شهادة كاتالينا حول القدّاس الإلهيّ
“التعرّف على ما يجري خلال القدّاس الإلهيّ وطريقة عيشه في القلب:
هذه هي الشهادة التي أريد أن أعطيها للعالم أجمع لمجد الله الأكبر، ولخلاص جميع الذين يفتحون قلوبهم ليسوع، حتّى تستطيع النفوس المكرّسة لله، أن تؤجّج نار حبّها ليسوع، أكانوا من الكهنة أو غيرهم، حتّى لا يعودوا يستقبلون يسوع كعادة، بل يكون لقاؤهم به لقاءً رائعًا مفعمًا بالعاطفة والحبّ، وحتّى يتمكّن إخوتي وأخواتي العلمانيّين، في العالم أجمع، أن يعيشوا بقلوبهم أكبر أعجوبة في التاريخ: الاحتفال بالقربان الأقدس”.
ما حدث معي ليلة عيد البشارة، وكان أفراد مجموعتنا يتحضّرون للاعتراف في الكنيسة. لم يُتَح ذلك للجميع، فأجَّلوا ذلك لليوم التالي، قبل القدّاس.
عندما وصلت في اليوم التالي إلى الكنيسة ببعض التأخير كان الأسقف ومعاونوه من الكهنة يدخلون إلى الكنيسة مع المرتلين. في هذه اللحظة قالت لي مريم العذراء بصوت عذب يلطّف النفس:
“سيكون لك هذا اليوم، يومًا تعليميًّا،… أريدك أن تنتبهي جيّدًا، لأنّه عليك أن تشاركي الإنسانيّة جمعاء، بما ستشاهدينه وتعيشينه اليوم في القدّاس”. بقيت مندهشة، دون أن أفهم، لكنّني حاولت الانتباه. كانت الأصوات أوّل ما شاهدته، جوقة ترتّل ألحانًا سماويّة، آتية من البعيد، تقترب حينًا وتبتعد أحيانًا كما لو أنّها تأتي عبر الهواء عندما بدأ الأسقف بفعل التوبة قالت لي مريم:
“من كلّ قلبك، أطلبي الصفح من الله، على كلّ الخطايا التي أَهنِتِه بها، لتشاركي بجدارة في امتياز حضورك للقدّاس”.
خلال لحظة فكّرت أنّني في حال النعمة، لأنّني اعترفت مساء أمس. أجابتني مريم: أتعتقدين أنّك لم تهيني يسوع منذ ليلة أمس؟ إسمحي أن أذكّرك ببعض التفاصيل: أثناء الطريق، اقتربت منك الفتاة التي تساعدك لتتحدّث إليك ولأنّك كنت على عجلة من أمرك، أجبتها بخشونة وبدون احترام. هذا التصرّف كان نقصًا في المحبّة من قلبك. وتدّعين أنّك لم تسيئي إلى الله؟
خلال طريقك إلى هنا أيضًا، أزعجك أوتوبيس مسرع، فقلت كلمات غاضبة ضدّ هذا الرجل المسكين، بدلاً من أن تأتي إلى الكنيسة وأنت تصلّين تحضيرًا للقدّاس. لقد قلّلت محبّة وفقدت صبرك وسلامك. وتقولين أنّك لم تسيئي إلى الله؟
وصلت إلى القدّاس في اللحظة الأخيرة، وتريدين المشاركة في القدّاس دون تحضير مسبق.
نعم ماما، أَجَبَتْ مريم، لا تقولي لي أكثر، لا تذكّريني بشيء آخر، وإلاّ سأموت من الخجل والألم.
لماذا الوصول إلى القدّاس في اللحظة الأخيرة؟ يجب عليك أن تكوني هنا في الكنيسة، لتصلّي وتطلبي من الروح القدس أن يعطيك روح السلام ويطرد عنك روح العالم، والاهتمامات والمشاكل والسهو، وتكوني حاضرة لكي تعيشي هذه اللحظة المقدّسة. لكنّك وصلت في بداية القدّاس، وبدأت المشاركة كما لو كنت تحضرين حدثًا معيّنًا دون تحضير نفسك روحيًّا. لماذا يا ابنتي؟ القدّاس هو الأعجوبة الكبرى، وبإمكانك أن تعيشي هذه اللحظة كأكبر هديّة لك من قبل الله، لكنّك لا تقدّرين قيمتها.
شعرتُ بحزنٍ كبير ينتابني، فطلبت الصفح من الله، لا عن أخطاء اليوم بل على كلّ المرّات، حيث كنت انتظر انتهاء الكاهن كي أدخل إلى الكنيسة، وعن كلّ المرّات التي رفضت فيها أن أفهم معنى القدّاس، وكانت نفسي مثقلة بالخطايا ولم أخجل من حضور القدّاس والتناول.
رغم ذلك كان اليوم عيدًا احتفاليًّا ويجب ترتيل المجد. قالت لي مريم: الآن، مجّدي وباركي الثالوث الأقدس من كلّ قلبك، واعترفي بأنّك مخلوقته.
كم كان هذا التمجيد مختلفًا عن باقي الأيّام! وجدت نفسي فجأة في مكان آخر، مليء بالأنوار في حضور عرش الله. لا تتصوّروا بأيّ حبّ، وعرفان بالنعمة ردّدت هذه الكمات:
(صلاة) لأجل مجدك العظيم، نسبّحك، نمجّدك، نباركك، نعبدك نشكرك يا الله، ملك السماء أيّها الآب القدير… وتخيّلتُ وجه الآب المليء بالطيبة والحبّ.
