تاريخ الكنيسة الإريترية
أولا :كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترية
كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترية هي كنيسة أرثوذكسية مشرقية، كانت في البدء جزء من كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية، واعترف البطريرك الإثيوبي باستقلالها عقب استقلال إريتريا عن إثيوبيا عام 1993.
الأصول
إن تبني هذه الكنيسة لكلمة التوحيد باسمها الرسمي، هو للدلالة على إيمانها بالطبيعة الواحدة للمسيح أي طبيعة الكلمة المتجسد، على غرار بقية الكنائس اللاخلقيدونية والتي تتشارك معها بالإيمان وهي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية وكنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية وكنيسة ملنكارا الأرثوذكسية في الهند.
تًرجِع الكنيسة الأثيوبية بوادر دخول الديانة المسيحية إلى البلاد إلى القرن الأول الميلادي، حيث يروي الكتاب المقدس في سفر أعمال الرسل الفصل الثامن قصة تبشير وعماد أحد الموظفين الكبار في مملكة الحبشة على يد الشماس فيليبس.{ ثُمَّ إِنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ كَلَّمَ فِيلُبُّسَ قِائلاً : (قُمْ وَإذْهَبْ نَحْوَ الْجَنُوبِ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى غَزَّةَ الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ). 27 فَقَامَ وَذَهَبَ. وَإِذَا رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ وَزِيرٌ لِكَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الْحَبَشَةِ كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا. فَهَذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ } (أعمال 8 : 26 – 27)، وبعد ذلك يتابع نص الكتاب المقدس عن كيفية شرح الشماس فيليبس لذلك الخصي الحبشي عن نبوات النبي إشعياء التي تممها يسوع المسيح، فآمن الرجل بالمسيح وطلب من فيليبس أن يعمده فلبى فيليبس طلبه وعمده في مياه صادفوها على الطريق، كانت ملكة الحبشة في ذلك الزمان هي الملكة جيرساموت هنديكه السابعة { لاحظ قرب الاسم كنداكة الوارد في الكتاب المقدس باسم الملكة التاريخي هنديكه } وقد حكمت في الفترة ما بين 42 م إلى 52 م.
وفي القرن الرابع أصبحت الديانة المسيحية الديانة الرسمية لمملكة أكسوميت الأثيوبية في أيام الملك إيزانا، وذلك بفضل جهود التبشيرية لفرومينتيوس السرياني الأصل والمعرف بإثيوبيا بـ Abba Selama, Kesaté Birhan أي أبو السلام وكاشف النور، وفي حداثته كان لفرومينتيوس هذا قد نجا مع شقيقه ايديسيوس من حادث غرق سفينة قبالة السواحل الإريتيرية، وبعد أن عثر عليهم السكان المحليون بيعوا كعبيد للقصر الملكي وكان يعتلي العرش آنذاك الملك أكسوم، وبعد مدة حظا الشقيقان بنعمة من الملك برفعهما إلى منزلة الثقة حيث قاما بتبشيره بالمسيحية، على إثر ذلك أرسل لفرومينتيوس إلى الإسكندرية من قبل الملك أكسوم للقاء البطريرك أثناسيوس حاملا إليه طلب الملك بتنصيب أسقف للمملكة، قبل أثناسيوس طلب الملك وقام برسامة لفرومينتيوس نفسه كأول أسقف على أثيوبيا، ومنذ ذلك الوقت وحتى عام 1959 م كان بطريرك الأسكندرية للأقباط الأرثوذكس يلقب برئيس أساقفة الكنيسة الأثيوبيا.
حاضر الكنيسة
نالت الكنيسة الإثيوبية استقلالها عن الكنيسة القبطية عام 1959، وطالبت الحكومة الإريترية أيضا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن تمنح أسقفية إريتريا وضع بطريركية، وعلى الرغم من التوترات الشديدة للإريتريين الأرثوذكس مع قيادة الكنيسة الإثيوبية، إلا أنهم حافظوا على الوحدة الكنسية العقائدية بينهما ومع بقية الكنائس الأرثوذكسية المشرقية.
