الهاردروك
ومخاطره في عالم اليوم
الهاردروك وعصر الانحلال
في المجتمعات الغربيّة المعاصرة
ماذا يجري في عالمنا؟ وكيف نفسّر عدد الضحايا الذين يسقطون بنتيجة العنف المجاني في كلّ أنحاء العالم وفي الولايات المتحدة خصوصًا؛ فهنا طلاّبٌ يطلقون النار عِنوة على رفاقهم في ملعب المدرسة، وفي ولاية أخرى يدخل معتوه آخر على المصلّين في الكنيسة ويردي بعض الرجال والنسوة والأطفال، وفي مكان آخر في أوستراليا تحديدًا، يطلق سجين سابق، الرصاص على باص من بندقيّته الرشاشة فيقتل من يقتل ويجرح من يجرح…
كلّ هذا يجري في عالمنا ونحن على بيّنة من أنّ العنف لا يزال يتنقّل من مكان إلى آخر حاصدًا عشرات الضحايا البريئة؛ وثمّة عنف آخر يتّخذ صورة شيطانيّة فيعمد بعض الشبّان من عبدة الشيطان إلى تدنيس قبور المسيحيّين وتكسير رخام الأضرحة وكتابة الشعارات الشيطانيّة عليها بعد إخراج جثث الأموات من التوابيت والتمثيل بها.
وفي العقد الأخير بدأت الصحف تتناقل الأخبار عن شبّان وأحيانًا فتيان في ريعان الصبا، يرتكبون المدنّسات ويتعاطون المخدّرات، ولا يرتدعون عن ارتكاب الانتحار بعد أن قضوا فترات غير وجيزة في الإصغاء إلى موسيقى “الهاردروك” الصاخبة؛ وحينما وجّهت أصابع الاتهام إلى هذه الموسيقى قامت قائمة بعض الأشخاص وهبّت للدفاع عن مزايا هذا الفنّ “الراقي”، وخلّوه من أيّ مسبّب للانتحار، واعتبار أنّ حالة المنتحر تنتج عن كآبة وأزمات نفسيّة حادّة ولا علاقة لها بهذا النوع من الموسيقى؛ ولا يكفي أن نستمع إلى موسيقى “الهاردروك” حتى نقدم على الانتحار بهذه الصورة وهذا الإذعان لرغبة شيطانيّة تبثّها هذه الموسيقى.
وإذا سلّمنا جدلاً أنّ الحالة النفسيّة هي في أساس الانتحار فلا يعني ذلك أنّ موسيقى “الهاردروك” بريئة تمامًا. وهي تخلو خلوًّا كليًّا من الرسائل الشيطانيّة التي تحرّض وتدفع بالشباب إلى إنهاء حياتهم بعد أن رأوا فيها مرتعًا للسوداويّة، وفقدوا الرجاء والمحبّة وتخلّوا عن كلّ ما تبشّر به الكنيسة وضربوا عرض الحائط بكلام يسوع المسيح الذي حرّض على خلاص الأنفس؛ فكانت النتيجة ضياع هذه الأنفس في غياهب الموت؛ ولشدّ ما يؤلمنا ذلك بات من الملحّ أن نتكلّم بإسهاب عن موضوع “الهاردروك” باسطين أمامكم ما توفّر لدينا من معلومات قد تسهم في إضاءة بعض جوانب هذا الموضوع الشائك.
كيف وُلد الروك في العالم؟
في الخمسينات، أدخل المغنّي الأميركي الشاب ريتشارد غيتل نوعًا من الإيقاعات الجديدة على موسيقى “البلوز” وهي الموسيقى الشعبيّة، التي أدخلها الزنوج الأفارقة معهم إلى العالم الجديد وأصبحت جزءًا لا يتجزّأ من الثقافة الأميركيّة الحديثة.
