المسيحية هي ثالث أكبر ديانة في الهند، بعد الهندوسية والإسلام. الديانات الإبراهيمة عموماً ظهرت قبل 2500 سنة، مع ظهور اليهودية. تلتها المسيحية قبل حوالي 2000 عام؛ حيث جاءت المسيحية إلى الهند في وقت مبكر قبل قرون من وصلها إلى أوروبا. وتشير التقاليد المسيحية أنّ برثولماوس وتوما الرسول قاما بالتبشير بالمسيحية في السواحل الهنديَّة. كان انتشار المسيحية في الهند عن طريقين، عن طريق توما الرسول 52م وعن طريق الحملات التبشيريَّة الغربيَّة بين عام 1500 إلى عام 1975، والتي بدأت مع الاكتشافات الأوروبية للمنطقة من خلال فاسكو دا غاما الذي قام باكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، مما سبب تغييراً كبيراً على تاريخ آسيا وأوروبا.
أقدم الجماعات المسيحية في الهند هي مسيحيو مار توما، حيث حافظ مسيحيي مار توما في كيرالا على ثقافة مسيحية منفردة وانتموا إلى الطبقة العليا في المجتمع الهندي، فاحتفظوا بثقافتهم الهندية بجانب ديانتهم المسيحية المتأثرة بشدة بالتقاليد السريانيَّة. وهناك إجماع علمي عام على أن المجتمعات المسيحية كانت راسخة في الهند بحلول القرن السادس الميلادي، بما في ذلك بعض المجتمعات التي استخدمت الطقوس السريانية. ويعود الحضور الكاثوليكي في الهند إلى القرن السادس عشر مع وصول المبشرون اليسوعيُّون، ونشأت لاحقاً معظم المداُرس والمستشفيات ومراكز الرعاية الأولية المسيحية من خلال البعثات الرومانية الكاثوليكية، وتطورت جماعات هنديَّة كاثوليكيَّة متفردَّة منها كاثوليك مانغلور وكاثوليك غوان والتي طورّت ثقافة كاثوليكية غوانية ومانغلوريّة متميزة فيها عناصر هندية برجوازية وعناصر كاثوليكية برتغالية. وصلت أوائل البعثات البروتستانتية والأنجليكانيَّة إلى الهند خلال الإستعمار البريطاني على الهند، وأصبح إنشاء المدارس والمستشفيات من قبل المبشرين المسيحيين البريطانيين «سمة محورية للعمل التبشيري والمسارات الرئيسية للتحويل الديني»، وتمت ترجمة الكتاب المقدس إلى لغات الهند المختلفة.[10] وعمل المبشرون البروتستانت في الهند على زيادة معرفة القراءة والكتابة، وشاركوا في النشاط الاجتماعي، مثل مكافحة الدعارة، ومناصرة حق النساء الأرامل في الزواج مرة أخرى، ومحاولة إيقاف الزواج المبكر للنساء.
وفقاً لتعداد السكان في عام 2011 يوجد في الهند أكثر من 27.8 مليون هندي مسيحي، والذين يشكلون 2.3% من سكان الدولة. يوجد ثلاث مناطق تتركز فيها الكثافة المسيحية في جنوب الهند وكونكان وأديفاسي في شرق ووسط وشمال شرق الهند. وتضم ثلاثة ولايات هنديَّة على أغلبيّة مسيحية وهي كل من ناجالاند وميزورام وميغالايا، كما وتضم كل من ولاية مانيبور وأروناجل برديش وكيرلا وغوا على نسب ملحوظة للمسيحين. وتضم مدينة كوتشي في كيرالا على واحدة من أضخم التجمعات المسيحية في الهند. ويعتبر المسيحيين أكثر المجتمعات الدينية تقدمًا في الهند إلى جانب البارسيين والجانيين. حيث أن لدى المسيحيين في الهند ثاني أعلى دخل سنوي كما أنهم واحدة من أكثر المجتمعات الدينية في الهند تعليمًا. إذ بلغت نسبة محو الأمية بين المسيحيين الهنود 90.8%، بالمقارنة مع 88.3% بين الجانيين، و78.89% بين المسلمين و74.36% بين الهندوس. كما أنّ نسبة الأشخاص ذوي المستوى التعليمي الثانوي وما فوق هو الأعلى لدى المسيحيين الهنود.
يظهر تأثير المسيحيين من سكان المناطق الحضرية جليًا في الاقتصاد فالقيم المسيحية المتأثرة من التقاليد الأوروربية تعتبر ميزة ايجابية في بيئة الأعمال والتجارة في الهند الحضرية؛ يعطى هذا كتفسير للعدد الكبير من المهنيين المسيحيين في قطاع الشركات في الهند. وتملك الكنائس الهندية العديد من المؤسسات التي تقدم خدمات للمجتمع الهندي وتشمل مدارس، مستشفيات، جامعات، كليّات، دور أيتام ومشرّدين. للمسيحية في الهند ارث عريق ولا يزال في كافة المجالات خاصًة في التعليم والرعاية الصحية.
يتعرض المجتمع المسيحي الهندي إلى أعمال عنف ذات دوافع دينية، ونظرت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى أعمال العنف ضد المسيحيين الهنود باعتبارها تكتيكاً يُستخدم لتحقيق الأهداف السياسية. وتشمل أعمال العنف إحراق الكنائس والتحويل القسريّ إلى الهندوسية والتهديدات بالعنف البدني والاعتداءات الجنسية وقتل رجال الدين المسيحيين وتدمير المدارس والكليات والمقابر المسيحية. وصنفت اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية عام 2017 شدة الاضطهاد الهند في «المستوى 2» إلى جانب العراق وأفغانستان. وعلى مدار السنوات السبع الماضية، ارتفعت الهند إلى المرتبة العاشرة في قائمة الدول الأكثر اضطهاداً للمسيحيين بحسب قائمة منظمة الأبواب المفتوحة، لتحتل في المرتبة خلف إيران في شدة اضطهاد المسيحيين.
تاريخ المسيحية في شبه الجزيرة الهندية
العصور المبكرة
بحسب التقليد السرياني في الهند فإن المسيحية وصلت هناك عن طريق نشاط توما، أحد تلامذة المسيح الإثنا عشر، حيث قام بناء سبع كنائس خلال فترة تواجده هناك. غير أن أقدم ذكر لهذا التقليد يعود إلى القرن السادس عشر. وبحسب كتابأعمال توماالذي كتب بالرها بأوائل القرن الثالث فقد ذهب توما إلى منطقة نفوذ الملك الفارثي جندفارس الواقعة في باكستان حاليًا. بينما يصف عدة كتاب ومؤرخون مسيحيون توما الرسول برسول الهنود. وهو السبب الذي سمي به مسيحيو جنوب غرب الهند بمسيحيي القديس توما. ذكر عدة رحالة في العصور الوسطى تواجد قبر توما الرسول بالقرب من مدينة قويلون (كولام حاليًا) والذي أضحى مركز حج في المنطقة. ومن الملاحظ أن عدة رحالة ذكروا كذلك وجود أماكن أخرى مرتبطة بتوما الرسول في سومطرة وهو ما يرى على أنه دليل على نشاط لكنيسة المشرق في تلك الأنحاء. ويفسر المؤرخون كون الهند جزءًا من كرسي قطيسفون البطريركي دليلاً قويًا على عدم صحة تقليد تبشير الرسول توما بها. وبحسب رواية حكيت للمستكشفين البرتغال للهند، فقد وصلت المسيحية إلى كيرالا بجنوب غرب الهند حين استقر بها تاجر من الرها يدعى توما القاني برفقة عدد من العوائل السريانية واليهودية. كما انتشرت قصص أخرى لاحقا تعزو انتشار المسيحية إلى كاهنين من أرمينيا. غير أن هذه الروايات تبقى قصص شعبية لا تحضى بموثوقية تذكر.