وفي عام 1993 نالت كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترية استقلالها الذاتي، وبطريركها الحالي هو أبونا أنطونيوس منذ 5 آذار/مارس 2004 ومقره في العاصمة أسمرة. يبلغ تعداد أتباع هذه الكنيسة قرابة 1.700.000 فرد موزعين في إريتريا وفي بلدان المهجر. والكنيسة عضو في مجلس الكنائس العالمي منذ 2003.
ثانيا: الكنيسة الإريترية الكاثوليكية
الكنيسة الإريترية الكاثوليكية هي كنيسة كاثوليكية شرقية تتمتع بالحكم الذاتي في شراكة تامة مع الكرسي الرسولي، مقرها في أسمرة، إريتريا. تأسست في عام 2015 عن طريق فصل أراضيها عن أراضي الكنيسة الإثيوبية الكاثوليكية وإنشاء كنيسة مستقلة في إريتريا.
مثل الكنائس الكاثوليكية الشرقية الأخرى، الكنيسة الكاثوليكية الإريترية في شراكة كاملة مع الكرسي الرسولي، حيث تتمتع بإدارة مستقلة مع الاعتراف بالرئاسة العالمية للبابا. تميزها هذه النقاط عن كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترية، وهي كنيسة أرثوذكسية شرقية تضم معظم المسيحيين في البلاد، وتتبع كلا الكنيستين الطقوس الليتورجية الإسكندرية وتستخدم اللغة الجعزية، وهي لغة سامية خرجت عن الاستخدام الشائع منذ عدة قرون. ترتكز هذه الطقوس على الليتورجية القبطية.
التاريخ
ما قبل القرن العشرين
في عام 1839 وصل جيوستينو دي جاكوبيس، القس الإيطالي اللِّعازريّ، كمبشّر إلى منطقة من القرن الإفريقي أصبحت الآن إريتريا وشمال إثيوبيا. فضّل القس استخدام الطقوس الليتورجية المحلّية التي تعتمد اللغة الجعزية بدلاً من الطقوس الرومانية اللاتينية. اجتذب تبشيره عددًا كبيرًا من الكهنة والسكان المحليين للدخول في شراكة كاملة مع الكنيسة الكاثوليكية. تُوفّي عام 1860 في هالاي، بالقرب من هيبو، في المنطقة الإدارية الجنوبية لإريتريا.
في عام 1869، بدأت إيطاليا في احتلال إريتريا وفي عام 1890 أعلنت أنها مستعمرة إيطاليّة، مما عزّز هجرة الإيطاليين إليها. أنشأ الكرسي الرسولي في 19 سبتمبر 1894 الولاية الرسولية لإريتريا، وأوكلها إلى الكبوشيين الإيطاليين، وبالتالي تمّت إزالة إريتريا من أراضي النيابة الرسولية الحبشية التابعة للفنسنتيين، الذين كانوا في الغالب فرنسيين. في العام التالي، طرد حاكم المستعمرة ما تبقى من الكهنة الفينستيين لاشتباهه في تشجيعهم المقاومة المسلحة للإريتيريين.
كان معظم السكان المحليين الذين تحولوا إلى الكاثوليكة أعضاءً في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، التي أصبح الجزء الإثيوبي منها يسمّى كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية عندما منحها البطريرك سيريل السادس، بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في الإسكندرية، حكمًا ذاتيًا في منتصف القرن العشرين. احتفظ معتنقو الكاثوليكية بطقوس الكنيسة القبطية المتمثّلة في استخدام اللغة الجورجية القديمة، مما أدى إلى ظهور طائفة كاثوليكية داخل المجتمع الإثيوبي.
النصف الأول من القرن العشرين
الكنيسة التي كانت المقر السابق للنيابة الرسولية في إريتريا
رفع الكرسي الرسولي ولاية إريتريا إلى منصب نيابة رسولية يرأسها أسقف فخري، في عام 1911. وبعد ذَلك، أُصدرَ مرسوم بابوي بتأسيس الكنيسة الإثيوبية الكاثوليكية يوم 4 يوليو 1930، شملت ولايتها القضائية كل من إثيوبيا وإريتريا، ممّا أزال التبعية القضائية لكاثوليك إريتريا إلى النائب الرسولي. في ذلك الوقت، كان عدد الكاثوليك أقل من 3٪ من سكان إريتريا.
