رابعًا: الدخول في الوَسَط الشيطاني
بين الوسائل الأكثر سهولة للدخول في علاقة مع جماعة تدين بالشيطان، هناك التردّد على الأوساط الباطنيّة والسحريّة والإخفائيّة (Occuliste) حتّى بلوغ التشبّع من أفكارهم والرغبة في تخطّيهم، لاختبار طرق جديدة إلى المعرفة، والمشاركة في جلسات من تحضير الأرواح لاستدعاء كائنات خصوصيّة: وطيلة هذه الجلسات ليس صعبًا البلوغ إلى استحضار أرواح شيطانيّة، وكذلك اللقاء مع أولئك الذين يشاركون في الطقوس الشيطانيّة.
وهكذا اللجوء إلى مجوس للتصدّي إلى قضايا من كلّ جنس: فعلى المدى الطويل، ومن أجل إيجاد حلّ لكلّ هذه الأمور، لن يُهمل اللجوء إلى ما يسمّونه السحر الأسود الذي يوصل بصورة شبه أكيدة، إلى عالم الطقوس الشيطانيّة التي يحتفل بها أشخاص فريدون أو مجموعات منظّمة نوعًا،
وكذلك الانجذاب الوثنيّ الذي يظهر عند بعض المغنين وجماعة رقص الروك (Rock) الذين يُسمَح لهم، من خلال رسالات أغانيهم، بأن يُجدِّفوا ويدفعوا إلى الانتحار والقتل والعنف والانحراف الجنسيّ، وتعاطي المخدّرات، والعلاقات الجنسيّة مع الجثث، والالتزام بعبادة الشيطان.
إنّ الحوافز التي تدفع إلى ممارسة الطقوس الشيطانيّة هي الأكثر تنوّعًا: ففيها نجد الاقتناع بنيل الفوائد الماديّة المختلفة، وحتّى على حساب أشخاص آخرين؛
ونجد فيها الرغبة في التنكّر للمجتمع بطريقة شاذّة ومفرطة، كما ونجد فيها الانجذاب المرَضي نحو ما هو مخيف وشنيع والذي تمليه عليهم الرغبة اللاواعية في إبعاد هلعهم الخاصّ المتعدّد الأوجه. ونجد أيضًا في هذه الحوافز،
الجواب العنيف على الصدمات النفسيّة التي لاقوها في مرحلة طفولتهم، وإرادة اكتساب السلطات الخصوصيّة التي يحسبون امتلاكها ممكنًا بواسطة الأساليب الخفيّة والسحريّة والمشاركة في طقوس معيّنة؛ ويجدون فيها أيضًا الإشباع لنـزواتهم الجنسيّة عبرَ اختبارات غير معهودة مرتكزة على أمور خفيّة وطقسيّة.
وإنّ هناك مختلف قضايا المجتمع المعاصر التي تُسهم بالتأكيد في تهيئة المجال تهيئة أوفر للبذار الشيطاني. ولنعدّد من هذه القضايا: عزلة الفرد في داخل الجماهير اللاشخصانيّة والعديمة التنظيم (Amorphe)؛ ومنها أيضًا صدمة الأوساط التي تصيب المسيحيّة وتحاول إتلافها في نظرتهم الخاصّة إلى العالم؛ ومنها تفكّك العائلة بسبب ضعف الإيمان بالله (إذا لم يكن فقدانه) الذي يستطيع وحده أن يوفّر لها المحبّة والانسجام والوحدة.
وهناك مواقف تحقّق لعبة التعبّد للشيطان، ونعطي من خلالها، بنوع من الوعي، دفعًا لنشره في المجتمع المعاصر. ويمكننا أن نتمثّل الموقف الأوّل في نقص تقدير هذه الظاهرة التي نحوّلها إلى حدث هامشيّ، لا أهميّة له ولا معنى، كنوع من الألاعيب الاجتماعيّة أو من التمثيل، والذي قد يُسمَح بها كانحراف ممكن في النظرة الاجتماعيّة.
وهناك موقف آخر هو عكس الأوّل، ويقوم بالإفراط في تقدير هذه الظاهرة المعتبرة منتشرة للغاية. ونرى عندئذٍ في المجموعات الشيطانيّة منظّمات معدّة دائمًا وبكلّ حال، لنشاطات جنائيّة (حتّى وإن لم توجد البراهين المحسوسة للتكلّم عن جرائم اقترفوها)، وهي قادرة أن تؤثّر على المجتمع بنوع خطر للغاية حتّى على استقراره.
ولذلك فإنّ ردّات الفعل الخوفيّة من عبادة الشيطان أو محاولة إقتناص عبّاد الشياطين تبدو ممكنة في النتيجة.
أمّا الموقف الثالث فهو الذي يمكننا أن نحدّده بالتخوّف المناوئ لعبادة الشيطان والذي هو صادر عن انتشار نقد مفرط ومنظّم للمؤسّسات التي تعاكس حركة التعبّد للشيطان. وعندما تنتفض المنظّمات إزاء هذه الظاهرة وبنوع صحيح، من الناحية العلميّة، والثقافيّة والدينيّة، فإنّ هذه المنظّمات تُعرف كمؤسّسات مؤثّرة للغاية وقادرة أن تثير مواقف مؤذية على المستوى الاجتماعيّ.
من كتاب : حقيقة الشيطان
وظاهرة عبادته في المجتمع المعاصر
جمعيّة “جنود مريم”
No Result
View All Result
Discussion about this post