أيقونة محفل الرسل ،بطرس وبولس
” أيها المتقدمان في كراسي الرسل ، والمعلمان للدنيا، تشفعا الى سيد الكل، أن يهب السلام للعالم ولنفوسنا الرحمة العظمى”
يعتبر القديس بطرس تقليدياً زعيم الرسل الاثني عشر ، وقد ارتبط ارتباطاً صميمياً بالسيد أثناء كرازته على الأرض. وبعد موت السيد،اجتهد في المحافظة على الميراث الذي تركه لاتباعه. وأثناء جولاته التبشيرية ،أسس كنيسة انطاكية التي دعي فيها التلاميذ مسيحيين اولا. وتعتبره الكنيسة اول أسقف على انطاكية .والبطريرك الانطاكي اليوم ، هو خليفة الرسول في هذا الكرسي .
أما القديس بولس فهو أعظم المبشرين ،ولبست قصة اهتدائه العجيب على طريق دمشق (لوقا 1:9-22) أهم من بقية حياته التي قضاها في التبشير المتواصل . ووقائع رحلاته التبشيرية و ما كتب من رسائل للكنائس التي أسسها ، تشكل قسماً مهماً من العهد الجديد . لقد طاف في مختلف أرجاء العالم الروماني، مبشراً بالمسيح موضحا الإيمان المسيحي .سمى نفسه رسولاً وكان بالفعل أعظمهم بالرغم من أنه لم يكن في عداد التلاميذ الاثني عشر . ويأتي عيد القديسين بطرس وبولس في 29 حزيران، ويعتبر حدثاً مهماً في الكنيسة وخاصة لبطريركية إنطاكية وسائر المشرق التي يعتبر بطريركها خليفة في كرسيه للرسولين العظيمين اللذين يعتبران بحق هامتي الرسل ومؤسسي الكنيسة.
نبدأ بلفت النظر إلى أن معظم تذكارات القديسين مخصصة لكل منهم افراديا (القديس نيقولاوس، ديمتريوس… الخ). هذه الذكرى تجمع القديسين في نهار واحد وللأمر مغزى كبير وعبرة.
لقد كان الرجلان مختلفين في كثير من الأمور، فبولس كان ذا ثقافة عالية، وخاصة في مجال الشريعة بينما كان بطرس شبه أمي يزاول مهنة صيد السمك. وكان بولس من عائلة ذات نسب رفيع بينما أتى بطرس من عائلة متواضعة الأول كان يهوديا ًروماني الجنسية، بينما كان الثاني يهودياً بسيطاً. إلا أن ما يجمع هذين العظيمين هو اندفاعهما العظيم وغيرتهما وتحملهما المشاق في سبيل البشارة، ومحبتهما خاصة لبعضهما البعض، واستشهادهما في سبيل إيمانها. لذا قليلاً ما نراهما إفرادياً في أيقونات مخصصة لكل منهما وغالباً نراهما إما في عناق محب أو يحملان مجسماً يمثل الكنيسة .
في الأيقونة نرى القديسين بطرس وبولس متقدمين على محفل الرّسل أحدهما عن اليمين والآخر عن اليسار وكلاهما يرفعان مجسّماً للكنيسة الّتي هي خير تعبير عن كنيسة العهد الجديد الّتي ارتضاها الآب أن تكون مبنية على صخر الإيمان، صخرة الإيمان القويم غير المعاب والتي فيها الاعتراف القلبي والعقلي بأنك يا رب ، أنت المسيح ابن الله الحي ، تلك السفينة الأبدية الّتي لا دنس فيه ولا وسخ بل منزهة عن كل عيب .
كيف لا وقد سطرت مسيرتيهما تأكيداً على أنهما عماد الكنيسة الأولى فاستحقا عن جدارة ، وبنعمة المسيح ، لقب هامتي الرسل والمتقدمان في كراسيهم. في الأيقونة يظهر القديس بطرس عن اليسار وهو شيخ ذو لحية وشعر بيضاويين. ثوبه الداخلي تقليدياً أخضر أما الخارجي فهو أصفر.وفي يده مفتاحا ملكوت السموات ورسالته الشهيرة .
أما على اليمين فيظهر القديس بولس وهو ذو لحية وشعر بنيين، ثوبه الداخلي أزرق وأما الخارجي فأرجواني وفي يده إنجيل ربنا يسوع المسيح ،فهو الذي كرز بهذا الانجيل وبشر بيسوع في بقاع المسكونة.
في بعض الأيقونات نرى القديسين في عناق محب على الرغم من أن الكتاب المقدس لم يورد لنا الكثير عن لقاءات لهما ، إلا أن ذلك دلالة على اتفاقهما بالمحبة والإيمان بيسوع المسيح .
ويعتبر بطرس بحسب تقليد الكنيسة المؤسس الأول لكرسي إنطاكية وخلفه القديس اغناطيوس الأنطاكي الذي
يعتبر أول أسقف يخلف الرسولين على كرسي إنطاكية. وفيما نحن نقترب من هذه الذكرى التي يمكن أن يقال عنها الكثير نشير إلى أهمية إعطائها المكانة التي تستحقها في حياتنا الكنسية الأنطاكية لأنها بحق ذكرى الهامتين اللذين أسسا بإنجيل الرب كنيستنا في هذه البقعة من العالم .
Discussion about this post