تنعكس الأهمية الكبرى لدور الكنيسة اللاتينية في ذلك الوقت بتأسيس كاتدرائية سيدة الصلوات الضخمة التي اكتملت عام 1923 وأصبحت مقرّاً للنيابة الرسولية، وما زالت تُلقّب بالكاتدرائية رُغم زوال النيابة الرسولية.
التبعية لإثيوبيا
في بداية الأربعينيات، كان ما يقارب 28٪ من سكان إريتريا الإيطالية، التي كانت جزءًا من مستعمرة شرق أفريقيا الإيطالية منذ عام 1936، من الكاثوليك؛ معظمهم من اللاتين والمستوطنين الإيطاليين. كان هناك انخفاض واضح في عدد الإيطاليين بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما كانت إريتريا في البداية تحت الإدارة العسكرية البريطانية. أظهر التعداد البريطاني لعام 1949، أن العاصمة أسمرة كانت تحوي 17،183 إيطاليًا فقط من إجمالي عدد السكان البالغ 127،579 نسمة. تسارع رحيل الطليان أكثر عندما أصبحت إريتريا تحت السلطة الإثيوبية في نهاية عام 1950.
في 31 أكتوبر 1951، ترفّعت رتبة الكاثوليك في كل من إثيوبيا وإريتريا إلى نيابات أسقفية، وفي 25 يوليو 1959، تم تغيير اسم النيابة اللاتينية لإريتريا، إلى النيابة الرسولية في أسمرة، وكان عدد أتباعها في انخفاض متزايد.
الكنيسة الكاثوليكية في هاليب مينتل التابعة لأبرشية كرن
بدأت حرب الاستقلال الإريترية في وقت لاحق من ذلك العام، وانتهت في عام 1991 بفوز إريتري حاسم.
استقلال إريتريا
في 21 ديسمبر 1995، تحت قيادة البابا يوحنا بولس الثاني، استُحدثت أبرشيتين جديدتين في إريتريا، مقرّهما على التوالي في كرن وبارنتو. وبعد ذلك، أُلغيت النيابة الرسولية في أسمرة. وهكذا كانت السلطات القضائية للكنيسة الكاثوليكية في إريتريا في يد الكنيسة الإثيوبية الكاثوليكية، مما جعل إريتريا البلد الوحيد الذي أصبح فيه جميع الكاثوليك، بمن فيهم اللاتين، معهودين لأحد الأساقفة الشرقيين، الذي هو الأسقف الكاثوليكي الإثيوبي.
في 24 فبراير 2012، أنشأ البابا بندكت السادس عشر أبرشية رابعة مقرها في مدينة ساخنتي بعد اقتطاع أراضٍ من أبرشية أسمرة آنذاك.
في 19 يناير 2015، تحت قيادة البابا فرنسيس، تأسست الكنيسة الكاثوليكية الإريترية ككنيسة أسقفية مستقلة مقرها الأساسي أسمرة، وأصحبت الأبرشيات الإريترية الثلاثة الأخرى تابعة لها، بشكل منفصل عن الكنيسة الإثيوبية.
الأبرشيات
الأبرشيات الكاثوليكية الإريترية من 1995 إلى 2012. باللون الأحمر أبرشية أسمرة، والتي تم اقتطاع أجزاء منها لصالح إنشاء أبرشية ساخنتي عام 2012، في الشمال أبرشية كرن، وفي الغرب أبرشية بارنتو.
المنطقة الإدارية الجنوبية في إريتريا، التي تقع فيها كاتدرائية ساخنتي، مقرّ الأبرشية.
توجد أربع أبرشيات في إريتريا:
-
المركز الأسقفي، وهيَ أبرشية أسمرة.
-
أبرشية بارنتو، وينتمي غالبية أتباعها إلى شعب كوناما.
-
أبرشية كرن، يتبع لها حوالي 12٪ من السكان.
-
أبرشية ساخنتي، تقع في المنطقة الإدارية الجنوبية الإريترية.