تذكر المخطوطة السعرتية أن أول نشاط مسيحي بالهند يعود إلى أواخر القرن الثالث حين بشر بها الأسقف داود البصري. وقام بطريرك كنيسة المشرق بتعيين يوسف الرهاوي أسقفا على الهند سنة 354. كما تذكر نفس المخطوطة قيام بطاركة قطيسفون وأساقفة ريوأردشير بإرسال أعمالهم وترجمات سريانية لكتب لاهوتية يونانية إلى جنوب الهند وسريلانكا خلال القرن الخامس. ويعود أول ذكر غير كنسي لكنيسة المشرق في الهند إلى الرحلة البيزنطي كوزماس أنديكوبلويستس الذي وصل الهند بين عام 547 وعام 550 فذكر التقائه بمسيحيين في سواحل ملابار ومومباي بالهند. بدى البطريرك سبريشوع (596-604) اهتماماً خاصاً بالهند كما قام يشوعيهب الثاني (628-646) بإرسال أساقفة عدة. ويبدو أن السلطة البطريركية لكنيسة المشرق على كيرالا ترسخت بشكل نهائي في عهد يشوعيهب الثالث سنة 650. ويلاحظ في مراسلات يشوعيهب الثالث مع سمعان الريوأردشيري أن سلطة الكنيسة أمتدت حتى مالقا بماليزيا حاليًا. كما تحولت الهند إلى مطرانية بين حوالي عام 650 وعام 860. ومرة أخرى مجددًا لفترة وجيزة في عهد يهبلاها الثالث (1281-1317). وحاول مسيحيو القديس توما التمرد على سلطة كرسي قطيسفون في عهد البطريرك طيموثاوس الأول، فرد بدوره بوضع قيود إضافية على انتخاب مطارنتهم.
من الآثار القليلة المتبقية التي تشهد على التواجد التجاري لمسيحيين سريان مشارقة في الهند مجموعة من الصفائح النحاسية المسكوكة من قبل ملك هندي محلي يهب خلالها تاجر مسيحي يدعى سبريشوع قطعة أرض ليبني عليها قرية وكنيسة. وتذكر صفيحة أخرى إرشادات بالسماح للمسيحيين بركوب الفيلة وهو ما كان محصورًا بالطبقة العليا في المجتمع الهندي. بينما تحوي الثالثة على اتفاق بوضع نقابة تجار يهود تحت حماية نقابة للمسيحيين وتحوي تواقيع الشهود باللغات العربية والفهلوية والعبرية. وقد انتمى مسيحيي القديس توما إلى الطبقة العليا في المجتمع الهندي، فاحتفظوا بثقافتهم الهندية بجانب ديانتهم المسيحية المتأثرة بشدة بالتقاليد المسيحية السريانية، فاستمرت المسيحية بها بعد اختفائها في معظم أنحاء آسيا.
العصور الوسطى
كان عدد المسيحيين في الهند خِلال عهد أكبر يصلُ إلى حوالي مائة وخمسين ألفًا من النساطرة الذين اعتنقوا هذا المذهب على يد كهنةٍ سُريان، وتوزَّعوا في المُدن والقُرى المُتناثرة على سواحل الملبار بِخاصَّة، وشكَّلوا طبقةً خاصَّةً مُنعزلةً انطوت على نفسها بِهدف المُحافظة على بقائهم وسط مُحيطٍ بشريٍّ مُوزَّع بين المُسلمين والهندوس. واعترفت البراءات البابويَّة مُنذُ سنة 1493م لِلپُرتُغاليين بِحق الولاية على المُحيط الهندي وعلى بِحار الصين، وخوَّلتهم حق إنشاء مُطرانيَّات وأُسقُفيَّات، وتعيين أساقفة، والتبشير بِالإنجيل، ولم يكن لِأحد من رجال الدين أن يأتي إلى هذه الديار والمناطق إلَّا بِإذنٍ خاصٍ من ملك الپُرتُغال وبعد أن يُعرِّج على لشبونة وغوا. وأنشأ الپُرتُغاليُّون في غوا مركزًا لِرئيس أساقفة، وكاتدرائيَّة ودير لِلرُهبان الفرنسيسكان، ومعهد لاهوتي لِإعداد الكهنة لِعمل الكِرازة والتبشير بين الهندوس، كما سمحوا لِعددٍ كبيرٍ من المُرسلين، من كُل الدُول الأوروپيَّة، بِالمجيء إلى الأقطار الآسيويَّة والهنديَّة بِخاصَّة، وبذلوا لهم كُل عونٍ وحماية في سبيل تسهيل مُهمَّتهم لِحمل الوثنيين على اعتناق المسيحيَّة. وقام الآباء اليسُوعيُّون بِمجهودٍ كبيرٍ لِلتبشير بِالإنجيل ونشر المسيحيَّة، أمثال الأب فرنسيس اكسافييه النبراني، والأب فالغنياني، الذي شهدت حركة التبشير على يديه نقلةً نوعيَّة في استقطاب الطبقات الدُنيا والمنبوذين، أمثال صيَّادي السمك، وُصُولًا إلى طبقة المُلُوك والأسياد وعلية القوم.
