أيقونة القديسة حنة (الصمت )
قصة غامضة لصورة فريدة مرتبطة بعيد ٨ أيلول
عندما نريد أن نتكلم عن ميلاد مريم العذراء تتجلى أمامنا أيقونة ميلاد مريم إذ نرى القديسة حنّة مستلقية، بالقرب منها يقف يواكيم والد الطفلة، أمامه امرأة تغسل مريم المولودة حديثاً. هذا ما يحدثنا عنه التقليد المسيحي من خلال رواية واردة في إنجيل يعقوب المنحول وليس أي مصدر كتابي قانوني أخر.
ففي هذا العيد المبارك الذي تحتفل به الكنيسة في الثامن من أيلول، عيد ميلاد السيدة العذراء، أردت أن أسلط الضوء على القديسة حنّة والدة مريم والدة الإله ومن خلالها الى أهمية الصمت.
الصمت! الصورة الغامضة للقديسة حنّة ، والدة العذراء مريم.
القديسة حنّة تدعونا إلى الصمت ، ترفع إصبعها على شفتيها المغلقتين … اكتشفت القصة الغامضة لهذه الصورة الفريدة لوالدة العذراء مريم الموجودة على لوحة جدارية من القرن الثامن في النوبة القديمة ، في شمال السودان.
إشارة اليدّ غير عادية، على لوحة جدارية يعود تاريخها إلى القرن الثامن أو التاسع ، اكتُشفت أثناء أعمال التنقيب في كاتدرائية فاراس، في النوبة القديمة، وهي منطقة في شمال السودان حاليًا، للوهلة الأولى ترى نفسك أمام أيقونة لمريم العذراء ولكنك عندما تغوص أكثر ترى انها تُمثَّل القديسة حنة رافعةً إصبع السبابة من يدها اليمنى ويدها تستريح على شفتيها. يبدو أنها تطلب الصمت والإلتزام به. تم اكتشاف هذه اللوحة الفريدة من نوعها في الستينيات أثناء أعمال التنقيب في كاتدرائية فاراس في النوبة القديمة (منطقة في شمال السودان وجنوب مصر).
كانت اللوحة الجدارية المبللة بتقنية خاصة al secco موجودة في مجموعة المتحف الوطني في وارسو منذ عام 1964. وقد تم اكتشافها كجزء من مشروع اليونسكو للحفاظ على آثار مملكة النوبة المهيمنة في العصور الوسطى ، وادي النيل سابقًا. ففي حوالي عام 545 تحول الملك ونبلائه النوبيون إلى المسيحية بفضل وصول المبشرين الذين أرسلتهم الإمبراطورة ثيودورا من القسطنطينية.
بالنسبة للبروفيسور ميكالوسكي الذي كان مسؤولاً عن الحفريات ، فإن الصورة هي بلا شك صورة القديسة حنة ، والدة العذراء مريم وجدة يسوع ، وذلك بفضل النقش الموجود أسفل الصورة الذي يقول: “حنة ، أم الأم. الله “. وفقًا للتقاليد المسيحية ، كانت القديسة حنة والدة مريم وجدة يسوع. مع زوجها يواكيم عاقرين. لم يكن للزوجين أطفال حتى اليوم الذي أنجبت فيه حنّة ابنة، مريم، من خلال الصلاة وإيمانهما بالله. يُعتقد أن القديسة حنة تم تكريمها في النوبة القديمة خاصة وأن النساء العاقرات في هذه المنطقة يصلون لها لمساعدتهم على الأنجاب .
لماذا تطلب القديسة حنة الصمت ؟
ماذا تعني هذه الإيماءة على تصويرها الفريد بهذا النوع؟
هناك بعض التفسيرات المختلفة: يشير بعض الباحثين أنها تطلب الصمت ، والذي وفقًا لبعض المواقع المتخصصة ، يمكن أن يشير إلى الصمت الإلهي ، هذه التجربة ليسوع ، على غرار حالة الرجل الذي ، بعد أن يستمع إلى كلمة الله ويتعرف عليها، يجب أن يواجه صمته أيضًا، كما يشرح البابا بنديكتوس السادس عشر في إحدى كتاباته Verbum domini لهذا السبب ، في ديناميات الوحي المسيحي ، يظهر الصمت الإلهي كتعبير هام لكلمة الله.
تشير نظرية أخرى إلى أن لفتة القديسة حنة تدل على أنها ببساطة تصلي. نادرًا ما تُرى في الفن المسيحي . قد تشير هذه الحركة إلى تقليد مسيحي مصري (قبطي) حيث يصلي المؤمنون وهم يمسكون بإصبع اليد اليمنى على شفاههم، ومن المفترض أن تحميهم هذه اللفتة من الشر الذي يحاول أن يدخل قلوبهم أثناء الصلاة …
فصمت الأم حنّة وتأملها انعكس على الأبنة مريم التي اصبحت مثال الصمت ” وكانت تحفظ كل شيء في قلبها” ومثال التأمل بعظائم الله وفي سر الحَبَل والولادة البتوليين قائلةً في نفسها : ” ها إن البتول قد أضحت أماً … فعلاً ، لا شي يُعجز الله ” .
هذا ما دعى البعض إلى كتابة أيقونات لمريم مستوحاة من صورة القديسة حنّة كما دعى البابا فرنسيس في إحدى اللقاءات في حاضرة الفاتيكان لإعادة اكتشاف الصلاة الصامتة. هذه هي رغبته قائلاً : “لتعلمنا عذراء الصمت الاستخدام الصحيح للغتنا، وتعطينا القوة لنبارك الجميع، والسلام في قلوبنا وفرحة الحياة”.
الأب د. نقولا الرياشي ق.ب
No Result
View All Result