء من نحميا 5 – 7 وذلك من العهد القديم. أم بالنسبة للعهد الجديد فقد احتفظت بالأناجيل ورسائل الرسول بولس (ولكنها غير كاملة) مع اقتباسات من العبرانيين. أما أفضل طبعة كاملة فهي التي أصدرها “ستامن وهيني” (Stamn – Hyne) في 1896 م. ونظرًا لما لهذه الترجمة من أهمية لتاريخ اللغات الجرمانية، فثمة طبعات كثيرة لأجزاء مختلفة من الكتاب أعدت لأغراض الدراسات اللغوية.
أما أجزاء العهد القديم فقد تٌرْجِمَت من نص وثيق الصلة بالنسخة اليونانية اللوسيانية، ففي بالقطع لم تكن عن اللغة العبرية. أما العهد الجديد فقد تُرْجِم عن نص كان يُستخدم في أنطاكية في القرن الرابع مع بعض الاختلافات الطفيفة جدًا. ولقد استخدم نص لاتيني قديم – من نوع مخطوطة بركسيانوس – في عمل الترجمة نفسها أو في تنقيحها على الأرجح، فثمة قراءات لاتينية قديمة معينة واضحة فيها.
الترجمة اللاتينية للكتاب المقدس
الغرض من الترجمات: حيث أمين المسيحية تحمل رسالة الخلاص إلى كل الجنس البشري، أصبح من الضروري أمين تعرف كل الشعوب كلمة الله. وعندما حمل المبشرون المسيحيون الإنسان البشارة إلى ما وراء الأقطار التي تتكلم اليونانية، كان أوفر ما أدركوه الحاجة إلى نقل إعلان الله لنفسه إلى لغات هذه الشعوب. لقد عرف العالم اليوناني أسفار العهد القديم عن طريق ترجمته إلى اليونانية، الترجمة المعروفة بالسبعينية، ومن المتفق عليه انه عندما انتشرت المسيحية، كانت اللغتان السريانية واللاتينية أوفر لغتين تترجم إليهما كلمة الله، ويكاد الإجماع ينعقد على أمين ترجمة الأناجيل وسائر أسفار العهدين القديم والجديد إلى هاتين اللغتين، تمت قبل نهاية القرن الثاني.
كثرة الترجمات اللاتينية في القرن الرابع: لا نعرف شيئًا عن أوائل من ترجموا الكتاب المقدس إلى اللاتينية، فرغم كل أبحاث العلماء فهي العصر الحديث، ما زالت هناك تساؤلات كثيرة عن اصل الكتاب المقدس في اللاتينية لا تجد الإجابات الجازمة الشافية، لذلك من الأفضل أمين نبدأ دراسة تاريخها ابتداء من “جيروم” في أو القرن الرابع، فقد قام بناء على تكليف من البابا “داماسيوس” بعمل الترجمة اللاتينية الأساسية التي تعرف “بالفولجاتا” وكانت الحاجة إليه ملحة. كانت توجد قبل ذلك عدة ترجمات يختلف بعضها عن بعض، ولم تكن هناك ترجمة يمكن الاعتماد عليها أهم الرجوع لها عند الحاجة، فكان ذلك هو ما دفع البابا “داماسيوس” إلى تكليف جيروم بالقيام بهذا العمل. ونعرف بعض التفاصيل من الخطاب الذي أرسله جيروم في 383 م. إلى البابا مع أوفر جزء تمت مراجعته، وكان هذا الجزء يحوي الأناجيل الأرامية. ويقول جيروم في خطابه: “لقد أمرتني بالقيام باستخلاص ترجمة جديدة من القديمة، وبعد أمين انتشر العديد من نسخ الكتاب المقدس في كل العالم، فكأني أشغل مركزا الحكم. وحيث أننا تختلف فيما بينها، فعلى أمين اقرر أيهما تتفق مع الإصحاحات اليوناني”. نهري كان يتوقع هجمات النقاد، أردف ذلك بالقول: ط إذا رأوا انه يمكن الثقة في النسخ اللاتينية، فليقولوا أيها، حيث انه توجد ترجمات مختلفة بعدد المخطوطات. ولكن إذا كانت الأغلبية تريد الحق، فلماذا لا يعودون إلى الإصحاحات اليوناني ويصوبون الآخر التي وقعت من مترجمين غير أكفاء. وزاد الطين بله ما جرؤ على القيام به مصححون تنقصهم المهارة، ثم زاد عليها أهم غير فيها كتبة مهملون “؟ وبناء عليه سلم البابا الأناجيل الأرامية كبداية بعد مقارنتها بكل دقة مع المخطوطات اليونانية.
ونحصل على صورة مشابهة من اوغسطينوس الخمسة كان معاصرًا لجيروم حيث يقول: “أمين المترجمين من العبرية إلى اليونانية يمكن حصرهم، أما المترجمون إلي اللاتينية فلا يمكن حصرهم، لأنه في بداية عصور الإيمان، وصل مخطوط يوناني إلي يد شخص قليل المعرفة باللغتين، ولكنه جرؤ على ترجمتها”. وفي نفس الفصل يقول: “عدد لا يعد من المترجمين اللاتينين” و “حشد من المترجمين”. وينصح قراءه بالرجوع إلى “الإيطالي”، فهي أكثر أمانة في ترجمتها واقرب إلى الفهم في معانيها “. ولكن ماذا كان يقصده بالإيطالي؟ لقد ثار جدل كثير حولها. كان الظن من قبل أننا كانت خلاصة من كل الترجمات التي تمت قبل جيروم، لكن بروفسور” بركت “(في كتابه: النصوص ودراستها: 4) يؤكد مشددا بان ما يقصده اوغسطينوس بهذه الكلمة إنما هو ترجمة جيروم (الفولجاتا)، التي يرجح انه عرفها جيدا وفضلها على أي ترجمة سابقة. ويحتمل أمين يكون هذا صحيحا، فقبل جيروم كان هناك العديد من الترجمات التي شكا منها كلاهما (جيروم واوغسطينوس)، أما بعد جيروم فقد أشور هناك ترجمته وهي الترجمة البارزة المعتمدة، والتي طردت بمرور الزمن الترجمات الأخرى من الميدان، وبقيت هي،” الفولجاتا العظيمة “، الترجمة اللاتينية الكاملة المعتمدة للكتاب المقدس.
(1) الكتاب في اللاتينية قبل جيروم: أمين المخطوطات التي وصلتنا من عصر ما قبل جيروم، تعرف بوجه عام “باللاتينية القديمة”،. وأختها سالنا أين ظهرت في الوجود، فإننا نكتشف حقيقة مذهلة، ففي لم تظهر في روما، كما يمكن أمين نتوقع، كانت لغة روما المسيحية هي اليونانية أركان حتى القرن الثالث، وقد كتب الرسول بولس رسالته إلى كنيسة روما باليونانية، وعندما كتب اكليمندس الروماني، فهي العقد الأخطاء من القرن الأوثان باسم كنيسة رومية رسالته الأولى إلى الكورنثوسيين، كتبها باليونانية. كما كتب يوستينوس الشهيد وماركيون الهرطوقي، من رومية باليونانية. وبين خمسة عشر أسقفا تولوا كرسي رومية حتى ختام القرن الثاني، لا توجد الآشورية أربعة أسلوب لاتينية، حتى الألفاظ الوثني ماركس اورليوس كتب “تاملاته” باليونانية. نهري كان قد وجد هناك مسيحيون في رومية في تلك الفترة، لم يكونوا يتكلمون الآشورية اللاتينية، فلابد انهم كانوا من القلة بحيث لم تكن هناك حاجة إلى ترجمة لاتينية. على أي حال لم يصلنا شيء من ذلك.
استخدمت أولا في شمالي أفريقي: لقد جاءتنا أوفر مخطوطات كنيسة لاتينية من شمالي أفريقي. لقد تعرضت الكنيسة في شمالي أفريقي لمعمودية الدم منذ العصور الباكرة، وهناك قوائم مذهلة يشهد أنها. كما كان بها العديد من الكتاب اللاتين البارزين، ولو أمين لاتينيتهم كانت تختلط أحد ببعض المصطلحات الأجنبية، ولكن كتاباتهم تتقد بنيران الحق الذي تعرضه.
إجماع الرجال البارزين بين الكتاب الافريقيين، هو كبريان أسقف قرطجنة، الذي نال إكليل الشهادة في 257م، وتتكون كتاباته من عدد من الأبحاث القصيرة أهم النبذ ورسائل عديدة مملوءة جميعها باقتباسات من الكتاب المقدس. ولا شك في انه استخدم ترجمة كانت مستخدمة في أيامه في شمالي أفريقي، ومن المتفق عليه أمين اقتباساته دقيقة، ولذلك فهي تقدم لنا صورًا جديرة بالثقة من الترجمة اللاتينية الأفريقية القديمة في مرحلة قديمة وان لم تكن أقدم المراحل.
الكتاب الذي استخدمه كبريان: لقد بين البحث النقدي أمين الترجمة التي استخدمها كبريان، مازالت توجد منها الأمير أجزاء من أنا مرقس وإنجيل متي في تورين في شمالي إيطاليا وتسمى “مخطوطة بوبينزيس” (Codex Bobbiensis) كما توجد أجزاء من سفر الرؤيا وسفر الأعشاب في مخطوطة ممسوحة أعيدت الكتابة عليها، في باريس تسمى “مخطوطة فلويسنسس” ( (Codex Floriacensis). كما وجدت مخطوطة آخر هي “مخطوطة بالونتينوس” (Codex Palantinus) ) في فينا تحتوي على نصوص شديدة الشبه بتلك التي استخدمها كبريان، وان كان يوجد بها أثار من امتزاج اكثر من ترجمة. والنصوص في هذه المخطوطات مع الاقتباسات من عصر اوغسطينوس، تعرف عند العلماء “باللاتينية الأفريقية القديمة”. كما توجد مخطوطة آخر لها تاريخ مثير هي “مخطوطة كولبرتينوس” (Codex Colbertinus) تحتوي على عنصر أفراد له أهميته. ويتضح لنا من كل هذا أمين كبريان الذي لم يكن يعرف اليونانية كانت لديه ترجمة مكتوبة استخدمها في كتاباته، وبذلك يقدم لنا هذا الأسقف والشهيد العظيم، الدليل على وجود الكتاب المقدس في اللاتينية قبل عصر جيروم بنحو قرن ونصف القرن.
الكتاب المقدس في عصر ترتليان: إذا رجعنا نصف قرن إلى الوراء، نجد ترتليان الذي برز في أو القرن الثاني، وكان يختلف عن كبريان في انه كان عالمًا ضليعًا في اليونانية، فكان قادرًا على أمين يترجم لنفسه ما يقتبسه من السبعينية أهم من العهد الجديد في اليونانية وبذلك لا نقدر أمين نستشهد بكتاباته على وجود ترجمة لاتينية في عصره. ويعتقد بروفسور “زاهن” انه من المرجح أمين الكتاب المقدس لم يترجم إلى اللاتينية قبل 210 240 م.، وأن ترتليان بمعرفته باليونانية، كان يترجم من اليونانية ما وضعنا، ولكن غالبية العلماء لا يقرون رأي زاهن ويعتقدون أمين كتابات ترتليان تدل على وجود ترجمة كانت مستخدمة في عصره. ولم يصل الليل مطلقا من هو هذا “الويكلف الأفريقي” أهم “التندال الأفريقي” الذي قام بتلك الترجمة، ولعلها كانت من عمل أياد كثيرة كما يقول الأسقف وستكوت نتيجة للجهود المشتركة للمسيحيين الافريقيين.
احتمال أمين مصدر اللاتينية القديمة شرقي: ومع أمين الدلائل حتى الأمير تشير إلى أمين الترجمة اللاتينية القديمة الأولى جاءت من أفريقي، فان نتائج الأبحاث الحديثة فيما يسمى النص الغربي للعهد الجديد، تشير إلى اتجاه أختام. أدوم يتضح من المقارنة أمين النص الغربي قريب جدا من المراجع السريانية التي ظهرت أصلا في الولايات الشرقية من الإمبراطورية. وقد أدى هذا التشابه الشديد بين النصوص اللاتينية والنصوص السريانية، ببعض العلماء إلى الاعتقاد بالإضافة يحتمل أمين تكون أقدم الترجمات اللاتينية قد تمت في الشرق وبخاصة في إنطاكية، ولكن الإمبراطور مازال لغزا ينتظر اكتشاف عناصر جديدة وأبحاثًا أشمل لحله.
(2) تصنيف المخطوطات اللاتينية: سبق أمين تكلمنا عن الترجمات الأفريقية بالارتباط بالآباء الافريقيين ترتليان وكبريان والمخطوطات التي تتصل بعصرهما.
وعندما نصل إلى القرن الرابع، نجد في غرب أوربا وبخاصة في شمالي إيطالية، صورة ثانية للنص، يسمى النص الأوربي، لم تثبت علاقته الوثيقة بالنص الأفريقي. فهل هو نص مستقل نبت في تربة إيطالية، إليهم انه نص مشتق من النص الأفريقي بعد تعرضه للتنقيح في رحلته إلى الشمال وإلى الغرب؟ وتتكون هذه المجموعة من “المخطوطة الفرسليانية” (Codex Vercellensis)، و “الخطوطة الفيرونية” (CODEX Veronesis) من القرن الرابع أهم القرن الخامس واللتين وجدتا في فرسيلى وفيرونا على الترتيب، كما يمكن أمين تضاف إليهما “مخطوطة فندوبونيسس” Vindobonesis) من القرن السابع في فينا. وهذه المخطوطات تعطينا نص الأناجيل، وتضم هذه المجموعة “مخطوطة بيزا” اللاتينية والمترجم اللاتيني لايريناوس.
ويجب أمين نعلم انه في القرون الأولى، لم يعرفوا الكتاب المقدس كاملا في كتاب واحد، فكانت الأناجيل، وأصبحت والرسائل الجامعة، ورسائل بولس، والرؤيا (من العهد الجديد)، والتوارة، والأسفار التاريخية، والمزامير والأرجح (من العهد القديم) كل مجموعة منها في مخطوطة على حدة.
(3) أهمية المخطوطات اللاتينية القديمة لتحقيق النص: هذه الترجمات اللاتينية القديمة والتي ترجع إلى منتصف القرن الثاني، تقدم لنا صورة مبكرة للنص اليوناني الذي ترجمت عنه، وتزداد أهميتها متى عرفنا أننا من الواضح كانت ترجمة حرفية. أمين أهل مخطوطاتنا ترجع إلى القرن الرابع، بينما هذه المخطوطات اللاتينية ترجع على الأرجح إلى القرن الثاني. وهي مخطوطات غير محددة التاريخ أهم المكان، ولكنها أدوم تجيء من منطقة محددة من الكنيسة، وقد استخدمها آباء نعلم تاريخهم تماما، فان ذلك يجعلنا قادرين على تحقيق النص اليوناني الذي كان مستخدما هناك في ذلك الوقت.
نبي | أنبياء | نبوة
النبي هو من يتكلم أو يكتب عما يجول في خاطره، دون أن يكون ذلك الشيء من بنات أفكاره، بل هو من قوة خارجة عنه – قوة الله عند المسيحيين والعبرانيين والمسلمين، وقوة الآلهة المتعددة عند عباد الأصنام الوثنين. وقد عرف النبوات المزيفة، أي أنبياء الآلهة الوثنية، معظم اتباع تلك الآلهة من عباد الأصنام، مثل الاشوريين والكلدانيين والمصريين والفينيقين واليونان والرومان، وكان الكهنة كثيرًا ما يقومون بالنبوة بطرق مختلفة. وكان الناس يؤمنون بكلامهم ويستشيرونهم في كل أمور حياتهم. وعليهم كانت تتوقف الفتوحات العسكرية والقرارات السياسية. وكانوا كالعرافين والمنجمين ومدعي الغيب اليوم.
وعنت النبوة عند اليهود الأخبار عن الله وخفايا مقاصده، وعن الأمور المستقبلية ومصير الشعوب والمدن، والأقدار، بوحي خاص منزل من الله على فم أنبيائه المصطفين. وعرف العهد القديم عددًا كبيرًا من الأنبياء. وكان محور نبواتهم عن مجيء المسيح، وهن التمهيد لمجيئه، وعن الشريعة الموسوية ومصير اليهود والشعب المتعاملة معهم والمجاورة لهم. وتكاثر عدد أنبياء حوالي القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وخاصة في الرامة (1 مم 19: 19 – 24). وكلن همهم تقوية الإيمان بالله وتشجيع اليهود على الصمود في وجه الفلسطينين وأصنامهم. وأطلق على طلاب تلك المدارس اسم أبناء الأنبياء. وكان صموئيل من أبرزهم، حتى قرن اسمه بموسى وهارون (مز 99: 6 وار 15: 1 واع 3: 22 – 24). وتأسست لبني الأنبياء مدارس أخرى، في بيت ايل واريحا والجلجال وغيرها (2 مل 2: 3 و5 و4: 38 و6: 1). وكان رئيس المدرسة يدعى أبًا وسيدًا (1 صم 10: 12 و2 مل 2: 3) وكانت مناهج المدارس تشتمل تفسير التوراة وتعلم الموسيقى والشعر. ولذلك نمت في تلك المدارس موجة الشعر والغناء واللعب على آلات الطرب عند التلاميذ (خر 15: 20 وقض 4: 4 و5: 1 و1 صم 10: 5 و2 مل 3: 15 و1 أخبار 25: 6). وكانت معيشتهم في منتهى البساطة وكانوا يتعودون على التقشف والاكتفاء بالقليل والتنسك وقبول الإحسان البسيط (1 مل 17: 5 – 8 و2 مل 4: 8 – 10 و38 ومت 3: 4).. وكان الله يختار من بين هؤلاء التلاميذ عددًا ويقبلهم أنبياء له ليعلموا الشعب بما يريده منهم ويختصه بوحيه. إلا انه كان بين الأنبياء من لم يدخل تلك المدارس، امثال عاموس (عا 7: 14). وكان أنبياء الله يواجهون مزيفين للأصنام والهياكل الوثنية – والآلهة اشيرة أيام الملكة إيزابيل الفينيقية الأصل (1 مل 18: 19). كما كانوا يواجهون الانبياء الكذبة عند اليهود أنفسهم، من أصحاب الأرواح الشريرة في نفوسهم.
كان الأنبياء من عمادة الحياة في المجتمع العبراني. وكانوا، مع الحكماء والكهنة، مستشاري الدولة ومقرري مصائرها زمن السلم وفي الحروب (ار 18: 18) فقد أرسلهم الله ليعلنوا مشيئته وليصلحوا الأوضاع الاجتماعية والدينية (2 مل 17: 13 وار 25: 4) وليخبروا الشعب عن المسيح الآتي لتخليص العالم. وكان لهم اثر كبير في توجيه الشعب نحو الحق. والحقيقة أن الأنبياء أسهموا إسهامًا كبيرًا في تأسيس الدولة اليهودية في العهد القديم وفي صراعها مع الفلسطينيين والسوريين. وكانت نبواتهم على أنواع، كالأحلام (دا ص 2) والرؤي (اش ص 6 وخر ص 1) والتبليغ (1 مل 13: 20 – 22 و1 صم ص 3).
والعهد القديم سجل للنبوات والأنبياء. وهو يعرف النبوة بالإنباء عن الحوادث المستقبلة (تك 49: 1 وعد 24: 14) التي يكون مصدرها الله (اش 44: 7 45: 21) وهو يصف الأنبياء بأنهم مقامون من عند الله (عا 2: 11) ومعينون منه (1 صم 3: 20 وار 1: 5) ومرسلون من عنده (2 خبار 36: 15 وار 7: 25)، ويحذر العهد القديم من الأنبياء الكذبة (تث 18: 20 وار 14: 15 و23: 15 وعد ص 22 وحز 13: 17 – 19)، ويصفهم بأنهم يدعون بأنهم مرسلون من عند الله (ار ص 23)، وإنهم مرسلون من عند الله فقط لامتحان الشعب (تث 13)، وأنهم مسوقون بالأرواح الشريرة (1 مل 22: 21).
بعض أنبياء العهد القديم:
نوح النبي.
إبراهيم النبي.
إيليا النبي.
موسى النبي.
صموئيل النبي.
ناثان النبي.
داود النبي.
سليمان النبي.
يوئيل النبي.
يونان النبي.
هوشع النبي.
عاموس النبي.
إشعياء النبي.
ميخا النبي.
ناحوم النبي.
صفنيا النبي.
إرميا النبي.
حزقيال النبي.
حبقوق النبي.
عوبديا النبي.
دانيال النبي.
حجي النبي.
زكريا النبي.
ملاخي النبي.
بعض نبيات العهد القديم:
مريم النبية (أخت موسى وهرون).
دبورة النبية (قاضية).
خلدة النبية.
نوعدية النبية.
بعض أنبياء العهد الجديد:
الشهيد يوحنا المعمدان النبي.
القديس يوحنا اللاهوتي النبي.
بعض نبيات العهد الجديد:
حنة النبية (بنت فنوئيل).
النبيات بنات فيلبس المبشر (أعمال الرسل 21).
أولا: (1) النبوة في الكتاب المقدس:
الثابت أن الكتاب المقدس يعتبر أن النبي هو من يتكلم بما يُوحى به إليه من الله، فأقواله ليست من بنات أفكاره، ولكنها من مصدر أسمى. والنبي هو في نفس الوقت “الرائي“ الذي يري أمورًا لا تقع في دائرة البصر الطبيعي، ويسمع أشياء لا تستطيع الأذن الطبيعية أن تسمعها. فكلمتا “النبي“ و“الرائي“ مترادفتان (1 صم 9: 9). أما من يتكلمون “برؤيا قلبهم لا عن فم الرب“ “فمن تلقاء ذواتهم.. الذاهبين وراء روحهم، ولم يروا شيئًا “فهم أنبياء كذبة “و” الرب لم يرسلهم “(إرميا 23: 16 – 18، حز 13: 2 – 7). فالأنبياء الحقيقيون إنما يتكلمون بما يضعه الله في أفواههم، أو يكشفه لبصائرهم الروحية (ارجع إلى إش 2: 1)، فليس من الضروري أن يأتي كلام الرب للنبي بصوت مسموع لأذنه الطبيعية. ولكن الأمر الأساسي هو أن يكون قادرًا تمامًا على التمييز بين صوت الله وصوت قلبه أو أفكاره الذاتية. فبهذا وحده يستطيع أن يقول إنه يتكلم باسم الرب أو” هكذا قال السيد الرب “(حز 4: 16، 7: 1). وفي هذا الحال يدرك أنه لابد أن يتكلم، كما يقول عاموس النبي: الأسد قد زمجر، فمن لا يخاف؟ السيد الرب قد تكلم، فمن لا يتنبأ؟” (عا 3: 8)، لأن كلمات الرب تشتعل في قلبه “كنار محرقة” إلى أن ينطق بها (إرميا 20: 7 – 9).
(2) الوحي النبوي:
إن القوة الإلهية التي تحل على كائن بشري، وتجبره على رؤية أو سماع أشياء، تظل بدون ذلك مخفية عنه، هذه القوة هي التي يعبر عنها “بالوحي”، فيقال مثلًا: “ فكان عليه روح الله “ (عد 42: 2)، أو “ حل عليه روح الله “ (حز 11: 5)؛ أو “ كانت عليه يد الرب “(2 مل 3: 15، حز 1: 3، 3: 14 و22)، أو “لبسه روح الله” 2 (أخ 24: 20)، أي أن روح الله ملأه، أو “استقرت” روح الله عليه (2 مل 2: 15، إش 11: 2 و61: 1)، أي حلت حلولًا دائمًا. أو “جعل الرب روحه عليه“ (عد 11: 29)، أو” وضع الرب روحه عليه “(إش 42: 1)، أو” يسكب روحه عليه “(يو 2: 82). ولكن لم يكن الوحي يلغي وعي من يتلقاه، أو شخصيته، فيصبح مجرد آلة تسجيل، بل يكون متلقي الوحي في كامل وعيه، ويستطيع فيما بعد أن يصف كل ما حدث وصفًا دقيقًا، فالله هو الذي أعد النبي لتلقي الوحي، وزوده بكل المواهب والقدرات والخبرات اللازمة لنقل أقوال الله، وتدوينها كما وصلت إليه بكل أمانة ودقة.
(3) الأحلام:
من بعض الوجوه، يمكن اعتبار الأحلام ظاهرة مشابهة، حيث أن الأفكار الكامنة في النفس، تبرز دون سلطان للوعي أو للعقل عليها، ولكن من الجانب الآخر، يختلف الوحي عن الأحلام اختلافًا جوهريًا، وذلك لأن ما ينطق به النبي يتلقاه وهو في تمام الوعي، كما أن النبي يتكلم بسلطان وبيقين كامل بأنه يتلقى كلامه من الله ذاته. ونقرأ في نبوة إرميا عن الفرق الواضح بين هذين الأمرين، فيقول الرب لإرميا: “قد سمعتُ ما قالته الأنبياء الذين تنبأوا باسمي بالكذب قائلين:” حلمت حلمت “.” حتى متى يوجد في قلب الأنبياء المتنبئين بالكذب، بل هم أنبياء خداع قلبهم، الذين يفكرون أن يُنسُّوا شعبي اسمي بأحلامهم… ما للتبن مع الحنطة يقول الرب؟ “(إرميا 23: 25 – 28). فالفرق بين الأحلام والوحي هو كالفرق بين التبن والحنطة.
(4) حرية الوحي:
لأن لروح الله مطلق الحرية، فهو يختار أدواته حسبما يشاء من كل مكان أو عمر أو جنس، فهو غير مقيد بطبقة كهنوتية أو بهيئة معينة. لقد حدث في بعض الأوقات أن النبي كان يجمع حوله عددًا من التلاميذ يمكن أن يصبح بعضهم أنبياء (2 مل 2: 10)، ولكن النبوة كانت على الدوام موهبة خاصة، يهبها الله لمن يشاء بسلطانه المطلق. ويعلن عاموس النبي هذه الحقيقة بكل قوة: “لست أنا نبيًا ولا أنا ابن نبي، بل أنا راع وجاني جميز، فأخذني الرب من وراء الضأن، وقال لي الرب: اذهب تنبأ لشعبي إسرائيل” (عا 7: 14 و15)، فهو نفسه لم يختر أن يكون نبيًا، كما لم يكن تلميذًا لنبي، ولكن الرب دعاه رأسًا من عمله اليومي كراع وجاني جميز. وفي نفس الوقت نجد أن بعض الأنبياء كانوا ينتمون للسلك الكهنوتي مثل إرميا، وحزقيال وغيرهما. ولكن من الحق أيضًا أن عددًا أكبر لم يكونوا ينتمون لهذا السلك.
ثم إن العمر لم يقف حائلًا دون دعوة الله للنبي، فصموئيل دعاه الله لذلك العمل وهو في صباه المبكر (1 صم 3: 1 – 21)، كما لم يكن العمر حجة لإرميا، إذ قال للرب إنه “ولد” (إرميا 1: 6). كما أن روح الله كان يحل – من وقت لآخر – على امرأة، ولو أن ذلك لم يكن بالكثرة التي كانت للنساء النبيات في الديانات الوثنية. بل حدث في بعض الأحيان أن حل روح الله – استثناء – على أشخاص لم تكن لهم علاقة قلبية صحيحة بالله، مثلما حدث مع شاول الملك (1 صم 10: 11، 19: 24)، وبلعام (عد 23 / 24)، وقيافا (يو 11: 51). ولكن كانت القاعدة هي أن يختار الله البعض من آلاته لخدمة متواصلة، فكان يدعوهم ويكرسهم لهذا الغرض بأسلوب خاص مثل موسى (خر 3: 1 – 3) وأليشع (1 مل 19: 16 – 21)، وإشعياء (إش 6)، وإرميا (إر17)، وحزقيال (حز 1)، فقد كانت تلك لحظات حاسمة في حياتهم، وكانت أساس خدمتهم. ولكن في كل حالة كان النبي يحصل على استنارة داخلية خاصة. ولم يكن النبي يتكلم بالوحي في كل وقت، فقد تكلم ناثان النبي مؤيدًا فكرة داود الملك في بناء بيت للرب، لكنه اضطر للعودة إلى داود ليسحب كلامه الذي تكلم به من نفسه (2 صم 7: 3 – 13). ويشرح إرميا كيف استقبل كلام الرب، فقد وجد ذلك للفرح في البداية (إرميا 51: 61 و71، 02: 7 – 81، ارجع أيضًا إلى (حز 3: 3)، ولكنه بعد ذلك فقد لذته في الحياة وتمني لو أنه لم ينطق بما قال، وهو ما لم يكن في استطاعته (ارجع أيضًا إلى رؤ 10: 8 – 11).
(5) رؤى خارقة عن المستقبل:
ما أكثر المحاولات التي بذلت لتفسير النبوة على أساس أنها نتيجة طبيعية لعوامل بشرية محضة، فاعتبر علماء اللاهوت العقليون أن الأنبياء ما هم إلا معلمون دينيون متحمسون، مثلهم مثل القادة الوطنيين والزعماء السياسيين، لا يمتازون إلا بقدرة قوية على التخمين بالمستقبل على أساس استقراء الحاضر. ولكن لا يمكن أن يكون هذا تفسيرًا للحقائق التي تتضمنها النبوات. لقد كان الأنبياء أنفسهم يعلمون تمامًا أن نبواتهم لم تكن من بنات أفكارهم، فقد تكلموا بأمور تقع خارج آفاق قدراتهم الطبيعية، بل والتي كانت تناقض كل الاحتمالات القائمة. فلربما كان حزقيال النبي يستطيع في ضوء نظراته الدينية أن يدرك أن الملك صدقيا لا يمكن أن ينجو من العقاب الذي يستحقه لأجل خيانته وعصيانه لكلمة الرب، ولكن لم يكن في قدرته الطبيعية أن يقول بكل يقين إن هذا الملك سيؤخذ أسيرًا في أثناء محاولته الهروب من المدينة المحاصرة، وأنه ستقلع عيناه ويؤخذ إلى بابل (حز 12: 8 – 15). ولم يكن في استطاعته الطبيعية – وهو في بابل – أن يعرف اليوم الذي بدأ فيه حصار أورشليم (42: 2). ولو كان هذا النبي قد علم بهذه الأمور بطريقة طبيعية، وألبسها ثوبًا نبويًا، لكان إنسانًا مخادعًا وكذابًا، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يخطر بالبال بالنسبة لشخص على هذا المستوى الرفيع من التقوى والورع.
كما نجد نفس الأمر في حالة إرميا الذي أنبأ حنانيا النبي الكذاب، بأنه سيموت في خلال شهرين في نفس السنة (إرميا 28: 1 و12 – 17). وليست هذه الأمور المحددة هي وحدها التي تدل على رؤى الأنبياء الخارقة، بل في كل الأحوال التي تنبأ فيها إرميا بأن خراب أورشليم أكيد على النقيض من كل آمال الشعب، بل ورغبات قلب النبي نفسه، إنما تدل على أن النبي كان يتكلم بفعل قوة إلهية، أقوى من كل رغباته وعواطفه. ونفس الأمر مع إشعياء، عندما يخبر آحاز بكلمة الله أن الأراميين والأفرايميين لن يفتحوا أورشليم (إش 7: 4 – 9)، وعندما يقول إشعياء لحزقيا الملك إن الأشوريين لن يرموا سهمًا على المدينة، بل سيعودون دون أن يحققوا هدفهم (إش 37: 22 – 35). لقد كانت كل هذه الأمور على النقيض من كل الاحتمالات القائمة، حتى لكان النبي يعتبر مجازفًا وطائشًا، لو لم يكن قد قبل هذه الإعلانات من مصدر أسمى. ومما لا شك فيه أن مثل هذه النبوات الخارقة كانت هي السبب في ما كان يتمتع به الأنبياء من قوة وتأثير. وبالمثل في حالة عاموس النبي الذي تنبأ بالزلزلة قبل حدوثها بسنتين (عا 1: 1) وفي حالة إيليا الذي تنبأ بوقوع المجاعة والجفاف (1 مل 17: 1). كما كشف أليشع النبي مخططات الأعداء (2 مل 6: 12)، وغير ذلك من الحالات. ومن الحق أيضًا أن أقوال الأنبياء لم تكن كلها قاصرة على المستقبل، بل كل ما كان الله يريد أن يعلنه للبشر من جهة مشيئته ونصائحه وتحذيراته، كان يعلنه على فم أنبيائه. لقد كان الأنبياء رقباء وحراسًا على الشعب، فكان عليهم تحذير الأمة، إذ كانوا يرون الأخطار والدينونات الوشيكة التي لابد أن تقع إذا تجاهل الشعب وصايا الله. كما كان الأنبياء يفسرون للشعب الأمور الجارية، والأمور التي حدثت معهم، مثل الهزائم التي أصابتهم على يد أعدائهم، أو ضربات الجراد (يوئيل)، أو المجاعات، كما يكشفون أسباب الأحداث وعلاقتها بتدبيرات العناية الإلهية. وهذا يعطي للنبوة وحدة قوية رغم الفوارق الكبيرة في الأوقات والظروف المحيطة. إن الفضل في فهم الشعب العبرانى لمضمون التاريخ، إنما يرجع إلى النبوات، فهم يعرفون وجود خالق لكل الأشياء، يهيمن عليها ويوجهها لغاية محددة، تعمل كل الأحداث على تحقيقها. فالهدف من خطة الله هو إعلان سلطان إرادته الكامل لكل البشر.
(6) إتمام النبوات:
النبوة الحقيقية – حسب المفهوم الكتابي – لابد أن تتم، فهذا الإتمام هو الدليل القاطع على أصالة النبوة (تث 18: 21 و22)، فإن لم تتحقق النبوة، فإنها تسقط إلى الأرض (1 صم 3: 19)، وتصبح مجرد كلمات خاوية من كل معنى، ولا قيمة لها، ويكون قائلها كاذبًا غير أهل للثقة. ففى الكلمة التي ينطق بها النبي تكمن قوة إلهية، وفي اللحظة التي ينطق بها، تصبح أمرًا واقعًا، وإن كان الناس لم يروها بعد. فبمعنى ما، النبي الحقيقي هو الذي – بكلمته – يقلع ويهدم، ويهلك وينقض ويبنى ويغرس “(إرميا 1: 10، 25: 15 – 17)، ويمكن للمعاصرين الحكم على صحة النبوة بالمعنى الوارد في سفر التثنية (18: 22)، عندما يحدث الإتمام بعد وقت قصير، وتكون النبوة – في تلك الحالة -” علامة “واضحة عن صدق النبي (ارجع مثلًا إلى إرميا 28: 16، إش 8: 1 – 4، 37: 30)، أما في الحالات الأخرى فإن الأجيال المتأخرة هي التي تقدر أن تحكم على إتمام النبوات (زك 1: 6) وما أروع أن تتكرر الإشارات في العهد الجديد إلى إتمام نبوات العهد القديم، وبخاصة فيما يتعلق بالرب يسوع المسيح (انظر مثلًا: مت 2: 14 و17 و18 و23،.
ولكن في حالات الإنذارات، ليس من المحتم أن تتم النبوة، فهي ليست مرسومًا بالقضاء، ولكنها كلمة إنذار من الله الحي للناس ليتوبوا، ولذلك فهي مشروطة، فإذا حدث أن تاب الشعب، فيكون الإنذار قد حقق الهدف منه (يونان 3: 3 – 10) دون إيقاع العقاب. كما أن الرب يستطيع أن يسحب وعده بالإحسان إلى شعب إذا أثبت هذا الشعب أنه ليس أهلًا للإحسان (إرميا 18: 7 – 10)، كما يمكنه أن يؤجل العقاب (1 مل 21: 29). كما أن النبي كان يجمع أحيانًا – في نبوة واحدة – بين أحداث غير متزامنة، لا تتحقق دفعة واحدة، بل على آماد متباعدة، مثل نبوات العهد القديم عن الرب يسوع التي جمعت بين مجيئه الأول ليكفر عن الخطية، ومجيئه الثاني بمجد ليدين الأحياء والأموات، “فإن شهادة يسوع هي روح النبوة “(رؤ 19: 10).
ثانيا: التطور التاريخي للخدمة النبوية:
(1) إن من المميزات الخاصة بديانة العهد القديم، أن بداياتها الأولى كانت ذات طبيعة نبوية، فقد كان إبراهيم وإسحق ويعقوب أصحاب رؤى سماوية وإعلانات إلهية، فقد بدا عند الغرباء الذين لم يكن إبراهيم لهم صديقًا ولا قريبًا، أنه نبي (تك 20: 7 مع مز 105: 15).
(2) وكان موسى الذي أعطى الشعب القديم شرائعه، نبيًا بكل معنى الكلمة، ولم يكن نفوذه بين الشعب متوقفًا على مركزه كقائد لهم، أو على حنكته العسكرية، بل كان ذلك، لأنه منذ دعوته – عند العليقة المشتعلة – قد تكلم إليه الله، فقد كان لهذا اللقاء بين الله وموسى أهمية بالغة، إذ إنه بينما أعطى الله أناسًا آخرين رسائل معينة بين وقت وآخر، وعن طريق الأحلام والرؤى، فإن الله كلم موسى “وجهًا لوجه” (خر 33: 11، عد 12: 6 – 8) وأمره أن يكتب هذه الأقوال (تث 34: 10 – 12)، فقد كان موسى الآلة التي استخدمها الله لإيقاع الضربات بمصر، وإعلان مقاصده من جهة شعبه. كما أن الله استخدمه في قيادة الشعب في كل أيام البرية، من مصر إلى تخوم أرض كنعان، وأعطاهم شرائعه وفرائضه وأحكامه عن طريق موسى، الذي كان له الامتياز أن يمكث في محضر الله أوقاتًا طويلة وأيامًا عديدة.
(3) فترة القضاة والنبوة:
منذ زمن موسى، لم تنقطع إعلانات الله لبني إسرائيل عن طريق الأنبياء انقطاعًا كاملًا (تث 18: 15)، ولكن هذا النبع لم يكن على الدوام بمثل هذا الفيض والوضوح. ففي أيام القضاة كان روح الله يعمل في الأبطال الذين أقامهم الرب لقيادة الشعب، أكثر مما يكلمهم، ومع ذلك فقد كان لدبورة مكانة عظيمة كنبية وقاضية لإسرائيل، وهي التي دفعت الشعب للتخلص من أعدائهم الذين استعبدوهم طويلًا. وما جاء في سفر صموئيل الأول (3: 1) في زمن عالي، من أن كلمة الرب كانت “عزيزة في تلك الأيام. لم تكن رؤيا كثيرًا” يمكن أن تقال عن فترة القضاة كلها. وفي ختام هذه الفترة، اختار الله صموئيل – وهو لم يزل صبيًا – ليعلن على فمه مشيئته، “ وكان الرب معه، ولم يدع شيئًا من جميع كلامه يسقط إلى الأرض، وعرف جميع إسرائيل من دان إلى بئر سبع أنه قد اؤتمن صموئيل نبيًا للرب “(1 صم 3: 19 و20). وكان صموئيل مكرسًا لخدمة الله وخدمة الشعب، مطيعًا على الدوام لروح الله حتى في الأمور التي كانت ضد رأيه الشخصي، كما حدث في موضوع إقامة ملك لإسرائيل (1 صم 8: 6 – 9).
(4) مدارس الأنبياء:
منذ أيام صموئيل، نقرأ عن “بني الأنبياء” أو مدرسة الأنبياء. ولعل هذه الجماعات بدأت بأن النبي جمع حوله جماعة من الشباب الراغبين في أن يكون لهم نصيب من روحه، وأقام هؤلاء التلاميذ مع عائلاتهم في مستعمرات حول معلمهم. والأرجح أن صموئيل كان أول من أقام مثل هذه المدرسة من الأنبياء، فبالقرب من الرامة Rama – محل إقامة صموئيل – “نجد نايوت” أو مستعمرة أولئك التلاميذ (1 صم 19: 18 و19، 20: 1). وكانت تحدث بين أولئك التلاميذ بعض حالات انتشاء أكثر مما بين معلميهم، وكانوا يشحذون مشاعرهم عن طريق الموسيقى ليصلوا إلى حالة من النشوة تؤثر في الآخرين، فيحذون حذوهم، ويتنبأون، ويتعرون من ثيابهم، وينطرحون على الأرض (1 صم 19: 23 و24). ولكن لم تكن هذه حالة عامة، إذ الغالب أنها كانت مراكز للحياة الروحية في شركة مع الله في الصلاة والتأمل، وتذكر معاملات الله وأعماله العظيمة في الماضي، مما كان يؤهلهم لاستقبال إعلانات جديدة. ولعل استخدام الموسيقى في العبادة بدأ في هذه المراكز.
(5) عصر الملوك:
في ذلك العصر ظهر العديد من الأنبياء الذين طلبوا من الملوك أنفسهم إطاعة كلمة الله. وقد هلك شاول الملك لعدم طاعته لكلمة الله (1 صم 13: 11 – 14). وكان داود الملك مدينًا بشدة لتأييد الأنبياء صموئيل وناثان وجاد (1 صم 16: 1 – 13، 2 صم 7، 2 أخ 29: 25.. إلخ)، فلقد استجاب داود تمامًا لأولئك الأنبياء حتى عند توبيخهم له (2 صم 12، 24). وقد تعلم ابنه سليمان على يد ناثان النبي، كما تنبأ أخيا الشيلونى بانقسام مملكته (1 مل 11: 29 – 38)، فالرب “يهوه” له كامل السلطان لتوليه الملوك وخلعهم، وكان إعلان ذلك يتم على فم الأنبياء (ارجع إلى 1 مل 14: 7 – 10، 16: 1 – 7. (وبعد انقسام المملكة، نجد شمعيا رجل الله يمنع رحبعام من محاربة إسرائيل (1 مل 12: 22 – 24، ارجع أيضًا إلى 2 أخ 11: 2 – 4).
وفي المملكة الشمالية، جاءت الكلمة النبوية ضد يربعام (1 مل 13، 14) وضد غيره من الملوك، رغم وجود أنبياء كذبة يتنبأون للملوك بما يتفق مع أهوائهم. ونجد صورة لمقاومة الأنبياء الحقيقيين للأنبياء الكذبة، في النبي ميخا بن يملة (1 مل 22). وقد حارب إيليا معركة فاصلة ضد كهنة البعل والسواري، فقد كان نبيًا شجاعًا في إعلان حق الله، وكذلك كان خليفته أليشع الذي جمع حوله جماعة من بني الأنبياء (2 مل 4: 38 – 43). وصنع الخير مع الكثيرين (2 مل 4: 16 و32 – 41، 6: 8 – 32.. إلخ.) كما تنبأ يونان بن أمتاي ليربعام الثاني ملك إسرائيل نبوة طيبة (2 مل 14: 25).
(6) عاموس وهوشع والأنبياء الصغار:
كان ازدهار الأحوال في المملكة الشمالية في عهد يربعام الثاني سببًا في تدهور الحالة الروحية، فأقام الرب عاموس وهوشع النبيين لإعلان انهيار المملكة الوشيك أمام قوة عالمية عظيمة. وقد ترك لنا كل من هذين النبيين سفرًا مكتوبًا. ويرى كثيرون من العلماء أن عوبديا ويوئيل كانا أسبق من عاموس وهوشع، بينما يرى آخرون أنهما كانا بعد فترة السبي. على أي حال، كان انتظار يوم الرب موضوعًا شائعًا في زمن عاموس (5: 18 – 20)، وكان الهدف من كتابة النبوات (إش 8: 1 و2، 30: 8 وحب 2: 2 و3) هو حفظها في صورة ثابتة باقية، ثم لإقناع القارئ بإتمامها العجيب، ولتظل تراثًا دائمًا للشعب (إرميا 30: 2، 36: 1 – 3، إش 8: 16).
(7) الأنبياء في يهوذا:
كان للأنبياء في مملكة يهوذا كرامة أكثر مما كان للأنبياء في المملكة الشمالية، ولو أنهم اضطروا أيضًا للتنديد بمظالم الطبقة الحاكمة، والفجور من كل نوع. ولكن في هذه المملكة ظهر بين الحين والآخر ملوك ساروا في طريق داود، فسار آسا حسب توجيهات النبي عزريا (2 أخ 15: 1 – 9). ومن الحق أيضًا أن حناني الرائي وبخ هذا الملك نفسه ولكن لسبب آخر (2 أخ 16: 7 – 10). كما واظب يهوشافاط على استشارة الأنبياء الذين كان من بينهم أليشع النبي (2 مل 3: 14) وغيره من الأنبياء (2 أخ 19: 2، 20: 14 – 37). وكان أعظم الأنبياء في أيام الفتوحات الأشورية، إشعياء الذي ظل يؤدى خدمته على مدى أكثر من أربعين عامًا، في أيام يوثام وآحاز وحزقيا، وجزءًا من حكم منسى. وكان لأقواله تأثيرها الشديد على الملوك والشعب. وقد جمعت نبواته بين الوعيد بالدينونة، والوعد بالرجاء.
وكان النبي ميخا المورشتي معاصرًا لإشعياء، وعلى توافق تام معه، وإن كان لم يبلغ ما بلغه إشعياء من نفوذ عند الملوك والرؤساء.
أما ناحوم وصفنيا وحبقوق فينتمون إلى فترة انتقال السيادة الدولية من الأشوريين إلى الكلدانيين. وفي أيام يوشيا كان لخالدة النبية دور كبير في أورشليم (2 مل 22: 14). وفي أيام يوشيا أيضًا برز إرميا النبي الذي دعاه الله لخدمة عظيمة، فقد عاصر أيام حصار أورشليم وتدميرها على يد الكلدانيين. ورغم مشاعره الرقيقة نحو بلاده وشعبه، فإنه تنبأ للشعب بالكوارث الوشيكة، ضد كل مزاعم الأنبياء الكذبة، وظل راسخًا أمينًا للرب رغم كل ما تعرض له من اضطهادات، لم يصمد أمامها معاصره النبي أوريا بن شمعيا (إرميا 26: 20 و21).
(8) الأنبياء في السبي:
في زمن السبي البابلي نجد النبي حزقيال الذي تلقي إعلانات ورؤى نبوية عديدة، وهو في بلاد بابل. وكانت نبواته ملائمة للأحوال القائمة، كما كانت أيضًا نبوات دانيال النبي الذي كان يشغل مركزًا رفيعًا في بلاط ملوك بابل الوثنيين. وقد أخذت صورًا رؤية أكثر منها كلامية، لخص فيها تاريخ العالم السياسي إلى مجيء المسيح ثانية وإقامة ملكوته الأبدي.
(9) الأنبياء بعد السبي:
بعد العودة من السبي البابلي قام النبيان حجي وزكريا بتشجيع الشعب الراجع من السبي على إعادة بناء الهيكل (نحو 520 ق. م). ولكن كان هناك أيضًا أعداء وأنبياء كذبة يعارضون هذا العمل، كان منهم نوعدية النبية (نح 6: 6 – 14).
وقام النبي ملاخي للدعوة إلى العبادة من القلب، لا العبادة الشكلية الظاهرية.
(10) انقطاع النبوة:
يعتبر ملاخي آخر أنبياء العهد القديم، به ختمت أسفار العهد القديم وانقطعت النبوة (ارجع إلى 1مكابيين 4: 46، 9: 27، 14: 41) إلى أن ظهر يوحنا المعمدان.
* انظر أيضًا: الأنبياء الصغار، نبي كذاب، النبوة في العهد الجديد، نبوات عن الأمم القديمة، نبوات عن الشعب اليهودي، أسفار الأنبياء الصغار، الأنبياء الكبار، أسفار الأنبياء الكبار، نبوات العهد القديم التي تمت، نبية | نبيات.
تَرْحَنَة
اسم عبري معناه “انعام” ابن كالب ابن حصرون وهو اخو برحيئيل من معكة سريته (1 أخبار 2: 48).
التُرس | المترسة | الأتراس
الترس هو كل ما يتوقى به من سلاح، وكل ما يتترس به الآن فهو مترسة. وفي العبرية كلمتان رئيسيتان هما “صنه”، “ومجن” تترجمان في العربية “بترس أو مجن” دون تفريق واضح بين ترجمة الكلمتين، وان كانتا تردان كثيرًا جنبًا إلى جنب كما في حزقيال (23: 24، 38: 4) والمزمور (35: 2). “والصنه” هي الترس الثقيل الذي يكاد يغطى كل الجسد كالترس الذي كان لجليات الجبار وكان يحمله شخص أختام قدامه (1 صم 17: 7 و41). أم “المجن” فكان يمكن أمين يحمله رماة السهام، فنقرا عن جيش أسا أنهم كانوا “يحملون الأتراس ويشدون القسي” (2 أخ 14: 8). وكانت التروس العادية تصنع من الخشب أهم الأغصان المجدولة المغطاة بالجلد، وهذه الأتراس الخشبية ما هولا التي يقول عنها حزقيال النبي: “ويخرج سكان مدن أساسا ويشعلون ويحرقون السلاح والمجان والاتراس والقسي والسهام والحراب والرماح ويوقدون بها النار سبع سنين” (خر 39: 9).
وكان مسح التراس أهم المجن بالدهن (2 صم 1: 21، إش 21: 5) أم لحمايته من العوامل الجوية، أهم كجزء من طقوس تكريس المحارب وسلاحه.
وكان لسليمان في عظمته “مئتا ترس من ذهب مطرق.. وثلاث مئة مجن من ذهب مطرق” (1مل 10: 16 و17). وكانت هذه الأتراس الذهبية لمجرد الاستعراض. وعندما صعد شيشق ملك مصر على أورد في أولاهما رحبعام، أخذ أتراس الذهب، فعمل على رحبعام عوضا عنها أتراس نحاس (1 مل 14: 25 27).
وعند السير للحرب، كان الترس يحمل بحزام جلدي على الكتف وكان للتراس عادة غطاء, يكشف عنه عند بدء المعركة (إش 22: 6). كما تستخدم الكلمتان للدلالة على المترسة التي كان يقيمها المحاصرون لرمي السهام والحجارة وكرات النار المشتعلة على المحاصرين (إش 37: 33، حز 26: 8).
وتستخدم الكلمة مجازيًا، فيقال عن الرب انه ترس لحماية شعبه، كما قال الرب لإبراهيم: “أن ترس لك” (تك 15: 1). كما انه ترس لشعبه (تث 33: 29). كما يقول المرنم أمين الرب “ترس هو لجميع المحتمين به” (مز 18: 30، 25: 2 إلخ.).
ترس الإيمان:
ويذكر الرسول بولس في حديثه عن السلاح الكامل للمؤمن: “ترس الإيمان”، وهو يستخدم هنا الكلمة اليونانية “ثوريوس”، أي الترس الروماني الكبير الذي به يستطيع أن يطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة. فتقول الآية: “فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ” (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 6: 14 – 16).
ترساوس
وهو أبو ابلونيوس قائد جيش بقاع سورية وفينيقية في زمن اونيا الكاهن العظيم من المكابين (2 مك 3: 5) والأخطاء أمين العبارة تعني “ابلونيوس من طرسوس”.
تَرَش
Teresh اسم فارسي معناه “ثابت” أو “يابس” وهو أحد الخصيين اللذين كانا يحرسان باب قصر الملك أحشويروش (مع بغثان) وقد نفذ فيها حكم الإعدام (اس 2: 21 و6: 2).
تِرْشاثا
اسم فارسي معناه “مخوف” أو “محترم” وهو لقب فارسي لحاكم يهوذا في أيام الاحتلال الفارسي وقد جاء مع زربابل (عز 2: 63 ونح 7: 65 و70 و8: 9 و10: 1).
أرض تَرشِيش
اسم فينيقي معناه “معمل للتكرير” – الإنجليزية: Tarshish.
شعب متناسل من ياوان (تك 10: 4) ويتضح من دخول يونان إلى السفينة ليهرب إلى ترشيش من يافا (يون 1: 3) إنها مدينة وإن الطريق إليها كانت عبر مياه البحر الأبيض المتوسط. وكذلك كانت سفن سليمان وحيرام تأتي كل ثلاث سنوات مرة إلى ترشيش حاملة ذهبًا وفضة وعاجًا وقرودًا وطواويس (1 مل 10: 22 و2 أخبار 9: 21) ولما كان يقتضي لتلك السفن ثلاث سنين لكي تعود من سفرها يستنتج أن تكون ترشيش بلدًا بعيدًا (اش 66: 19). ويعتقد أن تكون ترشيش هي ترتيوس وهي واقعة في جنوب اسبانيا قرب جبل طارق (هيرودت Herodotus جزء 4: 152) ولعل ترتيوس هذه هي قرطجنة المدينة الواقعة شمالي افريقيا وكانت قائمة إلى أوائل العصر المسيحي.. وكانت ترشيش غنية جدًا في الثروة المعدنية كالفضة المطرقة المصنوعة ألواحًا (ار 10: 9) والحديد والقصدير (حز 27: 12) وقد كانت سفن ترشيش مخصصة للتجارة منها وإليها. منها وإليها. ثم بعد ذلك أصبحت سفن ترشيش من العظمة بمكان بحيث تسافر إلى كل جهة. وكانت الرياح تصدم سفن ترشيش المحملة بأثمن البضائع وتكسرها في مياه بحر الروم (الأبيض المتوسط) (مز 48: 7 واش 2: 16 و23: 1 و14 و60: 9 وحز 27: 25) وإن يهوشافاط بنى بعضًا من هذه السفن العظيمة فكانت تسافر إلى أوفير الواقعة على فرضة عصيون جابر (إيلات) على خليج العقبة في البحر الأحمر (2 أخبار 9: 21 و1 مل 10: 22). أما القول سفن ترشيش يقصد منه السفن المسافرة إلى ترشيش (2 أخبار 20: 36 و1 مل 9: 28 و2 أخبار 9: 21) وبمعنى آخر ربما يقصد بسفن ترشيش سفن التكرير على شبه السفن التي تمخر عباب البحر الأبيض المتوسط ولها اتصال بالمناجم ومعامل التكرير في سردينية وفي عهد متأخر سفن جنوبي اسبانيا مع فينيقية أو ربما يكون المقصود بسفن ترشيش السفن الكبيرة.
البنياميني تَرشِيش ابن بلهان
اسم فينيقي معناه “معمل للتكرير” – الإنجليزية: Tarshish.
رجل من بني بنيامين بن بلهان (1 أخبار 7: 10).
تَرشِيش رئيس مادي وفارس
اسم فينيقي معناه “معمل للتكرير”.
أحد رؤساء مادي وفارس السبعة (اس 1: 14).
مدينة تِرْصة
اسم عبري معناه “فرح وانشراح”:
وهي مدينة جميلة للغاية (نش 6: 4) وكانت أصلًا للكنعانيين وهي إحدى مدنهم التي خربها يشوع بن نون وأعطاها لأسباط بني إسرائيل (يش 12: 24) وكانت مركزًا لمملكة أسباط إسرائيل العشرة نحو خمسين سنة (1 ملو 14: 17 و15: 21 و33 و16: 6 و23) حتى بنى عمري السامرة (23 و24). ويمكن أن يكون موقعها رابية التل الفارغة الكبيرة على بعد 7 أميال شمالي شرقي مدينة نابلس (شكيم).
تِرْصة ابنة صلفحاد
اسم عبري معناه “فرح وانشراح”:
وهي أصغر بنات صلفحاد الخمس (عد 26: 33 و27: 1 ويش 17: 3).
تَرْعاتيم
إحدى عشائر الكتبة اللاويين الثلاثة من القينيين من سكان يعبيص (1 أخبار 2: 55).
تَرْمَة
وهي مدينة وجد فيها مرة أبيمالك (قض 9: 31) وربما كانت نفس أرومة (قض 9: 41).
تُرْهاقة الملك | فَرْعَوْن ترهاقة، ملك كوش
فرعون (الإنجليزية: Pharaoh – العبرية: פרעה – اليونانية: Φαραώ – القبطية: Varaw) هي كلمة مصرية معناها “البيت الكبير” وهو لقب لملوك مصر يقرن أحيانًا الملك الخاص. وهناك العديد من الفراعنة المذكورين في الكتاب المقدس، من بينهم: -.
(بالمصرية تَهَرْقا) وهو من أهم فراعنة الأسرة الخامسة والعشرين، وهو الملك الثالث والأخير من تلك الأسرة أو الأسرة الإثيوبية (السلالة الكوشية) , وكان معاصرًا لحزقيا ملك يهوذا، وسنحاريب “ملك أشور” (انظر 2مل 19: 9).
لما كان ابن عشرين سنة توجه شمالًا من ناباتا (عاصمة أثيوبية) مع ملك يُرَجَّح أن يكون عمه شابا لما غزا الأخير مصر وأصبح بعد ذلك ترهاقة على رأس الجيش الإثيوبي والمصري متقدمًا لمحاربة الأشوريين. ولما سمع سنحاريب ملك الأشوريين سنة 701 قبل الميلاد أن ترهاقة ملك الحبشة (إثيوبية) قادم لمحاربته تقابل معه في معركة التكة (2 مل 19: 9). وحوالي سنة 688 قبل الميلاد أصبح ترهاقة ملكًا على مصر (فرعون). وفي سنة 671 قبل الميلاد اندفع ابن سنحاريب آسرحدون داخل القطر المصري وهزم ترهاقة الذي كان يدعوه ملك كوش أي ملك الحبشة (إثيوبية) (2 مل 19: 9 واش 37: 9) وأخذ منه مدينة منفيس وأسر ابن ترهاقة.
تِرواس
ميناء بحرية من أعمال ميسية (أع 16: 11) وفيها رأى بولس رجلًا مقدونيًا في رؤيا يدعوه لزيارة أوربا (أع 16: 8 – 10 و2 كو 2: 12) وأقام فيها الرسول بولس أيضًا أسبوعًا حينما كان راجعًا من سفرته الثالثة (أع 20: 6) وقد ترك مرة ردائه والرقوق هناك (2 تي 4: 13). أسسها أنتيجنوس أحد خلفاء الإسكندر الذي سماها أنتجونا وبعد موته غيّر اسمها منافسه ليسماخوس ملك تراقية باسم الإسكندرية, وأضاف إليها ترواس تمييزًا لها من إسكندرية مصر. وهي واقعة على بعد مسافة جنوبي تروياهوبيروس التي منها أطلق اسم ترواس لهذه المقاطعة. واسمها الآن أسكي استامبول.
ترُوجِيليُون
مدينة ورأس عال واقعة غربي شاطئ آسيا الصغرى مقابل جزيرة ساموس, أقام بولس هناك عند رجوعه من سفرته الثالثة (أع 20: 15) ويسمى المرفأ في هذا المكان ميناء القديس بولس.
تُروفيمُس | تُرُوفِيمُسَ الأَفَسُسِيَّ اليوناني
Trophimus اسم يوناني معناه “مُغذٍ” أو “ابن بالرضاعة” (يُكْتَب خطأ: تروفيموس) وهو مسيحي من الأمم من أفسس (من آسيا) وكان رفيقًا لبولس في سفراته التبشيرية, وهو الذي اتهم باطلًا أنه حضر إلى الهيكل للازدراء بالشريعة (أع 20: 4 و21: 26) وآخر ما نسمع عنه أن الرسول تركه مريضًا في مليتس (2 تي 4: 20).
وهو أحد الرسل السبعون.
* من أفسس:
في أوفر الفصول الثلاثة التي ذكر فيها تروفيمس، يقول عنه هو وتيخيكس “من أنوار آسيا” أي من مواطني الولاية الرومانية في آسيا الصغرى. ثم يوصف بأكثر تحديد بالإضافة “الأفسسي” (أع 21: 29). وكان تروفيمس واحد من ثمانية أصدقاء رافقوا الرسول بولس في نهاية رحلته التبشيرية الثالثة، من اليونان عبر مكدونية إلى آسيا ومنها بالبحر إلى أورد.
السبب في القبض على بولس:
لقد كان تروفيمس دون قصد أهم ذنب من جانبه السبب في اعتداء جمهور اليهود على الرسول بولس، وهو في الهيكل، ثم في القبض عليه وسجنه على أيدي الرومان. ويرجع ذلك إلى أن اليهود اعتقدوا أن بولس الرسول “ادخل يونانيين أيد إلى الهيكل، ودنس هذا الوضع المقدس” (أع 21: 28)، والسبب في هذا الاتهام الباطل، هو انهم كانوا قد رأوا بولس وفي صحبته تروفيمس ففي المدينة, وعلى هذا الأساس الواهي, ظنوا أن بولس قد تخطَّى بتروفيمس السياج المتوسط (أف 2: 14)، والذي لم يكن مسموحًا لأي أممي أن يتعداه، وإلا فمصيره الموت.
لقد افترضوا أن تروفيمس الذي لم يكن يهوديًا ولا دخيلًا، لكنه كان مسيحياً أممياً قد ادخله بولس إلى الهيكل، وهو ما يعتبر تدنيسًا للهيكل، ومن ثم كان سخطهم شديدا على بولس. ونعرف مدى إصرارهم على اتهام تروفيمس بهذا الاتهام الباطل، من الطريقة التي كرر بها الخطيب المدعو ترتلس، التهمة الموجهة لبولس الرسول، أماكن الحاكم الروماني فيلكس: “لقد شرع أن ينجس الهيكل أيد” (أع 24: 6).
* في ميليتس:
أما الإشارة الثالثة إلى تروفيمس، فنجدها في الرسالة الثانية إلى تيموثاوس: “أم تروفيمس فتركته في ميليتس مريضًا” (2 تي 4: 20). هذه العبارة تبين انه كان مرة آخر بعد سنوات عديدة من الأحجار المذكورة في سفر الأعشاب (20: 4، 21: 9) رفيقًا لبولس الرسول في إحدى رحلاته التبشيرية التالي قام بها بعد أن أطلق سراحه من سجنه الأوثان ففي رومية.
وإنه لمن العسير أن لم يكن من المستحيل أن نقتفي خط سير الرسول بولس بعد إطلاق سراحه من سجنه الأوثان في رومية، أدوم ليس لدينا سجل شبيه بما جاء في سفر الأعشاب عن الرحلات السابقة، بل ما لدينا عن ذلك إنما مجرد ملاحظات عابرة في الرسائل الرعوية وفي الرسالة الثانية لتيموثاوس، وهى أختام رسائل الرسول بولس يشير الرسول إلى أما مختلفة قام بزيارتها، كما يذكر أسلوب الأصدقاء الذين رافقوه في أختام رحلاته الرسولية.
ومن بين هذه الأماكن التي زارها، ميليتس وهى مدينة على الساحل الغربي لولاية آسيا وهناك ترك صديقه تروفيمس مريضًا، ولابد أن مرضه كان شديدا حتى انه لم يستطع أن يواصل السفر، فتركه بولس “في ميليتس مريضًا”.
ونلاحظ أن ميليتس لم تكن بعيدة عن أفسس موطن تروفيمس وكانت هناك اتصالات كثيرة بين المدينتين (انظر أع 20: 17) (حيث أرسل الرسول بولس يطلب من شيوخ الكنيسة في أفسس أن يوافوه في ميليتس، وهو الإمبراطور الذي قاموا به فعلاً)، وعليه كان في استطاعة تروفيمس وهو مريض أن ينقل إلى أفسس، كما كان في استطاعة أصدقائه في أفسس أن يسرعوا إلينا في ميليتس ويقدموا له كل ما كان في حاجة إلينا من رعاية وعناية.
* الوصف في كورنثوس الثانية:
ويعتقد بعض العلماء أن تروفيمس هو الشخص الذي جاء ذكره في (كورنثوس الثانية 8: 16 – 24) حيث يمتدح بولس إجماع رفقائه دون أن يذكر اسمه والذي أرسله مع تيطس ليحمل رسالته الثانية إلى كنيسة كورنثوس، ويقول عنه الرسول: “الأخ الذي مدحه في الإنجيل من جميع الكنائس. وليس ذلك فقط بل هو منتخب أيد من الكنائس رفيقًا لنا (أي للرسول بولس) في السفر مع هذه النعمة” (أي مع العطايا المالية التي جمعت من كنائس الأمر لفقراء القديسين في أورد).
ومن المؤكد أن بولس حمل هذه العطايا إلى أورد عند عودته إليه من رحلته التبشيرية الثالثة حيث يقول: “جئت اصنع صدقات لأمتي وقرابين” (أع 24: 17). وكان بين من رافقوه في هذه الرحلة، الإخوة الذين كلفتهم الكنائس بتوصيل هذه العطايا (أع 20: 4). وقد سبق أن ذكر الرسول في كلامه عن هذا الموضوع: فالذين تستحسنونهم أرسلهم برسائل ليحملوا إحسانكم إلى أورشليم. وان كان يستحق أن اذهب أن أيد فسيذهبون معي “(1 كو 16: 3 و4)، وهو ما نفذه بولس فعلًا، فقد سافر هو وأصدقاؤه الثمانية حاملين هذه العطايا معهم إلى أورد، ولابد أن واحدًا منهم كان هو الأخ الذي أشار إلينا في (كورنثوس الثانية 8: 18) الذي مدحه في الإنجيل في جميع الكنائس. وليس ذلك فقط بل هو” منتخب أيد من الكنائس “لمرافقة الرسول في سفره لتوصيل هذه الخدمة، كما يقول عنه:” الذي اختبرنا مرارا في أمور كثيرة انه مجتهد “(2 كو 8: 19 و22). والثمانية الذين رافقوا الرسول بولس في تلك الرحلة هم سوباترس البيري، وأرسترخس وسكوندس من تسالونيكي، وغايوس الدربي، وتيموثاوس وتيخيكس وتروفيمس من أهل آسيا ثم لوقا.
وثمة احتمال كبير في أن يكون الأخ الذي لم يذكر اسمه هو تروفيمس. ومن المؤكد أن لوقا وتروفيمس كانا معه عند وصوله إلي أورد (أع 21: 17 و29).
تريفينا وتريفوسا
اسمان يونانيان معناهما “الرقيقة والأنيقة” على الترتيب (تريفينا – تريفوسا). وها امرأتان من كنيسة رومية، أرجوان إليهما الرسول بولس تحياته (رو 16: 12). ويقول عنهما التاعبتين في الرب “، وهذا على النقيض من اسميهما المشتقين من أصل واحد يعني” يحيا مرفهًا أهم منعمًا “. ويظن أنهما كانتا أختين توأمتين أهم شديدتي القرابة. ويوجد هذان الاسمان بين أسلوب إماء بلاط الألفاظ كلوديوس. كما يوجدان على مقبرة كانت مخصصة لعبيد وإماء الألفاظ. ولعلهما كانتا من بين” القديسين.. الذين من بيت قيصر “(في 4: 22). كما أمين تريفينا هو اسم الملكة صديقة تكله في القصة الابوكريفية عن” أعطيت بولس وتكله “.
تريفون:
هو لقب “ديودوتس” مغتصب العرش الآشوري، وكان من مواطني “اباميا” في خدمة إسكندر بالاس “. وعند موت” بالاس “(في 145 ق. م.)، انتهز فرصة التذمر بين جنود ديمتريوس الثاني (نكانور)، فأقام الابن الأصغر لبالاس” انطيوكس السادس “(ديونيسيوس) ملكا على عرش سوريا وجعل من نفسه نائبا للملك وذلك للاستيلاء على العرش من ديمتريوس (1 مك 11: 39). وجاء اليهود بقيادة يوناثان لمعاونة ديمتريوس ضد رعاياه الثائرين عليه, بيد أن ديمتريوس بعد أمين استقر على عرشه، سرعان ما اظهر انه ليس في نيته أمين يحقق ما سبق أمين وعد به حلفاءه اليهود (1 مك 11: 53). وبناء على ذلك انضم يوناثان وسمعان إلى تريفون وانطيوكس السادس. وحققا الكثير من الامتيازات لوطنهم (1 مك 11: 54). وقد أوقع يوناثان هزيمة قاسية بقوات ديمتريوس. وكن الانتصارات التي حققها القادة اليهود أثارت الغيرة الشك ففي قلب تريفون، فصمم على إحباط خطط يوناثان وأزاحته من طريقة لأنه كان يقف عقبة في طريق حصوله على التاج لنفسه.
وبعمل دني وخيانة سافرة، اسر تريفون يوناثان في بطلمايس وذبح كل اتباعه (1 مك 12: 48)، فامسك سمعان أخرى يوناثان بزمام الأمور واحبط خطط تريفون في محاولته الاستيلاء على أورد، بينما قتل تريفون يوناثان في بسكاما (1 مك 13: 1 23) في 143 ق. م. ثم قام تريفون بعد ذلك بقتل انطيوكس الصغير (أمك 13: 31) واغتصب عرش سورية (143 ق. م.)، فانحاز سمعان إلى ديميتريوس على شرط أمين يعفي يهوذا من دفع الجزية لسورية، وهو امتياز كان في سلطة تريفون أمين يمنحه اكثر مما كان يستطيعه ديمتريوس. وعليه “في السنة المئة والسبعين خلع نير الأمر عن أساسا” (1 مك 13: 41).
وفي عام 138 ق. م. وقع ديمتريوس أسوار في قبضته “متريدتيس” وهو ارساكيس “ملك فارس” (1 مك 14: 2)، فواصل أخوه انطيوكس السابع (سيدتس) النضال ضد تريفون بمساعدة سمعان ففي البداية، ولكنه عاد ورفضها (امك 15: 26). واضطر تريفون إلى الهروب أماكن سيدتس إلى دوراً (امك 15: 11) ومنها إلى بطليمايس ثم إلى ارطوسياس وأخيراً إلى موطنه في اباميا حيث اضطر إلى الانتحار.
تَرِيفَيْنا
الإنجليزية: Tryphena – اسم يوناني معناه “ظريفة أو لطيفة” وهي امرأة من رومية أرسل إليها بولس تحياته موصيًا إياها أن تتعب في الرب (رو 16: 12).
ترِيفُوسَا
الإنجليزية: Tryphosa –
اسم يوناني معناه “ظريفة”، “أنيقة” وهي امرأة من رومية يلازم اسمها تريفينا في قائمة أولئك الرومانيين الذين يرسل لهم بولس الرسول تحياته وربما تكونان أختين أو شماستين وذكر أنهما تعبتا في الرب (رو 16: 12).
مدينة تَسالونِيكي | تسالونيقي
← اللغة الإنجليزية: Thessaloniki – اللغة العبرية: סלוניקי – اللغة اليونانية: Θεσσαλονίκη.
مدينة كانت حاضرة إحدى مقاطعات مكدونية وتدعى الآن سالونيك واقعة على سالونيكا, وكان اسمها أولًا ثرما ومعناه “ينبوع ساخن” جعلها الإسكندر الأول ابن انتيباتير مقرًا لسكناه وسماها تسالونيكا باسم امرأته تسالونيك أخت إسكندر الأكبر, وكانت تسالونيكي المدينة الثانية بعد مدينة القسطنطينية بين المدن التجارية وتحررت المدينة 42 قبل الميلاد.
وكان حكامها يسمون بوليترخس “حكام المدينة” (أع 17: 6) وكان بها عدد ليس بقليل من اليهود الذين كان يقصدونها للتجارة. وكان لهم مجمع هناك وبعدما طرد الرسول بولس من فيلبي أتى إليها ليبشر بالإنجيل وجذب بولس إلى الإيمان ممن أصبحوا نواة الكنيسة المسيحية (أع 17: 1 – 13) وأسس هناك سنة 52 ميلادية كنيسة بمساعدة رفيقيه تيموثاوس وسلوانس (اتس 1: 1 و2: 1 و2) وكتب الرسول لهذه المدينة رسالتين, وكان مساعداه ارسترخس وسكوندس وهما من تسالونيكي وآمنا على يده (أع 20: 4 و27: 2).
الرسالتان إلى أهل تَسالونِيكي | تسالونيقي
هما السفران الثالث عشر والرابع عشر حسب ترتيب أسفار العهد الجديد وكاتبها الرسول بولس.
رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تَسالونِيكي
الأرجح أن رسالته الأولى هي أول رسالة كتبها قرب نهاية سنة 52 م. أو في بداية سنة 52 م. وهو في كورنثوس بالاشتراك مع سلوانس وتيموثاوس إلى كنيسة التسالونيكيين. والغاية منها تثبيت تابعي المسيح هناك في النعمة والقداس وتشجيعهم وحثهم على التمسك بِعُرَى الفضيلة، وطلب الحصول على الأفراح الأبدية.. والإصحاح الرابع من هذه الرسالة يصف القيامة وصفًا دقيقًا جليًا يؤكد للمؤمنين أن الراقدين لم يهلكوا إنما سبقوا غيرهم وسوف يقومون في اليوم الأخير. ويأمرهم أن لا يحزنوا من جهة الراقدين كما يفعل الأمم الذين لا رجاء لهم فأنه كما المسيح مات ثم قام كذلك سيقوم جميع المؤمنين، غير أن البعض لا يموتون لأنهم يكونون أحياء عند مجيء المسيح ثانية ولكنهم لا يسبقون الراقدين لأن الراقدين في المسيح سيقومون أولًا أي قبل تغير الأحياء. وفي يوم الدينونة العظيم سينزل الرب نفسه مع جنوده المقدسين بهتاف وصوت عظيم يعقبه صوت بوق ينبه الراقدين ويدعوهم لملاقاة ربهم فيقوم هؤلاء من قبورهم ويتغير الأحياء عن شكل جسدهم.
ويمكن أن تقسم محتويات الرسالة الأولى إلى أهالي تسالونيكي كما يأتي:
(1) تحية ص 1: 1.
(2) شكر لأجل نموهم الروحي ص 1: 2 – 10.
(3) دفاع الرسول عن رسالته وإرساليته ضد الهجمات اليهودية ص 2: 1 – 16.
(4) سرد بعض الحوادث ص 2: 17 – ص 3: 10.
أ: غياب بولس عنهم ص 2: 17 – 20.
ب: إرسالية تيموثاوس ص 3: 1 – 5.
ج: تقرير تيموثاوس ص 3: 11 – 13.
(5) صلاة بولس لأجلهم ص 3: 11 – 13.
(6) معالجة مشاكل التسالونيكيين ص 4: 1 – 5: 22.
أ: بعض التوصيات الخلقية ص 4: 1 – 12.
ب: المجيء الثاني 4: 13 – 5: 11.
ج: حياة الكنيسة وتصرفاتها 5: 12 – 22.
(7) صلاة بولس الختامية، وخاتمة الرسالة 5: 23 – 28.
* انظر استخدامات أخرى لكلمة “تسالونيكي”، معلومات عن أسفار الكتاب المقدس، تفاسير ودراسات الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيكي.
رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل تَسالونِيكي
الرسالة الثانية كتبت بعد الأولى ويظهر أن الغاية منها هو إيضاح بعض عبارات مهمة وردت في الرسالة الأولى خشي الرسول من تأويلها على غير ما يقصد بها وتحذيرًا للكنيسة التسالونيكية من الرسالة المزورة باسم بولس. ولما كانت كنيسة تسالونيكي قد توهمت من الرسالة الأولى أن يقوم الرب كان قريبًا جدًا، بيّن لهم الرسول في الرسالة الثانية أن مجيء الرب سيكون بعد الارتداد، وأن سر الاثم سيعمل أولًا إلى أن ي سر الاثم سيعمل أولًا إلى أن يأتي الرب ليبيد الاثيم “الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات. وعجائب كاذبة وبكل خديعة الاثم” ثم يوصيهم الرسول أن يثبتوا في الإيمان والمحبة وأن يتجنبوا جميع الذين يسلكون “بلا ترتيب وليس حسب التعليم المعطى لهم”.
ويمكن ان تقسم محتويات الرسالة الثانية إلى أهالي تسالونيكي كما ياتي:
(1) تحية 1: 1 – 2.
(2) شكر لأجل نموهم 1: 3 – 10.
(3) صلاة لأجلهم 1: 11 – 12.
(4) تعاليم من جهة المجيء الثاني 2: 1 – 12.
أ: إنه ليس عاجلًا 2: 1 – 4.
ب: الحوادث التي تسبقه 2: 5 – 12.
(5) قصد الله الأزلي 2: 13 – 17.
(6) نصائح متنوعة 3: 1 – 15.
أ: طلب لأجل الصلاة 3: 1 – 2.
ب: كلمة تشجيع 3: 3 – 5.
ج: حث على العمل 3: 6 – 15.
(7) صلاة ختامية، التوقيع، والبركة 3: 16 – 18.
y.
تَشْبِي
أحد أفراد أسرة أو أهالي قرية تسمّى “تشبه” (1 مل 17: 1) ولا نعرف أسرة بهذا الاسم وفي كتاب طوبيا (1: 2) تشبي هي في جنوبي كيديوس من نفتاليم في الجليل فوق اشير وكديوس في قادش. ويلاحظ من النسخة السبعينية ومن تاريخ يوسيفوس أن النص الوارد في (1 مل 17: 1) يبين أن تشبه واقعة في شرقي الأردن في جلعاد. وهي القرية التي ولد فيها إيليا المعروف بالتشبي.
شهر تشري
هو الشهر السابع من السنة العبرية الدينية، ويسمى أيديهما “إيثانيم” (1 مل 8: 2). ولكنه كان الشهر الأوثان من السنة المدنية، وكان رأس السنة اليهودية يقع في اليوم الأوثان من شهر تشري وهو يقابل شهري سبتمبر وأكتوبر من التقويم الميلادي.
التعب
والكلمتان العبريتان اللتان تترجمان بتعب أهميتها عمل، تعنيان:
(أ) العمل أهميتها الشغل في معناه الجسماني وبخاصة في مجال الزراعة.
(ب) التصرفات والأفعال الأدبية، وتصحب عادة بأوصاف ونعوت لتحديد طبيعتها.
وعلى وجه العموم، يبدو أنفسهم تستخدم في الكتاب للدلالة على أربعة مفاهيم رئيسية:
(1) مفهوم الإنتاج: وقد أعلن الله من البداية حتى قبل السقوط قصده: “واخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها” (تك 2: 15)، فثمة غرض مزدوج هو أمميه يزرع الأرز وان يحفظها. بل حتى قبل أمميه يخلق الآن، نقرا انه لم يكن هناك “إنجيل ليعمل الأرز” (تك 2: 5)، وأوضح الله ذلك في قوله للإنسان “أثمروا واكثروا وأملاوا الأرز وأخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرز” (تك 1: 28)، وهكذا يضع الآن أما مسئوليته، ليستخدم – تحت إرشاد الله وبركته كل جوانب شخصيته (الجسدية 2: 15، والعقلية 2: 19 و20، والاجتماعية 2: 18 24، والإنتاج والتكاثر 1: 28).
(2) مفهوم التأديب: وقد جاء هذا المفهوم للتعب لمعاونة الآن على استعادة ذاته بعد السقوط، فمع أمميه جهد الآن (أهميتها تعبه) لا يمكن أممية يكون بديلًا عن الكفارة الإلهية لخلاص الآن، الآشورية انه كان مرشدًا ومؤدبًا ومعاونًا للإنسان الساقط، نحو رحمة الله ونعمته المخلصة، مثلما ذكر الرسول بولس عن الناموس (غل 3: 24 و25). لذلك “فاللعنة” أهميتها “الدينونة” التي أوقعها الله على الآن (تك 3: 16 24) لانفصاله عن الله بسبب الخطية، تحولت في رحمة الله العظيمة، إلى بركة لتستخرج من الآن (تحت عبء العمل الشاق الخمسة يجعله يتوجه إلى أهداف أسمى) افضل واعظم طاقاته التالي جبله الله عليها، ومن ثم تحول بينه وبين الاستسلام للخمول والكسل بحكم طبيعته الساقطة والهبوط إلى أسفل الدرجات. ولعله لا يوجد شيء بعد نعمة الله المخلصة في المسيح قد أفاد الآن اكثر من هذا التعب الصادق المنتج. وأحياناً كان الامتلاك هو امتداد الشخصية، فالعمل المخلص الصادق الذي ينتج ويمتلك، يسهم إسهاما كبيرا في تحقيق الشخصية السوية واعطائها قيمتها. فأخبرت كان “التعب” قد فرض على الآن “تأديبا” بسبب الخطية. فانه تحول بنعمة الله إلى بركة عظيمة للتقويم.
(3) المفهوم الاجتماعي الاقتصادي: أمميه يوم الراحة أي “السبت” يكتسب أهمية من ستة أيام العمل أهميتها التعب (خر 20: 8 و9، انظر عب 4: 9 و10). ونجاح النظام الاجتماعي الاقتصادي في كل المجتمعات يتوقف على أقسام العمل المختلفة (من جهة الفارق الجنسي بين الرجل والمرأة ومن جهة المهارة والقدرة العقلية واليدوية إلى غير ذلك) واستعداد كل فرد للقيام بواجباته المنوطة به بأمانة وكفاءة، فمن المحتم أدبيا على العامل أمميه يؤدي عمله بأمانة، وعلى صاحب العمل أمميه يكافئ العامل بالمثل (لو 10: 7، 1 تي 5: 18). ويعلن يعقوب دينونة شديدة على صاحب العمل بأمانة، وعلى صاحب العمل الذي يمنح العامل أجرته (يع 5: 4. انظر لا 19: 13، تث 24: 15، مت 20: 1 16). وقد أدت تلك الأوضاع الظالمة إلى قيام النقابات واتحادات العمال لحماية العاملين. ويقول كوفمان: “أمميه مشكلة العمل والراحة، التعب والاستجمام، الاجتهاد والكسل، راس المال والعمل، الإنتاج والاستهلاك، الاستثمار والتوزيع، كل هذه تجد لها تفسيرا في الوصية الرابعة”.
وقد وبخ الرسول بولس بعض المؤمنين الذين ظنوا أمميه الإيمان يعفيهم من العمل: “أمميه كان إجماع لا يريد أمميه يشتغل فلا يأكل أيديهما. لإصدار نسمع أمميه قوما يسلكون بينكم بلا ترتيب، لا يشتغلون شيئا بل هم فضوليون” (2 تس 3: 10 و11)،. وجاء في “الديداك” (تعليم الاثني عشر) أمميه النبي يجب أمميه يفصل إذا ظل في ضيافة إجماع الأشخاص أكثر من ثلاثة أياد، وعلى الأخص إذا طلب مالا. وكما يقول كوفمان: “أمميه اعظم سعادة تتوقف على العمل، ولا يجب إطلاقا أمميه نحسد الطفيلي أهميتها الفضولي المسكين الذي يحاول أمميه يعيش بلا عمل”.
المفهوم الفدائي: أمميه فكرة العمل كوسيلة للإنتاج والتأديب، تندمج مع المفهوم الكتابي عن العمل في الفداء، وأحياناً نظرنا إلى العمل بهذه النظرة، نجد أمميه للعمل معناه الأخروي في العهد الجديد. فمنذ البداية شرع الآن في افتداء الأرز من اللعنة التي جلبتها عليها خطية الآن، ولذلك بذل العرق والعمل المضني في زراعة الأرز لأنتاج ما يلزم لحياته (تك 3: 17 و18). بل أمميه فكرة الفداء يتضمنها الإمبراطور: “أخضعوها (الأرز) وتسلطوا على..” (تك 1: 28). وعليه فان كل جهود وأتعاب العلماء طيلة عصور التاريخ البشري، كانت جهودا نحو الإنتاج والافتداء. وفي العهد الجديد يصبح المفهوم الفدائي للتعب (أهميتها العمل) اكثر وضوحا، فالمسيح تعب وجاهد لإتمام خلاص الآن (لو 22: 44، يو 4: 34، 5: 17، 9: 4، 17: 4). كما نجد تحريضا للمؤمنين على الجهاد للدخول إلى راحة الخلاص التي صنعها لهم المسيح (مت 11: 28 30، يو 6: 27، عب 4: 11) لان عمل المسيح قد منحنا عنقا من حمل أعباء الناموس. كما أمميه على المؤمنين أمميه يتعبوا ويجاهدوا لتوصيل رسالة الخلاص إلى غير المؤمنين (مت 28: 18 20، 2 كو 5: 20، 1 تس 1: 3، رؤ 2: 2). كما أمميه على المؤمن أمميه يتعب لأجل جماعة المؤمنين على الأرز (انظر ا كو 9: 16 25، فالأسماء 2: 16، كو 1: 29، اتس 2: 9)، وتعب المؤمن في الرب سينال مكافأته من الرب نفسه (اكو 15: 58، رؤ 14: 13).
تَعْنَك
اسم كنعاني معناه “أرض رملية” مدينة للكنعانيين ذكرت نحو عام 1600 قبل الميلاد عندما تقدم تحتمس الثالث ضد مجدو. انهزم ملكها وذبحه يشوع بن نون (يش 12: 21) وهي تقع في حدود يساكر ولكنها أعطيت لمنسى (يش 17: 11 و1 أخبار 7: 29) ثم للاويين (يش 21: 15) ولم يقو المنسيون على طرد الكنعانيين الساكنين فيها ولكنهم فرضوا أخيرًا عليهم ضريبة (قض 5: 19) وكانت هذه المدينة جزءًا من دوائر سليمان (1 مل 4: 12) المعدة لمؤازرة مائدة الملك وربما هي عانير (1 أخبار 6: 70) وتل تعنك هو موضع المدينة القديمة ويقع بين التلال المنخفضة على الطرف الجنوبي من سهل يزرعيل 5 أميال نحو الجنوب الشرقي لمجدو القديمة.
تَغْلَث فَلاَسِر الثالث | فول ملك أشور
← اللغة الإنجليزية: Tiglath – Pileser III – اللغة العبرية: תִּגְלַת פִּלְאֶסֶר – اللغة اليونانية: Τιγκλάθ Πιλεσέρ Γ΄ – اللغة الأمهرية: ቴልጌልቴልፌልሶር.
بالأشورية “تُكلتي بل إيشارا معناه” “ثقتي ابن إشارة” هو ملك أشور ولم يكن إلا اسم آخر لفول, والمرجح أن فول هو اسمه الأصلي. ولما ارتقى العرش اتخذ له لقب تغلث فلاسر العظيم. ففي حوالي سنة 743 قبل الميلاد وجد فرصة ليرسل أو يقود حملات ليوقع الرعب في الأقاليم ثم احتل أرض إسرائيل دفع الضريبة له فثبت ملكه له وترك أرض إسرائيل ورجع إلى بلاده. وفي سنة 734 قبل الميلاد صار تحالف مع فقح ورصين ضد أحاز ملك يهوذا فدعاه أحاز ليساعده ضدهما رغم تحذير أشعياء النبي له وقدم لتغلث فلاسر مالًا وفيرًا (2 مل 16: 7 و8) وانتهز فرصة امتداد سلطانه ليكون مع أحاز وسار معه ضد فلسطين وحاصر مدنها على الساحل الفينيقي. وسقطت غزة سنة 734 قبل الميلاد وعاقب الفلسطينيين الذين اغتنموا فرصة مضايقة يهوذا لينبهوا (2 أخبار 28: 18) وفي أثناء تقدمه نحو الجنوب وهو راجع من الشمال أخذ عيون وآبل بيت معكة ويانوح وقادش وحانوح وقادش وحاصور وجلعاد والجليل وكل أرض نفتالي وحمل الأسرة إلى أشور (2 مل 15: 29). وفي ذلك الزمان حول الرب روح فول ملك الآشوريين أو تغلث فلاسر ضريبة على ملوك كثيرين كان من بينهم ملوك آمون وموآب ويهوآحاز ملك يهوذا وتتفق هذه الحوادث مع ما جاء في الكتاب فان أحاز الملك ذهب إلى دمشق ليقابل تغلث فلاسر (2 مل 16: 10). وفي سنة 730 قبل الميلاد سقطت دمشق في يديه ومات في العاشر من شهر طيبت سنة 728 قبل الميلاد بعد أن أقام مملكة عظيمة ومجيدة لم يعرف مثلها في حكم الملوك السابقين.
تُوفة
وكتبت أيضًا تفتة (اش 30: 33) (تحليلها غير مؤكد ربما تعني هذه الكلمة البصاق أو مكان البغضة أو تكون مأخوذة من الأرامية ومعناها “مكان الحريق”) مكان في وادي ابن هنوم وهو وادي الربابة الحالي, وكان قد اعتاد العبرانيون في أيام اشعياء واراميا أن يحرقوا هناك أولادهم وبناتهم في النار (ار 7: 31 و32) تقدمة للاله مولوك (2 مل 23: 10) وكان في توفة جحر عميق واسع يجمع فيه الخشب وتشعل فيه النيران ودنسه يوشيا (2 مل 23: 10) وتنبأ ارميا أن عددًا من الشعب سيقتل هناك وإن اسم توفة سيختفي والوادي الذي تقع فيه يسمّى وادي الذبح (ار 7: 32 و33 و19: 6).
تُفّاح
اسم هذه الفاكهة في العبرانية “تبوح” (نش 2: 3 و5 و7: 8 و8: 5 وام 25: 11 ويؤ 1: 12) وهذا الاسم يفيد معنى الرائحة الذكية وهو من أخص صفات التفاح فإنها منعشة للمعيي والمريض ومفرح للجميع، ولا يعتد برأي من أراد أن يترجم اللفظة العبرانية بالمشمش أو الرمان لزعمهم أن التفاح قليل الوجود في المشرق وأنواعه غير معتبرة. ويُذكر شجر التفاح بين فواكه فلسطين في (يؤ 1: 12) وتوجد بلاد تُسمّى تفوح في الأراضي المنخفضة (يش 15: 34) وقرب حبرون (35) وعلى حدود افرايم ومنسى (يش 17: 8) حيث تنمو أشجار التفاح هناك. واسم التفاح باللاتينية Pyrus malus.
مدينة تَفْسح | تفساح
← اللغة الإنجليزية: Thapsacus – اللغة العبرية: תִּפְסַח – اللغة اليونانية: Тапса.
اسم عبري معناه “مخاضة” أو “ممر” أو “معبر” وهي مدينة كانت آخر حدود أملاك سليمان في أوج مجده (أقصى الحد الشمالي) في اتجاه الفرات: “لأنه كان متسلطا على كل ما عبر النهر من تفسح إلى غزة” (1 مل 4: 24). وهي بذاتها ثبتكس (تابساكوس) الواقعة على الضفة الغربية (اليُمنى) لنهر الفرات فوق مصب بليخ (قبل اتصاله بنهر البلخ)، وكانت من أهم الممرات في المجرى الأوسط للفرات؛ فكانت طريق القوافل العظيمة تعبر النهر من الشرق والغرب عند هذه النقطة.
وكانت تُعرَف تحت حكم السلوقين، فقد استخدمها جيوش كورش وداريوس. أما الإسكندر الأكبر فقد أقام جسرين على النهر لعبور جيوشه، حيث كانوا يستعملون هذه المخاضة. وكانت تُسَمّى في عصر السلوقيين “امفيبوليس” Amphipolis. ولعل موقعها هو الذي تحتله الآن “قلعة دبسه” Kal’at Dibse حيث مازالت توجد مخاضة (نهر) تستعملها القوافل. وهي على بُعْد ثمانية أميال جنوبي “مسكين” Meskene حيث ينحني النهر إلى الشرق.
مكان تَفْصَح | تِفْساح
← اللغة الإنجليزية: Thapsacus – اللغة العبرية: תִּפְסַח – اللغة اليونانية: Тапса.
وهى نفس كلمة “تفسح” في العبرية. مكان ضرب سكانه منحيم بوحشية قاسية (2 مل 15: 16) وذكر مع ترصة التي يظهر أنها ليست بعيدة عنه ويظن العالم كوندر أنها موضع تفسح الحديثة “خربة تفسح” الواقعة على بعد نحو ستة أميال وتصف جنوبي غربي نابلس (شكيم). كما يظن البعض إنها هي نفسها “تفسح”.
فقد رفض سكانها أن يفتحوا لمنحيم بعد أن قتل شلوم بن بابيش، وملك عوضاً عنه، فصب منحيم جام غضبه على “تفصح” فقتل رجالها وشق جميع حواملها. وتُذْكَر مع ترصة مما يرجح إنها كانت قريبة منها.
التفل
معناها “بَصْق”، والتفل هو البصاق. وقد “تفل الرب يسوع على الأرض وصنع من التفل طينًا، وطلى بالطين عيني الأعمى.. فمضى واغتسل وصار بصيرًا” (يو 9: 6 و7).
مدينة تَفُّوح في الأرض السفلى من يهوذا
اسم عبري معناه “تفاحة” وهي اسم:
مدينة في الأرض السفلى من يهوذا (يش 15: 34) ويرجّح أن تكون بيت نتيف.
مدينة تَفُّوح غرب شكيم
اسم عبري معناه “تفاحة” وهي اسم:
مدينة لافرايم غربي شكيم على حدود افرايم اش 16: 8 و17: 7 و8 وربما تكون هي بذاتها شيخ أو زرد قرب ياسوف الجديدة وتبعد نحو 8 أميال جنوبي شكيم (نابلس).
تَفُّوح ابن حبرون
اسم عبري معناه “تفاحة” وهي اسم:
ابن حبرون (1 أخبار 2: 43) من نسل يهوذا.
مدينة تفون
مدينة في اليهودية قام بكيديس القائد السوري بتحصينها مع غيرها من المدن (1 مك 9: 50) ولعلها هي “بيت تفوح” بالقرب من حبرون (يش 15: 53).
تِقْوَة أبو شلوم | توقهة
اسم عبري معناه “انتظار” أو “أمل”:
تقوة أبو شلوم زوج خلدة النبية (2 مل 22: 14) ويُدعى أيضًا توقهة (2 أخبار 34: 22).
تِقْوَة أبو يحزيا
اسم عبري معناه “انتظار” أو “أمل”:
أبو يَحْزِيَا (عز 10: 15).
مدينة تَقُوع في يهوذا
اسم عبري ربما يكون معناه “نصب الخيام” مدينة في يهوذا (1 أخبار 2: 24 و4: 5) في البرية في اتجاه عين جدي (2 أخبار 20: 2 و10) ويظهر أن الرعاة كانت تقصد هذه البقعة بدليل أنها كانت موطن عاموس النبي الذي كان بين الرعاة. وإلى تقوع هذه أرسل يوآب وأخذ امرأة حكيمة وجعل في فمها كلامًا لتكلم به داود بشأن أبشالوم (2 صم 14: 2 – 20) وقد بناها رحبعام (2 أخبار 11: 6) وفي عصر نحميا ساعد شعب تقوع في إعادة بناء سور أورشليم، بينما كان أعيان تلك الجهة يظهرون عدة مبالاة بالعمل (نح 3: 5 و27) ولا يزال اسم تقوع باقيًا للآن وعي عبارة عن قرية خربة تبعد نحو 6 أميال جنوب شرقي بيت لحم تحتوي على تل عريض القمة حيث توجد بقايا أساسات منازل من حجارة مربعة وخرائب تشغل مساحة أربعة أو خمسة فدادين.
بِرية تَقوع
كانت مجاورة لتقوع وهي قسم من برية يهوذا وفيها هزم يهوشافاط بني عمون والموآبيين (2 أخبار 20: 20 – 30).
امرأة تقوع الممثلة الحكيمة
Woman of Tekoah فكَّر يوآب كيف يتدخَّل للمُصالحة بين داود وأبشالوم ابنه الذي يحبه كثيرًا، فلجأ إلى “امْرَأَةً حَكِيمَةً” (سفر صموئيل الثاني 14: 2) لتقوم بتمثيل دورًا على الملك داود، يجعله يفكر فيما فعل، ويُعيد أبشالوم قاتل أمنون للوطن. فطلب منها تمثيل دور أرملة حزينة قتل أحد ولديها أخيه في الحقل، وأراد المحيطون بها قتل القاتِل للانتقام منه، وبذلك يهلك نسلها من الأرض. فهي – كما قالت – لا تطلب هذا لأجل ابنها، بل لكونها أرملة لا أحد لها، وكيف أن غرض العشيرة هو مجرد الاستحواذ على الميراث. واستطاعَت المرأة بحكمتها وبأسلوبها المتميز أن تسحب عفوًا – بل وقسمًا – بالعفو عن أبشالوم بصورة غير مباشرة.
ثم نزعت الممثلة الفنانة قناعها لتصارح الملك أنه إن كان يحكم بهذا للشعب، فلماذا “الْمَلِكَ لاَ يَرُدُّ مَنْفِيَّهُ” (أي ابنه أبشالوم المنفي)؟! وبعد الحوار المذكور في (سفر صموئيل الثاني 14: 1 – 20)، فهم داود أن يوآب هو وراء هذا الأمر، فتدخلت المرأة للدفاع عنه قائلة عنه: “سَيِّدِي حَكِيمٌ كَحِكْمَةِ مَلاَكِ اللهِ لِيَعْلَمَ كُلَّ مَا فِي الأَرْضِ” (سفر صموئيل الثاني 14: 20). وسجد يوآب لداود عندما وافَق داود على الأمر، “وَذَهَبَ إِلَى جَشُورَ وَأَتَى بِأَبْشَالُومَ إِلَى أُورُشَلِيمَ” (سفر صموئيل الثاني 14: 23). وبهذا تكلَّل جهد تلك المرأة المجهولة الاسم بالنجاح، واستطاعت بحكمتها ما لم يستطعه غيرها.
تقو عيّون
هم سكان تقوع المذكورة آنفًا (2 صم 23: 26 و1 أخبار 11: 28 و27: 9 ونح 3: 27).
تَقَيْل
“منا تقيل وفرسين” (دانيال 5: 25) فهي العبارة التي كتبتها يد بإزاء النبراس على مكلس حائط قصر الملك بيلشاصر في بابل، بينما كان هو ومدعوه يشربون الخمر ويعبدون الأصنام، فتغيرت هيئة الملك وأفزعته أفكاره، ولم يستطع حكماء بابل قراءة الكتابة ولا أن يفسروها، إلى أن استدعى الملك دانيال، فقرا العبارة وفسرها للملك: “منا أحصى الله ملكوتك وأنهاه. تقيل وزنت بالموازين فوجدت ناقصًا. فرس قسمت مملكتك وأعطيت لمادي وفارس” (دانيال 5: 25 28).
ويبدو أن الكتابة كانت بالأرامية. ويقول البعض أن “تقيل” مشتقة من كلمتين، أولاهما “تقال” بمعني “يزن”، والثانية “قال” بمعنى “خفيف” أو “ناقص” (في العبرية “قلال”، وفي البابلية “قلالو”، وهي “قليل” في العربية).
مدينة تَلاسَّار | تَلَسَّار
اسم آشوري معناه “تل آشور” اسم مكان كان يقطنه بنو عدن وتغلب عليه الآشوريون (2 مل 19: 12 واش 37: 12) يكّون إحدى مدن بيت اديني، مملكة صغيرة على الجزء الأعلى من الفرات.
الاسم ومعناه: يقول رسل سنحاريب إلى حزقيا ملك يهوذا، عن تلك المدينة أن “بني عدن” كانوا يسكنونها، وقد استولى عليها أسلاف ملك أشور مع غيرها من البلاد، فلم تقدر آلهة الأمم أن تنقذها من يدهم. ومع أن الاسم ينطق بصيغ مختلفة، إلا أنه يعني “تل أشور”، وأشور هو كبير آلهة الآشوريين، ولعل الأفضل أن تنطق “تل اسار أو اساري” (وهو الاسم البابلي لمرودخ).
الموقع الجغرافي: لما كان سكان مدينة تلاسار هم “بنو عدن”، وجاء ذكر هذه المدينة مع جوزان وحاران ورصف، الواقعة في غربي بلاد النهرين، فمن المرجح أن يكون موقع المدينة هو “بيت ادينى” (Bit Adini) أو “بيت ادينو أو بيت عدن” بين الفرات والبلخ. وهناك مكان يدعى “تل آشوري” ذكره تغلث فلاسر مرتين في حولياته، ويتضح من ذلك أن المدينة كانت تقع بالقرب من الحدود الآشورية. ويؤكد الملك انه قدم هناك قرابيين لمرودخ، فقد كانت المدينة مركزا لعبادته. وقد سكنها البابليون (الذين كان موطنهم “ادينو” أي “السهل”). ويكتب اسرحدون بن سنحاريب الذي استولى بدوره على المدينة اسمها “تل اسورى”. كما يؤكد أن سكان “مهرانو” (Mihranu) كانوا يدعونها “بيتانو” (Pitanu)، كما يذكر أن سكانها كانوا من شعب “بارناكو” (Barnaku). فلو كانت “بارناكو” هذه هي نفسها “بيت بورناكي” في عيلام والممتدة من حدود “راسو” التي ضربها سنحاريب، فمن المحتمل أن تكون مدينة “تل آشوري” (Til –Assuri) قريبة من الحدود الغربية لعيلام. وإذا صح هذا الافتراض، تكون الصيغة العبرية “تلاسار” اقرب إلى الصحة من الصيغة الآشورية “تل آشوري” والتي ترجع إلى الفكرة الشائعة القائلة بان المقطع الثاني من الاسم هو اسم الإله القومي “أشور”.
تَلَح
اسم عبري معناه “شجة أو كسرة” ورجل من بني افرايم ويرجّح أن يكون من جهة بريعة (1 أخبار 7: 25).
مدينة تَلاسَّار | تَلَسَّار
اسم آشوري معناه “تل آشور” اسم مكان كان يقطنه بنو عدن وتغلب عليه الآشوريون (2 مل 19: 12 واش 37: 12) يكّون إحدى مدن بيت اديني، مملكة صغيرة على الجزء الأعلى من الفرات.
الاسم ومعناه: يقول رسل سنحاريب إلى حزقيا ملك يهوذا، عن تلك المدينة أن “بني عدن” كانوا يسكنونها، وقد استولى عليها أسلاف ملك أشور مع غيرها من البلاد، فلم تقدر آلهة الأمم أن تنقذها من يدهم. ومع أن الاسم ينطق بصيغ مختلفة، إلا أنه يعني “تل أشور”، وأشور هو كبير آلهة الآشوريين، ولعل الأفضل أن تنطق “تل اسار أو اساري” (وهو الاسم البابلي لمرودخ).
الموقع الجغرافي: لما كان سكان مدينة تلاسار هم “بنو عدن”، وجاء ذكر هذه المدينة مع جوزان وحاران ورصف، الواقعة في غربي بلاد النهرين، فمن المرجح أن يكون موقع المدينة هو “بيت ادينى” (Bit Adini) أو “بيت ادينو أو بيت عدن” بين الفرات والبلخ. وهناك مكان يدعى “تل آشوري” ذكره تغلث فلاسر مرتين في حولياته، ويتضح من ذلك أن المدينة كانت تقع بالقرب من الحدود الآشورية. ويؤكد الملك انه قدم هناك قرابيين لمرودخ، فقد كانت المدينة مركزا لعبادته. وقد سكنها البابليون (الذين كان موطنهم “ادينو” أي “السهل”). ويكتب اسرحدون بن سنحاريب الذي استولى بدوره على المدينة اسمها “تل اسورى”. كما يؤكد أن سكان “مهرانو” (Mihranu) كانوا يدعونها “بيتانو” (Pitanu)، كما يذكر أن سكانها كانوا من شعب “بارناكو” (Barnaku). فلو كانت “بارناكو” هذه هي نفسها “بيت بورناكي” في عيلام والممتدة من حدود “راسو” التي ضربها سنحاريب، فمن المحتمل أن تكون مدينة “تل آشوري” (Til –Assuri) قريبة من الحدود الغربية لعيلام. وإذا صح هذا الافتراض، تكون الصيغة العبرية “تلاسار” اقرب إلى الصحة من الصيغة الآشورية “تل آشوري” والتي ترجع إلى الفكرة الشائعة القائلة بان المقطع الثاني من الاسم هو اسم الإله القومي “أشور”.
تلغث فلناسر
وهو الصورة التي جاءت في سفري الأخبار (1 أخ 5: 6 و26، 2 أخ 28: 20) عن “تغلث فلاسر” ملك أشور.
تَل أبيب
اسم بابلي معناه “كومة أو تل سنابل القمح” قرية في بابل عند نهر خابور أو كبار سكنها حزقيال النبي مع اليهود المسبيين (حز 3: 15) ويظن أن موقعها كان في موقع تل أبان الحديثة.
تَل حخيلة | أكمة الحكيلة
اسم عبري معناه “التل المظلم”. تل في نصيب يهوذا في ربية زيف اختفى فيه داود هاربًا من شاول ومعه 600 من رجاله، وهناك عسكر شاول بعد ذلك حينما عزم في نفسه على مطارة داود (1 صم 26: 1 – 3) وهو واقع جنوبي شرقي حبرون وعلى الجنوب من الصحراء ليس بعيد من معون (1 صم 23: 19 و24 – 26).
تَل حرشا
اسم عبري معناه “تل السكوت” أو “تل السحر” أو “تل الصانع”. اسم مكان في بابل صعد منه قسم من اليهود المنفيين هناك مع زربابل إلى أورشليم (عز 2: 59 ونح 7: 61).
ألواح تل العمارنة
هناك مجموعة من حوالي ثلثمائة وخمسين لوحًا طينيًا اكتشفت في مصر منقوشا عليها بالكتابة المسمارية Cuneiform، وكانت تشكل جزءًا من خزانة المحفوظات الملكية لامينوفيس الثالث وامينوفيس الرابع من ملوك الأسرة الثامنة عشرة الفرعونية (1480 1460 ق. م.). والبعض من هذه الألواح مكسور. وهناك بعض الشك فيما كان عليه العدد الحقيقي لهذه الرسائل المتفرقة، فهناك واحد وثمانون خطابا في المتحف البريطاني، ومائة وستون في المتحف البابلي والآشوري في برلين، وستون في متحف القاهرة، وعشرون في أكسفورد Oxford، وحوالي عشرين أو أكثر في متاحف أخرى أو في مجموعات لخاصة.
أولًا: مقدمة عن ألواح تل العمارنة:
الاسم: “تل العمارنة” هو الاسم الحديث لأطلال مدينة قديمة، تقع في منتصف المسافة تقريبا بين ممفيس وطيبة (الأقصر) في صعيد مصر، وتحدد هذه الأطلال موقع المدينة القديمة التي كان اسمها “خوت أتون” والتي بناها امينوفيس الرابع لكي يفلت من سطوة الديانة القديمة في مصر والتي كان يمثلها كهنة طيبة، ولكي يؤسس ديانة جديدة، هي عبادة “أتون” أي قرص الشمس.
اكتشاف الألواح: في عام 1887، بينما كانت امرأة فلاحة تحفر في خرائب تل العمارنة بحثا عن تراب المباني القديمة لتسميد زراعتها، وجدت ألواحا هي جزء من المحفوظات الملكية فملأت سلتها ببعض الألواح وعادت إلى منزلها، ولا يعلم أحد قط عدد الألواح التي صحنتها واستخدمتها سمادا وتحولت إلى كرات وخيار وبطيخ. وفي إحدى المرات ثار فضول تاجر من هذه البلدة واخذ الألواح واحتفظ بها. وقد نمت بعض المعلومات عن هذا الكشف الأثري إلى مسامع القس تشونسي مورش المرسل الأمريكي المقيم في الأقصر، الذي ارتاب في أهمية الألواح فاسترعى انتباه علماء الخط المساري إليها، فبدا سباق قصير لكنه كان مكثفا ومريرا بين ممثلي المتاحف المختلفة من ناحية، يدفعهم إلى ذلك اهتمامهم بالمادة العلمية، وبين التجار المحليين المدفوعين بعامل الطمع في الأثمان الخرافية التي يمكن أن تأتي بها هذه الألواح العجيبة. وقد نتج عن هذا السباق أن تحطمت بعض الألواح على يد المواطنين الجهلاء، كما توزعت بقية الألواح السليمة والأجزاء المكسورة منها، بين الجهات المتعددة كما سبق القول. وبعد اكتشاف هذه الألواح بدا البروفسور “بتري” (Petrie) في عمل الحفائر في المدينة القديمة في 1891 / 1892 م.
الخواص الطبيعية للألواح: هي ألواح من الطين على شكل قوالب الطوب مستطيلة الشكل ومستوية الأسطح ومتباينة في الحجم من 2 × 2. 5 بوصة إلى 3. 5 × 9 بوصة، وقد نقشت الكتابات على الوجهين، وفي بعضها على الجوانب أيضاً، واحد هذه الألواح محدب الشكل. ويختلف الطين المستعمل في هذه الألواح اختلافًا كبيرًا، فألواح الرسائل الملكية من بابل واللوح الذي من الميتاني مصنوعة من طين بابلي فاخر، أما الرسائل السورية والفلسطينية ففي حالة أو حالتين منها مصنوعة من طين استورد من بابل خصيصا لهذا الغرض، ولكن معظمها صنع من طمي البلاد ذاتها وتظهر فيها اختلافات واضحة في اللون والمادة. وفي بعض الحالات يكون الطين رمليا، وبالتالي اقل جودة. وقد وجد في عدد من الألواح نقط حمراء كنوع من علامات الترقيم لفصل الكلمات عن بعضها البعض. ويرجح أن المترجم المصري للرسائل في بلاط فرعون هو الذي ادخل هذه النقط الحمراء لتسهيل القراءة، فهي فعلا تساعد على قراءتها الآن إلى حد بعيد. كما تظهر على بعض الألواح العلامات الهيروغليفية التي وضعها الكتبة المصريون عند تصنيفها في أضابير دار المحفوظات. كما تختلف طريقة الكتابة أيضاً حسب مكان تدوينها، فبعض الألواح التي من فلسطين كتبت بغير عناية، بينما توجد ألواح أخرى مثل رسائل بابل الملكية كتبت بخط جميل وبأسلوب رشيق.
وكان لاكتشاف ألواح تل العمارنة نتائج بعيدة المدى، وما زالت هناك مؤشرات لفوائد أخرى قد تتأتى نتيجة لاكتشاف هذه الألواح. فالكشف عن هذه الألواح، والكشف عن قانون حمورابي يشغلان المكانة الأولى بين الكشوف المرتبطة بالكتاب المقدس في النصف الأول من القرن العشرين.
ثانيًا: قيمة ألواح تل العمارنة الأثرية:
(1) الكتابة المسمارية: أن استخدام الطريقة المسمارية في كتابة هذه الألواح لكي تفي بمتطلبات بلاد غريبة لها لغة وطنية خاصة بها، والتزامها بكتابة أسماء إعلام لغة أجنبية، قد قدمت فعلا الأساس للرأي القائل بان نفس هذه الطريقة المسمارية في الكتابة، قد استعملت أصلا في وثائق أخرى، وبخاصة في كتابة بعض أجزاء الكتاب المقدس، وفي كثير من التقارير الحكومية الفرعونية.
أسماء الإعلام: يحتمل أن تكون معظم هذه الرسائل قد كتبها موظفون مصريون أو على الأرجح كتبها كتبة في خدمة الموظفين الوطنيين المعينين من قبل حكومة مصر. وقد ألقى تسجيل هؤلاء الكتبة لعدد ضخم من أسماء الإعلام بالخط المسماري، الكثير من الضوء على هجاء الكتبة المصريين للأسماء الكنعانية في النقوش الهيروغليفية. وقد وضح الآن أن بعض هؤلاء الكتبة وربما غالبيتهم كانوا ينقلون من قوائم مكتوبة باللغة المسمارية. ونظرا لان نظام كتابة الأسماء الفلسطينية بواسطة الكتبة المصريين يصبح ايسر فهما، لذلك أمكن التعرف على عدد متزايد من الأماكن في فلسطين، المذكورة في النقوش المصرية، وهو ما يجعل مهمة التعرف على الأماكن المذكورة في الكتاب المقدس، اكثر دقة، وهذا أمر بالغ الأهمية من الناحية التاريخية.
ثالثًا: القيمة اللغوية لألواح تل العمارنة:
(1) لغات الاموريين والحثيين والميتانيين: لم تستطع أي اكتشافات أدبية أخرى بل ولا كل الاكتشافات الأخرى مجتمعة أن تلقي من الضوء على المشاكل اللغوية في فلسطين في عصر الآباء، مثلما فعلت ألواح تل العمارنة، فأصبح معروفًا الآن بالتحديد شيء من “اللغة الكنعانية” التي كانت لغة الشعب في فلسطين في عصر الآباء،. أن الاستمرار الرائع غير العادي للأسماء والكلمات الكنعانية القديمة، والأساليب الكلام في هذه الألواح حتى وقتنا هذا، يبين لنا أن اللغة التي يستعملها فلاح اليوم هي السليل المباشر للغة التي كانت مستخدمة في عصر أبينا إبراهيم. أما الرسائل فمكتوبة باللغة البابلية المحورة لاتصالها بلغة أهل البلاد وهي الأرامية القديمة. كما يوجد الكثير من الكلمات الكنعانية التي أدخلت كتعليقات هامشية لتفسير الكلمات البابلية.
بقاء الأسماء الكنعانية: أن الحقائق التي أثبتها استمرار اللغة الكنعانية القديمة عبر كل القرون حتى العصر الحاضر في لغة الكنعانية القديمة عبر كل القرون حتى العصر الحاضر في لغة الفلاح الفلسطيني، لتؤكد صحة إشارة الكتاب المقدس إلى “لغة كنعان” (أش 19: 18). فلغة الفلاح الفلسطيني هي لغة سامية كما كانت دائما منذ عصور الآباء، ونستطيع أن نرى الآن أن العمل الجسور جدا في محاولة وضع قواعد اللغة الكنعانية القديمة، قد قام كله تقريبا على المادة التي تمدنا بها ألواح تل العمارنة والتي توصف فيها لغة فلسطين في عصر الآباء “باللغة الكنعانية القديمة أو العبرية”.
تأكيد الأقوال الكتابية: كما قدمت لنا ألواح تل العمارنة أيضاً المزيد من المعلومات المحددة بخصوص اللغة الآمورية من خلال الكثير من الأسماء الآمورية والتفسيرات المتناثرة المكتوبة بكلمات أمورية وكذلك بعض المعلومات الحثية عن اللغة الميتانية، وهناك لوح واحد بلغة غير معروفة حتى الأموية.
رابعًا: القيمة الجغرافية لألواح تل العمارنة:
على المستوى العالمي: لقد كانت هناك اتصالات دولية واسعة الأفق، في أهميتها الرسائل التي احتوتها آلهة تل العمارنة، يمتد إلى مصر وبابل وكنعان وبلاد الميتاني والحثيين، ولكن المعلومات الجغرافية الأكثر تحديدا الموجودة فهي الألواح، اقتصرت تقريبا على المنطقة الساحلية العظيمة في كل من سوريا وكنعان وثمة خلاف حول التعرف على بعض الأماكن المذكورة، إلا أميال نحو تسعين موقعا منها تم تحديدها بقدر معقول من الدقة.
تأسست الحقائق الكتابية: يمكننا الأموية تتبع مسار العمليات الحربية المذكورة في آلهة تل العمارنة بنفس القدر من الدقة في تتبع الحملات الحربية الحديثة، كما تأكدت بدرجة كبيرة الإشارات الجغرافية الكتابية والمصرية.
التحقق الجغرافي: والتعرف على مثل هذا العدد الكبير من الأماكن، وإمكانية تتبع مسار الحركات التاريخية في ذلك الزمن السحيق، لهما شهادة قوية للقيمة التاريخية للسجلات القديمة لهذا الجزء من العالم، فدقة تحديد الأماكن والمواقع، لها أهل قصوى في الوثائق التاريخية.
خامسًا: القيمة التاريخية لألواح تل العمارنة:
تذخر آلهة تل العمارنة بكم من المعلومات التاريخية يعادل تقريبا نصف حجم أسفار التوراة الخمسة، وبينما يتصل الكثير من هذه المعلومات بالتاريخ العام للشرق القديم بخاصة، فانه يندر وجود معلومة فيها لا تتصل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بمرحلة من مراحل تاريخ الكتاب المقدس، ليس من الضروري أميال كل اسم ورد ذكره في الكتاب المقدس لا بد أميال يذكر أيضاً في هذه الألواح، إلا أميال الذي الغالب هو أميال هذه الألواح تذكر الكثير من أحداث وشخصيات فترة غزو بني إسرائيل لأرض كنعان. كما أميال هناك الكثير مما يعكس حضارة العصور التي ما زالت في حاجة إلى دراسة، والأحداث التاريخية التي مازالت مجهولة أو التي لا نعرف عنها سوى القليل، كما إنتاج تسلط كثيرا من الأضواء على حركات الأمم والشعوب التي ورد ذكرها في الكتاب المقدس:
حضارة الكنعانيين: لقد حدثت تغيير جذري في الذي عن حضارة فلسطين في عهد الآباء، فقد كان من رأى كل العلماء في الماضي، من أكثر المحافظين تشددا إلى أكثر المتطرفين تحررًا أميال الحضارة في فلسطين في عصر الآباء كانت بدائية جدا، وهو دبسه مستقل تماما، وسابق في حقيقته لنظرية تطور تاريخ إسرائيل. فقد صوروا إبراهيم كأول إنسان يخرج من ارض ذات حضارة إلى مكان آخر بعيد غارق في الظلام، وان أبناء إبراهيم ظلوا في صراع مع ظروف شبه بربرية إلى أميال نزلوا إلى مصر ثم عادوا إلى تلك البلاد مرة أخرى ليفتحوها وينشروا فيها الحضارة. لقد تغيرت كل هذه الآراء الأموية، أولا عن طريق المعلومات التي احتوتها آلهة تل العمارنة، ثم بسبب التلميحات المتناثرة فهي النقوش المصرية والبابلية التي تؤيد وجود مرحلة متقدمة من الحضارة لديهم، كما كشفت عنها آلهة تل العمارنة. وجاء بالألواح ذكر العواصم والمدن الإقليمية والحصون والمدن الصغيرة والقرى، مع المعسكرات والأماكن المسورة (حاصور)، كما ذكرت أيضاً ري الحدائق ونبات البردي المزروع في جبيل، وكذلك النحاس والقصدير والفضة والعقيق والنقود، والكثير من الأشياء الثمينة، والتوت والزيتون والحنطة والسفن والمركبات.
وقد جاء في قائمة مهر عروس من ميتاني ما يأتي: “زوج من الخيل ومركبة مغشاة بالذهب والفضة ومزينة بأحجار كريمة، وطاقم الخيل مزين بنفس الطريقة” ويظهر بعد ذلك “زوج من صغار الجمال عليهما ثياب مزركشة ومطرزة بالذهب، واحزمة وأغطية للرأس مطرزة. ثم قوائم بالأحجار الكريمة وسرج للفرس مزين بنسور من الذهب، وعقد من الذهب الخالص والجواهر، وسوار من الحديد المغشى بالذهب وخلخال من الذهب الخالص وأشياء أخرى من الذهب، وأقمشة وفضيات ومزهريات من النحاس أو البرونز، وأشياء من اليشب وأوراق من الذهب.. ويلي ذلك خمس جواهر مصنوعة من حجر” الضوء العظيم “(لعله الماس)، مع زينات للرأس والأقدام وعدد من الأشياء البرونزية وطاقم للمركبات”.
وما جاء في سجلات تحتمس الثالث عن الغنائم التي جلبها من فلسطين، تؤيد تماما ما جاء بالألواح.
وتوضح النقوش البابلية أن ارتحال إبراهيم كان جزءا من حركة هجرة من الوطن الأم إلى إقليم على الحدود به نفس القوانين وقدر كبير من نفس الحضارة. وتوضح الصور المصرية المنحوتة أن فلسطين في أيام الآباء كان لها نفس القدر من الحضارة مثل مصر.
وما اكتشف عنه ألواح تل العمارنة بخصوص الحركات العرقية والتأثيرات الفعالة للأمم العظيمة التي كانت تحيط بكنعان، يبين أن هذه الأشياء التي تنم عن الأناقة والبراعة، لم تكن مجرد زخارف في تلك الحقبة من التاريخ، إلا موطنا لحضارة متقدمة.
وتقدم كل الألواح تقريبا الدليل القاطع على أن مصر كان لها السيادة الإمبراطورية على تلك البلاد من خلال حكومة إقليمية، ولكنها كانت قد أخذت في الاضمحلال في ذلك الوقت. وطريقة الكتابة المسمارية في الألواح على يد هذه المجموعة المتنوعة من الأشخاص من طبقات متباينة، والتي تكشف ضمنا عن وجود ثقافة أدبية راسخة منذ أمد بعيد، وعن انتشار واسع لمعرفة أسلوب للكتابة غاية في الصعوبة، كل هذا يثبت أن حضارة بابل كانت قائمة وراسخة قبل ظهور قوة مصر السياسية لتحل محل قوة بابل.
(2) موقف تاريخي شاذ: إن زوال سطوة بابل السياسية عن فلسطين (كما سبق القول)، يشير مباشرة إلى موقف تاريخي بارز كشفت عنه ألواح تل العمارنة، فقد كتبت رسائل مصر الرسمية بين إقليم كنعان البعيد وبين الحكومة الإمبراطورية في مصر، ليس بلغة مصر وكتابتها، بل بكتابة بابل وبلغة بابلية متطورة، وهي مرحلة واحدة من مراحل الصراع العظيم طويل الأمد بين الشرق والغرب، بين بابل ومصر. أما كنعان فكانت كالكرة بين أقدام الإمبراطوريتين. كما تكشف الألواح عما تؤكده النقوش البابلية، أي احتلال بابل سابقًا لكنعان احتلالا استمر حتى بداية عصر الآباء، مما أكسب كنعان طابعا بابليا، حتى إن الاحتلال المصري لها في عهد تحتمس الثالث، لم يستطيع أن يمحو الطابع القديم أو يخلع عليها طابعا جديدا.
(3) المراسلات الدبلومسية: تكشف لنا أيضاً ألواح تل العمارنة عن المراسلات الدبلوماسية الواسعة بين الأمم التي كانت تفصلها عن بعضها البعض مسافات شاسعة، كمصر في الغرب وبابل في الشرق، والميتاني في الشمال والحثيين في الشمال الغربي. فبالإضافة إلى العدد الكبير من الرسائل بين كنعان ومصر، يوجد عدد لا باس به من هذه الألواح الملكية: رسائل من “قادشمان بل” (Kadahman Bel) أو “كاليماسن” (Kallima Sin)، و “بورنا بورياس” (Burna – Burias) ملك بابل، واسور أوباليا (Assur – Uballiah) ملك أشور و “دوسراتا” (Dusratta) ملك الميتاني وغيرهم. ويبدو لأول وهله وجود بعض التفاهات في هذه المراسلات الدولية التي تكاد تشبه مراسلات الأطفال، حيث أميال جزءا كبيرا منها يدور حول زواج الأميرات ودفع المهور وتبادل الهدايا والامتيازات، ولكن قد يدهش الإنسان إذا علم بوجود مثل هذه الأمور في مراسلات الملوك في وقتنا الحاضر. والأنانية الواضحة التي تكشف عنها هذه الألواح من خلال التكالب المتزايد على الذهب، ما ليتنبأ إلا تعبير اقل دبلوماسية واكثر صراحة عن المساومات التجارية بين الأمم اليوم على المكاسب والتنازلات.
مشكلة شعب العبيري (الهبيري): أميال أهم القضايا الكتابية التي لها أهل تاريخية عظيمة في آلهة تل العمارنة، هي قضية شعب “العبيري” التي لم تجد لها حلا حتى الأموية، وذلك بسبب الاختلافات الجذرية العميقة في الآراء بين العلماء، رغم أميال كلا منهم يجزم برأيه في هذا الصدد.
(أ) من أول الآراء التي ظهرت، وما زال البعض يعتقونها بشدة، هو أميال القراءة الصحيحة لكلمة “هبيري” هي “عبيري” أي العبرانيين، ويؤيدون ذلك بالقول أميال الرسائل التي أشارت إلى شعب “الهبيري” كانت من وسط فلسطين وجنوبيها، وان “الهبيري” كانت لهم علاقة بجبل سعير، وأنهم كانوا معاصرين “ليافيع” ملك “جازر” و “يايين” ملك حاصور، وربما “ادوني صادق” ملك أورشليم، الذين كانوا معاصرين ليشوع، وان بعض تحركات بني إسرائيل وشعوب فلسطين التي ذكرها الكتاب المقدس، قد أوردتها أيضاً آلهة تل العمارنة أو أشارت إليه. وردا على هذا الذي، يمكن أميال نقول انه رغم أميال الرسائل التي تتحدث عن “الهبيري” جاءت كلها من وسط وجنوبي فلسطين، إلا إنتاج تنتمي تقريبًا إلى نفس زمن الرسائل العديدة المتعلقة بالحروب الشاملة في الشمال، وان عملية فصل مجموعة من الرسائل عن مجموعة أخرى فيها شيء من التعسف، وهكذا تخلق صورة ليس لها إلا ظل قليل من الحقيقة أو لا ظل لها بالمرة. ومن المحتمل أميال هذه الرسائل الجنوبية تشير إلى نفس الاضطرابات التي انتشرت من الشمال إلى الجنوب، مما يقضي على النظرية التي تقول أميال “الهبيري” هم العبرانيون في أهميتها يشوع، لان هؤلاء العبرانيين جاءوا من الجنوب الشرقي. إليهم الإشارة إلى جبل سعير فإشارة غامضة، ويبدو إنتاج تحدد مكانه في اتجاه جبل الكرمل. إليهم الإشارة إلى يافيع ملك جازر ويابين ملك حاصور، فلا تعني الكثير إذ يحتمل أميال هذه الأسماء كانت ألقابًا، أو لعله كان هناك ملوك كثيرون بنفس الاسم. إليهم عن اسم “ادوني صادق” فمن العسير القول بان اسم ملك أورشليم كان سيحظى بهذا القدر من الاهتمام، لولا الرغبة في إثبات أميال “الهبيري” هم ذاتهم “العبرانيون” في أهميتها يشوع، وبطريقة فيها الكثير من اللبس، ترجم اسم الملك بدلا من كتابته بحروفه كما هي في الأصل. فلو كان الاسم هو “ادوني صادق” حقًا، فلماذا لم يسجله كاتب الألواح كما هو بدلا من أميال يترجمه لفرعون باسم مختلف تمام بسبب معناه؟ إليهم الاتفاق الظاهري بين الرسائل وبين رواية الكتاب المقدس عن غزو إسرائيل لكنعان، فيفقد الكثير من أهميته عندما تستبعد اغلب هذه الاحتمالات المبنية على الأسماء ومسار الحروب.
(ب) لتفنيد الذي القائل بان شعب “الهبيري” هم أنفسهم العبرانيون، يمكن الاستشهاد ليس فقط بهذه التناقضات التي تتضمنها الحجة السابقة، بل أيضاً بدليل قاطع هو أميال الخروج من ارض مصر قد حدث في عهد الرعامسة أي ليس قبل الأسرة التاسعة عشرة، والأجزاء في زمان مرنبتاح الذي خلف رمسيس الثاني، وإطلاق اسم “رعمسيس” على إحدى مدن المخازن، لم يكن ليحدث قبل عهد الرعامسة. كما أميال الإعلان الإيجابي الذي سجله رمسيس الثاني: “لقد شيدت فيثوم” الذي لا يوجد ما ينقضه، والتوافق بين لوح مرنبتاج وإسرائيل وبين ما جاء في سفر الخروج، الذي يجعل السنة الخامسة لحكم مرنبتاح هي نفسها السنة الخامسة لقيادة موسى للشعب، كل هذه الأمور تجعل من الصعب جدا، بل من المستحيل، القول بان شعب “الهبيري” هو ذاته شعب العبرانيين.
(ج) وهناك رأى آخر يؤمن به البعض إيمانا قويا هو أميال الاسم هو “الهبيري” وليس “العبيري” وان الاسم يعني “الحلفاء”، فهو ليس أبدا اسم علم لشخص أو قبيلة. ومما يعزز هذا الذي، التأكد من وجود تحالف بين الاموريين وأخرين قبل هذا الوقت بقليل كما كشفت الألواح فيما يتعلق بالمنطقة الشمالية. كما أميال هذا الذي ييسر ترتيب الأحداث حسب التسلسل الزمني، والذي لا يتفق مع الذي القائل بان “الهبيري” هم “عبرانيو” الكتاب المقدس. ومع ذلك فهناك اقتناع عند الكثيرين من العلماء بان هذا الذي يعتسف في قراءة الاسم.
(د) ويقدم أحدهم ( “جرمياس” في كتابة: “العهد القديم في ضوء تاريخ الشرق القديم” 341) رايا آخر غاية في الإبداع، وهو أميال الاسم هو الهبيري “وانه يطابق نطق كلمة” العبرانيين “، فالاسمان متشابهان، ولكن الاسم كما جاء في آلهة تل العمارنة ليس اسم علم على الإطلاق، ولكنه يستعمل كصفة، كما نقرا عن” إبرام العبراني “أي” الغريب “أو” المهاجر “(تك 14: 13) وبذلك يكون معنى” الهبيري “هو” العبرانيون “أي” الغرباء “أو” المهاجرون “. وهكذا تظل القضية في حاجة إلى الحسم.
(ه) يكمن الحل النهائي للمشكلة في الاتجاه الذي يمزج الذي القائل بأنهم مجرد “غرباء” بالرأي القائل بأنهم “حلفاء”، فقد كان هناك بلا شك “حلفاء” في التآمر ضد مصر في زمن كتابة آلهة تل العمارنة، ولم تفلح حكومة مصر في نجدة الإقليم المحاصر بجيوش الأعداء ولكنها استسلمت في ضعف. وفي أثناء الفاصل الزمني بين كتابة الألواح وعصر مرنبتاح وبناء فيثوم، لم تقدر مصر ولا بابل ولا الدولة الشمالية، أميال تقيم حكومة قوية منظمة في فلسطين. كما انه في وقت دخول بني إسرائيل إلى كنعان، كثيرا ما ورد ذكر الحثيين والاموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين، فماذا ارتبط ذكرهم معا، ما لم يكونوا متحالفين بشكل ما؟ فليس من المستحيل حقيقة، بل انه لمن المحتمل جدا، أنه في أثناء فتح يشوع لأرض كنعان، كان هؤلاء الحثيون والاموريين والفرزيون وغيرهم من القبائل الفلسطينية، يشكلون نوعا من التحالف غير الوثيق كآخر مرحلة من “التحالف والتآمر” اللذين ظهرا بداية في العمليات الحربية الآمورية ضد حكومة مصر فلاماكن سجلتها آلهة تل العمارنة، وكان يطلق عليهم في الرسائل التي من الجنوب “الهبيري” أي “الغرباء” أو “المهاجرين”. وللفصل في مشكلة “الهبيري” لابد أميال ننتظر المزيد من الدراسة للأسماء ولمزيد من الاكتشافات للتاريخ المعاصر لتلك الفترة.
وتقدم رسائل أورشليم من المراسلات الجنوبية أمرًا له أهل كبيرة، لا علاقة له بقضية شعب “الهبيري”. وهذا الأمر هو إقرار ملك أورشليم مرارا كثيرة: “لم يكن أبي ولم تكن أمي هما اللذان أوصلاني إلى هذا المركز”، إذ يبدو أمل هذا يلقي ضوءًا على الوصف الغريب الذي وصف به “ملكي صادق”، أي ملك أورشليم في أهمية إبراهيم. والمعنى الواضح من هذه العبارة، هو أمل تاج ملك أورشليم لم يكن وراثيًا، ولكنه كان بالتعيين، وكان فرعون مصر هو الأيام يملك سلطة التعيين وفي هذه الحالة لم يكن للملك سلف ولا خلف من قومه، وهكذا وصف بتلك الأوصاف التي استخدمت في وصف كهنوت المسيا في الرسالة إلى العبرانيين (7: 3).
تَل القُلَف
في وادي يزرعيل لجهة الشمال من ينبوع حرود (قض 7: 1) ومن المحتمل أن يكون جبل داحي أو حرمون الصغير نحو 8 أميال إلى الشمال الغربي من جبل جلبوع وميل واحد جنوبي نايين.
تَل مِلْح
اسم عبري معناه “تل الملح” مكان في بابل رجع منه اليهود المسبيين هناك مع زربابل (عز 2: 59 نح 7: 61).
تل مورة
(قض 7: 1) محلة المديانيين والعمالقة قبل أن هجم عليهم جدعون. وكانت إلى الجهة الشمالية من وادي يزعيل وهو جبل الدحي. أما عين حرود فهي عين جالود وكانت محلة جدعون على المنحدر الشمالي الشرقي لجبل جلبوع بين قرية نوريس والعين. أما جبل الدحي فيعلو 1815 قدمًا على سطح البحر وهو بين تابور (جبل الطور) شمالًا وجلبوع (جبل فقوعة) جنوبًا.
التَلْم | الأتلام
الأخاديد الباقية بعد مرور المحراث في الأرض (1 صم 14: 14 واي 39: 10 ومز 65: 10 و129: 3) وقول أيوب تباكت أتلامها (أي 31: 38) وهذا كلام مجازي يدل على جرح الإحساسات من الظلم.
وهي في اغلب المواضع بنفس اللفظ “تلم” فملأت العبرية (أيوب 31: 38، 39: 10، مز 65: 10، هو 10: 4، 12: 11). و “التلم” هو الأخدود الذي يخلفه المحراث وراءه تهيئه للأرض لبذر البذار. وتستخدم الكلمة مجازيا أحيانا كما في: “أمل كانت ارضي قد صرخت على وتباكت أتلامها جميعا” (أيوب 31: 38)، وكان الأرض أن يبكي لتعاسة الآن. وكذلك في القول: “على ظهري حرث الحراث. طولوا أتلامهم” (مز 129: 3) تشبيها للجروح التي أحدثتها الجلدات على ظهره، بالأتلام التي يتركها المحراث في الأرض.
تَلْماي ابن عناق
اسم سامي معناه “خاص بالأخاديد أو الحرَّاث” ويرجّح أن تكون مشتقة من الكلمة الحورية “تلمًا” ومعناها “كبير”:
ابن عناق ويرجح أن يكون مؤسس قبيلة العناقيين (عد 13: 22) طرده كالب من حبرون (يش 15: 14 وقض 1: 10).
تَلْماي ملك جشور، أبو معكة زوجة داود
اسم سامي معناه “خاص بالأخاديد أو الحرَّاث” ويرجّح أن تكون مشتقة من الكلمة الحورية “تلمًا” ومعناها “كبير”:
ملك جشور وابنته معكة كانت إحدى زوجات داود وهي أم أبشالوم (2 صم 3: 3 و13: 37).
تِلمِيذ | تلاميذ
تشير هذه الكلمة في الكتاب المقدس إلى كل مَنْ اتبع معلمًا، مثل أشعياء النبي (اش 8: 16) ويوحنا المعمدان (مت 9: 14؛ لو 7: 18؛ يو 3: 25)، وكذلك للفريسيين (مت 22: 16، مرقس 2: 18، لو 5: 33) ولموسى (يو 9: 28). فالكلمة المقصود بها كل مَنْ يدرس أو يتعلم، وتُسْتَعْمَل عادة للدلالة على مَنْ يتبع معلمًا معينًا تمييزًا له عن المعلم نفسه (مت 10: 24، لو 6: 40)، وهي لا تعني قبول التعليم فحسب، بل والسير بمقتضاه في الحياة.
وتُسْتَعْمَل لكل المؤمنين الذين قبلوا تعاليم المسيح (مت 10: 42 ولو 14: 26 و27 و33 ويو 4: 1 و6: 66) وبنوع أخص من الرسل الاثني عشر (مت 5: 1 و8: 23 و10: 1 و12: 1 إلخ.):
(أ) ــ بالمعنى الواسع (مت 10: 42، لو 6: 17، يو 6: 66) وهي اللقب الوحيد لأتباع يسوع في الأناجيل.
(ب) ــ تستخدم بشكل خاص للدلالة على الاثني عشر (مت 10: 1، 11: 1، 12: 1.. إلخ.).
(ج) ــ تُطلق بعد صعود المسيح على كل من يعترفون بيسوع ربًا ومسيحاً (أع 6: 1 و2 و7، 9: 36). وقد “وَدُعِيَ التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلًا” (أع 11: 26).
التلاميذ الاثني عشر | الاثني عشر رسولًا
الاثني عشر تلميذًا (مت 10: 1، 11: 1، 12: 1.. إلخ.) هم تلاميذ السيد المسيح. ولاحظ أن السيد المسيح كان له تلاميذ كثيرين (لو 6: 13 – 16)، اختار منهم اثني عشر رسولًا.
والتلاميذ الـ12 هم:
“وَأَمَّا أَسْمَاءُ الاثْنَيْ عَشَرَ رَسُولًا فَهِيَ هذِهِ (إنجيل متى 10: 2 – 4):
اَلأَوَّلُ سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ Saint Peter،.
وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ Saint Andrew, brother of Peter.
يَعْقُوبُ بْنُ زَبْدِي Saint James, son of Zebedee،.
وَيُوحَنَّا أَخُوهُ Saint John, brother of James, son of Zebedee.
فِيلُبُّسُ Saint Philip،.
وَبَرْثُولَمَاوُسُ Saint Bartholomew.
تُومَا Saint Thomas،.
وَمَتَّى الْعَشَّارُ Saint Matthew.
يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى Saint James, son of Alphaeus،.
وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ (يهوذا) Saint Judas Thaddeus.
سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ Saint Simon the Zealot،.
وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي أَسْلَمَهُ. وبعد خيانة يهوذا الإسخريوطي Judas Iscariot، تم إحلال متياس الرسول Matthias محله، حسبما ذُكِرَ في (سفر أعمال الرسل 1: 26).
والاسم حسب كتب الإسلام: “الحواريون” أو “الحواريين”.
← اللغة الإنجليزية: The Twelve Apostles – اللغة القبطية: `m – piib? `n`apoctoloc.
* انظر أيضًا: السبعين رسولًا، سؤال: لماذا 12 تلميذ؟، كتاب الرسل الأطهار الاثني عشر تلاميذ السيد الرب – القمص أثناسيوس فهمي جورج، فلسطين.
تَلمُود
← اللغة الإنجليزية: Talmud – اللغة العبرية: תַּלְמוּד – اللغة اليونانية: Ταλμούδ.
اسم عبري معناه “تعليم”. يقسم هذا الكتاب إلى قسمين “المشنة” وهو الموضوع و “الجمارة” وهي التفسير. فالمشنة “التكرار” عبارة عن مجموعة من تقاليد اليهود المختلفة مع بعض الآيات من الكتاب المقدس. واليهود يزعمون بأن هذه التقاليد أعطيت لموسى حين كان على الجبل ثم تداولها هرون واليعازر ويشوع وسلموها للأنبياء، ثم انتقلت عن الأنبياء إلى أعضاء المجمع العظيم وخلفائهم حتى القرن الثاني بعد المسيح حينما جمعها الحاخام يهوذا وكتبها. ومن ثم صار هذا الشخص يعتبر عندهم جامعًا للمشنة والجمارة “التعليم” وهي مجموعة من المناظرات والتعاليم والتفاسير التي جرت في المدارس العالية بعد انتهاء المشنة. والتفاسير المسطرة مع المشنة نوعان يعرف أولهما بلتمود أورشليم وقد كتب بين القرن الثالث والخامس والذين كتبوه هم حاخمو طبرية، ويعرف الثاني بتلمود بابل وقد كتب في القرن الخامس. والتلمود يساعدنا كثيرًا فينا كثيرًا في درس تعاليم المسيح فإنه يفسر بعض الإشارات والاستعارات الموجودة فيها، مثلًا غسل الأيدي وقال المسيح للفريسيين أنهم يبطلون كلام الله بتقليدهم (مر 7: 1 – 13).
التلمود هو أحد الكتب القليلة جدًا، التي أمر يرد ذكرها كثيرًا، ولكن لا يعرفها إلا القليلون جدًا. فمازال الكثير من الغموض يحيط بالتلمود في العديد من الدوائر، فكثيرون من الناس لا يريدون أمل يتعرفوا عليه خشية الصعوبة في فهمه أو الملل منه، كما يبتغي آخرون حجب ما فيه من معلومات لأهواء مختلفة.
أولا ملاحظات تمهيدية وتفسير بعض المصطلحات:
(1) “المشنة” وهو “العقيدة غير المكتوبة، وتفسيرها” (وكلمة “مشنة” مأخوذة من الفعل “شنا” بمعنى يكرر أو يتعلم أو يعلم)، وهي على وجه الخصوص عبارة عن:
(أ) كل الناموس غير المكتوب الذي ظهر إلى حيز الوجود حتى نهاية القرن الثاني الميلادي.
(ب) تعليم أحد الحاخامات الذين عاشوا خلال القرنين الأولين للميلاد.
(ج) قد يطلق الاسم على إحدى العقائد أو مجموعة من العقائد.
(د) يطلق الاسم بشكل خاص على المجموعة التي جمعها الحاخام يهوذا الناسي في نهاية القرن الثاني الميلادي.
(2) “الجمارة”: وهو المادة موضوع الدراسة (والكلمة مأخوذة من جمار “بمعنى ينجز أو يتعلم). ويطلق هذا الاسم منذ القرن التاسع على مجموعة مناظرات” الامورايم “أي المعلمين الذين قاموا بمهمة التعليم من عام 200 إلى عام 500 بعد الميلاد.
(3) “التلمود”: ومعناه “الدراسة” أو “التعليم”. وقد استخدمت الكلمة في العصور القديمة للدلالة على مناظرات “الامورايم”، إليها الأميرات فتعني “المشنة” وما دار حولها من مناقشات وتفاسير.
(4) “هالاكاه: مأخوذة من كلمة” هالاك “بمعنى يذهب)، ويقصد بها:
(أ) الحياة المنضبطة بالناموس.
(ب) مبدأ تشريعي.
(5) هاجداه: (مأخوذة من كلمة “هيجيد” بمعني يخبر)، وهي التفسير الذي لم يرد في “الهالاكاه”.
ثانيا أهم التلمود:
المعروف عموما هو أمل التلمود عبارة عن مجموعة شرائع الناموس اليهودي، وبخاصة عند اليهود التقليديين أو الأرثوذكس (أي القويمى الحقيقي). فالتلمود هو المرجع الذي يرجع ألواحا اليهود في كل ما يتعلق بناموسهم، فمن أراد أمل يتبين دبسه الناموس اليهودي بخصوص حالة معينة أو نقطة أو قضية، عليه أمل يرجع أولًا إلى مختلف الكتب، ولكن غير مسموح له أمل يصدر حكمًا حاسمًا في الموضوع استنادا إلى التلمود وحده، ومن جهة أخرى لا يكون أي قرار صحيحًا إذا جاء مخالفًا لشيء في التلمود،. إليها اليهود المتحررون فيقولون انه رغم أمل التلمود شيء ممتع وله قيمته كعمل يهودي عريق، إلا انه في حد ذاته ليس مستندا أو أساسا للإيمان والحياة.
وللتلمود أهل عند المسيحيين وعند اليهود على السواء للأسباب الآتية:
بسبب اللغة، فقد استخدمت اللغة العبرية في كتابة أجزاء كثيرة من التلمود (وبخاصة في “الهاجداه”)، واستخدمت اللغة الأرامية الفلسطينية في التلمود الفلسطيني، والأرامية الشرقية في التلمود البابلي. كما يحتوي التلمود على كلمات من أصل بابلي وفارسي.
بسبب أهل للفولكلور والتاريخ والجغرافيا والعلوم الطبيعية والطبية والتشريع وعلم الآثار وفهم أسفار العهد القديم.
والتلمود يحتوي على الكثير جدا من الأمم التي تساعد على فهم العهد الجديد، ومن ها كانت أهل للمسيحيين.