وبِوصفه سُلطانًا مُنفتحًا على الديانات الأُخرى، أراد جلال الدين أكبر أن يطَّلع على فلسفة الدين المسيحي، فأرسل مبعوثًا إلى غوا في سنة 1579م يطلُب إرسال رُهبانٍ لِشرح الديانة المسيحيَّة، وإطلاعه على الأُسس الفلسفيَّة لِهذه الديانة. استجابت السُلُطات الدينيَّة لِطلب السُلطان في جوٍّ مُفعمٍ بِالسُرُور والطمع في حمل سُلطان المُسلمين في الهند على اعتناق المسيحيَّة. ففي سنة 1580م، أُرسلت من غوا بعثة، بِرئاسة الأب رودولف أكواڤيڤا والأب مونسرات، فاستقبلهما أكبر بِكُلِّ ترحابٍ واحترام وسمح لهُما بِأن يبنيا كنيسةً في مدينة أغرة، وأظهر إعجابه الشديد بِصُورة المسيح والعذراء، ووضع ابنه سليم تحت رعايتهما لِيُجرِّب أثر المسيحيَّة في عقليَّة طفلٍ صغيرٍ غير مُتعصِّب، لكنَّ التجربة فشلت، إذ لم يُؤثِّر أي شيء في إيمان الابن بِدينه، ومع هذا فإنَّ الآباء لم يلبثوا أن شعروا بِخيبة أملٍ كبيرةٍ لِأنَّ السُلطان لم يكن غنيمةً سهلة، وبعد أن مكثت البعثة ثلاث سنواتٍ في بلاط السُلطان عادت من دون أن تستطيع تحقيق أهدافها. وأُرسلت من غوا بعثتان أُخرتان ولكنها لم تكن أكثر نجاحًا من الأولى، فقد سمح السُلطان لِأعضاء الإرساليَّة الثالثة أن يبنوا كنائس في لاهور وأغرة وأن يقوموا بِالتبشير إن استطاعوا، كما حصلوا على امتيازاتٍ تجاريَّةٍ، وبِذلك أضحت الإرساليَّات التبشيريَّة، إلى حدٍ ما، مُؤسسة دائمة في الدولة المغوليَّة. وأصدر السُلطان أكبر في سنة 1600م أمرًا يُجيزُ لِلمُرسلين التبشير بِالإنجيل، كما ترك لِرعاياه الحُريَّة باعتناق المسيحيَّة. وفي سنة 1602م أُسِّست أوَّل كنيسة مسيحيَّة في أغرة، ثُمَّ رُخِّص بعدها لِبعض الآباء اليسوعيين بِإنشاء إرساليَّات تبشيريَّة في البلاد الخاضعة لِحُكمه. الواضح أنَّ هدف أكبر، من وراء استدعاء البعثات التبشيريَّة والاحترام العميق الذي أضفاه على النصارى لم يكن دينيًّا بحتًا، والواقع أنَّهُ كان غطاءً لِهدفٍ سياسيٍّ، فقد رغب في كسب ودّ وصداقة الپُرتُغاليين في غوا لِأنَّهم كانوا يملكون مدفعيَّةً ضخمة، ويطمع في مُساعدتهم ضدَّ قلعة عسير الثائرة وضدَّ ابنه سليم الذي خرج عليه، والحقيقة أنَّ أكبر كان دائمًا رجُل سياسة ورجُل دولة أكثر منهُ رجل دين، وتكمن وراء تصرُّفاته دوافع سياسيَّة.[39]
بدأ اهتمام الكاثوليك بمسيحيي الهند عندما تضعضعت سلطة كنيسة المشرق عليها في القرن الرابع عشر. فرسم البابا يوحنا الثاني والعشرون أسقفًا كاثوليكيًا على قويلون بالهند سنة 1329، فأعلمه الأسقف بإمكانية إرسال عدة مئات من المرسلين الكاثوليك لكسب المسيحيين الهنود. غير أن العلاقة مع الكاثوليك انقطعت مجددًا حتى عصر الاستكشافات الأوربية. حاول الكاثوليك اللاتين قطع صلة مسيحيي كيرالا بالكنائس المشرقية في سينودس سنة 1585. وفي سينودس ديامبر سنة 1599 تم إقرار تبعية مسيحيي كيرالا للكنيسة البرتغالية الكاثوليكية بشكل كامل. وتوصف هذه السنة بكونها أحلك فترة في تاريخ المسيحية في الهند، حيث قام البرتغاليين بجمع جميع المخطوطات والكتب الدينية السريانية في كنائس كيرالا وحرقها فضاع بذلك أغلب التراث القروسطي المسيحي في الهند، كما تمت ليتنة الطقس الكنسي بشكل كامل وتغيير التقويم الكنسي. أخيرًا، اجتمع وجهاء المسيحيين في كوشين حيث أعلنوا ما يعرف بحلف صليب كونان سنة 1653، الذي تعهدوا خلاله برفض سلطة بابا روما. ومن بين 200,000 مسيحي في كيرالا لم يبق سوى 400 تحت سلطة البابا بينما انتقلت الأغلبية للكنيسة السريانية الأرثوذكسية عندما تمكن الهولنديون من السيطرة على كوشين وقويلون سنة 1661. استدرك البابا الوضع بأن أرسل رهبان كرمليين لاستبدال اليسوعيين، فتمكن هؤلاء من استدراج معظم مسيحيي كيرالا بأن سمحوا باستعمال الطقس السرياني الشرقي بدلاً من الطقس اللاتيني، فتأسست بذلك كنيسة السريان الملبار الكاثوليك.
شهدت سنة 1670 انتفاضة أخرى قام بها مسيحيو كيرالا ضد الكاثوليك حظيت بدعم الهولنديين وانتهت بقيام الأسقف السرياني الأرثوذكسي غريغوريوس عبد الجليل بتأسيس سلطة السريان المغاربة في الهند. كما حاولت مجموعة أخرى من مسيحيي كيرالا إعادة تأسيس كنيسة المشرق بأوائل القرن الثامن عشر غير أن أساقفة كنيسة المشرق لم يصلوا الهند حتى سنة 1874 حين تأسست أبرشية تريتشور. تعرف المجموعة الواقعة حتى اليوم تحت سلطة بطريرك كنيسة المشرق الآشورية بالكنيسة السريانية الكلدانية ويبلغ تعداد أتباعها حوالي 50,000. يعود تاريخ إمبراطورية البرتغال في الهند إلى المستكشف فاسكو دي غاما الذي صادف مسيحيين في كوتشين سنة 1502، كما عقد اتفاقية مع راجا المدينة سمحت للبرتغاليين بتأسيس قاعدة لهم بها. كانت علاقات الأوربيين بالمسيحيين المحليين حسنة للغاية في أوائل القرن السادس عشر كما يظهر من خلال الهدايا المتبادلة بين الطرفين.غير أن هذه العلاقات تدهورت حين بدأ البرتغال بالتضييق على أساقفة كنيسة المشرق في كيرالا. سرعان ما حاول البرتغال كثلكة وليتنة مسيحيي كيرالا وهو الأمر الذي لقى مقاومة شديدة. وقام البرتغاليون ببناء كاتدرائية كاثوليكية بالقرب من ضريح توما الرسول كماأنشأوا أبرشية في غوا سنة 1533. وحاول اليسوعيون بقيادة فرنسيس زافيير وإغناطيوس دي لويولا نشر الكاثوليكية بين مسيحيي كنيسة المشرق بالهند من دون نجاح يذكر حيث أن معظمهم رفض سلطة الكهنة الكاثوليك الذين لم تكن لهم معرفة بطقوسهم وتقاليدهم الدينية.