يسوع، الابن الوحيد للآب، حمل الله، ابن الآب، أنت الذي يزيل خطايا العالم…
وقف يسوع أمامي، كان وجهه مليئًا بالحنان والرحمة، فقلت له: لأنّك وحدك الله، وحدك العلي، يسوع المسيح مع الروح القدس. وإله الحبّ الكامل الذي جعل في هذه اللحظات كلّ كياني يرتعش. إلهي، أرجوك حرّرني من كلّ نفس شريرة، خذ قلبي، هو لك، أرسل لي سلامك كي أنال أكبر فائدة من هذه الإفخارستيّا وأستطيع أن أعطي أفضل الثمار في حياتي… بدّلني يا روح الله القدّوس، إعمل في، خذ حياتي. أعطني المواهب التي أحتاجها لخدمتك بأفضل طريقة.
وعندما وصلنا إلى ليتورجية الكلمة، طلبت مني العذراء أن أردّد هذه الكلمات: “إلهي، أريد اليوم أن أستمع إلى كلمتك، وأن أحمل الثمار الكثيرة، أرسل روحك القدّوس، نظّف أرض قلبي حتّى تنمو فيّ كلمتُك، طهّر قلبي ليكون مستعدًّا لك.
فقالت مريم:
أريد أن تنتبهي إلى عظة الكاهن. تذكّري أنّ الكتاب المقدّس يقول إنّ كلمة الله لا تذهب دون أن تعطي ثمارًا. إذا كنت متنبهة، يبقى فيك شيء من الذي سمعته. وعليك أن تتذكّري طوال النهار هذه الكلمات التي تركت فيك أثرًا. أحيانًا تكون جملة أو أكثر وأحيانًا أخرى يكون نصّ الإنجيل بكامله أو كلمة واحدة تجعلك تتلذّذين فيها طوال اليوم. وهذا يتعزّز في داخلك لأنّها الطريقة الفضلى لتغيير الحياة وتجسيد كلمة الله في حياتك. والآن قولي ليسوع، إنّك هنا لتستمعي إلى ما يقوله لك في قلبك.
شكرت مجدّدًا يسوع لأنّه يعطيني الفرصة لأتسمّع إلى كلامه، وطلبت منه السماح لأنّني حافظت على قلب قاس متصّلب خلال العديد من السنوات، ولأنّني علّمت أولادي على الذهاب إلى الكنيسة لا حبًّا وحاجة ليمتلئوا من الله، بل كواجب تأمر به الكنيسة، آه منّي، لأنّني حضرت الكثير من الإفخارستيّا كواجب واعتقدت أنّني من المخـلَّصين…
أي ألم شعرت به لضياع هذا العدد من السنين بسبب جهلي… أي سطحية خلال سماع القدّاس، أو عندما يكون هناك احتفال بزواج، أو صلاة على ميت، عندما كنّا نعمل المستحيل كي يرانا الآخرون! ما هذا الغباء تجاه كنيستنا وتجاه المقدّسات! ما هذه الهشاشة في إرادتنا وتثقيفنا لأمور العالم الزائلة بلمح البصر، والتي لا تستطيع أن تضيف دقيقة إلى حياتنا… بينما نحن لا نعرف شيئًا يجعلنا نربح قليلاً من السماء على الأرض، ثمّ الحياة الأبديّة، ورغم ذلك نعتبر أنفسنا رجالاً ونساءً مثقّفين!… وعندما وصلنا إلى التقديمات قالت لي مريم:
صلّي هكذا:
إلهي، أقدّم لك كياني، وكلّ ما أملكه أضعه بكامله بين يديك. إلهي، أرفع كياني الصغير، باستحقاقات ابنك، حوّلني أيّها الإله القدّوس، إشفع بعائلتي، بالمحسنين إليّ، بكلّ فرد من أفراد رعيّتي، وبكلّ الأشخاص الذين يتنازعون وبالذين طلبوا منّي أن أصلّي من أجلهم.
علّمني أن أكون متواضعة القلب لتصبح طريقي أقلّ صعوبة وقساوة.
هكذا صلّى القدّيسون وهكذا أريدك أن تصلّي أنظروا ماذا يريد يسوع أن نفعل: أن يتواضع قلبنا، كي لا يشعر البشر بقساوتنا، بل علينا، على العكس، أن نخفّف من آلام الذين يشعرون أنّهم مداسون تحت الأرجل.
فجأة وجدت أشخاصًا لم أرهم قبلاً، كان كلّ واحد منهم يقف إلى جانب كلّ شخص في الكنيسة، وهكذا امتلأت الكنيسة بعدد من الأشخاص رائعي الجمال، يلبسون ثيابًا بيضاء، توجّهوا نحو وسط الكنيسة، باتجاه المذبح.
قالت لي مريم:
أنظري، هؤلاء هم الملائكة الحرّاس، لكلّ واحد من الأشخاص الموجودين في الكنيسة. إنّها اللحظة التي يحمل فيها الملاك الحارس تقديماتكم وصلواتكم إلى مذبح الله.