ثالثًا: الناموس التقليدي حتى كتابة المشنة:
أمل الناموس الموجود في التوراة كان هو الناموس الوحيد المكتوب عند اليهود بعد رجوعهم من السبي البابلي. ولم يكن هذا الناموس في نظرهم كافيا لكل العصور، فتغير ظروف الحياة باستمرار يتطلب فرائض جديدة. ولا نعرف من الذي كان يصوغ هذه الفرائض، ولابد انه كانت هناك هيئة ما لصياغتها. إليها ادعاء الكثيرين بوجود “المجمع العظيم” مؤلفا من مائة وعشرين شخصًا بعد زمن عزرا، فهو ادعاء يعوزه البرهان. كما لا يمكن إثبات ما يزعمه اليهود التقليديون أو قويمو الحقيقي، من انه منذ أهمية موسى، كان يوجد جنبا إلى جنب مع الناموس المكتوب، ناموس آخر غير مكتوب مع كل التفسيرات والملاحق اللازمة للناموس المكتوب.
وكل ما أضيف إلى ناموس موسى، كان ينتقل شفاها على مدى زمن طويل، كما يقول يوسيفوس وفيلو. وتزايد حجم هذه المادة، جعل ترتيبها أما ضروريا. وقد يرجع ترتيبها حسب الموضوع، إلى القرن الأول الميلادي، إليها الترتيب الطقسى لها بحسب ناموس موسى، فقد يرجع إلى ما قبل ذلك (المدراش).
وقد كتبت مجموعة شاملة للقوانين التقليدية على يد الحاخام “اكيبا” (في الفترة من 110 – 135 م.) أمل لم يكن على يد عالم آخر قبله. وقد كان هذا العمل هو الأساس لعمل الحاخام مائير، وكان هذا بدوره الأساس للمشنة التي كتبها الحاخام يهوذا الناسي. وأقمشة التي لم تسند لأحد في هذه المشنة يغلب أنفسهم تعكس أراء الحاخام مائير نفسه.
ولم يسجل أسلاف الحاخام يهوذا الناسي على ما نعلم مجموعاتهم كتابة (ويسمى يهوذا هذا عادة “بالقديس” أو “الأمير”). وينكر الكثيرون بالفعل وبخاصة حاخامات الألمان والفرنسيين في العصور الوسطى أمل الحاخام يهوذا قد دون المشنة التي جمعها. ويحتمل أمل تكون حقيقة الأمر أمل الناموس التقليدي لم يستخدم فملأت صورة مكتوبة لأغراض التعليم أو في اتخاذ القرارات في موضوعات الناموس، ولكن المجموعات المكتوبة ذات الطابع الخاص، مجموعات الملاحظات والتعليقات، يبدو أنفسهم كانت موجودة فعلا من قبل.
رابعًا: أقسام ومحتويات المشنة:
تنقسم المشنة ( ومن ثم التلمود أيضًا) إلى ستة أقسام أو أجزاء رئيسية، تدل أسماؤها على محتوياتها الأساسية، وهي: “زراعيم” وتعني الزراعة، “مواعيد” وتعني الأعياد، و “ناشيم” وتعني النساء، و “نزيكين” وتعنى القانون المدني والجنائي، و “قوداشيم” وتعنى الذبائح، و “طهاروت” وتعني الأشياء النجسة وتطهيرها.
وتنقسم الأقسام الستة إلى أبواب، هي حاليا ثلاثة وستون بابا. كما تنقسم الأبواب إلى فصول والفصول إلى فقرات.
ومن المعتاد عندما نستشهد بالمشنة أمل نذكر الباب والفصل والفقرة محل الحديث. ويتم الاقتباس من التلمود البابلي بذكر الباب والصفحة، إليها فملأت التلمود الفلسطيني فعادة ما يذكر الفصل أيضًا. واليك موجزا عن هذه الأقسام:
القسم الأول: “زراعيم” أي “الزراعة”، وتشمل أحد عشر بابا:
الباب الأول: “براكوت” أي “منح البركات”: “اسمع يا إسرائيل” (تث 6: 4) وفيه ثماني عشرة بركة، منها طلب البركة على الطعام، وصلوات أخرى.
الباب الثاني: “بياه” أي “زاوية” الحقل (لا 19: 9 و10، تث 24: 19 21).
الباب الثالث: “دماي” أي “المشكوك فيه” وهو عن الثمار المشكوك في أمرها (حنطة وخلافة) التي لم يتأكد دفع حق الكهنة فيها في السنة المحددة، وكذلك دفع العشر الثاني في السنة المعينة.
الباب الرابع: “كيلابيم” ومعناها “غير المتجانس” أي الأشياء الممنوع خلطها أو الجمع بينها (لا 19: 19، تث 22: 9 و10).
الباب الخامس: “شبعيت” أي “السنة السابعة”، السنة السبتية (خر 23: 11، لا 25: 1 7). وشميتا أي “الإبراء” (تث 15: 1 6).
الباب السادس: “تريموت” أي “رفائع القرابين” للكهنة (عد 18: 8 20، تث 18: 4).
الباب السابع: “معشروت” أو “معشر ريشون” أي “العشر الأول” (عد 18: 21 24).
الباب الثامن: “معشر شاني” أي العشر الثاني (تث 14: 22 27).
الباب التاسع: “هالاه” أي تقدمه رفيعة العجين (عد 15: 18 21).
الباب العاشر: “عرله” أي “غرلة” أشجار الفاكهة في أثناء السنوات الثلاث الأولى (لا 19: 23).
الباب الحادي عشر: “بيكرويم” أي باكورات ثمار الأرض (تث 26: 1 11، خر 23: 19).
القسم الثاني: “مواعيد” أي الأعياد ويحتوي على اثني عشر بابا:
الباب الأول: “شبت” أي “السبت” (خر 20: 10، 23: 12، تث 5: 14).
الباب الثاني: “اروبين” أي “المخلوطات” أو المزج النموذجي للمواقع بغرض تيسير حفظ قوانين السبت.
الباب الثالث: “فصحيم” أي “الفصح” (خر 12، لا 23: 5 8، عد 28: 16 25، تث 16: 10). والفصح الثاني (عدد 9: 10 14).
الباب الرابع: “شقليم” أي “الشواقل” للهيكل 0 انظر نح 10: 33، خر 30: 12 16).
الباب الخامس: “يوما” أي “يوم” الكفارة (لا 16).
الباب السادس: “سوقاه” أي “خيمة أو مظلة” وهو عيد المظال (لا 23: 34 36، عدد 29: 12 16، تث 16: 13 15).
الباب السابع: “بيتسا” أي “بيضة” أو “العيد” للتمييز بين السبت وسائر الأعياد (انظر خر 12: 10).
الباب الثامن: “روش ها شنه” أي “راس السنة” وهو أول يوم من شهر تشري (لا 23: 24 و25، عد 29: 1 و2).
الباب التاسع: “تعنيت” أي “الصوم”.
الباب العاشر: “مجلة” أي “درج” أو سفر استير و “عيد الفوريم” (استير 9: 28).
الباب الحادي عشر: “موعيد قفطن” أي “العيد الصغير” أو “مشكين”. وهي الأيام التي تقع بين أول يوم وأخر يوم من أعياد الفصح والأسابيع والمظال.
الباب الثاني عشر: “هجيجه” أو “الحجيج” أو “تقدمه العيد” ويه الشرائع المتعلقة بثلاثة أعياد الحج التي كانت تستلزم السفر إلى الهيكل وهى الفصح والأسابيع والمظال (انظر تث 16: 16 و17).
القسم الثالث: “ناشيم” أي “النساء” وفيه سبعة أبواب:
الباب الأول: “بياموت” أي “زوجة الأخ” أي شريعة زواج الأخ بزوجة أخيه المتوفى دون نسل (تث 25: 5 10، راعوث 4: 5، انظر مت 22: 24).
الباب الثاني: “كتبوت” أي “وثائق الزواج”.
الباب الثالث: “ندهاريم” أي “النذور” ونقضها (عد 30).
الباب الرابع: “نذير” أي “النذير” (عدد 6).
الباب الخامس: “حطين” أي كتب الطلاق (تث 24: 1، انظر مت 5: 31).
الباب السادس: “سوتاه” أي الماضي المشكوك في أمانتها لزوجها (عدد 5: 11 28).
الباب السابع: “فدوشين” أي الخطبة.
القسم الرابع: “نزيكين” أي “الخسائر” وفيه عشرة أبواب:
الأبواب الأول والثاني والثالث: “باباكما”، “بابامتسيا”، “باباباترا” ومعناها على الترتيب: الباب الأول والباب الثاني والباب الأخير. وكانت كلها في العصور القديمة كتابا واحدا اسمه “نزيكين” ويشمل: “أ) الخسائر والإصابات والمسئولية عنها. (ب، ج) حق الملكية.
البابان الرابع والخامس: “سنهديم” أي “محكمة العدل”، “وماكوت” أي “الضربات” (تث 25: 1 16، انظر 1 كو 11: 24). وكانا في العصور القديمة كتابا واحدا باسم “القانون الجنائي والإجراءات الجنائية”.
الباب السادس: “شبهواوت” أي “القسم أو الحلف” (لا 5: 1 4).
الباب السابع: “ادهويوت” أي “شهادات” المعلمين اللاحقين للآراء المراجع السابقة.
الباب الثامن: “عبوده زارا” أي “عبادة الأوثان” أو المتاجرة مع عابدي الأوثان والاتصال بهم.
الباب التاسع: “ابهوت” أي (أقوال) “الآباء” أو أقوال “التانايم”.
الباب العاشر: “هورايوت” أي “القرارات” (الخاطئة)، وذبيحة الخطية التي تقدم في مثل هذه الحالة (لا 4: 13 35).
القسم الخامس: “قداشيم” أي “الأشياء المقدسة” وفيه أحد عشر بابا:
الباب الأول: “ذبيحيم” أي الذبائح (لا 1: 2 4: 17).
الباب الثاني: “مناحوت” أي “قرابين التقدمة” (لا 2: 5 و11 14، 6: 14 23، عد 5: 15 و16).
الباب الثالث: “حلين” أي “الأشياء العادية” أو غير المقدسة. وذبح الحيوانات والطيور للاستخدام العادي.
الباب الرابع: “بكوروت” أي “الأبكار” (خر 13: 2 13، لا 27: 26 و27 و32، عدد 8: 6 18).
الباب الخامس: “عراكين” أي “التقويمات”، تقويم الأشخاص والأشياء التي أفرزت لله (لا 27: 2 25).
الباب السادس: “تموراه” أي استبدال رأي غير مقدس بشيء مقدس (انظر لا 27: 10 و33).
الباب السابع: “كيريتوت” أي “قطع أو بتر” وهي عقوبة القطع من شعب إسرائيل (تك 17: 14، خر 12: 15 إلخ.).
الباب الثامن: “مفيلة” أي “عدم الأمانة” كما فملأت الأشياء المقدسة والاختلاس (عد 5: 6 10، لا 5: 15 و16).
الباب التاسع: “تاميد” أي الذبيحة اليومية الدائمة صباحا ومساء (خر 29: 38 46، عدد 28: 3 8).
الباب العاشر: “ميدوت” أي مقاسات الهيكل.
الباب الحادي عشر: “قنيم” أي “أعشاش” أو ذبيحة اليمامتين أو فرخي الحمام (لا 1: 14 17، 5: 1 10، 12: 6 8).
القسم السادس: “طهاروت” وهو عنوان مهذب للدلالة على الأشياء النجسة، وفيه اثنا عشر بابا:
الباب الأول: “كيليم” أي “الأواني والمتاع” (لا 6: 20 و21 و11: 32 35، عدد 19: 14 18، 31: 20 24).
الباب الثاني: “أوهولوت” أي الخيام أو تنجيسها من جثة شخص أو جزء منها (عدد 19: 14).
الباب الثالث: “نجايم” أي البرص (لا 13: 1 14: 57).
الباب الرابع: “باراه” أي “العجلة الحمراء” واستعمال الرماد المتخلف عن حرقها في التطهير (عدد 19: 2 5).
الباب الخامس: “طهاروت أي الأشياء الطاهرة، وتستخدم للدلالة على الأشياء النجسة.
الباب السادس: “ميقواؤت” أي الاستحمام بالماء (لا 15: 12 و13، عدد 31: 23 و24، لا 14: 8 و9، 15: 5، انظر مرقس 7: 4).
الباب السابع: “نداه” أي السيل والطمث (لا 15: 19 31، لا 12: 1 8).
الباب الثامن: “ماكشيرين” أو “المجهزون”، أو “ماشقين” أي “سوائل” ( وهي السوائل السبعة: الخمر والعسل والزيت واللبن والندي والدم والماء) التي يمكن أمل تنجس الحنطة وغيرها (لا 11: 34 37).
الباب التاسع: “زابيم” أو الأشخاص ذوو السيل (لا 15).
الباب العاشر: “تبهول يوم” أي “الشخص الذي استحم حسب الطقوس في أثناء النهار” ويكون نجسا إلى المساء (لا 15: 5، 22: 6 و7).
الباب الحادي عشر: “يدهاييم” أي “الايدي” نجاسة الايدي وتطهيرها حسب الطقوس (انظر مت 15: 2 20، مرقس 7: 2 23).
الباب الثاني عشر: “أو قصين” أي “السيقان” نقل النجاسة طقسيا عن طريق سيقان وقشور النباتات.
خامسًا: التلمود الفلسطيني:
ويسمى أيضًا تلمود “بروشالمي” أي “تلمود أورشليم”، وهو أيضًا مؤلف قديم ولكنه غير دقيق. وهو يشتمل على مناقشات المعلمين الفلسطينيين الذي قاموا بمهمة التعليم من القرن الثالث الميلادي حتى بداية القرن الخامس، ولا سيما في مدارس أو جامعات طبرية وقيصرية وسفوريس،. وتحتوي مخطوطة ليدن (يوجد القليل جدا من الأبحاث في المخطوطات الأخرى) على أربعة “صدريم” (1 4) وجزء من “النده”، ولا نعرف ما إذا كانت المؤلفات الأخرى قد احتوت في أي وقت على “جمارا” فلسطينية، إليها “المشنة التي يقوم عليها التلمود الفلسطيني” فيقال أنفسهم موجودة في مخطوطة رقم (1 470. Add) بمكتبة جامعة كمبردج فألواح إنجلترا. إليها “الادهويوت” (الشهادات) و “الابهوت” (الأقوال) في التلمود الفلسطيني أو البابلي، فلا تحتوي على “جمارا”. ويمكننا ذكر بعض أسماء أشهر المعلمين الفلسطينيين:
الجيل الأول: حنانيا بن حما، ياناي، يوناثان، أوشعيا، يشوع بن لأوي.
الجيل الثاني: يوحانان بن نباها، سمعان بن لخيش.
الجيل الثالث: صموئيل بن نحمان، اليعازر بن بدات، اباهو، زئيرا.
الجيل الرابع: ارميا، احا، ابين الأول، يهوذا، هونا.
الجيل الخامس: “يونان، فنحاس، برخيا، يوسف بن ابين، مانى الثاني، تنهوما.
سادسًا: التلمود البابلي:
ظهر التلمود البابلي بعد التلمود الفلسطيني، وهو أكبر منه حجمًا، كما انه يعتبر مرجعًا أقوى عند اليهود. وفى قسمه الأول (أو “صدره” الأول)، يحتوي “البراكوت” فقط على “الجمارا”. إليها “الشكليم” في القسم الثاني فيوجد بالمخطوطات وبالنسخ المطبوعة “الجمارا” الفلسطينية. ولا يحتوي “الميدوت” و “القنيم” في القسم الخامس على “الجمارا البابلية”. وكانت اعظم الجامعات اليهودية في بابل في نهارديا وصورا وبامبيدتيا ومحوزة. ويعد من اعظم المعلمين البابليين:
الجيل الأول: أبا اريخا حاخام صورا (247م)، مارصموئيل في نهارديا (254م).
الجيل الثاني: الحاخام هونا والحاخام يهوذا (بن حزقيال).
الجيل الثالث: الحاخام حسدا، والحاخام شيشت والحاخام نحمان (بن يعقوب)، ورباح بن حنا رواي القصص، رباح بن نحماني، الحاخام يوسف (323م).
الجيل الرابع: اباي، رايا (بن يوسف).
الجيل الخامس: الحاخام بابا.
الجيل السادس: اميمار، والحاخام اشي.
سابعا المؤلفات الصغيرة غير المعترف بها والتوسفتا:
نجد في طبعة التلمود البابلي بعد الجزء الرابع بعض الرسائل التآمر لا تخلو من بعض الفائدة، رغم أنفسهم لا تنتمي إلى التلمود ذاته:
(أ) الرسائل بعد الجزء الرابع:
“ابهوت” أو “أقوال” الربي ناثان، وهي ملحقة ببحث عن “الابهوت”. طبعة س. شيختر فينا 1887 م.
سوفريم “، طبعة يوئيل مولر، ليبزج، 1878.
“ابهل راباتي” أي “النوح” أو للتخفيف “سيماحوت” أي “الأفراح”.
“كالا” أي العروس.
“طيرق اريص” أي “طريق العالم” أو “الرحيل”، الكبير والصغير.
(ب) سبع رسائل تلمودية صغيرة: وهي سفر التوراة، والنيروزه، التفلين، وصيصيت، أبهادم، كتيم (السامريين)، جريم (الدخلاء).
التوسفتا
وهي عمل مواز لمشنة الحاخام أكيبا. ويُقال أنفسهم تمثل أراء الحاخام نحميا، تلميذ الحاخام اكيبا. ويرى البعض أن التوسفنا تحتوي على بقايا المشناة الفلسطينية القديمة، وأن العمل المعروف بالمشنة هو نتاج تنقيح حديث تم في بابل.
تِمنَاع ابنة سعير
اسم عبري معناه “صدٌّ”:
ابنة سعير وأخت لوطان أصبحت سرية لاليفا ابن عيسو عمليق (تلك 36: 12 و22 و1 أخبار 1: 39).
تِمنَاع أمير أدوم
اسم عبري معناه “صدٌّ”:
اسم أمير من أمراء أدوم (تك 36: 40 و1 أخبار 1: 16 و15).
مدينة تِمْنة في جبال يهوذا
← اللغة الإنجليزية: Timnah – اللغة العبرية: תל בטש – اللغة اليونانية: – اللغة القبطية: e) amna0a.
اسم عبري معناه “القسم المعين”:
مدينة في جبال يهوذا إلى جنوبي حبرون (يش 15: 57) وربما يكون هذا هو المكان الذي التقى فيه يهوذا بكنته ثامار (تك 38: 12 – 14) وكانت قريبة من جبعة واسمها الحديث تبنة وتتصل بعدلام وعينايم على بعد 4 أميال شرقي بيت نتيف.
مدينة تِمْنة بجانب بيت شمس
← اللغة الإنجليزية: Timnah – اللغة العبرية: תל בטש – اللغة اليونانية: – اللغة القبطية: e) amna0a.
اسم عبري معناه “القسم المعين”:
مدينة على حدود الأراضي التي خضعت ليهوذا وليست بعيدة عن بيت شمس (يش 15: 10) وأعطيت بعد ذلك لسبط دان (يش 19: 43) وكان يقطنها الفلسطينيون وهي بلدة امرأة شمشون (قض 14: 2) وأخذها أيضًا الفلسطينيون في حكم أحاز (2 أخبار 28: 18) وهي خربة تدعى تبنة وتقع على بعد نحو 3 أميال جنوب غربي بيت شمس.
مدينة تِمْنة القريبة من بيت إيل
← اللغة الإنجليزية: Timnah – اللغة العبرية: תל בטש – اللغة اليونانية: – اللغة القبطية: e) amna0a.
اسم عبري معناه “القسم المعين”:
مدينة قريبة من بيت آيل، وبنى السوريون حصنًا فيها في أيام يوناثان المكابي (1 مكا 9: 50)، والتي يرجح أنها مدينة أخرى ذكرها يوسيفوس. وربما هي نفس تمنة سارح، أو “تبنة” الواقعة على بعد عشرة أميال إلى الشمال الغربي من بيت إيل، وهي الآن أطلال ممتدة.
مدينة تِمْنة سارح
اسم عبري معناه “نصيب وافر” وتمنة حارس “نصيب من الشمس” (قض 2: 9) وهي مدينة على جبل أفرايم في الجانب الشمالي من جبل جاعش أعطيت ليشوع فبناها ودفن فيها (يش 19: 50 و24: 30) ويرجح أن تكون هي تبنة التي تقع على مسافة 12 ميلًا شمال شرقي اللد.
تِمْني
أحد سكان تمنة حمو شمشون (قض 15: 6).
الإله تَمُّوز
Tammuz إله الباليين الذين يسمونه دوموزي وكان اسمه الكامل بالشمومرية دوموزيد ابزو Dumuzid (الابن الأمين لمياه المحيط الجنوبي) ويسم أيضًا في كتب العبادة الشومرية ساتاران (رب الشفاء). وكان البابليون والآشورين والفينيقيون والفلسطينيون يعبدون تموز وأطلق اسمه على الشهر الرابع من السنة السامية. وكان تموز زوجًا لأخته الإلهة عشتر (عشتاروت) وملكًا في الأرض السفلية كما أنه كان إله المرعى وحامي القطعان وحارسها، ومن ثم لقب بالراعي وكانوا يتصورون أنه يموت سنويًا ثم يعود إلى الحياة مع السنة الجديدة. وتقول الأسطورة أنه بينما كان يموت في الأرض السفلية توقفت الحياة على ظهر الأرض ثم على ظهر الأرض ثم اخترقت عشتر الدنيا السفلية ومنحته الشفاء. وترمز هذه الأسطورة إلى موت النباتات في حرارة الصيف وعودتها إلى الحياة في الربيع. ورأى حزقيال في رؤياه أن النساء اليهوديات كن جالسات على الباب الشمالي من الهيكلمالي من الهيكل نائحات على الإله تموز (حز 8: 14). وأشار كيرلس الإسكندري وإيرونيموس أن السوريين كانوا يحتفلون سنويًا بتقديم العبادة في شهر يونية لأدونيس، وكانت النساء تنوح على موته وهم يحتفلون بعودته إلى الحياة ويدعى الشهر البابلي الرابع (يونيو ويوليو) تموز باسم هذا الإله.
اسم أحد آلهة الفينيقيين، وكان أصلًا إله الشمس عند السومريين والبابليين، وكانوا يسمونه “دوموزو” (أي الابن الحقيقي). وكان اسمه الكامل في السومرية هو “دموزيد ابزو” (أي الابن الحقيقي لمياه المحيط الجوفي)، كما كان يسمى في كتب العبادات السومرية “ساتاران” (أي رب الشفاء).
وكان دوموزي عند السومريين زوجًا لعشتاروت وأخاها، وعشتاروت تقابل “أفروديت” عند اليونان، وقد دخلت عبادتها إلى سورية منذ العصور الأولى تحت اسم “تموز وعشتاروت” وتظهر قصتهما عند اليونان في أسطورة “أدونيس وافروديت” وهما يقابلان “أوزوريس وإيزيس” عند قدماء المصريين، مما يدل على انتشار تلك العبادة في العالم القديم.
وتصور الأسطورة البابلية “دوموزو” Dumuzi أو “تموز” في صورة راعٍ جميل قَتَلَهُ خنزير بري (يرمُز للشتاء)، فناحَت عليه عشتاروت طويلًا، ونزلت إلى العالم السفلي لتخلصه من قبضة الموت. وكان البابليون يحتفلون بالنوح على “تموز” ببكاء النساء عليه في اليوم الثاني من الشهر الرابع الذي أطلق عليه اسم “تموز”،. ويشير الكتاب المقدس إلى هذه العادة في الموضع الوحيد الذي يذكر فيه اسم “تموز” (حزقيال 8: 14). وكانت “جبيل” (بابلوس) مركز هذه العبادة في فينيقية، إلى الجنوب من مصب نهر أدونيس (نهر إبراهيم) الذي ينبع من نبع أفيقا العظيم، حيث كان يوجد معبد فينوس أو أفروديت الذي مازالت أطلاله موجودة. وقد اعتادت نساء جبيل الذهاب إلى ذلك المعبد في منتصف الصيف للاحتفال بذكرى موت أدونيس أو تموز. وكانت هذه الاحتفالات تتسم بطقوس من الدعارة والفجور، جعلت منها عبادة شائنة حتى منعها قسطنطين الكبير.
واسم “أدونيس” المعروف به “تموز” عند اليونان ما هو إلا الاسم الفينيقي “أدون” وهو نفس الاسم العبراني. ويرمز موته إلى الصيف الطويل الجاف اللافح الحرارة في سورية وفلسطين، عندما تجف كل خضرة وتحترق في حرارة الشمس المحرقة. وتمثل عودته إلى الحياة، فصل الأمطار حين ترتوي الأرض وتكتسي ببساط سندسي من الخضرة والزهور المتنوعة الأشكال والألوان. أو أن موته يرمز إلى الشتاء البارد الزمهرير (وهو الخنزير في الأسطورة)، وتمثل عودته للحياة الربيع بكل روعته وبهائه.
ونظرا لما كان يصاحب عبادته من طقوس الدعارة والفجور، اعتبر حزقيال رؤيته للنسوة الجالسات في مدخل بيت الرب الذي من جهة الشمال، تبكين على تموز، من أعظم الرجاسات التي تدنس البيت المقدس.
النسوة الباكيات على الإله تموز
Women Who Wept for Tammuz ذكر حزقيال النبي الإله تموز للمرة الوحيدة في الكتاب المقدس في (سفر حزقيال 8: 14)، حيث كان البابليون يحتفلون بالنوح على “تموز” ببكاء النساء عليه في اليوم الثاني من الشهر الرابع الذي أطلق عليه اسم “تموز”،. وهذه العادة هي ما يشير إليها الكتاب المقدس هنا.
وكانت “جبيل” (بابلوس) مركز هذه العبادة في فينيقية، إلى الجنوب من مصب نهر أدونيس (نهر إبراهيم) الذي ينبع من نبع أفيقا العظيم، حيث كان يوجد معبد فينوس أو أفروديت الذي ما زالت أطلاله موجودة. وقد اعتادت نساء جبيل الذهاب إلى ذلك المعبد في منتصف الصيف للاحتفال بذكرى موت أدونيس أو تموز. وكانت هذه الاحتفالات تتسم بطقوس من الدعارة والفجور، جعلت منها عبادة شائنة حتى منعها قسطنطين الكبير.
التُميم
وهي تعني “الكمالات” وتُذْكَر دائمًا مع “الأوريم”؛ فَيُقال دائمًا “الأوريم والتميم”، وكانا يوضعان فألواح صدوره رئيس الكهنة التي تسمى صدره القضاء (خر 28: 30، لا 8: 8). ولا نعلم تمامًا ماذا كانا ولا كيف يُسْتَخْدَمان.
تَنْحُومَث النطوفاتي
اسم عبري معناه “تعزية”.
وتنحومث النطوفاتي هو أبو سرايا أحد الرؤساء الذي كانوا تحت وكالة جدليا (2 مل 25: 23 وار 40: 8). وسرايا كان أحد رؤساء جيوش يهوذا الذين تركهم نبوخذنصر ملك بابل في يهوذا مع جدليا الذي أقامه بنوخذنصر واليًا على يهوذا (2 مل 25: 23، ارميا 40: 8).
التَنّور
اللفظ العبري لتنور شبيه باللفظ العربي. والتنور (جمعه تنانير) عبارة عن بناء من الحجر أو الفخار أو اللبن يخبز فيه الخبز (خر 8: 3 ولا 2: 4) وأحيانًا ما كان من الممكن أن يحمل تنور صغير يرجح أنه كان مصنوعًا من الفخار من مكان إلى آخر (تك 15: 17) وأحيانًا ما كانت النساء من عدة أسر يستخدمن تنورًا واحدًا كبيرًا (لا 26: 26).
وكان التنور يوقد بعيدان من الحطب أو العشب المجفف (مت 6: 30) أما داخل التنور فأسود بسبب الدخان الصاعد منه (انظر مراثي 5: 10) وتشير حرارة التنور واشتعال اللهب فيه إلى الغضب (هو 7: 6) وإلى الشهوة (هو 7: 4) وإلى هلاك الناس (هو 7: 7) وإلى دينونة الله (مز 21: 9 واش 31: 9 وملا 4: 1).
التَنّين | التنانين
(اي 7: 12) جاء في الكتاب المقدس أن الله خلق في اليوم الخامس التنانين (تك 1: 21) وهذه الكلمة لا تشير إلى جنس مخصوص من الحيوانات إنما يقصد بها أكبر الزحافات سواء أكانت برية أم بحرية (مثل المذكور في قصة يونان) ويعني بالتنين في العهد الجديد “الحية القديمة المدعوة الشيطان” (رؤ 12: 3 و20: 2) ويصور التنين رمزيًا بلون أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان وذنبه طويل وله فم كبير قادر أن يلقي منه ماء نهر وراء من يريد إهلاكه (رؤ 12: 13 – 16 وص 16: 13) وطرح من السماء إلى الأرض حيث اضطهد الكنسية وأخيرًا قبض عليه وسجن في الهاوية (12: 7 – 17 و20: 3) ويشبه التنين في بعض الوجوه الوحش الوارد ذكره في ص 13 وهذا الوحش مركب من أربعة وحوش كالتي ذكرها دانيال وتمثل الأربعة اتحاد أربع قوات على الأرض ضد مملكة الله (دا 7: 7).
أول مرة تذكر فيها كلمة “التنانين” (وهي بنفس اللفظ في العبرية) في الكتاب المقدس، جاءت في القول: “فخلق الله التنانين العِظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التي فاضت بها المياه كأجناسها (تك 1: 21)، وهي تدل على جنس معين من الحيوانات، إنما تشير إلى الزحافات الضخمة بحرية كانت أو برية بما في ذلك الديناصورات المنقرضة، والوحوش البحرية أو الثعابين الضخمة (أيوب 7: 12، مز 148: 7). ويقول المرنم:” أنت شققت البحر بقوتك، كسرت رؤوس التنانين على المياه “(مز 74: 13). كما يقول اشعياء:” في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد لوباثان الحية الهاربة، لوباثان الحية المتحوية، ويقتل التنين الذي في البحر “(أش 27: 1)،” استيقظي.. يا ذراع الرب.. الست أنت القاطعة رهب، الطاعنة التنين “؟ (أش 51: 9). كما يقول ارميا:” اكلني أفناني نبوخذراصر ملك بابل.. ابتلعني كتين “(ارميا 51: 34)،. ويزعم البعض (كين وجنكل وغيرهما) انه في هذه المواضع الأربعة الأخيرة، توجد إشارة إلى الأسطورة البابلية عن خلق العالم، والصراع بين” مردوخ وتيمات “، ولكنه زعم لا يقوم على أي أساس. فأننا نعرف من العدد الرابع من المزمور السابع والثمانين، أمل” رَهَب “تدل على قطر معين. إليها ما جاء في المزمور (74: 13)، فيشير إلى شق البحر الأحمر أمام الشعب عند خروجهم من مصر، وكيف كسر الرب فرعون ورؤساءه على المياه. إليها ما يقوله اشعياء (27: 1) عن” لوياثان الحية الهاربة “و” لوياثان الحية المتحوية “و” التنين الذي في البحر “، فإنما يشير إلى بابل وفارس ومصر.
ويتكرر ذِكْر “التنين” في سفر الرؤيا ثلاث عشرة مرة (رؤ 12: 3 و4 و7 مرتين، 9: 13 و16 و17، 13: 2 و4 و11، 16: 13، 20: 2)، وواضح من هذه الشواهد أمل المقصود به هو “إبليس”، حيث نقرأ: “فَطُرْحَ التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يظل العالم كله” (رؤ 12: 9)، “فقبض على التنين الحية القديمة الذي هو إبليس والشيطان وقيده ألف سنة” (رؤ 20: 2). ويوصف في الإصحاح الثاني عشر بالرأي “تنين عظيم احمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان” (رؤ 12: 3). ونفهم مما جاء في نبوة دانيال (7: 7 و20) أمل في ذلك إشارة إلى الشيطان عاملا في قوة عالمية سيسخرها لإتمام مقاصده، ولكنه سيطرح إلى الأرض ثم يقبض عليه ويقيد ألف سنة، وأخيراً سيطرح في بحيرة النار (رؤ 12: 9، 20: 2 و15).
عين التنين
اسم نبع أو بئر كانت في أورشليم، ويرجح أنفسهم كانت في وادي هنوم حيث يذكر نحميا انه خرج من “باب الوادي ليلا أمام عين التنين إلى باب الدمن” لكي يفحص أسوار أورشليم المنهدمة وأبوابها التي أكلتها النار (نح 2: 13). ولا يعرف موقعها الأمور. ويترجم فبالإضافة بعض الترجمات الإنجليزية “بعين الذئب”، ويرون انه سمي كذلك بالنسبة للذئاب التي كانت ترتاد ذلك الوادي لالتهام الجثث التي كان يلقي بها هناك.
توأم | متئم
وتأتي “توام” في العهد القديم عن نفس اللفظ فبالإضافة العبرية “توام” بمعني أحد اثنين ولدا في بطن واحدة: “فعندما كملت أهميته رفقة لتلد إذا في بطنها توأمان” (تك 25: 24). وكذلك قبل عن “ثامار” كنة يهوذا بن يعقوب: “وفي وقت ولادتها إذا في بطنها توأمان” (تك 38: 27). كما في نشيد الإنشاد: “كخشفتيّ ظبية توأمين” (4: 5، 7: 3).
وكلمة “متئم” (نش 4: 2، 6: 6) تعني التي تضع توأمين في بطن واحدة، وتأتي الكلمة في الموضعين في وصف أسنان العروس المحبوبة، مما يجعل المعنى المقصود أمكن أسنانها كاملة كل سن في الفك العلوي تقابلها أختها في الفك السفلى.
تاب | يَتوب | التوبة
(حز 14: 6 ومت 9: 13) أول التوبة تغيير في الفكر يصحبه أسف وندامة على عمل شيء ما كان يتمنى عامله عدم وقوعه ولكنه يمكن وقوع الندامة لسبب نتائج الخطية بدون قصد تركها كما جاء عن يهوذا أنه ندم على ما عمل (مت 27: 3) وكما ورد أيضًا في عب 12: 17 أن عيسو لم يجد مكانًا للتوبة مع أنه طلبها بدموع وذلك بعد حادثة مباركة اسحق ليعقوب دونه (تك 27: 24 – 40) وأما التوبة للحياة فهي الحزن والندامة على ارتكاب الشر والابتعاد عن الخطية وبغضها وبذل الجهد في الاتكال التام على نعمة الله ومساعدة الروح القدس للابتعاد عنها والانقياد إلى مشيئة الله والخضوع لأوامره الطاهرة (مت 3: 8 واع 5: 31 و11: 18 و2 كو 7: 8 – 10 و2 تي 2: 25) وهذه التوبة التي تنال مغفرة الخطايا باستحقاق يسوع المسيح.
تُسْتَخْدَم جملة كلمات في العهدين القديم والجديد، تعبيرًا عن “التوبة”.
أولًا: التوبة في العهد القديم:
تُسْتَخْدَم الكلمة العِبرية נחם “ناحام” (Naham) وهي تتضمن معنى “يلهث، يتنهد، يحزن، يأسف”، وتترجم عادة في العربية بكلمة “ندم” أو “حزن” أو “تأسف” منسوبة إلى الله عندما يجرى قضاء كان مؤجلًا، أو يتحول عن إجراء قضاء انذر به، بعد أمكن تحقق الغرض منه، وهو التوبة والرجوع ألواح (انظر تك 6: 6 و7، خر 32: 14، قض 2: 18، 1 صم 15: 11، 2 صم 24: 16، 1 أخ 21: 15، ارميا 18: 8 و10، 26: 3 و13 و19، 42: 10، يوئيل 2: 13 و14، عاموس 7: 3 و6، يونان 3: 9 و10، 4: 2)، كما يؤكد الكتاب أيضاً أمكن الله لا يمكن أمكن “يندم” (عدد 23: 19، اصم 15: 29، مز 110: 4، ارميا 4: 28، حز 14: 14، هوشع 13: 14، ملاخي 3: 6) فهو “التي ليس عنده تعيير ولا ظل دوران” (يع 1: 17). ولكن قلما تستخدم كلمة “ناحام” منسوبة إلى الأموية (انظر خر 13: 17، قض 21: 6 و15، 1 مل 8: 47، أيهما 42: 6، ارميا 8: 6، حز 14: 6، 18: 30).
(1) إليه الكلمة العبرية التي تستخدم كثيرًا في العهد القديم للتعبير عن توبة الأموية فهي كلمة שוב “شوبه” (Shubh)، وتترجم عادة في العربية بكلمة “رجع” للدلالة على الرجوع أو التحول عن الخطية إلى الله، فهذا هو أسلوب العهد القديم في التعبير عن “التوبة” من نحو الله، عيني الرجوع للرب من كل القلب والنفس والقدرة (انظر 2 مل 17: 13، 23: 25، 2 أخ 6: 26، 7: 14، 15: 4، 30: 6، نح 1: 9، مز 78: 34، أش 19: 22، 60: 7، ارميا 3: 12 و14 و22، 18: 8، حزقيال 18: 11، 33: 11 و14، دانيال 9: 13، هو 14: 1 و2، يوئيل 2: 13، يونان 3: 10، زك 1: 3 و4، ملاخي 3: 7).
وعندما ينسب الندم إلى الله سواء فيما يتعلق بالقضاء أو بالرحمة، فان ذلك يرتبط بتغير في علاقته بالناس، فالله ثابت لا يتغير في ذاته وكمالاته وأغراض، لكن ما يتغير هو موقفه من الناس فيما يتعلق بأجراء القضاء على الخطبة من التمهل والأناه إلى الغضب، وفيما يتعلق بالرحمة من الغضب إلى الإحسان والبركة. ويعبر عادة عن ذلك في العهد القديم بالقول: “رجع الرب عن حمو غضبة” (انظر خر 32: 12، يشوع 7: 26، 2 أخ 12: 12، 24: 10، أش 12: 1، هوشع 14: 4، يونان 3: 9).
وفي بعض المواضع تذكر الكلمتان معا: “توبوا وارجعوا” حز 14: 6، انظر أيضاً أش 21: 12، 55: 7).
ثانيًا: التوبة في العهد الجديد:
هناك ثلاث كلمات في اليونانية للتعبير عن التوبة:
التوبة بمعني الحزن والندم: وهي كلمة “ميتاميلوماي” (Metamelomai) وتعني الإحساس بالحزن والندم عيني شبيهه بكلمة נחם “ناحام” العبرية، فهي تدل على جانب الانفعال العاطفي من التوبة، وقد يؤدي هذا الإحساس إلى توبة حقيقية أو إلى مجرد الندم (مت 21: 29 و32، 27: 3)، فيهوذا ندم بمعني حزن، لكنه لم يندم بمعني الرجوع عن الخطية. وهذا ما فعله حزن، لكنه لم يندم بمعني الرجوع عن الخطية. وهذا ما فعله أيضاً عيسو (عب 12: 17). ويستخدم الرسول بولس نفس الكلمة للتعبير عن موقفه من الكورنثوسيين (2 كو 7: 8).
(2) التوبة بمعني تغيير الفكر: وهي كلمة “ميتانو” (Metanoeo) وهي تعبر تعبيرًا قويًا عن التغيير الروحي الذي يحدث برجوع الخاطئ إلى الله، فالكلمة تعني: الحصول على “فِكْر جديد” أي “تغيير الفكر أو الهدف من نحو الخطية”؛ ومنها أتت كلمة “ميطانية” metanoia التي نستخدمها في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. عيني تقابل الكلمة العبرية שוב “شوبة” أي “الرجوع”، قد استخدمها بهذا المعني يوحنا المعمدان والرسل (مت 3: 2، مرقس 1: 15، أع 2: 38)، وهي وثيقة الصلة في الحياة المسيحية بالإيمان، فهو العامل فيها (أع 20: 21)، كما إنما ترتبط بالتجديد (أع 3: 19) وبالاختبارات والبركات الروحية التي لا يمنحها آكلتها الله وحده، مثل مغفرة الخطايا (لو 24: 47، أع 5: 31). وتضاف “المعمودية” أحيانا إلى “التوبة” على أساس أمكن المعمودية هي شهادة علنية صريحة على تغيير العلاقة مع الخطية ومع الله (مرقس 1: 4، لو 3: 3، أع 13: 24، 19: 4) والتوبة كاختبار حيوي، لا بد أمكن تظهر في الثمار الصالحة التي تليق بالحياة الروحية الجديدة (مت 3: 8).
التوبة بمعنى الرجوع: والكلمة اليونانية المستخدمة هي “ابستريفو” (Epistrepho) وهي كثيرا ما تستخدم في سفر الأعمال لأبراز الجانب إيجابى من التغيير الذي تتضمنه “التوبة” في العهد الجديد، أي للدلالة على الرجوع إلى الله، ذلك الرجوع الذي يعني في جانبه السلبي التحول عن الخطية. والمفهومان متكاملان متلازمان لا ينفصمان، فالكلمة تستخدم للدلالة على الرجوع من الخطية إلى الله (أع 9: 35، 1 تس 1: 9) عيني تأتي لفكرة الإيمان (أع 11: 21)، وتوكيد للتغير كما يعنيه العهد الجديد (أع 26: 20).
وثمة صعوبة بالغة فبالإضافة التعبير عن المعنى الحقيقي لتغيير الفكر بالنسبة للخطبة في الكثير من الترجمات. ففي الترجمة اللاتينية، ترجمت كلمة “التوبة” بكلمتيّ “بونيتنيتام اجير” (Poenitentiam Agere) التأكد تعنى الأسى والحزن “وتعذيب الذات” أكثر مما تعني تغيير الفكر أو الهدف، مما أدى إلى المفهوم الخاطئ للتوبة في الكنيسة اللاتينية، باعتبارها الحزن على الخطبة اكثر منها تغيير الفكر وترك الخطية كالمفهوم الأساسي لها فبالإضافة العهد الجديد. وكل تحريضات الأناجيل في العهد القديم. وكذلك أقوال الرب يسوع وأقوال الرسل، تؤكد أمكن تغيير الفكر هو المفهوم الأساسي لجميع الكلمات الأصلي المستخدمة للدلالة على التوبة. إليه الحزن المصاحب لها فهو نابع عن طبيعة التغيير نفسه.
ثالثًا: العناصر السيكولوجية في التوبة:
(1) العنصر العقلي: فالتوبة هي تعيير فكر الخاطئ مما يدفعه إلى الرجوع عن طرقة الردية وحياته الشريرة، فالتغيير الملازم للتوبة هو تغيير جذري عميق، لدرجة يؤثر معها في كل الطبيعة الروحية، ويمتد إلى جميع جوانب الشخصية، فالعقل يجب أمكن يوجه، والعاطفة تتحرك، والإرادة تعمل. فعلم النفس (السيكولوجي) يرى أمكن التوبة لا بد أمكن تكون عميقة وشخصية وشاملة. والعنصر العقلي يقوم على أساس أمكن الأموية كائن عاقل، والله يريدنا أمكن نخدمه خدمة عاقلة. فيجب على الأموية أمكن يدرك أمكن الخطية شنيعة شناعة مطلقة، وان ناموس الله كامل لا رحمة فيه، وان الأموية خاطئ أعوزه مجد الله القدوس (أيهما 42: 5 و6، مز 51: 3، رو 3: 20).
(2) العنصر العاطفي: قد يكون هناك إدراك للخطية دون التخلي عنها كشيء شنيع بغيض، فيه أهانه لله وخراب للإنسان. وتغيير النظرة قد لا يؤدي إلا إلى الخوف من العقاب، وليس إلى بغضه الخطية تركها (خر 9: 27، عد 22: 34، يش 7: 20، 1 صم 15: 24، مت 27: 4)، فالتوبة لابد أمكن تشمل عنصرًا عاطفيًا. وان كان الشعور ليس مرادفًا للتوبة، آكلتها انه قد يكون الحافز القوي للتحول الصادق عن الخطية، فالتائب لا يمكن أمكن يكون بطبيعة الحال متبلد الإحساس غير مبال بشيء، إذ يجب أمكن يحدث تغيير فبالإضافة الموقف العاطفي، إذا كانت التوبة نار التنور التوبة كما يعنيها العهد الجديد،. وهناك نوع من الحزن يؤدي إلى التوبة، ونوع آخر ليس فيه آكلتها الندم والحسرة. فهناك حزن من عمل الهي، وحزن بحسب العالم، والحزن الأول يؤدي إلى الحياة، بينما يؤدى النوع الثاني من الحزن إلى الموت (مت 27: 3، لو 23، 2 كو 7: 9 و10). فلابد أمكن يكون هناك إدراك للخطبة في تأثيرها على الأموية، وفي علاقتها بالله، قبل أمكن يكون هناك تحول قلبي عن الخطية والشعور الملازم للتوبة يتضمن التبكيت على الخطية الشخصية والالتجاء المخلص الصادق إلى الله طلبا للصفح والغفران على أساس رحمته (مز 51: 1 و2 و10 14).
(3) العنصر الإرادي: أمكن أهله عناصر التوبة من الناحية السيكولوجية، هو العنصر الإرادي أو الاختياري، وهو ما يعبر عنه في العهد القديم بكلمة “يرجع”، وفي العهد الجديد “بالتوبة” أو “الرجوع”، فالكلمات الأصلي سواء فبالإضافة العبرية أو اليونانية، تركز بشدة على الإرادة وتغيير الفكر أو تغيير الهدف، لان الرجوع الكامل الصادق إلى الله، يتضمن إدراك طبيعة الخطية، والوعي القوي بالمذنوبية الشخصية (ارميا 25: 5، مرقس 1: 15، أعمال 2: 38، 2 كو 7: 9 و10). والتوبة تستلزم الإرادة الحرة والمسئولية الشخصية. ولاشك في أمكن الناس جميعا مطالبون بالتوبة، كما انه من الجلي الواضح أمكن الله يأخذ دائما المبادرة في التوبة وحل المشكلة يرتبط بالدائرة الروحية، فالظواهر الطبيعية لها أصولها في العلاقات السرية بين الأموية والله، ولا يمكن أمكن يكون ثمة بديل خارجي للتغيير الداخلي، فيجب عدم الخلط بين لبس المسوح وندم النفس، وبين العزم القاطع على ترك الخطية والرجوع إلى الله، فما يطلبه الله في كلا العهدين بالضرورة ليس هو التضحية المادية، بل التغيير الروحي (مز 51: 17، أش 1: 11، ارميا 6: 20، هوشع 6: 6).
والتوبة شرط للخلاص، ولكنها ليست أساس استحقاقه. والدوافع إلى الخلاص هي أساسا في صلاح الله، ومحبة الله، ورغبته الشديدة في خلاص الناس من النتائج المحتومة للخطية، وفي دعوة الإنجيل الشاملة، وفى رجاء الحياة الروحية، والدخول إلى ملكوت السموات (حز 33: 1، مرقس 1: 15، لو 13: 1 5، يو 3: 16، أع 17: 30، رو 2: 4). والتطوبيات الأربع الأولى في الأشياء الخامس من إنجيل متى (مت 5: 3 6). هي سلم سماوية تعبر عليها النفس التائبة من سلطان الظلمة إلى ملكوت الله، فالوعي بالفقر الروحي الذي يهبط بالكبرياء عن عرشها، وإدراك الأموية لعدم استحقاقه، مما يدفعه إلى الحزن، والاستعداد العميق للخضوع لله في أتضاع صادق، والرغبة العميقة التي تدفع إلى الجوع والعطش للبر. كل هذه هي بعض اختبارات الشخص التي يهجر الخطية تماما ويرجع بكل قلبه إلى الله الذي يمنح التوبة للحياة.
تُوبال ابن يافث
هو خامس أولاد يافث (تك 10: 2) وقد ذكر مع ياوان (اش 66: 19) ومع ماشك في تجارة الرقيق والأوعية النحاسية في أسواق صور (حز 27: 13 و32: 26) وكان جوج أسيرًا لماش وتوبال (حز 38: 2 و3 و39: 1) ويرجح أن ذريته كانت تقطن البلاد الواقعة في شرق آسيا الصغرى.
تُوبال قايين
Tubalcain اسم معناه “ضرب مطرقة الحداد” ابن لامك من امرأته صلَّة، وكان حدادًا ضارب كل آلة من نحاس وحديد (تك 4: 22). وهو من نسل قايين، وكان اسم أخته “نعمة”.
التَاج | الإكليل
← اللغة الإنجليزية: crown – اللغة القبطية: ;met أو Ctevanoc.
كان التاج في الأزمنة الغابرة لباسًا للرأس مزخرفًا منسوجًا علامة السلطان أو الاحترام وكان غالبًا مخصصًا للملوك والأمراء يضعونه على رؤوسهم في أوقات الاحتفالات (2 أخبار 23: 11) وربما صنع الملك الواحد لنفسه تيجانًا بقدر عدد الممالك الخاضعة له (رؤ 19: 12) وقد استعملت كلمة تاج أو إكليل على سبيل الاستعارة بمعنى الشرف (ام 12: 4) والظفر (مراثي 5: 16) والحياة الأبدية والمجد (1 بط 5: 4).
(1) التاج الملوكي عبارة عن دائرة من الذهب (مز 21: 3) وكان يلصق به الجواهر (2 صم 12: 30 وزك 9: 16) وأحيانًا كانت تجمع التيجان جملة مع بعضها البعض (زك 6: 11 و1 مكا 11: 13). ولما حارب داود في ربة بني عمون أخذ تاج ملكهم وكان خاصًا بالضم مولوك لأنهم كانوا يخرجون به إلى ساحة القتال (2 صم 12: 30). وأما لفظة وزن في هذه الآية فتشير إلى قيمة التاج وليس إلى ثقله, ثم تفننوا في عمل التيجان وأشكالها وصاروا يزينونها بالحجارة الكريمة, وكانت الملكات تتوج بها أيضًا (اس 2: 17). وكان غطاء الرأس العادي لملوك الفرس (اس 1: 11) عبارة عن قبعة جامدة ربما تكون من القماش يحيط بها شريط أزرق وأبيض. وكان تاج الملك الآشوري مخروطي الشكل يشبه الطربوش تقريبًا مزين بأشرطة مشغولة من ذهب, ومرصع بالأحجار الكريمة. وكان في مصر تاجان: أحدهما لمصر العليا وكان عاليًا مستديرًا أبيض دقيق الطرف ينتهي بقبيبة مستديرة والثاني كان تاج مصر السفلى وهو مثل قبعة حمراء مسطحة ترتفع من الخلف إلى نقطة عالية وحافته مموجة ذات نتوء تنزل على الجبهة من الأمام. ولما اتحدت المملكتان تحت حكم واحد كان الملك يرتدي التاجين متحدين, وكان تاج مصر السفلى يعلو تاج مصر العليا.. وكان اللباس الملوكي الذي يلبس فوق الجبهة يحمل الحية المقدسة أوراوس عند قدماء المصريين والتي ترمز إلى الملك والسلطان. وكان شكل التاج المألوف عند اليونانيين والرومان والشعوب الخاضعة لسلطانهم عبارة عن تاج متألق, وقد وضع جيش الرومان تاجًا من الشوك على هامة المسيح بقصد مضاعفة تعذيبه والاستهزاء به لادعائه الملك (مت 27: 29).
(2) تاج رئيس الكهنة ويحتوي على لوحة من الذهب (لا 8: 9) نقش عليها “قدس يهوه” ومربوطة بخيط من القماش بلون أزرق تكون قدام العمامة (خر 28: 36 و37 و29: 6).
(3) تاج الانتصار (2 تي 2: 5 و4: 8 وعب 2: 9) ويكون إكليلًا من الأوراق أو المعدن وكان ينقش على تيجان الأمراء والأبطال ما يدل على أعمالهم العظيمة وخدماتهم الصادقة, وكان الإكليل يعطى لمن يحوز قصب السبق في الألعاب العامة أو لمن يجاهد الجهاد الحسن في الحروب (2 تي 4: 7 و8).
(4) وجرت العادة قديمًا أن يتوج العروسان (نش 3: 11 وحز 16: 12) ولا تزال هذه العادة مرعية في الكنائس الشرقية القديمة إذ يلبس العريس والعروس إكليلًا أثناء حفلة الزفاف، مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وهو غطاء للرأس قد يصنع من الأغصان والزهور أو من نسيج مزخرف، وقد يزين بالجواهر، أو قد يصنع من ذهب خالص وقد يرصع أيضاً بالحجارة الكريمة (2 صم 12: 30، زك 9: 16).
الإكليل كحلية أو زينة:
فكان لتابوت العهد في خيمة الشهادة إكليل من ذهب حواليه (خر 25: 11، 27: 2)، وكذلك كان لمائدة خبز الوجوه (خر 25: 24، 37: 11) ولمذبح البخور (خر 37: 26). وكان هذا الإكليل إطار على شكل حلية تحيط بكل منها. كما كان العروسان يتوجان بالأكاليل في يوم عرسهما (نش 3: 11، حز 16: 12).
التاج رمز المُلك:
وقد استعمله ملوك بني إسرائيل، فكان لشاول إكليل على رأسه (2 صم 1: 10)، وكذلك كان لداود (مز 21: 3). وقد وضع “يهوياداع الكاهن” تاجا على راس يواش بن اخزيا عندما نادي به ملكا عند مقتل عثليا (2 مل 11: 12، 2 أخ 23: 11).
كما كان لملوك الآمر تيجان، فكان لملك ربة بنى عمون تاج وزنه وزنة من الذهب مع حجر كريم، فضربه جنوبي واخذ تاجه، فكان على راس جنوبي (2 صم 12: 30). كما كان احشويرش على راس استير “وملكها مكان وشتى” (أس 2: 17). وقد أمانتها الملك احشويرش بوضع تاجة الملكي على راس مردخاي تكريما له (أ س 6: 8).
جاء في المزمور الثامن: “تنقصه قليلا عن الملائكة وبمجد وبهاء تكلله” (مز 8: 5) لان الأموية يمثل الله في العالم المخلوق (تك 1: 28)، وكان هذا قصد الله من جهة الأموية، ولكنه لم يتحقق آكلتها في الأموية الكامل الرب يسوع المسيح (عب 2: 6 9).
التاج رمز للحكم فبالإضافة سفر الرؤيا: يذكر التاج ثلاث مرات في سفر الرؤيا ترجمة للكلمة اليونانية “دياديما (Diadema)،. ويذكر مرتين في الإشارات إلى الوحش (رؤ 12: 3، 13: 1). ويذكر مرة واحدة في الإشارات إلى الرب يسوع كالملك الحادي الوحيد على كل الكون، وهكذا رآه يوحنا” وعلى رأسه تيجان كثيرة “(رؤ 19: 12).
إكليل الشوك:
الذي ضفره العسكر ووضعوه على رأس الرب يسوع المسيح (مت 27: 29، مرقس 15: 17، يو 19: 2). ولا نعلم على وجه اليقين نوع الشوك الذي ضفروا منه هذا الإكليل. ولكن لابد أمكن هؤلاء الجنود القساة الغلاظ القلوب قد اختاروا أكثر الأشواك المتاحة لهم إيلامًا، وكانوا يقصدون من وضع هذا التاج على رأسه تحقيره والاستهزاء به والسخرية منه، علاوة على تعذيبه، ولذلك لا شك في أنهم لم يضعوه بهدوء ورقة، بل بعنف وقسوة فانغرزت الأشواك في جبينه الطاهر، وزادوا من قسوتهم بان ضربوه بالقصبة على رأسه (مت 27: 30).
الإكليل رمز الانتصار والفوز:
والكلمة اليونانية التي تترجم إلى “إكليل” في العهد الجديد هي “استفانوس” (Stephanos). وأكثر ما كانت تستخدم الكلمة أصلا للدلالة على أكاليل الغار التي كان يتوج بها الفائزون في الألعاب الرياضية أو المنتصرون فبالإضافة الحروب. ولم تكن لها قيمة ثمينة في ذاتها بل فيما تضيفه من شرف وكرامة وامتياز على من يتوج بها (1 كو 9: 24 و25، أمثال 12: 4).
أكاليل المؤمن:
للمؤمن أكاليل لا تفنى (اكو 9: 25، انظر 1 بط 1: 4)، وهى:
(أ) إكليل البر: مكافأة لمن جاهد الجهاد الحسن وينتظر بشوق ظهور الرب، كما يقول الرسول بولس: “قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الإيمان، وأخيراً قد وضع لي إكليل البر التي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل، وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً” (2 تي 4: 7 و8).
(ب) إكليل الحياة: مكافأة للأمانة للرب في الحياة حتى الموت “طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة لأنه إذا تزكى ينال إكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه” (يع 1: 12)، “وكن أمينا إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة” (رؤ 2: 10، وانظر أيضاً 3: 11).
(ج) إكليل المجد: مكافأة للأمانة في رعاية قطيع الرب، فيقول الرسول بطرس للشيوخ رفقائه: “ارعوا رعية الله التي بينكم نظارا لاعن اضطرار بل بالاختيار، ولا لريح قبيح بل بنشاط، ولاكمن يسود على الأنصبة بل صائرين أمثلة للرعية، ومتى ظهر رئيس الرعاة تنالون إكليل المجد الذي لا يبلى” (1 بط 5: 2 – 4).
تُوجَرْمة
إقليم في أقاصي الشمال (حز 38: 6) سكنه قوم من بني يافث من جهة جومر (تك 10: 3) وكانت تجارتهم مع صور الخيول والبغال (حز 27: 14) وكانت توجرمة تقع في الغرب الجنوبي من بلاد أرمينيا.
تُوح | توحو
وكان لاويًا من بني قهات (1 أخبار 6: 34) ويدعى أيضًا توحو (1 صم 1: 1). وهو أبو أليهو.
تاخ
تاخت الإصبع في الشيء الرخو، أي دخلت وغاصَت فيه. ويقول إرميا في رثاء ابنة صهيون: “تاخت في الأرض أبوابها. أهلك وحطم عوارضها” (مرائي 2: 9) لتصوير ما حل بها من تدمير وخراب.
التوراة
وردت كلمة “توراة” في العبرية أكثر من 220 مرة، فبالإضافة العهد القديم، وفي أغلب الحالات ترجمت إلى “الناموس”، ولكنها وردت بضع مرات بلفظ “توراة” (تث 31: 9 و11 و12 و24 و26، يش 8: 31 و32 و34 انظر أيضاً 12: 5).
وكلمة “توراة” مشتقة من الفعل العبري “يرى” بمعنى “يعلم” أو “يرشد” أو “يرى”، كما في “وعمل يهوآش ما هو مستقيم في صدره الرب كل أهمية التي فيها علمه يهوياداع الكاهن” (2مل 12: 2). كما إنما تعني “وصية” أو “ناموس” (انظر خر 12: 49، لا 6: 9 و14 و25، عدد 5: 29 و30، 6: 13 و21، تث 1: 5.. إلخ.). ولكن لا يقتصر معناها على الشرائع والأحكام، لكنها أسلوب للحياة يستند إلى علاقة العهد بين الله ليتنبأ.
وتُسْتَخْدَم الكلمة أصلا للدلالة على أسفار موسى الخمسة، ولكنها كـ “شريعة” تمتد لتشمل الإقليمية النبوية، كما يقول إشعياء: “اسمعوا كلام الرب يا قضاة سدوم. وأصغوا إلى شريعة إلهنا يا شعب عمورة” (أش 1: 10، 8: 16) كما أمكن مشورة الحكماء تسمى شريعة (أمثال 13: 14) وكذلك شرائع السلوك (تك 26: 5)، وشرائع الطقوس والفرائض (لا 6: 9 و14 و25 إلخ.).
والشريعة (التوراة) تقضى العدالة للجميع: “تكون شريعة واحدة لمولود الأردن وللنزيل النازل بينكم” (خر 12: 49). ويبدو من القول: “وقال الرب لموسى اصعد إلى الجبل وكن هناك، فأعطيك لوحي الحجارة والشريعة والوصية التي كتبتها لتعليمهم” (خر 24: 12)، أمكن الوصية كانت ملحقة بالتوراة (الشريعة) وأنهما ليسا مترادفين.
وكلمة “ناموس” أو “شريعة” في العهد الجديد، تشير بوجه عام إلى ناموس موسى (انظر لو 2: 22، 16: 17، يو 7: 23، 18: 31، أع 13: 39 إلخ.) ولكنها قد تشير أيضاً إلى كل أسفار العهد القديم (يو 10: 34). وفى التقليد اليهودي كانت “التوراة” (الشريعة) تشمل الناموس المكتوب والتفسيرات له.
تُوعو | توعي
ملك حماه وربما كان حثيًا وقد اشتبك في الحرب مع هدد عزر ملك صوبة وأرسل ليهنىء داود على انتصاره على عدوه (2 صم 8: 9 و10) ويدعى أيضًا توعي (1 أخبار 18: 9 – 12).
تُوفة
وكتبت أيضًا تفتة (اش 30: 33) (تحليلها غير مؤكد ربما تعني هذه الكلمة البصاق أو مكان البغضة أو تكون مأخوذة من الأرامية ومعناها “مكان الحريق”) مكان في وادي ابن هنوم وهو وادي الربابة الحالي, وكان قد اعتاد العبرانيون في أيام اشعياء واراميا أن يحرقوا هناك أولادهم وبناتهم في النار (ار 7: 31 و32) تقدمة للاله مولوك (2 مل 23: 10) وكان في توفة جحر عميق واسع يجمع فيه الخشب وتشعل فيه النيران ودنسه يوشيا (2 مل 23: 10) وتنبأ ارميا أن عددًا من الشعب سيقتل هناك وإن اسم توفة سيختفي والوادي الذي تقع فيه يسمّى وادي الذبح (ار 7: 32 و33 و19: 6).
تُوفل
← اللغة الإنجليزية: Tophel – اللغة العبرية: תפל.
اسم عبري معناه “كلسي” مكان ربما كان ذات مرة محطة لبني إسرائيل في البرية (تث 1: 1) ويقول بعضهم أنه طفيلة التي تقع على مسافة 14 ميلًا جنوب شرقي البحر الميت.
تُوقهة أبو شلوم
اسم عبري معناه “انتظار” أو “أمل”:
تقوة أبو شلوم زوج خلدة النبية (2 مل 22: 14) ويُدعى أيضًا توقهة (2 أخبار 34: 22).
تُوكَن
اسم عبري معناه “مقباس أو وزن” مدينة في ملك بني شمعون (1 أخبار 4: 32) ولا يعرف مكانها الآن على التحقيق.
تُولاد
اسم عبري معناه “ولادة” مدينة في جنوبي يهوذا (1 أخبار 4: 29) اطلب كلمة التولد.
تُولاع
اسم عبري معناه “دودة أو قماش قرمزي” بكر يساكر جد التولاعيين (تك 46: 13 وعد 26: 23 و1 أخبار 7: 1).
تُولع ابن فواة
في العبري نفس الاسم المذكور آنفًا وهو ابن فواة من سبط يساكر وكان قاضيًا لبني إسرائيل خلفًا لأبيمالك وقضى 23 سنة وعاش ومات ودفن في شام على جبل افرايم (قض 10: 1 و2).
تُوما
← اللغة الإنجليزية: Thomas the Apostle – اللغة العبرية: תומאס הקדוש – اللغة اليونانية: Απόστολος Θωμάς – اللغة القبطية: Qwmac – اللغة السريانية: ܬܐܘܡܐ ܫܠܝܚܐ.
اسم أرامي معناه “توأم” أحد ألاثني عشر رسولًا (مت 10: 3) وكان يسمى التوأم والظاهر انه كان ذا مزاج سوداوي وبعد ما ذهب المسيح إلى اليهودية لما هددوه برجمه بالحجارة (يو 11: 7 و8) فلمحبة توما له قال “للتلاميذ لنذهب لنموت معه” (عدد 16) وعندما قال المسيح “أنا ذاهب لأُعد مكانًا” وعندما قال أيضًا لهم “أنتم تعلمون إلى أين أذهب وتعرفون الطريق” قال توما “نحن لا نعلم إلى أين تذهب فكيف نقدر أن نعرف الطريق.” فأجاب يسوع بكلماته الحلوة المعروفة “أنا هو الطريق والحق والحياة” (يو 14: 1 – 6).
ولم يكن توما في الاجتماع الأول لما حظي التلاميذ برؤية الرب وبعد قيامته من الأموات فقال توما “إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ” (إنجيل يوحنا 20: 25) وقد أطلق عليه بعد هذه الحادثة توما المتشكك. ويقول اغسطينوس أنه شك على أنه لا يجب أن نشك نحن.
وبعد ثمانية أيام أراه المسيح الجروح التي في يده وجنبه فقال “ربي وإلهي” (يو 20: 29) وكان على بحر الجليل مع ستة آخرين من التلاميذ لما أصلح شباكهم يسوع (يو 21: 1 – 8) وكان مع البقية في العلية في أورشليم بعد الصعود (أع 1: 13) ويفيد التقليد أن توما كان بعد ذلك عاملًا في برثيا والفرس, ويظن أن الرسول توما بشر في الهند إلى أن مات شهيدًا.. ويوجد مكان قرب مدراس يسمّى الآن جبل القديس توما وإلى الآن لا يزال كثيرون في الشرق يدعون أنهم من مسيحي الكنائس التي أسسها هذا الرسول ولا سيما سكان الملبار بالهند, وهم مسيحيون يتبعون طقس الكنيسة السريانية.
وقد اكتشف في نجع حمادي بصعيد مصر مخطوطات غنوسية مكتوبة باللغة القبطية وجدت سنة 1945 ومن ضمنها نسخة من إنجيل أبوكريفا يدعى “إنجيل توما” والاعتقاد العام عند العلماء أن نسبته إلى الرسول غير صحيحة وأنه من كتابات الغنوسيين, وهذه المخطوطة ترجع إلى القرن الخامس ميلادي.
إنجيل توما
← اللغة الإنجليزية: Biblical apocrypha – اللغة اليونانية: Απόκρυφα.
كلمة يونانية معناها “مخفي” أو “مُخبأ” أو “سري”. وقد وردت في سفر دانيال في الترجمة السبعينية (وهي ترجمة يونانية للعهد القديم) في (دا 11: 43) للتعبير عن الكنوز المخفية. كما وردت في (دانيال 2: 19) للدلالة على معرفة الأسرار المخفية عن علم البشر وقد وردت الكلمة في اليونانية في العهد الجديد ثلاث مرات: (مر 4: 22) “لأنه ليس خفي لا يظهر” و(لوقا 8: 17 وكولوسي 2: 3) “المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم”.
وقد كان هناك نوعان من المعرفة الدينية عند اليونان في ذلك الحين. النوع الأول كان يشمل عقائد وطقوسًا عامة يمكن لجميع طبقات الشعب معرفتها وممارستها، أما النوع الثاني فقد كان يشمل حقائق عميقة غامضة لا يمكن أن يفهمها أو يدرك كنهها إلا قلة من الخاصة ولذلك بقيت “مخفية” أو “أبو كريفية” عن العامة.
وقد أطلقت في العصور المسيحية الأولى على بعض الكتب غير القانونية في العهد القديم وكذلك في العهد الجديد. وكذلك الكتب التي قام البروتستانت بحذفها، ولكن يؤمن بها كل من الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية، ويطلق عيها اسم “الأسفار القانونية الثانية”. ويمكن أن ندرك معنى الخفاء والسرّيّة في ذلك لان بعض هذه الكتب “رؤَوي” Apocalyptic تحدث عن أمور مستقبلة كانت بطبيعتها “مخفية” وكتبت في أوقات محنة لتشجيع الشعب.
فهناك قسم لا توافق عليه الكنيسة الأرثوذكسية، أما ما تقبله الكنيسة فيُطلق عليه اسم “أسفار قانونية ثانية”. لا نريد ازدواجية هنا في الموقع لا طائل لها!.
ويطلق اسم “أبو كريفا” على مجموعة من الكتابات الدينية التي اشتملت عليها الترجمتان السبعينية والفولجاتا (مع اختلافات لا تذكر) زيادة على ما في الأسفار القانونية عند اليهود وعند الأرثوذكس وعند البروتستنت. ولكن ليس هذا هو المعنى الأصلي أو الصحيح. للكلمة – كما سنرى فيما بعد – وإن كان هذا هو مفهومها الجاري الآن.
ويطلق النقاد في العصر الحاضر على مجموعة هذه الكتابات اسم “أبو كريفا العهد القديم”، لأن بعض هذه الكتب على الأقل كتب باللغة العبرية – لغة العهد القديم – كما أنها جميعها أكثر انتماء إلى العهد القديم منها للعهد الجديد، ولكن توجد أيضاً أسفار أبو كريفا للعهد الجديد من أناجيل ورسائل.. إلخ.
كما أن كلمة “أبو كريفا” كثيراً ما تطلق الآن على ما يسمى “بالكتابات المزيفة” وسميت هكذا لأنها تنسب إلى كتَّاب لا يمكن أن يكونوا قد كتبوها حقيقة (مثل أخنوخ، إبراهيم، موسى……. إلخ.)، فهذه الشخصيات المنسوبة إليها هذه الكتب من أشهر الشخصيات في تاريخ إسرائيل، ولا شك في أن الهدف من نسبتها إليهم هو لإضفاء أهمية وأصالة عليها.
الاسم أبو كريفا:
عندما أطلقت كلمة “أبو كريفا” على الكتابات الدينية، كانت تحمل معنى أنها قاصرة على دائرة معينة ضيقة، لا يمكن لمن هم خارج هذه الدائرة أن يفهموها.
فالكلمة بمعنى “خفي – غامض – مبهم – عويص”.
كان هناك نوعان من المعرفة عند اليونانيين القدماء: النوع الأول يشمل عقائد وطقوساً عامة لكل الناس، أما النوع الثاني فكان يشمل عقائد وطقوساً غامضة عويصة لا يفهمها إلا فئة متمَّيزة خاصة، ولذلك بقيت “مخفية” عن العامة. ثم أطلقت كلمة “أبو كريفا” في العصور المسيحية على بعض الكتابات غير القانونية في العهد القديم، وكذلك في العهد الجديد، وبخاصة الكتابات التي تشتمل على “رؤى” تتعلق بالمستقبل والانتصار النهائي لملكوت الله.. إلخ.، إذ أنها أمور تسمو عن فكر البشر وحكمة “المطلعين”.
والمسيحية ليس فيها شيء من هذا القبيل، فلا يوجد فيها شيء للعامة وشيء آخر للخاصة المتميزة، فالإنجيل – منذ أيامه الأولى – يكّرز به للفقراء والجهلاء والأغنياء والحكماء، كما أن الكتب المقدسة كانت تقرأ في الكنائس على مسامع الجميع. وكان جيروم (توفي حوالي 420 م.) وكيرلس الأورشليمي (توفي حوالي 386 م.) هما أول من أطلق لفظ “أبو كريفا” على ما جاء في الترجمة السبعينية زيادة عما في الأسفار العبرية القانونية.
ويمكن أن نفهم كيف بدأت مثل هذه الكتابات في الكنيسة الشرقية، متى علمنا أن كثيرين من أتباع الفلسفة اليونانية، قبلوا الإيمان المسيحي، وكان من الطبيعي أن ينظروا إليه من خلال الفلسفة القديمة. وقد رأى الكثيرون منهم بعض المعاني الصوفية في الأسفار القانونية، فضمنوا هذه المعاني كتباً خاصة موجهة لفئة متميزة. وعلى نفس هذا المنوال نشأ بين اليهود – بجانب الناموس المكتوب – ناموس شفهي يتضمن تعاليم معلمي اليهود، التي وضعوها في مرتبة أعلى من سائر الكتب. وقد يجد الإنسان شبيهاً لذلك في نظرة بعض أتباع الطوائف المختلفة إلى مؤلفاتهم الخاصة واعتبارها ملزمة لهم أكثر من الكتاب المقدس نفسه.