تمكن الكلدان الكاثوليك من بسط سلطتهم على الهند في عهد يوحنا سولاقا الذي أرسل الأسقف يوسف سولاقا للإشراف على الكنيسة هناك. غير أن يوسف اتهم بالهرطقة من قبل البرتغاليين بسبب استعماله للطقس السرياني الشرقي ومثل أمام محكمة تفتيش في غوا وأرسل لاحقًا إلى روما للتحقيق في معتقده، غير أنه سرعان ما توفي بعد أن تمت تبرئته من تلك التهم. وفي ذلك الحين أرسل البطريرك شمعون الثامن دنحا إبراهيم الأنغمالي كآخر مطارنة كنيسة المشرق في تلك الفترة إلى الهند سنة 1557 فأصبحت هناك ثلاث كنائس تنازع على بسط سلطتها على مسيحيي الهند. نتيجة لإستعمار غوا من قبل البرتغاليين في القرن السادس عشر الميلادي تبنى كاثوليك غوان ثقافة أكثر غربيّة، حيث تأثر الرقص والغناء والمطبخ في غوا بشكل كبير من قبل البرتغاليين. الثقافة المعاصرة لمسيحيين غوا يمكن وصفها بأنها ثقافة ذات عناصر هندية برجوازية وعناصر كاثوليكية برتغالية.
كانت العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في الهند بعض الأحيان مضطربة. مع ظهور الاستعمار الأوروبي في الهند طيلة القرنين السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر، تعرض المسيحيون للاضطهاد المنظم في عدد قليل من الممالك المسلمة المحكومة في الهند. اتخذ السلطان تيبو، حاكم مملكة ميسور، إجراءات ضد مجتمع مانغلور الكاثوليكي في مانغلور ومنطقة جنوب كانارا على الساحل الجنوبي الغربي للهند. وكان معروفاً على نطاق واسع السلطان تيبو معادياً للمسيحية. وتعرض المجتمع الكاثوليكي إلى المذابح، والسجن، والتحويل القسري إلى الإسلام، وقام السلطان تيبو بتدمير كل من الكنائس والمعابد الهندوسية.وقع كاثوليك مانغلور في الأسر في 24 فبراير من عام 1784 وأفرج عنهم في 4 مايو من عام 1799.
العصور الحديثة
في عام 1321 وصل الراهب الفرنسي الدومينيكاني الراهب جوردانس كتالاني إلى مانغلور وأنشأ محطة تبشيرية هناك. وقد تحول على يده عدد من السكان المحليين إلى المسيحية. وينحدر كاثوليك مانغلور أساسًا من المستوطنين الغوانيين الكاثوليك، الذين هاجروا إلى جنوب كانارا من غوا، وهي ولاية شمال كانارا، بين الأعوام 1560-1763 خلال فترة محاكم التفتيش والحروب البرتغالية مع العادل شاهية وإمبراطورية ماراثا. بعد الهجرة إلى مانغلور، اعتمد المسيحيين الثقافة المانغلورية المحلية، لكنها أبقت على كثير من العادات والتقاليد الغوانيّة. كان كل من جون لوري وويليام ريد من أوائل المبشرين الذين ذهبوا إلى المناطق الواقعة فيما يعرف الآن بالبنجاب الهندية في عام 1834. بما أن الكنيسة الأنجليكانية هي الكنيسة الرسمية في إنجلترا، فقد «كان لها تأثير على الهند مع وصول البريطانيين». واستناداً إلى عقيدة الإرسالية الكبرى، قال جوزيف وايت، وهو أستاذ اللغة العربية في جامعة أكسفورد «تم التبشير به أمام الجامعة في عام 1784 على واجب الترويج للرسالة العالمية التقدمية للمسيحية بين رعايا ماهوتانا وجينتو في الهند». وفي عام 1889، أعرب رئيس وزراء بريطانيا العظمى، روبرت سيسل عن مشاعر مشابهة، حيث قال «ليس من واجبنا فقط ولكن من مصلحتنا تشجيع نشر المسيحية إلى أقصى حد ممكن على امتداد طول وعرض الهند». أدى تعاظم شأن جيش الهند البريطاني إلى وصول العديد من القساوسة الأنجليكان في الهند. وبعد الجمعية التشيرية التابعة لكنيسة إنجلترا في عام 1814، شيدت أبرشية كلكتا لكنيسة الهند وبورما وسيلان، وتم بناء كاتدرائية القديس بولس في عام 1847.وبحلول عام 1930، كان لدى كنيسة الهند وبورما وسيلان أربعة عشر أبرشية عبر الهند البريطانية.
في بداية القرن الثامن عشر، بدأ المبشرون البروتستانت العمل في جميع أنحاء الهند، مما أدى إلى إنشاء مجتمعات بروتستانتيَّة مختلفة في جميع أنحاء شبه القارة الهندية. أولى المعاقل التبشيرية كانت في أندرا برديش من قبل جمعية لندن التبشيرية والتي أنشأت أول بعثة بروتستانتية في مدينة فيساخاباتنام عام 1805. في وقت لاحق في خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، تحول العديد من أبناء الطبقة العليا البنغاليين إلى المسيحية خلال عصر النهضة البنغالية تحت الحكم البريطاني. ويعتبر البنغاليين المسيحيين أقلية نموذجية، ونظرًا لمساهمتهم الهامة في الثقافة البنغالية والمجتمع في القرنين الماضيين. كذلك يعتبر المجتمع المسيحي البنغالي من بين أكثر المجتمعات تقدمَا في البنغال، ويملكون معدل الإلمام بالقراءة والكتابة الأعلى في الولاية، فضلًا عن أدنى نسبة الجنس بين الذكور والإناث، كما يملك المسيحيين البنغاليين أفضل وضع اجتماعي واقتصادي مقارنًة في الجماعات الدينية الأخرى في الولاية.
جاء المبشرين من الطوائف المسيحية الأخرى إلى الهند البريطانية كذلك؛ منهم المبشرين اللوثريين، على سبيل المثال، والذين وصلوا إلى كلكتا في عام 1836، و«بحلول عام 1880 كان هناك أكثر من 31,200 مسيحي لوثري منتشرون في 1,052 قرية». وبدأ الميثوديون في الوصول إلى الهند في عام 1783 وأقاموا بعثات مع التركيز على «التعليم، والصحة والنظافة، والكرازة» وفي عام 1790، بدأ مبشرين من جمعية لندن التبشيرية والجمعية التبشيرية المعمدانية بالقيام بالأعمال التبشيرية في الهند البريطانية. وفي نيور، كان مستشفى جمعية لندن التبشيرية رائداً في تحسين نظام الصحة العامة لعلاج الأمراض حتى قبل إجراء المحاولات المنظمة من قبل رئاسة مدراس الإستعمارية، «مما أدى إلى خفض معدل الوفاة بشكل كبير».