وفي منتصف الخمسينات اشتهرت أغنية « Rock Around the clock » وغزت الأسواق، وسنة 1954 ظهر “المغنّي ألفيس بريسلي” وبدأ نجمه يلمع، مُتقِنًا هذا النوع من الغناء. وفي هذه المرحلة من تاريخ الولايات المتّحدة بدأ جيل الشباب يعاني من جرّاء الحرب الباردة في أوروبا بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. ولم يكن هناك ما يوحي بالاطمئنان، والمثل العليا مفقودة، لا سيّما أنّ التهديدات بحرب نوويّة تحوّلت إلى خبز الناس اليوميّ.
من جرّاء هذا الجوّ الملبّد بالمشاكل والخوف الخانق من الأخطار الآتية خاب أمل الشباب وسقطت كلّ المحاذير والمثل العليا، فأتت ثورة الموسيقى لتخلق ثورة جارفة تحرّض على الحبّ الجسديّ والحيواني وتدمّر الدين وتقوّض أسسه.
هكذا بدأت “ثورة الروك” في العالم ومنذ الستينات بدأ نجم الفرق الموسيقيّة يبزغ فاشتهر فريق “البيتلز” و”الرولينغ ستونز” وال “Who” و”أليس كوبّر” وغيرهم، يجمعهم نَسَقْ موسيقى واحد هو الإيقاع الموسيقيّ الصاخب أو ال “هارد بست” (Hard Best) كذلك انفلاش كلّ الآلات الإيقاعيّة واستعمال مكبّرات صوت ضخمة تهدف إلى إغراق المستمع في محيط صوتي ثائر قوامه الفورات النفسيّة التي من المنتظر أن تحدثها هذه الأصوات الزاعقة وبحسب أقطاب هذه الموسيقى “يتعمّد” المستمع في نوع من “الليتورجيّا” الشيطانيّة التي تهدف في جميع الأحوال إلى بثّ أفكار ثوريّة حول العنف والجنس.
الروك والمخدرات
سنة 1960 انتشر في سوق المخدرات في الولايات المتحدة مخدّر جديد من تركيب الطبيب “تيموثي ليري” واشتهر باسم “إل. إس. دي” (L.S.D.) وأطلق عليه الشبّان لقب “أسيد”. ومن تأثيرات هذا المخدّر المباشر التسبّب بهلوسة، فشاع استعماله في حفلات الروك الصاخبة لتقديم أحاسيس جديدة، وانطلقت موجة الروك الأسيدي
Acid Rock. وأطلقت تسميات جديدة وعبارات تستعمل أسماء للأغاني ولقّب المخدّر “بالسكّر البنيّ” (Brown sugar) و”نسيبتي الكوكايين” (Cousin Cocaïne) و”الأخت مورفين” (Sister Morphine). ووصل الهوس لدى أحد المغنيّين وهو “أبي هوفمان” إلى أن يصرخ بأعلى صوته قائلاً: “الروك هو مصدر الثورة وطريقتنا للعيش مع المخدّرات”.
أصبحت المخدّرات واقعًا ونمطًا للحياة لدى فرق الروك، فلا يمرّ وقت إلاّ وتعتقل الشرطة أحد أعضاء هذه الفرق الموسيقيّة فكلّ عناصر فرقة “الرولينغ ستونز” أوقفوا أكثر من مرّة لتعاطيهم المخدرات، كما وجد أحدهم “براين جونز” غارقًا في حوض الاستحمام بعد أن تعاطى جرعة مفرطة من المخدرات. وسجن “بول ماكارثني” مؤسّس فرقة “البيتلز” تسعة أيّام في اليابان لحيازته حشيشة الماريجوانا. ومن أشهر الفنّانين في عالم الروك الذين قضوا بعد تعاطيهم لجرعات مفرطة نذكر المغنيّة الشابّة “جانيس جوبلن” و”سيد بيتشز” وعلى رأسهم “جيمي هندريكس” رمز الروك والجنس والمخدرات الذي قضى من جراء تعاطيه للمخدّرات بشكل مفرط. تتعدّد الأمثلة ولا مجال لذكر كلّ الأسماء، ولكن لا يجب أن نفصل موضوع “الهاردروك” عن المخدّرات، فهما صنوان لا يفترقان وحيث تكون هذه الموسيقى، حكمًا تكون المخدرات متربّصة لاقتناص الضحايا البشريّة البريئة بين الذين ضعفت نفوسهم وشرّدوا لتلقّفهم موجات الشرّ والضلال.