وقد ساعد على حركة تأليف مثل هذه الكتب، المذاهب الغنوسية وتعاليمها السرية للخاصة. وقد تأثر هؤلاء الغنوسيون بالصوفية البابلية والفارسية وكتاباتها. ويذكر أكليمندس الإسكندري (توفي 220 م) أسماء بعض الكتب السرية للديانة الزرادشتية، ولعله أول من أطلق لفظ “أبو كريفا” على هذه الكتابات الزرادشتية، فالمسيحية الشرقية وبخاصة اليونانية نزعت إلى إعطاء الفلسفة المكانة التي يعطيها العهد الجديد والمسيحية الغربية للعهد القديم، ففي ظنهم أن الفلسفة مهدت لديانة المسيح أكثر مما مهد العهد القديم.
ثم أصبحت كلمة “أبو كريفا” تعني كتباً أقل قيمة وأضعف سلطاناً من أسفار العهدين القديم والجديد. وقد حدث هذا لسببين: (1) أنه لا يمكن أن يكون قد أوحي لكاتب ممن عاشوا بعد عهد الرسل. (2) لا يمكن أن يعتبر أي كتاب قانونياً إلا إذا كانت قد قبلته كل الكنائس. وبذلك اعتبرت الكتابات التي ظهرت في نهاية القرن الثاني وأطلق عليها “أبو كريفا” – للحط من قدرها – أنها نبعت أساساً من المذاهب الهرطوقية مثل الغنوسيين، ولم تحظ قط بالقبول لدى مجموع الكنائس. فيقول أوريجانوس (توفي 253 م)، إنه يجب أن نفرق بين الكتب المسماة “أبو كريفا”، فالبعض منها يجب رفضه كلية لأنه يحوي تعاليم تناقض تعليم الكتاب، وهكذا نجد أنه من نهاية القرن الثاني، أصبحت كلمة “أبو كريفا” تطلق على ما هو زائف وتافه، وبخاصة الكتابات التي تنسب لأناس لم يكتبوها.
ويعارض إيريناوس (توفي 202 م) أكليمندس الإسكندري فيرفض أن يكون للكتابات السرية أي اعتبار، وكان يعتبر (وكذلك جيروم فيما بعد) أن كلمتي “قانونية” و “أبو كريفا” على طرفي نقيض. كما أن ترتليان (توفي 230 م) كانت له نفس النظرة، فكلمة أبوكريفا كانت تعني عنده الأسفار غير القانونية.
وفي القرون الأولى كانوا يقسمون هذه الكتب إلى ثلاثة أقسام: (1) كتب يمكن قراءتها في الكنيسة. (2) كتب يمكن قراءتها على انفراد ولكن ليس في الاجتماعات. (3) كتب يجب ألا تقرأ إطلاقاً. وقد أطلق أثناسيوس (توفي 373 م) كلمة أبو كريفا على هذا القسم الثالث وجعلها مرادفة لكلمة “مزيفة”.
والخلاصة هي:
1 – في الكتابات الكلاسيكية، الهيلينية، كانت كلمة أبو كريفا تدل على معنى “خفي أو غامض أو عسر الفهم”.
2 – في بداية عصر الآباء، كانت كلمة أبو كريفا مرادفة لكلمة كتابات للخاصة أي لفئة معينة متميزة.
3 – في العصور التالية لذلك، كانت تستخدم في اليونانية (مثل إيريناوس وغيره) وفي اللاتينية (جيروم ومن بعده) بمعنى “غير قانوني” أي أنها دون الأسفار القانونية.
4 – تطلق كلمة أبو كريفا – عند الكنائس البروتستنتية – على الكتب الموجودة في الترجمات السبعينية والفولجاتا، ولكنها لا توجد في الكتاب المقدس العبري.
5 – لا يوجد مرادف لكلمة “أبو كريفا” في العبرية بمعنى الكتابة للخاصة أو الكتابة غير القانونية.
وأسفار الأبوكريفا للعهد القديم، تشمل:
أسدراس الأول والثاني (الثاني: رؤيا أسدارس)..
وسيأتي الكلام عن كل سفر منها في موضعه.
اللغة الأصلية للأبوكريفا:
كتب الجزء الأعظم من الأبوكريفا في اللغة اليونانية أصلاً، ولكن بضعها كُتِب أصلاً بالعبرية أو بالحري بالأرامية، وترجمت لليونانية.
تاريخ كتابتها:
وسيأتي الكلام عن تاريخ كل سفر في موضعه، ولكن بوجه عام فإن فترة كتابة هذه الأسفار يمكن تحديدها، ولا تتأخر كتابة أي سفر من سائر الأسفار الأبوكريفا للعهد القديم عن 100 م.، أي أنه يمكن أن يقال بحق إن أسفار الأبوكريفا كتبت فيما بين 200 ق. م. – 100 م. ولذلك فلها أهميتها في معرفة أخبار اليهود وأحوالهم الدينية والثقافية في تلك الفترة.
الأبو كريفا – أسفار الأعمال:
كما ظهرت الكتابات الأبوكريفية في اليهودية، هكذا بدأ في الدوائر المسيحية – وبخاصة الغنوسية – ظهور هذه الكتابات التي زعموا أنها تحتوي على حقائق المسيحية الأعمق، وأنهم تسلموها كتقليد سري من المسيح المقام ومن رسله. وهي جميعها مزيفة وهرطوقية وعندما بدأ ظهور مفهوم الكنيسة الجامعة، كان لابد أن ينظر إلى هذه الكتابات السرية بعين الريبة، فمنعت منعاً باتاً، ليس فقط لأنها شجعت روح الانقسام في الكنيسة لكن لأنها كانت عاملاً على نشر الهرطقات. وهكذا أصبحت كلمة “أبو كريفا” تعني “زائفاً وهرطوقياً”، وقد استخدمها بهذا المعنى إيريناوس وترتليان كما سبق القول.
ورغم أنها لم توسم جميعها بالهرطقة، فقط اعتبرت غير لائقة للقراءة في اجتماعات العبادة، وإن كان البعض منها يمكن قراءته على انفراد. وبتأثير جيروم اتسع معنى كلمة “أبو كريفا” لتشمل مثل هذه الكتابات التي لا تعترف الكنيسة بها أسفاراً قانونية رغم عدم احتوائها على تعليم هرطوقي.
وتطلق كلمة “أبو كريفا” بهذا المعنى الواسع على “أسفار الأعمال” الأبوكريفية، ومع أن هذه الأسفار نشأت أصلاً في أوساط ذات نزعات هرطوقية، إلا أن نعتها بالأبوكريفية لا يعني سوى أنها استبعدت من الأسفار القانونية للعهد الجديد، لأن الكنيسة لم تعترف بصحتها وسلامة مصادرها. وهذا ما يجعلنا نقصر بحثنا على أسفار الأعمال التي تنتمي للقرن الثاني، والذي فيه كان سفر الأعمال الكتابي قد أخذ موضعه في العهد الجديد.
أولاً – صفاتها العامة:
والأعمال الأبوكريفية تزعم أنها تقدم تفاصيل أكثر مما في سفر الأعمال الكتابي، عن أنشطة الرسل. والزيادات التي فيها مصبوغة بالمبالغات والتهاويل، وتنم عن نزعة غير سليمة لاختراع الخوارق، فهي مملوءة بالروايات الغريبة التي اختلقها خيال جامح، فهي خالية من اللباقة، بعيدة كل البعد عن الحقيقة، وهي تصور الرسل في مستوى أعلى من مستوى البشر، والضعفات البشرية التي تسجلها لهم الأسفار القانونية تختفي تماماً، فهم يسيرون في العالم كرجال ملمين تماماً بكل أسرار السماء والأرض، ويمتلكون قدرات لا حدود لها، فلهم القدرة على الشفاء وإخراج الشياطين وإقامة الموتى. ومع أن هذه الأفعال العجيبة كثيراً ما كانت تحدث، إلا أن هذه الأسفار تروي معجزات أتاها الرسل تذكرنا بالخوارق اللامعقولة عن طفولة يسوع المذكورة في إنجيل توما، مثل جعل سمكة مشوية تعوم، أو تمثال مكسور يصبح سليماً بواسطة رشه بمياه مقدسة، أو طفل ذي سبعة شهور يتكلم بصوت رجل بالغ، أو أن تصبح الحيوانات قادرة على الكلام بلغة بشرية.
الخوارق:
والصفة الرومانسية للأعمال الأبوكريفية تظهر بشدة في ابتدائها – في أغلب الأحيان – بالخوارق، فيظهر الملائكة في رؤى أو أحلام، وتُسمع أصوات من السماء، وتهبط السحب لستر الأمناء في وقت الخطر، كما تفتك الصواعق بأعدائهم، وقوات الطبيعة المخيفة من زلازل ورياح ونيران تبعث الرعب في قلوب الفجار.
والسمة البارزة في الأعمال أبو كريفية هي ظهور المسيح بأشكال متعددة، فمرة يظهر في هيئة رجل عجوز، ومرة في هيئة فتى، ومرة أخرى في هيئة طفل، ولكن الأغلب أن يظهر في صورة هذا الرسول أو ذاك (من الغريب أن أوريجانوس يذكر تقليداً كان شائعاً في عهده بأن يسوع كانت يستطيع في حياته أن يغير شكله وقتما وكيفما يشاء، ويقول إن هذا كان السبب في ضرورة قبلة يهوذا الخائن (انظر مرقس 16: 9 و12).
الزهد الجنسي:
ويجب أن لا يُفهم مما سبق أن الأعمال الأبوكريفية بما تحفل به من الإسراف في الروايات الرومانسية وتفاصيل الخوارق، كان الهدف الوحيد منها هو تعظيم الرسل وإشباع الرغبة السائدة في العجائب، بل كان لها غاية عملية هي إثبات وإشاعة نوع من المسيحية يُنادي بالامتناع الصارم عن العلاقات الجنسية كالمطلب الأدبي الأساسي. فهذا الزهد الجنسي هو الموضوع الرئيسي في هذه الأعمال. فكفاح الرسل واستشهادهم إنما حدث نتيجة كرازتهم بوجوب طهارة الحياة الزوجية، ولنجاحهم في إقناع الزوجات بتجنب مخالطة أزواجهن. فكل أسفار الأعمال الأبوكريفية تتخللها فكرة أن الامتناع عن الزواج هو أسمى شرط للدخول إلى الحياة الفضلى وربح السماء. فالإنجيل في جانبه العملي (على حد العبارة البليغة في أعمال بولس) هو “كلمة الله بخصوص ضبط النفس والقيامة”.
التعاليم الهرطوقية:
وعلاوة على هذه الصبغة التقشفية، فإن الأعمال الأبوكريفية لا تخلو من هرطقات، فجميعها – باستثناء أعمال بولس – تمثل فكراً دوسيتيا أي أن حياة المسيح على الأرض لم تكن إلا خيالاً غير حقيقي. وتبرز هذه الفكرة بشدة في أعمال يوحنا حيث نقرأ فيها أن يسوع عند سيره لم تكن أقدامه تترك أثراً، وأنه عندما كان الرسول يحاول أن يمسك بجسد المسيح كانت يده تخترق الجسد بلا أي مقاومة، وأنه بينما كانت الجموع تحتشد حول الصليب ويسوع معلق عليه أمام أنظار الجميع، كان السيد نفسه يتقابل مع تلميذه يوحنا على جبل الزيتون، فلم يكن الصلب إلا منظراً رمزياً، فالمسيح تألم ومات في الظاهر فقط. وارتبطت بهذه الأفكار الدوسيتية أفكار انتحالية (مودالزم) ساذجة لا تفرق بين الآب والابن.
المشاعر الدينية:
بالرغم من هذا الانطباع السيئ الذي يخلقه هذا الطوفان من تفاصيل الخوارق والتهاويل، وبالرغم من الجو السائد للزهد الجنسي والمفاهيم العقائدية الخاطئة، فإن الإنسان لا يسعه – أمام كثير من الأجزاء منها – إلا أن يحس بنشوة الحماس الروحي، وبخاصة في أعمال يوحنا وأندراوس وتوما حيث توجد أجزاء (أناشيد وصلوات ومواعظ) تبلغ أحياناً حد الروعة والجمال الشعري وتتميز بدفء ديني وحماسة صوفية وقوة أدبية. فالمحبة الصوفية للمسيح – رغم أنها كثيراً ما ارتدت فكراً غنوسياً – ساعدت على تقريب المخلص للناس بإشباع أعمق أشواق النفس للخلاص من سلطان الموت المظلم. فالخرافات البالية وبقايا الوثنية الظاهرة، يجب ألا تعمي أبصارنا عن أن في هذه الأعمال الأبوكريفية – رغم التشويه الشديد – صوراً للعقائد المسيحية في تلك العصور. وأن كثيرين من الناس تثبت إيمانهم بقوة المسيح المخلص من خلالها.
أصلها:
هناك دوافع كثيرة وراء ظهور كتب مختلفة عن حياة وأعمال الرسل:
1 – التقدير الكبير للرسل كمستودع للحق المسيحي:
ففي العصر الرسولي كان السلطان الوحيد – بعد أسفار العهد القديم – بين الجماعات المسيحية هو “الرب” نفسه، ولكن بعد أن انتهت هذه الفترة الخصبة وأصبحت ماضياً، أصبح الرسل “الاثنا عشر ومعهم الرسول بولس) هم المرجع بعد المسيح لضمان استمرارية أسس الإيمان، فقد أخذوا وصايا الرب عن طريقهم (2 بط 3: 2)، فنجد أغناطيوس في رسائله، يعطي الرسل مكانة سامية كرسل المسيح، فكل ماله سند رسولي كان معتمداً عند الكنيسة، وكان سلطان الرسل معترفاً به في كل العالم، فقد ذهبوا إلى كل العالم للكرازة بالإنجيل، فبناء على الأسطورة التي جاءت في بداية أعمال توما، قسم الرسل مناطق العالم فيما بينهم. وكانت النتيجة الحتمية للمكانة الرفيعة التي وضعوا فيها الرسل، كمعاقل الحق المسيحي، أن زاد الاهتمام بالقصص المتناقلة عن أعمالهم، والحاجة إلى مضاعفة الكتب التي تقدم تعاليمهم بكل تفصيل.
2 – الفضول:
فسفر أعمال الرسل القانوني لم يعتبر كافياً لإشباع الرغبة في معرفة حياة الرسل وتعاليمهم، فبعض الرسل قد تجاهلهم سفر الأعمال، كما أن المعلومات عن بطرس وبولس لا تزيد عن لمحات من أحداث حياتهما. وفي مثل هذه الظروف تصبح أي معلومات غير موجودة في سفر الأعمال القانوني، مطلوبة بشدة. وحيث أن التاريخ الصحيح لكل رسول من الرسل كان قد لفه الغموض، اخترعت الأساطير لإشباع الفضول النهم. والسمة البارزة في هذه القصص المخترعة، هي الشهادة عن المستوى البالغ الرفعة الذي وصل إليه تقدير الرسل في فكر الشعب.
3 – الرغبة في السلطان الرسولي:
كما حدث في الأناجيل الأبوكريفية، كذلك كان الدافع إلى تزايد الروايات المنسوجة حول الرسل، هو الرغبة في إضفاء أهمية كبيرة على بعض المفاهيم المتعلقة بالحياة، والتعاليم المسيحية التي سادت بعض الدوائر، وذلك بنسبها إلى الرسل. فبجانب الصورة الصحيحة للمسيحية والمعترف بها عند الجميع، وجدت – وبخاصة في أسيا الصغرى – مسيحية شعبية بأنماط منحرفة للحياة، فمن الجانب العملي، نظروا إلى المسيحية كنظام للتقشف لا يشمل الامتناع عن الأطعمة الحيوانية والخمر فحسب، بل أيضاً وأساساً الامتناع عن الزواج، فكانت البتولية هي المثل الأعلى للمسيحية، وكان الفقر والأصوام أموراً ملزمة للجميع. وتسود هذه الروح كل أسفار الأعمال الأبوكريفية. والخطة الواضحة فيها هي تأكيد ونشر هذا النموذج التقشفي، بإظهار أن الرسل كانوا يدافعون بحماس عنه، كما أن الطوائف الهرطوقية استخدمتها وسيلة لنشر عقائدها الشاذة، وسعوا لاستبدال تعليم الكنيسة الجامعة النامية، بتعاليم غريبة ادعوا أنها تعاليم رسولية.
4 – مكانة الكنائس المحلية:
كان هناك سبب جانبي لتلفيق هذه الأساطير عن الرسل، وهو رغبة بعض الكنائس في وجود سند لما تدعيه من أن مؤسسها هو أحد الرسل، أو أنها كانت على صلة بهم. وفي بعض الحالات كان ما يقولونه عن دائرة خدمة أحد الرسل، له سند صحيح، ولكن في حالات أخرى، هناك دلائل قوية على أنها مجرد اختلاق لإعطاء مكانة بارزة لكنيسة محلية.
ثانيا – مصادرها:
1 – سفر الأعمال الكتابي:
فيمكن عموماً القول بأن أسفار الأعمال الأبوكريفية مملوءة بالتفاصيل الأسطورية، وقد بذلت في اختلاقها كل الجهود للإيحاء بصحتها التاريخية، فإنها كثيراً ما تذكر أحداثاً وردت في سفر الأعمال الكتابي، فالرسل يلقون في السجون ويخرجون منها بمعجزة، والذين يتجددون يستضيفون الرسل في بيوتهم، ويتكرر وصف عشاء الرب بأنه “كسر الخبز” (أع 2: 42 و46) بصورة تلاءم أغراضهم، حيث لا يرد ذكر للخمر في صنع العشاء الرباني.
وفي أعمال بولس، واضح أن المؤلف، استخدم سفر الأعمال الكتابي كإطار لروايته، وذلك لإضفاء صبغة الصحة التاريخية على هذه التلفيقات المتأخرة، لكي تنال قبولاً لدى القارئ. واستنادهم الواضح على سفر الأعمال الكتابي دليل قوي على أنه كان له اعتباره السامي الرفيع في الوقت الذي كتبت فيه هذه الأسفار الأبوكريفية.
2 – التقاليد:
فهذه الصبغة الأسطورية لأسفار الأعمال الأبوكريفية، لا تمنع احتمال صحة بعض التفاصيل في الزيادات عما في سفر الأعمال الكتابي، فلا بد أنه كانت هناك تقاليد كثيرة عن الرسل – لها أساس تاريخي صحيح – احتفظت بها الجماعات المسيحية. ولا بد أن بعض هذه التقاليد وجدت لها مكاناً في كتابات، كان بعض أهدافها – على الأقل – إشباع الفضول العام لمعرفة أشمل عن الرسل. ويقيناً يوجد شيء من الحقيقة التاريخية بين طيات قصة بولس وتكلة (أعمال بولس)، فوصف شكل بولس الوارد في هذه القصة، من المحتمل جداً أن يكون له أساس تاريخي صحيح، ولكن يجب القول بأن دلائل وجود تقاليد يعتمد عليها، ضئيلة جداً، فالبذور القليلة من الحقيقة التاريخية، مدفونة في أكوام من الأساطير التي لا شك في زيفها.
3 – أدب الرحلات:
ومع وجود هذا الارتباط بين أسفار الأعمال الأبوكريفية وبين سفر الأعمال الكتابي، ورغم وجود بعض التقاليد الصحيحة بين طياتها، إلا أنه مما لا شك فيه أنها في مجموعها من اختراع الروح الهيلينية التي تجد لذتها في الخوارق والمعجزات. وأكثر صور الأدب، التي تكاد تترك طابعها على كل صفحة من أسفار الأعمال الأبوكريفية، هي الكتابات الرومانسية عن الرحلات. وأكبر مثل للروايات الخيالية، حياة الكارز الفيثاغوري صانع المعجزات، أبولونيوس من تيانا المتوفي في ختام القرن الأول، والأعمال العجيبة التي يقال إنه كان يعملها في أثناء تجواله والتي نقلت – بشكل أقل إثارة – إلى غيرة من المعلمين. وفي هذا الجو من الخيالات، ولدت أسفار الأعمال الأبوكريفية. فأعمال توما تذكرنا بقصة أبولونيوس، فكما ذهب توما إلى الهند، هكذا ذهب أبولونيوس فيثاغورس إلى الهند، بلاد العجائب، وهناك كرز “بحكمة معلمه”.
4 – الشهادة الكنسية:
يبدو من إشارة كاتب الوثيقة الموراتورية (بيان بالأسفار المعترف بها في الكنيسة في حوالي 190 م.) إلى سفر الأعمال الكتابي، أنه ربما كان يشير إلى سفر آخر للإعمال، فهو يقول: “أعمال كل الرسل موجودة في كتاب واحد، فقد كتبها لوقا ببراعة لثاوفيلس، في حدود ما وقع منها تحت بصره، كما يظهر ذلك من عدم ذكره شيء عن استشهاد بطرس أو رحلة بولس من روما لأسبانيا”.
وفي القرن الثالث نجد تلميحات خاطفة لبعض أسفار الأعمال الأبوكريفية، ولكن في القرن الرابع كثرت الإشارات إليها في كتابات الشرق والغرب على السواء. وسنذكر هنا أهم هذه الإشارات:
1 – شهادة كتاب الشرق:
أول كتاب الشرق الذين ذكروا صراحة الأعمال الأبوكريفية، هو يوسابيوس (المتوفى في 340 م.)، فهو يذكر “أعمال أندراوس وأعمال يوحنا وأعمال الرسل الآخرين”، وكانت من الهوان بحيث لم يحسب أي كاتب كنسي أنها أهلاً لأن يستشهد بها، فأسلوبها وتعليمها ينمان بكل وضوح عن مصدرها الهرطوقي، لدرجة تمنع من وضعها حتى بين الكتب الزائفة، بل رفضوها تماماً باعتبارها سخيفة وشريرة. ويصرح أفرايم (المتوفي 373 م.) بأن أسفار الأعمال كتبها الباردسانتيون لينشروا باسم الرسل ما هدمه الرسل أنفسهم. ويكرر أبيفانيوس (حوالي 375 م.) الإشارة إلى أسفار أعمال كانت تستخدم بين الهراطقة. ويعلن أمفيلوكيوس من أيقونية، وكان معاصراً لأبيفانيوس، أن كتابات معينة كانت تنطلق من دوائر الهراطقة وهي “ليست أعمال الرسل، بل روايات شياطين”. كما أن مجمع نيقية الثاني (787 م.) يحتفظ لنا بعبارة أمفيلوكيوس آنفة الذكر، وقد بحث موضوع الكتابات الأبوكريفية، وبصورة خاصة أعمال يوحنا – التي كان يستند إليها معارضو الأيقونات – وقد وصفها المجمع بأنها “الكتاب المقيت” وأصدر ضده هذا القرار: “لا يقرأه أحد، وليس ذلك فقط، بل نحكم بأنه مستحق أن يلقى طعاماً للنيران”.
5 – شهادة الغرب:
وتكثر الإشارات إلى هذه الأعمال منذ القرن الرابع، فيشهد فيلاستريوس من برسكيا (حوالي 387 م) بأن الأعمال الأبوكريفية كانت مستخدمة عند المانيين، ويقول إنها وإن كانت لا تليق قراءتها للجمهور، إلا أن القارئ الناضج يمكن أن يستفيد منها. وسبب هذا الحكم المنحاز يكمن في النزعة التقشفية في هذه الأعمال، والتي كانت تتمشى مع الاتجاه السائد في الغرب في ذلك الوقت. ويشير أوغسطينوس مراراً إلى الأعمال الأبوكريفية بأنها كانت تستخدم عند المانيين ووصمها بأنها من تأليف “ملفقي الخرافات”. لقد قبلها المانيون واعتبروها صحيحة، وفي هذا يقول أوغسطينوس: “لو أن الناس الأتقياء المتعلمين الذين عاشوا في زمن مؤلفيها، وكانوا يستطيعون الحكم عليها، قد أقروا بصحتها، لقبلتها سلطات الكنيسة المقدسة”. ويذكر أوغسطينوس أعمال يوحنا وأعمال توما بالاسم، كما أنه يشير إلى أن ليوسيوس هو مؤلف الأعمال الأبوكريفية. ويذكر تريبيوس، من استورجا، أعمال أندراوس وأعمال يوحنا وأعمال توما وينسبها للمانيين. ويندد تريبيوس، بالتعليم الهرطوقي في أعمال توما عن المعمودية بالزيت عوضاً عن الماء، ويدين هذه الهرطقة. ويذكر أن ليوسيوس هو مؤلف أعمال يوحنا. كما أن المرسوم الجلاسياني يدين أعمال أندراوس وتوما وبطرس وفيلبس وينعتها بأنه أبو كريفية. ونفس هذا المرسوم يدين أيضاً “كل الكتب التي كتبها ليوسيوس تلميذ الشيطان”.
6 – فوتيوس:
أما أكمل وأهم الإشارات إلى الأعمال الأبوكريفية فهي ما جاء بكتابات فوتيوس بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من القرن التاسع، ففي مؤلفه “ببليوتيكا” تقرير عن 280 كتاباً مختلفاً قرأها في أثناء إرساليته لبغداد، وكان بينها كتاب “يقال عنه تجولات الرسل الذي يشتمل على أعمال بطرس ويوحنا وأندراوس وتوما وبولس. ومؤلفها جميعاً – كما يعلن الكتاب نفسه بكل وضوح – هو ليوسيوس كارنيوس”. ولغتها خالية تماماً من النعمة التي تتميز بها الأناجيل وكتابات الرسل، فالكتاب غاص بالحماقات والمتناقضات، وتعليمه هرطوقي، وبخاصة أنه يعلم بأن المسيح لم يصبح مطلقاً إنساناً حقيقياً، وأن المسيح لم يصلب بل صلب إنسان آخر مكانه، وأشار إلى تعليم التقشف والمعجزات السخيفة في هذه الأعمال، وإلى الدور الذي لعبه كتاب أعمال يوحنا في صراع معارضي الأيقونات.
ويختم فوتيوس بالقول: “بالاختصار يحوي هذا الكتاب عشرات الآلاف من الأشياء الصبيانية التي لا تصدق، السقيمة الخيال، الكاذبة، الحمقاء، المتضاربة، الخالية من التقوى والورع، ولا يجافي الحقيقة كل من ينعتها بأنها نبع وأم كل الهرطقات”.
ثالثاً – إدانة الكنيسة لها:
هناك إجماع في الشهادات الكنسية على الطابع العام للأعمال الأبوكريفية، فهي كتابات استخدمتها الطوائف الهرطوقية، أما الكنيسة فاعتبرتها غير جديرة بالثقة بل ومؤذية. ومن المحتمل أن مجموعة الأعمال المحتوية على الخمسة الأجزاء التي أشار إليها فوتيوس، كانت من تأليف المانيين في شمالي أفريقيا، الذين حاولوا أن يحملوا الكنيسة على قبولها عوضاً عن سفر الأعمال الكتابي الذي رفضه المانيون، وقد وصمتها الكنيسة بالهرطقة. وأصرم حكم هو الذي أصدره ليو الأول (حوالي 450 م.) فأعلن أنها: “لا يجب منعها فقط، بل يجب أن تجمع وتحرق، لأنه وإن كان فيها بعض الأشياء التي لها صورة التقوى، إلا إنها لا تخلو مطلقاً من السم، فهي تعمل خفية بغواية الخرافات، حتى تصطاد في حبائل الضلالات، كل من تستطيع خداعهم برواية العجائب”. فأعمال بولس، التي لا يبدو فيها هرطقة واضحة، شملها الحرم الكنسي على أساس أنها جاءت في ختام المجموعة. على أي حال، إن الكثيرين من معلمي الكنيسة، ميزوا بين تفاصيل الخوارق وبين التعاليم الهرطوقية، فرفضوا الثانية وأبقوا على الأولى.
رابعاً – الكاتب:
ينسب فوتيوس الأعمال الخمسة لمؤلف واحد هو ليوسيوس كارنيوس، كما أن الكتّاب الأوائل نسبوا أسفاراً معينة فيها إلى ليوسيوس كارنيوس، وعلى الأخص – بشهادة عدد كبير من الكتَّاب – أعمال يوحنا. وكما يتضح من هذه الأعمال، يدّعى المؤلف بأنه كان تابعاً ورفيقاً للرسول. ويذكر أبيفانوس شخصاً اسمه ليوسيوس كان من حاشية يوحنا، ولكن ملحوظة أبيفانوس هذه، مشكوك في صحتها ولعلها نتجت عن خلطه بين ليوسيوس وأعمال يوحنا. ونسبة هذه الأعمال لتلميذ ليوحنا ستظل موضع شك إذ أن الأرجح أنها ليست كذلك. ومهما كان الأمر فإنه عندما جمعت هذه الأعمال في مجموعة واحدة، نسبت جميعها إلى المؤلف المزعوم لأعمال يوحنا، وعلى الأرجح حدث هذا في القرن الرابع، رغم أنه من الواضح أن الأعمال جميعها ليست بقلم كاتب واحد (وأكبر دليل هو الاختلاف الواضح في الأسلوب) وإن كان يوجد بعض التشابه بين البعض منها، إما لأنها لمؤلف واحد أو لأنها أخذت عن مصدر واحد.
خامساً – العلاقة بين أسفار الأعمال المختلفة:
كان واضحاً منذ العصور القديمة وجود ارتباط بين مختلف أسفار الأعمال، ولا شك في أنه على أساس هذا الارتباط جمعت في مجموعة واحدة تحت اسم مؤلف واحد، فالبعض يرون تشابهاً كبيراً بين أعمال بطرس وأعمال يوحنا، وأنهما من إنتاج مؤلف واحد، ويرى البعض الآخر أن الأول بني على الثاني، بينما يرى آخرون أن هذا التشابه نتيجة مدرسة لاهوتية واحدة، وجو كنسي واحد. كما أن أعمال أندراوس فيها وجوه شبه كثيرة مع أعمال بطرس. وعلى أي حال، فإنها جميعها تسودها روح الزهد، وفي جميعها يبدو المسيح في صورة رسول، وفي جميعها أيضاً تزور النساء الرسول في السجن. أما من جهة التعليم اللاهوتي، فأعمال بولس تقف وحدها ضد النزعة الغنوسية، أما الأعمال الأخرى فتتفق في نظرتها الدوسيتية لشخص المسيح، بينما نرى في أعمال يوحنا وأعمال بطرس وأعمال توما نفس التعليم الصوفي الغامض عن الصليب.
سادساً – قيمتها:
أ – كتاريخ:
لا قيمة إطلاقاً لأسفار الأعمال الأبوكريفية من جهة الإلمام بحياة الرسل وأعمالهم، ولعل الاستثناء الوحيد لذلك هو الجزء المختص ببولس وتكلة في أعمال بولس. وهنا أيضاً تضيع الحقائق التاريخية في أكوام من الأساطير. ودوائر خدمة الرسل – كما ذكرت في هذه الأعمال – لا يمكن قبولها بدون مناقشة رغم أنها قد تكون مستقاة من مصادر جديرة بالثقة. وعلى وجه العموم فإن الصورة المرسومة في أسفار الأعمال الأبوكريفية لجهود الرسل الكرازية هي صورة كاريكاتيرية غريبة غير متناسقة.
ب – كتسجيل للمسيحية في العصور الأولى:
رغم أن أسفار الأعمال الأبوكريفية لا قيمة تاريخيه لها، إلا أنها عظيمة القيمة فيما يختص بإلقاء الضوء على الفترة التي كُتبت فيها، فهي ترجع إلى القرن الثاني، وهي منجم عني بالمعلومات عن المسيحية في صورتها العامة في ذلك الوقت، فهي تعطينا صورة حية للمسيحية في مواجهة الطوائف السرية المتطرفة والمذاهب الغنوسية التي ازدهرت في تربة أسيا الصغرى، فنرى فيها الإيمان المسيحي مشوباً بروح الوثنية المعاصرة ونرى الإيمان بالمسيح الله المخلص الذي أشبع الشوق العارم للفداء من قوات الشر، مع بعض عناصر باقية من البيئة الوثنية:
1 – نرى في هذه الأسفار صورة للمسيحية في صورتها العامة تحت تأثير الأفكار الغنوسية بالمقابلة مع غنوسية المدارس التي تتحرك في مجال المفاهيم الأسطورية، والتجريدات الباردة والتهويمات الخادعة. ويكمن خلف الغنوسية، احتقار الوجود المادي. وفي مسيحية أسفار الأعمال الأبوكريفية نجد النتيجة العملية لهذين الفكرين النابعين من هذا الموقف المبدئي: مفهوم دوسيتي عن شخص المسيح، ونظرة تقشف للحياة. وفي الدوائر الشعبية، لم يكن للمسيح سوى القليل من سمات يسوع التاريخي، كان هو الله المخلص فوق كل الرياسات والسلاطين، وبالاتحاد به تخلص النفس من أعمال الشر الرهيبة وتدخل إلى الحياة الحقيقة. وحياة المسيح كإنسان تسامت حتى أصبحت مجرد مظهر، وبخاصة آلام المسيح التي كانت تفهم بطريقة رمزية، فأحيانا يرون فيها صورة لوجود المسيح في كنيسته يقاسم المؤمنين آلام الاستشهاد، وأحيانا يرون في قصة آلام المسيح رمزاً للآلام البشرية بوجه عام. وأحياناً يرون فيها كيف أن خطية شعبه وضعفهم وعدم أمانتهم تسبب له آلاماً متجددة على الدوام. ويظهر التأثير الأدبي للغنوسية، في روح التقشف المتزمت، أقوى السمات المميزة لهذه الأعمال.
والحقيقة أن هذه الصورة من الزهد لا نجدها في الدوائر الغنوسية فحسب، بل نجدها في الدوائر الكنسية القديمة كما يبدو من أعمال بولس وغيرها من المصادر. وظهور الصورة المتزمتة من الزهد في المسيحية الأولى أمر مفهوم، فقد كان ميدان المعركة الرئيسية – التي كان على الإيمان المسيحي أن يخوضها ضد الوثنية الهيلينية – هو الطهارة الجنسية. وبالنظر إلى التهتك والخلاعة اللتين شاعتا في العلاقات الجنسية، لا عجب أن يكون رد الفعل المسيحي هو التطرف إلى الناحية الأخرى، وكبح الشهوة الجنسية تماماً. وهذا الاتجاه في الكنيسة الأولى أكدته الروح الغنوسية، وظهر بوضوح في أسفار الأعمال الأبوكريفية التي ظهرت في الدوائر الغنوسية أو في بيئة شاعت فيها الأفكار الغنوسية. ولابد أنه كان لهذه الروايات الخيالية التي تعني أشد العناية بالطهارة الجنسية، أثرها البالغ في شحن الأذهان ضد العلاقات الجنسية التي تلوث طهارة الروح التي كانوا ينشدونها.
وتوجد مبادئ أخلاقية أخرى في هذه الأسفار تتفق تماماً مع المبادئ المسيحية.
2 – وأسفار الأعمال الأبوكريفية عظيمة النفع لمعرفة صور العبادة في بعض الدوائر المسيحية، فنجد وصفاً كاملاً لممارسة الفرائض المقدسة في أعمال توما. كما توجد في هذه الأسفار بعض الصلوات التي تنبض بالدفء، والغنية بعباراتها التعبدية.
3 – ونجد بداية استخدام التراتيل المسيحية، في أعمال توما التي توجد فيها تراتيل غنوسية تفيض بالخيال الشرقي.
4 – يبدو في كل هذه الأسفار الاغرام بالخوارق، والحماسة الدينية التي ازدهرت في أسيا الصغرى في القرن الثاني (مثلاً: رقص التلاميذ حول يسوع، في أعمال يوحنا 94).
سابعاً – أثرها:
كان لأسفار الأعمال الأبوكريفية أثر ملحوظ في تاريخ الكنيسة، فبعد أن استقرت المسيحية في حكم قسطنطين، عاد الناس بأبصارهم إلى أيام الجهاد والاضطهاد، واهتموا اهتماماً شديداً بأحداث عصر بطولات الإيمان، عصر الرسل والشهداء، فقرأوا أعمال الشهداء بنهم، وبخاصة الأعمال الأبوكريفية التي اعتمدوا عليها كثيراً لإشباع رغبتهم في معرفة المزيد عن الرسل، مما لا يوجد في الأسفار القانونية. وكانت التعاليم الهرطوقية – التي امتزجت بالأساطير التي نسجوها حول الرسل – سبباً في إدانة السلطات الكنسية لها، ولكن الحرم الكنسي لم يستطع أن يمحو أثر هذه الألوان الزاهية الموجودة في تلك الروايات، وأمام ذلك كرس كتّاب الكنيسة أنفسهم لكتابة التواريخ القديمة بعد استبعاد كل ما هو ظاهر الهرطقة، وأبقوا على الخوارق والمعجزات. ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل استخدمت مادة الأعمال الأبوكريفية بكثرة في تلفيق تواريخ الرسل الآخرين، كما نجد في المجموعة المسماة “أبدياس” من القرن السادس. وكانت النتيجة أنه من القرن الرابع إلى القرن الحادي عشر تزايدت بسرعة المؤلفات عن الرسل “وأصبحت الموضوع المحبوب الذي يقبل على قراءته المسيحيون من أيرلنده حتى جبال أثيوبيا، ومن بلاد العجم حتى أسبانيا” (كما يقول هارناك). كما كتبت الأساطير حول الرسل بالأشعار الدينية، وظهرت هذه الكتابات في تواريخ الشهداء والتقاويم، وأصبحت مواضيع للمواعظ في أيام الصوم، واتسقي منها الرسامون مواضيع لرسومهم. وكتبت حلقات أخرى من هذه الأساطير في الكنائس السريانية والقبطية، وترجمت الأساطير القبطية إلى العربية، ومن العربية إلى الحبشية. وكانت هذه الكتابات أمَّا ولوداً لجميع أنواع الخرافات، وكما يقول هارناك: “أجيال بأكملها من المسيحيين بل أمم بأكملها منهم، قد غشيت أبصارهم وبصائرهم بالمظاهر البراقة لهذه الروايات، فلم يعموا عن رؤية نور التاريخ الصحيح فحسب، بل عميت أعينهم عن رؤية الحق ذاته”، ولا يفوتنا أن نذكر أن المراسلات مع الكورنثيين الواردة في أعمال بولس، قبلتها الكنيستان السريانية والأرمينية واعتبرتاها قانونية.
الأبوكريفا الأعمال – كل منها على حده:
الأعمال الأبوكريفة التي سنتكلم عنها هنا، هي أعمال ليوسيوس التي ذكرها فوتيوس. وهي بصورتها الحالية حدث فيها تنقيح لصالح الفكر الكنسي، ولكنها في أصلها كانت تنتمي للقرن الثاني، ومن العسير أن نعرف كم تختلف هذه الأعمال في صورتها الحالية عما ظهرت عليه أصلاً، ولكن واضح من كثير من النقاط أن التنقيح الذي حدث بهدف حذف الأخطاء الهرطوقية، لم يكن شاملاً فكثير من الأجزاء الواضحة الغنوسية، مازالت موجودة، لأن المنقح – على الأرجح – لم يدرك معناها الحقيقي.
أولا – أعمال بولس:
ويقتبس منها أوريجانوس مرتين في كتاباته التي مازالت محفوظة، ولعل هذا هو سبب الاعتبار الكبير الذي حظيت به في الشرق. وفي المخطوطة الكلارومونتانية (القرن الثالث) – وهي من أصل شرقي – توضع أعمال بولس موضع الاعتبار مع راعي هرماس ورؤيا بطرس. كما أن يوسابيوس – الذي يرفض رفضاً باتاً “أعمال أندراوس وأعمال يوحنا وأعمال سائر الرسل” – يضع أعمال بولس في قائمة الأسفار المشكوك في صحتها مع هرماس ورسالة برنابا وتعليم الرسل وغيرها.
أما في الغرب حيث كان يُنظر بعين الريبة لأوريجانوس، فيبدو أنهم رفضوا أعمال بولس. ولا يرد لها ذكر إلا في كتابات هيبوليتس صديق أوريجانوس، وهو لا يذكرها بالاسم ولكنه يستشهد بصراع بولس مع الوحوش كدليل على صدق قصة دانيال في جب الأسود. ولم يبق من أعمال بولس إلا أجزاء قليلة، ولم يكن يعرف عنها إلا القليل حتى سنة 1904 حين ظهرت ترجمة لنسخة قبطية – غير سليمة الحفظ – نشرها س. شميدت. وظهر أن أعمال بولس وتكلة ليست في الحقيقة إلا جزءاً من أعمال بولس. ومن الملحوظات المذكورة في المخطوطة الكلارومونتانية وغيرها، نستنتج أن هذه الأجزاء التي بين أيدينا لا تزيد عن ربع الأصل:
1. أطول هذه الأجزاء وأهمها هو ما وصل إلينا في كتاب منفصل باسم “أعمال بولس وتكلة” ولا نستطيع أن نقطع بالزمن الذي فصلت فيه عن أعمال بولس، ولكنه لابد حدث قبل المرسوم الجلاسياني (496 م) الذي لا يذكر أعمال بولس، ولكنه يدين “أعمال بولس وتكلة”.
أ. تتلخص القصة في: أن فتاة مخطوبة من أيقونية اسمها تكلة استمعت إلى كرازة بولس عن البتولية وفتنت بها، فرفضت الارتباط بخطيبها. ولتأثير بولس عليها، اُستدعى بولس أمام الحاكم الذي ألقاه في السجن فزارته تكلة، فتعرض كلاهما للمحاكمة، فنُفي بولس من المدينة وحكم على تكلة بالحرق، ولكنها نجت بمعجزة من وسط النار، وأخذت في البحث عن بولس. وعندما وجدته رافقته إلى أنطاكية (وغير واضح إن كانت أنطاكية بيسيدية أو أنطاكية في سوريا)، وفي أنطاكية فتن بها شخص ذو نفوذ اسمه إسكندر، الذي عانقها علناً في الشارع، فاستهجنت تكلة فعلته ونزعت التاج الذي كان على رأسه، فحكم عليها أن تصارع الوحوش في ميدان الألعاب. وتركت تكلة تحت حراسة الملكة تريفينا التي كانت تعيش وقتئذ في أنطاكية. وعندما دخلت تكلة إلى حديقة المصارعة، لقيت لبؤة حتفها دفاعاً عن تكلة ضد الوحوش، وفي وسط الخطر ألقت تكلة بنفسها في حوض به عجول البحر، وهي تهتف: “باسم يسوع المسيح أعمد نفسي في آخر يوم”. وعندما اقترح البعض أن تمزق تكلة بين الثيران الهائجة، أغمى على الملكة تريفينا فخشيت السلطات مما يمكن أن يحدث، وأطلقوا سراح تكلة وسلموها لتريفينا فذهبت تكلة مرة أخرى للبحث عن بولس، وعندما وجدته أرسلها للكرازة بالإنجيل، فقامت بالكرازة في أيقونية أولاً ثم في سلوقية حيث ماتت. وقد وضعت إضافات متأخرة نهاية تكلة، تقول إحداها إنها ذهبت من سلوقية إلى روما في طريق تحت الأرض وظلت في روما حتى موتها.
ب – ورغم أن قصة تكلة كتبت لإيجاد سند رسولي للبتولية، فمن المحتمل أن يكون لها أساس ضعيف من الصحة، فوجود طائفة قوية باسمها في سلوقية يؤيد الرأي القائل بأن تكلة كانت شخصية تاريخية، كما أن التقاليد عن صلتها ببولس – التي تجمعت حول المعبد الذي بنى في سلوقية تكريماً لها – هي التي شكلت عناصر هذه الرواية، ولاشك أن فيها بعض الذكريات التاريخية. فتريفينا شخصية تاريخية تأكد وجودها من اكتشاف نقود باسمها، وكانت أم الملك بوليمون الثاني ملك بنطس وقريبة للإمبراطور كلوديوس. وليس هناك ما يدعو للشك في ما جاء في هذه الأعمال من أنها كانت تعيش في أنطاكية في وقت زيارة بولس الأولى لها. كما أن هذه الأعمال واضحة في دقتها الجغرافية، فتذكر الطريق الملكي الذي تقول إن بولس سار فيه من لسترة إلى أيقونية، وهي حقيقة تستلفت النظر، لأنه بينما كان الطريق مستخدماً في أيام بولس للأغراض العسكرية، أهمل استخدامه كطريق منتظم في الربع الأخير من القرن الأول. ويوصف بولس في هذه الأعمال: “بأنه رجل قصير القامة، أصلغ الرأس، مقوس الساقين، نبيل الأخلاق، مقرون الحاجبين، ذو أنف بارز بعض الشيئ، ممتلىء نعمة، كان يبدو أحياناً إنساناً، وأحياناً أخرى كان يبدو بوجه ملاك”. وقد يكون لهذا الوصف سند يعتمد عليه. ويدافع رمساي (في كتابة “الكنيسة في الإمبراطورية الرومانية” ص. 375) عن احتمال وجود نسخة قصيرة من هذه الأعمال ترجع إلى القرن الأول، وذلك على أساس هذه الملامح التاريخية، ولكن الكثيرين لا يقبلون وجهة نظر رمساي.
ج – كانت أعمال بولس وتكلة واسعة الانتشار، ولها تأثير كبير وذلك للتقدير الواسع لتكلة التي كانت لها مكانة كبيرة بين القديسين باعتبارها “أول أنثى تستشهد”. والإشارات إلى هذه الأعمال في كتابات الآباء قليلة، ولكن الرواية نفسها كانت رائجة جداً بين المسيحيين في الشرق وفي الغرب على السواء. ووصل التقدير لتكلة أقصى مداه في غاليا. وهناك قصيدة شعرية عنوانها “الوليمة” كتبها كيبريان، أحد شعراء جنوب غاليا، في القرن الخامس، وفي تلك القصيدة تبدو تكلة في مستوى الشخصيات الكتابية العظيمة، وكتاب “أعمال زاسيف وبولكسينا” مأخوذ كله من أعمال بولس وتكلة.
2 – جزء هام آخر من أعمال بولس، هو الجزء الذي يشتمل على ما يُعْرَف بالرسالة الثالثة إلى الكورنثيين، وفيها يذكر أن بولس كان في السجن في فيلبي (ليس في زمن أعمال الرسل 16: 23، ولكن بعد ذلك بوقت). وكان سجنه لسبب تأثيره على ستراتونيس زوجة أبولوفانيس، فالكورنثيون الذين أزعجتهم هرطقة اثنين من المعلمين، أرسلوا خطاباً لبولس يصفون له التعاليم الخبيثة التي تدعي أن الأنبياء لا قيمة لهم، وأن الله غير قادر على كل شيء، وأنه ليست هناك قيامة أجساد، وأن الإنسان لم يخلقه الله، وأن المسيح لم يأت في الجسد ولم يولد من مريم، وأن العالم ليس من صنع الله بل من صنع الملائكة. وقد حزن بولس كثيراً بوصول هذه الرسالة، وفي ضيق شديد كتب الرد الذي فند فيه هذه الآراء الغنوسية التي ينادي بها معلمون كذبة. ومما يستلفت النظر أن هذه الرسالة التي تستشهد كثيراً برسائل بولس الكتابية، ورسالة الكورنثيين إلى بولس التي دفعته إلى كتابتها، اعتبرتهما الكنائس السريانية والأرمينية، قانونيتين بعد القرن الثاني، ولم تصل إلينا الصورة الأصلية للرسالة في اليونانية، ولكنها وصلتنا في نسخة قبطية (غير كاملة) ونسخة أرمينية ونسختين مترجمتين لللاتينية (مشوهتين)، علاوة على تناولها في تفسير أفرايم (بالأرمينية). وقد فقدت النسخة السريانية.
3 – علاوة على الجزئين المذكورين أعلاه من أعمال بولس، توجد أجزاء أقل أهمية مثل شفاء الرسول لرجل مصاب بالاستسقاء في ميرا (وهي تتمة لقصة تكلة)، ومصارعة بولس للوحوش في أفسس (مبينة على ما جاء في 1 كو 15: 32)، واقتباسين قصيرين يذكرهما أوريجانوس، وجزء ختامي يصف استشهاد الرسول في زمن نيرون الذي ظهر له بولس بعد موته. كما أن أكليمندس الإسكندري يقتبس فقرة عن إرسالية بولس الكرازية، والتي ربما شكلت جزءاً من أعمال بولس. وربما كانت هذه الأعمال ذاتها هي مصدر حديث بولس في أثينا الذي كتبه جون سالسبوري (حوالي 1156).
المؤلف وتاريخ التأليف: مما ذكره ترتليان نعلم أن مؤلف “أعمال بولس” كان شيخاً من شيوخ أسيا، كتب كتابه “بقصد تعظيم بولس، بإضافات من عنده” وأنه طرد من وظيفته عندما اعترف بأنه فعل ذلك حباً في بولس “. وشهادة ترتليان هذه يؤيدها الدليل في الكتاب ذاته، حيث أنه – كما رأينا – يظهر معرفة دقيقة بطبوغرافية أسيا الصغرى وتاريخها. وكثير من الأسماء الواردة بهذه الأعمال وجدت في أثار سميرنا، وإن كان من الخطأ أن نستنتج بناء على ذلك أن المؤلف كان من مدينة سميرنا، ولعله كان من مدينة نالت فيها تكلة تقديراً خاصاً، وكان الدافع له إلى كتابتها هو صلتها ببولس الكارز بالبتولية، بجانب تفنيد بعض الآراء الغنوسية. ولعل تاريخ تأليف أعمال بولس يرجع إلى النصف الثاني من القرن الثاني بين 160 – 180 م.
ورغم أن أعمال بولس كتبت لبيان عظمة الرسول، فإنها تبين بوضوح أن المؤلف لم يكن مؤهلاً لذلك من ناحية المقدرة الفكرية أو اتساع الرؤيا، فالمستوى الفكري لهذه الأعمال هابط جداً كما أنها فقيرة في مفاهيمها، فالموضوع الواحد يتكرر بدون أي تغيير، والعيوب الظاهرة في خيال المؤلف واضحة في أسلوبه العاري الخالي من الفن. وبه اقتباسات كثيرة من العهد الجديد، والصورة التي يرسمها للمسيحية ضيقة ومن جانب واحد، وهي في جملتها صحيحة، وليس فيها ما يؤيد رأي ليسيوس بأنها مأخوذة عن مؤلف غنوسي. فتكرار أحداث الخوارق، والتقشف الشديد الذي يميز هذه الأعمال، ليسا دليلاً على التأثر بالغنوسية، بل أن التعليم فيها هو ضد الغنوسية، كما نرى في المراسلات بين بولس والكورنثيين: “أن الرب يسوع المسيح ولد من مريم من نسل داود، فقد أرسل الآب الروح من السماء إليها.” ويؤكد قيامة الأموات بقيامة المسيح من بين الأموات، ولكن القيامة قاصرة على الذين يؤمنون بها (وهذه النقطة يبدو أنها من ابتكار المؤلف)، فيقول: “إن مَنْ لا يؤمنون بالقيامة لن يقوموا” ويربط بين الإيمان بالقيامة وضرورة الامتناع تماماً عن المعاشرات الجنسية، فالأطهار فقط هم الذين يعاينون الله، “فلن يكون لكم نصيب في القيامة إلا إذا ظللتم طاهرين ولم تنجسوا الجسد”. والإنجيل الذي كرز به الرسول كان يتعلق “بضبط النفس والقيامة”. ومحاولة المؤلف تدعيم صورة المسيحية التي كانت سائدة في أيامه، كانت هي الهدف الرئيسي لتأليف الكتاب، فيصور الرسول بولس على أنه رسول هذا المفهوم الشائع. ولإضفاء صورة جذابة على تعليمه، ملئت الصورة بالخوارق والمعجزات لإرضاء ذوق ذلك العصر.
ثانياً – أعمال بطرس: يوجد جزء كبير (حوالي الثلثين) من أعمال بطرس محفوظاً باللغة اللاتينية، يطلق عليه “أعمال فرسيلي” نسبة إلى مدينة فرسيلي في بيدمونت حيث توجد المخطوطة في مكتبة كنيستها. كما اكتشف جزء منها بالقبطية ونشره في 1903 س. شميدت تحت عنوان “أعمال بطرس” ويرى شميدت أنها جزء من كتاب أخذت منه أعمال فرسيلي، ولكن هذا أمر موضع شك. وهذا الجزء يتعلق بحادثة حدثت في أثناء خدمة بطرس في أورشليم، بينما، “أعمال فرسيلي” – ولعل المقصود منها أن تكون امتدادًا لسفر الأعمال القانوني – تروي قصة الصراع بين بطرس وسيمون الساحر، واستشهاد بطرس في رومية. وما ذكره عنها كتاب الكنيسة (فيلاستريوس من برسكيا، وإيزادور من بلوزيوم وفوتيوس) يؤكد أن “أعمال فرسيلي” هي جزء من أعمال بطرس التي حرمت في مرسوم أنوسنت الأول (405 م) وفي المرسوم الجلاسياني (496 م):
1 – يحتوي الجزء القبطي على قصة ابنة بطرس المفلوجة، ففي أحد أيام الآحاد وبطرس مشغول بشفاء المرضى، سأله أحد الواقفين: لماذا لم يشف ابنته؟ ولكي يبرهن على قدرة الله على إتمام الشفاء على يديه، شفي بطرس ابنته لفترة وجيزة، ثم أمرها أن تعود إلى مكانها وإلى حالتها كما كانت من قبل، وقال إن هذه البلوى قد أصابتها لتخلصها من النجاسة، حيث أن بطليموس قد فتن بها وأراد أن يتخذها له زوجة. وحزن بطليموس على عدم حصوله عليها حتى عمي من البكاء، وبناء على رؤيا، جاء إلى بطرس الذي أعاد له بصره فآمن، وعندما مات ترك قطعة من الأرض لابنة بطرس. وقد باع بطرس تلك القطعة من الأرض ووزع ثمنها على الفقراء. ويشير إلى هذه القصة دون أن يذكر اسم “أعمال بطرس”. كما توجد إشارتان لهذه القصة في أعمال فيلبس. كما تذكر القصة مع أعمال نريوس وأخيلاوس – التي كتبت في عهد متأخر، مع تغييرات واضحة – ويذكر أن ابنة بطرس – التي لم يذكر اسمها في المخطوطة القبطية – كانت تسمى “بترونيلا”.
2 – تنقسم محتويات الأعمال الفرسيليانية إلى ثلاثة أقسام:
أ – الأصحاحات الثلاثة الأولى واضح أنها تكملة لقصة أخرى، ويمكن أن تكون تكملة لسفر الأعمال القانوني، فهي تروي ارتحال بولس إلى أسبانيا.
ب – الجزء الأكبر (من 4 – 32) يصف الصراع بين بطرس وسيمون الساحر في رومية، فلم يمكث بطرس في رومية طويلاً حتى لحق به سيمون – الذي كان “يدعي أنه قوة الله العظيمة” – وأفسد كثيرين من المسيحيين. وظهر المسيح لبطرس في رؤيا في أورشليم وأمره أن يبحر إلى إيطاليا وإذ وصل إلى رومية ثبت المؤمنين، وأعلن أنه جاء لتثبيت الإيمان بالمسيح ليس بالأقوال فقط بل بعمل المعجزات والقوات (إشارة إلى 1 كو 4: 20، اتس 1: 5). وبناء على التماس من الإخوة، ذهب بطرس لمقابلة سيمون في بيت رجل يدعي مارسلوس كان قد أضله الساحر، وعندما رفض سيمون مقابلته، أطلق بطرس كلباً وأمره أن يبلغ سيمون الرسالة، وكانت نتيجة هذه المعجزة أن تاب مارسلوس. وبعد ذلك جزء يصف إصلاح تمثال مكسور برش الكسر بماء باسم يسوع. وفي تلك الأثناء كان الكلب قد ألقى موعظة على سيمون وأصدر عليه حكم الدينونة بنار لا تطفأ.
وبعد أن أبلغ بطرس بقيامه بمأموريته وتكلم إلى بطرس بأقوال مشجعة، اختفى الكلب عند قدمي الرسول. وبعد ذلك جعل سمكة مشوية تعوم، فتقوى إيمان مارسلوس وهو يرى العجائب التي يصنعها بطرس، فطرد سيمون من بيته بكل احتقار، فاغتاظ سيمون جداً لذلك، فذهب إلى بطرس يتحداه، فانبرى له طفل عمره سبعة شهور، يتكلم بصوت رجالي، وشجب سيمون وجعله يبكم حتى السبت التالي. وظهر المسيح لبطرس في رؤيا في الليل وشجعه، وفي الصباح حكى بطرس للجماعة انتصاره على سيمون “ملاك الشيطان” في اليهودية. وبعد ذلك بقليل في بيت مارسلوس، الذي “تطهر من كل أثر لسيمون”، كشف بطرس المفهوم الحقيقي للإنجيل. وتظهر كفاءة المسيح لمقابلة كل أنواع الحاجة في فقرة لها صبغة دوسيتية: “سيغريكم حتى تحبوه، هذا العظيم والصغير، هذا الجميل والقبيح. هذا الشاب والقديم الأيام، الذي ظهر في الزمان ولكنه محجوب تماماً في الأبدية، الذي لم.. تلمسه يد، ولكنه يلمس الآن من خدامه، الذي لم يره جسد ولكنه الآن يرى.. وبعد ذلك في وهج عجيب من النور السماوي، استردت النوافذ المقفلة بصرها ورأت الأشكال المختلفة التي ظهر بها المسيح لهم”.
وتصف رؤية لمارسلوس ظهر له الرب فيها في هيئة بطرس وضرب بسيف “كل قوة سيمون” التي ظهرت في شكل امرأة حبشية سوداء جداً وفي ثياب رثة. ويأتي بعد ذلك الصراع مع سيمون في الساحة العامة في محضر أعضاء مجلس الشيوخ والولاة، وبدأ الجانبان في المبارزة بالكلام ثم بالأفعال التي برزت فيها قوة بطرس وتفوقت في إقامة الموتى، على قوة سيمون، وهكذا خسر سيمون شهرته في رومية، وفي محاولة أخيرة لاسترداد نفوذه، أعلن أنه سيصعد إلى الله، وطار – أمام الجموع المحتشدة – فوق المدينة. ولكن استجابة لصلاة بطرس للمسيح، وقع سيمون وانكسرت ساقه في ثلاثة مواضع، فنقل من رومية، وبعد أن بترت ساقه مات.
ج – يختم سفر الأعمال الفرسيلياني بقصة استشهاد بطرس (أصحاحات 33 – 41)، فقد استهدف بطرس لعداء الشخصيات من ذوي النفوذ لأنه حرض زوجاتهم على الانفصال عنهم، ونتج عن ذلك القصة المشهورة “كوافاديس”. هرب بطرس من رومية عندما استشعر الخطر، ولكنه قابل المسيح الذي قال له إنه ذاهب إلى رومية ليصلب ثانية، فعاد بطرس وحكم عليه بالموت. وفي مكان تنفيذ الحكم، فسر بطرس سر الصليب. طلب أن يصلب منكس الرأس، وعندما فعلوا به ذلك، شرح في عبارات مصبوغة بالصبغة الغنوسية، سبب رغبته في ذلك. وبعد صلاة صوفية الطابع، أسلم بطرس الروح , وغضب نيرون جداً لإعدام بطرس بدون علمه، لأنه كان يريد التشفي فيه وتعريضه لأنواع من العذاب. وبناء على رؤية، امتنع عن صب غضبه على المسيحيين واضطهادهم اضطهاداً عنيفاً (قصة استشهاد بطرس موجودة أيضاً في الأصل اليوناني).
قيمتها التاريخية:
واضح مما سبق أن هذه الأعمال ليست إلا أساطير، وليس لها أي قيمة من الناحية التاريخية عن خدمة بطرس، فهي في حقيقتها من اختراع الروح القديمة التي تستغذب الخوارق، والتي ظنت أن قوة المسيحية تعتمد تماماً على قدرة ممثليها على التفوق على الجميع في امتلاك قوة خارقة.
أما قصة حصول سيمون على نفوذ كبير في رومية وكيف أقيم له تمثال تكريماً له (أصحاح 10)، فقد يكون لها أساس من الحقيقة، فيقول جستين الشهيد إن سيمون بناء على الأعمال العجيبة التي كان يقوم بها في رومية، كان يعتبر إلهاً وأقيم له تمثال تكريماً له. ولكن شكوكاً خطيرة قد أحاطت بالقصة كلها من النقوش الموجودة على حجر في قاعدة عامود في رومية عن إله سبيني اسمه سيمو سانكوس، ولعل هذا ما دعا جستين إلى أن يخلط بين هذا التمثال وبين سيمون الساحر، ولعله أيضاً كان الأساس الذي نسجت حوله أسطورة أعمال سيمون في رومية. أما موضوع استشهاد بطرس في رومية فهو أمر قديم، ولكن لا يمكن الركون في ذلك إلى القصة الواردة في أعمال بطرس.
المؤلف وتاريخ التأليف:
لا يمكن الجزم بشيء في موضوع مؤلف أعمال بطرس، فالبعض يعتقدون أنها من تأليف كاتب أعمال يوحنا، ولكن الأمر المؤكد هو أنهما نبتتا في نفس الجو الديني في أسيا الصغرى. وليس هناك إجماع على مكان كتابتها، ولكن بعض التفاصيل الصغيرة مع طبيعة الكتاب، تدل على أن أصله كان في أسيا الصغرى أكثر مما في رومية، فهو يخلو من ذكر أي شيء عن أحوال رومية، بينما هناك تلميحات محتملة عن شخصيات تاريخية عاشت في أسيا الصغرى. أما تاريخ كتابته فيرجع إلى ختام القرن الثاني على الأرجح.
طبيعتها:
استخدم الهراطقة أعمال بطرس، بينما حرمتها الكنيسة، وليس معنى هذا بالضرورة أنها من أصل هرطوقي، وإن كان يستشف منها روح – اعتبرت فيما بعد – هرطوقية، ولكن من المحتمل أنها نشأت داخل الكنيسة في بيئة مصبوغة بشدة بالأفكار الغنوسية، فنجد المبدأ الغنوسي في التشديد بخصوص “فهم الرب” (أصحاح 22). وكذلك نرى الفكرة الغنوسية في أن الكتب المقدسة يلزم أن تكون مصحوبة بتعليم سري مسلم من الرب للرسل، في كثير من الأجزاء (وبخاصة الأصحاح 20)، ففي أثناء وجودهم على الأرض في شركة مع المسيح، لم يكن ممكناً للتلاميذ أن يفهموا تماماً كل إعلان الله، فكل منهم رأى ما استطاع أن يراه، فبطرس يقول إنه يسلم لهم ما استلمه من الرب “في سر”. كما يوجد فيها شوائب من الهرطقة الدوسيتية، كما أن الكلمات التي نطق بها بطرس وهو معلق على الصليب توحي بتأثير غنوسي (فصل 73 إلخ.)، ونجد في تلك الأعمال نفس الموقف السلبي من الخليقة والروح التقشفية الواضحة كما في غيرها من الأسفار الأبوكريفية. و “عذارى الرب” لهم مكانة رفيعة (فصل 22)، ويستخدم الماء بدل الخمر في العشاء الرباني. وأشد ما يميز أعمال بطرس هو التشديد على رحمة الله الواسعة في المسيح من نحو المرتدين (وبخاصة في فصل 7)، وهذه الملحوظة التي تكرر كثيراً هي برهان على وجود الإنجيل الحقيقي في مجتمعات اختلط إيمانها بأغرب الخرافات.
ثالثاً – أعمال يوحنا:
بناء على جدول المخطوطات لنيسيفورس، كانت أعمال يوحنا في صورتها الكاملة تشكل كتاباً في حجم إنجيل متى. وعدد من أجزائة يبدو مترابطاً، وهذه تكون نحو ثلثي الكتاب. وبداية تلك الأعمال مفقودة، وتبدأ الرواية بالفصل 18. ولا نستطيع أن نجزم بشيء عن محتويات الفصول السابقة، وإن كان “بونيت” يرى أن الأربعة عشر فصلاً الأولى تروي تفاصيل رحلة يوحنا من أفسس إلى رومية، ونفيه إلى بطمس، بينما الأصحاحات من 15 – 17 تصف عودته من بطمس إلى أفسس، ولكننا نستبعد هذا لأن الجزء الذي يبدأ بالفصل 18 يصف زيارة يوحنا الأولى لأفسس. ويروي الجزء الأول الموجود من هذه الأعمال (من 18 – 25) أن ليكوميدس “القائد الأول للأفسسيين” قابل يوحنا وهو يقترب من المدينة وتوسل إليه من أجل زوجته الجميلة كليوبترا التي أصيبت بالفالج، وعند وصولهم إلى البيت بلغ الحزن من ليكوميدس مبلغاً سقط معه ميتا، وبعد أن صلى يوحنا للمسيح، شفى كليوبترا ثم أقام ليكوميدس من الموت. ونزولاً على توسلاتهما أقام يوحنا معهما. وفي الفصول من 26 – 29 نجد موضوع صورة يوحنا التي لعبت دوراً بارزاً في مجمع نيقية الثاني، فقد أرسل ليكوميدس صديقاً له ليرسم صورة ليوحنا وعندما تمت، وضعها في غرفة نومه وأقام مذبحاً أمامها وأحاطها بالشموع، ولما اكتشف يوحنا لماذا يأوي ليكوميدس إلى غرفته كثيراً، اتهمه بعبادة وثن وعلم أن الصورة هي صورته، وصدق ذلك عندما جاءوا له بمرآة ليرى نفسه فيها، فطلب يوحنا من ليكوميدس أن يرسم صورة لنفسه وأن يستخدم في تلوينها الإيمان بالله، الوداعة، المحبة، العفة، إلخ أما صورة الجسد فهي صورة ميتة لإنسان ميت. أما الفصول من 30 – 36 فتروي قصة شفاء امرأة عجوز مريضة، وفي الساحة حيث كانت تجري المعجزات، ألقى يوحنا خطاباً عن بُطل كل الأشياء الأرضية، وعن الطبيعة المدمرة التي للعواطف الجسدية. وفي الفصول 37 – 45 نقرأ أن معبد أرطاميس قد سقط نتيجة لصلاة يوحنا، مما أدى إلى ربح الكثيرين للمسيح. وكاهن أرطاميس الذي قتل عند سقوط المعبد، قام من الموت وأصبح مسيحياً (46). وبعد سرد عجائب أخرى (إحداهما كانت طرد البق من أحد البيوت)، تأتي أطول قصص هذا الكتاب وهي قصة منفرة عن دروسيانا (62 – 86) نظمتها الراهبة هروزوتيا من جاندرشيم في قصيدة شعرية (القرن العاشر).
والفصول من 87 – 105 تروي حديثاً ليوحنا عن حياة وموت وصعود يسوع، مصبوغاً بالصبغة الدوسيتية، ومنها جزء كبير يتعلق بظهور المسيح في أشكال كثيرة بطبيعة جسده الفريدة. وفي هذا الجزء توجد الترنيمة الغريبة التي استخدمها أتباع بريسليان، والتي يقولون إنها الترنيمة التي رنمها يسوع بعد العشاء في العلية (مت 26: 30) والتلاميذ يرقصون في حلقة حوله ويردون قائلين آمين. وهنا أيضاً نرى التعليم الصوفي الغامض عن الصليب يعلنه المسيح ليوحنا. والفصول من 106 – 115 تروي نهاية يوحنا، فبعد أن خاطب الإخوة وتمم فريضة عشاء الرب بالخبز فقط، أمر يوحنا بحفر قبر، وبعد أن تم ذلك صلى وشكر الرب الذي أنقذه من “الجنون القذر للجسد” وصلى أن يمر بأمان في ظلمة الموت وأخطاره، ثم اضطجع بهدوء في القبر وأسلم الروح.
قيمتها التاريخية:
لسنا في حاجة إلى القول بأن أعمال يوحنا ليس لها أي قيمة تاريخية، فهي نسيج من أساطير كان القصد منها وما حوته من معجزات، أن تغرس في أذهان العامة المفاهيم الدينية ونمط الحياة كما يعتنقها المؤلف. وهذه الأعمال تتفق مع التقليد الثابت بأن أفسس كانت دائرة خدمة يوحنا في أواخر أيامه، ولكن ما يلفت النظر هو ما ذكره المؤلف عن تدمير يوحنا لمعبد أرطاميس، وهو دليل قوي على أن هذه الأعمال لم تكتب في أفسس، لأن معبد أرطاميس دمره القوط في 262 م.
صفتها العامة:
إن أعمال يوحنا هي أكثر تلك الأسفار الأبوكريفية هرطقة، وقد أشرنا آنفاً إلى السمات الدوسيتية، فنرى عقيدة عدم حقيقة جسد يسوع في ظهوره بأشكال مختلفة (88 – 90)، وقدرته على البقاء بدون طعام (93)، وبدون نوم ( “فلم أر عينية مغمضتين قط ولكنهما على الدوام مفتوحتان” 89)، وإنه عندما يمشي لا تترك أقدامه أثراً (93)، وتغير طبيعة جسده عند اللمس فمرة يكون جامداً، وتارة ليناً، وأخرى خيالياً تماماً (89، 93). كما أن صلب يسوع كان مجرد مظهر وهمي (97، 99)، وأن الصعود حدث عقب الصلب الظاهري مباشرة فلا مكان لقيامة شخص لم يمت أصلاً. كما أن الملامح الغنوسية تبدو واضحة في استخفافه بالناموس اليهودي (94)، وفي الاهتمام بتأكيد أن المسيح سلم الرسل تعليماً سرياً (96)، وفي احتقار غير المستنيرين ( “لا تهتموا بالكثيرين، واحتقروا الذين خارج السر” 100) والأحداث التاريخية لآلام المسيح تحولت تماماً إلى نوع من الصوفية (101) فهي مجرد رمز للآلام البشرية، والهدف من مجيء المسيح هو أن يمكن الناس من فهم المعنى الحقيقي للآلام وهكذا يتخلص منها (96)، وآلام المسيح الحقيقية هي مانتج عن حزنه على خطايا أتباعه (106)، كما أنه شريك في آلام شعبه الأمين، وفي الحقيقة هو حاضر معهم ليسندهم في وقت التجربة (103). كما أن أعمال يوحنا تبدي نزعة هرطوقية وإن كانت أقل بروزاً من أعمال أندراوس وأعمال توما. ولا نجد في أي مؤلف آخر لمحات أكثر هولاً، مما نرى في أعمال يوحنا، من لمحات عن أعماق الفساد الجنسي، فقصة دروسيانا تلقي نوراً قوياً على الأمور الجنسية الفاضحة التي انتقلت إلى المسيحية الهيلينية. ولكن إلى جانب ذلك، توجد أجزاء تفيض بالمشاعر الدينية الدافئة. وبعض الصلوات تتميز بالحماسة والحرارة (112). وهذه الأعمال تدل على أن المؤلف كانت له موهبة الكتابة، وهي في هذا تختلف عن أعمال بولس.
المؤلف وتاريخ التأليف:
يقول مؤلف أعمال يوحنا عن نفسه بأنه كان رفيقاً للرسول، وقد شارك في الأحداث التي رواها، ونتيجة لذلك فإن القصة بها شيء من الحيوية حتى إنها لتبدو وكأنها تاريخ حقيقي. والمؤلف – بشهادة تعود إلى القرن الرابع – هو ليوسيوس ولكن لا يمكن أن نجزم بشيء عنه. ومن المحتمل أن المؤلف ذكر اسمه في الجزء المفقود. ونعرف أنها قديمة من إشارة إكليمندس السكندري (حوالي 200 م) إلى طبيعة جسد المسيح غير المادية، فهذه العبارة تدل بوضوح على أنه كان يعرف هذه الأعمال، أو سمع عنها، فمن المحتمل أنها كتبت فيما بين 150 – 180 م وأنها كتبت في أسيا الصغرى.