من عام 1881 إلى عام 1891، ازداد عدد السكان المسيحيين في البنجاب المتحدة آنذاك. وبرز المبشر البنجابي سادهو سوندار سينغ (1889-1929)، وهو من مواليد لوديانا، تحول من الديانة السِّيخيّة إلى المسيحية، وقام بالتبشير في أنحاء الهند. وينحدر الكثير من المسيحيين البنجابيين الحاليين من المتحولين إلى المسيحية خلال الحكم البريطاني. في البداية، كانت التحولات إلى المسيحية قادمة من «المجتمعات العليا في البنجاب، ومن العائلات المتميزة والمرموقة»، بما في ذلك العائلات الهندوسية «من الطبقة العليا»، وكذلك الأسر المسلمة والسيخية التي تحولت إلى المسيحية لاحقاً. مع ذلك، تعود أصول العديد من المسيحيين البنجابيين الحاليين الأخرين إلى الشوراس. حيث تحول الشوراس إلى حد كبير إلى المسيحية في شمال الهند خلال الحكم البريطاني. كما كان الغالبية العظمى من المتحولين من مجتمعات السِّيخُ في البنجاب، وبدرجة أقل من الشوراس الهندوس؛ قد دخلوا المسيحيَّة تحت تأثير ضباط الجيش البريطاني المتحمسين والمبشرين المسيحيين.
بعد عام 1857، أصبح إنشاء المدارس والمستشفيات من قبل المبشرين المسيحيين البريطانيين «سمة محورية للعمل التبشيري والمسارات الرئيسية للتحويل الديني». وتعتبر كلية كنيسة المسيح التي بنيت في عام 1866 وكلية سانت ستيفن والتي بنيت في عام 1881، مثالين على المؤسسات التعليمية البارزة التابعة للكنيسة والتي تأسست خلال فترة حقبة الهند البريطانية. وداخل المؤسسات التعليمية التي أنشئت خلال فترة الحكم البريطاني، كانت النصوص المسيحية، وخاصةً الكتاب المقدس، جزءاً من المناهج الدراسية. خلال فترة الحكم البريطاني، طور المبشرون المسيحيون أنظمة الكتابة للغات الهندية التي لم يكن لها في السابق أنظمة. كما وعمل المبشرون المسيحيون في الهند على زيادة معرفة القراءة والكتابة، وشاركوا في النشاط الاجتماعي، مثل مكافحة الدعارة، ومناصرة حق النساء الأرامل في الزواج مرة أخرى، ومحاولة إيقاف الزواج المبكر للنساء. وبين النساء البريطانيات، أصبحت إرسالية زنانة طريقة شائعة لكسب المتحولين إلى المسيحية.
انتشرت المسيحية في أجزاء أخرى من الهند في ظل الأنظمة الاستعمارية البرتغالية والهولندية والدانماركية والفرنسية، والأهم من ذلك البريطانية من أوائل القرن السابع عشر حتى وقت استقلال الهند في عام 1947. تأثرت الثقافة المسيحية في هذه الأراضي الإستعمارية بالدين وثقافة حكامهم. بعد استقلال الهند تبوأ عدد من المسيحيين مناصب حساسة منها سونيا غاندي رئيسة المؤتمر الوطني الهندي، وغيرها. وهناك نخبة مسيحية تمتع بمراكز رفيعة في الحكومة المركزية والجيش والشرطة والتربية والتعليم والجامعات والأعمال الحرة وغيرها. وتملك الكنائس الهندية العديد من المؤسسات التي تقدم خدمات للمجتمع الهندي وتشمل مدارس، ومستشفيات، وجامعات، وكليّات، ودور أيتام ومشرّدين. للمسيحية في الهند ارث عريق ولا يزال في كافة المجالات خاصًة في التعليم والرعاية الصحية. في عام 1929 أُرسلت الأم تريزا للبنغال لتعمل في دير لوريتو، وعام 1948 اهتمت الأم تريزا بالعناية بالأطفال المهمّلين، وعلى إثر ذلك خلعت زي الرهبنة ولبست الساري الهندي القطني بلونه الأبيض والخط الأزرق الذي عرفت به فيما بعد، حيث توجهت إلى دير للرهبنة الأمريكية يُقدم العناية الطبية والتمريض، ولما لم تُرضِ توجهاتها مسؤولي الدير اضطرت إلى الاعتماد على نفسها في البداية، قبل أن تصلها المعونة من متبرعات أخريات فأسست جمعيتها لراهبات المحبة عام 1950، التي اهتمت بالأطفال المشردين والعجزة. وفي عام 1957 اهتمت بموضوع المجذومين وعمدت إلى العناية بهم، تلقت تريزا عدة جوائز تقديرية خلال حياتها، منها جائزة رامون ماجسايساى للسلام والتفاهم الدولي سنة 1962، وجائزة نوبل للسلام سنة 1979. وفي سنة 2016 رفع البابا فرنسيس الأم تيريزا إلى مرتبة القديسين في احتفال أقيم بالفاتيكان تقديرًا لمساعداتها الإنسانية وتضحياتها، تعرضت الأم تريزا من لإنتقادات من قبل المنظمات اليمينية الهندوسية التي اتهمتها أن هدفها الوحيد كان تحويل الفقراء إلى المسيحية.
أدت البعثات التبشيرية إلى تحويل ولايات هندية كاملة للمسيحية ناجالاند حيث تصل نسبة المسيحيين إلى حوالي حوالي 88% من مجمل السكان. وتشكل الولاية إلى جانب كل من ميغالايا وميزورام الولايات الثلاث ذات الأغلبية المسيحية في الهند. ويُشار إلى ناجالاند بأنها «الولاية الوحيدة ذات الأغلبية المعمدانية الساحقة في العالم»، تليها ولاية المسيسيبي (55%) وتكساس (51%) في الولايات المتحدة. ويميل السكان المسيحيين في ميزورام إلى الانتماء إلى الكنيسة المشيخية. حاليًا وعلى الرغم من الإضطهادات الموجهة ضد المسيحيين في الهند، التحول للديانة المسيحية في ازدياد استنادا إلى منظمة أبواب مفتوحة، في سنة 2005 اعتنق المسيحية بين 60,000 إلى 70,000 هندي. وبحسب صحيفة هندوستان تايمز وأعتماداً على معطيات التعداد السكاني يشهد تعداد السكان المسيحيين ارتفاعاً في ولاية أروناجل برديش من 1% في عام 1971 إلى 30% في عام 2011 ومانيبور من 19% في عام 1961 إلى أكثر من 40% في عام 2011، وبلغ معدل النمو الصافي للسكان المسيحيين في ولاية أروناجل برديش أكثر من 100%. لا يوجد سبب رسمي واضح لارتفاع عدد السكان المسيحيين في هذه الولايات، في حين أشار ريجيجو وزير الدولة للشؤون الداخلية إلى التحول الديني كسبب محتمل، ويقول بعض الخبراء إن هذا قد يكون بسبب الهجرة. وبحسب مصدر تقدر أعداد المتحولين إلى المسيحية على المذهب البروتستانتي بحوالي 140,000 هندي. ويُشارك المسيحيون بشدة في التحويل إلى المسيحية من خلال المبشرين في البنجاب الهنديَّة، وأصبحت المنظمات السيخية تشعر بالقلق إزاء ارتفاع معدل التحويل إلى المسيحية بين عائلات السيخ من الطبقة العليا. في يناير من عام 2020 شارك أكثر من 8,000 احتجاجاً على عملية تسجيل المواطنين وقانون الجنسية، الذي يتهمه معارضون بأنه تمييز ضد المسلمين، وكانت المسيرة التي جرت في كالكوتا، الأكبر التي نظمها مسيحيون.