شعرت بالدهشة، لأنّ لهؤلاء الملائكة وجوهًا مشرقة ورائعة الجمال، أرجلهم الحافية لا تطأ الأرض… كان هذا التطواف جميلاً. بعضهم كان يحمل إناء من ذهب تشعّ منه أنوار مذهّبة. قالت العذراء: إنّ الملائكة يقدّمون في هذه اللحظات من القدّاس تقادم المصلّين، الواعين معنى هذا الاحتفال والذين عندهم شيء يقدّمونه لله…
قدّمي أتعابك، آلامك، أفراحك، أحزانك وطلباتك. تذكّري أنّ للقدّاس قيمة لا متناهية، لذلك كوني كريمة بتقادمك وطلباتك.
وراء الملائكة الأوائل، شاهدت ملائكة آخرون، لا يحملون شيئًا في أيديهم. قالت مريم: إنّهم ملائكة الأشخاص الذين ورغم حضورهم، لم يقدّموا شيئًا لله، لأنّهم غير مهتمّين بعيش ليتورجية القدّاس، ولا يقدّمون شيئًا لمذبح الربّ… في نهاية التطواف، رأيت ملائكة تبدو عليهم علامات الحزن، يجمعون أيديهم للصلاة، وعيونهم منخفضة حياء. إنّهم الملائكة الحراس للأشخاص الموجودين هنا جسديًّا لكن عقولهم في الخارج، لا رغبة عندهم في المشاركة في القداس، لذلك هم يتقدّمون بحزن، لأنّ لا شيء يقدّمونه إلى مذبح الربّ، سوى صلواتهم الخاصّة. وأضافت مريم: لا تُحزني ملاكك الحارس. صلّي كثيرًا لأجل توبة الخاطئين، لأجل السلام في العالم، لأجل عائلتك ولكلّ الذين يطلبون صلواتك، ليس من أجلك فقط، بل من أجل الآخرين. تذكّري أنّ التقدمة الأجمل على قلب الله، في تقدمة ذاتك كذبيحة حتّى يحوّلك يسوع باستحقاقاته عند حلوله عليك.
ماذا تقدّمين للأب؟
قدّمي عدمك وخطيئتك، لكن إذا قدّمت نفسك بالاتحاد مع استحقاقات يسوع، تكون تقدمتك أجمل.
كان هذا المشهد، وهذا التطواف جميلاً ولا يمكن وصفه أو تشبيهه بأي مشهد آخر، كانت كلّ هذه المخلوقات السماويّة منحنية أمام المذبح، بعضها يضع التقديمات على الأرض والبعض الآخر رؤوسها تلامس الأرض. ثمّ اختفت عن نظري.
عندما انتهت هذه التقدمة، وعندما بدأ المصلّون بالقدّوس قدّوس قدّوس اختفى الملائكة من وراء المصلّين على يسار الأسقف ومن الخلف، ظهر آلاف الملائكة، صغارًا وكبارًا، بعضهم ذوو أجنحة كبيرة وآخرين بأجنحة صغيرة وقسم آخر بدون أجنحة. جميعهم كانوا يرتدون بدلات شبيهة بثياب الرهبان والكهنة.
ركعوا جميعهم، وجمعوا أيديهم للصلاة وأحنوا رؤوسهم إجلالاً. تعالت موسيقى رائعة، وسمعت أصواتًا متعدّدة كلّها ترتّل مع الشعب: قدّوس قدّوس قدّوس.
ها نحن الآن في لحظة التكريس، لحظة الأعاجيب الأكثر روعة… على يمين الأسقف، وعلى خطّ مائل إلى الوراء رأيت آلافًا من الأشخاص، يرتدون نفس البدلات ولكن بألوان الباستيل: الزهري، الأخضر، الأزق السماوي، الزنبق والأصفر، ألوان مختلفة ورائعة.
كانت وجوه الملائكة تتآلف فرحًا، وكأنّها في عمر واحد، وجوههم متساوية، بدون تجاعيد تبدو عليها علامات السعادة. سجدوا كلّهم قبل ترتيلة القدّوس.
قالت لي السيّدة العذراء:
“هؤلاء هم القدّيسون والطوباويّون والمبتهجون بحضور الله”. ثمّ رأيت السيّدة وهي إلى يمين الأسقف خطوة إلى الوراء. كانت مرتفعة عن الأرض بعض الشيء ساجدة على قماش من الفوال الناعم الشفّاف المنور، كالمياه البلوريّة، كانت تجمع يديها وتنظر باهتمام واحترام إلى المحتفل بالقدّاس. حدثّتني مريم من هناك، بصمت، ومباشرة في القلب، بدون النظر إليّ فقالت:
أنت متعجّبة لرؤيتي وراء الأسقف. أليس كذلك؟ هذا يجب أن يكون… رغم حبّه لي، لم يعطني أبتي الشرف الذي يعطيه للكاهن، وهو أن أحمل بين يدي ما تحمله كلّ يوم أيدي المكرّسين. إعلمي لماذا أشعر باحترام بالغ للكاهن وللأعجوبة التي يصنعها الله من خلاله، ممّا يحملني على السجود هنا.
يا إلهي، ما هذا الامتياز، أي نِعَم تنشرها على نفوس الكهنة، ونحن غير واعين لهذا السرّ، حتّى إنّ بعض الكهنة غير واعين لهذا.
