أيقونة والدة الإِله الإِيفيريَّة في موزدك
ظهرت هذه الأَيقونة في أَيَّام ملكة الكرج تمارة، أَي في أَواخر القرن الثَّاني عشر وَأَوائل الثَّالث عشر. وَقد اشتهرت هذه الملكة باجتهادها على الأَخصِّ في نشر المسيحيَّة بين سكَّان جبال القوقاز. فشيَّدت فيها كنائس كثيرة، فضلًا عمَّا شيَّدته منها في شعابها وَجهَّزتها بالأَواني. وَبعد أَن تنصَّر جانبٌ كبيرٌ من الشَّراكسة، أَهدت نسخةً من الأَيقونة الإِيفيريَّة إِلى جماعة الأُوسيتينيِّين الَّذين اعتنقوا الإِيمان المسيحي. فبقيت في تلك الجبال، من أَيَّام الملكة تمارة حتَّى سنة ١٧٦٨. وَقد نسخها أَحد مصوِّري البلاط، بعد أَن استعدَّ لهذه المهمَّة الخطيرة بصوم ستَّة أَسابيع. وَتمجَّدت هنالك بعجائب كثيرة، وَسلمت من النَّار الَّتي التهمت كنيستها مرَّتين.
في سنة ١٧٦٨، نقلها النورتسيُّون سكَّان أُوسيتينة الجبليَّة معهم، لمَّا هاجروا إِلى شاطئ تيرسك قرب موزدك، بدعوةٍ من الإِمبراطورة كاترينا الثَّانية، فلاقاها أُسقفها غايوس الكرجي باحتفالٍ كنائسيٍّ وَصلَّى أَمامها صلاة الإِبتهال، وَأَراد أَن ينقلها إِلى كنيسة المدينة. وَقضوا هناك ليلتهم، فعاينوا فيها نوراً عجيباً قد انبثق من مركبتها، فنوَّر الضَّواحي إِلى الصَّباح. وَفي الغد، توقَّفت الثِّيران بقدرةٍ خفيَّةٍ عن الجري، وَسمع أَحدهم في رؤَى اللَّيل صوتاً آمراً ببقائها هناك، كما كُشف أَيضاً للأُسقف غايوس عن وجوب ذلك فلم يعد يجسر على معارضة إِرادة والدة الإِله، وَأَقام لها هناك مصلى، فتبادر النَّاس للصَّلاة أَمامها. وَفي سنة ١٧٦٩، شيَّدوا مكانه كنيسةً لشرف انتقال السَّيِّدة وبُني قربها دير للعذارى، أُلغي سنة ١٧٩٩ بإِلغاء أَبرشيَّة موزدك. وَفي السَّنة الثَّمانين من القرن التَّاسع عشر، بنيت كنيسة لشرف الأَيقونة الإِيفيريَّة.
إِلتجأَ النَّاس إِلى هذه الأَيقونة المقدَّسة في الأَمراض وَالرَّزايا. فالمسيحيُّون الأُرثوذكسيُّون وَالكرج وَالأَرمن وَالكاثوليك وَالشَّركس وَالآسيتينيون البرابرة، يكرِّمونها وَيضيئون أَمامها الشُّموع. وَيروي الشَّعب أَنَّ شامل لمَّا بلغ موزدك سنة ١٨٤٠، ظهرت له وَلعساكره امرأَةً في ثيابٍ بيضاء وَمنعته من مهاجمة المدينة.
وَيعتقد الناس هناك، بأَنَّه ينبغي لكلٍّ منهم أَن يزور موزدك وَيعترف وَيتناول القربان المقدَّس في كنيسة رقاد السَّيِّدة الموجودة فيها هذه الأَيقونة المقدَّسة. بل كثيرون ينذرون أَن يزوروها حفاة الأَقدام، فإِذا دخلوا الكنيسة طافوا مراراً داخلها على ركبهم ساجدين. وَكلُّ مَن التجأَ فيها إِلى قدرة أُمِّ الإِله وَرحمتها، أَحرز المعونة وَالعزاء.
يوجد في نيجني في نوفغورد، نسخةً عن هذه الأَيقونة المقدَّسة، أَهداها البطريرك إِلى فيلاريتوس مطران هذه المدينة الأَوَّل. وَفي دير القدِّيس صفرونيوس نسخةً أُخرى، اقتناها مؤَسِّسه سيرابيون. وَفي دير الثَّالوث الأَقدس في سمولينسك، نسخةً ثالثةً قديمة التَّصوير وَمعها مرسوم بركةٍ من مطران هذه المدينة، سيلفستروس الَّذي أَوجب أَن ترتَّل أَمامها صلاة الإِبتهال في كلِّ يوم سبت.
تنقل هذه الأَيقونة العجائبيَّة في كلِّ سنةٍ، إِلى مدينة فلاديفوستوك قتبقى فيها شهراً. وَهي مصوَّرة بأَساسٍ ذهبٍ وَمناط بها تقديماتٍ عديدةٍ من الَّذين نالوا بها الأَشفية. طول الأَيقونة ذراعٍ وَربع الذِّراع، وَعرضها ذراعٍ وَسبعة قراريط.
“من كتاب حياة العذراء والدة الإِله على الأَرض”
No Result
View All Result