التأثير على الذهن بواسطة الرسائل الخفيّة:
L?Influence par le message subliminal
لم تكن حقبة تناول المخدّرات في تاريخ “الروك” سوى مرحلة تمهيديّة تحضّر سرًّا لحقبة بثّ الشعوذة التي تمهّد للقدّاس الأسود والعبادة الشيطانيّة.
ابتدأت هذه المرحلة مع فرقة “البيتلز” لدى صدور أسطوانة (Devil?s White Album) “ألبوم الشيطان الأبيض”، وفيه ما يسمّى بالرسائل الخفيّة “Messages Subliminaux”، لنشر ما يسمّى بإنجيل الشيطان. والرسالة الخفيّة هي رسالة مسجّلة ضمن الأسطوانة تعجز قدراتنا الواعية على تلقّفها بينما يستوعبها العقل الباطن، ويسجّلها وتبدأ تأثيراتها على السلوك وتنعكس بصورة سلبيّة على تصرّفات الشبّان، فيشعرون بالضيق دون أن يعرفوا فعلاً ما هو سببه الأساسيّ. فالرسائل الخفيّة، أكانت مسموعة أو مرئيّة، تتوجّه إلى الشخص دون المرور من خلال وعيه. وقد استعملت هذه الطريقة في الإعلان عن منتوج معيّن أو للترويج لرجل سياسي خلال حملة انتخابيّة، وقد انعكست النتائج إيجابًا على المبيعات أو عدد الناخبين.
وتكون الرسائل الخفيّة تحت أشكال عدّة، والأكثر إدهاشًا بينها، تلك التي سجّلت عكسيًّا على الأسطوانات.
مثلاً فريق كوين “Queen” وعلى أسطوانة “The game album”، سجّل رسالة معكوسة على أغنية “Another one bites the dust”، وتقول الرسالة: أبدأ بتعاطي حشيشة الماريجوانا “Starita smoke marijuana”، وبنتيجة الاستماع إلى هذه الموسيقى لمدّة طويلة، يصبح المستمع قادرًا على تقديم العبادة للشيطان بصورة تلقائيّة وهو فاقد الإرادة ووعيه معطّل. ولا يجب أن نفرغ من هذا الحديث دون إعطاء بعض الأمثلة عن بعض الفرق؛ ففي أغنية “درج إلى الجنّة” (Stareway to heaven) لفريق “ليد زبلين” أدخلت جملة: “أريد أن يركع الله أمام الشيطان”، وفي أغنية فريق “Kiss” مُوّهت جمل مثل: “مُت شابًا”، “مُت جميلاً”، “الشيطان هو إلهك”. ولدى فريق “Black Sabbath” أغنية شهيرة يقولون فيها أنّ “يسوع المسيح هو الجنين الملعون”.
رسائل شيطانيّة مباشرة
يعتقد عدد كبير من الناس أنّ الرسائل الخفيّة غير مؤذية، كما أنّ مفاعيلها محدودة. لكن لم يمضِ وقت طويل حتّى بدأت فرق الروك تبثّ بشكل مباشر وعلنيّ عبادتها الشيطانيّة وتذيع على الأشهاد أنها تنتمي إلى الشيطان وكنيسته، فأسماء الفرق وعناوين الأغنيات وحتّى المضمون، تعمل كلّها على حثّ الغرائز نحو العنف بُغية تمجيد الشيطان، ففريق “الإيغلز” يكتب أغانيه خلال طقوس عبادة الشيطان وقد تلقّن أعضاء الفرقة هذه العبادات على يد ساحر هندي.