الطوائف المسيحية
الكاثوليكية – الرومانية الكاثوليكية في الهند
الكنيسة الكاثوليكية الهندية هي جزء من الكنيسة الكاثوليكية العالمية في ظل القيادة الروحية للبابا في روما والمؤتمر الأسقفي الهندي. الكنيسة الكاثوليكية هي أكبر المذاهب المسيحيَّة في الهند، وفقًا لموقع بي بي سي في عام 2005 ضمت الهند حوالي 17.3 مليون كاثوليكي مُعّمد أي حوالي 1.6% من مجمل السكان، ويتبع معظمهم التقاليد اللاتينيَّة، إلى جانب حوالي نصف مليون أعضاء في كنيسة الملنكار الكاثوليك وحوالي 3.9 مليون أعضاء في كنيسة السريان الملبار الكاثوليك. ويتوزع كاثوليك البلاد على 174 أبرشية في الهند منظمة في 30 مطرانيَّة، من بينها 132 أبرشية لاتينية كاثوليكية، وحوالي 31 أبرشية كاثوليكية سريانيَّة ملباريَّة، وإحدى عشرة أبرشية كنيسة سريانيَّة ملنكارية. على الرغم من النسبة صغيرة، تضم الهند ثاني أكبر تجمع سكاني كاثوليكي في آسيا بعد الفلبين. ويعود حضور الكاثوليكيَّة في البلاد إلى القرن السادس عشر مع وصول المبشرين الرومان الكاثوليك مع المستكشف البرتغالي فاسكو دا غاما. ونمت الكاثوليكية لاحقًا لتصبح أكبر مذهب مسيحيي في الهند، ويتواجد معظم أتباعها في جنوب وشرق البلاد. وللكاثوليكية إرث عريق في مجال التعليم والرعاية الصحية، وتملك الكنيسة الكاثوليكية في الهند حوالي 25,000 مدرسة. وفي بعض المنطاق الهندية، تعتبر الكنيسة المزود الرئيسي للتعليم وأحيانًا أخرى يكون نظامها التعليمي أفضل من الحكومي. كما تدير الكنيسة الكاثوليكية الآلاف من مؤسسات الرعاية الصحيَّة والمستشفيات والتي أسهمت إلى حد كبير في تنمية الأمة الهنديَّة. وأنشأت الأم تيريزا في كالكوتا عدد من الإرساليات الخيرّية في الأحياء الفقيرة في المدينة وذلك في عام 1948.
ينتمي حوالي 4.4 مليون هندي إلى تقاليد الكنائس الكاثوليكية الشرقية منهم حوالي نصف مليون أعضاء في كنيسة الملنكار الكاثوليك، وحوالي 3.9 مليون أعضاء في كنيسة السريان الملبار الكاثوليك. وتعتبر هذه الكنائس من عائلة الكنائس ذات التراث السرياني، وقد ادخل الكثير من الطقوس اللاتينية على طقوس هذه الكنيسة، لكنه وبدءًا من العام 1934 أخذت الكنيسة تستعيد طقوسها القديمة، وقد صدرت أول طبعة سنة 1952 ثم صدرت طبعة ثانية سنة 1962. جذور العلاقة بين الكنيسة الهندية والكرسي الرسولي تعود للقرن السادس عشر، ومع الاكتشافات الأوروبية للمنطقة والتي بدأت مع فاسكو دي غاما سنة 1498، وقاد المبشرون اللاتين حركات تبشيرية عديدة أثمرت سنة 1534 حين أصبحت بعض الجماعات الدينية تابعة للكاثوليكية هناك، لكن العديد من المشاكل قد وقعت بين المبشرين البرتغاليين والسكان الأصليين المسيحيين بسبب اختلاف الطقوس، لكن الحركات الجديدة أخذت بالنمو والازدياد خلال القرن السابع عشر، وتأسست 84 مدرسة محلية هناك، بيد أن تنظيم شؤون هذه الطائفة لن يكتمل حتى العام 1778 حين قامت الفاتيكان بتعيين أول بطريرك على هذه الكنيسة، وتم تنظيم العمل الأبرشي والكهنوتي فيها، وقد عدل نظامها عامي 1887 و1923.
البروتستانتية
الكنائس البروتستانتية هي ثاني أكبر المذاهب المسيحية في الهند، ويصل عدد أتباع الكنائس البروتستانتية إلى أكثر من أربعة ملايين شخص. يعود المذهب البروتستانتي في البلاد إلى بداية القرن الثامن عشر، حيث بدأ المبشرون البروتستانت العمل في جميع أنحاء الهند، مما أدى إلى إنشاء مجتمعات بروتستانتية مختلفة في جميع أنحاء شبه القارة الهندية. أولى المعاقل التبشيرية كانت في أندرا برديش من قبل جمعية لندن التبشيرية والتي أنشأت أول بعثة بروتستانتية في مدينة فيساخاباتنام عام 1805. وقت لاحق في خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، تحول العديد من أبناء الطبقة العليا البنغاليين إلى المسيحية خلال عصر النهضة البنغالية تحت الحكم البريطاني.
يعتبر المذهب الأنجليكاني أكبر المذاهب البروتستانتية في البلاد، ويتوزع أتباع المذهب الأنجليكاني بين كنيسة جنوب الهند والتي تضم حوالي أربعة ملايين عضو، وكنيسة شمال الهند والتي يتعبها 1.25 مليون. ويليه المذهب المشيخي والذي يضم حوالي 1.4 مليون شخص، ويعود حضور الكنيسة المشيخية في البلاد إلى عام 1841 مع تأسيس المبشر توماس جونز وزوجته أولى الكنائس المشيخية الهندية. ويشكل أتباع الكنيسة اللوثرية أكثر من مليون شخص، ويعود حضور الكنيسة مع وصول المبشرين بارثولوماوس زيجينبالغ وهينريش بلوتشاو من ألمانيا، وقاموا بالعمل بالتبشير بين السكان المحليين في عام 1705 في مستوطنة ترانكيبا الدنماركية؛ وأدت البعثات التبشيرية اللاحقة إلى تأسيس الكنيسة التاميلية الإنجيلية اللوثرية في ولاية تاميل نادو في عام 1919 نتيجة لنشاط البعثة اللوثرية الألمانية والسويدية. وتضم الهند تجمعات معمدانية هامة تصل إلى أكثر من مليون عضو، ويعود حضور الكنيسة المعمدانية في الهند إلى عام 1793، عندما وصل اليها وليام كاري، وهو مبشر معمداني إنجليزي والذي لعب دور في تطوير الاقتصاد والطب وعلم النبات في البلاد. حيث رأى بالدين والعلم جهازين لتحديث الحياة الفكرية الهندية.