مقابل المذبح، ظهرت ظلال أشخاص بلون رمادي، يرفعون أيديهم إلى الأعالي قالت لي مريم العذراء: إنّها النفوس المباركة في المطهر التي تنتظر صلواتكم لتجد بعض الانتعاش. هذه النفوس تصلّي من أجلكم ولكنّها غير قادرة على الصلاة لأجل نفسها، لتخرج إلى لقاء الله وتهنأ به للأبد…
وكما ترين، أنا دائمًا هنا… يذهب الناس رحلات حجّ إلى أماكن ظهوراتي لأجل كلّ النعم التي ينالونها في تلك الأماكن ولكنّني لا أطيل البقاء في أي مكان من ظهوراتي، كما في القدّاس الإلهيّ.
بإمكانك أن تجديني دائمًا عند عتبة المذبح حيث يتمّ الاحتفال بالإفخارستيّا. أنا دائمًا حاضرة عند باب بيت القربان مع الملائكة لأنّني لا أنفصل أبدًا عن يسوع.
رؤية وجه مريم الرائع الجمال أثناء القدّاس، كما باقي القدّيسين والملائكة، بانتظار حدوث الأعجوبة التي تتكرّر باستمرار يشبه الوجود الحقيقيّ في السماء ذاتها.
عندما تفكّر أنّ هناك أشخاصًا شاردين في هذه اللحظات، حتّى أنهم يثرثرون. أقول ذلك بحسرة ولأنّني لا أرى رجالاً ونساءً يقفون في هذه اللحظات، يضمّون أيديهم، وكأنّهم يكرّمون الله من الندّ للندّ.
قالت مريم:
قولي للبشر، لا يمكن للإنسان أن يكون كما يجب إلاّ عندما يُثني ركبتيه أمام الله.
عندما بدأ الأسقف كلام التقديس، فجأة بدا حجمه يكبر ويمتلئ من النور، نور غير طبيعيّ، أبيض ذهبي، يغمره ويصبح أكثر قوّة عند الوجه، لدرجة إنّني لم أعد أتبيّن ملامحه. وعندما رفع القربانة، انبعثت من ظهر يديه أنوار، وشاهدت يسوع! كان هو ذاته، يغطّي الأسقف وكأنّه يغمر يديه بحبّ كبير.
في هذه اللحظات، بدأت القربانة تكبر وتنمو بطريقة كبيرة وظهر فيها وجه يسوع الرائع وهو ينظر إلى شعبه. أخفضت عينيّ بطريقة لاشعوريّة فقالت لي العذراء: لا تميلي نظرك عن يسوع. إرفعي عينيك، تأمّليه، أنظري في عينيه وردّدي صلاة فاتيما: إلهي، إنّي، أعبد، أرجو وأحبّ أطلب منك السماح لأجل كلّ الذين لا يؤمنون لا يعبدون ولا يرجون ولا يحبّونك سامح وارحم. والآن قولي ليسوع كم تحبّينه، عظّمي مَلِكْ الملوك.
لأوّل وهلة بدا لي أنّ القربانة الكبيرة كانت تنظر إليّ وحدي ثم وعرفت أنّها تتأمّل كلّ شخص في الكنيسة، بنظرة مليئة بالحبّ… أخفضت جبيني ليلامس الأرض كما كان يفعل الملائكة والطوباويّون في السماء. خلال لحظة، فكّرت أنّه يسوع ذاته الذي يحيط بجسد المحتفل وكان في الوقت ذاته داخل القربانة، وعندما أعاد الأسقف القربانة إلى المذبح، عادت إلى حجمها الصغير. وامتلأت وجنتاي بالدموع ولم يكن باستطاعتي أن أخرج من هذا الشعور الرائع.
ما إن بدأ الأسقف صلاة تكريس الخمر، بدأت خيوط من الأنوار تشبه البرق تلمع في السماء وفي العمق. لم يعد للكنيسة من سقف ولا جدران. كان كلّ شيء معتّمًا، ولم يبقَ سوى ذلك النور المتلألئ على المذبح.
فجأة رأيت يسوع المصلوب معلّقًا في الهواء من الرأس حتّى الخصر. وكان الصيب محمولاً بأيدٍ كبيرة وقويّة من وسط هذا الجمال انبثق نور صغير يشبه حمامة صغيرة منيرة جدًّا تحوّلت بسرعة في كلّ الكنيسة ثمّ عادت لتقف على كتف الأسقف لجهة الشمال، فتحوّل إلى يسوع لأنّني كنت أتبيّن شعره الناعم، وسماته النورانيّة وجسده الكبير ولكنني لم أرَ وجهه.
في الأعلى، بقي وجه يسوع المصلوب منحنيًا صوب الكتف الشمال. كانت علامات الضرب والجروحات باديةً على وجهه ويديه. وعند الجهة اليسرى من الصدر، بدا جرح كبير يتدفّق منه دم وماء من الشمال إلى اليمين. وكانت شعاعات النور تتّجه إلى المؤمنين بحركة نحو اليمين والشمال. دهشت أمام كميّة الدم التي فاضت من الكأس دون أن تقع منها أيّة بقعة على المذبح.
قالت لي العذراء:
هذه هي أعجوبة الأعاجيب. بالنسبة لله، لا وجود للوقت ولا للمسافة خلال لحظة التكريس، إذ يحمل المصلّون إلى رجلي المصلوب، ساعة صلب يسوع. هل يمكن لأحد أن يتصوّر ذلك؟ ليس باستطاعة أعيننا أن ترى، لكنّنا جميعنا هنا، من نفس اللحظة حين يصلب يسوع ويطلب السماح لا لقاتليه فقط بل وكلّ خطايانا: أبتِ اغفر لهم لأنّهم لا يدرون ما يفعلون.