تأثيرها:
كان لأعمال يوحنا تأثير واسع، وعلى الأرجح هي أقدم أعمال، وعنها أخذت سائر أسفار الأعمال التي كتبت بعدها، فأعمال بطرس وأعمال أندراوس شديدة الشبه بأعمال يوحنا، حتى قال البعض إنها كلها من قلم واحد، والأرجح أننا على حق عندما نقول إن مؤلف أعمال يوحنا كان رائداً في هذا المجال من الروايات التي حيكت حول الرسل، وأن الآخرين ساروا على الدرب الذي فتحه. ونفهم من إشارة أكليمندس الإسكندري أن أعمال يوحنا كانت تقرأ في الدوائر القويمة، ولكن نُظر إليها بعد ذلك بعين الشك، فأوغسطينوس يقتبس جزءاً من الترنيمة (95) التي قرأها في مؤلف بريسلياني أرسله إليه الأسقف سرتيوس، ويعلق بنقد قاس عليها، وعلى الزعم بأنها أعلنت سراً للرسل. وقد أصدر مجمع نيقية الثاني (787 م) حكماً شديد اللهجة ضد أعمال يوحنا. ولكن القصص التي جاءت بهذه الأعمال انتقلت إلى الدوائر القويمة وقد استخدمها بروكورس (القرن الخامس) في تأليف رواية عن رحلات الرسول، كما استخدمها أبدياس (القرن السادس).
رابعاً – أعمال أندراوس:
ورد أول ذكر لهذه الأعمال – التي كثيراً ما يشير إليها الكتاب الكنسيون – في يوسابيوس، فهو يرفضها مع غيرها من الأعمال الأبوكريفية على أنها سخيفة وغير معقولة. ويشير أبيفانيوس إلى هذه الأعمال – عدة مرات – بأنها مستخدمة عند مذاهب هرطوقية كثيرة ممن يمارسون الزهد الشديد. وينسبها الكتّاب الأوائل إلى ليوسيوس مؤلف أعمال يوحنا.
محتوياتها: لم يبق من أعمال أندراوس إلا أجزاء صغيرة. كما يحتفظ لنا أيوديوس من أوزالا (توفي 424 م. – وكان معاصراً لأوغسطينوس) بجزء صغير، كما يوجد جزء أكبر في مخطوطة من القرن العاشر أو الحادي عشر تحتوي على حياة القديسين عن شهر نوفمبر، يقول عنها بونيت إنها من أعمال أندراوس. وقصة موت أندراوس ترد على جملة صور، والصورة التي يبدو أنها أقربها إلى الأصل، توجد في خطاب مشايخ وشمامسة كنائس أخائية.
1 – والجزء الوارد في أيوديوس عبارة عن فقرتين قصيرتين تصفان العلاقات بين مكسيميليا وزوجها أجيتس، الذي قاومت مطالبه.
2 – أطول جزء من هذه الأعمال يروي سجن أندراوس لإغرائه مكسيميليا بالانفصال عن زوجها أجيتس، لتعيش حياة الطهارة (واسم أجيتس هو في حقيقته اسم شخص ينتسب إلى مدينة أجيا القريبة من باتري التي يقال إن أندراوس كان يعمل بها). ويفتتح الفصل، في وسط خطاب ألقاه أندراوس على الإخوة في السجن، الذي انضموا إليه فيه ليفتخروا بشركتهم مع المسيح وبنجاتهم من أمور الأرض الدنية. وقد زارت مكسيمميليا ورفيقاتها الرسول مراراً في السجن، وقد جادلها أجيتس وهددها بأنها إذا لم تستأنف علاقاتها معه، فإنه سيعرض أندراوس للعذاب. وأشار عليها أندراوس بمقاومة الحاح أجيتس، وألقى خطاباً عن طبيعة الإنسان الحقيقية، وقال إن العذاب لا يخيفه، فلو أن مكسيميليا خضغت، لتألم الرسول من أجلها، وبمشاركتها له في الآلام تعرف طبيعتها على حقيقتها وهكذا تنجو من الضيق. ثم بعد ذلك عزى أندراوس إستراتوكليس أخا أجيتس الذي أعلن حاجته إلى أندراوس الذي غرس فيه “بذرة كلمة الخلاص”. وبعد ذلك أعلن أندراوس أنه سيصلب في اليوم التالي، فزارت مكسيميليا الرسول مرة أخرى في السجن، “وكان الرب يسير أمامها في صورة أندراوس”. وألقى الرسول خطاباً على جماعة من الإخوة عن خداع إبليس الذي بدا للإنسان أولاً كصديق ولكنه ظهر الآن كعدو.
3 – عندما وصل إندراوس إلى مكان الصلب، رحب بالصليب. وبعد أن ربط إلى الصليب، وعلق عليه، كان يبتسم لإخفاق أجيتس في الانتقام، لأنه (كما قال) “الرجل الذي ينتمي ليسوع، لأنه معروف ليسوع، فهو رجل محصن ضد الانتقام”. وظل أندراوس ثلاثة أيام وثلاث ليال يخاطب الشعب من فوق الصليب، وإذ تأثروا من نبله وبلاغته، ذهبوا إلى أجيتس طالبين منه إنقاذه من الموت. وإذ خشى غضب الشعب ذهب لينزل أندراوس من فوق الصليب، ولكن الرسول رفض النجاة وصلى للمسيح لكي يحول دون إطلاق سراحه. بعد ذلك أسلم الروح، وقد دفنته مكسيميليا، وبعدها بقليل طرح أجيتس نفسه من ارتفاع عظيم ومات.
الصفة العامة:
يظهر الاتجاه الهرطوقي بأقوى صورة في أعمال اندراوس ( وبالنسبة لهذا، ولارتباط أندراوس في التقليد الكنسي بالتقشف الشديد، فهناك مفارقة عجيبة حيث أنه في بعض أجزاء ألمانيا يعتبر أندراوس القديس الحامي للفتيات اللواتي يبحثن عن أزواج. ففي هارز وتورنجن تعتبر ليلة القديس أندراوس (30 نوفمبر) عند الفتيات أفضل وقت لرؤية أزواج المستقبل. وتبدو الروح الغنوسية في التقدير العظيم للإنسان الروحي (6). فالطبيعة الحقيقية للإنسان طاهرة، والضعف والخطية هما من عمل “العدو الشرير الذي هو ضد السلام”، وهو لا يظهر علناً كعدو لإغواء الناس ولكنه يتظاهر بالصداقة، وعندما يبزغ نور العالم، يرى عدو الإنسان في ألوانه الحقيقية. والخلاص من الخطية يأتي من الاستنارة. والنظرة المتصوفة إلى الآلام (9) تذكرنا بتلك الموجودة في أعمال يوحنا. ومواعظ الرسول تتميز بالجدية والحرارة (فالكلمات تفيض من شفيته “كسيل من نار” 12) وإحساس عميق بالرحمة الإلهية على الخطاة والمجربين.
القيمة التاريخية:
الشيء الوحيد في أعمال أندراوس الذي يمكن أن يكون له أساس تاريخي هو خدمته في باتري على خليج كورنثوس. وهناك اضطراب في التقاليد الكنسية عن دائرة خدمة أندراوس فيما بين سيكيثا وبثينية واليونان، ولكن من المحتمل أن أندراوس جاء إلى اليونان وإنه استشهد في باتري، ومن المحتمل في نفس الوقت أن خدمة أندراوس وصلبه في باتري قد اخترعت لإظهار أن الكنيسة في باتري كنيسة أسسها أحد الرسل.
أما التقليد عن صلب الرسول على الصليب المعروف باسم صليب القديس أندراوس، فهو تقليد متأخر.
خامساً – أعمال توما:
توجد هذه الأعمال كاملة. ويظهر مدى انتشارها في الدوائر الكنسية، من العدد الكبير من المخطوطات التي تضمها. والأرجح أنها كتبت أصلاً بالسريانية، ثم ترجمت بعد ذلك لليونانية مع إجراء تعديلات فيها لتناسب وجهة النظر الكاثوليكية.
محتوياتها:
في جدول المخطوطات لنيسيفورس، يذكر أن أعمال توما تحتوي على 1600 سطر (كل سطر حوالي 16 مقطعاً) أي حوالي أربعة أخماس إنجيل مرقس، وإذا كان ذلك صحيحاً، تكون الأعمال التي بين أيدينا قد تضخمت كثيرأ، ففي النسخة اليونانية تنقسم هذه الأعمال إلى ثلاثة عشر قسماً وتنتهي باستشهاد توما. ويمكن إعطاء فكرة عن المحتويات فيما يأتي:
1 – في اجتماع للرسل في أورشليم كان من نصيب توما أن يخدم في الهند، ولم يكن راغباً في الذهاب، ولكنه رضى بالذهاب عندما باعه الرب لرسول من الملك جوندافورس من الهند. وفي أثناء رحلته إلى الهند وصل توما إلى مدينة أندرابوليس حيث كان يحتفل بعرس ابنة الملك، فاشترك توما في تلك الاحتفالات ورنم ترنيمة عن العرس السماوي، وطلب الملك من توما أن يصلي من أجل ابنته، وبعد أن فعل ذلك، ظهر الرب في هيئة توما للعروسين وربحهما لحياة الامتناع عن الجنس، فغضب الملك لذلك وبحث عن توما ولكن توما كان قد رحل.
2 – لما وصل توما إلى الهند شرع في بناء قصر للملك جوندافورس، فأعطاه أموالاً لهذا الغرض ولكنه وزع المال على الفقراء، ولما اكتشف الملك ذلك وضع توما في السجن ثم عاد وأطلق سراحه عندما علم من أخيه – الذي قام من الأموات – بأن توما قد بنى له قصراً في السماء، وأصبح جوندافورس وأخو مسيحيين.
3 – وإذ ارتحل شرقاً وجد شاباً كان قد قتله تنين بسبب امرأة رغب فيها كلاهما، ولكن بناء على أمر توما امتص التنين السم من جسم الشاب فمات التنين، وعاد الشاب إلى الحياة واعتنق مبدأ الامتناع عن الجنس، ونصحه الرسول بأن يتجه بعواطفه إلى المسيح.
4 – قصة مهر يتكلم.
5 – إنقاذ توما لامرأة من قوة شيطان نجس. ووصف إقامة فريضة العشاء الرباني (بالخبز فقط) مع صلاة غنوسية.
6 – كيف تبكت شاب عند تناوله من فريضة العشاء، فاعترف بقتله لفتاة رفضت أن تعيش معه في علاقة دنسة، فأقيمت الفتاة من الموت ووصفت حياتها في الجحيم.
7 – توسل قائد اسمه سيفور إلى توما لينقذ زوجته وابنته من شيطان النجاسة.
8 – بينما هو في طريقهم إلى بيت القائد، سقطت البهيمة التي كانت تجر العربة. فتطوعت أربعة حمير وحشية لجرها، وأمر توما أحد الحمير الوحشية أن يطرد الشياطين من المرأتين.
9 – أصغت امرأة اسمها ميجدونيا – زوجة تشاريس أحد أقرباء الملك مسداي – إلى حديث الرسول مما أدى بها إلى رفض مجتمع زوجها، فشكا تشاريس للملك ضد الساحر الذي رقا زوجته، فطرح توما في السجن. وبناء على طلب رفقائه من السجناء صلى توما لأجلهم ورنم ترنيمة , تعرف باسم “ترنيمة النفس”، وهي ترنيمة غنوسية تماماً.
10 – نالت ميجدونيا ختم يسوع المسيح بعد أن دهنت بالزيت واعتمدت ثم تناولت العشاء الرباني من خبز وماء. وأطلق سراح توما من السجن، ونال سيفور وزوجته وابنته الختم.
11 – أرسل الملك مسداي الملكة ترتيا إلى ميجدونيا لاقناعها، وكانت النتيجة أن ترتيا نفسها اهتدت للحياة الجديدة فجاءوا بتوما للمحاكمة.
12 – وهناك تحدث فازان ابن الملك مع الرسول، فتجدد. فأمر الملك بأن يعذب توما بألواح حديدية محماة، ولكن عندما أحضروها انفجرت المياه من الأرض وغمرت الألواح. ويعقب ذلك خطاب وصلاة لتوما في السجن.
13 – زارت النساء وفازان الرسول في السجن، وبعد ذلك اعتمد فازان والآخرون، وتناولوا من العشاء الرباني، وقد جاء توما من السجن إلى بيت فازان لهذا الغرض.
14 – أمر الملك فقتل توما وخزاً بالرماح، ولكنه بعد ذلك أظهر نفسه حياً لأتباعه. ثم بعد ذلك شفي ابن لمسداي من روح نجس بواسطة تراب أخذ من قبر الرسول، وهكذا أصبح، مسداي نفسه مسيحياً.
طبيعة هذه الأعمال واتجاهها:
أعمال توما هي في حقيقتها مبحث في شكل أدب الرحلات، كان الهدف الرئيسي منها إظهار أن الامتناع عن العلاقات الجنسية شرط حتمى للخلاص، وإن كان توما في خطاباته قد شدد على الفضائل المسيحية الإيجابية وبخاصة واجب الرحمة ومجازاتها في قصة بناء القصر السماوي. وواضح أن هذه الأعمال نبتت في الدوائر الغنوسية، واحتضنتها دوائر الهراطقة. وقد نقحت الأعمال الأصلية لتكون أقرب إلى الأرثوذكسية، مع الاحتفاظ بالترانيم وصلوات التكريس التي تحمل ملامح غنوسية، وذلك في الغالب لعدم فهمها، كما يقول ليبسيوس فيما يتعلق “بترنيمة النفس”: “إننا ندين ببقاء هذه القطعة الثمينة من الشعر الغنوسي لجهل المنقح الكاثوليكي الذي لم يفطن لوجود حية الهرطقة الرقطاء رابضة تحت الأزهار الجميلة لهذا الشعر” وهذه الترنيمة – التي كتبها على الأرجح باردسانس مؤسس أحد المذاهب الهرطوقية – تروي في صورة مجازية نزول النفس إلى عالم الحس، ونسيانها لأصلها السماوي. ونجاتها بالإعلان السماوي الذي أيقظها لتعي حقيقة سموها، وعودتها إلى الوطن السماوي الذي منه جاءت ويرى البعض أنه من الخطأ تسميتها “ترنيمة النفس” فيقول “بروخن” إنها بالحري تصف نزول المخلص إلى الأرض، وإنقاذه للنفس التي تعاني من عبودية الشر، ثم عودته إلى ملكوت النور السماوي. ويمكن أن نقول عنها جميعها إنها صورة موسعة مزخرفة لما جاء في الرسالة لفيلبي (2: 5 – 11). ومهما يكن تفسير هذه الترنيمة، فهي قصيدة رائعة الجمال، غنية بالخيال الشرقي. فالتسبيح للمسيح في أحاديث الرسول كثيراً ما يكون مصوغاً في عبارات سامية، يغمرها دفء المشاعر. وكل أجزاء هذه الأعمال تزخر بالمعجزات والخوارق. فكثيراً ما يظهر المسيح في شكل توما الذي تمثله هذه الأعمال أخًا توأمًا للمسيح، واسمه الكامل هو يهوذا توما أو يهوذا التوأم. وفي الفصل 55 يوجد وصف لعذابات الدينونة مما يذكرنا برؤيا بطرس.
قيمتها التاريخية:
لسنا في حاجة إلى القول بأن أعمال توما – وهي رواية خيالية هادفة – ليست مصدراً تاريخياً لأي معلومات عن توما، وإن كان المؤلف قد استخدم أسماء أشخاص تاريخيين. فالملك جوندا فورس (فندافرا) معروف من مصادر أخرى أنه كان حاكماً بارثيانيا هندياً في القرن الأول الميلادي. ومن المشكوك فيه كثيراً ما تحتفظ به هذه الأعمال من أن توما قد عمل في الهند، فأقدم التقاليد التي نعرفها تقول إن دائرة عمله كانت بارثيا، والتقاليد السريانية تقرر أنه مات في إدسا حيث كرست كنيسة على اسمه في القرن الرابع. كما أن أسطورة أبجر تربط بين توما وإدسا حيث تقول إن تاديوس الذي أسس كنيسة إدسا كان مرسلاً من قبل توما. وفي أعمال توما الموجودة بين أيدينا نجد مجموعة من التقاليد عن الهند وإدسا، فنقرأ (170) أنه بعد موت الرسول بمدة حملت عظامه “إلى مناطق الغرب”. وتقاليد العصور الأولى لا تذكر شيئاً عن استشهاد توما، فبناء على قول لهراكليون الفالنتيني (حوالي 170 م) الذي يقتبسه أكليمندس الكسندري، مات الرسول بهدوء في فراشه. ويسمى الرسول في هذه الأعمال باسم يهوذا توما، كما نجد ذلك أيضاً في تعليم عداي وفي غيرها. ولا شك في أن ما تقوله هذه الأعمال من أن توما كان أخا توأما للمسيح، مبني على معنى اسم توما ( = التوأم) والرغبة في السمو بمكانة الرسول. وفي الفصل 110 (في ترنيمة النفس) إشارة إلى أن مملكة بارثيا مازالت قائمة، وحيث أن مملكة بارثيا انتهت في 227 م، فلا بد أن هذه القصيدة كتبت قبل ذلك التاريخ. ولكن يبدو أن هذه القصيدة لم تكن في الأعمال الأصلية التي لعلها ظهرت في نهاية القرن الثاني.
الأبوكريفا: الرسائل:
ينسب عدد قليل من الرسائل للعذراء مريم، ولكنها من تاريخ متأخر ولا قيمة لها، والرسائل الآتية هي الرسائل الأبوكريفية:
1 – رسالة منسوبة للرب:
يذكر هذه الرسالة يوسابيوس، الذي يقول إنه في أيامه كانت توجد نسخة من الرسالة في سجلات إدسا.
يرسل أبجروس ملك أسروين التي كانت إقليماً صغيراً في بلاد بين النهرين، إلى ربنا يطلب منه أن يشفيه فيبسط عليه حمايته. فيرسل الرب رسالة قصيرة يقول له فيها إنه لا يستطيع مغادرة فلسطين، ولكن بعد صعوده سيأتي رسول منه ويشفي أبجروس. وواضح أنها مزيفة، وقد تحولت أسروين فعلاً إلى المسيحية في بداية القرن الثاني، وقد كتبت الأسطورة ونالت الموافقة الرسمية لإثبات أن البلاد قد قبلت الإنجيل منذ الأيام الأولى.
2 – رسالة منسوبة لبطرس:
مواعظ كليمنت هي مؤلف خيالي ينسب إلى أكليمندس الروماني، فقد كتبت حوالي نهاية القرن الثاني أو بداية الثالث، وفي بدايتها توجد رسالة من بطرس إلى يعقوب، وفيها يشير بطرس على يعقوب ألا يظهر الكتاب المحتوي على كرازة بطرس إلا لدائرة محدودة، ويهاجم الرسول بولس هجوماً عنيفاً. وهي على ما هي عليه، إبيونية النزعة، وهي مزورة مثل المواعظ التي ألحقت بها.
3 – رسائل منسوبة لبولس:
(1) الرسالة إلى لاودكية. إن ذكر تلك الرسالة في (كو 4: 16) دفع أحدهم لتزييف رسالة. وهي مكتوبة باللاتينية وتتكون من عشرين عدداً، وهي مجموعة متناثرة من عبارات بولسية سلكت في خيط واحد. وقد ذكرت في المخطوطة الموراتورية (170 م) وكانت واسعة الانتشار في نهاية القرن الرابع. أما الآن فالكل يجمعون على أنها زائفة.
(2) رسالة مفقودة إلى الكورنثيين: ففي (1كو 5: 9) يذكر الرسول رسالة إلى الكورنثيين يبدو أنها قد فقدت. وفي القرن الخامس أدمجت بعد الرسالة الثانية لكورنثوس رسالة قصيرة من الكورنثيين إلى بولس وأخرى من بولس إلى الكورنثيين، وهما موجودتان في السريانية، ويبدو أنهما كانتا مقبولتين في دوائر كثيرة في نهاية القرن الرابع، وهما تكونان جزءأ من أعمال بولس الأبوكريفية، ويرجع تاريخ كتابتهما إلى حوالي 200 م.
4 – رسالة إلى أهل إسكندرية:
لا تذكر إلا في المخطوطة الموراتورية، ولم تصل إلينا مطلقاً.
5 – رسائل بولس لسنيكا:
وهي رسائل بالاتينية، ست منها من بولس، وثمان من سنيكا. ويقول ليتفوت عن هذه الرسائل: الأرجح أن هذه الرسائل قد زيفت في القرن الرابع، إما لتزكية سنيكا عند القراء المسيحيين، أو لتزكية المسيحية عند تلاميذ سنيكا. وكانت واسعة الانتشار في العصور الوسطى.
الأوبكريفا: الأناجيل:
تكون الأناجيل الأبوكريفية جزءاً من المؤلفات الأبوكريفية التي عاصرت تجميع أسفار العهد الجديد القانونية، فكلمة أبوكريفا تعني أنها غير قانونية وهي تشمل، بجانب الأناجيل، الرسائل والرؤى.
مقدمة:
يذكر لوقا في مقدمته أنه في أيامه عندما كان تلاميذ الرب مازالوا أحياء، كان من الشائع أن تكتب وتنشر قصص عن أعمال يسوع وأقواله. بل يقول البعض إنه في نهاية القرن الأول كان لكل كنيسة إنجيلها الخاص بها. ومن المحتمل أن هذه الأناجيل كلها كانت مأخوذة عن الأقوال الشفوية للذين رأوا وسمعوا بل ولعلهم تحادثوا مع الرب. وعدم الرضا عن هذه المؤلفات هو الذي دفع لوقا لكتابة إنجيله. ولكن من المشكوك فيه جداً الآن أن تكون هذه المؤلفات التي كانت قبل لوقا، هي بعض الموجود بين أيدينا الآن. وقد كان بعض العلماء المشهورين أمثال جروتيوس وجراب ومل يميلون في وقت مضى إلى اعتبار إنجيل العبرانيين وإنجيل الأبيونيين وإنجيل المصريين بين تلك المؤلفات التي أشار إليها لوقا. بل أن بعضهم كان يرى أنه من المحتمل أن إنجيل العبرانيين كتب بعد منتصف القرن الأول بقليل. ولكن الدراسات الحديثة لا تعود بهذه الأناجيل إلى مثل هذا التاريخ المبكر، وإن كان من المحتمل أن إنجيل العبرانيين له تاريخ أسبق من غيره من هذه المؤلفات.
الأناجيل القانونية:
ومهما يكن الأمر، فمما لا شك فيه أنه في ختام القرن الأول وفي بكور القرن الثاني كان الرأي مجمعاً على الاعتراف بالأناجيل الأربعة القانونية.
فايريناوس أسقف ليون (180 م) يعترف بالأربعة الأناجيل، وليس غير الأربعة، بأنها “أعمدة الكنيسة”. وثاوفيلس أسقف أنطاكية (168 – 180 م.)، وتاتيان، والشهيد جستين في دفاعه، يعودون بهذا التقليد إلى تاريخ مبكر جداً في ذلك القرن، وكما يُثبت “ليدون” بالتفصيل: “لا شطط في القول بأن كل عقد من عقود القرن الثاني يقدم لنا أدلة جديدة على أن الأناجيل الأربعة، وبشكل خاص إنجيل يوحنا، كان لها عند الكنيسة في ذلك العصر نفس المكانة التي لها في الكنيسة الآن” أما محاولة البروفسور بيكون من بيل للغض من قيمة شهادة إيريناوس (الإنجيل الرابع في الميزان – نيويورك 1910) فهي محاولة فاشلة. فهو يؤكد أموراً ليس عليها دليل، وينكر الحقائق الواضحة الدليل.
وفي القرن الماضي تعرضت الأناجيل فيما يختص بتكوينها وتاريخيتها وصحتها لأدق وأقسى أنواع النقد – وإن كان مثل هذا النقد لم ينقطع من قبل – ويمكن أن يقال انه قد بدأه ستراوس الذي – كما يقول ليدون – هز ضمير كل مسيحي في أوربا عندما نشر أول مؤلفاته “حياة يسوع”. وكانت الأساليب المستخدمة في ذلك الكتاب تتكون في معظمها من تطبيق مباديء النقد – التي استخدمت منذ أربعين سنة قبل ذلك، في تقييم المؤلفات القديمة – على الأسفار المقدسة والأناجيل بخاصة. والجدل الذي أثاره هذا النقد لا يمكن أن يقال إنه قد هدأ. وليس هنا مجال لتفصيل هذا الجدل، بل قد يكفي هنا أن نقول إن مواقف الكنيسة المعهودة أمكن الدفاع عنها بقوة وكفاءة وبخاصة فيما يختص بالأناجيل الأربعة القانونية.
الأبوكريفا: الأناجيل:
مهما كان مصير المؤلفات التي سبقت كتابة إنجيل لوقا، وغيرها مما ظهر في القرن الأول، فإن الأناجيل الأبوكريفية – والتي مازالت موجودة – بدأت تظهر في القرن الثاني عندما تحددت الأسفار القانونية. وفي أيام كتابة هذه المخطوطات، ومع طرق المواصلات المحدودة بين مختلف المواقع، وعندما كانت الكنيسة في طريق التكوين واستكمال تنظيمها، لابد أن تأليف هذه الأناجيل ونشرها كانا أيسر مما عليه الحال الآن. ويبلغ عدد هذه الأناجيل نحو خمسين، ولكن الكثير منها لا توجد منه سوى أجزاء صغيرة أو شذرات متفرقة، ويوجد البعض منها مكتملاً أو ما يشبه ذلك – كما سنرى فيما بعد – ولعل عددها قد تضخم نتيجة إطلاق أسماء مختلفة على المؤلف الواحد. ويذكر هوفمان ثلاثين منها مع بعض الإيضاحات، ويعطي فابريكوس قائمة كاملة بها. وكانت الدوائر الأبيونية والغنوسية شديدة الخصوبة في إنتاج مثل هذه الأناجيل. ويقول سلمون: “من السهل إعطاء قائمة طويلة بأسماء الأناجيل التي يقال إنها كانت مستخدمة عند المذاهب الغنوسية المختلفة، ولكن لا يعلم غير القليل عن محتوياتها، وهذا القليل لا يسمح لنا بأن ننسب لها أي قيمة تاريخية”، فالكثير منها لا نعرف عنه سوى عناوينها مثل إنجيل الباسليديين، وإنجيل كيرنثوس وإنجيل أبلس، وإنجيل متياس، وإنجيل برنابا (غير الإنجيل الموجود حالياً)، وإنجيل برثلماوس، وإنجيل حواء، وإنجيل فليمون، وكثير غيرها. وكان علماء الكنيسة الأولى والمسئولون فيها يعلمون بوجود هذه الأناجيل وبالهدف من كتابتها. ومما يسترعي النظر أنهم لم يترددوا في نعتها بما تستحقه، فكما يقول إيريناوس، إن الماركونيين أصدروا “عدداً لا يحصى من الكتابات الأبوكريفية المزورة التي زيفوها بأنفسهم لتضليل عقول الحمقى”. كما أن يوسابيوس يقدم لنا بياناً بالكتب المزيفة التي يدور الجدل حولها: “إنه في مقدورنا أن نميز بين هذه الكتب القانونية وتلك التي يصدرها الهراطقة بأسماء الرسل مثل: إنجيل بطرس، وإنجيل متى، وغيرها، أو مثل أعمال أندراوس ويوحنا وغيرهما من الرسل، التي لم يذكر أحد من كتّاب الكنيسة شيئاً عنها، وفي الحقيقة أن أسلوبها يختلف اختلافاً بيّناً عن أسلوب الرسل، كما أن أفكارها ومفاهيمها بعيدة جداً عن أفكارنا ومفاهيمنا القويمة الصحيحة، وهذا دليل على أنها من صنع خيال رجال هراطقة، ومن ثم وجب ألا تحسب بين الكتابات المزيفة فحسب، بل يجب أن ترفض كلية باعتبارها سخيفة ونجسة”. وفي مقدمة وستكوت لدراسة الأناجيل، نجد جدولاً كاملاً – باستثناء ما اكتشف في مصر مؤخراً – بالأقوال والأفعال التي لم تدون في الأسفار القانونية، والمنسوبة لربنا في كتابات العصور الأولى، وكذلك بياناً بالاقتباسات من الأناجيل غير القانونية والتي لا نعلم عنها شيئاً سوى هذه الاقتباسات. ويمكن أن نقول إن الهدف من هذه الأناجيل الأبوكريفية، هو أنها إما كتبت لتأييد هرطقة من الهرطقات، أو لتفصيل الأناجيل القانونية بإضافات أسطورية في غالبيتها. ولنبدأ بالنظر في إنجيل العبرانيين.
إنجيل العبرانيين:
إن التاريخ القديم المتفق عليه لهذا الإنجيل، وأغلب الاقتباسات القليلة منه، والاحترام الذي يذكره به الكتّاب الأوائل، والتقدير الذي يلقاه من العلماء عموماً في العصر الحاضر، كل هذه تجعل له اعتباراً خاصاً، فرغم ما جاء به من أن الرب قد أمر تلاميذه بالبقاء اثني عشر عاما ً في أورشليم – وهو أمر قليل الأهمية – فإنه يبدو من المعقول أن يحتاج المسيحيون المقيمون في أورشليم وفلسطين إلى إنجيل مكتوب بلغتهم (الأرامية الغربية)، ومن الطبيعي أن يستخدم المسيحيون من شتات اليهود هذا الإنجيل. فالمسيحيون من اليهود – المقيمون مثلاً في الإسكندرية – لابد أنهم استخدموا هذا الإنجيل، بينما الأرجح أن المسيحيين المصريين استخدموا إنجيل المصريين، إلى أن حلت محلهما الأناجيل الأربعة التي قبلتها الكنيسة كلها.
وليس ثمة دليل على أن هذا الإنجيل كان سابقاً للأناجيل الثلاثة الأولى، وبالأولى لم يكن من المؤلفات التي سبقت إنجيل لوقا والتي أشار إليها في مقدمة إنجيله. ويرجع به هارناك – بالاعتماد على وثائق لا سند حقيقياً لها – إلى المدة من 65 – 100 م. وكان جيروم (400 م) يعلم بوجود هذا الإنجيل ويقول إنه ترجمه إلى اليونانية واللاتينية، وتوجد اقتباسات منه في مؤلفاته وفي مؤلفات أكليمندس السكندري. وعلاقته بإنجيل متى الذي يكاد الإجماع ينعقد على أنه كتب أصلاً بالعبرية (الأرامية) أثارت جدلاً كثيراً، والرأي السائد بين العلماء أنه لم يكن الأصل الذي ترجم عنه إنجيل متى لليونانية، رغم أنه مؤلف قديم نوعاً. ويميل البعض مثل هارناك وسلمون إلى الاعتقاد بأن إنجيل العبرانيين الذي ذكره جيروم كان إنجيلاً خامساً كتب أصلاً للمسيحيين الفلسطينيين، ولكن قلت أهميته عندما امتدت المسيحية إلى كل العالم. وعلاوة على إشارتين إلى معمودية يسوع والقليل من أقواله مثل: “لا تفرح أبداً إلا متى نظرت نظرة الحب إلى أخيك”، “الآن يا أماه أخذني الروح بشعرة من شعري وحملني إلى جبل تابور العظيم”، فأنه يسجل لنا ظهور الرب ليعقوب بعد القيامة، الذي يذكره الرسول بولس (1كو 15: 7) كأحد الأدلة على القيامة. ولكن من الطبيعي أن بولس كان في إمكانه معرفة ذلك من يعقوب شخصياً كما من الأخبار المتواترة، وليس من الضروري أن يكون قد استقى ذلك من هذا الإنجيل. وهذا هو الخبر الرئيسي الوحيد الذي له أهميته، والذي يضيفه هذا الإنجيل إلى ما نعلمه من الأناجيل القانونية. وبمقارنة ما جاء به عن مقابلة المسيح للحاكم الغني، بما تذكره الأناجيل الثلاثة الأولى، نجد – كما يرى وستكوت – أن الأناجيل الثلاثة تقدم لنا أبسط الصور، ومن ثم فهي أقدم الصور لهذه الحادثة. ويرى بعض العلماء أنه لا بأس من الاستعانة ببعض المقتطفات الموجودة حالياً من هذا الإنجيل، للإحاطة ببعض جوانب حياة المسيح.
وقد أطلق الأبيونيون اسم “إنجيل العبرانيين” على نسخة مشوهة من إنجيل متى. وهذا يأتي بنا إلى أناجيل الهراطقة:
الأبوكريفا: أناجيل الهراطقة:
(1) إنجيل الأبيونيين:
يمكننا وصف الأبيونيين عموماً بأنهم المسيحيون من اليهود الذين عملوا على الاحتفاظ – بقدر الإمكان – بتعاليم وممارسات العهد القديم. وهو أصلاً جماعة المتطرفين في مجمع أورشليم المذكورين في (أع 15: 1 – 29). وكثيراً ما يرد ذكرهم في كتابات الآباء فيما بين القرن الثاني والقرن الرابع. ومن المحتمل أن المجادلات الغنوسية قد فرقتهم شيعاً وأحزاباً، فيقول جيروم – من القرن الرابع – إنه وجد في فلسطين مسيحيين من اليهود يعرفون باسم “ناصرين وأبيونيين”. ولا نستطيع الجزم هل كانا مذهبين منفصلين، أو أنهما كانا جناحين لمذهب واحد من ذوي الآراء المتحررة أو الضيقة. فالبعض مثل هارناك يعتقد أن الاسمين هما لقب مميز للمسيحيين من اليهود، بينما يعتقد البعض الآخر أن الأبيونيين هم جماعة الرجعيين والمذهب الأضيق من المسيحيين اليهود، بينما كان الناصريون أكثر تسامحاً مع من يختلفون معهم في العقيدة والممارسات. فإنجيل الأبيونيين أو إنجيل الاثني عشر رسولاً – كما كان يسمى أيضاً – يمثل مع إنجيل العبرانيين – المذكور سابقاً – الروح المسيحية اليهودية. ويحتفظ لنا أبيفانيوس (376 م) ببعض أجزاء من إنجيل الأبيونيين. ويقول إن الناصريين “لديهم إنجيل متى في صورة أكمل في العبرية” (أي الأرامية)، ولكنه يردف ذلك بالقول: “إنه لا يعلم ما إذا كانوا قد حذفوا سلسلة نسب المسيح من إبراهيم” أي لا يعلم ما إذا كانوا قد قبلوا ولادة المسيح من عذراء أو لم يقبلوها. ولكنه يذكر أيضاً في موضع آخر ما يناقض ذلك، فيقول: “إن الأبيونيين لديهم إنجيل” يسمى الإنجيل بحسب متى “غير كامل وغير صحيح تماماً بل هو مزور ومشوه، ويسمونه الإنجيل العبري”.
ويذكر وستكوت الأجزاء التي مازالت موجودة من هذا الإنجيل، “وهي تبين أن قيمته ثانوية، وأن المؤلف قد استقى معلوماته من الأناجيل القانونية وبخاصة الأناجيل الثلاثة الأولى، بعد أن جعلها تتفق مع آراء وممارسات الأبيونية والغنوسية”.
(9) إنجيل المصريين:
وكل ما تبقى منه ثلاثة أعداد قصيرة وغامضة إلى حد ما. وهي مذكورة في أحد مؤلفات أكليمندس الإسكندري الذي خصصه لدحض أحد المذاهب الهرطوقية “المنضبطين” الذي كان يرفض الزواج وتناول اللحوم والخمر رفضاً باتاً. ونحن نقابل في رسائل بولس جماعات كانت تقول: “لاتمس ولا تذق ولا تجس” (كو 2: 21) “مانعين عن الزواج وآمرين أن يمتنع عن أطعمة قد خلقها الله للتناول بالشكر” (1 تي 4: 3). فما ذكره أكليمندس: (إنه عندما سألته سالومي: “إلى متى يسود الموت؟” قال لها الرب: “إلى أن تكفوا أنتن النساء عن ولادة أطفال، لأني قد جئت لأقضى على وظيفة المرأة” فقالت سالومي: “ألم أفعل حسناً بعدم ولادة أطفال؟” فأجابها الرب قائلاً: “كلوا من كل عشب، ولكن لا تأكلوا ما هو مر”. وعندما سألته سالومي: “متى تعلن الأمور التي سألت عنها؟” قال لها الرب: “عندما تدوسين ثياب الخجل، عندما يصبح الاثنان واحداً ويكون الذكر مع الأنثى لا ذكراً ولا أنثى).
وهذه الأقوال تختلف بكل تأكيد عن طبيعة أقوال الرب. ويختلف العلماء في العصر الحاضر على مدى مايذهب إليه هذا الإنجيل في هذه الهرطقة، وإلى أي مدى أطاعوه، فمع القليل الذي لدينا عنه، من الصعب أن نصل إلى نتيجة. ولا بد أنه كان يحتوي على أجزاء أخرى جعلت أوريجانوس يحكم عليه بالهرطقة، وقد استخدمه النحشتانيون (نسبة إلى الحية نحشتان) والسابليون. ويرجع تاريخ هذا الإنجيل إلى ما بين 130 – 150 م.
(2) إنجيل ماركيون:
واضح أن الهدف من هذا الإنجيل كان معارضة الأناجيل الأرامية. كان ماركيون من مواطني بنطس وابنا لأحد الأساقفة، استوطن روما في النصف الأول من القرن الثاني، وأسس مذهباً معارضاً لليهود، ولم يعترف إلا برسائل بولس. وهذا الكتاب مثال ناطق بمدى الحرية التي أباحها الكتّاب لأنفسهم في الأيام السابقة لتحديد الأسفار القانونية، وكيف امتدت هذه الحرية الطائشة إلى أقدس أمور الإيمان، كما يرينا مدى ما ثار من نزاع وصراع حتى تحددت الأسفار القانونية.
رفض ماركيون العهد القديم بأجمعه، ولم يستبق من العهد الجديد سوى إنجيل لوقا، على أساس أنه من مصدر بولسي، بعد حذف الأجزاء التي تستند إلى العهد القديم، كما استبقى عشر رسائل من رسائل بولس بعد حذف الرسائل الرعوية. وكل آباء الكنيسة الأوائل المشهورين يتفقون في حكمهم على ما فعله ماركيون من تشويه في إنجيل لوقا. وترجع أهمية إنجيل ماركيون إلى أن البعض كانوا يزعمون أنه هو الإنجيل الأصلي الذي يعتبر إنجيل لوقا تفصيلاً له، ولكن أبحاث العلماء في ألمانيا ثم في انجلترا قضت على هذه النظرية نهائياً.
(3) إنجيل بطرس:
حتى أوائل هذا القرن لم نكن نعرف عن هذا الإنجيل أكثر مما نعرف عن كثير من أناجيل الهراطقة السابق الكلام عنها، فقد ذكر يوسابيوس أن إنجيلاً يسمى “إنجيل بطرس” كان مستخدماً في كنيسة مدينة روسوس في ولاية أنطاكية في نهاية القرن الثاني، وقد ثار الجدل حوله، وبعد الفحص الدقيق، حكم عليه سرابيون أسقف أنطاكية (190 – 203) بالهرطقة الدوسيتية (التي تنكر أن جسد المسيح كان جسداً حقيقياً). وينسب أوريجانوس في تعليقه على (مت 10: 17) إلى هذا الإنجيل أنه قال: “يوجد البعض من إخوة يسوع، أبناء يوسف من زوجة سابقة عاشت معه قبل مريم”. ويذكر يوسابيوس إنجيل بطرس بين الأناجيل الهرطوقية المزيفة. ويقول ثيودوريت أحد مؤرخي الكنيسة اليونانيين (390 – 459 م) إن الناصريين استخدموا إنجيلاً اسمه “بحسب بطرس”. كما يشير إليه جيروم أيضاً. وقد حكم بزيف هذا الإنجيل في المرسوم الجلاسياني (496 م). ويقول سلمون (1885 م): “إنه لا توجد أجزاء كثيرة من هذا الإنجيل، وواضح أنه لم يكن واسع الانتشار”، ولكن في السنة التالية عثرت البعثة الفرنسية الأركيولوجية في صعيد مصر – في قبر يظن أنه قبر أحد الرهبان، في أخميم (بانوبوليس) – على رقوق مكتوب عليها أجزاء من ثلاثة مؤلفات مسيحية مفقودة هي: سفر أخنوخ وإنجيل بطرس، ورؤيا بطرس، فنشرت في 1892 وأثارت جدلاً كثيراً. ونشر علماء مبرزون صوراً طبق الأصل من الإنجيل، وقدروا أن هذه الرقوق تحتوي على حوالي نصف الإنجيل الأصلي، فهي تبدأ من منتصف قصة الآلام بعد أن غسل بيلاطس يديه من كل مسئولية، وتنتهي في منتصف جملة، عندما كان التلاميذ في نهاية عيد الفطير ينصرفون إلى بيوتهم: “لكن أنا (سمعان بطرس الكاتب المزعوم) واندراوس أخي أخذنا شباكنا وذهبنا إلى البحر، وكان معنا لاوي بن حلفى الذي كان الرب..”. ويذكر هارناك حوالي ثلاثين إضافة في إنجيل بطرس لقصة الآلام والدفن (وهي موجودة بالتفصيل في مجلد عن الكتابات “ما قبل نيقية” باسم المخطوطات المكتشفة حديثاً – ادنبرة 1897). لكن دكتور سويت (إنجيل بطرس – لندن – 1893) يقول: “إنه حتى التفاصيل التي تبدو جديدة تماماً أو التي تتعارض مباشرة مع الأناجيل القانونية، يمكن أن تكون مأخوذة عنها”، ثم يختم بالقول: “إنه بالرغم من كثرة الجديد فيه فليس هناك ما يضطرنا لافتراض استخدام مصادر خارجة عن الأناجيل القانونية”. أما بروفسور أور فيقول إن الأصل الغنوسي لهذا الإنجيل يبدو واضحاً في قصة القيامة والمعالم الدوسيتية فيها – أي أنها صادرة عن الذين يعتقدون أن المسيح لم يكن له إلا شبه جسد – من القول بأن يسوع على الصليب كان صامتاً كمن لا يشعر بألم، ومن صرخة الاحتضار على الصليب: “قوتي، قوتي، لقد فارقتني” بما يعني أن المسيح السماوي قد انطلق قبل الصلب. والبعض يرجع بالإنجيل إلى الربع الأول من القرن الثاني والبعض الآخر إلى الربع الثالث من نفس القرن.
كما يذكر أوريجانوس إنجيلاً يسميه “إنجيل الاثني عشر” توجد شذرات قليلة منه محفوظة في كتابات أبيفانيوس، وهو يبدأ من المعمودية، وقد استخدمه الأبيونيون. ويظن “زاهن” أنه كتب حوالي 170 م. كما جاء بالحرم الذي أصدره البابا جلاسيوس اسماً إنجيل برنابا وإنجيل برثلماوس، كما أن جيروم ذكر الإنجيل الأخير.
الأبوكريفا: الأناجيل الأسطورية:
في كل هذا النوع من الأناجيل، نلاحظ أن رغبة كتاب الأناجيل غير القانونية في مضاعفة المعجزات، جعلتهم لا يعيرون أي اعتبار للمدة التي مضت من حياة المسيح بين الاثنتي عشرة والثلاثين من العمر، ولعل السبب الرئيسي في ذلك هو أن أخبار هذه الفترة من حياة المخلص، لا تصل بهم إلى هدف عقائدي معين. وحيث لا يمكن الرجوع إلى هذه الوثائق في لغاتها الأصلية، فقد يكون من المفيد أن نشير إلى وجود ترجمة جيدة وكاملة لها في المجلد السادس عشر من كتابات ما قبل نيقية، لكلارك (أدنبرة 1870):
1 – أناجيل الميلاد:
أ – الإنجيل الأوَّلي ليعقوب:
ويظن أنه يعقوب أخو الرب. وكلمة الإنجيل الأوَّلي – وهو عنوان رائع يفترض الكثير ويوحى بالكثير – أطلقه على هذه الوثيقة بوستلوس، وهو رجل فرنسي كان أول من نشره في اللاتينية 1552. وله أسماء مختلفة في المخطوطات اليونانية والسريانية، مثل: “تاريخ يعقوب عن مولد كلية القداسة ودائمة البتولية والدة الله وابنها يسوع المسيح” أما في مرسوم البابا جلاسيوس الذي يستبعده من دائرة الأسفار القانونية، فيسمى “إنجيل يعقوب الصغير الأبوكريفي”. وجاء في هذا الانجيل أن ملاكاً أنبأ والدي مريم، يواقيم وحنة بمولدها، كما أنبأ بعد ذلك مريم بمولد المسيح. وتغطي أصحاحاته الخمسة والعشرون الفترة من ذلك الإعلان إلى مذبحة الأطفال الأبرياء، بما في ذلك فترة تربية مريم في الهيكل، وما جاء في لوقا عن ميلاد المسيح مع بعض الإضافات الأسطورية، ومقتل زكريا بأمر هيرودس لرفضه الإدلاء بمعلومات عن مخبأ أليصابات والطفل يوحنا اللذين نجيا بأعجوبة عند هروبهما من المذبحة بالتجائهما إلى فتحة في الجبل. وفي الأصحاح الثامن عشر يتغير الكلام من ضمير الغائب إلى ضمير المتكلم الذي يستنتج منه بروفيسور أور أن أصل الوثيقة مصدر أسيني أبيوني، وأنها من جمع جملة كتَّاب مما يعلل الاختلاف الكبير في تحديد تاريخ كتابته، فالبعض يرجع به إلى القرن الأول، وزاهن وكروجر يرجعان به إلى العقد الأول من القرن الثاني، ويرجع به آخرون إلى النصف الثاني من القرن الثاني. بينما يرجع به آخرون (مثل هارناك) – في صورته الحالية – إلى منتصف القرن الرابع.
ويقول علماء مبرزون (مثل ساندي في كتابه “الأناجيل في القرن الثاني”) بأن جستين الشهيد قد أشار إليه، مما قد يدل على أنه كان معروفاً في صورة أقدم، في النصف الأول من القرن الثاني، وفي صورته الأخيرة يتضح أن هدف الكاتب كان تأكيد القداسة والاحترام للعذراء، وفيه عدد من الأقوال غير التاريخية. وقد حرمة في الكنيسة الغربية البابوات ديدمسوس (382 م.) وانوسنت الأول (405 م.) والبابا جلاسيوس (496 م.).
ب – إنجيل متى المزيف:
وهو رسائل مزورة بين جيروم وأسقفين طليانيين، مع الادعاء زوراً بأن جيروم قد ترجمها إلى اللاتينية من الأصل العبري. ولا يوجد هذا الإنجيل إلا في اللاتينية ويبدو أنه لم يكن له وجود قبل القرن الخامس. ويستخدم هذا الإنجيل إنجيل يعقوب كثيراً مع إضافات من مصدر غير معروف (الأرجح غنوسي)، مع معجزات أخرى مأخوذة من إنجيل الطفولة لتوما تتعلق بالرحلة إلى مصر، مع التنويه في بعض هذه المعجزات بأنها كانت إتماماً لنبوات العهد القديم، فمثلاً في (أصحاح 18) كان سجود التنانين للطفل يسوع إتماماً لما قاله داود: “سبحي الرب من الأرض أيتها التنانين وكل اللجج” (مز 148: 7)، وفي (أصحاح 19) عندما سجدت له الأسود والنمور ودلتهم على الطريق في البرية، وذلك “بانحناء رؤوسها وهز ذيولها والسجود له باحترام عظيم” على أنه إتمام للنبوة: “يسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي.. والأسد كالبقر يأكل تبناً” (إش 11: 6 و7). وفي هذا الإنجيل يذكر لأول مرة كيف أن الثور والحمار سجدا للطفل يسوع في المزود، وقد استغل الفن المسيحي ذلك كثيراً. كما أن به الكثير من المعجزات المذكورة في إنجيل الطفولة.
ج – إنجيل مولد مريم:
إنجيل ميلاد مريم كتب في الطليانية، وهو يكاد يسير على نفس الخطوط الموجودة في الجزء الأول من إنجيل متى المزيف، ولكنه أيضاً يختلف عنه بما يدل على أنه كتب بعده وبقلم مؤلف آخر، فهو يحتوي على معجزات أكثر، وزيارة الملائكة يومياً لمريم في أثناء إقامتها في الهيكل. ويقول هذا الإنجيل إن مريم غادرت الهيكل وهي في الرابعة عشرة من عمرها، بينما في الإنجيل الآخر، يذكر الكاتب – الذي يدعى أنه ابن مريم – إنها غادرت الهيكل في الثانية عشرة من عمرها بعد أن عاشت فيه تسع سنين. وكان يظن لمدة طويلة أنه من تأليف جيروم ومنه صيغت “الأسطورة الذهبية” التي حلت محل الأسفار المقدسة في القرن الثالث عشر في أوربا قبل اختراع الطباعة. وكان من بين الكتب التي طبعت في بعض البلاد (مثل انجلترا) حيث لم يكن طبع الأسفار المقدسة مأموناً. وما أداه هذا الإنجيل من خدمات للآداب والفن يجب إلا يعمينا عن تلك الحقيقة وهي أنه مزور عن قصد، وبدأ استخدامه في الكنيسة في حوالي القرن السادس عندما أصبحت عبادة مريم أمراً هاماً في الكنيسة.
د – إنجيل يوسف النجار:
وهو من نفس هذا الصنف من المؤلفات. وقد كتب أصلاً بالقبطية ثم ترجم إلى العربية التي نشر بها مع اللاتينية في 1722 م. وهو مخصص لتمجيد يوسف، وكانت هذه عقيدة أثيرة عند المتوحدين من الأقباط. وهو يرجع إلى القرن الرابع، ويحتوي على 22 أصحاحاً بها كل تاريخ يوسف والأحداث الأخيرة لوفاته في المائة والحادية عشرة من عمره. وله أهميته في تاريخ العقيدة.
ه – إنجيل انتقال مريم:
وهو ليس إنجيلاً بالمعنى الدقيق، وقد كتب أصلاً باليونانية، ولكنه ظهر أيضاً باللاتينية وفي لغات أخرى عديدة. ويقول هذا الإنجيل إنه بعد صعود المسيح بسنتين كانت مريم تواظب على زيارة “القبر المقدس لربنا” لتحرق البخور وتصلي، فتعرضت لاضطهاد شديد من اليهود، فصلت لابنها ليأخذها من الأرض، فيأتي رئيس الملائكة جبرائيل استجابة لصلاتها، ويخبرها أنه بعد ثلاثة أيام ستذهب لابنها في المنازل السماوية حيث الحياة الحقيقية الأبدية.
فيدعى الرسل من قبورهم أو من مراكز خدمتهم للالتفاف حول فراشها في بيت لحم ويقصون عليها ما كانوا يعملون عندما وصلهم الاستدعاء. وحدثت معجزات شفاء حول فراش الموت. وبعد انتقال مريم، أخذت – يحف بموكبها الرسل – إلى أورشليم في يوم الرب، وبين مناظر الملائكة، يظهر المسيح نفسه ويستقبل نفسها إليه. ودفن جسدها في جثسيماني، ثم بعد ذلك نقل إلى الفردوس.
وبناء على مشتملاته التي تدل على مرحلة متقدمة من عبادة العذراء، وكذلك الطقوس الكنسية، لا يمكن أن يكون تأليف الكتاب قد حدث قبل نهاية القرن الرابع أو بداية الخامس، فقد ورد اسمه في الكتب الأبوكريفية التي حرمها مرسوم البابا جلاسيوس، فيبدو واضحاً أنه في ذلك العصر أطلق الكتَّاب لأنفسهم عنان الخيال في زخرفة الحقائق والمواقف فيما يختص بقصة الأناجيل.
2 – أناجيل الطفولة:
أ – إنجيل توما:
ويعد أكثر الأناجيل انتشاراً وأقدمها بعد إنجيل يعقوب. فقد ذكره أوريجانوس وإيريناوس ويبدو أنه كان مستخدماً عند مذهب غنوسي من النحشتانيين (عبدة الحية) في منتصف القرن الثاني. وهو دوسيتي فيما يختص بالمعجزات المسجلة فيه، وعلى هذا الأساس كان مقبولاً عند المانيين. ومؤلفه أحد الماركونيين، كما يقول إيريناوس. وتوجد اختلافات كثيرة في مخطوطاته التي يوجد منها اثنتان في اليونانية، وواحدة في اللاتينية وواحدة في السريانية. وإحدى المخطوطتين اليونانيتين أطول من الأخرى كثيراً، بينما اللاتينية أطول منهما بعض الشيء. وأهم ما به هو تسجيل معجزات يسوع قبل بلوغه 12 سنة. وهو يصور المسيح طفلاً خارقاً للعادة، ولكنه غير محبوب بالمرة. وعلى النقيض من المعجزات المسجلة في الأناجيل القانونية، نجد المعجزات المسجلة فيه تميل إلى طبيعة التدمير، وصبيانية وشاذة. إن الإنسان ليصدم إذ يقرأ مثل هذا عن الرب يسوع المسيح، فهي تمزج قدرة الله بنزوات الطفل المشاكس المتقلب، فبدلاً من الخضوع لوالديه، يسبب لهم متاعب خطيرة، وبلاً من النمو في الحكمة، نراه في هذا الإنجيل مندفعاً يريد أن يعلم معلميه، وأن يبدو عالماً بكل شيء منذ البداية. ويطلب والد – مات ابنه بسببه – من يوسف: “خذ يسوعك هذا من هذا المكان لأنه لا يمكن أن يقيم معنا في هذه المدينة، أو على الأقل علمه أن يبارك لا أن يلعن”. وعندما كان يسوع في مصر في الثالثة من عمره، نقرأ في الأصحاح الأول: “وإذ رأى الأولاد يلعبون، بدأ يلعب معهم، وأخذ سمكة مجففة ووضعها في حوض وأمرها أن تتحرك، فبدأت تتحرك، فقال للسمكة:” اخرجي الملح الذي فيك وسيري في الماء “ففعلت ذلك وعندما رأى الجيران ما حدث، أخبروا به الأرملة التي كانت مريم أمه تقيم عندها، وحالما سمعت ذلك طردتهم من بيتها فوراً. وكما يقول وستكوت:” في المعجزات الأبوكريفية لا نجد مفهوماً سليماً لقوانين تدخلات العناية، فهي تجرى لسد أعواز طارئة، أو لإرضاء عواطف وقتية، وكثيراً ما تنافي الأخلاق، فهي استعراض للقوة بدون داع من جانب الرب أو من جانب من عملت معه المعجزة “. ولعل مؤلفي هذه القصص المذكورة، في القرن الأول، رأوا أنه من اللائق أن يجعلوا من المعجزات جزءاً ضرورياً – بل وبارزاً – في قصتهم، ولعل هذا هو السبب في أن يوحنا في بداية إنجيله الرابع ذكر أن كل ما ذكر عن معجزات الطفولة لا أساس له، بالقول بأن أول معجزة هي ما أجراه في بداية خدمته في عرس قانا الجليل:” هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل وأظهر مجده فآمن به تلاميذه “(يو 2: 11).
ب – إنجيل الطفولة العربي:
وهو إنجيل عربي بقلم جملة مؤلفين. ومع أنه نشر أولاً بالعربية مع ترجمة لاتينية في 1697 م.، إلا أن أصله السرياني يمكن أن يستدل عليه من ذكر عصر الإسكندر الأكبر في الأصحاح الثاني، ومن معرفة الكاتب بالعلوم الشرقية، ومن معرفة الصبي يسوع وهو في مصر بالفلك والطبيعيات. ولعل انتشار استخدام هذا الإنجيل عند العرب والأقباط يرجع إلى أن أهم المعجزات المذكورة فيه حدثت في أثناء وجوده في مصر. ومما يلفت النظر أنه جاء بهذا الإنجيل (أصحاح 7) أنه بناء على نبوة لزرادشت عن ولادة المسيا، قام المجوس برحلتهم إلى بيت لحم، كما أن به عدداً من القصص التي يذكرها أحد الكتب الدينية الشرقية. والأصحاحات من (1 – 9) مبنية على إنجيلي متى ولوقا القانونيين، وعلى إنجيل يعقوب الأبوكريفي، بينما من أصحاح 26 إلى الآخر مأخوذ عن إنجيل توما.
والجزء الأوسط من هذا المؤلف شرقي في أسلوبه، ويبدو كأنه مقتطفات من ألف ليلة وليلة.
وليس هناك أي وجه لمقارنة مثل هذه المؤلفات بالأسفار القانونية. كما أن هذا الإنجيل له علاقة كبيرة بتزايد تكريم العذراء.
3 – أناجيل الآلام والقيامة: وأهم هذه الأناجيل إنجيل نيقوديموس، وإلى حد ما إنجيل بطرس الذي سبق الكلام عنه.
أ – إنجيل نيقوديموس:
أطلق اسم نيقوديموس في القرن الثالث عشر على مؤلف مزدوج من: (1) أعمال بيلاطس، (2) نزول المسيح إلى العالم السفلي. والكتاب نفسه يذكر أنه ترجم من العبرية إلى اليونانية، وأنه كتب في السنة السابعة عشرة للإمبراطور ثيودسيوس والسنة السادسة لفالنتنيان. وتوجد ست صور منه: اثنتان في اليونانية، وواحدة في اللاتينية لأعمال بيلاطس، واثنتان في اللاتينية وواحدة في اليونانية لنزول المسيح إلى العالم السفلي.
ويكاد العلماء يجمعون على أنه مؤلف من القرن الخامس، ولو أن تشندورف – اعتماداً على إشارات في جستين وترتليان – يرجع به إلى القرن الثاني وهو زمن يكفي لانتشار الأسطورة. والأرجح أن هناك خلطاً بين التقرير عن الإجراءات التي اتخذت في محاكمة يسوع وصلبه التي كان يجب – حسب القانون الروماني – رفعها إلى الإمبراطور، والتقرير المطول عن هذه الإجراءات الوارد في إنجيل نيقوديموس. وواضح أن الكاتب كان مسيحياً يهودياً وكتب لهذه الفئة من الناس، وكان متلهفاً على إثبات ما سجله بشهادات من أفواه أعداء يسوع، وبخاصة رجال الدولة الذين كان لهم دور في الأحداث السابقة واللاحقة لموت المسيح. فبيلاطس بشكل خاص كان في جانب يسوع – وهو ما لا بد أن يدهش له قراء الأناجيل القانونية – كما جاء كثيرون ممن صنع معهم معجزات الشفاء، ليشهدوا في جانب يسوع – وهذه خطوة طبيعية يذهب إليها أي كاتب متأخر متصوراً ما يمكن أن يجرى في محاكمة رسمية. ورغم إلمام الكاتب بالعوائد اليهودية، فإنه أخطأ كثيراً في معلوماته الطبوغرافية عن فلسطين. فمثلاً يقول إن يسوع صلب في نفس البستان الذي ألقي عليه القبض فيه (أصحاح 9)، ويذكر أن جبل مملك أو ملك في الجليل (بينما هو في جنوبي أورشليم) ويخلط بينه وبين جبل الصعود.
والجزء الثاني من الإنجيل – وهو نزول المسيح إلى العالم السفلي – هو رواية لتقليد قديم لم يذكر في الأناجيل القانونية، ولكنهم يبنونه على ما جاء في (1 بط 3: 19): “ذهب فكرز للأرواح التي في السجن”، ويروي قديسان ممن قاموا في قيامته، كيف كانا محبوسين في الهادس (مكان الأرواح) عندما ظهر الغالب (المسيح) عند مدخله، فتكسرت الأبواب النحاسية، وأطلق سراح المسجونين، وأخذ يسوع معه إلى الفردوس نفوس آدم وإشعياء ويوحنا المعمدان وغيرهم من الرجال الذين ماتوا قبله.
والكتاب كله مجرد خيال، وكل أهميته تنحصر في أنه يبين إلى أي مدى كانت هذه العقيدة منتشرة في القرن الرابع.
وأقل من ذلك أهمية ما ظهر من إضافات ملفقة في العصور المتأخرة، وألحقت بإنجيل نيقوديموس، مثل خطاب بيلاطس للإمبراطور طيباريوس، وتقرير بيلاطس الرسمي (الذي سبقت الإشارة إليه)، وموت بيلاطس – الذي حكم على يسوع – أشنع ميتة، إذ قتل نفسه بيديه. ويطلق الكاتب لخياله العنان في حديثه عن يوسف الرامي.
ودراسة كل هذه الوثائق التي ذكرت آنفاً، تبرر ما يقوله مؤلفو “موسوعة ما قبل نيقيه” من أنها بينما تقدم لنا “لمحات غريبة عن حالة الضمير المسيحي وأساليب التفكير في القرون الأولى من العصر المسيحي، فإن الانطباع الدائم الذي تتركه في أذهاننا هو الإدراك الصادق لسمو وبساطة وجلال الأسفار القانونية بدرجة لا تدانى”.
الأبوكريفا الحديثة:
وهي مجموعة من الكتب الدينية – نحو اثني عشر كتاباً – ظهرت في المائة السنة الأخيرة، ويزعم كاتبوها أنها مبنية على وثائق مسيحية قديمة، ولكن أثبت العلماء بهتان ذلك، فلم توجد قط هذه الوثائق القديمة التي يزعمون أنهم يبنون عليها، ورغم ذلك مازال ينخدع بها الكثيرون من السذج. ومعظمها يتناول حياة المسيح وبخاصة في سنوات الصمت. البعض منها كتب لتأييد انحراف تعليمي أو إيغالاً في الخداع. وبالنسبة للدعايات الكاذبة التي تحيط بها، يجب على الشعب المسيحي أن يعرف شيئاً عنها حتى لا يخدع بها، وسنعطي فكرة موجزة عن طبيعة هذه المؤلفات المزيفة:
1 – حياة المسيح المجهولة:
نشر في 1894 بقلم كاتب روسي اسمه نقولا نوتفتش بناء على معلومات يقول إنه استقاها من اللاما في أحد أديرة التبت. ويزعم أن المسيح صرف ما بين ثلاث عشرة إلى تسع وعشرين سنة في الهند والتبت وفارس، ثم عاد إلى فلسطين حيث قتل بأمر بيلاطس. وقد أنكر جميع رهبان التبت رؤيتهم لنوتفتش إطلاقًا، أو معرفتهم بأي شيء عن المخطوطات القديمة عن المسيح، التي يقول إنهم أطلعوه عليها.
2 – إنجيل برج الدلو:
نشر لأول مرة في لوس أنجيلوس سنة 1911. كتبه دكتور “لاوي دولنج” عن استنارة داخلية، يقول إنها جاءته فيما بين الثانية والسادسة صباحاً. وعنوان الكتاب مأخوذ من النظرية الغربية التي تقول بأنه في حياة المسيح دخلت الشمس برج الحوت، وهي الآن تعبر برج الدلو. ويقول إن يسوع درس مع هليل ومع حكماء الهند والتبت، وزار المجوس في فارس وكرز للأثينيين، وعينه في عمله مجمع من حكماء العالم السبعة انعقد في الإسكندرية.
3 – صلب يسوع بقلم شاهد عيان:
وهو في صورة رسالة كتبت بعد حادثة الصلب بسبع سنوات بمعرفة شيخ – لا يعرف اسمه – من الأسينيين في أورشليم إلى شيخ أسيني آخر في الإسكندرية. وقد ظهر لأول مرة في السويد سنة 1851. ويقول إن يوسف ويوحنا المعمدان ونيقوديموس ويسوع والملاك الذي ظهر عند القبر، جميعهم كانوا أسينيين، ولم تحدث قيامة، ولكن الأسينيين أفاقوا يسوع من إغمائه بعد صلبه، ثم عاش ستة شهور أخرى قبل أن يموت.
4 – تقرير بيلاطس:
تأليف القس و. د. ماهان قسيس الكنيسة المشيخية في كامبرلاند. وظهر لأول مرة سنة 1879، ولكن في 1884 تضخم الكتاب ليشمل تقارير ومقابلات مع الرعاة، ومقابلة غمالائيل ليوسف ومريم، وقصة عالي عن المجوس، ودفاع هيرودس أمام مجلس شيوخ روما عن مذبحة الأطفال الأبرياء، وغيرها من اللقطات الصحفية. وأطلق على المؤلف المتضخم اسم جديد هو: “الكتابات الأثرية والتاريخية للسنهدريم وتلمود اليهود”. وعندما أخذ العلماء في فحص الكتاب، تبين لهم أن قصة عالي عن المجوس مأخوذة حرفاً بحرف عن رواية “ابن حور” لليوولاس، حتى الأخطاء الطبوغرافية التي في الرواية هي هي نفسها.
5 – اعتراف بيلاطس البنطي:
كتب أولاً على أنه رواية خيالية بواسطة أسقف لبناني سنة 1889، وظهر في الانجليزية بعد ذلك بأربع سنوات ولكن بدون مقدمة الأسقف التي يذكر فيها أنها رواية خيالية. وهي تحكي قصة وصول بيلاطس إلى منفاه في فينا، والمحادثات التي جرت بينه وبين صديق قديم عن علاقته بيسوع، وندم بيلاطس وانتحاره.
6 – خطاب بيهان:
نشر في برلين سنة 1910، وبيهان هذا كاهن يكتب عن يسوع لصديقه ستراتو، الذي كان في وقت من الأوقات سكرتيراً للإمبراطور طيباريوس، يحكي له عن تعلم يسوع العقائد اليهودية وهو صبي في مصر، ثم عودته إلى فلسطين.
وبيهان نفسه تجول في كل العالم الروماني وشهد كل شيء له أهمية من أحداث ذلك العصر، مثل حرق روما سنة 64، وسقوط أورشليم سنة 70، وثوران بركان فيزوف سنة 79.
7 – الأصحاح التاسع والعشرون من سفر الأعمال:
نشر في لندن سنة 1871 ويحتوي على وصف رحلة بولس لأسبانيا وبريطانيا حيث تباحث مع الدرويد (كهنة قدماء الانجليز) الذين أخبروه بأنهم سلالة اليهود الذين نجوا من الأسر الأشوري في سنة 722 ق. م، كما أنه بشر على جبل لود (الموقع الذي بنيت عليه كاتدرائية سان بول). وقد كتب هذا الكتاب لتأييد الحركة التي نشرته.
8 – الخطاب من السماء:
وهو وثيقة من صفحة واحدة يزعمون أن يسوع قدكتبها، وأنها وجدت تحت حجر كبير عند أقدام الصليب. ظهرت في اللاتينية في القرن السادس وانتشرت في لغات عديدة منذ ذلك الحين، وأحياناً كان يضاف إليها وعد بالبركة لمن يملكونها. وأهم ما جاء بها هو حفظ السبت ووصايا يسوع.
9 – إنجيل يوسيفوس:
ويفترضون أن يوسيفوس قد كتبه قبيل وفاته، وأنه قصد منه أن يكون هو المصدر الذي استقت منه كل الأناجيل القانونية. وقد زعم اكتشاف هذه المخطوطة سنيور لويجي موكيا الطلياني، الذي اعترف أخيراً بأنها كذبة كبرى، ولكن رغم اعترافه، ظل الكثيرون يعتقدون بصحتها.
10 – سفر ياشر:
وهو ملخص للسبعة الأسفار الأولى من العهد القديم، وكتبه رجل من لندن اسمه يعقوب أليف في سنة 1751، وعلى الفور ظهر زيفه الواضح. ولم تكن هذه سوى محاولة من المحاولات الكثيرة لإظهار سفر ياشر المشار إليه في سفر يشوع.
11 – وصف المسيح:
وهي وثيقة واسعة الانتشار، يحتمل أنها ترجع إلى القرن الثالث عشر. ولعلها بنيت على كتاب تعليمات لرسامي المنمنمات التي كانوا يزينون بها مخطوطات القرون الوسطى. وهي في أقل من صفحة، وتعطي صورة نموذجية ليهودي من القرن الأول. وهي في صورة خطاب كتبه حاكم اليهودية بوبليوس لنتوليوس إلى مجلس الشيوخ الروماني. ولا يوجد هذا الاسم بين حكام روما في فلسطين.
12 – حيثيات الحكم بالموت على يسوع المسيح:
وهي عبارة عن وريقة انتشرت في الولايات المتحدة عن الحيثيات التي كتبها بيلاطس للحكم على يسوع بالموت، وفيها تعداد للتهم الموجهة ضده. ويدعون أنها ترجمت من العبرية عن لوح من النحاس وجد في مملكة نابلي سنة 1810. ولسنا في حاجة إلى القول بأن هذا اللوح لا وجود له مطلقاً.
13 – سفر الأعمال الثاني المفقود:
وقد كتبه دكتور كينيث. س. جوتري، وهو كاهن أسقفي وطبيب، نشره في سنة 1904. والغرض من كتابته هو تأييد دعوى أن العذراء مريم ويسوع أيدا تعليم تناسخ الأرواح. فيصور مريم وهي على فراش الموت في بيت الرسول يوحنا تتحدث عن تناسخاتها العديدة، ثم يأخذ يسوع مريم المحتضرة بين ذراعيه متحدثاً عن تناسخاته السبعة.
14 – أوسب (Oahspe):
وهو كتاب ضخم في 890 صفحة كتبه دكتور جون ب. نيوبراو سنة 1882. ويقول المؤلف إنه كتبه آلياً بيديه من إملاء روح غير روحه، بينما يؤكد الناشرون أنه يشتمل على. “النشوء والتطور، الثورة، والإعلان”. ويدعو إنه “الكتاب المقدس الجديد لأمريكا”.
15 – أسفار الكتاب المقدس المفقودة:
وقد نشر سنة 1926. ويدعى الناشرون أنه يشتمل على الكتب الدينية التي استبعدها اختيارياً من العهد الجديد أساقفة الكنيسة في العصور الأولى، الذين قرروا الكتب التي يجب أن يحتويها العهد الجديد. وهو في الحقيقية ليس إلا إعادة طبع نسخة من العهد الجديد الأبوكريفي الذي سبق أن نشر في سنة 1820، ونسخة من كتاب “الآباء الرسوليين” الذي نشر سنة 1737.
وبفحص أسانيد هذه الكتب، يتضح لنا أنها جميعها مزيفة، والمعلومات – المقصود بها الخاصة – الواردة بها، واضحة البهتان والتزوير، وتناقض في مجموعها تعاليم الكتاب المقدس، وللأسف مازال الكثيرون ينخدعون ويضللون بأكاذيبها المثيرة.
رؤيا توما
وهي مُؤَلَّف معروف من قديم، حيث وُرِدَ ذكره في المرسوم الجيلاسياني الذي يدين هذا المؤلف الهرطوقي. وقد اكتشفت أول مخطوطة له في 1908. وتوجد منه الأمور نُسختان، أطولهما في متحف ميونخ، وتوجد منها قصاصات في روما وفي فيرونا. وهي تتكون من جزءين:
(أ) رواية عن الأحداث والعلامات التي ستسبق الدينونة الأخير، مع تقديم ملخص للتاريخ في صورة نبوة كما في دانيال وغيره من الكتب الرئوية، وبعض الأسماء التاريخية الغامضة، وبخاصة إلى “اركاديوس وهونوريوس” (أمكن لم تكن هذه قد أضيفت للكتاب مؤخرًا)، تدل على أمكن هذا القسم كتب في القرن الخامس أمكن لم يكن بعد ذلك. وتوجد مخطوطة بالإنجليزية القديمة (من القرن التاسع) في المتحف الانجلو سكسوني.
(ب) وصف العلامات السبع لنهاية العالم، مع توزيع أحداث النهاية على سبعة أهميته (وهي الرؤيا الابوكريفية الوحيدة التي تفعل ذلك). وهذا القسم شبيه جدًا برؤيا يوحنا.
أم النسخة الأقدم فتتفق مع الجزء الثاني من النسخة المذكورة أنفًا، ولعلها اقرب إلى الرؤيا الأصلي قبل أمكن يجري عليها النساخ الإضافات الكثيرة. وهي موجودة في مخطوطة أخرى في متحف ميونخ، وفي مخطوطة فينا ترجع إلى القرن الخامس، وهي أقدم مخطوطة لهذا المؤلف. للرأي كانت الإشارات إلى اركاديوس وهونوريوس صحيحة (حيث إنما لا توجد في النسخة الأنجلوسكسونية)، فلابد إنما كتبت أصلا في اللاتينية منقولة عن أصل يوناني.