في القرن العشرين والحادي والعشرين ازداد نشاط الكنائس البروتستانتية في البلاد، وهي في نمو مستمر. وعلى الرغم من الإضطهادات الموجهة ضد المسيحيين في الهند، التحول للديانة المسيحية في ازدياد استنادا إلى منظمة أبواب مفتوحة، في سنة 2005 اعتنق المسيحية بين 60,000 إلى 70,000 هندي. كما أنه وفقًا لدراسة المؤمنون في المسيح من خلفية مسلمة: إحصاء عالمي وهي دراسة أجريت من قبل جامعة سانت ماري الأمريكيّة في تكساس سنة 2015 وجدت أن عدد المسلمين في الهند المتحولين للديانة المسيحية يبلغ حوالي 40,000 شخص.
الأرثوذكسية
معظم أتباع الأرثوذكسية في الهند هم من مسيحيون مار توما وهم مجتمع وعرقية دينية مسيحية قديمة تقطن في ولاية كيرالا في الهند. يعود أصولها إلى البعثات التبشيريّة التي قام بها توما. وبالتالي تعتبر من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم.يٌعتبر مسيحيون مار توما من أتباع عائلة الكنائس ذات التراث السرياني. وترتبط هذه الجماعة تقليديًا ببعض التراث اليهودي المسيحي الذي يعود إلى المسيحية المبكرة. ينقسم مجتمع مسيحيي مار توما بين أربعة عائلات رئيسية من الطوائف المسيحية منها النسطورية: والتي تضم كنيسة الملكنار، والكنيسة الكلدانية السريانية؛ والأرثوذكسية المشرقية: والتي تضم الكنيسة المسيحية السريانية اليعقوبية، وكنيسة الملكنار الأرثوذكسية السريانية. وتضم كنيسة الملكنار حوالي 2.5 مليون عضوًا، وتضم الكنيسة الكلدانية السريانية حوالي 35 ألف عضو. وتضم الكنيسة المسيحية السريانية اليعقوبية 1.2 مليون عضو، وتضم كنيسة الملكنار الأرثوذكسية السريانية 2.5 مليون عضو.
وصل القديس توما إلى الهند سنة 52 وقضى هناك أكثر من عقدين من الزمن في ولاية كيرالا ضمن منطقة جنوب الهند، واستطاع تأسيس سبع تجمعات مسيحية، كانت بذرة الكنيسة الهندية، وقد لقي القديس توما حتفه خلال الاضطهادات التي واجهها المسيحيون سنة 72، ومما ساعد في انتشار المسيحية هنالك، وجود عدد من المستعمرات اليهودية التي مهدت الطريق أمام القديس توما. استمرت العلاقة بعد تأسيس هذه الكنائس في الهند مع سوريا وبلاد الرافدين وطغى الطقس السرياني عليها، وتشابهت بالطقوس العامة معها، لكنها حافظت على استقلالها الذاتي وإداراتها المحلية، ونال القديس توما نصيبًا كبيرًا من التوقير في صلواتها؛ وعقب مجمع خلقيدونية تبعت هذه الكنيسة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية وكنيسة المشرق. تعتبر كنيسة الملكنار والكنيسة الكلدانية السريانية والكنيسة المسيحية السريانية اليعقوبية وكنيسة الملكنار الأرثوذكسية السريانية؛ كنائس مسيحية سريانية، فهي بذلك تستعمل اللغة السريانية كلغة طقسية في جميع شعائرها الدينية. تمتاز كنيسة الملكنار والكنيسة الكلدانية السريانية طقسيًا بالليتورجيا السريانية الشرقية التي تتفق مع الطقس السرياني الغربي في عودتها إلى مدينتي الرها وأنطاكية. وتمتاز الأنافورات السريانية الشرقية والغربية على حد سواء عن غيرها من الطقوس اليونانية واللاتينية المماثلة بقربها الشديد من الطقوس الليتورجية اليهودية. في حين يستخدم الطقس السرياني الغربي في تقاليد الكنيسة المسيحية السريانية اليعقوبية وكنيسة الملكنار الأرثوذكسية السريانية.
على الرغم من قيام المجتمع المسيحي الشرقي بتقديم بعض التنازلات للامتيازات الاجتماعية والدينية الخاصة بهم في أعقاب سقوط الحكم البرتغالي في القرن السادس عشر، الا أن المجتمع بدأت بالظهور مجددًا كمجتمع قوي وثري ابتداءًا القرن التاسع عشر فصاعدًا. لعب مجتمع مسيحيون مار توما دورًا رائدًا في العديد من المجالات الاقتصادية مثل الأعمال المصرفية والتجارة والأسواق المالية. تلعب المؤسسات التعليمية المسيحية دورًا بارزًا في الحياة الأكاديمية في ولاية كيرالا وفي جميع أنحاء الهند. ولعبت هذه المؤسسات دورًا هامًا في رفع المستوى التعليمي والإنجازات التعليمية والأكاديمية لدى مجتمع مسيحيون مار توما، حيث يحظى مجتمع مسيحيون مار توما في مستوى تعليمي وأكاديمي عالي من حيث إنهاء الدراسة الثانوية والجامعية. اعتبارًا من عام 2001، تزكز أكثر من 85 في المائة من أتباع الكنائس الشرقية في كيرلا في سبعة مقاطعات. وقد هاجر العديد من أبناء المجتمع أيضًا إلى مدن أخرى في الهند مثل أوتي، ومانغلور، وبنغالور، وتشيناي، وبيون، ودلهي، ومومباي، وكويمباتور، وحيدر أباد، وكولكاتا. زادت معدلات الهجرة بين صفوف المجتمع المسيحي الشرقي بشكل حاد في فترة ما بعد استقلال الهند، وكانت الوجهات الرئيسية الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأوروبا الغربية، وأستراليا والشرق الأوسط. ووفقًا لتقدير تقريبي، بين 20-25% من مسيحيين مار توما يعيشون خارج ولاية كيرالا.
الديموغرافيا والإنتشار
سجل تعداد عام 2011 في الهند أن أعداد المسيحيين في البلاد 27,819,588، معظمهم ينتمون إلى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية ويتبعون الطقوس اللاتينية ويمثلون 2.3 في المائة من السكان. في حين يشير تقرير معهد بيو عام 2011 أن عدد المسيحيين في الهند وصل إلى 31,850,000. في تقرير صادر عن الكنيسة الكاثوليكية لسنة 2005 وجدت أن حوالي 17.3 مليون كاثوليكي مُعّمد يعيش في البلاد، منهم حوالي نصف مليون أعضاء في كنيسة الملنكار الكاثوليك وحوالي 3.9 مليون أعضاء في كنيسة السريان الملبار الكاثوليك.
