عن اثنين الرماد
تحدّث الأب يونان عبيد عن اثنين الرماد، فجاء في كلمته التي نشرتها صفحة “حريصا”:
1. تاريخيًا إن عادة ذرّ الرماد في بداية المسيحية، لم تكن مرتبطة مع بداية الصوم المبارك، بل درجت عليها بعض الكنائس المحليّة حوالي القرن الثالث. وفي القرن السابع، ترافقت عمليّة ذرّ الرماد في بداية الصوم المبارك مع تقدّم الخطأة من سرّ التوبة. فيقرّون بخطاياهم لدى الكاهن.
في خلال القرون الوسطى، توسعت عادة ذرّ الرماد، لتشمل ليس فقط التائبين بل جميع المؤمنين في الرعية، يوم اثنين الرماد. أخيرًا، يُعرّف هذا اليوم في تقاليدنا اللبنانيّة “بإثنين الراهب”. ويعود سبب هذه التسمية إلى أن القرية بكاملها كانت تخرج لاستقبال أحد الرهبان المكلّف من قبل مطران الأبرشية إلقاء المواعظ على المؤمنين وتنشئتهم ولسماع اعترافاتهم لعيد الفصح.
2. يُستخرج الرماد من أغصان شعانين السنة الماضية التي تُحفظ فتُحرق لهذه الغاية. وفي خلال رتبة التبريك يستعيد الكاهن آية من سفر التكوين ويقول: “أذكر يا إنسان أنك تراب وإلى التراب تعود” (3/19). ذلك أن قلب الخاطئ في الكتاب المقدّس هو شبيه بالرماد وحياته أحقر من الطين. وأجر الخطيئة لا يمكن إلا أن يكون رمادًا.
3. إن المعنى الليتورجي لرتبة المسح بالرماد يأخذ معنى أبعد من العلامة المادية لكي يصبح “رمزًا مقدسًا”. في التقليد اليهودي، كان رشّ الرماد يعبّر عن التوبة. أما بالنسبة إلينا نحن المسيحيين، يأخذ طابعًا روحيًا بارزًا، لأنه يرتبط بصلاة وتقديس الشعب المسيحي. إذن الرماد هو علامة للارتداد واعترافًا بالخطيئة والضعف ورمزًا إلى هشاشة الحياة البشرية.
4. ولأن شعار الرماد “أذكر يا إنسان…” أتى نتيجة قصاص من الله للإنسان الأول، فمن الطبيعي جدًا، أن نتوقف عند الخطيئة الأصليّة. وإذا سمّيت كذلك، فلأن الإنسان هو الأصل. ونسمع الله يقول للمرأة: “ملعونة الأرض بسببكِ”. لكن الرجل والمرأة ليسا ملعونين من قبل الله. من جهة ثانية، إن الله في القصاص الذي يفرضه على الإنسان، يعلن عن طريق الخلاص الذي سيمرّ من خلال الأرض، من خلال ذلك “التراب”، من خلال “الجسد”، الذي سيأخذه يسوع.
5. الصوم هو زمن تعمّق بالإيمان (مشاركة واعية في قداس الأحد).
الصوم هو مشاركة (المساهمة بحملات التضامن والمساعدات للمحتاجين).
الصوم هو رجوع إلى الخالق (التقدم من سرّ التوبة، والمصالحة مع المتخاصمين).
الصوم هو رجاء في الألم (اعتراف بوجود الرب بقربي في آلامي ومحنتي).
الصوم هو زمن غفران (أسامح من أساء إليّ وأغفر لمن تعرّض إليّ بسوء).
الصوم هو زمن شكر (أشكر الرب على أحبائي وعلى جميع المواهب والوزنات التي أعطاني إياها).
الصوم هو صلاة وتأمل بالإنجيل (كونه دستور حياتي).
الصوم هو مسيرة نحو القيامة (أتبدّل في داخلي وأبتعد عن عاداتي السيئة).