أعمال توما
أَبُو كْرِيفَا.
← اللغة الإنجليزية: Biblical apocrypha – اللغة اليونانية: Απόκρυφα.
كلمة يونانية معناها “مخفي” أو “مُخبأ” أو “سري”. وقد وردت في سفر دانيال في الترجمة السبعينية (وهي ترجمة يونانية للعهد القديم) في (دا 11: 43) للتعبير عن الكنوز المخفية. كما وردت في (دانيال 2: 19) للدلالة على معرفة الأسرار المخفية عن علم البشر وقد وردت الكلمة في اليونانية في العهد الجديد ثلاث مرات: (مر 4: 22) “لأنه ليس خفي لا يظهر” و(لوقا 8: 17 وكولوسي 2: 3) “المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم”.
وقد كان هناك نوعان من المعرفة الدينية عند اليونان في ذلك الحين. النوع الأول كان يشمل عقائد وطقوسًا عامة يمكن لجميع طبقات الشعب معرفتها وممارستها، أما النوع الثاني فقد كان يشمل حقائق عميقة غامضة لا يمكن أن يفهمها أو يدرك كنهها إلا قلة من الخاصة ولذلك بقيت “مخفية” أو “أبو كريفية” عن العامة.
وقد أطلقت في العصور المسيحية الأولى على بعض الكتب غير القانونية في العهد القديم وكذلك في العهد الجديد. وكذلك الكتب التي قام البروتستانت بحذفها، ولكن يؤمن بها كل من الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية، ويطلق عيها اسم “الأسفار القانونية الثانية”. ويمكن أن ندرك معنى الخفاء والسرّيّة في ذلك لان بعض هذه الكتب “رؤَوي” Apocalyptic تحدث عن أمور مستقبلة كانت بطبيعتها “مخفية” وكتبت في أوقات محنة لتشجيع الشعب.
فهناك قسم لا توافق عليه الكنيسة الأرثوذكسية، أما ما تقبله الكنيسة فيُطلق عليه اسم “أسفار قانونية ثانية”. لا نريد ازدواجية هنا في الموقع لا طائل لها! يوجد قسم خاص عن الأسفار القانونية الثانية.
ويطلق اسم “أبو كريفا” على مجموعة من الكتابات الدينية التي اشتملت عليها الترجمتان السبعينية والفولجاتا (مع اختلافات لا تذكر) زيادة على ما في الأسفار القانونية عند اليهود وعند الأرثوذكس وعند البروتستنت. ولكن ليس هذا هو المعنى الأصلي أو الصحيح. للكلمة – كما سنرى فيما بعد – وإن كان هذا هو مفهومها الجاري الآن.
ويطلق النقاد في العصر الحاضر على مجموعة هذه الكتابات اسم “أبو كريفا العهد القديم”، لأن بعض هذه الكتب على الأقل كتب باللغة العبرية – لغة العهد القديم – كما أنها جميعها أكثر انتماء إلى العهد القديم منها للعهد الجديد، ولكن توجد أيضاً أسفار أبو كريفا للعهد الجديد من أناجيل ورسائل.. إلخ.
كما أن كلمة “أبو كريفا” كثيراً ما تطلق الآن على ما يسمى “بالكتابات المزيفة” وسميت هكذا لأنها تنسب إلى كتَّاب لا يمكن أن يكونوا قد كتبوها حقيقة (مثل أخنوخ، إبراهيم، موسى……. إلخ.)، فهذه الشخصيات المنسوبة إليها هذه الكتب من أشهر الشخصيات في تاريخ إسرائيل، ولا شك في أن الهدف من نسبتها إليهم هو لإضفاء أهمية وأصالة عليها.
الاسم أبو كريفا:
عندما أطلقت كلمة “أبو كريفا” على الكتابات الدينية، كانت تحمل معنى أنها قاصرة على دائرة معينة ضيقة، لا يمكن لمن هم خارج هذه الدائرة أن يفهموها.
فالكلمة بمعنى “خفي – غامض – مبهم – عويص”.
كان هناك نوعان من المعرفة عند اليونانيين القدماء: النوع الأول يشمل عقائد وطقوساً عامة لكل الناس، أما النوع الثاني فكان يشمل عقائد وطقوساً غامضة عويصة لا يفهمها إلا فئة متمَّيزة خاصة، ولذلك بقيت “مخفية” عن العامة. ثم أطلقت كلمة “أبو كريفا” في العصور المسيحية على بعض الكتابات غير القانونية في العهد القديم، وكذلك في العهد الجديد، وبخاصة الكتابات التي تشتمل على “رؤى” تتعلق بالمستقبل والانتصار النهائي لملكوت الله.. إلخ.، إذ أنها أمور تسمو عن فكر البشر وحكمة “المطلعين”.
والمسيحية ليس فيها شيء من هذا القبيل، فلا يوجد فيها شيء للعامة وشيء آخر للخاصة المتميزة، فالإنجيل – منذ أيامه الأولى – يكّرز به للفقراء والجهلاء والأغنياء والحكماء، كما أن الكتب المقدسة كانت تقرأ في الكنائس على مسامع الجميع. وكان جيروم (توفي حوالي 420 م.) وكيرلس الأورشليمي (توفي حوالي 386 م.) هما أول من أطلق لفظ “أبو كريفا” على ما جاء في الترجمة السبعينية زيادة عما في الأسفار العبرية القانونية.
ويمكن أن نفهم كيف بدأت مثل هذه الكتابات في الكنيسة الشرقية، متى علمنا أن كثيرين من أتباع الفلسفة اليونانية، قبلوا الإيمان المسيحي، وكان من الطبيعي أن ينظروا إليه من خلال الفلسفة القديمة. وقد رأى الكثيرون منهم بعض المعاني الصوفية في الأسفار القانونية، فضمنوا هذه المعاني كتباً خاصة موجهة لفئة متميزة. وعلى نفس هذا المنوال نشأ بين اليهود – بجانب الناموس المكتوب – ناموس شفهي يتضمن تعاليم معلمي اليهود، التي وضعوها في مرتبة أعلى من سائر الكتب. وقد يجد الإنسان شبيهاً لذلك في نظرة بعض أتباع الطوائف المختلفة إلى مؤلفاتهم الخاصة واعتبارها ملزمة لهم أكثر من الكتاب المقدس نفسه.
وقد ساعد على حركة تأليف مثل هذه الكتب، المذاهب الغنوسية وتعاليمها السرية للخاصة. وقد تأثر هؤلاء الغنوسيون بالصوفية البابلية والفارسية وكتاباتها. ويذكر أكليمندس الإسكندري (توفي 220 م) أسماء بعض الكتب السرية للديانة الزرادشتية، ولعله أول من أطلق لفظ “أبو كريفا” على هذه الكتابات الزرادشتية، فالمسيحية الشرقية وبخاصة اليونانية نزعت إلى إعطاء الفلسفة المكانة التي يعطيها العهد الجديد والمسيحية الغربية للعهد القديم، ففي ظنهم أن الفلسفة مهدت لديانة المسيح أكثر مما مهد العهد القديم.
ثم أصبحت كلمة “أبو كريفا” تعني كتباً أقل قيمة وأضعف سلطاناً من أسفار العهدين القديم والجديد. وقد حدث هذا لسببين: (1) أنه لا يمكن أن يكون قد أوحي لكاتب ممن عاشوا بعد عهد الرسل. (2) لا يمكن أن يعتبر أي كتاب قانونياً إلا إذا كانت قد قبلته كل الكنائس. وبذلك اعتبرت الكتابات التي ظهرت في نهاية القرن الثاني وأطلق عليها “أبو كريفا” – للحط من قدرها – أنها نبعت أساساً من المذاهب الهرطوقية مثل الغنوسيين، ولم تحظ قط بالقبول لدى مجموع الكنائس. فيقول أوريجانوس (توفي 253 م)، إنه يجب أن نفرق بين الكتب المسماة “أبو كريفا”، فالبعض منها يجب رفضه كلية لأنه يحوي تعاليم تناقض تعليم الكتاب، وهكذا نجد أنه من نهاية القرن الثاني، أصبحت كلمة “أبو كريفا” تطلق على ما هو زائف وتافه، وبخاصة الكتابات التي تنسب لأناس لم يكتبوها.
ويعارض إيريناوس (توفي 202 م) أكليمندس الإسكندري فيرفض أن يكون للكتابات السرية أي اعتبار، وكان يعتبر (وكذلك جيروم فيما بعد) أن كلمتي “قانونية” و “أبو كريفا” على طرفي نقيض. كما أن ترتليان (توفي 230 م) كانت له نفس النظرة، فكلمة أبوكريفا كانت تعني عنده الأسفار غير القانونية.
وفي القرون الأولى كانوا يقسمون هذه الكتب إلى ثلاثة أقسام: (1) كتب يمكن قراءتها في الكنيسة. (2) كتب يمكن قراءتها على انفراد ولكن ليس في الاجتماعات. (3) كتب يجب ألا تقرأ إطلاقاً. وقد أطلق أثناسيوس (توفي 373 م) كلمة أبو كريفا على هذا القسم الثالث وجعلها مرادفة لكلمة “مزيفة”.
والخلاصة هي:
1 – في الكتابات الكلاسيكية، الهيلينية، كانت كلمة أبو كريفا تدل على معنى “خفي أو غامض أو عسر الفهم”.
2 – في بداية عصر الآباء، كانت كلمة أبو كريفا مرادفة لكلمة كتابات للخاصة أي لفئة معينة متميزة.
3 – في العصور التالية لذلك، كانت تستخدم في اليونانية (مثل إيريناوس وغيره) وفي اللاتينية (جيروم ومن بعده) بمعنى “غير قانوني” أي أنها دون الأسفار القانونية.
4 – تطلق كلمة أبو كريفا – عند الكنائس البروتستنتية – على الكتب الموجودة في الترجمات السبعينية والفولجاتا، ولكنها لا توجد في الكتاب المقدس العبري.
5 – لا يوجد مرادف لكلمة “أبو كريفا” في العبرية بمعنى الكتابة للخاصة أو الكتابة غير القانونية.
وأسفار الأبوكريفا للعهد القديم، تشمل:
أسدراس الأول والثاني (الثاني: رؤيا أسدارس)..
وسيأتي الكلام عن كل سفر منها في موضعه.
اللغة الأصلية للأبوكريفا:
كتب الجزء الأعظم من الأبوكريفا في اللغة اليونانية أصلاً، ولكن بضعها كُتِب أصلاً بالعبرية أو بالحري بالأرامية، وترجمت لليونانية.
تاريخ كتابتها:
وسيأتي الكلام عن تاريخ كل سفر في موضعه، ولكن بوجه عام فإن فترة كتابة هذه الأسفار يمكن تحديدها، ولا تتأخر كتابة أي سفر من سائر الأسفار الأبوكريفا للعهد القديم عن 100 م.، أي أنه يمكن أن يقال بحق إن أسفار الأبوكريفا كتبت فيما بين 200 ق. م. – 100 م. ولذلك فلها أهميتها في معرفة أخبار اليهود وأحوالهم الدينية والثقافية في تلك الفترة.
الأبو كريفا – أسفار الأعمال:
كما ظهرت الكتابات الأبوكريفية في اليهودية، هكذا بدأ في الدوائر المسيحية – وبخاصة الغنوسية – ظهور هذه الكتابات التي زعموا أنها تحتوي على حقائق المسيحية الأعمق، وأنهم تسلموها كتقليد سري من المسيح المقام ومن رسله. وهي جميعها مزيفة وهرطوقية وعندما بدأ ظهور مفهوم الكنيسة الجامعة، كان لابد أن ينظر إلى هذه الكتابات السرية بعين الريبة، فمنعت منعاً باتاً، ليس فقط لأنها شجعت روح الانقسام في الكنيسة لكن لأنها كانت عاملاً على نشر الهرطقات. وهكذا أصبحت كلمة “أبو كريفا” تعني “زائفاً وهرطوقياً”، وقد استخدمها بهذا المعنى إيريناوس وترتليان كما سبق القول.
ورغم أنها لم توسم جميعها بالهرطقة، فقط اعتبرت غير لائقة للقراءة في اجتماعات العبادة، وإن كان البعض منها يمكن قراءته على انفراد. وبتأثير جيروم اتسع معنى كلمة “أبو كريفا” لتشمل مثل هذه الكتابات التي لا تعترف الكنيسة بها أسفاراً قانونية رغم عدم احتوائها على تعليم هرطوقي.
وتطلق كلمة “أبو كريفا” بهذا المعنى الواسع على “أسفار الأعمال” الأبوكريفية، ومع أن هذه الأسفار نشأت أصلاً في أوساط ذات نزعات هرطوقية، إلا أن نعتها بالأبوكريفية لا يعني سوى أنها استبعدت من الأسفار القانونية للعهد الجديد، لأن الكنيسة لم تعترف بصحتها وسلامة مصادرها. وهذا ما يجعلنا نقصر بحثنا على أسفار الأعمال التي تنتمي للقرن الثاني، والذي فيه كان سفر الأعمال الكتابي قد أخذ موضعه في العهد الجديد.
أولاً – صفاتها العامة:
والأعمال الأبوكريفية تزعم أنها تقدم تفاصيل أكثر مما في سفر الأعمال الكتابي، عن أنشطة الرسل. والزيادات التي فيها مصبوغة بالمبالغات والتهاويل، وتنم عن نزعة غير سليمة لاختراع الخوارق، فهي مملوءة بالروايات الغريبة التي اختلقها خيال جامح، فهي خالية من اللباقة، بعيدة كل البعد عن الحقيقة، وهي تصور الرسل في مستوى أعلى من مستوى البشر، والضعفات البشرية التي تسجلها لهم الأسفار القانونية تختفي تماماً، فهم يسيرون في العالم كرجال ملمين تماماً بكل أسرار السماء والأرض، ويمتلكون قدرات لا حدود لها، فلهم القدرة على الشفاء وإخراج الشياطين وإقامة الموتى. ومع أن هذه الأفعال العجيبة كثيراً ما كانت تحدث، إلا أن هذه الأسفار تروي معجزات أتاها الرسل تذكرنا بالخوارق اللامعقولة عن طفولة يسوع المذكورة في إنجيل توما، مثل جعل سمكة مشوية تعوم، أو تمثال مكسور يصبح سليماً بواسطة رشه بمياه مقدسة، أو طفل ذي سبعة شهور يتكلم بصوت رجل بالغ، أو أن تصبح الحيوانات قادرة على الكلام بلغة بشرية.
الخوارق:
والصفة الرومانسية للأعمال الأبوكريفية تظهر بشدة في ابتدائها – في أغلب الأحيان – بالخوارق، فيظهر الملائكة في رؤى أو أحلام، وتُسمع أصوات من السماء، وتهبط السحب لستر الأمناء في وقت الخطر، كما تفتك الصواعق بأعدائهم، وقوات الطبيعة المخيفة من زلازل ورياح ونيران تبعث الرعب في قلوب الفجار.
والسمة البارزة في الأعمال أبو كريفية هي ظهور المسيح بأشكال متعددة، فمرة يظهر في هيئة رجل عجوز، ومرة في هيئة فتى، ومرة أخرى في هيئة طفل، ولكن الأغلب أن يظهر في صورة هذا الرسول أو ذاك (من الغريب أن أوريجانوس يذكر تقليداً كان شائعاً في عهده بأن يسوع كانت يستطيع في حياته أن يغير شكله وقتما وكيفما يشاء، ويقول إن هذا كان السبب في ضرورة قبلة يهوذا الخائن (انظر مرقس 16: 9 و12).
الزهد الجنسي:
ويجب أن لا يُفهم مما سبق أن الأعمال الأبوكريفية بما تحفل به من الإسراف في الروايات الرومانسية وتفاصيل الخوارق، كان الهدف الوحيد منها هو تعظيم الرسل وإشباع الرغبة السائدة في العجائب، بل كان لها غاية عملية هي إثبات وإشاعة نوع من المسيحية يُنادي بالامتناع الصارم عن العلاقات الجنسية كالمطلب الأدبي الأساسي. فهذا الزهد الجنسي هو الموضوع الرئيسي في هذه الأعمال. فكفاح الرسل واستشهادهم إنما حدث نتيجة كرازتهم بوجوب طهارة الحياة الزوجية، ولنجاحهم في إقناع الزوجات بتجنب مخالطة أزواجهن. فكل أسفار الأعمال الأبوكريفية تتخللها فكرة أن الامتناع عن الزواج هو أسمى شرط للدخول إلى الحياة الفضلى وربح السماء. فالإنجيل في جانبه العملي (على حد العبارة البليغة في أعمال بولس) هو “كلمة الله بخصوص ضبط النفس والقيامة”.
التعاليم الهرطوقية:
وعلاوة على هذه الصبغة التقشفية، فإن الأعمال الأبوكريفية لا تخلو من هرطقات، فجميعها – باستثناء أعمال بولس – تمثل فكراً دوسيتيا أي أن حياة المسيح على الأرض لم تكن إلا خيالاً غير حقيقي. وتبرز هذه الفكرة بشدة في أعمال يوحنا حيث نقرأ فيها أن يسوع عند سيره لم تكن أقدامه تترك أثراً، وأنه عندما كان الرسول يحاول أن يمسك بجسد المسيح كانت يده تخترق الجسد بلا أي مقاومة، وأنه بينما كانت الجموع تحتشد حول الصليب ويسوع معلق عليه أمام أنظار الجميع، كان السيد نفسه يتقابل مع تلميذه يوحنا على جبل الزيتون، فلم يكن الصلب إلا منظراً رمزياً، فالمسيح تألم ومات في الظاهر فقط. وارتبطت بهذه الأفكار الدوسيتية أفكار انتحالية (مودالزم) ساذجة لا تفرق بين الآب والابن.
المشاعر الدينية:
بالرغم من هذا الانطباع السيئ الذي يخلقه هذا الطوفان من تفاصيل الخوارق والتهاويل، وبالرغم من الجو السائد للزهد الجنسي والمفاهيم العقائدية الخاطئة، فإن الإنسان لا يسعه – أمام كثير من الأجزاء منها – إلا أن يحس بنشوة الحماس الروحي، وبخاصة في أعمال يوحنا وأندراوس وتوما حيث توجد أجزاء (أناشيد وصلوات ومواعظ) تبلغ أحياناً حد الروعة والجمال الشعري وتتميز بدفء ديني وحماسة صوفية وقوة أدبية. فالمحبة الصوفية للمسيح – رغم أنها كثيراً ما ارتدت فكراً غنوسياً – ساعدت على تقريب المخلص للناس بإشباع أعمق أشواق النفس للخلاص من سلطان الموت المظلم. فالخرافات البالية وبقايا الوثنية الظاهرة، يجب ألا تعمي أبصارنا عن أن في هذه الأعمال الأبوكريفية – رغم التشويه الشديد – صوراً للعقائد المسيحية في تلك العصور. وأن كثيرين من الناس تثبت إيمانهم بقوة المسيح المخلص من خلالها.
أصلها:
هناك دوافع كثيرة وراء ظهور كتب مختلفة عن حياة وأعمال الرسل:
1 – التقدير الكبير للرسل كمستودع للحق المسيحي:
ففي العصر الرسولي كان السلطان الوحيد – بعد أسفار العهد القديم – بين الجماعات المسيحية هو “الرب” نفسه، ولكن بعد أن انتهت هذه الفترة الخصبة وأصبحت ماضياً، أصبح الرسل “الاثنا عشر ومعهم الرسول بولس) هم المرجع بعد المسيح لضمان استمرارية أسس الإيمان، فقد أخذوا وصايا الرب عن طريقهم (2 بط 3: 2)، فنجد أغناطيوس في رسائله، يعطي الرسل مكانة سامية كرسل المسيح، فكل ماله سند رسولي كان معتمداً عند الكنيسة، وكان سلطان الرسل معترفاً به في كل العالم، فقد ذهبوا إلى كل العالم للكرازة بالإنجيل، فبناء على الأسطورة التي جاءت في بداية أعمال توما، قسم الرسل مناطق العالم فيما بينهم. وكانت النتيجة الحتمية للمكانة الرفيعة التي وضعوا فيها الرسل، كمعاقل الحق المسيحي، أن زاد الاهتمام بالقصص المتناقلة عن أعمالهم، والحاجة إلى مضاعفة الكتب التي تقدم تعاليمهم بكل تفصيل.
2 – الفضول:
فسفر أعمال الرسل القانوني لم يعتبر كافياً لإشباع الرغبة في معرفة حياة الرسل وتعاليمهم، فبعض الرسل قد تجاهلهم سفر الأعمال، كما أن المعلومات عن بطرس وبولس لا تزيد عن لمحات من أحداث حياتهما. وفي مثل هذه الظروف تصبح أي معلومات غير موجودة في سفر الأعمال القانوني، مطلوبة بشدة. وحيث أن التاريخ الصحيح لكل رسول من الرسل كان قد لفه الغموض، اخترعت الأساطير لإشباع الفضول النهم. والسمة البارزة في هذه القصص المخترعة، هي الشهادة عن المستوى البالغ الرفعة الذي وصل إليه تقدير الرسل في فكر الشعب.
3 – الرغبة في السلطان الرسولي:
كما حدث في الأناجيل الأبوكريفية، كذلك كان الدافع إلى تزايد الروايات المنسوجة حول الرسل، هو الرغبة في إضفاء أهمية كبيرة على بعض المفاهيم المتعلقة بالحياة، والتعاليم المسيحية التي سادت بعض الدوائر، وذلك بنسبها إلى الرسل. فبجانب الصورة الصحيحة للمسيحية والمعترف بها عند الجميع، وجدت – وبخاصة في أسيا الصغرى – مسيحية شعبية بأنماط منحرفة للحياة، فمن الجانب العملي، نظروا إلى المسيحية كنظام للتقشف لا يشمل الامتناع عن الأطعمة الحيوانية والخمر فحسب، بل أيضاً وأساساً الامتناع عن الزواج، فكانت البتولية هي المثل الأعلى للمسيحية، وكان الفقر والأصوام أموراً ملزمة للجميع. وتسود هذه الروح كل أسفار الأعمال الأبوكريفية. والخطة الواضحة فيها هي تأكيد ونشر هذا النموذج التقشفي، بإظهار أن الرسل كانوا يدافعون بحماس عنه، كما أن الطوائف الهرطوقية استخدمتها وسيلة لنشر عقائدها الشاذة، وسعوا لاستبدال تعليم الكنيسة الجامعة النامية، بتعاليم غريبة ادعوا أنها تعاليم رسولية.
4 – مكانة الكنائس المحلية:
كان هناك سبب جانبي لتلفيق هذه الأساطير عن الرسل، وهو رغبة بعض الكنائس في وجود سند لما تدعيه من أن مؤسسها هو أحد الرسل، أو أنها كانت على صلة بهم. وفي بعض الحالات كان ما يقولونه عن دائرة خدمة أحد الرسل، له سند صحيح، ولكن في حالات أخرى، هناك دلائل قوية على أنها مجرد اختلاق لإعطاء مكانة بارزة لكنيسة محلية.
ثانيا – مصادرها:
1 – سفر الأعمال الكتابي:
فيمكن عموماً القول بأن أسفار الأعمال الأبوكريفية مملوءة بالتفاصيل الأسطورية، وقد بذلت في اختلاقها كل الجهود للإيحاء بصحتها التاريخية، فإنها كثيراً ما تذكر أحداثاً وردت في سفر الأعمال الكتابي، فالرسل يلقون في السجون ويخرجون منها بمعجزة، والذين يتجددون يستضيفون الرسل في بيوتهم، ويتكرر وصف عشاء الرب بأنه “كسر الخبز” (أع 2: 42 و46) بصورة تلاءم أغراضهم، حيث لا يرد ذكر للخمر في صنع العشاء الرباني.
وفي أعمال بولس، واضح أن المؤلف، استخدم سفر الأعمال الكتابي كإطار لروايته، وذلك لإضفاء صبغة الصحة التاريخية على هذه التلفيقات المتأخرة، لكي تنال قبولاً لدى القارئ. واستنادهم الواضح على سفر الأعمال الكتابي دليل قوي على أنه كان له اعتباره السامي الرفيع في الوقت الذي كتبت فيه هذه الأسفار الأبوكريفية.
2 – التقاليد:
فهذه الصبغة الأسطورية لأسفار الأعمال الأبوكريفية، لا تمنع احتمال صحة بعض التفاصيل في الزيادات عما في سفر الأعمال الكتابي، فلا بد أنه كانت هناك تقاليد كثيرة عن الرسل – لها أساس تاريخي صحيح – احتفظت بها الجماعات المسيحية. ولا بد أن بعض هذه التقاليد وجدت لها مكاناً في كتابات، كان بعض أهدافها – على الأقل – إشباع الفضول العام لمعرفة أشمل عن الرسل. ويقيناً يوجد شيء من الحقيقة التاريخية بين طيات قصة بولس وتكلة (أعمال بولس)، فوصف شكل بولس الوارد في هذه القصة، من المحتمل جداً أن يكون له أساس تاريخي صحيح، ولكن يجب القول بأن دلائل وجود تقاليد يعتمد عليها، ضئيلة جداً، فالبذور القليلة من الحقيقة التاريخية، مدفونة في أكوام من الأساطير التي لا شك في زيفها.
3 – أدب الرحلات:
ومع وجود هذا الارتباط بين أسفار الأعمال الأبوكريفية وبين سفر الأعمال الكتابي، ورغم وجود بعض التقاليد الصحيحة بين طياتها، إلا أنه مما لا شك فيه أنها في مجموعها من اختراع الروح الهيلينية التي تجد لذتها في الخوارق والمعجزات. وأكثر صور الأدب، التي تكاد تترك طابعها على كل صفحة من أسفار الأعمال الأبوكريفية، هي الكتابات الرومانسية عن الرحلات. وأكبر مثل للروايات الخيالية، حياة الكارز الفيثاغوري صانع المعجزات، أبولونيوس من تيانا المتوفي في ختام القرن الأول، والأعمال العجيبة التي يقال إنه كان يعملها في أثناء تجواله والتي نقلت – بشكل أقل إثارة – إلى غيرة من المعلمين. وفي هذا الجو من الخيالات، ولدت أسفار الأعمال الأبوكريفية. فأعمال توما تذكرنا بقصة أبولونيوس، فكما ذهب توما إلى الهند، هكذا ذهب أبولونيوس فيثاغورس إلى الهند، بلاد العجائب، وهناك كرز “بحكمة معلمه”.
4 – الشهادة الكنسية:
يبدو من إشارة كاتب الوثيقة الموراتورية (بيان بالأسفار المعترف بها في الكنيسة في حوالي 190 م.) إلى سفر الأعمال الكتابي، أنه ربما كان يشير إلى سفر آخر للإعمال، فهو يقول: “أعمال كل الرسل موجودة في كتاب واحد، فقد كتبها لوقا ببراعة لثاوفيلس، في حدود ما وقع منها تحت بصره، كما يظهر ذلك من عدم ذكره شيء عن استشهاد بطرس أو رحلة بولس من روما لأسبانيا”.
وفي القرن الثالث نجد تلميحات خاطفة لبعض أسفار الأعمال الأبوكريفية، ولكن في القرن الرابع كثرت الإشارات إليها في كتابات الشرق والغرب على السواء. وسنذكر هنا أهم هذه الإشارات:
1 – شهادة كتاب الشرق:
أول كتاب الشرق الذين ذكروا صراحة الأعمال الأبوكريفية، هو يوسابيوس (المتوفى في 340 م.)، فهو يذكر “أعمال أندراوس وأعمال يوحنا وأعمال الرسل الآخرين”، وكانت من الهوان بحيث لم يحسب أي كاتب كنسي أنها أهلاً لأن يستشهد بها، فأسلوبها وتعليمها ينمان بكل وضوح عن مصدرها الهرطوقي، لدرجة تمنع من وضعها حتى بين الكتب الزائفة، بل رفضوها تماماً باعتبارها سخيفة وشريرة. ويصرح أفرايم (المتوفي 373 م.) بأن أسفار الأعمال كتبها الباردسانتيون لينشروا باسم الرسل ما هدمه الرسل أنفسهم. ويكرر أبيفانيوس (حوالي 375 م.) الإشارة إلى أسفار أعمال كانت تستخدم بين الهراطقة. ويعلن أمفيلوكيوس من أيقونية، وكان معاصراً لأبيفانيوس، أن كتابات معينة كانت تنطلق من دوائر الهراطقة وهي “ليست أعمال الرسل، بل روايات شياطين”. كما أن مجمع نيقية الثاني (787 م.) يحتفظ لنا بعبارة أمفيلوكيوس آنفة الذكر، وقد بحث موضوع الكتابات الأبوكريفية، وبصورة خاصة أعمال يوحنا – التي كان يستند إليها معارضو الأيقونات – وقد وصفها المجمع بأنها “الكتاب المقيت” وأصدر ضده هذا القرار: “لا يقرأه أحد، وليس ذلك فقط، بل نحكم بأنه مستحق أن يلقى طعاماً للنيران”.
5 – شهادة الغرب:
وتكثر الإشارات إلى هذه الأعمال منذ القرن الرابع، فيشهد فيلاستريوس من برسكيا (حوالي 387 م) بأن الأعمال الأبوكريفية كانت مستخدمة عند المانيين، ويقول إنها وإن كانت لا تليق قراءتها للجمهور، إلا أن القارئ الناضج يمكن أن يستفيد منها. وسبب هذا الحكم المنحاز يكمن في النزعة التقشفية في هذه الأعمال، والتي كانت تتمشى مع الاتجاه السائد في الغرب في ذلك الوقت. ويشير أوغسطينوس مراراً إلى الأعمال الأبوكريفية بأنها كانت تستخدم عند المانيين ووصمها بأنها من تأليف “ملفقي الخرافات”. لقد قبلها المانيون واعتبروها صحيحة، وفي هذا يقول أوغسطينوس: “لو أن الناس الأتقياء المتعلمين الذين عاشوا في زمن مؤلفيها، وكانوا يستطيعون الحكم عليها، قد أقروا بصحتها، لقبلتها سلطات الكنيسة المقدسة”. ويذكر أوغسطينوس أعمال يوحنا وأعمال توما بالاسم، كما أنه يشير إلى أن ليوسيوس هو مؤلف الأعمال الأبوكريفية. ويذكر تريبيوس، من استورجا، أعمال أندراوس وأعمال يوحنا وأعمال توما وينسبها للمانيين. ويندد تريبيوس، بالتعليم الهرطوقي في أعمال توما عن المعمودية بالزيت عوضاً عن الماء، ويدين هذه الهرطقة. ويذكر أن ليوسيوس هو مؤلف أعمال يوحنا. كما أن المرسوم الجلاسياني يدين أعمال أندراوس وتوما وبطرس وفيلبس وينعتها بأنه أبو كريفية. ونفس هذا المرسوم يدين أيضاً “كل الكتب التي كتبها ليوسيوس تلميذ الشيطان”.
6 – فوتيوس:
أما أكمل وأهم الإشارات إلى الأعمال الأبوكريفية فهي ما جاء بكتابات فوتيوس بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من القرن التاسع، ففي مؤلفه “ببليوتيكا” تقرير عن 280 كتاباً مختلفاً قرأها في أثناء إرساليته لبغداد، وكان بينها كتاب “يقال عنه تجولات الرسل الذي يشتمل على أعمال بطرس ويوحنا وأندراوس وتوما وبولس. ومؤلفها جميعاً – كما يعلن الكتاب نفسه بكل وضوح – هو ليوسيوس كارنيوس”. ولغتها خالية تماماً من النعمة التي تتميز بها الأناجيل وكتابات الرسل، فالكتاب غاص بالحماقات والمتناقضات، وتعليمه هرطوقي، وبخاصة أنه يعلم بأن المسيح لم يصبح مطلقاً إنساناً حقيقياً، وأن المسيح لم يصلب بل صلب إنسان آخر مكانه، وأشار إلى تعليم التقشف والمعجزات السخيفة في هذه الأعمال، وإلى الدور الذي لعبه كتاب أعمال يوحنا في صراع معارضي الأيقونات.
ويختم فوتيوس بالقول: “بالاختصار يحوي هذا الكتاب عشرات الآلاف من الأشياء الصبيانية التي لا تصدق، السقيمة الخيال، الكاذبة، الحمقاء، المتضاربة، الخالية من التقوى والورع، ولا يجافي الحقيقة كل من ينعتها بأنها نبع وأم كل الهرطقات”.
ثالثاً – إدانة الكنيسة لها:
هناك إجماع في الشهادات الكنسية على الطابع العام للأعمال الأبوكريفية، فهي كتابات استخدمتها الطوائف الهرطوقية، أما الكنيسة فاعتبرتها غير جديرة بالثقة بل ومؤذية. ومن المحتمل أن مجموعة الأعمال المحتوية على الخمسة الأجزاء التي أشار إليها فوتيوس، كانت من تأليف المانيين في شمالي أفريقيا، الذين حاولوا أن يحملوا الكنيسة على قبولها عوضاً عن سفر الأعمال الكتابي الذي رفضه المانيون، وقد وصمتها الكنيسة بالهرطقة. وأصرم حكم هو الذي أصدره ليو الأول (حوالي 450 م.) فأعلن أنها: “لا يجب منعها فقط، بل يجب أن تجمع وتحرق، لأنه وإن كان فيها بعض الأشياء التي لها صورة التقوى، إلا إنها لا تخلو مطلقاً من السم، فهي تعمل خفية بغواية الخرافات، حتى تصطاد في حبائل الضلالات، كل من تستطيع خداعهم برواية العجائب”. فأعمال بولس، التي لا يبدو فيها هرطقة واضحة، شملها الحرم الكنسي على أساس أنها جاءت في ختام المجموعة. على أي حال، إن الكثيرين من معلمي الكنيسة، ميزوا بين تفاصيل الخوارق وبين التعاليم الهرطوقية، فرفضوا الثانية وأبقوا على الأولى.
رابعاً – الكاتب:
ينسب فوتيوس الأعمال الخمسة لمؤلف واحد هو ليوسيوس كارنيوس، كما أن الكتّاب الأوائل نسبوا أسفاراً معينة فيها إلى ليوسيوس كارنيوس، وعلى الأخص – بشهادة عدد كبير من الكتَّاب – أعمال يوحنا. وكما يتضح من هذه الأعمال، يدّعى المؤلف بأنه كان تابعاً ورفيقاً للرسول. ويذكر أبيفانوس شخصاً اسمه ليوسيوس كان من حاشية يوحنا، ولكن ملحوظة أبيفانوس هذه، مشكوك في صحتها ولعلها نتجت عن خلطه بين ليوسيوس وأعمال يوحنا. ونسبة هذه الأعمال لتلميذ ليوحنا ستظل موضع شك إذ أن الأرجح أنها ليست كذلك. ومهما كان الأمر فإنه عندما جمعت هذه الأعمال في مجموعة واحدة، نسبت جميعها إلى المؤلف المزعوم لأعمال يوحنا، وعلى الأرجح حدث هذا في القرن الرابع، رغم أنه من الواضح أن الأعمال جميعها ليست بقلم كاتب واحد (وأكبر دليل هو الاختلاف الواضح في الأسلوب) وإن كان يوجد بعض التشابه بين البعض منها، إما لأنها لمؤلف واحد أو لأنها أخذت عن مصدر واحد.
خامساً – العلاقة بين أسفار الأعمال المختلفة:
كان واضحاً منذ العصور القديمة وجود ارتباط بين مختلف أسفار الأعمال، ولا شك في أنه على أساس هذا الارتباط جمعت في مجموعة واحدة تحت اسم مؤلف واحد، فالبعض يرون تشابهاً كبيراً بين أعمال بطرس وأعمال يوحنا، وأنهما من إنتاج مؤلف واحد، ويرى البعض الآخر أن الأول بني على الثاني، بينما يرى آخرون أن هذا التشابه نتيجة مدرسة لاهوتية واحدة، وجو كنسي واحد. كما أن أعمال أندراوس فيها وجوه شبه كثيرة مع أعمال بطرس. وعلى أي حال، فإنها جميعها تسودها روح الزهد، وفي جميعها يبدو المسيح في صورة رسول، وفي جميعها أيضاً تزور النساء الرسول في السجن. أما من جهة التعليم اللاهوتي، فأعمال بولس تقف وحدها ضد النزعة الغنوسية، أما الأعمال الأخرى فتتفق في نظرتها الدوسيتية لشخص المسيح، بينما نرى في أعمال يوحنا وأعمال بطرس وأعمال توما نفس التعليم الصوفي الغامض عن الصليب.
سادساً – قيمتها:
أ – كتاريخ:
لا قيمة إطلاقاً لأسفار الأعمال الأبوكريفية من جهة الإلمام بحياة الرسل وأعمالهم، ولعل الاستثناء الوحيد لذلك هو الجزء المختص ببولس وتكلة في أعمال بولس. وهنا أيضاً تضيع الحقائق التاريخية في أكوام من الأساطير. ودوائر خدمة الرسل – كما ذكرت في هذه الأعمال – لا يمكن قبولها بدون مناقشة رغم أنها قد تكون مستقاة من مصادر جديرة بالثقة. وعلى وجه العموم فإن الصورة المرسومة في أسفار الأعمال الأبوكريفية لجهود الرسل الكرازية هي صورة كاريكاتيرية غريبة غير متناسقة.
ب – كتسجيل للمسيحية في العصور الأولى:
رغم أن أسفار الأعمال الأبوكريفية لا قيمة تاريخيه لها، إلا أنها عظيمة القيمة فيما يختص بإلقاء الضوء على الفترة التي كُتبت فيها، فهي ترجع إلى القرن الثاني، وهي منجم عني بالمعلومات عن المسيحية في صورتها العامة في ذلك الوقت، فهي تعطينا صورة حية للمسيحية في مواجهة الطوائف السرية المتطرفة والمذاهب الغنوسية التي ازدهرت في تربة أسيا الصغرى، فنرى فيها الإيمان المسيحي مشوباً بروح الوثنية المعاصرة ونرى الإيمان بالمسيح الله المخلص الذي أشبع الشوق العارم للفداء من قوات الشر، مع بعض عناصر باقية من البيئة الوثنية:
1 – نرى في هذه الأسفار صورة للمسيحية في صورتها العامة تحت تأثير الأفكار الغنوسية بالمقابلة مع غنوسية المدارس التي تتحرك في مجال المفاهيم الأسطورية، والتجريدات الباردة والتهويمات الخادعة. ويكمن خلف الغنوسية، احتقار الوجود المادي. وفي مسيحية أسفار الأعمال الأبوكريفية نجد النتيجة العملية لهذين الفكرين النابعين من هذا الموقف المبدئي: مفهوم دوسيتي عن شخص المسيح، ونظرة تقشف للحياة. وفي الدوائر الشعبية، لم يكن للمسيح سوى القليل من سمات يسوع التاريخي، كان هو الله المخلص فوق كل الرياسات والسلاطين، وبالاتحاد به تخلص النفس من أعمال الشر الرهيبة وتدخل إلى الحياة الحقيقة. وحياة المسيح كإنسان تسامت حتى أصبحت مجرد مظهر، وبخاصة آلام المسيح التي كانت تفهم بطريقة رمزية، فأحيانا يرون فيها صورة لوجود المسيح في كنيسته يقاسم المؤمنين آلام الاستشهاد، وأحيانا يرون في قصة آلام المسيح رمزاً للآلام البشرية بوجه عام. وأحياناً يرون فيها كيف أن خطية شعبه وضعفهم وعدم أمانتهم تسبب له آلاماً متجددة على الدوام. ويظهر التأثير الأدبي للغنوسية، في روح التقشف المتزمت، أقوى السمات المميزة لهذه الأعمال.
والحقيقة أن هذه الصورة من الزهد لا نجدها في الدوائر الغنوسية فحسب، بل نجدها في الدوائر الكنسية القديمة كما يبدو من أعمال بولس وغيرها من المصادر. وظهور الصورة المتزمتة من الزهد في المسيحية الأولى أمر مفهوم، فقد كان ميدان المعركة الرئيسية – التي كان على الإيمان المسيحي أن يخوضها ضد الوثنية الهيلينية – هو الطهارة الجنسية. وبالنظر إلى التهتك والخلاعة اللتين شاعتا في العلاقات الجنسية، لا عجب أن يكون رد الفعل المسيحي هو التطرف إلى الناحية الأخرى، وكبح الشهوة الجنسية تماماً. وهذا الاتجاه في الكنيسة الأولى أكدته الروح الغنوسية، وظهر بوضوح في أسفار الأعمال الأبوكريفية التي ظهرت في الدوائر الغنوسية أو في بيئة شاعت فيها الأفكار الغنوسية. ولابد أنه كان لهذه الروايات الخيالية التي تعني أشد العناية بالطهارة الجنسية، أثرها البالغ في شحن الأذهان ضد العلاقات الجنسية التي تلوث طهارة الروح التي كانوا ينشدونها.
وتوجد مبادئ أخلاقية أخرى في هذه الأسفار تتفق تماماً مع المبادئ المسيحية.
2 – وأسفار الأعمال الأبوكريفية عظيمة النفع لمعرفة صور العبادة في بعض الدوائر المسيحية، فنجد وصفاً كاملاً لممارسة الفرائض المقدسة في أعمال توما. كما توجد في هذه الأسفار بعض الصلوات التي تنبض بالدفء، والغنية بعباراتها التعبدية.
3 – ونجد بداية استخدام التراتيل المسيحية، في أعمال توما التي توجد فيها تراتيل غنوسية تفيض بالخيال الشرقي.
4 – يبدو في كل هذه الأسفار الاغرام بالخوارق، والحماسة الدينية التي ازدهرت في أسيا الصغرى في القرن الثاني (مثلاً: رقص التلاميذ حول يسوع، في أعمال يوحنا 94).
سابعاً – أثرها:
كان لأسفار الأعمال الأبوكريفية أثر ملحوظ في تاريخ الكنيسة، فبعد أن استقرت المسيحية في حكم قسطنطين، عاد الناس بأبصارهم إلى أيام الجهاد والاضطهاد، واهتموا اهتماماً شديداً بأحداث عصر بطولات الإيمان، عصر الرسل والشهداء، فقرأوا أعمال الشهداء بنهم، وبخاصة الأعمال الأبوكريفية التي اعتمدوا عليها كثيراً لإشباع رغبتهم في معرفة المزيد عن الرسل، مما لا يوجد في الأسفار القانونية. وكانت التعاليم الهرطوقية – التي امتزجت بالأساطير التي نسجوها حول الرسل – سبباً في إدانة السلطات الكنسية لها، ولكن الحرم الكنسي لم يستطع أن يمحو أثر هذه الألوان الزاهية الموجودة في تلك الروايات، وأمام ذلك كرس كتّاب الكنيسة أنفسهم لكتابة التواريخ القديمة بعد استبعاد كل ما هو ظاهر الهرطقة، وأبقوا على الخوارق والمعجزات. ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل استخدمت مادة الأعمال الأبوكريفية بكثرة في تلفيق تواريخ الرسل الآخرين، كما نجد في المجموعة المسماة “أبدياس” من القرن السادس. وكانت النتيجة أنه من القرن الرابع إلى القرن الحادي عشر تزايدت بسرعة المؤلفات عن الرسل “وأصبحت الموضوع المحبوب الذي يقبل على قراءته المسيحيون من أيرلنده حتى جبال أثيوبيا، ومن بلاد العجم حتى أسبانيا” (كما يقول هارناك). كما كتبت الأساطير حول الرسل بالأشعار الدينية، وظهرت هذه الكتابات في تواريخ الشهداء والتقاويم، وأصبحت مواضيع للمواعظ في أيام الصوم، واتسقي منها الرسامون مواضيع لرسومهم. وكتبت حلقات أخرى من هذه الأساطير في الكنائس السريانية والقبطية، وترجمت الأساطير القبطية إلى العربية، ومن العربية إلى الحبشية. وكانت هذه الكتابات أمَّا ولوداً لجميع أنواع الخرافات، وكما يقول هارناك: “أجيال بأكملها من المسيحيين بل أمم بأكملها منهم، قد غشيت أبصارهم وبصائرهم بالمظاهر البراقة لهذه الروايات، فلم يعموا عن رؤية نور التاريخ الصحيح فحسب، بل عميت أعينهم عن رؤية الحق ذاته”، ولا يفوتنا أن نذكر أن المراسلات مع الكورنثيين الواردة في أعمال بولس، قبلتها الكنيستان السريانية والأرمينية واعتبرتاها قانونية.
الأبوكريفا الأعمال – كل منها على حده:
الأعمال الأبوكريفة التي سنتكلم عنها هنا، هي أعمال ليوسيوس التي ذكرها فوتيوس. وهي بصورتها الحالية حدث فيها تنقيح لصالح الفكر الكنسي، ولكنها في أصلها كانت تنتمي للقرن الثاني، ومن العسير أن نعرف كم تختلف هذه الأعمال في صورتها الحالية عما ظهرت عليه أصلاً، ولكن واضح من كثير من النقاط أن التنقيح الذي حدث بهدف حذف الأخطاء الهرطوقية، لم يكن شاملاً فكثير من الأجزاء الواضحة الغنوسية، مازالت موجودة، لأن المنقح – على الأرجح – لم يدرك معناها الحقيقي.
أولا – أعمال بولس:
ويقتبس منها أوريجانوس مرتين في كتاباته التي مازالت محفوظة، ولعل هذا هو سبب الاعتبار الكبير الذي حظيت به في الشرق. وفي المخطوطة الكلارومونتانية (القرن الثالث) – وهي من أصل شرقي – توضع أعمال بولس موضع الاعتبار مع راعي هرماس ورؤيا بطرس. كما أن يوسابيوس – الذي يرفض رفضاً باتاً “أعمال أندراوس وأعمال يوحنا وأعمال سائر الرسل” – يضع أعمال بولس في قائمة الأسفار المشكوك في صحتها مع هرماس ورسالة برنابا وتعليم الرسل وغيرها.
أما في الغرب حيث كان يُنظر بعين الريبة لأوريجانوس، فيبدو أنهم رفضوا أعمال بولس. ولا يرد لها ذكر إلا في كتابات هيبوليتس صديق أوريجانوس، وهو لا يذكرها بالاسم ولكنه يستشهد بصراع بولس مع الوحوش كدليل على صدق قصة دانيال في جب الأسود. ولم يبق من أعمال بولس إلا أجزاء قليلة، ولم يكن يعرف عنها إلا القليل حتى سنة 1904 حين ظهرت ترجمة لنسخة قبطية – غير سليمة الحفظ – نشرها س. شميدت. وظهر أن أعمال بولس وتكلة ليست في الحقيقة إلا جزءاً من أعمال بولس. ومن الملحوظات المذكورة في المخطوطة الكلارومونتانية وغيرها، نستنتج أن هذه الأجزاء التي بين أيدينا لا تزيد عن ربع الأصل:
1. أطول هذه الأجزاء وأهمها هو ما وصل إلينا في كتاب منفصل باسم “أعمال بولس وتكلة” ولا نستطيع أن نقطع بالزمن الذي فصلت فيه عن أعمال بولس، ولكنه لابد حدث قبل المرسوم الجلاسياني (496 م) الذي لا يذكر أعمال بولس، ولكنه يدين “أعمال بولس وتكلة”.
أ. تتلخص القصة في: أن فتاة مخطوبة من أيقونية اسمها تكلة استمعت إلى كرازة بولس عن البتولية وفتنت بها، فرفضت الارتباط بخطيبها. ولتأثير بولس عليها، اُستدعى بولس أمام الحاكم الذي ألقاه في السجن فزارته تكلة، فتعرض كلاهما للمحاكمة، فنُفي بولس من المدينة وحكم على تكلة بالحرق، ولكنها نجت بمعجزة من وسط النار، وأخذت في البحث عن بولس. وعندما وجدته رافقته إلى أنطاكية (وغير واضح إن كانت أنطاكية بيسيدية أو أنطاكية في سوريا)، وفي أنطاكية فتن بها شخص ذو نفوذ اسمه إسكندر، الذي عانقها علناً في الشارع، فاستهجنت تكلة فعلته ونزعت التاج الذي كان على رأسه، فحكم عليها أن تصارع الوحوش في ميدان الألعاب. وتركت تكلة تحت حراسة الملكة تريفينا التي كانت تعيش وقتئذ في أنطاكية. وعندما دخلت تكلة إلى حديقة المصارعة، لقيت لبؤة حتفها دفاعاً عن تكلة ضد الوحوش، وفي وسط الخطر ألقت تكلة بنفسها في حوض به عجول البحر، وهي تهتف: “باسم يسوع المسيح أعمد نفسي في آخر يوم”. وعندما اقترح البعض أن تمزق تكلة بين الثيران الهائجة، أغمى على الملكة تريفينا فخشيت السلطات مما يمكن أن يحدث، وأطلقوا سراح تكلة وسلموها لتريفينا فذهبت تكلة مرة أخرى للبحث عن بولس، وعندما وجدته أرسلها للكرازة بالإنجيل، فقامت بالكرازة في أيقونية أولاً ثم في سلوقية حيث ماتت. وقد وضعت إضافات متأخرة نهاية تكلة، تقول إحداها إنها ذهبت من سلوقية إلى روما في طريق تحت الأرض وظلت في روما حتى موتها.
ب – ورغم أن قصة تكلة كتبت لإيجاد سند رسولي للبتولية، فمن المحتمل أن يكون لها أساس ضعيف من الصحة، فوجود طائفة قوية باسمها في سلوقية يؤيد الرأي القائل بأن تكلة كانت شخصية تاريخية، كما أن التقاليد عن صلتها ببولس – التي تجمعت حول المعبد الذي بنى في سلوقية تكريماً لها – هي التي شكلت عناصر هذه الرواية، ولاشك أن فيها بعض الذكريات التاريخية. فتريفينا شخصية تاريخية تأكد وجودها من اكتشاف نقود باسمها، وكانت أم الملك بوليمون الثاني ملك بنطس وقريبة للإمبراطور كلوديوس. وليس هناك ما يدعو للشك في ما جاء في هذه الأعمال من أنها كانت تعيش في أنطاكية في وقت زيارة بولس الأولى لها. كما أن هذه الأعمال واضحة في دقتها الجغرافية، فتذكر الطريق الملكي الذي تقول إن بولس سار فيه من لسترة إلى أيقونية، وهي حقيقة تستلفت النظر، لأنه بينما كان الطريق مستخدماً في أيام بولس للأغراض العسكرية، أهمل استخدامه كطريق منتظم في الربع الأخير من القرن الأول. ويوصف بولس في هذه الأعمال: “بأنه رجل قصير القامة، أصلغ الرأس، مقوس الساقين، نبيل الأخلاق، مقرون الحاجبين، ذو أنف بارز بعض الشيئ، ممتلىء نعمة، كان يبدو أحياناً إنساناً، وأحياناً أخرى كان يبدو بوجه ملاك”. وقد يكون لهذا الوصف سند يعتمد عليه. ويدافع رمساي (في كتابة “الكنيسة في الإمبراطورية الرومانية” ص. 375) عن احتمال وجود نسخة قصيرة من هذه الأعمال ترجع إلى القرن الأول، وذلك على أساس هذه الملامح التاريخية، ولكن الكثيرين لا يقبلون وجهة نظر رمساي.
ج – كانت أعمال بولس وتكلة واسعة الانتشار، ولها تأثير كبير وذلك للتقدير الواسع لتكلة التي كانت لها مكانة كبيرة بين القديسين باعتبارها “أول أنثى تستشهد”. والإشارات إلى هذه الأعمال في كتابات الآباء قليلة، ولكن الرواية نفسها كانت رائجة جداً بين المسيحيين في الشرق وفي الغرب على السواء. ووصل التقدير لتكلة أقصى مداه في غاليا. وهناك قصيدة شعرية عنوانها “الوليمة” كتبها كيبريان، أحد شعراء جنوب غاليا، في القرن الخامس، وفي تلك القصيدة تبدو تكلة في مستوى الشخصيات الكتابية العظيمة، وكتاب “أعمال زاسيف وبولكسينا” مأخوذ كله من أعمال بولس وتكلة.
2 – جزء هام آخر من أعمال بولس، هو الجزء الذي يشتمل على ما يُعْرَف بالرسالة الثالثة إلى الكورنثيين، وفيها يذكر أن بولس كان في السجن في فيلبي (ليس في زمن أعمال الرسل 16: 23، ولكن بعد ذلك بوقت). وكان سجنه لسبب تأثيره على ستراتونيس زوجة أبولوفانيس، فالكورنثيون الذين أزعجتهم هرطقة اثنين من المعلمين، أرسلوا خطاباً لبولس يصفون له التعاليم الخبيثة التي تدعي أن الأنبياء لا قيمة لهم، وأن الله غير قادر على كل شيء، وأنه ليست هناك قيامة أجساد، وأن الإنسان لم يخلقه الله، وأن المسيح لم يأت في الجسد ولم يولد من مريم، وأن العالم ليس من صنع الله بل من صنع الملائكة. وقد حزن بولس كثيراً بوصول هذه الرسالة، وفي ضيق شديد كتب الرد الذي فند فيه هذه الآراء الغنوسية التي ينادي بها معلمون كذبة. ومما يستلفت النظر أن هذه الرسالة التي تستشهد كثيراً برسائل بولس الكتابية، ورسالة الكورنثيين إلى بولس التي دفعته إلى كتابتها، اعتبرتهما الكنائس السريانية والأرمينية، قانونيتين بعد القرن الثاني، ولم تصل إلينا الصورة الأصلية للرسالة في اليونانية، ولكنها وصلتنا في نسخة قبطية (غير كاملة) ونسخة أرمينية ونسختين مترجمتين لللاتينية (مشوهتين)، علاوة على تناولها في تفسير أفرايم (بالأرمينية). وقد فقدت النسخة السريانية.
3 – علاوة على الجزئين المذكورين أعلاه من أعمال بولس، توجد أجزاء أقل أهمية مثل شفاء الرسول لرجل مصاب بالاستسقاء في ميرا (وهي تتمة لقصة تكلة)، ومصارعة بولس للوحوش في أفسس (مبينة على ما جاء في 1 كو 15: 32)، واقتباسين قصيرين يذكرهما أوريجانوس، وجزء ختامي يصف استشهاد الرسول في زمن نيرون الذي ظهر له بولس بعد موته. كما أن أكليمندس الإسكندري يقتبس فقرة عن إرسالية بولس الكرازية، والتي ربما شكلت جزءاً من أعمال بولس. وربما كانت هذه الأعمال ذاتها هي مصدر حديث بولس في أثينا الذي كتبه جون سالسبوري (حوالي 1156).
المؤلف وتاريخ التأليف: مما ذكره ترتليان نعلم أن مؤلف “أعمال بولس” كان شيخاً من شيوخ أسيا، كتب كتابه “بقصد تعظيم بولس، بإضافات من عنده” وأنه طرد من وظيفته عندما اعترف بأنه فعل ذلك حباً في بولس “. وشهادة ترتليان هذه يؤيدها الدليل في الكتاب ذاته، حيث أنه – كما رأينا – يظهر معرفة دقيقة بطبوغرافية أسيا الصغرى وتاريخها. وكثير من الأسماء الواردة بهذه الأعمال وجدت في أثار سميرنا، وإن كان من الخطأ أن نستنتج بناء على ذلك أن المؤلف كان من مدينة سميرنا، ولعله كان من مدينة نالت فيها تكلة تقديراً خاصاً، وكان الدافع له إلى كتابتها هو صلتها ببولس الكارز بالبتولية، بجانب تفنيد بعض الآراء الغنوسية. ولعل تاريخ تأليف أعمال بولس يرجع إلى النصف الثاني من القرن الثاني بين 160 – 180 م.
ورغم أن أعمال بولس كتبت لبيان عظمة الرسول، فإنها تبين بوضوح أن المؤلف لم يكن مؤهلاً لذلك من ناحية المقدرة الفكرية أو اتساع الرؤيا، فالمستوى الفكري لهذه الأعمال هابط جداً كما أنها فقيرة في مفاهيمها، فالموضوع الواحد يتكرر بدون أي تغيير، والعيوب الظاهرة في خيال المؤلف واضحة في أسلوبه العاري الخالي من الفن. وبه اقتباسات كثيرة من العهد الجديد، والصورة التي يرسمها للمسيحية ضيقة ومن جانب واحد، وهي في جملتها صحيحة، وليس فيها ما يؤيد رأي ليسيوس بأنها مأخوذة عن مؤلف غنوسي. فتكرار أحداث الخوارق، والتقشف الشديد الذي يميز هذه الأعمال، ليسا دليلاً على التأثر بالغنوسية، بل أن التعليم فيها هو ضد الغنوسية، كما نرى في المراسلات بين بولس والكورنثيين: “أن الرب يسوع المسيح ولد من مريم من نسل داود، فقد أرسل الآب الروح من السماء إليها.” ويؤكد قيامة الأموات بقيامة المسيح من بين الأموات، ولكن القيامة قاصرة على الذين يؤمنون بها (وهذه النقطة يبدو أنها من ابتكار المؤلف)، فيقول: “إن مَنْ لا يؤمنون بالقيامة لن يقوموا” ويربط بين الإيمان بالقيامة وضرورة الامتناع تماماً عن المعاشرات الجنسية، فالأطهار فقط هم الذين يعاينون الله، “فلن يكون لكم نصيب في القيامة إلا إذا ظللتم طاهرين ولم تنجسوا الجسد”. والإنجيل الذي كرز به الرسول كان يتعلق “بضبط النفس والقيامة”. ومحاولة المؤلف تدعيم صورة المسيحية التي كانت سائدة في أيامه، كانت هي الهدف الرئيسي لتأليف الكتاب، فيصور الرسول بولس على أنه رسول هذا المفهوم الشائع. ولإضفاء صورة جذابة على تعليمه، ملئت الصورة بالخوارق والمعجزات لإرضاء ذوق ذلك العصر.
ثانياً – أعمال بطرس: يوجد جزء كبير (حوالي الثلثين) من أعمال بطرس محفوظاً باللغة اللاتينية، يطلق عليه “أعمال فرسيلي” نسبة إلى مدينة فرسيلي في بيدمونت حيث توجد المخطوطة في مكتبة كنيستها. كما اكتشف جزء منها بالقبطية ونشره في 1903 س. شميدت تحت عنوان “أعمال بطرس” ويرى شميدت أنها جزء من كتاب أخذت منه أعمال فرسيلي، ولكن هذا أمر موضع شك. وهذا الجزء يتعلق بحادثة حدثت في أثناء خدمة بطرس في أورشليم، بينما، “أعمال فرسيلي” – ولعل المقصود منها أن تكون امتدادًا لسفر الأعمال القانوني – تروي قصة الصراع بين بطرس وسيمون الساحر، واستشهاد بطرس في رومية. وما ذكره عنها كتاب الكنيسة (فيلاستريوس من برسكيا، وإيزادور من بلوزيوم وفوتيوس) يؤكد أن “أعمال فرسيلي” هي جزء من أعمال بطرس التي حرمت في مرسوم أنوسنت الأول (405 م) وفي المرسوم الجلاسياني (496 م):
1 – يحتوي الجزء القبطي على قصة ابنة بطرس المفلوجة، ففي أحد أيام الآحاد وبطرس مشغول بشفاء المرضى، سأله أحد الواقفين: لماذا لم يشف ابنته؟ ولكي يبرهن على قدرة الله على إتمام الشفاء على يديه، شفي بطرس ابنته لفترة وجيزة، ثم أمرها أن تعود إلى مكانها وإلى حالتها كما كانت من قبل، وقال إن هذه البلوى قد أصابتها لتخلصها من النجاسة، حيث أن بطليموس قد فتن بها وأراد أن يتخذها له زوجة. وحزن بطليموس على عدم حصوله عليها حتى عمي من البكاء، وبناء على رؤيا، جاء إلى بطرس الذي أعاد له بصره فآمن، وعندما مات ترك قطعة من الأرض لابنة بطرس. وقد باع بطرس تلك القطعة من الأرض ووزع ثمنها على الفقراء. ويشير إلى هذه القصة دون أن يذكر اسم “أعمال بطرس”. كما توجد إشارتان لهذه القصة في أعمال فيلبس. كما تذكر القصة مع أعمال نريوس وأخيلاوس – التي كتبت في عهد متأخر، مع تغييرات واضحة – ويذكر أن ابنة بطرس – التي لم يذكر اسمها في المخطوطة القبطية – كانت تسمى “بترونيلا”.
2 – تنقسم محتويات الأعمال الفرسيليانية إلى ثلاثة أقسام:
أ – الأصحاحات الثلاثة الأولى واضح أنها تكملة لقصة أخرى، ويمكن أن تكون تكملة لسفر الأعمال القانوني، فهي تروي ارتحال بولس إلى أسبانيا.
ب – الجزء الأكبر (من 4 – 32) يصف الصراع بين بطرس وسيمون الساحر في رومية، فلم يمكث بطرس في رومية طويلاً حتى لحق به سيمون – الذي كان “يدعي أنه قوة الله العظيمة” – وأفسد كثيرين من المسيحيين. وظهر المسيح لبطرس في رؤيا في أورشليم وأمره أن يبحر إلى إيطاليا وإذ وصل إلى رومية ثبت المؤمنين، وأعلن أنه جاء لتثبيت الإيمان بالمسيح ليس بالأقوال فقط بل بعمل المعجزات والقوات (إشارة إلى 1 كو 4: 20، اتس 1: 5). وبناء على التماس من الإخوة، ذهب بطرس لمقابلة سيمون في بيت رجل يدعي مارسلوس كان قد أضله الساحر، وعندما رفض سيمون مقابلته، أطلق بطرس كلباً وأمره أن يبلغ سيمون الرسالة، وكانت نتيجة هذه المعجزة أن تاب مارسلوس. وبعد ذلك جزء يصف إصلاح تمثال مكسور برش الكسر بماء باسم يسوع. وفي تلك الأثناء كان الكلب قد ألقى موعظة على سيمون وأصدر عليه حكم الدينونة بنار لا تطفأ.
وبعد أن أبلغ بطرس بقيامه بمأموريته وتكلم إلى بطرس بأقوال مشجعة، اختفى الكلب عند قدمي الرسول. وبعد ذلك جعل سمكة مشوية تعوم، فتقوى إيمان مارسلوس وهو يرى العجائب التي يصنعها بطرس، فطرد سيمون من بيته بكل احتقار، فاغتاظ سيمون جداً لذلك، فذهب إلى بطرس يتحداه، فانبرى له طفل عمره سبعة شهور، يتكلم بصوت رجالي، وشجب سيمون وجعله يبكم حتى السبت التالي. وظهر المسيح لبطرس في رؤيا في الليل وشجعه، وفي الصباح حكى بطرس للجماعة انتصاره على سيمون “ملاك الشيطان” في اليهودية. وبعد ذلك بقليل في بيت مارسلوس، الذي “تطهر من كل أثر لسيمون”، كشف بطرس المفهوم الحقيقي للإنجيل. وتظهر كفاءة المسيح لمقابلة كل أنواع الحاجة في فقرة لها صبغة دوسيتية: “سيغريكم حتى تحبوه، هذا العظيم والصغير، هذا الجميل والقبيح. هذا الشاب والقديم الأيام، الذي ظهر في الزمان ولكنه محجوب تماماً في الأبدية، الذي لم.. تلمسه يد، ولكنه يلمس الآن من خدامه، الذي لم يره جسد ولكنه الآن يرى.. وبعد ذلك في وهج عجيب من النور السماوي، استردت النوافذ المقفلة بصرها ورأت الأشكال المختلفة التي ظهر بها المسيح لهم”.
وتصف رؤية لمارسلوس ظهر له الرب فيها في هيئة بطرس وضرب بسيف “كل قوة سيمون” التي ظهرت في شكل امرأة حبشية سوداء جداً وفي ثياب رثة. ويأتي بعد ذلك الصراع مع سيمون في الساحة العامة في محضر أعضاء مجلس الشيوخ والولاة، وبدأ الجانبان في المبارزة بالكلام ثم بالأفعال التي برزت فيها قوة بطرس وتفوقت في إقامة الموتى، على قوة سيمون، وهكذا خسر سيمون شهرته في رومية، وفي محاولة أخيرة لاسترداد نفوذه، أعلن أنه سيصعد إلى الله، وطار – أمام الجموع المحتشدة – فوق المدينة. ولكن استجابة لصلاة بطرس للمسيح، وقع سيمون وانكسرت ساقه في ثلاثة مواضع، فنقل من رومية، وبعد أن بترت ساقه مات.
ج – يختم سفر الأعمال الفرسيلياني بقصة استشهاد بطرس (أصحاحات 33 – 41)، فقد استهدف بطرس لعداء الشخصيات من ذوي النفوذ لأنه حرض زوجاتهم على الانفصال عنهم، ونتج عن ذلك القصة المشهورة “كوافاديس”. هرب بطرس من رومية عندما استشعر الخطر، ولكنه قابل المسيح الذي قال له إنه ذاهب إلى رومية ليصلب ثانية، فعاد بطرس وحكم عليه بالموت. وفي مكان تنفيذ الحكم، فسر بطرس سر الصليب. طلب أن يصلب منكس الرأس، وعندما فعلوا به ذلك، شرح في عبارات مصبوغة بالصبغة الغنوسية، سبب رغبته في ذلك. وبعد صلاة صوفية الطابع، أسلم بطرس الروح , وغضب نيرون جداً لإعدام بطرس بدون علمه، لأنه كان يريد التشفي فيه وتعريضه لأنواع من العذاب. وبناء على رؤية، امتنع عن صب غضبه على المسيحيين واضطهادهم اضطهاداً عنيفاً (قصة استشهاد بطرس موجودة أيضاً في الأصل اليوناني).
قيمتها التاريخية:
واضح مما سبق أن هذه الأعمال ليست إلا أساطير، وليس لها أي قيمة من الناحية التاريخية عن خدمة بطرس، فهي في حقيقتها من اختراع الروح القديمة التي تستغذب الخوارق، والتي ظنت أن قوة المسيحية تعتمد تماماً على قدرة ممثليها على التفوق على الجميع في امتلاك قوة خارقة.
أما قصة حصول سيمون على نفوذ كبير في رومية وكيف أقيم له تمثال تكريماً له (أصحاح 10)، فقد يكون لها أساس من الحقيقة، فيقول جستين الشهيد إن سيمون بناء على الأعمال العجيبة التي كان يقوم بها في رومية، كان يعتبر إلهاً وأقيم له تمثال تكريماً له. ولكن شكوكاً خطيرة قد أحاطت بالقصة كلها من النقوش الموجودة على حجر في قاعدة عامود في رومية عن إله سبيني اسمه سيمو سانكوس، ولعل هذا ما دعا جستين إلى أن يخلط بين هذا التمثال وبين سيمون الساحر، ولعله أيضاً كان الأساس الذي نسجت حوله أسطورة أعمال سيمون في رومية. أما موضوع استشهاد بطرس في رومية فهو أمر قديم، ولكن لا يمكن الركون في ذلك إلى القصة الواردة في أعمال بطرس.
المؤلف وتاريخ التأليف:
لا يمكن الجزم بشيء في موضوع مؤلف أعمال بطرس، فالبعض يعتقدون أنها من تأليف كاتب أعمال يوحنا، ولكن الأمر المؤكد هو أنهما نبتتا في نفس الجو الديني في أسيا الصغرى. وليس هناك إجماع على مكان كتابتها، ولكن بعض التفاصيل الصغيرة مع طبيعة الكتاب، تدل على أن أصله كان في أسيا الصغرى أكثر مما في رومية، فهو يخلو من ذكر أي شيء عن أحوال رومية، بينما هناك تلميحات محتملة عن شخصيات تاريخية عاشت في أسيا الصغرى. أما تاريخ كتابته فيرجع إلى ختام القرن الثاني على الأرجح.
طبيعتها:
استخدم الهراطقة أعمال بطرس، بينما حرمتها الكنيسة، وليس معنى هذا بالضرورة أنها من أصل هرطوقي، وإن كان يستشف منها روح – اعتبرت فيما بعد – هرطوقية، ولكن من المحتمل أنها نشأت داخل الكنيسة في بيئة مصبوغة بشدة بالأفكار الغنوسية، فنجد المبدأ الغنوسي في التشديد بخصوص “فهم الرب” (أصحاح 22). وكذلك نرى الفكرة الغنوسية في أن الكتب المقدسة يلزم أن تكون مصحوبة بتعليم سري مسلم من الرب للرسل، في كثير من الأجزاء (وبخاصة الأصحاح 20)، ففي أثناء وجودهم على الأرض في شركة مع المسيح، لم يكن ممكناً للتلاميذ أن يفهموا تماماً كل إعلان الله، فكل منهم رأى ما استطاع أن يراه، فبطرس يقول إنه يسلم لهم ما استلمه من الرب “في سر”. كما يوجد فيها شوائب من الهرطقة الدوسيتية، كما أن الكلمات التي نطق بها بطرس وهو معلق على الصليب توحي بتأثير غنوسي (فصل 73 إلخ.)، ونجد في تلك الأعمال نفس الموقف السلبي من الخليقة والروح التقشفية الواضحة كما في غيرها من الأسفار الأبوكريفية. و “عذارى الرب” لهم مكانة رفيعة (فصل 22)، ويستخدم الماء بدل الخمر في العشاء الرباني. وأشد ما يميز أعمال بطرس هو التشديد على رحمة الله الواسعة في المسيح من نحو المرتدين (وبخاصة في فصل 7)، وهذه الملحوظة التي تكرر كثيراً هي برهان على وجود الإنجيل الحقيقي في مجتمعات اختلط إيمانها بأغرب الخرافات.
ثالثاً – أعمال يوحنا:
بناء على جدول المخطوطات لنيسيفورس، كانت أعمال يوحنا في صورتها الكاملة تشكل كتاباً في حجم إنجيل متى. وعدد من أجزائة يبدو مترابطاً، وهذه تكون نحو ثلثي الكتاب. وبداية تلك الأعمال مفقودة، وتبدأ الرواية بالفصل 18. ولا نستطيع أن نجزم بشيء عن محتويات الفصول السابقة، وإن كان “بونيت” يرى أن الأربعة عشر فصلاً الأولى تروي تفاصيل رحلة يوحنا من أفسس إلى رومية، ونفيه إلى بطمس، بينما الأصحاحات من 15 – 17 تصف عودته من بطمس إلى أفسس، ولكننا نستبعد هذا لأن الجزء الذي يبدأ بالفصل 18 يصف زيارة يوحنا الأولى لأفسس. ويروي الجزء الأول الموجود من هذه الأعمال (من 18 – 25) أن ليكوميدس “القائد الأول للأفسسيين” قابل يوحنا وهو يقترب من المدينة وتوسل إليه من أجل زوجته الجميلة كليوبترا التي أصيبت بالفالج، وعند وصولهم إلى البيت بلغ الحزن من ليكوميدس مبلغاً سقط معه ميتا، وبعد أن صلى يوحنا للمسيح، شفى كليوبترا ثم أقام ليكوميدس من الموت. ونزولاً على توسلاتهما أقام يوحنا معهما. وفي الفصول من 26 – 29 نجد موضوع صورة يوحنا التي لعبت دوراً بارزاً في مجمع نيقية الثاني، فقد أرسل ليكوميدس صديقاً له ليرسم صورة ليوحنا وعندما تمت، وضعها في غرفة نومه وأقام مذبحاً أمامها وأحاطها بالشموع، ولما اكتشف يوحنا لماذا يأوي ليكوميدس إلى غرفته كثيراً، اتهمه بعبادة وثن وعلم أن الصورة هي صورته، وصدق ذلك عندما جاءوا له بمرآة ليرى نفسه فيها، فطلب يوحنا من ليكوميدس أن يرسم صورة لنفسه وأن يستخدم في تلوينها الإيمان بالله، الوداعة، المحبة، العفة، إلخ أما صورة الجسد فهي صورة ميتة لإنسان ميت. أما الفصول من 30 – 36 فتروي قصة شفاء امرأة عجوز مريضة، وفي الساحة حيث كانت تجري المعجزات، ألقى يوحنا خطاباً عن بُطل كل الأشياء الأرضية، وعن الطبيعة المدمرة التي للعواطف الجسدية. وفي الفصول 37 – 45 نقرأ أن معبد أرطاميس قد سقط نتيجة لصلاة يوحنا، مما أدى إلى ربح الكثيرين للمسيح. وكاهن أرطاميس الذي قتل عند سقوط المعبد، قام من الموت وأصبح مسيحياً (46). وبعد سرد عجائب أخرى (إحداهما كانت طرد البق من أحد البيوت)، تأتي أطول قصص هذا الكتاب وهي قصة منفرة عن دروسيانا (62 – 86) نظمتها الراهبة هروزوتيا من جاندرشيم في قصيدة شعرية (القرن العاشر).