الكنائس الأرثوذكسية المشرقية في الهند تشمل كنيسة مالانكارا اليعقوبية السريانية الأرثوذكسية في مالانكارا والتي بتبعها حوالي مليونين عضو، وكنيسة مالانكارا مار توما السريانية في مالانكارا ويتعبها حوالي 2.5 مليون عضو.
نتيجة للأنشطة التبشيرية في جميع أنحاء البلاد، تتواجد اليوم معظم الطوائف البروتستانتية في الهند. أكبر طائفة بروتستانتية في البلاد هي كنيسة جنوب الهند والتي يتبعها حوالي أربعة ملايين عضو. وتتبعها كنيسة شمال الهند والتي يتعبها 1.25 مليون. وتعتبر هذه الكنائس جزء من الكنيسة الإنجليكانية. يتواجد في البلاد أيضًا حضور للكنيسة المشيخية، الكنيسة المعمدانية، الكنيسة الميثودية وكنيسة السبتيين. تعتبر الحركة الخمسينية واحدة من أسرع الحركات المسيحية نموًا في الهند. وعلى الرغم من الإضطهادات الموجهة ضد المسيحيين في الهند، فالمسيحية ومعتنقي المسيحية في ازياد استنادًا إلى منظمة أبواب مفتوحة، في سنة 2005 اعتنق المسيحية خصوصًا البروتستانتية بين 60,000 إلى 70,000 هندي
وفقًا لدراسة المؤمنون في المسيح من خلفية مسلمة: إحصاء عالمي وهي دراسة أجريت من قبل جامعة سانت ماري الأمريكيّة في تكساس سنة 2015 وجدت أن عدد المسلمين في الهند المتحولين للديانة المسيحية يبلغ حوالي 40,000 شخص.
مراجع
- ^ “Census of India :Religion PCA”. www.censusindia.gov.in. Government of India. مؤرشف من الأصل في 2018-08-15. اطلع عليه بتاريخ 2016-07-11.
- ^ >Population by religious communities – السكان حسب الطوائف الدينية نسخة محفوظة 11 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ Katz, Nathan; & Goldberg, Ellen S; (1993) The Last Jews of Cochin: Jewish Identity in Hindu India, Foreword by Daniel J. Elazar Columbia, SC, Univ. of South Carolina Press. ISBN 0-87249-847-6
- ^ <80:RAMISI>2.0.CO;2-Z Israel J. Ross. Ritual and Music in South India: Syrian Christian Liturgical Music in Kerala. Asian Music, Vol. 11, No. 1 (1979), pp. 80-98 نسخة محفوظة 2020-05-19 على موقع واي باك مشين.
- ^ THE STORY OF INDIA – قصة الهند نسخة محفوظة 17 أغسطس 2013 على موقع واي باك مشين.[وصلة مكسورة]
- ^ “Tracing St Bartholomew’s footsteps to Betalbatim – Times of India”. The Times of India. مؤرشف من الأصل في 2019-05-07. اطلع عليه بتاريخ 2019-03-08.
- ^ Christianity in India – المسيحية في الهند نسخة محفوظة 28 فبراير 2014 على موقع واي باك مشين.
- ^ <407:AAWDAS>2.0.CO;2-N K. M. Panikkar. Asia and Western Dominance: A Survey of the Vasco Da Gama Epoch of Asian History, 1498-1945 The Pacific Historical Review, Vol. 23, No. 4 (Nov., 1954), pp. 407-408 نسخة محفوظة 2020-05-19 على موقع واي باك مشين.
- ^ Suresh K. Sharma, Usha Sharma. Cultural and Religious Heritage of India: Christianity.
The earliest historical evidence, however, regarding the existence of a Church in South India dates from the sixth century A.D
- ^ Herald of library science Volume 11 Sarada Ranganathan Endowment for Library Science – 1972 “In 1773, Ferguson’s Hindoostani dictionary was published from London. According to Dr L.S. Varshaney, the first translation of the الكتاب المقدس in اللغة الهندية appeared in 1725 which was translated by Schultze.”
- ^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب ت ث ج ح خ Crane, Ralph; Mohanram, Radhika (31 Aug 2013). Imperialism as Diaspora: Race, Sexuality, and History in Anglo-India (بالإنجليزية). Oxford University Press. p. 86. ISBN:9781781385630.
- ^ “India has 79.8% Hindus, 14.2% Muslims, says 2011 census data on religion”. Firstpost. 26 أغسطس 2016. مؤرشف من الأصل في 2020-03-25. اطلع عليه بتاريخ 2016-08-14.
- ^ “Religious data”. Census India – Household Whizmap. Census of India. مؤرشف من الأصل في 2019-05-02. اطلع عليه بتاريخ 2006-05-23.
- ^ Demographics of Kochi – as given in census نسخة محفوظة 06 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب ت Indian Christians Treat Their Women Better, Sex Ratio Highest نسخة محفوظة 03 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ Surprise, Surprise: Muslims Are India’s Poorest And Worst Educated Religious Group نسخة محفوظة 16 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ Christians record the highest sex ratio in State نسخة محفوظة 26 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- ^ Christians most educated, but highest unemployment rate: Survey نسخة محفوظة 14 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب ت Global Perspective: India’s Christian identity نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب ت تأثير المسيحيين في الهند. (بالإنكليزية) نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.[وصلة مكسورة]
- ^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب ت ث “Anti-Christian Violence on the Rise in India”. هيومن رايتس ووتش. 29 سبتمبر 1999. مؤرشف من الأصل في 2009-02-11.
- ^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب ت Vinay Lal. “Anti-Christian Violence in India”. Manas: India and Its Neighbors. UCLA College of Letters and Science. مؤرشف من الأصل في 2018-08-15.
- ^ Zylstra، Sarah Erkhoff (أغسطس 2017). “State Department’s Unusually Short Religious Freedom Update: ISIS Is Bad”. Christianity Today. مؤرشف من الأصل في 2019-03-29. اطلع عليه بتاريخ 2017-08-28.
- ^ “World Watch List – India”. مؤرشف من الأصل في 2019-07-14. اطلع عليه بتاريخ 2018-01-31.
- ^ Kaur، Surinder (4 يوليو 2017). “Police in Indian State of Uttar Pradesh Threaten and Extort Christian Families”. Christian Persecution Update. مؤرشف من الأصل في 30 أغسطس 2017. اطلع عليه بتاريخ 29 أغسطس 2017.
- ^ Winkler & Baum 2010، صفحات 51
- ^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب ت Winkler & Baum 2010، صفحات 52
- ^ Winkler & Baum 2010، صفحات 57
- ^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب Winkler & Baum 2010، صفحات 58
- ^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب Winkler & Baum 2010، صفحات 62
- ensus”. Interdisciplinary Journ