ابتداءً من هذا اليوم، لم يعد يهمّني إذا اعتبرني الآخرون مجنونة أم لا، بتّ أطلب من الجميع السجود وأن يعيشوا بالقلب وبكلّ أحاسيسهم هذا الامتياز الكبير الذي يعطينا إيّاها الله.
عندما وقفنا للبدء بصلاة الأبانا، تحدّث يسوع لأوّل مرّة خلال القدّاس وقال: أريدك أن تصلّي من عمق أعماقك وبقدر ما تستطيعين، تذكّري في هذه اللحظات كلّ الأشخاص الذين أهانوك بالأكثر، واغمريهم وقبّليهم وقولي لهم من كلّ قلبك: باسم يسوع، أنا أسامحك وأتمنّى لك السلام. إذا كان هؤلاء الأشخاص يستحقّون السلام، سيقبلوه وينالون منه كلّ خير، وإذا كانوا غير قادرين على الانفتاح على السلام، فإنّ السلام يعود إلى قلبك، ولكنّني لا أريد أن تأخذي أو تعطي السلام للآخرين، إذا لم تكوني قادرة على السماح وعلى الشعور بهذا السلام في قلبك أوّلاً. وتابع يسوع فقال لي: انتبهي إلى ما تفعلين، أنت تكرّرين في الأبانا “اغفر لنا كما نحن نغفر لمن أخطأ إلينا” إذا كنت قادرة على السماح دون أن تنسي الإساءة، فأنت بذلك تضعين شروطًا على مغفرة الله وكأنّك تقولين لله: اغفر لي فقط بالقدر الذي أنا أقدر على الغفران فقط.
لا أدري كيف أعبّر عن ألمي عندما عرفت كم نحن قادرين على جرح يسوع وكم نسيء إليه بسبب أحقادنا وشعورنا السيّئ وإساءاتنا التي تنمو من خلال عِقَدنا وحساسيّاتنا المفرطة. سامحوا، سامحوا من القلب واطلبوا السماح للذين أساءوا إليكم لتشعروا بسلام المسيح.
قال الأسقف:
“أعطنا اللهم السلام والوحدة” ثمّ “سلام الربّ معكم” فجأة رأيت بين الناس الذين يصافحون بعضهم (ليس جميعهم) نورًا كثيفًا يحطّ عليهم، فهمت أنّه يسوع، فأسرعت عندئذٍ إلى مصافحة الشخص الذي كان إلى جانبي. استطعت في الحقيقة أن أشعر في هذا النور ضمّة يسوع، كان يغمرني ليعطيني سلامه، لأنّني كنت في هذه اللحظة قادرة على السماح وتحرير قلبي من كلّ حقد ضدّ أي إنسان. هذا ما يريده يسوع، مشاركة لحظة الفرح هذه بعناق لنجد السلام.
وصلت لحظة مناولة المحتفلين بالقدّاس فكان كلّ الكهنة واقفين إلى جانب الأسقف. وفيما كان يأخذ القربانة بين يديه قالت لي مريم: هذه هي لحظة الصلاة لأجل المحتفل وكلّ الكهنة الذين يساعدونه ردّدي معي: باركهم يا ألله، أحبّهم، اهتمّ بهم، أعضدهم بحبّك وطهّرهم. تذكّري جميع كهنة العالم وصلّي لأجل النفوس المكرّسة…
أيّها الإخوة الأحبّاء، في هذه اللحظة يجب أن نصلّي لأجلهم لأنّهم الكنيسة، كما نحن العلمانيّين. أحيانًا كثيرة، يتطلّب العلمانيّون كثيرًا من الكهنة، ولا يذكرونهم في صلواتهم، متناسين أنّهم بشر، وغالبًا ما يشعرون بالوحدة، يجب أن نتفهّمهم، ونساعدهم ونحبّهم ونهتمّ بهم، لأنّهم يعطون الحياة لكلّ واحدٍ منّا، على مثال يسوع، من خلال تكرّسهم له.
يريد الربّ من القطيع الذي سلّمه إيّاه الله، أن يصلّي ويساعد الكاهن على تقديس نفسه، يومًا ما وحين نصبح في المقلب الثاني من الحياة سنفهم معنى الأعاجيب التي يصنعها الله على يد الكاهن الذي أوجده ليساعدنا على خلاص نفوسنا.
عندما بدأ المصلّون يتوجّهون إلى المناولة طلب منّي يسوع أن أنتظر بعض الشيء لأنّه يريد أن يريني شيئًا. وبإلهام داخليّ، تطلّعت نحو السيّدة التي تتقدّم من المناولة. لاحظت أنّها هي التي تقدّمت من سرّ الاعتراف قبل بدء القدّاس. عندما وضع الكاهن القربانة المقدّسة في فمها، شعّ نور كثيف، أبيض ذهبيّ في فمها ثمّ دار حول كتفيها وصدرها ورأسها.
قال لي يسوع: “هكذا أفرح في أن أضمّ النفس التي تتناولني بقلب طاهر”.
طبقة صوت يسوع كانت تدلّ على أنّه سعيد، وأنا كنت أنظر بإعجاب إلى هذا الصديق العائد إلى مكانه ملتفًّا بالنور مغمورًا بيسوع.