والفصول من 87 – 105 تروي حديثاً ليوحنا عن حياة وموت وصعود يسوع، مصبوغاً بالصبغة الدوسيتية، ومنها جزء كبير يتعلق بظهور المسيح في أشكال كثيرة بطبيعة جسده الفريدة. وفي هذا الجزء توجد الترنيمة الغريبة التي استخدمها أتباع بريسليان، والتي يقولون إنها الترنيمة التي رنمها يسوع بعد العشاء في العلية (مت 26: 30) والتلاميذ يرقصون في حلقة حوله ويردون قائلين آمين. وهنا أيضاً نرى التعليم الصوفي الغامض عن الصليب يعلنه المسيح ليوحنا. والفصول من 106 – 115 تروي نهاية يوحنا، فبعد أن خاطب الإخوة وتمم فريضة عشاء الرب بالخبز فقط، أمر يوحنا بحفر قبر، وبعد أن تم ذلك صلى وشكر الرب الذي أنقذه من “الجنون القذر للجسد” وصلى أن يمر بأمان في ظلمة الموت وأخطاره، ثم اضطجع بهدوء في القبر وأسلم الروح.
قيمتها التاريخية:
لسنا في حاجة إلى القول بأن أعمال يوحنا ليس لها أي قيمة تاريخية، فهي نسيج من أساطير كان القصد منها وما حوته من معجزات، أن تغرس في أذهان العامة المفاهيم الدينية ونمط الحياة كما يعتنقها المؤلف. وهذه الأعمال تتفق مع التقليد الثابت بأن أفسس كانت دائرة خدمة يوحنا في أواخر أيامه، ولكن ما يلفت النظر هو ما ذكره المؤلف عن تدمير يوحنا لمعبد أرطاميس، وهو دليل قوي على أن هذه الأعمال لم تكتب في أفسس، لأن معبد أرطاميس دمره القوط في 262 م.
صفتها العامة:
إن أعمال يوحنا هي أكثر تلك الأسفار الأبوكريفية هرطقة، وقد أشرنا آنفاً إلى السمات الدوسيتية، فنرى عقيدة عدم حقيقة جسد يسوع في ظهوره بأشكال مختلفة (88 – 90)، وقدرته على البقاء بدون طعام (93)، وبدون نوم ( “فلم أر عينية مغمضتين قط ولكنهما على الدوام مفتوحتان” 89)، وإنه عندما يمشي لا تترك أقدامه أثراً (93)، وتغير طبيعة جسده عند اللمس فمرة يكون جامداً، وتارة ليناً، وأخرى خيالياً تماماً (89، 93). كما أن صلب يسوع كان مجرد مظهر وهمي (97، 99)، وأن الصعود حدث عقب الصلب الظاهري مباشرة فلا مكان لقيامة شخص لم يمت أصلاً. كما أن الملامح الغنوسية تبدو واضحة في استخفافه بالناموس اليهودي (94)، وفي الاهتمام بتأكيد أن المسيح سلم الرسل تعليماً سرياً (96)، وفي احتقار غير المستنيرين ( “لا تهتموا بالكثيرين، واحتقروا الذين خارج السر” 100) والأحداث التاريخية لآلام المسيح تحولت تماماً إلى نوع من الصوفية (101) فهي مجرد رمز للآلام البشرية، والهدف من مجيء المسيح هو أن يمكن الناس من فهم المعنى الحقيقي للآلام وهكذا يتخلص منها (96)، وآلام المسيح الحقيقية هي مانتج عن حزنه على خطايا أتباعه (106)، كما أنه شريك في آلام شعبه الأمين، وفي الحقيقة هو حاضر معهم ليسندهم في وقت التجربة (103). كما أن أعمال يوحنا تبدي نزعة هرطوقية وإن كانت أقل بروزاً من أعمال أندراوس وأعمال توما. ولا نجد في أي مؤلف آخر لمحات أكثر هولاً، مما نرى في أعمال يوحنا، من لمحات عن أعماق الفساد الجنسي، فقصة دروسيانا تلقي نوراً قوياً على الأمور الجنسية الفاضحة التي انتقلت إلى المسيحية الهيلينية. ولكن إلى جانب ذلك، توجد أجزاء تفيض بالمشاعر الدينية الدافئة. وبعض الصلوات تتميز بالحماسة والحرارة (112). وهذه الأعمال تدل على أن المؤلف كانت له موهبة الكتابة، وهي في هذا تختلف عن أعمال بولس.
المؤلف وتاريخ التأليف:
يقول مؤلف أعمال يوحنا عن نفسه بأنه كان رفيقاً للرسول، وقد شارك في الأحداث التي رواها، ونتيجة لذلك فإن القصة بها شيء من الحيوية حتى إنها لتبدو وكأنها تاريخ حقيقي. والمؤلف – بشهادة تعود إلى القرن الرابع – هو ليوسيوس ولكن لا يمكن أن نجزم بشيء عنه. ومن المحتمل أن المؤلف ذكر اسمه في الجزء المفقود. ونعرف أنها قديمة من إشارة إكليمندس السكندري (حوالي 200 م) إلى طبيعة جسد المسيح غير المادية، فهذه العبارة تدل بوضوح على أنه كان يعرف هذه الأعمال، أو سمع عنها، فمن المحتمل أنها كتبت فيما بين 150 – 180 م وأنها كتبت في أسيا الصغرى.
تأثيرها:
كان لأعمال يوحنا تأثير واسع، وعلى الأرجح هي أقدم أعمال، وعنها أخذت سائر أسفار الأعمال التي كتبت بعدها، فأعمال بطرس وأعمال أندراوس شديدة الشبه بأعمال يوحنا، حتى قال البعض إنها كلها من قلم واحد، والأرجح أننا على حق عندما نقول إن مؤلف أعمال يوحنا كان رائداً في هذا المجال من الروايات التي حيكت حول الرسل، وأن الآخرين ساروا على الدرب الذي فتحه. ونفهم من إشارة أكليمندس الإسكندري أن أعمال يوحنا كانت تقرأ في الدوائر القويمة، ولكن نُظر إليها بعد ذلك بعين الشك، فأوغسطينوس يقتبس جزءاً من الترنيمة (95) التي قرأها في مؤلف بريسلياني أرسله إليه الأسقف سرتيوس، ويعلق بنقد قاس عليها، وعلى الزعم بأنها أعلنت سراً للرسل. وقد أصدر مجمع نيقية الثاني (787 م) حكماً شديد اللهجة ضد أعمال يوحنا. ولكن القصص التي جاءت بهذه الأعمال انتقلت إلى الدوائر القويمة وقد استخدمها بروكورس (القرن الخامس) في تأليف رواية عن رحلات الرسول، كما استخدمها أبدياس (القرن السادس).
رابعاً – أعمال أندراوس:
ورد أول ذكر لهذه الأعمال – التي كثيراً ما يشير إليها الكتاب الكنسيون – في يوسابيوس، فهو يرفضها مع غيرها من الأعمال الأبوكريفية على أنها سخيفة وغير معقولة. ويشير أبيفانيوس إلى هذه الأعمال – عدة مرات – بأنها مستخدمة عند مذاهب هرطوقية كثيرة ممن يمارسون الزهد الشديد. وينسبها الكتّاب الأوائل إلى ليوسيوس مؤلف أعمال يوحنا.
محتوياتها: لم يبق من أعمال أندراوس إلا أجزاء صغيرة. كما يحتفظ لنا أيوديوس من أوزالا (توفي 424 م. – وكان معاصراً لأوغسطينوس) بجزء صغير، كما يوجد جزء أكبر في مخطوطة من القرن العاشر أو الحادي عشر تحتوي على حياة القديسين عن شهر نوفمبر، يقول عنها بونيت إنها من أعمال أندراوس. وقصة موت أندراوس ترد على جملة صور، والصورة التي يبدو أنها أقربها إلى الأصل، توجد في خطاب مشايخ وشمامسة كنائس أخائية.
1 – والجزء الوارد في أيوديوس عبارة عن فقرتين قصيرتين تصفان العلاقات بين مكسيميليا وزوجها أجيتس، الذي قاومت مطالبه.
2 – أطول جزء من هذه الأعمال يروي سجن أندراوس لإغرائه مكسيميليا بالانفصال عن زوجها أجيتس، لتعيش حياة الطهارة (واسم أجيتس هو في حقيقته اسم شخص ينتسب إلى مدينة أجيا القريبة من باتري التي يقال إن أندراوس كان يعمل بها). ويفتتح الفصل، في وسط خطاب ألقاه أندراوس على الإخوة في السجن، الذي انضموا إليه فيه ليفتخروا بشركتهم مع المسيح وبنجاتهم من أمور الأرض الدنية. وقد زارت مكسيمميليا ورفيقاتها الرسول مراراً في السجن، وقد جادلها أجيتس وهددها بأنها إذا لم تستأنف علاقاتها معه، فإنه سيعرض أندراوس للعذاب. وأشار عليها أندراوس بمقاومة الحاح أجيتس، وألقى خطاباً عن طبيعة الإنسان الحقيقية، وقال إن العذاب لا يخيفه، فلو أن مكسيميليا خضغت، لتألم الرسول من أجلها، وبمشاركتها له في الآلام تعرف طبيعتها على حقيقتها وهكذا تنجو من الضيق. ثم بعد ذلك عزى أندراوس إستراتوكليس أخا أجيتس الذي أعلن حاجته إلى أندراوس الذي غرس فيه “بذرة كلمة الخلاص”. وبعد ذلك أعلن أندراوس أنه سيصلب في اليوم التالي، فزارت مكسيميليا الرسول مرة أخرى في السجن، “وكان الرب يسير أمامها في صورة أندراوس”. وألقى الرسول خطاباً على جماعة من الإخوة عن خداع إبليس الذي بدا للإنسان أولاً كصديق ولكنه ظهر الآن كعدو.
3 – عندما وصل إندراوس إلى مكان الصلب، رحب بالصليب. وبعد أن ربط إلى الصليب، وعلق عليه، كان يبتسم لإخفاق أجيتس في الانتقام، لأنه (كما قال) “الرجل الذي ينتمي ليسوع، لأنه معروف ليسوع، فهو رجل محصن ضد الانتقام”. وظل أندراوس ثلاثة أيام وثلاث ليال يخاطب الشعب من فوق الصليب، وإذ تأثروا من نبله وبلاغته، ذهبوا إلى أجيتس طالبين منه إنقاذه من الموت. وإذ خشى غضب الشعب ذهب لينزل أندراوس من فوق الصليب، ولكن الرسول رفض النجاة وصلى للمسيح لكي يحول دون إطلاق سراحه. بعد ذلك أسلم الروح، وقد دفنته مكسيميليا، وبعدها بقليل طرح أجيتس نفسه من ارتفاع عظيم ومات.
الصفة العامة:
يظهر الاتجاه الهرطوقي بأقوى صورة في أعمال اندراوس ( وبالنسبة لهذا، ولارتباط أندراوس في التقليد الكنسي بالتقشف الشديد، فهناك مفارقة عجيبة حيث أنه في بعض أجزاء ألمانيا يعتبر أندراوس القديس الحامي للفتيات اللواتي يبحثن عن أزواج. ففي هارز وتورنجن تعتبر ليلة القديس أندراوس (30 نوفمبر) عند الفتيات أفضل وقت لرؤية أزواج المستقبل. وتبدو الروح الغنوسية في التقدير العظيم للإنسان الروحي (6). فالطبيعة الحقيقية للإنسان طاهرة، والضعف والخطية هما من عمل “العدو الشرير الذي هو ضد السلام”، وهو لا يظهر علناً كعدو لإغواء الناس ولكنه يتظاهر بالصداقة، وعندما يبزغ نور العالم، يرى عدو الإنسان في ألوانه الحقيقية. والخلاص من الخطية يأتي من الاستنارة. والنظرة المتصوفة إلى الآلام (9) تذكرنا بتلك الموجودة في أعمال يوحنا. ومواعظ الرسول تتميز بالجدية والحرارة (فالكلمات تفيض من شفيته “كسيل من نار” 12) وإحساس عميق بالرحمة الإلهية على الخطاة والمجربين.
القيمة التاريخية:
الشيء الوحيد في أعمال أندراوس الذي يمكن أن يكون له أساس تاريخي هو خدمته في باتري على خليج كورنثوس. وهناك اضطراب في التقاليد الكنسية عن دائرة خدمة أندراوس فيما بين سيكيثا وبثينية واليونان، ولكن من المحتمل أن أندراوس جاء إلى اليونان وإنه استشهد في باتري، ومن المحتمل في نفس الوقت أن خدمة أندراوس وصلبه في باتري قد اخترعت لإظهار أن الكنيسة في باتري كنيسة أسسها أحد الرسل.
أما التقليد عن صلب الرسول على الصليب المعروف باسم صليب القديس أندراوس، فهو تقليد متأخر.
خامساً – أعمال توما:
توجد هذه الأعمال كاملة. ويظهر مدى انتشارها في الدوائر الكنسية، من العدد الكبير من المخطوطات التي تضمها. والأرجح أنها كتبت أصلاً بالسريانية، ثم ترجمت بعد ذلك لليونانية مع إجراء تعديلات فيها لتناسب وجهة النظر الكاثوليكية.
محتوياتها:
في جدول المخطوطات لنيسيفورس، يذكر أن أعمال توما تحتوي على 1600 سطر (كل سطر حوالي 16 مقطعاً) أي حوالي أربعة أخماس إنجيل مرقس، وإذا كان ذلك صحيحاً، تكون الأعمال التي بين أيدينا قد تضخمت كثيرأ، ففي النسخة اليونانية تنقسم هذه الأعمال إلى ثلاثة عشر قسماً وتنتهي باستشهاد توما. ويمكن إعطاء فكرة عن المحتويات فيما يأتي:
1 – في اجتماع للرسل في أورشليم كان من نصيب توما أن يخدم في الهند، ولم يكن راغباً في الذهاب، ولكنه رضى بالذهاب عندما باعه الرب لرسول من الملك جوندافورس من الهند. وفي أثناء رحلته إلى الهند وصل توما إلى مدينة أندرابوليس حيث كان يحتفل بعرس ابنة الملك، فاشترك توما في تلك الاحتفالات ورنم ترنيمة عن العرس السماوي، وطلب الملك من توما أن يصلي من أجل ابنته، وبعد أن فعل ذلك، ظهر الرب في هيئة توما للعروسين وربحهما لحياة الامتناع عن الجنس، فغضب الملك لذلك وبحث عن توما ولكن توما كان قد رحل.
2 – لما وصل توما إلى الهند شرع في بناء قصر للملك جوندافورس، فأعطاه أموالاً لهذا الغرض ولكنه وزع المال على الفقراء، ولما اكتشف الملك ذلك وضع توما في السجن ثم عاد وأطلق سراحه عندما علم من أخيه – الذي قام من الأموات – بأن توما قد بنى له قصراً في السماء، وأصبح جوندافورس وأخو مسيحيين.
3 – وإذ ارتحل شرقاً وجد شاباً كان قد قتله تنين بسبب امرأة رغب فيها كلاهما، ولكن بناء على أمر توما امتص التنين السم من جسم الشاب فمات التنين، وعاد الشاب إلى الحياة واعتنق مبدأ الامتناع عن الجنس، ونصحه الرسول بأن يتجه بعواطفه إلى المسيح.
4 – قصة مهر يتكلم.
5 – إنقاذ توما لامرأة من قوة شيطان نجس. ووصف إقامة فريضة العشاء الرباني (بالخبز فقط) مع صلاة غنوسية.
6 – كيف تبكت شاب عند تناوله من فريضة العشاء، فاعترف بقتله لفتاة رفضت أن تعيش معه في علاقة دنسة، فأقيمت الفتاة من الموت ووصفت حياتها في الجحيم.
7 – توسل قائد اسمه سيفور إلى توما لينقذ زوجته وابنته من شيطان النجاسة.
8 – بينما هو في طريقهم إلى بيت القائد، سقطت البهيمة التي كانت تجر العربة. فتطوعت أربعة حمير وحشية لجرها، وأمر توما أحد الحمير الوحشية أن يطرد الشياطين من المرأتين.
9 – أصغت امرأة اسمها ميجدونيا – زوجة تشاريس أحد أقرباء الملك مسداي – إلى حديث الرسول مما أدى بها إلى رفض مجتمع زوجها، فشكا تشاريس للملك ضد الساحر الذي رقا زوجته، فطرح توما في السجن. وبناء على طلب رفقائه من السجناء صلى توما لأجلهم ورنم ترنيمة , تعرف باسم “ترنيمة النفس”، وهي ترنيمة غنوسية تماماً.
10 – نالت ميجدونيا ختم يسوع المسيح بعد أن دهنت بالزيت واعتمدت ثم تناولت العشاء الرباني من خبز وماء. وأطلق سراح توما من السجن، ونال سيفور وزوجته وابنته الختم.
11 – أرسل الملك مسداي الملكة ترتيا إلى ميجدونيا لاقناعها، وكانت النتيجة أن ترتيا نفسها اهتدت للحياة الجديدة فجاءوا بتوما للمحاكمة.
12 – وهناك تحدث فازان ابن الملك مع الرسول، فتجدد. فأمر الملك بأن يعذب توما بألواح حديدية محماة، ولكن عندما أحضروها انفجرت المياه من الأرض وغمرت الألواح. ويعقب ذلك خطاب وصلاة لتوما في السجن.
13 – زارت النساء وفازان الرسول في السجن، وبعد ذلك اعتمد فازان والآخرون، وتناولوا من العشاء الرباني، وقد جاء توما من السجن إلى بيت فازان لهذا الغرض.
14 – أمر الملك فقتل توما وخزاً بالرماح، ولكنه بعد ذلك أظهر نفسه حياً لأتباعه. ثم بعد ذلك شفي ابن لمسداي من روح نجس بواسطة تراب أخذ من قبر الرسول، وهكذا أصبح، مسداي نفسه مسيحياً.
طبيعة هذه الأعمال واتجاهها:
أعمال توما هي في حقيقتها مبحث في شكل أدب الرحلات، كان الهدف الرئيسي منها إظهار أن الامتناع عن العلاقات الجنسية شرط حتمى للخلاص، وإن كان توما في خطاباته قد شدد على الفضائل المسيحية الإيجابية وبخاصة واجب الرحمة ومجازاتها في قصة بناء القصر السماوي. وواضح أن هذه الأعمال نبتت في الدوائر الغنوسية، واحتضنتها دوائر الهراطقة. وقد نقحت الأعمال الأصلية لتكون أقرب إلى الأرثوذكسية، مع الاحتفاظ بالترانيم وصلوات التكريس التي تحمل ملامح غنوسية، وذلك في الغالب لعدم فهمها، كما يقول ليبسيوس فيما يتعلق “بترنيمة النفس”: “إننا ندين ببقاء هذه القطعة الثمينة من الشعر الغنوسي لجهل المنقح الكاثوليكي الذي لم يفطن لوجود حية الهرطقة الرقطاء رابضة تحت الأزهار الجميلة لهذا الشعر” وهذه الترنيمة – التي كتبها على الأرجح باردسانس مؤسس أحد المذاهب الهرطوقية – تروي في صورة مجازية نزول النفس إلى عالم الحس، ونسيانها لأصلها السماوي. ونجاتها بالإعلان السماوي الذي أيقظها لتعي حقيقة سموها، وعودتها إلى الوطن السماوي الذي منه جاءت ويرى البعض أنه من الخطأ تسميتها “ترنيمة النفس” فيقول “بروخن” إنها بالحري تصف نزول المخلص إلى الأرض، وإنقاذه للنفس التي تعاني من عبودية الشر، ثم عودته إلى ملكوت النور السماوي. ويمكن أن نقول عنها جميعها إنها صورة موسعة مزخرفة لما جاء في الرسالة لفيلبي (2: 5 – 11). ومهما يكن تفسير هذه الترنيمة، فهي قصيدة رائعة الجمال، غنية بالخيال الشرقي. فالتسبيح للمسيح في أحاديث الرسول كثيراً ما يكون مصوغاً في عبارات سامية، يغمرها دفء المشاعر. وكل أجزاء هذه الأعمال تزخر بالمعجزات والخوارق. فكثيراً ما يظهر المسيح في شكل توما الذي تمثله هذه الأعمال أخًا توأمًا للمسيح، واسمه الكامل هو يهوذا توما أو يهوذا التوأم. وفي الفصل 55 يوجد وصف لعذابات الدينونة مما يذكرنا برؤيا بطرس.
قيمتها التاريخية:
لسنا في حاجة إلى القول بأن أعمال توما – وهي رواية خيالية هادفة – ليست مصدراً تاريخياً لأي معلومات عن توما، وإن كان المؤلف قد استخدم أسماء أشخاص تاريخيين. فالملك جوندا فورس (فندافرا) معروف من مصادر أخرى أنه كان حاكماً بارثيانيا هندياً في القرن الأول الميلادي. ومن المشكوك فيه كثيراً ما تحتفظ به هذه الأعمال من أن توما قد عمل في الهند، فأقدم التقاليد التي نعرفها تقول إن دائرة عمله كانت بارثيا، والتقاليد السريانية تقرر أنه مات في إدسا حيث كرست كنيسة على اسمه في القرن الرابع. كما أن أسطورة أبجر تربط بين توما وإدسا حيث تقول إن تاديوس الذي أسس كنيسة إدسا كان مرسلاً من قبل توما. وفي أعمال توما الموجودة بين أيدينا نجد مجموعة من التقاليد عن الهند وإدسا، فنقرأ (170) أنه بعد موت الرسول بمدة حملت عظامه “إلى مناطق الغرب”. وتقاليد العصور الأولى لا تذكر شيئاً عن استشهاد توما، فبناء على قول لهراكليون الفالنتيني (حوالي 170 م) الذي يقتبسه أكليمندس الكسندري، مات الرسول بهدوء في فراشه. ويسمى الرسول في هذه الأعمال باسم يهوذا توما، كما نجد ذلك أيضاً في تعليم عداي وفي غيرها. ولا شك في أن ما تقوله هذه الأعمال من أن توما كان أخا توأما للمسيح، مبني على معنى اسم توما ( = التوأم) والرغبة في السمو بمكانة الرسول. وفي الفصل 110 (في ترنيمة النفس) إشارة إلى أن مملكة بارثيا مازالت قائمة، وحيث أن مملكة بارثيا انتهت في 227 م، فلا بد أن هذه القصيدة كتبت قبل ذلك التاريخ. ولكن يبدو أن هذه القصيدة لم تكن في الأعمال الأصلية التي لعلها ظهرت في نهاية القرن الثاني.
الأبوكريفا: الرسائل:
ينسب عدد قليل من الرسائل للعذراء مريم، ولكنها من تاريخ متأخر ولا قيمة لها، والرسائل الآتية هي الرسائل الأبوكريفية:
1 – رسالة منسوبة للرب:
يذكر هذه الرسالة يوسابيوس، الذي يقول إنه في أيامه كانت توجد نسخة من الرسالة في سجلات إدسا.
يرسل أبجروس ملك أسروين التي كانت إقليماً صغيراً في بلاد بين النهرين، إلى ربنا يطلب منه أن يشفيه فيبسط عليه حمايته. فيرسل الرب رسالة قصيرة يقول له فيها إنه لا يستطيع مغادرة فلسطين، ولكن بعد صعوده سيأتي رسول منه ويشفي أبجروس. وواضح أنها مزيفة، وقد تحولت أسروين فعلاً إلى المسيحية في بداية القرن الثاني، وقد كتبت الأسطورة ونالت الموافقة الرسمية لإثبات أن البلاد قد قبلت الإنجيل منذ الأيام الأولى.
2 – رسالة منسوبة لبطرس:
مواعظ كليمنت هي مؤلف خيالي ينسب إلى أكليمندس الروماني، فقد كتبت حوالي نهاية القرن الثاني أو بداية الثالث، وفي بدايتها توجد رسالة من بطرس إلى يعقوب، وفيها يشير بطرس على يعقوب ألا يظهر الكتاب المحتوي على كرازة بطرس إلا لدائرة محدودة، ويهاجم الرسول بولس هجوماً عنيفاً. وهي على ما هي عليه، إبيونية النزعة، وهي مزورة مثل المواعظ التي ألحقت بها.
3 – رسائل منسوبة لبولس:
(1) الرسالة إلى لاودكية. إن ذكر تلك الرسالة في (كو 4: 16) دفع أحدهم لتزييف رسالة. وهي مكتوبة باللاتينية وتتكون من عشرين عدداً، وهي مجموعة متناثرة من عبارات بولسية سلكت في خيط واحد. وقد ذكرت في المخطوطة الموراتورية (170 م) وكانت واسعة الانتشار في نهاية القرن الرابع. أما الآن فالكل يجمعون على أنها زائفة.
(2) رسالة مفقودة إلى الكورنثيين: ففي (1كو 5: 9) يذكر الرسول رسالة إلى الكورنثيين يبدو أنها قد فقدت. وفي القرن الخامس أدمجت بعد الرسالة الثانية لكورنثوس رسالة قصيرة من الكورنثيين إلى بولس وأخرى من بولس إلى الكورنثيين، وهما موجودتان في السريانية، ويبدو أنهما كانتا مقبولتين في دوائر كثيرة في نهاية القرن الرابع، وهما تكونان جزءأ من أعمال بولس الأبوكريفية، ويرجع تاريخ كتابتهما إلى حوالي 200 م.
4 – رسالة إلى أهل إسكندرية:
لا تذكر إلا في المخطوطة الموراتورية، ولم تصل إلينا مطلقاً.
5 – رسائل بولس لسنيكا:
وهي رسائل بالاتينية، ست منها من بولس، وثمان من سنيكا. ويقول ليتفوت عن هذه الرسائل: الأرجح أن هذه الرسائل قد زيفت في القرن الرابع، إما لتزكية سنيكا عند القراء المسيحيين، أو لتزكية المسيحية عند تلاميذ سنيكا. وكانت واسعة الانتشار في العصور الوسطى.
الأوبكريفا: الأناجيل:
تكون الأناجيل الأبوكريفية جزءاً من المؤلفات الأبوكريفية التي عاصرت تجميع أسفار العهد الجديد القانونية، فكلمة أبوكريفا تعني أنها غير قانونية وهي تشمل، بجانب الأناجيل، الرسائل والرؤى.
مقدمة:
يذكر لوقا في مقدمته أنه في أيامه عندما كان تلاميذ الرب مازالوا أحياء، كان من الشائع أن تكتب وتنشر قصص عن أعمال يسوع وأقواله. بل يقول البعض إنه في نهاية القرن الأول كان لكل كنيسة إنجيلها الخاص بها. ومن المحتمل أن هذه الأناجيل كلها كانت مأخوذة عن الأقوال الشفوية للذين رأوا وسمعوا بل ولعلهم تحادثوا مع الرب. وعدم الرضا عن هذه المؤلفات هو الذي دفع لوقا لكتابة إنجيله. ولكن من المشكوك فيه جداً الآن أن تكون هذه المؤلفات التي كانت قبل لوقا، هي بعض الموجود بين أيدينا الآن. وقد كان بعض العلماء المشهورين أمثال جروتيوس وجراب ومل يميلون في وقت مضى إلى اعتبار إنجيل العبرانيين وإنجيل الأبيونيين وإنجيل المصريين بين تلك المؤلفات التي أشار إليها لوقا. بل أن بعضهم كان يرى أنه من المحتمل أن إنجيل العبرانيين كتب بعد منتصف القرن الأول بقليل. ولكن الدراسات الحديثة لا تعود بهذه الأناجيل إلى مثل هذا التاريخ المبكر، وإن كان من المحتمل أن إنجيل العبرانيين له تاريخ أسبق من غيره من هذه المؤلفات.
الأناجيل القانونية:
ومهما يكن الأمر، فمما لا شك فيه أنه في ختام القرن الأول وفي بكور القرن الثاني كان الرأي مجمعاً على الاعتراف بالأناجيل الأربعة القانونية.
فايريناوس أسقف ليون (180 م) يعترف بالأربعة الأناجيل، وليس غير الأربعة، بأنها “أعمدة الكنيسة”. وثاوفيلس أسقف أنطاكية (168 – 180 م.)، وتاتيان، والشهيد جستين في دفاعه، يعودون بهذا التقليد إلى تاريخ مبكر جداً في ذلك القرن، وكما يُثبت “ليدون” بالتفصيل: “لا شطط في القول بأن كل عقد من عقود القرن الثاني يقدم لنا أدلة جديدة على أن الأناجيل الأربعة، وبشكل خاص إنجيل يوحنا، كان لها عند الكنيسة في ذلك العصر نفس المكانة التي لها في الكنيسة الآن” أما محاولة البروفسور بيكون من بيل للغض من قيمة شهادة إيريناوس (الإنجيل الرابع في الميزان – نيويورك 1910) فهي محاولة فاشلة. فهو يؤكد أموراً ليس عليها دليل، وينكر الحقائق الواضحة الدليل.
وفي القرن الماضي تعرضت الأناجيل فيما يختص بتكوينها وتاريخيتها وصحتها لأدق وأقسى أنواع النقد – وإن كان مثل هذا النقد لم ينقطع من قبل – ويمكن أن يقال انه قد بدأه ستراوس الذي – كما يقول ليدون – هز ضمير كل مسيحي في أوربا عندما نشر أول مؤلفاته “حياة يسوع”. وكانت الأساليب المستخدمة في ذلك الكتاب تتكون في معظمها من تطبيق مباديء النقد – التي استخدمت منذ أربعين سنة قبل ذلك، في تقييم المؤلفات القديمة – على الأسفار المقدسة والأناجيل بخاصة. والجدل الذي أثاره هذا النقد لا يمكن أن يقال إنه قد هدأ. وليس هنا مجال لتفصيل هذا الجدل، بل قد يكفي هنا أن نقول إن مواقف الكنيسة المعهودة أمكن الدفاع عنها بقوة وكفاءة وبخاصة فيما يختص بالأناجيل الأربعة القانونية.
الأبوكريفا: الأناجيل:
مهما كان مصير المؤلفات التي سبقت كتابة إنجيل لوقا، وغيرها مما ظهر في القرن الأول، فإن الأناجيل الأبوكريفية – والتي مازالت موجودة – بدأت تظهر في القرن الثاني عندما تحددت الأسفار القانونية. وفي أيام كتابة هذه المخطوطات، ومع طرق المواصلات المحدودة بين مختلف المواقع، وعندما كانت الكنيسة في طريق التكوين واستكمال تنظيمها، لابد أن تأليف هذه الأناجيل ونشرها كانا أيسر مما عليه الحال الآن. ويبلغ عدد هذه الأناجيل نحو خمسين، ولكن الكثير منها لا توجد منه سوى أجزاء صغيرة أو شذرات متفرقة، ويوجد البعض منها مكتملاً أو ما يشبه ذلك – كما سنرى فيما بعد – ولعل عددها قد تضخم نتيجة إطلاق أسماء مختلفة على المؤلف الواحد. ويذكر هوفمان ثلاثين منها مع بعض الإيضاحات، ويعطي فابريكوس قائمة كاملة بها. وكانت الدوائر الأبيونية والغنوسية شديدة الخصوبة في إنتاج مثل هذه الأناجيل. ويقول سلمون: “من السهل إعطاء قائمة طويلة بأسماء الأناجيل التي يقال إنها كانت مستخدمة عند المذاهب الغنوسية المختلفة، ولكن لا يعلم غير القليل عن محتوياتها، وهذا القليل لا يسمح لنا بأن ننسب لها أي قيمة تاريخية”، فالكثير منها لا نعرف عنه سوى عناوينها مثل إنجيل الباسليديين، وإنجيل كيرنثوس وإنجيل أبلس، وإنجيل متياس، وإنجيل برنابا (غير الإنجيل الموجود حالياً)، وإنجيل برثلماوس، وإنجيل حواء، وإنجيل فليمون، وكثير غيرها. وكان علماء الكنيسة الأولى والمسئولون فيها يعلمون بوجود هذه الأناجيل وبالهدف من كتابتها. ومما يسترعي النظر أنهم لم يترددوا في نعتها بما تستحقه، فكما يقول إيريناوس، إن الماركونيين أصدروا “عدداً لا يحصى من الكتابات الأبوكريفية المزورة التي زيفوها بأنفسهم لتضليل عقول الحمقى”. كما أن يوسابيوس يقدم لنا بياناً بالكتب المزيفة التي يدور الجدل حولها: “إنه في مقدورنا أن نميز بين هذه الكتب القانونية وتلك التي يصدرها الهراطقة بأسماء الرسل مثل: إنجيل بطرس، وإنجيل متى، وغيرها، أو مثل أعمال أندراوس ويوحنا وغيرهما من الرسل، التي لم يذكر أحد من كتّاب الكنيسة شيئاً عنها، وفي الحقيقة أن أسلوبها يختلف اختلافاً بيّناً عن أسلوب الرسل، كما أن أفكارها ومفاهيمها بعيدة جداً عن أفكارنا ومفاهيمنا القويمة الصحيحة، وهذا دليل على أنها من صنع خيال رجال هراطقة، ومن ثم وجب ألا تحسب بين الكتابات المزيفة فحسب، بل يجب أن ترفض كلية باعتبارها سخيفة ونجسة”. وفي مقدمة وستكوت لدراسة الأناجيل، نجد جدولاً كاملاً – باستثناء ما اكتشف في مصر مؤخراً – بالأقوال والأفعال التي لم تدون في الأسفار القانونية، والمنسوبة لربنا في كتابات العصور الأولى، وكذلك بياناً بالاقتباسات من الأناجيل غير القانونية والتي لا نعلم عنها شيئاً سوى هذه الاقتباسات. ويمكن أن نقول إن الهدف من هذه الأناجيل الأبوكريفية، هو أنها إما كتبت لتأييد هرطقة من الهرطقات، أو لتفصيل الأناجيل القانونية بإضافات أسطورية في غالبيتها. ولنبدأ بالنظر في إنجيل العبرانيين.
إنجيل العبرانيين:
إن التاريخ القديم المتفق عليه لهذا الإنجيل، وأغلب الاقتباسات القليلة منه، والاحترام الذي يذكره به الكتّاب الأوائل، والتقدير الذي يلقاه من العلماء عموماً في العصر الحاضر، كل هذه تجعل له اعتباراً خاصاً، فرغم ما جاء به من أن الرب قد أمر تلاميذه بالبقاء اثني عشر عاما ً في أورشليم – وهو أمر قليل الأهمية – فإنه يبدو من المعقول أن يحتاج المسيحيون المقيمون في أورشليم وفلسطين إلى إنجيل مكتوب بلغتهم (الأرامية الغربية)، ومن الطبيعي أن يستخدم المسيحيون من شتات اليهود هذا الإنجيل. فالمسيحيون من اليهود – المقيمون مثلاً في الإسكندرية – لابد أنهم استخدموا هذا الإنجيل، بينما الأرجح أن المسيحيين المصريين استخدموا إنجيل المصريين، إلى أن حلت محلهما الأناجيل الأربعة التي قبلتها الكنيسة كلها.
وليس ثمة دليل على أن هذا الإنجيل كان سابقاً للأناجيل الثلاثة الأولى، وبالأولى لم يكن من المؤلفات التي سبقت إنجيل لوقا والتي أشار إليها في مقدمة إنجيله. ويرجع به هارناك – بالاعتماد على وثائق لا سند حقيقياً لها – إلى المدة من 65 – 100 م. وكان جيروم (400 م) يعلم بوجود هذا الإنجيل ويقول إنه ترجمه إلى اليونانية واللاتينية، وتوجد اقتباسات منه في مؤلفاته وفي مؤلفات أكليمندس السكندري. وعلاقته بإنجيل متى الذي يكاد الإجماع ينعقد على أنه كتب أصلاً بالعبرية (الأرامية) أثارت جدلاً كثيراً، والرأي السائد بين العلماء أنه لم يكن الأصل الذي ترجم عنه إنجيل متى لليونانية، رغم أنه مؤلف قديم نوعاً. ويميل البعض مثل هارناك وسلمون إلى الاعتقاد بأن إنجيل العبرانيين الذي ذكره جيروم كان إنجيلاً خامساً كتب أصلاً للمسيحيين الفلسطينيين، ولكن قلت أهميته عندما امتدت المسيحية إلى كل العالم. وعلاوة على إشارتين إلى معمودية يسوع والقليل من أقواله مثل: “لا تفرح أبداً إلا متى نظرت نظرة الحب إلى أخيك”، “الآن يا أماه أخذني الروح بشعرة من شعري وحملني إلى جبل تابور العظيم”، فأنه يسجل لنا ظهور الرب ليعقوب بعد القيامة، الذي يذكره الرسول بولس (1كو 15: 7) كأحد الأدلة على القيامة. ولكن من الطبيعي أن بولس كان في إمكانه معرفة ذلك من يعقوب شخصياً كما من الأخبار المتواترة، وليس من الضروري أن يكون قد استقى ذلك من هذا الإنجيل. وهذا هو الخبر الرئيسي الوحيد الذي له أهميته، والذي يضيفه هذا الإنجيل إلى ما نعلمه من الأناجيل القانونية. وبمقارنة ما جاء به عن مقابلة المسيح للحاكم الغني، بما تذكره الأناجيل الثلاثة الأولى، نجد – كما يرى وستكوت – أن الأناجيل الثلاثة تقدم لنا أبسط الصور، ومن ثم فهي أقدم الصور لهذه الحادثة. ويرى بعض العلماء أنه لا بأس من الاستعانة ببعض المقتطفات الموجودة حالياً من هذا الإنجيل، للإحاطة ببعض جوانب حياة المسيح.
وقد أطلق الأبيونيون اسم “إنجيل العبرانيين” على نسخة مشوهة من إنجيل متى. وهذا يأتي بنا إلى أناجيل الهراطقة:
الأبوكريفا: أناجيل الهراطقة:
(1) إنجيل الأبيونيين:
يمكننا وصف الأبيونيين عموماً بأنهم المسيحيون من اليهود الذين عملوا على الاحتفاظ – بقدر الإمكان – بتعاليم وممارسات العهد القديم. وهو أصلاً جماعة المتطرفين في مجمع أورشليم المذكورين في (أع 15: 1 – 29). وكثيراً ما يرد ذكرهم في كتابات الآباء فيما بين القرن الثاني والقرن الرابع. ومن المحتمل أن المجادلات الغنوسية قد فرقتهم شيعاً وأحزاباً، فيقول جيروم – من القرن الرابع – إنه وجد في فلسطين مسيحيين من اليهود يعرفون باسم “ناصرين وأبيونيين”. ولا نستطيع الجزم هل كانا مذهبين منفصلين، أو أنهما كانا جناحين لمذهب واحد من ذوي الآراء المتحررة أو الضيقة. فالبعض مثل هارناك يعتقد أن الاسمين هما لقب مميز للمسيحيين من اليهود، بينما يعتقد البعض الآخر أن الأبيونيين هم جماعة الرجعيين والمذهب الأضيق من المسيحيين اليهود، بينما كان الناصريون أكثر تسامحاً مع من يختلفون معهم في العقيدة والممارسات. فإنجيل الأبيونيين أو إنجيل الاثني عشر رسولاً – كما كان يسمى أيضاً – يمثل مع إنجيل العبرانيين – المذكور سابقاً – الروح المسيحية اليهودية. ويحتفظ لنا أبيفانيوس (376 م) ببعض أجزاء من إنجيل الأبيونيين. ويقول إن الناصريين “لديهم إنجيل متى في صورة أكمل في العبرية” (أي الأرامية)، ولكنه يردف ذلك بالقول: “إنه لا يعلم ما إذا كانوا قد حذفوا سلسلة نسب المسيح من إبراهيم” أي لا يعلم ما إذا كانوا قد قبلوا ولادة المسيح من عذراء أو لم يقبلوها. ولكنه يذكر أيضاً في موضع آخر ما يناقض ذلك، فيقول: “إن الأبيونيين لديهم إنجيل” يسمى الإنجيل بحسب متى “غير كامل وغير صحيح تماماً بل هو مزور ومشوه، ويسمونه الإنجيل العبري”.
ويذكر وستكوت الأجزاء التي مازالت موجودة من هذا الإنجيل، “وهي تبين أن قيمته ثانوية، وأن المؤلف قد استقى معلوماته من الأناجيل القانونية وبخاصة الأناجيل الثلاثة الأولى، بعد أن جعلها تتفق مع آراء وممارسات الأبيونية والغنوسية”.
(9) إنجيل المصريين:
وكل ما تبقى منه ثلاثة أعداد قصيرة وغامضة إلى حد ما. وهي مذكورة في أحد مؤلفات أكليمندس الإسكندري الذي خصصه لدحض أحد المذاهب الهرطوقية “المنضبطين” الذي كان يرفض الزواج وتناول اللحوم والخمر رفضاً باتاً. ونحن نقابل في رسائل بولس جماعات كانت تقول: “لاتمس ولا تذق ولا تجس” (كو 2: 21) “مانعين عن الزواج وآمرين أن يمتنع عن أطعمة قد خلقها الله للتناول بالشكر” (1 تي 4: 3). فما ذكره أكليمندس: (إنه عندما سألته سالومي: “إلى متى يسود الموت؟” قال لها الرب: “إلى أن تكفوا أنتن النساء عن ولادة أطفال، لأني قد جئت لأقضى على وظيفة المرأة” فقالت سالومي: “ألم أفعل حسناً بعدم ولادة أطفال؟” فأجابها الرب قائلاً: “كلوا من كل عشب، ولكن لا تأكلوا ما هو مر”. وعندما سألته سالومي: “متى تعلن الأمور التي سألت عنها؟” قال لها الرب: “عندما تدوسين ثياب الخجل، عندما يصبح الاثنان واحداً ويكون الذكر مع الأنثى لا ذكراً ولا أنثى).
وهذه الأقوال تختلف بكل تأكيد عن طبيعة أقوال الرب. ويختلف العلماء في العصر الحاضر على مدى مايذهب إليه هذا الإنجيل في هذه الهرطقة، وإلى أي مدى أطاعوه، فمع القليل الذي لدينا عنه، من الصعب أن نصل إلى نتيجة. ولا بد أنه كان يحتوي على أجزاء أخرى جعلت أوريجانوس يحكم عليه بالهرطقة، وقد استخدمه النحشتانيون (نسبة إلى الحية نحشتان) والسابليون. ويرجع تاريخ هذا الإنجيل إلى ما بين 130 – 150 م.
(2) إنجيل ماركيون:
واضح أن الهدف من هذا الإنجيل كان معارضة الأناجيل الأرامية. كان ماركيون من مواطني بنطس وابنا لأحد الأساقفة، استوطن روما في النصف الأول من القرن الثاني، وأسس مذهباً معارضاً لليهود، ولم يعترف إلا برسائل بولس. وهذا الكتاب مثال ناطق بمدى الحرية التي أباحها الكتّاب لأنفسهم في الأيام السابقة لتحديد الأسفار القانونية، وكيف امتدت هذه الحرية الطائشة إلى أقدس أمور الإيمان، كما يرينا مدى ما ثار من نزاع وصراع حتى تحددت الأسفار القانونية.
رفض ماركيون العهد القديم بأجمعه، ولم يستبق من العهد الجديد سوى إنجيل لوقا، على أساس أنه من مصدر بولسي، بعد حذف الأجزاء التي تستند إلى العهد القديم، كما استبقى عشر رسائل من رسائل بولس بعد حذف الرسائل الرعوية. وكل آباء الكنيسة الأوائل المشهورين يتفقون في حكمهم على ما فعله ماركيون من تشويه في إنجيل لوقا. وترجع أهمية إنجيل ماركيون إلى أن البعض كانوا يزعمون أنه هو الإنجيل الأصلي الذي يعتبر إنجيل لوقا تفصيلاً له، ولكن أبحاث العلماء في ألمانيا ثم في انجلترا قضت على هذه النظرية نهائياً.
(3) إنجيل بطرس:
حتى أوائل هذا القرن لم نكن نعرف عن هذا الإنجيل أكثر مما نعرف عن كثير من أناجيل الهراطقة السابق الكلام عنها، فقد ذكر يوسابيوس أن إنجيلاً يسمى “إنجيل بطرس” كان مستخدماً في كنيسة مدينة روسوس في ولاية أنطاكية في نهاية القرن الثاني، وقد ثار الجدل حوله، وبعد الفحص الدقيق، حكم عليه سرابيون أسقف أنطاكية (190 – 203) بالهرطقة الدوسيتية (التي تنكر أن جسد المسيح كان جسداً حقيقياً). وينسب أوريجانوس في تعليقه على (مت 10: 17) إلى هذا الإنجيل أنه قال: “يوجد البعض من إخوة يسوع، أبناء يوسف من زوجة سابقة عاشت معه قبل مريم”. ويذكر يوسابيوس إنجيل بطرس بين الأناجيل الهرطوقية المزيفة. ويقول ثيودوريت أحد مؤرخي الكنيسة اليونانيين (390 – 459 م) إن الناصريين استخدموا إنجيلاً اسمه “بحسب بطرس”. كما يشير إليه جيروم أيضاً. وقد حكم بزيف هذا الإنجيل في المرسوم الجلاسياني (496 م). ويقول سلمون (1885 م): “إنه لا توجد أجزاء كثيرة من هذا الإنجيل، وواضح أنه لم يكن واسع الانتشار”، ولكن في السنة التالية عثرت البعثة الفرنسية الأركيولوجية في صعيد مصر – في قبر يظن أنه قبر أحد الرهبان، في أخميم (بانوبوليس) – على رقوق مكتوب عليها أجزاء من ثلاثة مؤلفات مسيحية مفقودة هي: سفر أخنوخ وإنجيل بطرس، ورؤيا بطرس، فنشرت في 1892 وأثارت جدلاً كثيراً. ونشر علماء مبرزون صوراً طبق الأصل من الإنجيل، وقدروا أن هذه الرقوق تحتوي على حوالي نصف الإنجيل الأصلي، فهي تبدأ من منتصف قصة الآلام بعد أن غسل بيلاطس يديه من كل مسئولية، وتنتهي في منتصف جملة، عندما كان التلاميذ في نهاية عيد الفطير ينصرفون إلى بيوتهم: “لكن أنا (سمعان بطرس الكاتب المزعوم) واندراوس أخي أخذنا شباكنا وذهبنا إلى البحر، وكان معنا لاوي بن حلفى الذي كان الرب..”. ويذكر هارناك حوالي ثلاثين إضافة في إنجيل بطرس لقصة الآلام والدفن (وهي موجودة بالتفصيل في مجلد عن الكتابات “ما قبل نيقية” باسم المخطوطات المكتشفة حديثاً – ادنبرة 1897). لكن دكتور سويت (إنجيل بطرس – لندن – 1893) يقول: “إنه حتى التفاصيل التي تبدو جديدة تماماً أو التي تتعارض مباشرة مع الأناجيل القانونية، يمكن أن تكون مأخوذة عنها”، ثم يختم بالقول: “إنه بالرغم من كثرة الجديد فيه فليس هناك ما يضطرنا لافتراض استخدام مصادر خارجة عن الأناجيل القانونية”. أما بروفسور أور فيقول إن الأصل الغنوسي لهذا الإنجيل يبدو واضحاً في قصة القيامة والمعالم الدوسيتية فيها – أي أنها صادرة عن الذين يعتقدون أن المسيح لم يكن له إلا شبه جسد – من القول بأن يسوع على الصليب كان صامتاً كمن لا يشعر بألم، ومن صرخة الاحتضار على الصليب: “قوتي، قوتي، لقد فارقتني” بما يعني أن المسيح السماوي قد انطلق قبل الصلب. والبعض يرجع بالإنجيل إلى الربع الأول من القرن الثاني والبعض الآخر إلى الربع الثالث من نفس القرن.
كما يذكر أوريجانوس إنجيلاً يسميه “إنجيل الاثني عشر” توجد شذرات قليلة منه محفوظة في كتابات أبيفانيوس، وهو يبدأ من المعمودية، وقد استخدمه الأبيونيون. ويظن “زاهن” أنه كتب حوالي 170 م. كما جاء بالحرم الذي أصدره البابا جلاسيوس اسماً إنجيل برنابا وإنجيل برثلماوس، كما أن جيروم ذكر الإنجيل الأخير.
الأبوكريفا: الأناجيل الأسطورية:
في كل هذا النوع من الأناجيل، نلاحظ أن رغبة كتاب الأناجيل غير القانونية في مضاعفة المعجزات، جعلتهم لا يعيرون أي اعتبار للمدة التي مضت من حياة المسيح بين الاثنتي عشرة والثلاثين من العمر، ولعل السبب الرئيسي في ذلك هو أن أخبار هذه الفترة من حياة المخلص، لا تصل بهم إلى هدف عقائدي معين. وحيث لا يمكن الرجوع إلى هذه الوثائق في لغاتها الأصلية، فقد يكون من المفيد أن نشير إلى وجود ترجمة جيدة وكاملة لها في المجلد السادس عشر من كتابات ما قبل نيقية، لكلارك (أدنبرة 1870):
1 – أناجيل الميلاد:
أ – الإنجيل الأوَّلي ليعقوب:
ويظن أنه يعقوب أخو الرب. وكلمة الإنجيل الأوَّلي – وهو عنوان رائع يفترض الكثير ويوحى بالكثير – أطلقه على هذه الوثيقة بوستلوس، وهو رجل فرنسي كان أول من نشره في اللاتينية 1552. وله أسماء مختلفة في المخطوطات اليونانية والسريانية، مثل: “تاريخ يعقوب عن مولد كلية القداسة ودائمة البتولية والدة الله وابنها يسوع المسيح” أما في مرسوم البابا جلاسيوس الذي يستبعده من دائرة الأسفار القانونية، فيسمى “إنجيل يعقوب الصغير الأبوكريفي”. وجاء في هذا الانجيل أن ملاكاً أنبأ والدي مريم، يواقيم وحنة بمولدها، كما أنبأ بعد ذلك مريم بمولد المسيح. وتغطي أصحاحاته الخمسة والعشرون الفترة من ذلك الإعلان إلى مذبحة الأطفال الأبرياء، بما في ذلك فترة تربية مريم في الهيكل، وما جاء في لوقا عن ميلاد المسيح مع بعض الإضافات الأسطورية، ومقتل زكريا بأمر هيرودس لرفضه الإدلاء بمعلومات عن مخبأ أليصابات والطفل يوحنا اللذين نجيا بأعجوبة عند هروبهما من المذبحة بالتجائهما إلى فتحة في الجبل. وفي الأصحاح الثامن عشر يتغير الكلام من ضمير الغائب إلى ضمير المتكلم الذي يستنتج منه بروفيسور أور أن أصل الوثيقة مصدر أسيني أبيوني، وأنها من جمع جملة كتَّاب مما يعلل الاختلاف الكبير في تحديد تاريخ كتابته، فالبعض يرجع به إلى القرن الأول، وزاهن وكروجر يرجعان به إلى العقد الأول من القرن الثاني، ويرجع به آخرون إلى النصف الثاني من القرن الثاني. بينما يرجع به آخرون (مثل هارناك) – في صورته الحالية – إلى منتصف القرن الرابع.
ويقول علماء مبرزون (مثل ساندي في كتابه “الأناجيل في القرن الثاني”) بأن جستين الشهيد قد أشار إليه، مما قد يدل على أنه كان معروفاً في صورة أقدم، في النصف الأول من القرن الثاني، وفي صورته الأخيرة يتضح أن هدف الكاتب كان تأكيد القداسة والاحترام للعذراء، وفيه عدد من الأقوال غير التاريخية. وقد حرمة في الكنيسة الغربية البابوات ديدمسوس (382 م.) وانوسنت الأول (405 م.) والبابا جلاسيوس (496 م.).
ب – إنجيل متى المزيف:
وهو رسائل مزورة بين جيروم وأسقفين طليانيين، مع الادعاء زوراً بأن جيروم قد ترجمها إلى اللاتينية من الأصل العبري. ولا يوجد هذا الإنجيل إلا في اللاتينية ويبدو أنه لم يكن له وجود قبل القرن الخامس. ويستخدم هذا الإنجيل إنجيل يعقوب كثيراً مع إضافات من مصدر غير معروف (الأرجح غنوسي)، مع معجزات أخرى مأخوذة من إنجيل الطفولة لتوما تتعلق بالرحلة إلى مصر، مع التنويه في بعض هذه المعجزات بأنها كانت إتماماً لنبوات العهد القديم، فمثلاً في (أصحاح 18) كان سجود التنانين للطفل يسوع إتماماً لما قاله داود: “سبحي الرب من الأرض أيتها التنانين وكل اللجج” (مز 148: 7)، وفي (أصحاح 19) عندما سجدت له الأسود والنمور ودلتهم على الطريق في البرية، وذلك “بانحناء رؤوسها وهز ذيولها والسجود له باحترام عظيم” على أنه إتمام للنبوة: “يسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي.. والأسد كالبقر يأكل تبناً” (إش 11: 6 و7). وفي هذا الإنجيل يذكر لأول مرة كيف أن الثور والحمار سجدا للطفل يسوع في المزود، وقد استغل الفن المسيحي ذلك كثيراً. كما أن به الكثير من المعجزات المذكورة في إنجيل الطفولة.
ج – إنجيل مولد مريم:
إنجيل ميلاد مريم كتب في الطليانية، وهو يكاد يسير على نفس الخطوط الموجودة في الجزء الأول من إنجيل متى المزيف، ولكنه أيضاً يختلف عنه بما يدل على أنه كتب بعده وبقلم مؤلف آخر، فهو يحتوي على معجزات أكثر، وزيارة الملائكة يومياً لمريم في أثناء إقامتها في الهيكل. ويقول هذا الإنجيل إن مريم غادرت الهيكل وهي في الرابعة عشرة من عمرها، بينما في الإنجيل الآخر، يذكر الكاتب – الذي يدعى أنه ابن مريم – إنها غادرت الهيكل في الثانية عشرة من عمرها بعد أن عاشت فيه تسع سنين. وكان يظن لمدة طويلة أنه من تأليف جيروم ومنه صيغت “الأسطورة الذهبية” التي حلت محل الأسفار المقدسة في القرن الثالث عشر في أوربا قبل اختراع الطباعة. وكان من بين الكتب التي طبعت في بعض البلاد (مثل انجلترا) حيث لم يكن طبع الأسفار المقدسة مأموناً. وما أداه هذا الإنجيل من خدمات للآداب والفن يجب إلا يعمينا عن تلك الحقيقة وهي أنه مزور عن قصد، وبدأ استخدامه في الكنيسة في حوالي القرن السادس عندما أصبحت عبادة مريم أمراً هاماً في الكنيسة.
د – إنجيل يوسف النجار:
وهو من نفس هذا الصنف من المؤلفات. وقد كتب أصلاً بالقبطية ثم ترجم إلى العربية التي نشر بها مع اللاتينية في 1722 م. وهو مخصص لتمجيد يوسف، وكانت هذه عقيدة أثيرة عند المتوحدين من الأقباط. وهو يرجع إلى القرن الرابع، ويحتوي على 22 أصحاحاً بها كل تاريخ يوسف والأحداث الأخيرة لوفاته في المائة والحادية عشرة من عمره. وله أهميته في تاريخ العقيدة.
ه – إنجيل انتقال مريم:
وهو ليس إنجيلاً بالمعنى الدقيق، وقد كتب أصلاً باليونانية، ولكنه ظهر أيضاً باللاتينية وفي لغات أخرى عديدة. ويقول هذا الإنجيل إنه بعد صعود المسيح بسنتين كانت مريم تواظب على زيارة “القبر المقدس لربنا” لتحرق البخور وتصلي، فتعرضت لاضطهاد شديد من اليهود، فصلت لابنها ليأخذها من الأرض، فيأتي رئيس الملائكة جبرائيل استجابة لصلاتها، ويخبرها أنه بعد ثلاثة أيام ستذهب لابنها في المنازل السماوية حيث الحياة الحقيقية الأبدية.
فيدعى الرسل من قبورهم أو من مراكز خدمتهم للالتفاف حول فراشها في بيت لحم ويقصون عليها ما كانوا يعملون عندما وصلهم الاستدعاء. وحدثت معجزات شفاء حول فراش الموت. وبعد انتقال مريم، أخذت – يحف بموكبها الرسل – إلى أورشليم في يوم الرب، وبين مناظر الملائكة، يظهر المسيح نفسه ويستقبل نفسها إليه. ودفن جسدها في جثسيماني، ثم بعد ذلك نقل إلى الفردوس.
وبناء على مشتملاته التي تدل على مرحلة متقدمة من عبادة العذراء، وكذلك الطقوس الكنسية، لا يمكن أن يكون تأليف الكتاب قد حدث قبل نهاية القرن الرابع أو بداية الخامس، فقد ورد اسمه في الكتب الأبوكريفية التي حرمها مرسوم البابا جلاسيوس، فيبدو واضحاً أنه في ذلك العصر أطلق الكتَّاب لأنفسهم عنان الخيال في زخرفة الحقائق والمواقف فيما يختص بقصة الأناجيل.
2 – أناجيل الطفولة:
أ – إنجيل توما:
ويعد أكثر الأناجيل انتشاراً وأقدمها بعد إنجيل يعقوب. فقد ذكره أوريجانوس وإيريناوس ويبدو أنه كان مستخدماً عند مذهب غنوسي من النحشتانيين (عبدة الحية) في منتصف القرن الثاني. وهو دوسيتي فيما يختص بالمعجزات المسجلة فيه، وعلى هذا الأساس كان مقبولاً عند المانيين. ومؤلفه أحد الماركونيين، كما يقول إيريناوس. وتوجد اختلافات كثيرة في مخطوطاته التي يوجد منها اثنتان في اليونانية، وواحدة في اللاتينية وواحدة في السريانية. وإحدى المخطوطتين اليونانيتين أطول من الأخرى كثيراً، بينما اللاتينية أطول منهما بعض الشيء. وأهم ما به هو تسجيل معجزات يسوع قبل بلوغه 12 سنة. وهو يصور المسيح طفلاً خارقاً للعادة، ولكنه غير محبوب بالمرة. وعلى النقيض من المعجزات المسجلة في الأناجيل القانونية، نجد المعجزات المسجلة فيه تميل إلى طبيعة التدمير، وصبيانية وشاذة. إن الإنسان ليصدم إذ يقرأ مثل هذا عن الرب يسوع المسيح، فهي تمزج قدرة الله بنزوات الطفل المشاكس المتقلب، فبدلاً من الخضوع لوالديه، يسبب لهم متاعب خطيرة، وبلاً من النمو في الحكمة، نراه في هذا الإنجيل مندفعاً يريد أن يعلم معلميه، وأن يبدو عالماً بكل شيء منذ البداية. ويطلب والد – مات ابنه بسببه – من يوسف: “خذ يسوعك هذا من هذا المكان لأنه لا يمكن أن يقيم معنا في هذه المدينة، أو على الأقل علمه أن يبارك لا أن يلعن”. وعندما كان يسوع في مصر في الثالثة من عمره، نقرأ في الأصحاح الأول: “وإذ رأى الأولاد يلعبون، بدأ يلعب معهم، وأخذ سمكة مجففة ووضعها في حوض وأمرها أن تتحرك، فبدأت تتحرك، فقال للسمكة:” اخرجي الملح الذي فيك وسيري في الماء “ففعلت ذلك وعندما رأى الجيران ما حدث، أخبروا به الأرملة التي كانت مريم أمه تقيم عندها، وحالما سمعت ذلك طردتهم من بيتها فوراً. وكما يقول وستكوت:” في المعجزات الأبوكريفية لا نجد مفهوماً سليماً لقوانين تدخلات العناية، فهي تجرى لسد أعواز طارئة، أو لإرضاء عواطف وقتية، وكثيراً ما تنافي الأخلاق، فهي استعراض للقوة بدون داع من جانب الرب أو من جانب من عملت معه المعجزة “. ولعل مؤلفي هذه القصص المذكورة، في القرن الأول، رأوا أنه من اللائق أن يجعلوا من المعجزات جزءاً ضرورياً – بل وبارزاً – في قصتهم، ولعل هذا هو السبب في أن يوحنا في بداية إنجيله الرابع ذكر أن كل ما ذكر عن معجزات الطفولة لا أساس له، بالقول بأن أول معجزة هي ما أجراه في بداية خدمته في عرس قانا الجليل:” هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل وأظهر مجده فآمن به تلاميذه “(يو 2: 11).
ب – إنجيل الطفولة العربي:
وهو إنجيل عربي بقلم جملة مؤلفين. ومع أنه نشر أولاً بالعربية مع ترجمة لاتينية في 1697 م.، إلا أن أصله السرياني يمكن أن يستدل عليه من ذكر عصر الإسكندر الأكبر في الأصحاح الثاني، ومن معرفة الكاتب بالعلوم الشرقية، ومن معرفة الصبي يسوع وهو في مصر بالفلك والطبيعيات. ولعل انتشار استخدام هذا الإنجيل عند العرب والأقباط يرجع إلى أن أهم المعجزات المذكورة فيه حدثت في أثناء وجوده في مصر. ومما يلفت النظر أنه جاء بهذا الإنجيل (أصحاح 7) أنه بناء على نبوة لزرادشت عن ولادة المسيا، قام المجوس برحلتهم إلى بيت لحم، كما أن به عدداً من القصص التي يذكرها أحد الكتب الدينية الشرقية. والأصحاحات من (1 – 9) مبنية على إنجيلي متى ولوقا القانونيين، وعلى إنجيل يعقوب الأبوكريفي، بينما من أصحاح 26 إلى الآخر مأخوذ عن إنجيل توما.
والجزء الأوسط من هذا المؤلف شرقي في أسلوبه، ويبدو كأنه مقتطفات من ألف ليلة وليلة.
وليس هناك أي وجه لمقارنة مثل هذه المؤلفات بالأسفار القانونية. كما أن هذا الإنجيل له علاقة كبيرة بتزايد تكريم العذراء.
3 – أناجيل الآلام والقيامة: وأهم هذه الأناجيل إنجيل نيقوديموس، وإلى حد ما إنجيل بطرس الذي سبق الكلام عنه.
أ – إنجيل نيقوديموس:
أطلق اسم نيقوديموس في القرن الثالث عشر على مؤلف مزدوج من: (1) أعمال بيلاطس، (2) نزول المسيح إلى العالم السفلي. والكتاب نفسه يذكر أنه ترجم من العبرية إلى اليونانية، وأنه كتب في السنة السابعة عشرة للإمبراطور ثيودسيوس والسنة السادسة لفالنتنيان. وتوجد ست صور منه: اثنتان في اليونانية، وواحدة في اللاتينية لأعمال بيلاطس، واثنتان في اللاتينية وواحدة في اليونانية لنزول المسيح إلى العالم السفلي.
ويكاد العلماء يجمعون على أنه مؤلف من القرن الخامس، ولو أن تشندورف – اعتماداً على إشارات في جستين وترتليان – يرجع به إلى القرن الثاني وهو زمن يكفي لانتشار الأسطورة. والأرجح أن هناك خلطاً بين التقرير عن الإجراءات التي اتخذت في محاكمة يسوع وصلبه التي كان يجب – حسب القانون الروماني – رفعها إلى الإمبراطور، والتقرير المطول عن هذه الإجراءات الوارد في إنجيل نيقوديموس. وواضح أن الكاتب كان مسيحياً يهودياً وكتب لهذه الفئة من الناس، وكان متلهفاً على إثبات ما سجله بشهادات من أفواه أعداء يسوع، وبخاصة رجال الدولة الذين كان لهم دور في الأحداث السابقة واللاحقة لموت المسيح. فبيلاطس بشكل خاص كان في جانب يسوع – وهو ما لا بد أن يدهش له قراء الأناجيل القانونية – كما جاء كثيرون ممن صنع معهم معجزات الشفاء، ليشهدوا في جانب يسوع – وهذه خطوة طبيعية يذهب إليها أي كاتب متأخر متصوراً ما يمكن أن يجرى في محاكمة رسمية. ورغم إلمام الكاتب بالعوائد اليهودية، فإنه أخطأ كثيراً في معلوماته الطبوغرافية عن فلسطين. فمثلاً يقول إن يسوع صلب في نفس البستان الذي ألقي عليه القبض فيه (أصحاح 9)، ويذكر أن جبل مملك أو ملك في الجليل (بينما هو في جنوبي أورشليم) ويخلط بينه وبين جبل الصعود.
والجزء الثاني من الإنجيل – وهو نزول المسيح إلى العالم السفلي – هو رواية لتقليد قديم لم يذكر في الأناجيل القانونية، ولكنهم يبنونه على ما جاء في (1 بط 3: 19): “ذهب فكرز للأرواح التي في السجن”، ويروي قديسان ممن قاموا في قيامته، كيف كانا محبوسين في الهادس (مكان الأرواح) عندما ظهر الغالب (المسيح) عند مدخله، فتكسرت الأبواب النحاسية، وأطلق سراح المسجونين، وأخذ يسوع معه إلى الفردوس نفوس آدم وإشعياء ويوحنا المعمدان وغيرهم من الرجال الذين ماتوا قبله.
والكتاب كله مجرد خيال، وكل أهميته تنحصر في أنه يبين إلى أي مدى كانت هذه العقيدة منتشرة في القرن الرابع.
وأقل من ذلك أهمية ما ظهر من إضافات ملفقة في العصور المتأخرة، وألحقت بإنجيل نيقوديموس، مثل خطاب بيلاطس للإمبراطور طيباريوس، وتقرير بيلاطس الرسمي (الذي سبقت الإشارة إليه)، وموت بيلاطس – الذي حكم على يسوع – أشنع ميتة، إذ قتل نفسه بيديه. ويطلق الكاتب لخياله العنان في حديثه عن يوسف الرامي.
ودراسة كل هذه الوثائق التي ذكرت آنفاً، تبرر ما يقوله مؤلفو “موسوعة ما قبل نيقيه” من أنها بينما تقدم لنا “لمحات غريبة عن حالة الضمير المسيحي وأساليب التفكير في القرون الأولى من العصر المسيحي، فإن الانطباع الدائم الذي تتركه في أذهاننا هو الإدراك الصادق لسمو وبساطة وجلال الأسفار القانونية بدرجة لا تدانى”.
الأبوكريفا الحديثة:
وهي مجموعة من الكتب الدينية – نحو اثني عشر كتاباً – ظهرت في المائة السنة الأخيرة، ويزعم كاتبوها أنها مبنية على وثائق مسيحية قديمة، ولكن أثبت العلماء بهتان ذلك، فلم توجد قط هذه الوثائق القديمة التي يزعمون أنهم يبنون عليها، ورغم ذلك مازال ينخدع بها الكثيرون من السذج. ومعظمها يتناول حياة المسيح وبخاصة في سنوات الصمت. البعض منها كتب لتأييد انحراف تعليمي أو إيغالاً في الخداع. وبالنسبة للدعايات الكاذبة التي تحيط بها، يجب على الشعب المسيحي أن يعرف شيئاً عنها حتى لا يخدع بها، وسنعطي فكرة موجزة عن طبيعة هذه المؤلفات المزيفة:
1 – حياة المسيح المجهولة:
نشر في 1894 بقلم كاتب روسي اسمه نقولا نوتفتش بناء على معلومات يقول إنه استقاها من اللاما في أحد أديرة التبت. ويزعم أن المسيح صرف ما بين ثلاث عشرة إلى تسع وعشرين سنة في الهند والتبت وفارس، ثم عاد إلى فلسطين حيث قتل بأمر بيلاطس. وقد أنكر جميع رهبان التبت رؤيتهم لنوتفتش إطلاقًا، أو معرفتهم بأي شيء عن المخطوطات القديمة عن المسيح، التي يقول إنهم أطلعوه عليها.
2 – إنجيل برج الدلو:
نشر لأول مرة في لوس أنجيلوس سنة 1911. كتبه دكتور “لاوي دولنج” عن استنارة داخلية، يقول إنها جاءته فيما بين الثانية والسادسة صباحاً. وعنوان الكتاب مأخوذ من النظرية الغربية التي تقول بأنه في حياة المسيح دخلت الشمس برج الحوت، وهي الآن تعبر برج الدلو. ويقول إن يسوع درس مع هليل ومع حكماء الهند والتبت، وزار المجوس في فارس وكرز للأثينيين، وعينه في عمله مجمع من حكماء العالم السبعة انعقد في الإسكندرية.
3 – صلب يسوع بقلم شاهد عيان:
وهو في صورة رسالة كتبت بعد حادثة الصلب بسبع سنوات بمعرفة شيخ – لا يعرف اسمه – من الأسينيين في أورشليم إلى شيخ أسيني آخر في الإسكندرية. وقد ظهر لأول مرة في السويد سنة 1851. ويقول إن يوسف ويوحنا المعمدان ونيقوديموس ويسوع والملاك الذي ظهر عند القبر، جميعهم كانوا أسينيين، ولم تحدث قيامة، ولكن الأسينيين أفاقوا يسوع من إغمائه بعد صلبه، ثم عاش ستة شهور أخرى قبل أن يموت.
4 – تقرير بيلاطس:
تأليف القس و. د. ماهان قسيس الكنيسة المشيخية في كامبرلاند. وظهر لأول مرة سنة 1879، ولكن في 1884 تضخم الكتاب ليشمل تقارير ومقابلات مع الرعاة، ومقابلة غمالائيل ليوسف ومريم، وقصة عالي عن المجوس، ودفاع هيرودس أمام مجلس شيوخ روما عن مذبحة الأطفال الأبرياء، وغيرها من اللقطات الصحفية. وأطلق على المؤلف المتضخم اسم جديد هو: “الكتابات الأثرية والتاريخية للسنهدريم وتلمود اليهود”. وعندما أخذ العلماء في فحص الكتاب، تبين لهم أن قصة عالي عن المجوس مأخوذة حرفاً بحرف عن رواية “ابن حور” لليوولاس، حتى الأخطاء الطبوغرافية التي في الرواية هي هي نفسها.
5 – اعتراف بيلاطس البنطي:
كتب أولاً على أنه رواية خيالية بواسطة أسقف لبناني سنة 1889، وظهر في الانجليزية بعد ذلك بأربع سنوات ولكن بدون مقدمة الأسقف التي يذكر فيها أنها رواية خيالية. وهي تحكي قصة وصول بيلاطس إلى منفاه في فينا، والمحادثات التي جرت بينه وبين صديق قديم عن علاقته بيسوع، وندم بيلاطس وانتحاره.
6 – خطاب بيهان:
نشر في برلين سنة 1910، وبيهان هذا كاهن يكتب عن يسوع لصديقه ستراتو، الذي كان في وقت من الأوقات سكرتيراً للإمبراطور طيباريوس، يحكي له عن تعلم يسوع العقائد اليهودية وهو صبي في مصر، ثم عودته إلى فلسطين.