العلاقات مع الحكومة الإريترية
منذ عام 2004، أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية إريتريا كدولة “ذات شأن خاص” فيما يتعلق بالحرية الدينية. ومع ذلك، فإن تقريرها يشير إلى أن الكنيسة الكاثوليكية مُنحت بعض الحقوق المحدودة التي لا تُمنح للطوائف الدينية الأخرى، مثل إذن استضافة بعض رجال الدين الوافدين لتلقي التمويل من الكرسي الرسولي، والسفر لأغراض دينية والتدريب الكنسي ضمن مجموعات صغيرة والحصول على إعفاءات من الخدمة العسكرية للطلّاب الرُهبان والراهبات”.وتُعتبر الخدمة العسكرية في إريتريا مُلزمة لجميع الرجال والنساء، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 40 وغالبًا ما تكون مدة الخدمة طويلة.
أصدر الأساقفة الكاثوليك في 25 مايو 2014، وهوَ يوم الذكرى 23 لاستقلال إريتريا، رسالة رسمية من 17 صفحة، رأى البعض أنها تنتقد الحكومة. وتحدث الأساقفة عن هجرة العديد من الشباب الإريتريين الذين يخاطرون بحياتهم على أمل المغادرة إلى بلدان أخرى. وكرّروا ما كتبوه عام 2001: «لا أحد يترك أرضاً من الحليب والعسل للبحث عن بلد آخر يقدم نفس الخدمات. إذا كان وطن الفرد مكانًا للسلام والوظائف وحرية التعبير، فلا يوجد سبب لتركه يعاني من المشقة والوحدة والنفي في محاولة للبحث عن فرص الحياة في بلد آخر». وتحدثوا أيضًا عن «الوهم الناتج عن عدم تحقيق الغايات المقترحة للفرد، وعدم جدوى تطلعاته، فهو يتطلع إلى الأراضي البعيدة كبديل وحيد لتحقيق الذات، ممّا يجلب مزيدًا من الإحباط واليأس. يجد الناس أنفسهم ينظرون إلى أُفُق يزداد قتامة وصعوبة دائمًا. إلى جانب ذلك، فإن تفكك الوحدة الأسرية داخل البلاد – بسبب الخدمة العسكرية غير المحدودة من حيث الوقت والمكافأة النقدية، ومن خلال سجن العديد من الشباب – يلجب البؤس لمُختلف العائلات، كما أن تفكك هذه الوحدة له عواقب وخيمة على المستوى الاقتصادي وكذلك على المستويين النفسي والعقلي».
مراجع[1]
-
^ The New Encyclopædia Britannica (بالإنجليزية). 1998. p. 581. ISBN:9780852296332. Archived from the original on 2019-12-15. Retrieved 2017-06-21.
-
^ Henoticon نسخة محفوظة 13 يونيو 2018 على موقع واي باك مشين.
-
^ “Eritrea Imposes New Controls on Orthodox Church”. Compass Direct News. 2006. مؤرشف من الأصل في 2008-05-16. اطلع عليه بتاريخ 2007-01-05
المراجع[2]
-
^ The Eastern Catholic Churches 2017 نسخة محفوظة 2018-10-24 على موقع واي باك مشين.[وصلة مكسورة]
-
^ Apostolic constitution Multum fructum of 11 January 2015 نسخة محفوظة 2020-04-13 على موقع واي باك مشين.
-
^ Brief History of the Catholic Eparchy of Keren, Eritrea History.pdf نسخة محفوظة 2019-11-13 على موقع واي باك مشين.
-
^ Decree Ut saluti animarum, in Le canoniste contemporain, year 18, Paris 1895, pp. 56-57 نسخة محفوظة 10 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
-
^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب ت الكتاب البابوي السنوي 1964, p. 741
-
^ Dan Connell, Tom Killion, Historical Dictionary of Eritrea, (Scarecrow Press 2010 (ردمك 978-0-81087505-0)), pp. 140–142. نسخة محفوظة 2017-02-27 على موقع واي باك مشين.
-
^ “A. Billot, La France et l’Italie: Histoire des années troubles 1881–1899 (Paris 1905), pp. 231–236” (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2017-02-26. اطلع عليه بتاريخ 2017-02-27.
-
^ Annales de la Congrégation de la Mission (Lazaristes) et de la Compagnie des Filles de la Charité, 1895, pp. 247–255 نسخة محفوظة 28 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
-
^ “Chronology of Catholic Dioceses:Eritrea — Den katolske kirke”. مؤرشف من الأصل في 2019-11-13. اطلع عليه بتاريخ 2017-01-10.