أيقونة يسوع المجازي ἐκδίκησ
نشاهد في هذه الأيقونة الرّبّ يسوع المسيح بلباسه الذهبيّ محاطًا بالسيرافيم، وحاملًا بيده اليمنى سيفًا، وبيده اليسرى كتابًا مفتوحًا مكتوبًا عليه في الجهة اليمنى من الأيقونة آية من العهد القديم من وحي إشعيأ النبيّ: “إِلهٌ بَارٌّ وَمُخَلِّصٌ. لَيْسَ سِوَايَ” (إش ٢١:٢٥).
النص المكتوب: δίκαιος καὶ σωτὴρ οὐκ ἔστιν πάρεξ ἐμοῦ ليس عادل ومخلّص سواي.
وفي الجهة الثانية آية من العهد الجديد من وحي الرسالة إلى روميّة: “لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ.» (رو١٩:١٢). كذلك في الرسالة إلى العبرانيين “فَإِنَّنَا نَعْرِفُ الَّذِي قَالَ: «لِيَ الانْتِقَامُ، أَنَا أُجَازِي، يَقُولُ الرَّبُّ». وَأَيْضًا: «الرَّبُّ يَدِينُ شَعْبَهُ» (عب٣٠:١٠).
النص المكتوب: ἐμοὶ ἐκδίκησις, ἐγὼ ἀνταποδώσω لي الانتقام وأنا أجازي.
لكن المفارقة الأساسية موجودة في الآية التالية لآية رومية وهي تعطي جوهر ما يقوله الرّبّ: “فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِه”. (رو٢٠:١٢).
الرّبّ يسوع المسيح إله المحبّة القصوى ودعانا لنكون محبّين مثله، ولكن في الوقت نفسه هو الإله الديّان العادل الذي لا يحابي الوجوه.
هذه الأيقونة الحديثة بعض الشيء، والتي تُدعى “أيقونة يسوع المنتقم”، لها تفسيرها الخاص والدقيق جدًا.
الانتقام في المفهوم الإلهيّ هو المجازاة Καταδίκη أي الحكم والدينونة κρίση.
المسيح هو ملك السلام، وصانعي السلام يُدعون أبناء الله (مت ٩:٥). والرّبّ يسوع المسيح منع عنّا الانتقام وطلب منّا الغفران والمسامحة.
لم يدعو إلى حمل السيف ولا القتال به. لا بل طلب من بطرس الرسول أن يرد سيفه إلى غمده قائلاً له: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!” (مت ٥٢:٢٦).
نقرأ في العهد الجديد أن الرّب قال: “لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا.” (مت ٣٢:١٠).
يخطئ من يظن أن الرّبّ يتكلّم عن سيف فولاذي للقتال في الحروب البشريّة بين بعضها البعض، وإنّما يتكلّم عن سيف الحق الذي يفصل الخير عن الشر، ويبعد كلّ أعمال إبليس. مِن هنا نرى بولس الرسول يقول: “خُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ الله” (أفس ١٧:٦).
كلمة الله نور تبعد كلّ ظلام، وأقوى من سلطان الشرّير “كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ” (عب ١٢:٤).
كذلك يخبرنا القدّيس يوحنا الإنجيليّ في سفر الرؤيا كيف رأى الرّبّ يسوع المسيح يخرج من فمه: “سَيْفٌ مَاضٍ ذُو حَدَّيْنِ يَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ” وقال له “لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ” (رؤ ١٦:١-١٧). وفي السفر نفسه نقرأ: “وَمِنْ فَمِهِ يَخْرُجُ سَيْفٌ مَاضٍ لِكَيْ يَضْرِبَ بِهِ الأُمَمَ.” (رؤ ١٥:١٩).
خلاصة كل ذلك:
الرّبّ هو الديّان العادل وليس لأحد من البشر أن يدين أحدًا أو ينتقم لنفسه مهما كان السبب.”
No Result
View All Result