فكّرت بالنعم الكثيرة التي خسرناها كلّما تناولنا القربان المقدّس رغم أخطائنا الكثيرة، فيما كان بالإمكان أن يكون تناولنا عيدًا حقيقيًّا.
في أكثر الأحيان ندّعي أنّنا لا نجد كهنة ليعرّفونا، لكن المشكلة الكبرى هي سهولة وقوعنا في الشرّ. نحن نهتمّ أن نجد معهدًا تجميليًّا أو مزيّنًا للشعر بدلاً من أن نفتّش عن كاهن عندما نريد أن نتخلّص من خطايانا وقذاراتنا، نحن نتناول يسوع بكلّ وقاحة فيما قلبنا مليء بالسيّئات.
عندما توجّهت إلى المناولة، قال لي يسوع: المشهد الأخير، كان الأقرب بيني وبين أحبّائي، في هذه الساعة الحبيبة، أنشأت ما هو في الجنون الكبير في نظر العالم، وهو أن أكون سجين الحبّ. أسّست الإفخارستيّا، أردت أن أبقى معكم حتّى نهاية الأزمنة، لأنّ حبّي لا يتحمّل أن يترك يتامى الذين أحببتهم أكثر من حياتي.
كان طعم القربانة التي تناولتها خاصًّا. كان مزيجًا من دم وبخور اجتاح كياني. شعرت بحبّ كبير، لدرجة أنّ دموعي انهمرت بغزارة ولم أستطع إيقافها.
عندما عدتُ إلى مكاني، وفيما أحاول السجود قال لي يسوع “إسمعي”. وفي الوقت ذاته سمعت في قلبي صلاة سيّدة كانت تجلس أمامي وكانت تقدّمت من المناولة منذ لحظات: سمعتها تقول في داخلها: إلهيّ، تذكّر أنّنا في نهاية الشهر، ولم يعد لديّ مال لأدفع الإيجار، وقسط الماكينة، وقسط المدرسة. إعمل شيئًا لمساعدتي، أرجوك ساعد زوجي ليتوقّف عن الشراب، لم يعد باستطاعتي أن أتحمّل سكره. في حال لم تساعد ابني سوف يخسر سنته الدراسيّة. ولا تنسى جارتي التي يجب أن تبدّل مسكنها لم أعد أطيق حضورها…
في هذه اللحظات قال الأسقف:
فلنصلّي. وعندما وقف المصلّون، قال لي يسوع بحزن: هل لاحظت، أنّ السيّدة لم تقل مرّة واحدة إنّها تحبّني، حتّى إنّها لم تشكرني للعطية التي أعطيتها إيّاها. أن أنزل ألوهيّتي إلى فقرها البشريّ لأرفعها إليّ. لم تقل لي مرّة واحدة: شكرًا يسوع… بل قدّمت لي مجموعة من الطلبات. معظم البشر الذين تناولوني هم هكذا… أنا متُّ حبًّا بهم وقمت من الموت. يجب أن أنتظر كلّ واحد منكم، لأنّني أحبّكم لكنكم أنتم لا تعرفون أنّني بحاجة إلى حبّكم. عرّفي الجميع أنّني شحّاذ حبّ في هذه الساعة العظيمة بالنسبة إلى النفس. هل تدرون أيّها الأحبّاء؟ يسوع هو الحبّ، يأتي طالبًا حبّنا ونحن لا نعطيه شيئًا، حتّى أنّنا نتجنّب الذهاب إلى لقاء ملك الحبّ الذي يعطي ذاته تقدمة مستمرّة إلى الأبد.
عندما وقف المحتفل ليعطي البركة قالت لي السيّدة العذراء: انتبهي وانظري جيّدًا… بدلاً من رسم إشارة الصليب جيّدًا أنتم تخربشون. فكّري بأنّ هذه البركة قد تكون الأخيرة التي تنالينها في حياتك على يد كاهن. أنت لا تعلمين إذا كنت ستموتين أم لا، بعد خروجك من هنا، ولن تكون لديك الفرصة لتأخذي بركة الكاهن، هاتان اليدان المكرّستان تعطيانك البركة باسم الثالوث الأقدس، لذلك ارسمي إشارة الصليب باحترام. كما لو كانت المرّة الأخيرة في حياتك.
آه، كم نخسر من النعم لأنّنا لا نفهم معناها، وعندما لا نشارك يوميًّا في القدّاس الإلهيّ! لِمَ لا نقوم ببعض الجهد، ونبدأ يومنا، نصف ساعة قبل العمل، لنركض إلى سماع القدّاس وننال كلّ النِّعَم والبركات التي يريد يسوع أن يعطينا إيّاها؟
أنا أفهم، أنّ كثيرين لا يمكنهم الذهاب يوميًّا، أو عدّة مرّات في الأسبوع إلى القدّاس بسبب أعمالهم، لكن كثيرين لا يذهبون حتّى إلى قدّاس الأحد، بحجّة أنّ لديهم أطفال صغار. ماذا يفعلون عندما تكون لديهم واجبات مهمّة؟ هم يذهبون مع كلّ أولادهم أو بالتناوب: الزوج يذهب في ساعة والزوجة في ساعة أخرى. لكنّهم لا يفعلون ذلك للذهاب إلى الكنيسة لسماع القدّاس يوم الأحد.