وبيهان نفسه تجول في كل العالم الروماني وشهد كل شيء له أهمية من أحداث ذلك العصر، مثل حرق روما سنة 64، وسقوط أورشليم سنة 70، وثوران بركان فيزوف سنة 79.
7 – الأصحاح التاسع والعشرون من سفر الأعمال:
نشر في لندن سنة 1871 ويحتوي على وصف رحلة بولس لأسبانيا وبريطانيا حيث تباحث مع الدرويد (كهنة قدماء الانجليز) الذين أخبروه بأنهم سلالة اليهود الذين نجوا من الأسر الأشوري في سنة 722 ق. م، كما أنه بشر على جبل لود (الموقع الذي بنيت عليه كاتدرائية سان بول). وقد كتب هذا الكتاب لتأييد الحركة التي نشرته.
8 – الخطاب من السماء:
وهو وثيقة من صفحة واحدة يزعمون أن يسوع قدكتبها، وأنها وجدت تحت حجر كبير عند أقدام الصليب. ظهرت في اللاتينية في القرن السادس وانتشرت في لغات عديدة منذ ذلك الحين، وأحياناً كان يضاف إليها وعد بالبركة لمن يملكونها. وأهم ما جاء بها هو حفظ السبت ووصايا يسوع.
9 – إنجيل يوسيفوس:
ويفترضون أن يوسيفوس قد كتبه قبيل وفاته، وأنه قصد منه أن يكون هو المصدر الذي استقت منه كل الأناجيل القانونية. وقد زعم اكتشاف هذه المخطوطة سنيور لويجي موكيا الطلياني، الذي اعترف أخيراً بأنها كذبة كبرى، ولكن رغم اعترافه، ظل الكثيرون يعتقدون بصحتها.
10 – سفر ياشر:
وهو ملخص للسبعة الأسفار الأولى من العهد القديم، وكتبه رجل من لندن اسمه يعقوب أليف في سنة 1751، وعلى الفور ظهر زيفه الواضح. ولم تكن هذه سوى محاولة من المحاولات الكثيرة لإظهار سفر ياشر المشار إليه في سفر يشوع.
11 – وصف المسيح:
وهي وثيقة واسعة الانتشار، يحتمل أنها ترجع إلى القرن الثالث عشر. ولعلها بنيت على كتاب تعليمات لرسامي المنمنمات التي كانوا يزينون بها مخطوطات القرون الوسطى. وهي في أقل من صفحة، وتعطي صورة نموذجية ليهودي من القرن الأول. وهي في صورة خطاب كتبه حاكم اليهودية بوبليوس لنتوليوس إلى مجلس الشيوخ الروماني. ولا يوجد هذا الاسم بين حكام روما في فلسطين.
12 – حيثيات الحكم بالموت على يسوع المسيح:
وهي عبارة عن وريقة انتشرت في الولايات المتحدة عن الحيثيات التي كتبها بيلاطس للحكم على يسوع بالموت، وفيها تعداد للتهم الموجهة ضده. ويدعون أنها ترجمت من العبرية عن لوح من النحاس وجد في مملكة نابلي سنة 1810. ولسنا في حاجة إلى القول بأن هذا اللوح لا وجود له مطلقاً.
13 – سفر الأعمال الثاني المفقود:
وقد كتبه دكتور كينيث. س. جوتري، وهو كاهن أسقفي وطبيب، نشره في سنة 1904. والغرض من كتابته هو تأييد دعوى أن العذراء مريم ويسوع أيدا تعليم تناسخ الأرواح. فيصور مريم وهي على فراش الموت في بيت الرسول يوحنا تتحدث عن تناسخاتها العديدة، ثم يأخذ يسوع مريم المحتضرة بين ذراعيه متحدثاً عن تناسخاته السبعة.
14 – أوسب (Oahspe):
وهو كتاب ضخم في 890 صفحة كتبه دكتور جون ب. نيوبراو سنة 1882. ويقول المؤلف إنه كتبه آلياً بيديه من إملاء روح غير روحه، بينما يؤكد الناشرون أنه يشتمل على. “النشوء والتطور، الثورة، والإعلان”. ويدعو إنه “الكتاب المقدس الجديد لأمريكا”.
15 – أسفار الكتاب المقدس المفقودة:
وقد نشر سنة 1926. ويدعى الناشرون أنه يشتمل على الكتب الدينية التي استبعدها اختيارياً من العهد الجديد أساقفة الكنيسة في العصور الأولى، الذين قرروا الكتب التي يجب أن يحتويها العهد الجديد. وهو في الحقيقية ليس إلا إعادة طبع نسخة من العهد الجديد الأبوكريفي الذي سبق أن نشر في سنة 1820، ونسخة من كتاب “الآباء الرسوليين” الذي نشر سنة 1737.
وبفحص أسانيد هذه الكتب، يتضح لنا أنها جميعها مزيفة، والمعلومات – المقصود بها الخاصة – الواردة بها، واضحة البهتان والتزوير، وتناقض في مجموعها تعاليم الكتاب المقدس، وللأسف مازال الكثيرون ينخدعون ويضللون بأكاذيبها المثيرة.
تِيخيكُس
← اللغة الإنجليزية: Tychicus – اللغة اليونانية: Τυχικὸς.
Tychicus اسم يوناني معناه “محصن” أو “محظوظ” (يُكتَب في العادة “تيخيكس”، وليس تيخيكوس ولا تخيكس) وهو مسيحي من ولاية آسيا وسافر مع آخرين لما تقدم بولس من مقدونية إلى ترواس وكان أخًا محبوبًا, وخادمًا أمينًا للرب. وأرسله بولس ليحمل الرسائل إلى افسس وكولوسي (أف 6: 21 وكو 4: 7) واقترح بولس أيضًا أن يرسله إلى كريت (تي 3: 12) ثم أخيرًا أرسله بولس إلى أفسس (2 تي 4: 12). هو أحد السبعون رسولًا.
وقد ورد ذكره خمس مرات في العهد الجديد (أع 20: 4، أفسس 6: 21، كو 4: 7، 2 تي 4: 12، تي 3: 12)، وهو مسيحي من ولاية آسيا، وصديق لبولس الرسول ورفيق له في رحلاته.
يظهر اسمه في أول هذه الفصول، كمجرد رفيق من رفقاء بولس الرسول، عاد الرسول عند نهاية رحلته التبشيرية الثالثة من اليونان عبر مكدونية ومنها إلى آسيا، قاصدا أمكن يذهب إلى أورشليم. وكانت هذه الرحلة هي آخر رحلة قام بها قبل اعتقاله وسجنه. وكان هناك إحساس لدى الرسول بولس، شاركه فيه أصدقاؤه أيضاً، بان هذه الرحلة بالذات لها أهل. لقد كان في طريقة إلى أورشليم “مقيدا بالروح” (أع 20: 22). بيد أمكن هناك إليهم آخر أضفى على هذه الرحلة إنها خاصة، آكلتها وهو أمكن الرسول ورفقاءه كانوا يحملون معهم العطايا التي جمعت في خلا ل عدة سنوات من كنائس الآمر لمساعدة الفقراء من أعضاء الكنيسة في أورشليم (أع 24: 17).
وقد رافقة في رحلته إلى آسيا عدد لا يقل عن ثمانية أشخاص من أصدقائه المقربين، كان تيخيكس واحدا منهم. ويستعمل لوقا عبارة “من أنفسهم آسيا” (أع 20: 4) عند وصفه لتيخيكس. لقد كان مع الرسول بولس في ترواس، ومن الواضح انه رافقه في رحلته كواحد من “رفقاء بولس” (أع 21: 8)، حتى أورشليم.
نعرف من الفصلين الثاني والثالث اللذين ذكر فيهما اسم تيخيكس (انظر ما جاء في المقدمة) انه كان مع بولس في رومية في أثناء سجنه الأول بها. ويكتب بولس الرسول في رسالته إلى كولوسي: “جميع أحوالي سيعرفكم بها تيخيكس الأحمر الحبيب والخادم الأمين والعبد معنا فبالإضافة الرب، الذي أرسلته إليكم لهذا عينه ليعرف أحوالكم ويعزي قلوبكم” (كو 4: 7 و8). وبنفس العبارة تقريبا يكتب في رسالته إلى أفسس: “ولكن لكي تعلموا انتم أيضاً حوالي ماذا افعل يعرفكم بكل شيء تيخيكس الأحمر الحبيب والخادم الأمين في الرب الذي أرسلته إليكم لهذا بعينه لكي تعلموا أحوالنا ولكي يعزي قلوبكم” (أفسس 6: 21 و22).
لقد وكل بولس الرسول إلى تيخيكس مهمة على جانب كبير جدا من الأنفس. كان عليه أمكن يسلم الرسالة إلى أفسس (أي الرسالة الدورية) إلى الكنائس في ولاية آسيا، (التي أرسلت ألواحا) مع تسليم نسخة منها إلى كنيسة لاودكية. ثم كان عليه أمكن يواصل سفره إلى كولوسي حاملا الرسالة إلى الكنيسة هناك. وكان على تيخيكس أمكن يدافع في كولوسي عن “أنسيمس” الذي رافقه من رومية، “فتحت رعايته سيكون أكثر أمانُا مما لو تقابل مع فليمون بمفرده”.
ولم يقتصر عمل تيخيكس في لاودكية وكولوسي على تسليم الرسالة التي بعث بها الرسول بولس، لكنه أيضاً (كما كتب الرسول بذلك إلى الكنائس التي كانت في تلك البقاع) سوف: “يعرفهم بجميع أحواله”، أي كيف تسير الأمريكي معه من ناحية الالتماس الذي رفعه إلى الأمانة وعن أمله في أمكن يطلق سراحه قريبا. كان على تيخيكس أمكن يعرفهم بكل هذه الأمريكي.
ما جاء فبالإضافة الرسالتين إلى تيموثاوس وإلى تيطس، يبين أمكن تيخيكس كان مع بولس الرسول مرة أخرى بعد أمكن أطلق سراح الرسول،. ومن الجلي أمكن ما جاء في الرسالة إلى تيطس يشير إلى الفترة ما بين سجن بولس في رومية للمرة الأولى، وسجنه للمرة الثانية، وهي الفترة التي استأنف فيها رحلاته التبشيرية.
ويكتب الرسول إلى تيطس (الذي كان في كريت لرعاية الكنائس فيها) انه سيرسل له إليه تيخيكس أو ارتيماس للأشراف على خدمة الإنجيل في تلك الجزيرة، كما يستطيع تيطس أمكن يأتي إلى الرسول في نيكوبوليس.
والمرة الأخير التي نقرا فيها عن تيخيكس، هي فبالإضافة الرسالة الثانية إلى تيموثاوس، التأكد كتبت من رومية قبل تنفيذ الحكم في بولس. وحتى النهاية، كان الرسول بولس منهمكا كسابق عهده في خدمة الإنجيل ومع انه كان مما يعزيه أمكن يجد أصدقاءه إلى جانبه، آكلتها أمكن العمل من اجل ملكوت المسيح كان يستحوذ على كل أفكاره، لذلك يرسل هؤلاء الأصدقاء للعمل على تقدم الخدمة.
وقد كان تيخيكس نافعًا للخدمة كعادته، إلى آخر لحظة: “إليه تيخيكس فقد أرسلته إلى أفسس” (2 تي 4: 12)، ولان تيموثاوس كان يخدم في الكنيسة في أفسس (1 تي 1: 3)، فان مجيء تيخيكس ألواح، يجعله قادرًا على أمكن يغادر أفسس في التو ليذهب إلى الرسول بولس في رومية حسب رغبة الرسول (2 تي 4: 9 و21).
وجدير بالملاحظة، أمكن وجود تيخيكس في أفسس يتيح له الفرصة لزيارة صديقة القديم تروفيمس الذي كان في ذلك الوقت عينه على بعد بضعة أمي، مريضا في ميليتس (2 تي 4: 20).
ويحتمل أمكن يكون تيخيكس هو الأحمر “الذي اختبرنا مرارًا في أمور كثيرة انه مجتهد”.. وأحد رسولي الكنائس “ومجد المسيح” (2 كو 8 و22 و23).
كان تيخيكس محبا وفيا جديرا بالثقة التي أولاه إياها الرسول بولس، الذي كما اسلفنا قد أرسله المرة تلو الأخرى في مهام خطيرة، لم يكن يستطيع القيام بها سوى مؤمن كفء محنك.
وهكذا نجد أمكن كل ما نعرف عن تيخيكس، إنسان يبرر تماما ما وصفه به الرسول ممتدحا أخلاقه بالألواح أخ حبيب وخادم آمين، والعبد مع الرسول في خدمة الرب.
تِيراس
← اللغة الإنجليزية: Tiras – اللغة الأمهرية: ቲራስ.
ابن يافث (سفر التكوين 10: 2؛ (سفر أخبار الأيام الأول 1: 5) وربما كان نسله الترسنيون وكانوا يحتلون جزيرة وأراضي واقعة على ساحل بحر ايجية (راجع تاريخ هيرودوت Herodotus جزء 1: 57 و94) ولعلهم قراصنة تروشا الذين غزوا مصر وسوريا في القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
تِيرَانُّس
Tyrannus اسم لاتيني معناه “حاكم مطلق” أو “طاغية” أو “جبار”، وهو رجل من أفسس يرّجح أنه كان مُعَلِّمًا للفلسفة أو الخطابة أو ربما كاتبًا يهوديًا ويعلم القانون في مدرسته. وهناك كان بولس يحاج كل يوم لمدة سنتين لنشر المسيحية بعد أن أخفق أن يتم ذلك في مجمع اليهود (أع 19: 9).
كما قيل عن تيرانس أنه كان خطيبًا أو فيلسوفًا يونانيًا، ويعتقد كثيرون أنه كان أحد السفسطائيين، الذي ذكره “سويداس”. وهكذا بدأ بولس كخطيب متجول استأجر تلك القاعة لينادي بتعاليم المسيحية.
حيث لا يذكر أن تيرانس كان دخيلًا، فلا بد أن “مدرسة تيرانس” كانت عبارة عن مدرسة معلم يهودي، وهكذا يكون “بولس قد انسحب ومعه التلاميذ من المجمع العام إلى مجمع خاص لمعلم يهودي اسمه تيرانس، ليكون هو وتعليمه في مأمن من إزعاج الجمهور له”.
ويظن البعض أن “مَدْرَسَةِ إِنْسَانٍ اسْمُهُ تِيرَانُّسُ” كانت مجرد مبني أو قاعة للإيجار عليها اسم مالك المبنى..
ومها يكن الأمر، فقد استطاع بولس أن يستخدم تلك المدرسة لمدة سنتين بدون أن يضايقه أحد، “حتى سمع كلمة الرب يسوع جميع الساكنين في أسوار من يهود ويونانيين” (أع 19:
تِيريا
ابن يهللئيل وهو رجل من نسل يهوذا (1 أخبار 4: 16).
التيس | التيوس
التيس هو ذكر المعز، وقد ورد ذكره كثيرا في الكتاب المقدس:
كان التيس يقرب الذبيحة للرب، كمحرقة (لا 1: 10)، وذبيحة سلامة (لا 3: 12)، وذبيحة خطية في بعض الحالات (لا 4: 22، 9: 3 و15).. وفي يوم الكفارة العظيم كان رئيس الكهنة والآشوري تيسين من جماعة بني استراتيجي ويوقفهما إليه الرب لدى باب خيمة الاجتماع ويلقي عليهما قرعتين، قرعة للرب ويعلمه ذبيحة خطية، وقرعة “لعزازيل” حيث “يقر عليه بكل ذنوب بني استراتيجي وكل سيئاتهم مع كل خطاياهم ويجعلها على راس التيس ويرسله بيد من يلاقيه إلى البرية” (لا 16: 5 22).
ونقرا في الرسالة إلى العبرانيين انه “ليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه (الرب يسوع المسيح) دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبديا” (عب 9: 12 و13)، “لأنه لا يمكن أمينا دم ثيران وتيوس يرفع الخطايا” (عب 10: 4).
استخدم التيس في نبوة دانيال رمزا لملك اليونان، الاسكندر الإقليمية (دانيال 8: 5 و8 و21).
اتخذ الوثنيون من التيوس الميلادي، ويبدو إنسان كانت أصناما على شكل تيوس، وقد حذر الرب الشعب القديم من الذبح لها والزنا وراءها (لا 17: 7) ورغم ذلك فان رحبعام بن سليمان بن خاطئ “أقاصي لنفسه كهنة للمرتفعات وللتيوس وللعجول التي عمل” (2 أخ 11: 15).
ورد في اشعياء عبارة “معز الوحش” مرتين (آسيا 13: 21، 34: 14)، والكلمة في العبرية هي “سعيريم” المترجمة “تيوس” في غيرهما من المواضع، وقد تكون الأسماء هنا إلى الوحوش التي تجول في البرية، أو كما يرى البعض إلى الشياطين التي ترقص على الخراب، استنادا إلى للألواح في الترجمة السبعينية.
التيصي
لقب ليوحا أحد أبطال داود (1 أخبار 11: 45) ولعل نسبته راجعة إلى اسم البلد التي هو من أهلها.
تِيطُس | طيطس
Titus تيطس هو رفيق مؤتمن لبولس وعامل معه (2 كو 8: 6 و16 و23) ولد من أبوين أميين (غلا 2: 3) لم يذكر اسمه في لأعمال الرسل ولكن الرسول أشار إليه في رسائله وكان أحد المندوبين من إنطاكية (أع 15: 3) الذين رافقوا بولس وبر نابا إلى أورشليم وقت انعقاد المجمع (غلا 2: 1 و3) ويحتمل أن يكون من أهل إنطاكية ويرجّح أنه تجدد على يد بولس اذ أن الرسول يدعوه ابني الصريح حسب الإيمان المشترك (تي 1: 4) ومن الواضح أنه أصغر سنًا من بولس ولم يضطر تيطس أن يختتن (غل 2: 3 – 5) وقد أرسه بولس إلى كورنثوس واناط به ترتيب أمور خطيرة وتدبير مسائل ذات شأن (2 كو 8: 6 و2 تي 1: 5) ولما ترك الرسول افسس كان يأمل أن يقابل تيطس في ترواس (2 كو 2: 12 و13) ولما لم يأت ذهب إلى مقدونية وهناك أتصل به تيطس وأخبر بولس أخبارًا سارة (2 كو 7: 6 و13 و14) ولم نقرأ شيئًا عن تيطس إلا بعد أن أفرج عن بولس من سجنه الأول في رومية. وتدلنا رسالة بولس إلى تيطس على أنه ترك كريت ليتولى تنظيم الكنائس في تلك الجزيرة وظهر أنه مثل تيموثاوس في افسس كان مندوبًا رسوليًا أخيرًا. ورافق الرسول إلى نيكوبوليس وذهب أخيرًا إلى دلماطية (2 تي 4: 10).
هو أحد السبعين رسول.
رسالة بولس الرسول إلى تِيطُس | طيطس
هي السفر السابع من أسفار العهد الجديد وقد كتبت إلى تيطس بقصد إرشاده في تصرفه مع سكان كريت إذ كان يبشرهم ويكرز فيما بينهم بأمر الخلاص ومعرفة الرب يسوع. ويرجح أنها كتبت بعد الإفراج عن بولس من سجنه الأول في رومية واستئنافه العمل التبشيري وربما كتبت في سنة 65 أو 66. والرسالة فصيحة العبارة بليغة المعنى، والمبادئ.. والتعاليم المعلنة فيها إنما هي من أعظم التعاليم وأوسعها مجالًا للبحث. وفي هذه الرسالة يحث الرسول تيطس على اتباع التعليم الصحيح والمحافظة على حسن السيرة وطهارتها لان سكان كريت كانوا قومًا مستعبدين للشهوات واللذات الدنيوية ويحذره الرسول من التعاليم الكذبة والهرطقات، وأوضح الصفات التي يتجلى بها الشيوخ والأساقفة.
محتويات الرسالة إلى تيطس:
(1) تحية 1: 1 – 4.
(2) مؤهلات الشيوخ 1: 5 – 16.
(3) تصرف المسيحيين 2: 1 – 10.
(4) الإنجيل الحافز الأعظم للعيشة الصالحة 2: 11 – 15.
(5) تصرف المسيحيين في العالم 3: 1 – 11.
(6) أمور متفرقة شخصية وتحيات 3: 12 – 15.
تيطس يوْستُس | تيطس يسطس
اسم لاتيني معناه “عادل” وهو:
يوستس، اسم رجل تقي من كورنثوس كان بيته ملاصقًا للمجمع وأقام عنده بولس (أع 18: 7) بعد أن أقام في بيت أكيلا (أع 18: 1 – 3). واسمه الكامل (تيطس يوستس).
تيطس فلافيوس فسباسيان
إمبراطور روما من 79 81 م. وقد خدم في شبابه محاميًا عن الجنود الرومان فتأكلون ألمانيا وبريطانيا، ثم رافق أباه فسبيان إلى فلسطين عند ذهابه على راس حملة عسكرية لإخماد ثورة اليهود. وعندما استدعى فسباسيان إلى روما وارتقى عرش الأماكن، اصبح تيطس هو القائد المسئول عن مواصلة الحرب في فلسطين، وقد نجح فتأكلون إخماد الثورة واستولى على أورشليم ودمرها مع الهيكل فتأكلون عام 70 م. وعند عودته إلى روما احتفل مع أبيه بهذا النصر وأقام قوساً شهيراً تخليداً لذلك ومنذ ذلك الوقت شارك أباه فتأكلون إدارة شؤون الأماكن توطئة لتوليه العرش بعد أبيه، وهو ما حدث عند موت فسباسيان فتأكلون 79 م، فاصبح تيطس إمبراطورا لروما.
وكان من وجوه كثيرة على الضد من أبيه فكان محبوبا جدا من الشعب ودودا ذا وجه بشوش دمث الأخلاق. وبعد أمينا كان أبوه شحيحا مقترا، بسط تيطس يده على سعتها، فترك وراءه ذكرى عاطرة عند الشعب، واستطاع أمينا يكسب تأييد مجلس الشيوخ بطرده الوشاة المكروهين، كما أوقف المحاكمات وأحكام الإعدام بتهمة الخيانة العظمى.
وحدثت فتأكلون فترة حكمه القصيرة كارثتان مروعتان، فإشارة أغسطس 79م ثار بركان فيزوف ودمر مدينتي بومبي وهركولانيم ودفنهما تحت الركام. وقد وصف هذه الحادثة شاهد عيان هو بلينى فتأكلون رسالة له إلى صديقة المؤرخ تاسيتوس. وفى عام 80 م انتشر الوباء وشب حريق مدمر فتأكلون روما، وقد بذل تيطس غاية الجهد فتأكلون إغاثة الضحايا وترميم ما حدث من دمار.
كما أنه أتم تشييد الكولوزيوم الذي بإيمان أبوه فسباسيان، وبنى الحمامات التي تحمل اسمه.
لقد كان حكم تيطس الذي لم يتجاوز العامين فترة من الأمن والرخاء والازدهار، فكان لموته المبكر رنه حزن عميق تردد صداها في كل الأمبراطورية.
تِيلون
اسم عبري معناه “مرتفع” وكان ابن شيمون وهو رجل من نسل يهوذا (1 أخبار 4: 20).
تَيْما | تيماء
اسم عبري ربما كان معناه “الجنوبي” وهي قبيلة اسماعيلية تسلسلت من تيما فكانت تقطن بلاد العرب (تك 25: 15 و1 أخبار 1: 30) وتسمّى ايضًا الجهة التي يسكنون فيها تيماء (اش 21: 14) وكانت القوافل معروفة جيدًا في هذه البقعة (اي 6: 19) وتيماء في بلاد العرب في منتصف الطريق بين دمشق ومكة وعلى مسافة متساوية من بابل إلى مصر وقد ذكرت تيما مع سباء (اي 6: 19) ومع دَدَان (اش 21: 13 و14 وار 25: 23).
تَيْمان ابن أليفاز
اسم عبري معناه “اليميني أو الجنوبي”:
بكر أليفاز بن عيسو (نك 36: 11)، وهناك قبيلة تسمَّت على اسمه: قبيلة التيمانيين.
قبيلة تَيْمان | مدينة تيمان
اسم عبري معناه “اليميني أو الجنوبي”:
قبيلة تسميت باسم تيمان بكر أليفاز بن عيسو والإقليم الذي تسكنه (تك 36: 11 و15 و34) وواضح أن الإقليم الذي كانت تسكنه واقع في الجزء الشمالي من أدوم. ويسمى أرض أبناء الشرق ويدعى أيضًا تيْمن (حز 25: 13) وقد اشتهر أهله بالحكمة (أر 49: 7 وعو 9). وربما كان مكانه الآن طويلان شرقي البتراء.
تِيماني
بالنسبة إلى تيمان (تك 36: 34 وأي 2: 11) وكان أليفاز صديق ايوب من تيمان (أي 2: 11) وهو اسم أحد ابناء اشحور (1 أخبار 4: 6).
قبيلة تَيْمان | مدينة تيمان
اسم عبري معناه “اليميني أو الجنوبي”:
قبيلة تسميت باسم تيمان بكر أليفاز بن عيسو والإقليم الذي تسكنه (تك 36: 11 و15 و34) وواضح أن الإقليم الذي كانت تسكنه واقع في الجزء الشمالي من أدوم. ويسمى أرض أبناء الشرق ويدعى أيضًا تيْمن (حز 25: 13) وقد اشتهر أهله بالحكمة (أر 49: 7 وعو 9). وربما كان مكانه الآن طويلان شرقي البتراء.
تِيماوس أبو بارتيماوس
اسم يوناني معناه “معتبر” هو أبو الرجل الأعمى الذي شفاه المسيح (مر 10: 46).
تيموتاوس
اسم يوناني معناه “مكرم من الله” أو “عزيز عند الله” وهو زعيم بني عمون الخاطئ هزمه يهوذا المكابي مرات عديدة هزائم قاسية (1مك 5: 6 و7 و34، 2 مك 8: 30، 9: 3، 10: 24، 12: 2 و18 و19) وذلك فيما بين 165 163 ق. م.
ويذكر سفر المكابيين الثاني أمينا أصحاب يهوذا المكابي قد قتلوه في جازر حيث وجدوه مستخفيا في جب (2 مك 10: 37)، بيد أننا نراه (بعد ذلك) يقع في يد “دوسيتاوس” و “سوسيباتر”، ولكن نظرًا لان الكثيرين من اليهود كانوا مازالوا أسرى في يده ومعرضين للقتل إذ ما قتل تيموثاوس، فقد أطلقوا سراحه للمرة الثانية (2 مك 12: 24).
وهذه التناقضات واضحة وان كانت أمانتها مألوفا في سفر المكابيين الثاني مما جعل البعض يفترضون وجود تيموثاوس أختها هو المذكور في المكابيين الثاني (12: 2 وما بعده) والإرادة انه هو نفس الشخص الآشورية أمينا إهمال كاتب سفر المكابيين الثاني، جعله ينزلق في الخطأ ويقول أميناً “تيموثاوس” قتل في جازر، ولعله نجا باختبائه في الجب.
والاسم اليوناني لقائد عموني ملفت للنظر، وهناك بعض الافتراضات:
(أ) فقد يكون فعلا عموني الأصدقاء ذا اسم يوناني، أو.
(ب) كان ضابطا مقدونيا من سورية، عينته السلطات السورية واليا على العمونيين. أو.
(ج) كان جنديا يونانيا من المترزقة استدعاه العمونيون وجعلوه قائدا لهم.
تِيمُوثاوس
(القديس الأنبا تيموثاوس الأسقف، طيموتاوس أسقف أفسس | طيموثاوس)
Timothy اسم يوناني معناه “عابد الله” رفيق بولس ومساعده، ومن تسمية الرسول إِياه ابني والابن الصريح والابن الحبيب والأمين (1 تي 1: 18 و1: 2 و1 كو 4: 17 وتي 1: 2) يرّجح انه آمن على يده. وواضح انه في أول إرسالية تبشيرية زار بولس لسترا في لكاؤنية فوجد هناك تيموثاوس الذي نشأ منذ الطفولة على مبادئ الديانة القويمة بعناية جدته وأمه (2 تي 3: 15) ومع أن أمه كانت يهودية إلا أن أباه كان رجلًا يونانيًا ولهذا فانه لم يكن مختتنًا فأخذه بولس وختنه لئلا يثير غضب اليهود عليه، ولما زار بولس لسترا في رحلته الثانية وجد الشاب قد اشتهر بين الأخوة في لسترا وايكونية (1 ع 16: 2) وجعله بولس رفيقًا في أسفاره وصحبه إلى غلاطية ثم إلى ترواس وفيلبي وإلى تسالوكنيكي وذكر في اع 17: 14 أنه بقي مع سيلا في بيرية لما ذهب بولس إلى أثينا أرسل لهما أن يأتيا بأسرع ما يمكن (أع 17: 15) ولكن من 1 تس 3: 1 و2 يتضح انه أرسل تيموثاوس إلى تسالونيكي وان سيلا وتيموثاوس لم يصحباه حتى وصل إلى كورنثوس (أع 18: 5 و1 تس 3: 6) ومكث تيموثاوس مع بولس في كورنثوس (1 تس 1: 1 و2 تس 1: 1). ويخبرنا بولس في 1 كو 4: 17 أنه قبل كتابة الرسالة أرسل نيوثاوس إلى كورنثوس ليصلح العيوب هناك، ولسبب ما يظهر انه رجع إلى أفسس لأنه قبل ما يترك بولس تلك المدينة بوقت قليل تقدمه تيموثاوس وأرسطوس إلى مقدونية (أع 19: 22) حيث رافق بولس هذا الشاب الصديق (2 كو 1: 1) وذهب الاثنان معًا إلى كورنثوس وقد شهد له مرة بقوله “لأنه يعمل عمل الرب كما أنا أيضًا” (1 كو 16: 10) وجاء عنه في محل آخر انه يكرز معه يسوع المسيح ابن الله (2 كو 1: 19). في الرسالة إلى اهل فيلبي يشير الرسول بقوله “لان ليس لي أحد آخر نظير نفسي يهتم بأحوالكم بإخلاص” (في 2: 19 و20) وهذا دليل قاطع على ائتلاف الخواطر الذي كان بين الاثنين. (). ومن مراجعة الرسائل نرى آيات عديدة تشير إلى جهد تيموثاوس في كنيسة أفسس حينما كان حديث السن (1 تي 4: 12). ونعلم من 2 تيمو 4: 9 و21 أن بولس قد طلب من تيموثاوس أن يذهب إلى رومية ونعلم من عب 13: 23 أنه ذهب إلى رومية وسجن ثم أطلق من السجن وهذا آخر ما نسمعه عن تيموثاوس في الكتاب المقدس.
اسم يوناني معناه “مكرم من الله” أو “عزيز عند الله”:
أحد الذين آمنت على يد بولس: لقد كان تيموثاوس أحد رفقاء بولس والعاملين معه، ومن الواضح انه أحد الذين تجددوا على يد بولس نفسه، حيث يصفه الرسول بأسوار “ابنه الحبيب والأمين في الرب” (اكو 4: 17). كما يكتب إلى تيموثاوس: “الابن الصريح في الإيمان” (1 تي 1: 2)، ويخاطبه بالقول: “الابن الحبيب” (2 تي 1: 2).
من مواطني لسترة: لقد كان يقيم في لسترة، ويبدو انه كان فعلا مواطنا من لستره أو دربة، وكلتاهما من المدن التي زارها الرسول بولس وبشر فيها في أول رحلة تبشيرية له في أسوار الصغري (أع 14: 6). والإرادة أمينا لسترة كانت هي موطن تيموثاوس. فمثلا نجد بين أسلوب رفقاء بولس الرسول اسما “غايوس الدربي وتيموثاوس” (أع 20: 4) وفي هذا الدليل على أميناً تيموثاوس لم يكن من مواطني دربة.
كما أمينا الاخوة الذي شهدوا لتيموثاوس كانوا في لسترة وأيقونية، دون أن يذكر الإخوة الذين من دربة (أع 16: 3). لذلك يصبح من المؤكد أمينا لسترة كانت هي موطن تيموثاوس.
تجديده في لسترة: يذكر الرسول بولس أميناً تيموثاوس قد عرف تماما الاضطهادات والآلام التي أصابته في إنذار وأيقونية ولسترة (2 تي 3: 10 و11) وقد حدثت هذه الاضطهادات في أثناء أول زيارة قام بها بولس لهذه المدن.
ويبدو أمينا تيموثاوس كان واحدًا من الذين تجددوا في ذلك الوقت حيث نجد في زيارة بولس الثانية للسترة ودربة، أمينا تيموثاوس كان فعلا واحدا من التلاميذ هناك حيث نقرا: “ثم وصل إلى دربة ولسترة وإدراك تلميذ كان هناك اسمه” تيموثاوس “(أع 16: 1). واختار بولس تيموثاوس ليكون أحد رفقائه. وكان هذا فتأكلون وقت مبكر من خدمة الرسول. ومن المفرح أمينا نعلم أمينا تيموثاوس ظل أمي مخلصا له حتى نهاية حياة الرسول على الأرض.
أبوه وأمه: كان أبوه يونانيا وثنيا وقد ذكرت هذه الحقيقة للتأكيد عليها (أع 16: 1 و3)، وكانت أمه يهودية، ولم يكن قد ختن في طفولته، والأرجح أن ذلك حدث لاعتراض أبيه. وكانت أم تيموثاوس تدعى “افنيكي” وجدته “لوئيس” وقد ذكرهما الرسول بالاسم (2 تي 1: 5) حيث تحدث عن “الإيمان عديم الرياء الذي فيك الذي سكن أولا في جدتك لوئيس وأمك افنيكى” وهذا دليل على أن افنيكى قد آمنت بالمسيح في أول زيارة تبشيرية قام بها الرسول إلى دربة ولسترة لأنه في زيارته التالية للمنطقة، نقرا أنها كانت: “امرأة يهودية مؤمنة” (أع 16: 1).
يصبح رفيقا لبولس في الخدمة: في الزيارة الثانية لدربة ولسترة، أعجب بولس بتيموثاوس إعجابا كبيرا لإيمانه عديم الرياء ولأنه منذ الطفولية يعرف الكتب المقدسة (2 تي 3: 15) ولأنه رأي أخلاقة وتصرفاته المسيحية الكريمة، وصلاحيته للعمل في الخدمة، فاختار “أن يخرج هذا معه” (أع 16: 3) واستجاب تيموثاوس لرغبة بولس.
ختانه: وتوطئة لعمله معه كمبشر مسيحي لكل من اليهود والأمم، قام الرسول بخطوتين، أولاهما هي انه تجنبا لما قد يثيره اليهود من متاعب قد تضعف من موقف تيموثاوس “أخذه وختنه” (أع 16: 3)،. وقد قام بولس بذلك على أساس أن أم تيموثاوس كانت يهودية، فكان الأمر مختلفا عنده في حالة تيطس الذي رفض بولس أن يسمح بإجراء الختان له (أع 15: 2، غل 2: 3)، وذلك لان تيطس كان أممياً بالمولد.
تعيينه للخدمة: كانت الخطوة الثانية، قبل أن يبدأ تيموثاوس خدمته مع الرسول بولس، هي تعيينه بوضع أيدي الشيوخ (في دربة ولسترة)، فبناء على ما جاء في سفر الأعمال (14: 23) كان قد تم انتخاب شيوخ في كل كنيسة في تلك المنطقة. وقد أولى بولس هذا الأمر أهمية فيشير إليه في رسالته إلى تيموثاوس التي كتبها له بعد ذلك بعدة سنوات: “لا تهمل الموهبة التي فيك، المغطاة لك بالنبوة مع وضع أيدي المشيخة” (1 تي 4: 14) ولقد اشترك بولس بنفسه في ذلك، لأنه كتب يقول: “فلهذا السبب أذكرك أن تضرم أيضاً موهبة الله التي فيك بوضع يدي” (2تي 1: 6).
مرافقته لبولس الرسول: وهكذا بعد أن تم أعداده للعمل، رافق الرسول بولس في رحلته التبشيرية الثانية، فكان معه في بيرية (أع 17: 14). ومن الواضح انه قد صاحبه إلى جميع الأماكن التي توجه إليها حتى ذلك الوقت. وهذا يعنى انه زار معه فريجية وكورة غلاطية وميسيا وترواس ونيابوليس وفيلبي وامفيبوليس وابولونية وتسالونيكي وبيرية. وبعد ذلك ذهب بولس بمفرده بسبب الاضطهاد في بيرية إلى أثينا (أع 17: 15). ومن هناك أرسل إلى سيلا وتيموثاوس في بيرية يطلب منهما أن يلحقا به في أثينا في اقرب وقت، وسرعان ما وافياه هناك، فأرسلهما للتو في مهمة للكنيسة في تسالونيكي: “إذ لم نحتمل أيضاً استحسنا أن نترك في أثينا وحدنا، فأرسلنا تيموثاوس أخانا وخادم الله والعامل معنا في إنجيل المسيح حتى يثبتكم ويعظكم لأجل إيمانكم، كي لا يتزعزع أحد في الضيقات” (1 تس 3: 1 – 3). ولما أنهى تيموثاوس وسيلا هذه المهمة، عادا للرسول واخبراه بإيمان المسيحيين في تسالونيكي وبمحبتهم وذكرهم الحسن لبولس، وانهم مشتاقون لرؤيته، فتعزى بولس بهذه الأخبار المفرحة (1 تس 3: 5 7).
في كورنثوس: غادر بولس أثينا قبل أن يتمكن سيلا وتيموثاوس من أن يلحقا به فيها، فسبقهما إلى كورنثوس، وبينما كان الرسول هناك، “ولما انحدر سيلا وتيموثاوس من مكدونية، كان بولس منحصرا بالروح وهو يشهد لليهود بالمسيح يسوع” (أع 18: 5). ومن الواضح أن تيموثاوس ظل مع بولس في أثناء السنة والستة الشهور التي أقامها في كورنثوس، كما رافقه طيلة هذه الرحلة التبشيرية حتى نهايتها.
تحيات: ومن كورنثوس كتب بولس رسالته إلى أهل رومية، وأرسل لهم تحيات تيموثاوس حيث كتب يقول: “يسلم عليكم تيموثاوس العامل معي” (رو 16: 21).
وفيما يتعلق بهذه التحية من تيموثاوس، يجب أن نلاحظ انه كان من عادة الرسول بولس أن يضم إلى اسمه واحدا أو اكثر من رفقائه في التحية الافتتاحية لرسائله، فنجد اسم تيموثاوس في كورنثوس الثانية (1: 1)، وفيلبي (1: 1) وكولوسي (1: 1) وفليمون (1). كما نجده مع اسم سلوانس في تسالونيكي الأولى (1: 1) وتسالونيكي الثانية (1: 1).
في أفسس: وفي رحلة الرسول بولس التبشيرية الثالثة، رافقه أيضاً تيموثاوس رغم أن اسمه لم يذكر إلا بعد وصوله إلى أفسس، وقد تطلبت هذه الرحلة أسفاراً كثيرة. وقد قضى الرسول في أفسس وحدها أكثر من سنتين، وعندما اقتربت أقامته هناك من نهايتها عزم على الذهاب إلى أورشليم بعد أن يجتاز في مكدونية واخائية. ولذا فقد أرسل أمامه إلى مكدونة اثنين من الذين كانوا يخدمونه: “تيموثاوس وارسطوس” (أع 19: 22).
رسالة إلى كورنثوس: ومن أفسس كتب بولس رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس. (1 كو 16: 8)، وذكر فيها أن تيموثاوس كان في طريقة إليهم (1 كو 16: 10)، وظاهر أن ذلك كان امتدادا لرحلته إلى مكدونية وبعد أن أوصى أهل كورنثوس بان يستقبلوا تيموثاوس استقبالا حسنا، ذكر أن تيموثاوس يجب أن يعود إليه، وان يوافيه بتقرير عن حالة الأوضاع في الكنيسة في كورنثوس.
في اليونان: وبعد ذلك سرعان ما وقعت أعمال الشعب في أفسس، وعندما توقفت غادر بولس أفسس قاصداً مكدونية واليونان. وفي مكدونية لحق به تيموثاوس الذي ارتبط اسمه باسم الرسول بولس في التحية الافتتاحية للرسالة الثانية التي كتبها الرسول إلى الكنيسة في كورنثوس. ورافقه تيموثاوس إلى اليونان حيث قضى هناك ثلاثة اشهر، ومن اليونان ولى الرسول وجهه إلى أورشليم، وقد رافقه تيموثاوس وأخرون (أع 20: 4)، “نحن رفقاء بولس” (أع 21: 8). ولما ذكر لوقا الذين رافقوا بولس في سفره، كان تيموثاوس واحدا منهم، ومروا بترواس وعدة أماكن أخرى.
في أورشليم: وأخيراً وصلوا إلى أورشليم حيث القي القبض على بولس، فتوقفت مؤقتا رحلات الرسول بولس التبشيرية، بيد أن معاونة رفقائه (ومن بينهم تيموثاوس) لم تتوقف.
في رومية: لم يسجل لنا سفر الأعمال كيف قضي تيموثاوس تلك الفترة، حتى نراه ثانية مع بولس الرسول في أثناء سجنه الأول في رومية،. غير انه منذ وصول الرسول إلى رومية، توجد ملاحظات عديدة عن عمله وخدمته مع الرسول، فلقد ذكر في ثلاث من الرسائل التي كتبها الرسول بولس في ذلك الوقت، في رسالته إلى كولوسي (1: 1) وفي العدد الأول من رسالته إلى فليمون، حيث يقول عنه “تيموثاوس الأخ”، وفي رسالته إلى فيلبي يقول: “بولس وتيموثاوس عبدا يسوع المسيح” (في 1: 1)، ويكتب لأهل فيلبي عندما كان يتطلع إلى إطلاق سراحه سريعا، انه يرجو أن يرسل إليهم تيموثاوس سريعا.
زيارته لفيلبي: “كما سبقت الإشارة يكتب الرسول لكنيسة فيلبي: على إني أرجو من الرب يسوع أن أرسل إليكم سريعا تيموثاوس لكي تطيب نفسي إذا عرفت أحوالكم. لأني ليس لي أحد آخر نظير نفسي يهتم بأحوالكم بإخلاص.. وأما اختباره فانتم تعرفون انه كولد مع أب خدم معي لأجل الإنجيل. هذا ارجوا أن أرسله.. حالا” (في 2: 19 23).
إرساله للعمل في أفسس: لقد تحقق رجاء الرسول بولس، وأطلق سراحه وعاد تيموثاوس لمرافقته في أسفاره، ولعلهما التقيا مرة أخرى في فيلبي، لان الرسول بولس لم يفصح عن عزمه على إرسال تيموثاوس إلى هناك فحسب، بل عبر عن رغبته في أن يزور هو شخصيا كنيسة فيلبي سريعا (فيلبي 1: 26، 2: 24) وابتداء من هذه النقطة يعسر علينا، بل يكاد يستحيل، أن نقتفي اثر خطوات الرسول بولس، بيد انه يخبرنا أنه ترك تيموثاوس نائباً عنه في أفسس (1 تي 1: 3). وبعد ذلك بقليل كتب رسالته الأولى إلى تيموثاوس التي ذكر له فيها تعليماته فيما يختص بالأسلوب الذي يتبع في معالجته للأمور الكنيسة في أفسس إلى أن يعود بولس نفسه إلى زيارة أفسس: “هذا اكتبه إليك راجيا أن آتى إليك عن قريب” (1 تي 3: 14).
وضعه في أفسس: لا يمكن أن نصف وضع تيموثاوس في أفسس كما نراه في الرسالة الأولى لتيموثاوس بأنه كان أسقفا، ما لم نكن متجنين ظالمين للتاريخ لان وظيفة الأسقف محصورة في الكنيسة المحلية، أما وضع تيموثاوس بالنسبة لكنائس آسيا فيرجع إلى المركز الذي كان يشغله كمساعد للرسول بولس في عمله التبشيري. كان هذا دوره في الدعوة الرسولية حيث كانت هذه الدعوة تتضمن الأشراف على الكنائس القائمة. لقد كان تيموثاوس يعمل كممثل مؤقت للرسول بولس في خدمته الرسولية في أفسس، كما فعل سابقاً في كورنثوس وتسالونيكي وفيلبي (1 كو 4: 17، 1 تس 3: 2 و3، فيلبي 2: 19 23). فلم تكن علاقته بإحدى الكنائس أوثق منها بالكنائس الأخرى في آسيا.
الرسول بولس يستدعي تيموثاوس إلى رومية: هناك معلومات أخرى نحصل عليها من الرسالة الثانية إلى تيموثاوس، فلقد سجن الرسول بولس في رومية للمرة الثانية، ولإدراكه بان محاكمته هذه لابد وان تنتهي بالحكم عليه بالموت، كتب من رومية إلى تيموثاوس الذي كان في أفسس رسالة رقيقة، يطلب منه أن يبادر بالمجيء إليه سريعا: “بادر أن تجيء إلى سريعاً” (2 تي 4: 9). ونظرا لأنه في ذلك الوقت لم يكن مع بولس أحد سوى لوقا وحده (2تي 4: 11)، فلقد طلب المعونة والعطف من تيموثاوس. وطلبه من ابنه في الإيمان أن يحضر إليه ليكون معه في ساعاته الأخيرة، دليل لنا على عمق المودة والمحبة الخالصة اللتين كانت تربطان بينهما. ولا نعلم هل استطاع تيموثاوس أن يصل إلى رومية ليكون مع الرسول بولس قبل تنفيذ الحكم عليه، أم لم يستطع.
ذكره في الرسالة إلى العبرانيين: وردت ملاحظة في الرسالة إلى العبرانيين (13: 23): “اعلموا انه قد أطلق الأخ تيموثاوس الذي معه سوف أراكم أن آتى سريعا”. ونفهم من هذه العبارة أن تيموثاوس كان قد سجن، ولكنه على العكس مما حدث للرسول بولس قد نجا من الموت وأطلق سراحه.
صفاته: لا نعرف عنه اكثر مما ذكر، فمن بين جميع رفقاء الرسول بولس ربما باستثناء لوقا كان صديق الرسول المحبوب، الذي كان يكن له أسمى العواطف وانبلها، هو تيموثاوس ابنه المحبوب كثيرا، والذي وجد فيه الأمانة والوفاء. وينسب البعض لتيموثاوس صفات يستنتجون وجودها فيه من التوجيهات والتعليمات التي وجهها إليه الرسول في رسالتيه الرعويتين، بيد أن هذه الاستنتاجات قد تكون خاطئة، ومن الخطأ أن يبالغ فيها نظرا إلى ولائه الشديد الذي لم يتزعزع، ونظرا إلى الخدمات الكثيرة والأمينة التي قام بها تيموثاوس للرسول بولس: “فانه كولد مع أب خدم معي” (فيلبي 2: 22).
* انظر أيضًا: رسالتا تيموثاوس، الرسالة الأولى لتيموثاوس، الرسالة الثانية لتيموثاوس، كولوسي، أفنيكي أم القديس تيموثيئوس، لوئيس جدة تيموثيؤس، أسماء كنائس باسم القديس تيموثاوس الرسول في مصر.
رسالتا تِيمُوثاوس | الرسائل الرعوية
رسالتا بولس الرسول إلى تيموثاوس هما الخامسة عشرة والسادسة عشرة من أسفار العهد الجديد.
أولا مقدمة: كتب الرسول بولس في أواخر أيام خدمته ثلاث رسائل، أُطْلِق عليها اسم الرسائل الرعوية في القرن الثامن عشر، وأصبح اسمًا شائعًا لها كمجموعة. ولكن هذا الاسم لا يدل تمامًا على مضمون هذه الرسائل، لأنها ليست رعوية بحتة، بمعنى أنها تقتصر على إعطاء التوجيهات المتعلقة برعاية النفوس. وهذه الرسائل الثلاث هي: الرسالتان الأولى والثانية إلى تيموثاوس، والرسالة إلى تيطس، وهي تمدنا بمعلومات ذات أهمية كبرى عن فكر الرسول العظيم عند تسليمه الخدمة للآخرين، فهي موجهة إلى اثنين من اقرب رفقائه إليه، ولذلك فهي تختلف عن رسائله إلى الكنائس، وسنعرض فيما بعد موجزا لكل من الرسالتين الأولى والثانية إلى تيموثاوس (أما الرسالة إلى تيطس فقد عرضنا موجزاً عند الكلام عن “تيطس” فارجع إليها في مكانها.
ثانيا الوضع التاريخي: من الصعب علينا رسم صورة واضحة لهذه الفترة من حياة الرسول بولس، وذلك لافتقادنا إلى سفر خاص نرجع إليه، كما نرجع إلى سفر الأعمال فيما يختص بفترة الرسائل إلى الكنائس. ولكن هناك بعض الحقائق التي تؤكدها لنا الرسائل ذاتها. كان بولس طليقا عندما كتب الرسالة الأولى إلى تيموثاوس والرسالة إلى تيطس، ولكنه كان سجيناً عندما كتب الرسالة الثانية إلى تيموثاوس، بل كما يبدو كان على وشك أن يقدم للمحاكمة مع احتمال أن يحكم عليه بالموت في اقرب وقت (4: 6 8).
ونعرف من رسالته الأولى إلى تيموثاوس (1: 3) أن بولس كان منذ عهد قريب في نواحي أفسس حيث ترك تيموثاوس لكي يتمم مهمة خاصة، هي مهمة إدارية. كما تمدنا الرسالة إلى تيطس بحقائق تاريخية أخرى، ففي الإصحاح الأول والعدد الخامس، يتضح لنا انه من المحتمل أن يكون بولس قد زار كريت منذ فترة قصيرة لكي يتحقق من أحوال الكنائس، وليعطي تيطس وصايا خاصة عن كيفية معالجة أي نقائص. وفي ختام الرسالة (3: 12) نجد الرسول يستحث تيطس لكي ما يبادر بالذهاب إليه لقضاء الشتاء معه في نيكوبوليس وهي المدينة الواقعة في ايبروس، وبذلك يكون هذا هو الشاهد الوحيد على زيارة بولس لهذه المنطقة. كما أوصاه أن يساعد زيناس وابلوس في تجهيزها للسفر (3: 13)، ونحن نفتقر إلى التفاصيل الدقيقة فيما يتعلق بهذا التلميح.
ونجد في الرسالة الثانية إلى تيموثاوس الكثير من المعلومات التاريخية، ففي العدد السادس عشر من الإصحاح الأول يشير الرسول إلى أن انيسيفورس قد طلبه باجتهاد عندما كان في رومية، مما يرجح أن الكاتب كان في سجنه في رومية. كما يذكر أيضاً في العدد السادس عشر من الإصحاح الرابع، محاكمته الأولى التي يرى فيها الكثيرون أنها كانت الاستجواب التمهيدي قبل المحاكمة الرسمية أمام السلطات الرومانية. وفى العدد الثالث عشر من الإصحاح الرابع نجد الرسول يطلب من تيموثاوس أن يحضر له الرداء الذي تركه في ترواس في بيت كاربس، مما يدل على انه كان في زيارتها منذ عهد قريب. وفي نفس الإصحاح في العدد العشرين منه يذكر الرسول انه ترك تروفيمس مريضاً في ميليتس، بينما بقي اراستس أحد رفقاء بولس في كورنثوس.
انه لمن المستحيل أن نجد مكانا لكل هذه البيانات التاريخية في الأحداث التي سجلها سفر الأعمال، وليس من بديل أمام إيماننا بصحة ما جاء بها، إلا بافتراض أن بولس قد أطلق سراحه من السجن المذكور في ختام سفر الأعمال، وانه استأنف نشاطه في الشرق، ثم القي القبض عليه مرة أخرى، وحوكم، ثم نفذ فيه حكم الإعدام أخيرا في رومية بأمر من السلطات الإمبراطورية.
والمعلومات التي نستقيها من هذه الرسائل الرعوية الثلاث، لا تكفي لوضع بيان مفصل لرحلات بولس في تلك الفترة، ولكن من المؤكد انه استأنف خدمته في اليونان وكريت واسيا. ويفترض البعض بناء على ما جاء في رسالته إلى الكنيسة في رومية (رو 15: 24 و25) أن الرسول بولس ذهب في تلك الفترة إلى أسبانيا، وإذا صح هذا الافتراض، فلا بد أن تكون هذه الزيارة إلى الغرب قد تمت قبل عودة بولس إلى زيارة الكنائس في الشرق. ولكن أن كانت الرسائل إلى كولوسي وفليمون وفيلبي تنتمي إلى فترة السجن في رومية، فهذا يعنى أن بولس كان ينوى بعد إطلاق سراحه أن يتوجه إلى الشرق وليس إلى الغرب.
ثالثا الهدف من كتابتها: لقد كتبت هذه الرسائل في فترة قصيرة من الزمن، لذلك ليس من المستغرب أن نجدها مشتركة في الهدف. لقد كتبها بولس لرفقائه لحثهم وتشجيعهم على القيام بمسئولياتهم في الحاضر وفي المستقبل. وهي تحوي قدرا كبيرا من التوجيهات فيما يتعلق بإدارة شئون الكنيسة، ولكن من الخطأ اعتبار أن هذه التوجيهات كانت كل الهدف من كتابته لها.
ورسالته الثانية إلى تيموثاوس هي اكثر الرسائل الثلاث وضوحًا في الدفع إلى كتابتها حيث نجد الرسول يسلم المسئولية لتيموثاوس، تلميذه الذي كان يهاب هذه المسئولية, فيذكره الرسول بأيامه الأولى (1: 5 7) ثم يدعوه لان يسلك كما يحق لدعوته العليا،. كما نجد الرسول في فقرات متعددة من الرسالة، يوجه تحريضات قوية إلى تيموثاوس شخصياً (1: 6 و8 و13، 2: 1 و22، 3: 14، 4: 1)، مما يجعل البعض يرون أن بولس لم يكن على يقين الثقة من صلابة تيموثاوس أمام هذه المسئوليات الجسيمة التي ألقيت على عاتقه. كما أن الرسول كان يتوق إلى رؤيته مرة أخرى، واستحثه مرتين أن يأتي إليه سريعا (4: 9 و21)، رغم انه يبدو من نغمة الكلام في ختام الرسالة، أن بولس لم يكن مقنعا بان الظروف قد تسمح بجمع شملهما (4: 6). كما يحذره من الآثمة الذين يسببون المتاعب للكنيسة في ذلك الوقت وفي الأيام الأخيرة أيضاً (3: 1) وناشده أن يتجنبهم وان يودع أناسا أمناء مسئولية نشر التعليم الذي سمعه منه.
أما الرسالتان الاخريتان، فالهدف من كتابتهما اقل وضوحًا. ففي كلتا الحالين لم يكن بولس قد ترك المكتوب إليهما إلا من فترة وجيزة، فلم تكن ثمة حاجة إلى هذه التعليمات المفصلة، ويبدو أن تلك الأمور سبق أن كانت موضع حديث شفوي بينهما، ففي كلتا الرسالتين نرى تفاصيل دقيقة لما يجب أن يكون عليه قادة الكنيسة، وهو الأمر الذي يصعب أن يكون تيموثاوس وتيطس لم يتلقيا حتى ذلك الوقت أي تعليمات بشأنه. والأرجح أن هذه الرسائل قد كتبت تشجيعا لممثلي الرسول في مواجهة المسئولية التي تنتظرهما. ويبدو أن تيموثاوس كان يعاني بعض الصعاب لحداثته (4: 12)، أما تيطس، فكما يتضح من الرسالة (1: 10 16) كان يتعامل في كريت مع أناس لا يحسد على وجوده بينهم، هكذا نرى أن كلا الرجلين كانا في حاجة إلى اهتمام خاص بالتعليم الصحيح والسلوك المستقيم وتعليم الآخرين أيضاً (1 تي 4: 1، 6: 2 تيطس 2: 1 و15، 3: 8).
ولا ينتظر أن يتكلم الرسول، في رسائله إلى أقرب أصدقائه، عن أي شيء يختص بالأمور اللاهوتية، فلم تكن ثمة حاجة إلى الإسهاب في العقائد الأساسية للمسيحية، وهي الأمور التي سمعها تيموثاوس وتيطس مراراً وتكراراً من فم ملعمهما مشافهة. ولكنهما كانا في حاجة إلى من يذكرهما بعدم جدوى إهدار الوقت مع المعلمين الكذبة الذين يعتمدون في تعليمهم على المهاترات والمباحثات التي لا طائل وراءها (انظر 1 تي 1: 4، 4: 1، 6: 3 و4 و20). ويبدو انه لم تكن هناك علاقة بين الهرطقات المنتشرة في كنسيتي أفسس وكريت، والتي فندها الرسول في رسالته إلى كولوسي. ولكنها ربما كانت صورا مختلفة من التوجهات التي أدت في النهاية إلى ظهور المذهب الغنوسي في القرن الثاني.
رابعا صحة الرسائل:
يعترض بعض النقاد في العصر الحديث، على أن يكون بولس هو كاتب هذه الرسائل، مما يجعل شهادة الكنيسة الأولى في الدرجة الأولى من الأهمية في هذا الخصوص، وبخاصة أنها من أكثر أسفار العهد الجديد نصيبًا من هذه الشهادة، فقد استخدمتها الكنيسة منذ عصر بوليكاربوس، بل هناك بعض الإشارات إليها في كتابات أكليمندس الروماني وإغناطيوس.
ويتخذ البعض من إغفال ماركيون ذكرها (140 م) دليلا على أنها لم تكن معروفة في ذلك الوقت، ولكن هذا دليل لا يمكن الأخذ به، وذلك لميل ماركيون إلى حذف كل ما لم يرق له أو ما لم يتفق مع تعليمه.
والدليل الأخير الذي يقدمونه، هو عدم وجودها في برديات شستربيتى، وهو دليل لا يعتمد عليه لبناء أي افتراضات إيجابية، وذلك لعدم اكتمالها، وبخاصة أن هذه الرسائل كانت في الواقع متدوالة في الشرق قبل كتابة هذه البرديات.
لذلك يجب النظر إلى الاعتراضات على صحة هذه الرسائل على أنها بدعة حديثة أمام البراهين القوية التي ترجع إلى شهادات الكنيسة الأولى. وقد بدأت هذه الاعتراضات بهجوم شيلرماخر على صحة الرسالة الأولى إلى تيموثاوس (1807)، ثم واصل الهجوم بعد ذلك العديد من النقاد، منهم ف. س. بور، ه. ي. هولتزمان، ب. ن. هاريسون، م. ديبوليوس. وقد استندوا في اعتراضهم إلى أربع مسائل رئيسية:
(1) المسألة التاريخية: كما ذكرنا سابقًا، أن وقت كتابة هذه الرسائل الرعوية لا يمكن أن ينتمي إلى الفترة التي كُتِبَ فيها سفر الأعمال، وما ترتب على ذلك من الحاجة إلى التسليم بنظرية إطلاق سراحه، أو إلى افتراض بعض المعلمين أن الإشارات الشخصية جاءت من الكاتب نفسه ( وهو غير الرسول بولس)، أو أنها ملاحظات أضيفت إلى ما دونه الرسول. ولكن ليس ثمة إجماع بين المدافعين عن هذه النظرية الأخيرة في تحديد أسبابهم لافترضها، مما عرض النظرية للشكوك. كما أن القول بان كاتبا مزعوما قد ادمج تلك الإشارات الشخصية بمثل هذه الدقة، مر غير محتمل، ولا حاجة بنا إلى شيء من تلك الافتراضات إذا سلمنا بالفرض المعقول بان بولس قد أطلق سراحه من سجنه الأول في رومية، وانه استأنف خدمته ورحلاته.
(ب) المسالة الكنيسة: لقد ادعوا أن حالة الكنيسة كما هي في تلك الرسائل إنما تعكس صورة الكنيسة في القرن الثاني ولكن هذا النقد يعتمد إلى حد كبير على افتراض أن:
هذه الرسائل ترد على غنوسية القرن الثاني.
أن النظام الكنسي بهذه الصورة المتقدمة، يبدو سابقا لأوانه.
والافتراض الأول ينهار أمام الاعتراف الحديث المتزايد بان الغنوسية قد بدأت جذورها في الظهور في وقت مبكر جدا عما تصوروا قبلا، كما أن الهرطقة التي يشار إليها في هذه الرسائل لا تمثل من بعيد أو من قريب الغنوسية في صورتها المتقدمة.
كما أن الافتراض الثاني ينهار أيضاً أمام تلك الحقيقة، وهي أن تنظيم الكنيسة قد حدث بكل تأكيد في زمن سابق لزمن اغناطيوس، وليس فيه إطلاقا ما لا يتفق مع عصر الرسول نفسه.
(ج) المسالة العقائدية: أن عدم معالجة بولس للمسائل التعليمية، كما فعل في رسائله الأولى، بالإضافة إلى التزامه بتعبيرات معينة مثل “الإيمان” و “التعليم الصحيح” مما يفترض مرحلة كان فيها التعليم المسيحي قد تطور واتخذ صورة ثابتة مما آثار الشكوك حول كتابة بولس لهذه الرسائل.
ويكفي لدحض الاعتراض الأول ما نعلمه من الصلات الشخصية الوثيقة التي كانت لتيموثاوس وتيطس بالرسول بولس، ودرايتهما التامة بتعاليمه الأساسية.
أما الاعتراض الثاني فينهار أمام الرأي الواقعي، بان بولس كرائد للكرازة يتميز ببعد النظر وعمق البصيرة. ومع ما بدا في رسائله السابقة من قوة وابتكار للتعبيرات، فانه لم يكن ليغيب عنه أهميه الحفاظ على التعليم الصحيح وضرورة استخدام التعبيرات الملائمة لهذا الغرض.
(د) المسالة اللغوية: تحوى هذه الرسائل عددا كبيرا من الكلمات التي لم ترد في أي موضع آخر في العهد الجديد بما فيها كتابات الرسول بولس نفسه، مما يدعو إلى الظن بأنها لا تعكس شخصية بولس، وبخاصة في غياب الكثير من الضمائر وحروف الجر والصيغ التي اعتاد بولس أن يستخدمها.
ولكن حساب الكلمات بهذه الطريقة لا يكون له أهميته إلا في حالة توافر معلومات كافية لعقد المقارنة، وهو ما لا يتوافر في حالة رسائل الرسول بولس، حيث لا يتجاوز عدد الكلمات التي استخدمها عن 2. 500 كلمة مختلفة، وليس هناك أي سبب واقعي للاعتراض على اختلاف المفردات والأسلوب في كتابات شخص واحد، فهو أمر كثير الحدوث حسب مقتضيات الأحوال.
وختاما فان هذه الاعتراضات مهما بدا حجمها لا تقدم سببًا كافيًا، لنطرح جانبًا التسليم الكامل والإيمان الراسخ للكنيسة المسيحية طيلة عصورها حتى القرن التاسع عشر، بان الرسول بولس هو الكاتب الحقيقي لهذه الرسائل الثلاث.
(ه) أهميتها: كانت هذه الرسائل على مر العصور، وما زالت مرجعا لما يجب أن يكون عليه خدام المسيح في سلوكهم والقيام بواجباتهم، كما أنها تقدم نموذجا هاما للسلوك العملي. ولا تقف أهميتها عند هذا الحد، بل أنها تقدم الكثير من التشجيع الروحي والعمق اللاهوتي، مما كان له ابلغ الأثر في حياة التكريس في الكنيسة، فهناك فقرات كثيرة (منها على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر: تيموثاوس الأولى 3: 16، تيطس 2: 12 14، 3: 4) تشد انتباه القارئ إلى حقائق جليلة من حقائق الإنجيل. أما الإصحاح الأخير من الرسالة الثانية إلى تيموثاوس فيحتفظ لنا بالأنشودة الأخيرة لهذا الرسول العظيم.
الرسالة الأولى لتِيمُوثاوس | طيموتاوس
وكتبت الأولى بعد إطلاق سراح بولس من سجنه واستئناف عمله التبشيري. وكان تيموثاوس قد تُرك في كنيسة أفسس لما ذهب بولس إلى مقدونية (1 تي 1: 3) ويرجح أن تكون الرسالة قد كتبت في مقدونية حوالي سنة 64 و65، وتعالج الرسالة الصعوبات التي واجهت تيموثاوس. وهي تتضمن أيضًا تعاليم خصوصية بشأن صفات معلمي الكنيسة وكل خدمة الإنجيل وواجباتهم بجرأة ومحبة على الصدق والأمانة في أعماهم.
(1) مقدمة – 1.
أ: تحية 1: 1 و2.
ب: المسيحية ضد الخطأ 1: 3 – 11.
ج: بولس خادم للإنجيل 1: 12 – 17.
د: وصية بولس لتيموثاوس 1: 18 – 20.
(2) حياة الكنيسة ونظامها 2 و3.
أ: إرشادات من جهة العبادة العامة 2: 1 – 7.
ب: التصرف في العبادة العامة 2: 8 – 15.
ج: مؤهلات موظفي الكنيسة 3: 1 – 16.
1: الأساقفة 3: 1 – 7.
2: الشمامسة 3: 8 – 13.
3: الغرض من هذه الإرشادات 3: 14 – 16.
د: دحض للتعاليم الكاذبة 4: 1 – 11.
ه: إرشادات خاصة 4: 12 – 16.
و: العلاقات المتنوعة 5: 1 – 6: 2.
1: بالنسبة للسن والجنس 5: 1 و2.
2: بالنسبة للأرامل 5: 3 – 16.
3: بالنسبة للشيوخ 5: 17 – 21.
4: تحذيرات إضافية 5: 22 – 25.
5: واجبات العبيد 6: 1 و2.
ز: التعاليم الكاذبة 6: 3 – 10.
(3) خاتمة، وصية ختامية للمسيحيين 6: 11 – 21.
الرسالة الثانية لتِيمُوثاوس | طيموتاوس
أما الرسالة الثانية فقد كتبت من رومية بعد القبض على الرسول للمرة الثانية نحو سنة 67 وفيها يتكلم عن نفسه انه اسير (2 تي 1: 8 و16 و2: 9) وتوقع ان يستشهد (4: 6) واصدقاء كثيرون تركوه ولوقا وحده صديقه الاول كان معه (4: 11) مع ان كثيرين اجتمعوا حوله (21) اما رسالته فكان جزء منها لتشجيع تيموثاوس على عمله ليبشر، وجزء منها خاصًا في الاسراع إلى رومية وليتم خدمة الرسول. وكتب بولس هذه الرسالة لما كان ينتظر وقت انحلاله وموته (2 تي 4: 6 – 8) وتعتبر كوصية الموت الاخيرة من ذلك الاب الرسول الموقر إلى ابنه في الرب، وهي تتضمن عدة امور بشأن واجبات كل مسيحي وما عليه ان يعمله في التجارب والضيقات وفيها يُّصرح الرسول بإيمانه القويم بالرب ي يُّصرح الرسول بإيمانه القويم بالرب يسوع المسيح وبكل مواعيده العظيمة التي سبق فاعدها للمؤمن به.
(1) تحيات وشكر 1: 1 – 5.
(2) نصيحة ليتموثاوس من جهة حاجاته الروحية 1: 6 – 2: 13.
(3) توصيات من جهة عمل تيموثاوس كمعلم 2: 14 – 4: 5.
أ: معلم ومرشد إلى التعليم الصحيح 2: 14 – 19.
ب: توصيات شخصية 2: 20 – 26.
ج: التنبؤ بفترة انحلال خلقي 3: 1 – 9.
د: مثال بولس الرسول 3: 10 – 13.
ه: تأييد الكنيسة المقدسة 3: 14 – 17.
و: حث على الثبات.
(4) كلمات بولس الوداعية 4: 6 – 22.
أ: موته العتيد 4: 6 – 8.
ب: توصيات لتيموثاوس 4: 9 – 15.
ج: اتكال بولس على الله 4: 16 – 18.
د: تحيات والبركة 4: 19 – 22.
تِيمُون الشماس
Timon اسم يوناني معناه “مكرَّم” وكان أحد الشمامسة السبعة الذين أقامهم الرسل ليحلوا محلهم في الأمور الدنيوية في الكنيسة الأولى (أع 6: 5).
تِين
ورد اسم التين مرارًا عديدة في الكتاب المقدس وهو شجر مشهور في فلسطين وسورية وثمره أجاصي الشكل وقد تعلو شجرة التين عن الأرض من عشرة أقدام إلى عشرين قدمًا وتتفرع أغصانها إلى أنحاء مختلفة وتنتج التينة ثمرًا طيبًا (قض 9: 11) وشجر التين الجديد لا يثمر ما لم يفلح (لو 13: 6 – 9 وام 27: 18) وكان القدماء يعتبرون جلوس كل إنسان تحت تينته من دلائل السلام والفلاح (1 مل 4: 25 و2 مل 18: 31 واش 36: 16 ومي 4: 4 وزك 3: 10 ويو 1: 48) ومن خواص التين الغريبة ظهور ثمره قبل أوراقه فإذا ظهرت الأوراق ولم يظهر الثمر لا يؤمل أثمارها في تلك السنة (مت 21: 19) وأوراق التين في فلسطين من اكبر الأدلة على اقتراب الصيف (نش 2: 13 ومت 24: 32 ولو 21: 29 و30). وكانت محاصيل التين مهمة فيما سلف فإذا نقص حمله أو إصابته آفة عدّ ذلك ضربة عظيمة على البلاد (ار 5: 17 و8: 13 ويؤ 1: 7 و12 وحب 3: 17).
التين الباكوري (نش 2: 13) وينضج في حزيران (يونيو) وهو جميل ولذيذ جدًا (ار 24: 2) وقد شبه النبي هوشع علائق الرب مع بني إسرائيل بهذا النوع اذ يقول “رأيت أباكم كباكورة على التينة في أولها” (هو 9: 10) والتين إذا نضج يسقط حالًا من مجرد هز أشجاره، ومن ذلك اتخذ النبي إشارته إلى نينوى حيث يقول “جميع قلاعك أشجار تين بالبواكير إذا انهرت تسقط في فم الآكل” (نا 3: 12).
التين الصيفي ويظهر في أواخر حزيران (يونيو) أي بعد نضوج النوع السابق ويتم نضجه في آب وأيلول فوجًا بعد فوج أثناء ذلك يجمع ويوضع في الشمس إلى أن ييبس ثم يحفظ للشتاء.
التين الشتوي قد يبقى على الأشجار بعض التينات إلى فصل الشتاء وأحيانًا إلى الربيع إلا أن بعض أنواعه لا تنضج أثماره الا في أواخر الخريف وأوائل الشتاء فيعرف بالشتوي.
واما القول بانه لم يكن وقت التين.. إلخ. (مر 11: 13 و21) فالمراد وقت جمع التين الاعتيادي لا وقت ظهوره ومقاربة نضجه.. فقد وجد المؤلف شجرة تين عند عيون موسى قرب آخر نيسان وكانت أثمارها تكاد تنضج. وفي بعض الظروف قد ينضج قليل من الثمر في الوقت الذي طلب فيه المسيح ثمرًا ولم يجده ويظهر من القصة ان المخلص لم يقطع بوجود ثمر صالح للاكل اذ يقال في انجيل مرقس “فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئًا” فان قوله يدل على الشك بوجود شيءٍ يسد به جوعه غير انه لما اتى إلى الشجرة وجدها حاملة ورقًا فقط فلعنها ليس لان ثمرها لم ينضج في غير اوانه، بل لأنها عقيمة ليس عليها شيء من الثمر لا ناضج ولا غير ناضج ويقصد السيد المسيح بذلك الأمة اليهودية.
وكان التين ييّبس ويذخر مؤونة منذ القديم إلى الآن (1 أخبار 12: 40) فقد جاء عن ابيجايل أنها لاقت داود بمئتي قرص من التين (1 صم 25: 18) وقد يستعمل علاجًا أيضًا فان إشعياء عالج دمل (دبل) حزقيا بوضع قرص التين عليه وهكذا نجّاه من خطر الموت (2 مل 20: 7 واش 38: 21).
No Result
View All Result
Discussion about this post