اليوم الثاني عشر
تجمعنا في روابط المحبّة والأخوّة
1. إنّها متّحدة معنا بروابط المحبّة
تذكّروا أنّنا متّحدون مع هذه الأنفس المقدّسة بسلاسل روحيّة إلهيّة. مثلنا، خلقهم الله على صورته وافتداهم بدم يسوع المسيح. أعاد ولادتهم ثانية بالمعموديّة. ويمكننا القول أنّنا جميعًا، أبناء حشا واحد، وهو حشا الكنيسة. نحن أبناء أمّ واحدة. مثلنا وإلى جانبنا جلسوا على مائدة الملائكة ونالوا نعمة الحياة الأبديّة. لقد حملت إلى العالم الآخر المستقبلي الرجاء نفسه الذي يخفّف من مرارة سعينا في هذه الدنيا. أعضاء جسد واحد، ورثة ملكوت واحد هم رفاقنا في الحياة الأبديّة.
أمّا ما يفرّقنا عن هذه الأنفس المطهريّة هي أنّها بائسة، مقيّدة، أسيرة، معذّبة وعاجزة عن نجدة نفسها وهي تنتظر منّا المساعدة والعزاء ونحن واجب علينا مساعدتها.
أليست حقوقًا مبرومة تجاه عطفنا وحبّنا لهم؟ إذا كان أبناء عائلة واحدة يحبّون بعضهم بعضًا ألا يصبح ألم أحدهم ألمًا للجميع؟ هكذا يجب أن يحيا أبناء الكنيسة الواحدة. أين محبّتنا إذا رفضنا هذه الأنفس المعذّبة الغارقة في آلامها! هل من الممكن أن نتنكّر لهم بصفتنا الإنسانيّة والمسيحيّة تحديدًا؟ لنحبَّهم كما أحبّنا يسوع المسيح. بهذه المحبّة فقط نطيّب جراحاتهم ونحرّرهم.
قبل وفاته بقليل، كتب القدّيس يوحنّا الرسول: “يا أبنائي الصغار أحبّوا ليس فقط بالكلام بل بالأفعال الحقيقيّة…”
2. إنّها متّحدة معنا بروابط الأخوّة
بين هذه الأصوات المناجية قد تجد أنت صوت أخ أو أخت، صوت ابن حبيب أو زوج أو زوجة حبيبة جمعهم الحبّ وفرّقهم الموت. قد تسمع نداء أب أو أمّ تجري دماؤهم في عروقك. ماذا يقول لك صوت الدم ونداء العائلة؟ “تعالَ إلى نجدتي، أدعوك منذ زمن بعيد، لا أحد لي غيرك ولا تأتي. تعالَ حاملاً بين يديك قلبك وصلواتك وأعمالك الحسنة واندفاعك. تعال خلّصني من نار هذه الأعماق المحرقة. تعالَ واعطني السماء والله والأبديّة. تعال!”.
كيف نصمد أمام هذا الصراخ المفعم بالحزن، وهذا النداء الملحاح؟ هل نعلم نحن أنّ بتجاهلنا لهم نكون قد أطلنا مدّة مطهر من أحبّنا بإخلاص؟
مثال
سنة 1864 تحوّل أحد الفنّانين اليهود إلى المسيحيّة خلال احتفال بالإفخارستيّا. تقبّل سرّ المعموديّة ثم التحق برهبنة متقشّفة جدًّا. كلّ يوم كان يمضي الساعات الطوال في عبادة القربان المقدّس ويطلب من يسوع المسيح أن يلهم والدته التي يحبّها حبًّا بنويًّا كبيرًا، التحوّل إلى المسيحيّة. أسلمت والدته الروح من غير أن يحصل هو على طلبه من السيّد المسيح. غرق هذا الكاهن في عذاب مرّ، فذهب وركع أمام القربان المقدّس يعاتب السيّد المسيح فيقول: “يا ربّ، إنّه حقٌّ أن أقدّم لك كلّ شيء.
فأنا لم أرفض لك شبابي وآمالي في هذا العالم فقدّمت لك ذاتي وأفراحي العائليّة، لقد ضحّيت بكل ملذّات الدنيا عندما ناديتني، ولكنتُ قدّمت لك دمي، لكن يا ربّ، أيّها الحبّ الأبديّ، كنت قد وعدتني بالنِّعم أضعاف أضعاف ما قدّمتُ لك، ها أنت ترفض لي روح والدتي!!! يا إلهي إنّي أنسحق في هذا الألم، وهذه الثرثرة ستخرج من بين شفتيّ”.
غمرت الدموع قلبه البائس وفجأة طرق صوت عجيب أذنيه قائلاً: “يا قليل الإيمان، أمّك قد خلّصت. إعرَف أنّ الصلاة لها الفعل العظيم عندي فاستقبلت كلّ صلواتك من أجل أمّك وحسبتها لها ساعة مماتها. فظهرت لها عندما أسلمت روحها فرأتني وصرخت: “يا ربّي وإلهي!” تشجّع فأمّك قد خلّصت من العذاب وطلباتك الحارّة تحرّر روحها، قريبًا، من المطهر”.
الأب هيرمان علم في ظهور ثانٍ أنّ والدته كانت تصعد إلى السماء.
لنصلِّ كثيرًا من أجل أهلنا الأموات.
لنصلِّ:
رحمةً يا ربّ للأنفس التي جعلتها معي بروابط المحبّة الناعمة والشديدة والتي جعلت حبّي لها فرضًا واجبًا، أجل إرحم أنفس أهلنا ومحبّينا وأصدقائنا. يا ربّ إقبل صلواتي ودموعي التي أقدّمها من أجلهم.
يا يسوع كن لهم عونًا! يا مريم كوني لهم عونًا. أدعوا أبناءك وأخوتنا إلى مثوى الراحة والنور والسلام.
من كتاب :
شهر مع أصدقائنا الأنفس المطهريّة
Discussion about this post