أمّا “ميك جاغر” نجم فريق “الرولينغ ستون” فقد كرّس نفسه للشيطان في إحدى الأمسيات في محفل ماسوني. كما يطلب فريق “سانتانا” قبل الشروع في حفلة العزف من المسيحيّين المؤمنين مبارحة الصالة التي تجري فيها الحفلة. ولم يتورّع “إلتون جون” عن التصريح أنّه لا يؤلّف أغنية قبل أن تكتب بأعجوبة السحر.
وتتنوّع أسماء الفرق فنجد فرق “أسيد” أي المخدّرات و”كيلر” = القاتل و”إيروس” = إله الجنس، فينوم = غريزة القتل والسمّ، ويعتبر مغنّو الروك أنّ حفلاتهم الصاخبة هي في الواقع رحلة إلى الجحيم، وثمّة فرق مكرّسة للشيطان. نذكر منها: “Satan Jockers” أي (مهرجو الشيطان) و”Sun of Satan” أي (شمس الشيطان) و”Black Sabbath” أي (القدّاس الأسود). ويضع “كينيغ دايموند” نقشًا للصليب المقلوب على جبينه ويعترف أنّه يعيش دومًا مع الشيطان.
ونعتقد أن فرقة (AC-DC) تعني أحرف اسمها التيّار الكهربائيّ(Courant Alternatif et Courant Direct) وهذا يعني = (Anti Christ) and (Death to the Christ) أي (ضدّ المسيح) و(الموت للمسيح). ومن أغانيهم الرائجة “Hells Bells” أي (أجراس الجحيم) و”Shout to Kill” أي (أصرخ إلى حدّ القتل) وهي دعوة للقتل والحثّ على عبادة الشيطان. وتعني أحرف فريق “Kiss” الجملة التالية بالإنجليزيّة (Knithts in Satan?s Service)، أي الفرسان في خدمة الشيطان.
خلاصة: الروك وأضراره
إنّ غالبيّة الناس ترفض اتهام الروك وإلصاق صفة الشيطانيّة به، ويعتبرون أنّ هذا النوع من الموسيقى لا يعدو كونه وسيلة بريئة، غير مؤذية للتسلية وهو عنوان للحبّ والولَه لشباب ديناميكي ومتحرّر. لكن الروك هو أكثر من موسيقى، إنّه وسيلة لثورة عالميّة ووسيلة ناجعة لدكّ الإيمان المسيحيّ ومحاربته من خلال بثّ روح التفسّخ والضلال بين الشبّان وحضّهم على تناول المخدّرات وممارسة الجنس بانحلال وفجور، والروك يغتصب وعينا ولاوعينا على حدّ سوى ويوحي بالعنف، والثورة، والجنس، والديانات الخاطئة وهو بحدّ ذاته ضربٌ من الشعوذة. ومهما حاول دعاة هذا النوع من الموسيقى الدفاع عنه فالأضرار النفسيّة التي تنتج من جراء الاستماع إلى هذه الموسيقى هي العصبيّة المفرطة، والعدائيّة، والانطواء على الذات والتخلّف المدرسيّ والاجتماعيّ وانهدام أواصر الصداقة وتحلّل العائلة. وينتشر الشذوذ الجنسيّ بشدّة في أوساط أتباع “الهاردروك”. ومن خلال تكريس أنفسهم فعليًّا للشيطان يدعو أعضاء هذه الفرق إلى رفض المسيح ورفض القيم الدينيّة والأخلاقيّة وتدمير الرباط العائليّ وكلّ هذا من أجل إسعاد أمير الظلام وإحقاق مجده على الأرض.
تُعنى بطبعه ونشره
جمعيّة «جنود مريم»
يوزّع مجانًا
No Result
View All Result
Discussion about this post