طلب منّي يسوع أن أبقى معه بضع دقائق بعد نهاية القدّاس قال لي: إبقي قليلاً برفقتي، استفيدي من حضورك معي، واتركيني أستفيد من رفقتك…
عندما كنت صغيرة سمعت من أحدهم أن يسوع يبقى فينا بعد المناولة خمس أو عشر دقائق. فسألته: يسوع كم من الوقت تبقى فينا بعد المناولة؟ أعتقد أنّ يسوع ضحك من غباوتي لأنّه أعطاني هذا الجواب “كلّ الوقت الذي تريدينني أن أبقى فيك”، إذ كنت تحدّثينني خلال اليوم كلّه، بتوجيهك بعض الكلمات خلال أعمالك، سأكون دائمًا على السمع. أنا دائمًا معك، لكنّك أنت التي تبتعدين عنّي، تتركين الكنيسة وتنسي كلّ شيء. فأنت لا تفكّرين بأنّني سأكون مسرورًا بمشاركتك حياتك العائليّة، يومًا واحدًا على الأقل.
في منازلكم، أماكن لكلّ النشاطات. غرفة للنوم وأخرى للمطبخ وللطعام إلخ… أين المكان الذي خصصتموه لي؟ تعلّقون صورة وغالبًا ما تكون مليئة بالغبار، لكن لا مكان مخصّص لي، أو تخصيص خمس دقائق في اليوم لاجتماع العائلة بي، لتشكرني على اليوم وعلى نعمة الحياة والصلاة لأجل الاحتياجات اليوميّة، وطلب الحماية والبركات. لكلّ شيء مكان في بيوتكم إلاّ لي أنا.
يبرمج البشر أيّامهم وأسابيعهم، الفصول والعطل إلخ… يعرفون يوم العطلة ويوم الراحة، يوم ذهابهم إلى السينما أو إلى عيد، لزيارة الجدّة أو الأحفاد، للأولاد وللأصدقاء ومتى يذهبون للترويح عن النفس ولكن كم من العائلات تقرّر ولو مرّة في الشهر: سنذهب لزيارة يسوع في القربان، وتأتي العائلة لتتحادث معي، تجلس أمامي، تحادثني، تخبرني ما حصل معها خلال الأيّام الأخيرة، تعرض عليّ مشاكلها، والصعوبات التي تواجهها، تطلب منّي ما هي بحاجة إليه… تجعلني مشاركًا لها في أعمالها… كم من المرّات؟ أنا أعرف كلّ شيء، وأقرأ حتّى في عمق قلوبكم ونفوسكم ولكنّني أفرح بكم تخبروني عن همومكم وتتركوني أشارككم وكأنّي فرد من العائلة، وكأقرب الأصدقاء لكم. كم من النِّعَم يخسرها الإنسان عندما لا يترك مكانًا لي في حياته…
بقيت ذاك اليوم مع يسوع بعد القدّاس، وأخذت منه تعليمات أريد أن أشارككم بها في هذه المهمّة التي أوكلت إليّ. قال لي يسوع: أريد أن أخلّص خليقتي، لأنّ لحظة فتح باب السماء لها كانت مليئة بالكثير من الآلام… تذكّري أنّ كلّ أمّ تغذّي طفلها من لحمها أمّا أنا فوصلت إلى ذروة الحبّ لأشارككم استحقاقاتي!
في القدّاس الإلهيّ! هذا أنا بالذات، أطيل حياتي وتضحيتي على الصليب في وسطكم. ماذا لديكم لتقدّموه للآب بدون استحقاقات حياتي ودمي؟ لا شيء: العدم الفقر والخطيئة.
كان عليكم أن تفوقوا الملائكة ورؤساء الملائكة فضيلة، فهم لا يحظون بتناولي كغذاء، أمّا أنت فبلى! هم لا يشربون سوى قطرة من النبع، أمّا أنتم، فلديكم النعمة لتستقبلوني ويمكنكم أن تشربوا المحيط…
ثمّ حدّثني يسوع، بحزن كبير، عن البشر الذين يذهبون للقائه كعادة، وفقدوا اللذّة في هذا اللقاء، وعن النفوس الفاترة التي لا يقولون لي شيئًا عندما يتناولوني، وعن النفوس المكرّسة التي فقدت الحماس والحبّ لله، وحوّلت دعوتها إلى مهنة، يكرّسون ذواتهم لها أكثر من اللازم وبدون شعور…
ثمّ حدّثني يسوع عن الثمرة التي يجب أن نحملها فينا بعد كلّ مناولة: “هناك بشر يتناولون القربان يوميًّا لكنّهم لا يتغيّرون. يخصّصون ساعات للصلاة، يقدّمون أعمال رحمة، لكن حياتهم لا تتبدّل، ولا يمكن للحياة التي لا تتبدّل أن تحمل ثمارًا حقيقيّة ليسوع. فالاستحقاقات التي نتقبّلها في الإفخارستيّا يجب أن تحمل فينا ثمار الاهتداء وثمار الحبّ إلى إخوتنا.
علينا، نحن العلمانيّون، أن نقوم بمهمّة كبيرة في كنيستنا، ولا يحقّ لنا أن نصمت أمام الدعوة التي يوجّهها لنا يسوع التي يقبلها كلّ معمّد، وهي أن يعلن البشارة. لا يحقّ لنا أبدًا الحصول على هذه المعارف دون أن ننقلها إلى الآخرين حتّى لا يبقوا جائعين فيما خبز الحياة بين أيديهم.
لا يمكن أن نتفرّج على خراب كنيستنا البطيء، لأنّنا مرتاحون في رعايانا ومنازلنا وفيما نأخذ الكثير من الربّ عبر كلمته، عظات الكهنة، رحلات الحجّ، الرحمة الإلهيّة، الاعتراف، الاتحاد العميق بالله من خلال المناولة…
بمعنى آخر، نحن نأخذ الكثير، ولا نملك شجاعة التخلّي عن راحتنا للذهاب إلى سجن، أو إلى مؤسّسة لتأهيل الأولاد والحديث مع الذين هم بأكثر حاجة إلينا لنقول لهم أن لا ينهزموا لأنّهم وُلدوا كاثوليكيّين وبأنّ الكنيسة تحتاج إليهم، وأنّ آلامهم تساعد على خلاص الآخرين، وأنّ تضحياتهم تساعدهم على ربح الحياة الأبديّة.
لسنا قادرين على الذهاب إلى المستشفيات لزيارة المرضى الذين يعانون سكرات الموت فنصلّي معهم مسبحة الرحمة الإلهيّة، ونساعدهم بصلاتنا في لحظات الصراع بين الخير والشرّ، حيث يحاول الشرير أن يوقعهم بمكائده. يمكننا تعزيتهم عبر إمساك أيديهم، فيما نحدّثهم عن الله والجمالات التي تنتظرهم في السماء مع يسوع ومريم وبمصاحبة الأحبّاء الذين سبقوه.
الساعة التي نعيشها لا تحتمل أن تقبل اللامبالاة علينا أن نكون اليد التي تساعد الكهنة… لكن لا يمكننا أن نقوم بكلّ هذه الأشياء إن لم نستقبل يسوع، نعيش معه ونتغذّى منه. نحن نخاف من الالتزام لكن الله يقول لنا “أطلبوا أوّلاً ملكوت الله والباقي يُزاد لكم”. الحصول على كلّ شيء يعني التفتيش عن ملكوت الله، وأن نفتح أيدينا لنأخذ أضعاف ما أُعطينا، لأنّ السيّد المسيح يعطي أفضل عطاء وهو الوحيد الذي ينتبه إلى أصغر احتياجاتنا!!!
أخي وأختي، شكرًا لك لأنّك سمحت لي أن أنهي المهمّة التي أوكلت إليّ، وأن أنقل لك هذه الصفحات.
في المرّة المقبلة وعندما تسمع القدّاس، عِشْه، وأنا أعلم أنّ الله يعمل فيك ويعدك بأن يكون القدّاس مختلفًا. المهمّ أن تستقبل يسوع بحبّ. جرّب ذلك وترى النتيجة فهو قادر أن يفعل فيك الأعاجيب.
(أختك في المسيح يسوع الحيّ كاتالينا المُرسلة العلمانيّة لقلب يسوع الإفخارستي)
صلـــوات
– تعلّمنا مريم العذراء أن نستهلّ القدّاس بصلاة للروح القدس: “يا روح الله الأزليّ، إنّنا نقدّم لك صلواتنا مع صلوات مريم البتول والرسل لمّا اجتمعوا في علّية صهيون، وطلبوا منك أن تأتي سريعًا لتُجدّد وجه الأرض.”
أرسل روحك فيُخلقوا: ويتجدّد وجه الأرض (7 مرّات)
يا سلطانة الرّسل، تضرّعي لأجلنا.
– بعد المناولة والشكر تطلب منّا العذراء مريم أن نتلو ساجدين صلاة البابا لاوون الثالث عشر لمار ميخائيل رئيس الملائكة لكي نحافظ على النِّعم التي أسبغها علينا يسوع في القدّاس: “يا مار ميخائيل، رئيس الملائكة، دافع عنّا في المعارك، كن عوننا ضدّ شرّ الشيطان ومكامِنه وليفرض الله عليه سلطانه نضرعُ إليك بذلك. وأنت يا قائد القوّات السماويّة، إدفعْ إلى جهنّم بقوّة الله، الشيطان وسائر الأرواح الشريرة، التي تجولُ العالم لإهلاك النفوس. آمين
يا مار ميخائيل بنورك نوّرنا،
يا مار ميخائيل بجناحيك إحمِنا،
يا مار ميخائيل، بسيفك دافع عنّا،
يا سيّدة الورديّة العجائبيّة: نريدُ انتصارك.
– مسبحة مار ميخائيل تكمن بتلاوة “الأبانا” مرّة واحدة، و”السلام” ثلاث مرّات” والجميع 9 مرّات إكرامًا لأجواق الملائكة التسع.
– عندما يتلو الشمّاس: ما أرهبها ساعةً أحبّائي ينحدر فيها الروح الحيّ القدوس… نتلو الصلاة التي علّمتنا إيّاها العذراء في أمستردام:
“أيّها الربّ يسوع، يا ابن الآب، أفض الآن روحك على الأرض واسكن الروح القدس في قلوب جميع الشعوب، ليُحفظوا من الفساد ومن الحرب ومن الآفات، ولتكن سيّدة جميع الشعوب وهي مريم محامية لنا، آمين”.
من كتاب : القدّاس الإلهي
أسرار تكشفها السيّدة العذراء
أوّل مرّة للرائية كاتالين
Discussion about this post